الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقريظ بقلم الأستاذ الدكتور نور الدين عتر
بسم الله الرّحمن الرّحيم رئيس قسم علوم القرآن والسنة في جامعة دمشق الأستاذ في كليات الشريعة والآداب بجامعتي دمشق وحلب الحمد لله الذي أنزل القرآن، معجزة باقية على مدى الزمان، وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد المؤيد بأعظم الدلائل والبينات وعلى آله وصحبه والتابعين لهم باحسان.
أما بعد:
فإن القرآن الكريم قد اختص بأنه معجزة بالغة تتحدى كل إنسان في كل زمان ومكان، أيا كانت ثقافته وأدبه، وقد أفادتنا الدراسات المتعددة التي قام بها أئمة البيان على مر العصور أن إعجاز القرآن لا يقتصر على مقياس فني معين في عصر من العصور، وأن أي عصر مهما تقدم في الدراسة الأدبية لا يحيط بإعجاز القرآن، بل إن القرآن معجز وفق أي مقياس فني أدبي صحيح وذوق جمالي سليم في كل عصر وزمان.
ومن هنا يزداد إدراك القارئ لأهمية هذه الرسالة «جماليات المفردة القرآنية» التي أعدّها تلميذنا النبيه الأستاذ أحمد ياسوف معيدنا في كلية الآداب بجامعة حلب، لما أنه وفّى دراسة بحثه في ضوء الدراسات القديمة، كما وفى بسدّ حاجة القارئ وثقافة العصر من دراسات الأدب المعاصر.
وقد استكمل الباحث دراسته، وأحاط بالموضوع في ضوء خطة شاملة جوانب الدراسة، فتناول فيها دراسة الجوانب الجمالية للمفردة القرآنية بصورة
عامة، ثم درس إسهام المفردة القرآنية في الجمال البصري، ثم أتبعه بجمال المفردة السمعي، ثم أكمل الجوانب ببحث الظلال التي تضفيها المفردة على المعنى .. إلى آخر ما هناك من دراسات فنية جمعت بين القديم والحديث، بالإضافة إلى فنون البلاغة واللغة والإعراب، وغير ذلك مما يحتاج إلى مزيد من الصبر والثبات لتقديم دراسة مبتكرة تفيد من دراسات القدامى ومن نظريات المحدثين.
وهذا مسرد مراجع الرسالة يضع أمامنا ذخيرة من المصادر الواسعة والمتنوعة قديمة وحديثة: في التفسير، والحديث، وعلوم القرآن، واللغة، والبلاغة، وفقه اللغة، والإعراب، والتجويد، ودراسات القرآن، وعلم الجمال، والتنظير الفني والأدبي، والنقد الأدبي، وعلم النفس، وعلم التربية، بالإضافة إلى التاريخ، وتاريخ الأدب، وأصوله، أي ما يزيد على خمسة عشر علما وفنا رجع إليها الباحث، وأعمل ذهنه في أدواتها واستخدامها، لكي يقدم لنا هذا الكتاب، مما يدل ولا شك على تمكن وعلى مقدرة عالية في الدراسة والبحث.
وقد خرج الكتاب بنتائج هامة في الدراسات القرآنية، في مقدمتها قضية على غاية الخطورة والأهمية، وهي أن المفردة لها مكانتها في إعجاز القرآن، ولها جوانبها المتعددة الثرية، وأن إعجاز القرآن ليس قاصرا على مفهوم عصر معين للجمال أو مقياس عصر ما في سمو الأدب، بل هو معجز وفق أي ذوق سليم وأي مقياس فني جمالي صحيح، يتجدد عبر العصور، فهو معجزة بيانية لا تنتهي على مدى الأعوام ولا على مدى الأزمان، تدعو الناس إلى تأمل جمالها المعجز، لتسير بهم من طريقه إلى الإيمان.