المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ضابط المصالح المرسلة - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج في بلاد الكفروالزواج من كتابيات

- ‌الزواج في بلاد الكفر بنية الطلاق

- ‌الزواج من الكتابيات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌ضابط الكتابي الذي يجوز مناكحتهوالأكل من طعامه

- ‌كيف تتزوج الفتاة في الدول الكافرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌الهجرة من الدار التي يكثر فيها الفسق

- ‌الهجرة من البلاد التي تُحَارب فيها الدعوة

- ‌جواز الهجرة إلى بلاد الكفرإذا عدمت البلاد الإسلامية

- ‌الرجوع من بلاد الهجرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌متفرقات في أبوابالولاء والبراء

- ‌استغابة وسب المشركين

- ‌الدعاء على الكفار

- ‌حكم الأكل من طعام أهل الكتابفي أعيادهم

- ‌معاملة محسني النصارى بالحسنى

- ‌حفر قبور للنصارى

- ‌حكم الجمع بين مقابر المسلمين والنصارى

- ‌اتباع جنائز أهل الكتاب

- ‌نصرانية حامل فأين تدفن

- ‌امرأة نصرانية يُشك في إسلامهافهل تدفن في مقابر المسلمين

- ‌امرأة نصرانية تريد أن تهب مالها لمسلمةمقابل أن تحفر لها قبرها وتزينه

- ‌رجل مات في بلاد الكفرفهل يدفن في التابوت

- ‌مصاحبة الأهل الكافرين إلى المقبرة

- ‌حكم الدفن في بلاد الكفار

- ‌حكم دخول الكنيسة لرؤية الآثاروزيارة المتاحف

- ‌حكم توصيل الناس إلى الكنيسة

- ‌العمل عند أهل الكتاب

- ‌العمل تحت إمرة كافر

- ‌حكم قول المسلم: أنا نصراني

- ‌كيفية مناقشة الكفار

- ‌مواساة أهل الكتاب لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌الاستعانة بالمشركين

- ‌حكم التهرب من الخدمة العسكرية

- ‌حكم التجنس بجنسية بلد كافر

- ‌باب منه

- ‌الحصول على جواز سفر أجنبي

- ‌دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الفرق بين دار الإسلامودار الكفر ودار الحرب

- ‌تطبيق الأحكام الشرعية في دار الكفر

- ‌هل النصارى في هذا العصر أهل كتاب

- ‌العمل في الشرطةوما شابهها في بلاد الكفر

- ‌القوانين في بلاد الكفر

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌المسلمون ومدارس التنصير

- ‌حديث: فاضطروهم إلى أضيق الطرقات

- ‌حديث: اضطروهم إلى أضيق الطرق

- ‌الفرح ببعض أخبار الغربيين

- ‌السلام على النصارى

- ‌ذبائح أهل الكتاب

- ‌العمل بسفارة أجنبية

- ‌التحاكم إلى محاكم الكفار

- ‌إهداء المصحف لكافر

- ‌استقدام الخَدَم الأجانب إلى بلاد المسلمين

- ‌استقدام الأجانب إلى البلاد الإسلامية

- ‌عيد المعلم

- ‌حكم إقامة محاضرات عن المسيحعليه السلام في رأس السنة الميلادية

- ‌حكم تحية العَلَم

- ‌كتاب أصول البدع

- ‌التحذير من البدع

- ‌ذم البدع

- ‌التحذير من الابتداع في الدين

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطورة الإحداث في الدين

- ‌كلمة حول معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)(كتاب الله وسنتي) وخطورة الإحداث في الدين

- ‌حول ظاهرة مخالفة السنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌قول ابن عمر: من ابتدعبدعة فرآها حسنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌الاستدلال بقول عمر: نعمت البدعةهي على البدعة الحسنة

- ‌لا بدعة حَسَنة في الإسلام

- ‌باب منه

- ‌قول عمر: نعمت البدعة هذه

- ‌هل في الدين بدعة حسنة

- ‌البدعة والمصالح المرسلة

- ‌المصلحة المرسلة والبدعة

- ‌متى يقال: فلان مبتدع؟ والكلام علىالفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة

- ‌ضابط المصالح المرسلة

- ‌المصالح المرسلة

- ‌متفرقات في أصول البدع

- ‌صاحب البدعة المكفرة

- ‌الرواية عن صاحب بدعة

- ‌ضابط البدعة

- ‌هل العادات تدخل في البدع

- ‌هل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:كل بدعة ضلالة من العام المخصوص

- ‌قاعدة: كل نص عام

- ‌الفرق بين العبادات المطلقة والمقيدة،وأثر ذلك في أبواب البدع

- ‌هل البدعة وصاحبها في النار

- ‌بين البدعة والسنة التركية

- ‌قول بعضهم: البدعة خاصةبالتغيير لا بالزيادة

- ‌الرد على أهل البدع

- ‌هل لأهل البدع توبة

- ‌هل تُترك سنة من السننإذا صارت شعارًا لأهل البدع

الفصل: ‌ضابط المصالح المرسلة

‌ضابط المصالح المرسلة

أحد الحاضرين: فضيلة الشيخ سمعنا منكم كلاماً حول المصلحة المرسلة وهو أن الأمر الذي يُشْرَع لكونه مصلحة يُشْتَرط فيه أن يكون مستثنى في الأصل، نرجو بيان ذلك مع توضيح ضابط المصلحة التي تبيح ما كان غير مشروع لكون بعض الأمور فيه مصلحة ولكنه لا يشرع مثل استعمال الصور في المجلات لغاية تربوية أو غير ذلك.

الشيخ: أظن كمان عند صاحبنا شريط في هذا والا ما عندك.

أحد الحاضرين: ما فيه.

الشيخ: ما فيه؟ .

أحد الحاضرين: ما فيه.

الشيخ: كنا تحدثنا حول هذا بشيء من التفصيل.

أحد الحاضرين: في مكة

الشيخ: نعم، مكة؟

أحد الحاضرين: مكة

الشيخ: المصالح المرسلة يوجد خلاف بين العلماء فبعضهم يقول بها وبعضهم لا يقول بها ومن هذا البعض الذي يقول بها علماء المالكية وكذلك

ص: 331

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وقد تكلم الإمام الشاطبي عن هذه المسألة في كتابه الجليل «الاعتصام» وأنا أقول بهذه المناسبة أحض طلاب العلم على اقتناء هذا الكتاب لأنه كتاب فذ فرد لا مثل له في موضوعه وكل من ألف ممن جاء بعده في أصول البدع فإنما هو عالة عليه، لقد عالج هذا البحث فيه لأن له ارتباطاً وثيقاً بالبدعة من حيث أنه يلتقي مع البدعة في كون البدعة حادثة بعد أن لم تكن كذلك المصلحة المرسلة هي تكون حادثة أيضاً بعد أن لم تكن وللتمييز بين ما هو بدعة ضلالة وبين ما هو مصلحة مرسلة تطرق لهذا البحث العظيم في ذلك الكتاب الجليل.

وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تَطَرَّق لهذا الموضوع الخطير في كتابه العظيم «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» .

وخلاصة كلامهما أن الوسيلة التي حدثت ويراد الأخذ بها لتحقيق مصلحة للأمة هذه الوسيلة إما أن تكون كان المقتضي للأخذ بها قائماً في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع ذلك لم يأخذ بها وإن كانت تحقق مصلحة ظاهرة [

].

ومن الأمثلة على ذلك أن الأذان إنما يُقْصَد به شرعاً الإعلام بدخول أوقات الصلوات الخمس ويُشْعِر كلٌ منا أن بعض الصلوات الأخرى التي لا تجب كل يوم وليلة إنما تجب في السنة مرة أو مرتين أو تجب بمناسبة ما كصلاة العيدين مثلاً فنحن نشعر بأن صلاة العيدين أحوج إلى الأذان بأذان الناس لوقتهما من الصلوات الخمس لأن المسلمين بسبب اعتيادهم للصلوات الخمس وتعرفهم على أوقاتها بسبب التمرن قد لا يحتاجون احتياجة كبرى إلى الأذان، وعلى العكس من ذلك الأذان للعيدين فهذه وسيلة كان المقتضي للأخذ بها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأذان الناس بدخول وقت صلاة العيد، وإذ لم يأخذ عليه الصلاة

ص: 332

والسلام بهذه الوسيلة لتحقيق تلك المصلحة، ما هي المصلحة؟ الإعلام، فلا يجوز لنا أن نتخذ مثل هذه الوسيلة لتحقيق مصلحة لأن هذه الوسيلة كانت قائمة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع ذلك لم يسن هذه الوسيلة، فإحداثها يعتبر إحداثاً في الدين، ويصدق عليه قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» ، هذا إذا كانت الوسيلة قائمة مقتضاها في عهده عليه الصلاة والسلام ثم لم يأخذ بالمقتضى لها كالأذان مع صلاة العيدين.

أما إذا وجد المقتضي لإحداث وسيلة لم يكن المقتضي لإحداثها في عهد الرسول عليه السلام فهنا لا بد من التفصيل التالي هذا كله ليس من عندي إنما هذا من فضل علم الرجلين المذكورين آنفاً الإمام الشاطبي والإمام ابن تيمية الحراني؛ إذا كان الباعث على الأخذ بالوسيلة إنما هو الوسيلة التي تحقق مصلحة إذا كان الباعث على الأخذ بتلك الوسيلة منشؤه هو إهمال المسلمين لبعض أحكام دينهم فلا يجوز في هذه الحالة التمسك بهذه الوسيلة لأنها إنما ظنوا أنها تحقق مصلحة بسبب إعراضهم عن أمور شرعية بها تتحقق تلك المصلحة، فإيجاد هذه الوسيلة والأخذ بها لتحقيق المصلحة فيه صرف عملي للمسلمين عن الأخذ بالأسباب الشرعية لتحقيق تلك المصلحة، مثاله أموال الزكاة فهي كما نعلم جميعاً أمور شرعية قد أمرنا بها يعني أُمِرَ بها الأغنياء، ما هي ثمرة تطبيق هذا الأمر الواجب وهو الزكاة؟ لا شك أن في ذلك إملاء لخزينة الدولة تنفق هذه الأموال التي تجمعها على سنن معروفة تفصيلها في كتب الحديث والفقه لمعالجة وتحقيق مصالح المسلمين، ومن ذلك مثلاً أو من أهم هذه المصالح أنه إذا غُزِيَت بعض البلاد الإسلامية من عدوّ لهم وجب للحاكم المسلم أن يهيئ جيشاً لطرد العدو من بلاد المسلمين وهذا الجيش أو هذه التهيئة للجيش بلا شك يتطلب من النفقات الشيء الكثير والكثير جداً، ولذلك كان من

ص: 333

حكمة الحكيم العليم أن شرع للحكام المسلمين أن يجمعوا أنواعاً من أموال الزكاة يودعونها في بيت مال المسلمين لمعالجة مصالحهم ومنها إخراج العدو أو صد العدو إذا ما هاجم بلاد المسلمين، فإذا ما تقاعس الحكام المسلمون عن القيام بواجب جمع أموال الزكاة حينئذٍ لا تستطيع هذه الدولة أن تقوم بمصالح الأمة المسلمة فماذا يفعلون حينذاك يفرضون ضرائب لتحقيق تلك المصالح فهل يؤخذ بهذه الوسيلة؟

الجواب: لا، لأن هناك وسائل مشروعة فرضها رب العالمين لو تَبَنَّاها الحكام لحقق لهم المال الوفير ولامتلأت خزائن الدولة بأموال الزكاة، فلما قصروا في تطبيق شريعة الزكاة اضطروا إلى بديلها، وهذا البديل هو فرض الضرائب فلا يجوز تبني مثل هذه الوسيلة ولو كانت تحقق مصلحة للأمة لأن هذه الوسيلة سبب الأخذ بها تقصير المسلمين في تطبيق الوسائل الشرعية التي تجمع المال في بيت مال المسلمين.

ثم يختلف الأمر فيما إذا كانت الحكومة الإسلامية تقوم بواجب جمع الزكوات في كل عام ولكن لما فرضنا أن عدواً ما هاجم طرفاً من بلاد المسلمين نظر المسلمون الموظفون على خزينة الدولة فوجدوا المال المجموع بالطرق المشروعة التي أشرنا إليها آنفاً فوجدوا أن هذه الأموال الموجودة في خزينة الدولة لا تكفي لصد غائلة العدو فهنا يجوز للحاكم المسلم أن يفرض ضرائب موقتة زمنياً ليجمع الأموال التي تكفي لصد العدو المهاجم لبعض بلاد الإسلام في هذه الصورة تختلف تماماً أن هذه الوسيلة واجبة لأنها تحقق مصلحة زمنية طارئة لكن هذه الوسيلة لم تنتج من تقصير المسلمين في تطبيقهم للوسائل المشروعة وإنما نتجت لأن المقتضي الذي طرأ وهو مهاجمة العدو الكثيف

ص: 334

عدده والكثير سلاحه يستوجب مالاً أكثر من الموجود في الخزينة.

فإذاً هذه المصلحة لابد من إحداث وسيلة لم تكن من قبل فإذا تحققت المصلحة انتفت هذه الوسيلة وبقي الحاكم المسلم يجمع الأموال على الطريقة الإسلامية، وإذا كانت الوسيلة إذاً تارة وهي محدثة يكون الباعث عليها تقصير المسلمين فهي غير مشروعة وتارة لا يكون الباعث عليها تقصيرهم فتكون مشروعة.

خرجنا بثلاثة أنواع من هذا الكلام، من الوسائل بعضها يُشرَع وبعضها لا يشرع.

الوسيلة التي لا تشرع هي التي وُجِدَ المقتضي للأخذ بها في عهد الرسول عليه السلام ثم لم يأخذ بها فهي غير جائزة وغير مشروعة وتلحق بالبدعة الضلالة.

ويلحق بها أيضاً الوسيلة التي تحقق مصلحة لكن السبب الحامل عليها هو تقصير المسلمين بتطبيق أحكام الدين فهذه أيضاً تلحق بالوسيلة الأولى فلا تشرع وتكون من المحدثات في الدين.

والوسيلة الثالثة والأخيرة هي التي توجبها المصلحة الزمنية ولكن لم تكن الوسيلة أولاً قائمة في عهد الرسول ووُجِدَ المقتضي للأخذ بها ولا أوجب الأخذ بها تقصير المسلمين في بعض الأحكام الشرعية هذه الوسيلة هي التي تدخل في باب المصالح المرسلة.

فإذاً المصلحة المرسلة تلتقي تارة مع البدعة الضلالة وتارة تنفصل عنها تلتقي مع البدعة الضلالة في الصورتين الأوليين وتختلف عنها في الصورة الثالثة.

ص: 335

وجماع الأمر في التفريق بين المصلحة المرسلة وبين البدعة الضلالة أن المصلحة المرسلة إنما يؤخذ بها لتحقيق مصلحة جماعية للأمة ولا يقصد بها زيادة التقرب إلى الله، بينما البدعة الضلالة إنما يأخذ بها عامة الناس دائماً وأبداً من باب زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى وهذا الباب قد سَدَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببيانه للآية الكريمة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ} [المائدة: 3]، حيث قال عليه الصلاة والسلام:(ما تركت شيئاً يُقَرِّبكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه) بذلك جاءت الآثار عن سلفنا الصالح تترا في الأمر في اتباع السنة والنهي عن الابتداع في الدين من ذلك قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «اقتصادٌ في سنة خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة» ، هذا ما يحضرني الآن من الكلام حول المصلحة المرسلة.

(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (20) /01: 58: 26)

ص: 336