المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ظلال الدلالة الخاصة: - جماليات المفردة القرآنية

[أحمد ياسوف]

فهرس الكتاب

- ‌شكر واهداء

- ‌التقريظ بقلم الأستاذ الدكتور نور الدين عتر

- ‌المقدمة

- ‌مدخل في مفهوم الجميل عند العلماء المسلمين

- ‌الفصل الأول الجوانب الجمالية في المفردة القرآنية

- ‌1 - جمال المفردة في الأدب

- ‌ تجاوز المرحلة المعجمية:

- ‌ خصوصية المفردة القرآنية:

- ‌ الشكل والمضمون:

- ‌2 - المفردة والنظم في كتب الإعجاز

- ‌ مناهج الاهتمام بالمفردة القرآنية:

- ‌ نظرية النظم:

- ‌ حجج الدفاع عن المفردة:

- ‌3 - الترادف والفروق

- ‌ معنى الترادف:

- ‌ تأكيد الترادف:

- ‌ تأكيد الفروق:

- ‌4 - الأثر الموسيقى لمفردات القرآن

- ‌ في القرآن والحديث:

- ‌ شهادة معاصري نزول الوحي:

- ‌هذيان مسيلمة

- ‌ معارضة الشعراء للقرآن:

- ‌ الإجمال في التذوق السمعي:

- ‌الفصل الثاني إسهام المفردة القرآنية في الجمال البصري

- ‌1 - إسهام المفردة في التجسيم

- ‌ التجسيم لغة:

- ‌ التجسيم اصطلاحا:

- ‌ مع جهود القدامى:

- ‌ مع المحدثين:

- ‌2 - مفردات الطبيعة والأحياء

- ‌ الطبيعة في القرآن:

- ‌ مفردات الجماد والنبات عند القدامى:

- ‌ نظرة المحدثين:

- ‌ مفردات الجماد والنبات عند المحدثين:

- ‌ مفردات الأحياء:

- ‌3 - إسهام المفردة في التشخيص

- ‌ التشخيص لغة:

- ‌ التشخيص اصطلاحا:

- ‌ تشخيص المفردة عند القدامى:

- ‌ تشخيص المفردة عند المحدثين:

- ‌4 - جمالية الحركة في المفردة

- ‌ الحركة: القوية السريعة

- ‌ الحركة البطيئة:

- ‌ تصوير الحركة بالصوت:

- ‌الفصل الثالث إسهام المفردة القرآنية في الجمال السمعي

- ‌1 - الانسجام بين المخارج

- ‌فكرة الانسجام:

- ‌نظرة ابن سنان:

- ‌نظرة ابن الأثير:

- ‌2 - المفردات الطويلة في القرآن

- ‌ نظرة ابن سنان:

- ‌ نظرة ابن الأثير:

- ‌3 - مفهوم خفة المفردات

- ‌الذوق الفطري عند ابن الأثير:

- ‌ إضافة الرافعي على ابن الأثير:

- ‌ الخفّة عند البارزي:

- ‌ ضآلة التوضيح عند المحدثين:

- ‌4 - الحركات والمدود

- ‌ جمالية الحركات:

- ‌ جمالية المدود:

- ‌5 - مظاهر الأونوماتوبيا

- ‌ تعريف الأونوماتوبيا

- ‌ جذورها في تراثنا:

- ‌ منهج المحدثين:

- ‌الفصل الرابع ظلال المفردة والمعنى

- ‌1 - دلائل صيغ مفردات القرآن

- ‌ إشارة ابن جني:

- ‌ مع الزمخشري

- ‌ ما بعد الزمخشري:

- ‌ جهود المحدثين:

- ‌ إنصاف القدامى:

- ‌2 - الدلائل التهذيبية في مفردات القرآن

- ‌ في أمور النساء:

- ‌ نظرة جديدة:

- ‌ جوانب تهذيبية عامة:

- ‌ تأملات الزمخشري:

- ‌ ابن أبي الإصبع:

- ‌ مع المحدثين:

- ‌3 - سمة الاختزان في مفردات القرآن

- ‌ إشارة الجاحظ:

- ‌ الإيجاز عند الرماني والباقلاني:

- ‌ الاختزان في الصيغة:

- ‌ الاختزان في التهذيب:

- ‌4 - مناسبة المقام

- ‌ معيار اللغة والذوق الفني:

- ‌ الذوق الذاتي عند ابن الأثير:

- ‌ المفردة وغرابة الموقف:

- ‌ الفروق عند الزركشي:

- ‌ ظلال الدلالة الخاصة:

- ‌5 - تمكن الفاصلة القرآنية

- ‌ تعريف الفاصلة:

- ‌ السجع والفاصلة القرآنية:

- ‌ مناسبة الفاصلة لما قبلها:

- ‌ انفراد الفاصلة بمعنى جديد:

- ‌ رأي الدّاني في الفاصلة:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس ترجمة الأعلام

الفصل: ‌ ظلال الدلالة الخاصة:

ووقفات المحدثين على قلتها تتّسم بالغنى والعمق، وهي لا تأتي تحت عنوان معيّن، فهذه الجمالية لم تكن تحت عنوان ائتلاف اللفظ والمعنى، أو مشاكلة اللفظ للمعنى، أو الفروق اللغوية، أو مراعاة النظير، شأن القدامى، إن هي إلا نظرات فنية تستوفي الأبعاد النفسية، وهي التي لم يهملها أسلافنا في الغالب، إلا أنه يؤخذ على الباحث الحديث الاكتفاء بالذات الشاعرة، وهذا كثير في أسلوب سيّد قطب.

ومن الواضح الجلي الذي يدلّ على العمق النفسي ما يرد في كتب الدكتور نور الدين عتر على اختلاف مناهجها ومقاصدها، وقد قدّم شذرات رائعة في تفسيره لبعض

السّور، وفي قوله عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ «1» يدلنا على جمال الفرق، إذ يقول «فعبّر بكلمة «ووصّينا» بدلا من أمرنا، إشعارا بأنّ المسألة مفروغ منها تحتاج إلى تحريك النفس نحوها، لا إلى الإلزام» «2» .

وبهذه الطريقة السامية يقرّر القرآن الكريم أحكامه الشرعية، فقد أحاط بالإلزام رفعة المخاطبة مع بعث الرّحمة في التّوصية.

ونرى أن دراسة عائشة عبد الرحمن تتسم بالموضوعية الواضحة، لأنها تنطلق من الأصل اللغوي في استعمال العرب، وترصد استخدام المفردة المدروسة في القرآن كلّه، ومن ثمّ تفرغ للدلائل النفسية التي تبثّها المفردة المنتقاة من بين مرادفاتها، وهذا لم يبعد عن ذهن الزركشي مثلا.

-‌

‌ ظلال الدلالة الخاصة:

لا نقف هنا على الفروق، إنما نتتبّع ما ورد عند الباحثين حول اختيار مفردة تلقي إشعاعا شاملا في مفردات السياق كلّه، من حيث لا يسدّ غيرها هذا المكان، وتنفرد بمكانها من حيث ملاءمة أقصى التأثير، وقد تكون الكلمة عادية في استعمالنا، فإذا قرأناها في الآيات، وجدنا أنها تتجاوز كلّ تعابيرنا،

(1) سورة لقمان، الآية:14.

(2)

عتر، د. نور الدين، محاضرات في التفسير: 67، وهي فائدة لطيفة أتى بها في هذا المقام.

ص: 296

متمكنة من موضعها بمنزلة اللّبنة المطلوبة للبناء الكلّي.

من أولى هذه الملاحظات الفنية تأمل الرماني في تشبيه أعمال الكفار في قوله عز وجل: كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً «1» فإنه يقول: «ولو قيل يحسبه الرّائي ماء، ثم يظهر على خلاف ما قدّر لكان بليغا، وأبلغ منه لفظ القرآن، لأنّ الظمآن أشدّ حرصا عليه، وتعلّق قلب به» «2» .

وهو لا يكتفي بجمال التشبيه الحسّي، بل يؤكّد لنا إحكام الصورة بما يؤثّر تأثيرا حسّيا في المتلقي، ومن الواضح عدم الترادف بين الظمآن والرائي، وإن هذا الميل إلى الحسية يؤكد الحد الأقصى من التأثير في الإنسان، لأن أقوى متطلباته تتعلّق بالحسية.

ومنه على سبيل المثال قوله تعالى: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ «3» واقترنت كلمة غليظ، بالميثاق ثلاث مرات في قوله تعالى:

وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً «4» عن إمساك الزوجات أو تسريحهنّ، وقال عن بني إسرائيل: وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً «5» ، وقال عز وجل: وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً «6» .

وتشير كلمة «غليظا» هنا إلى أهمية الرسالة السماوية وصدق الأنبياء، كما أن غلظ العذاب مناسب للشعور بوطأته على جسوم الآثمين، فالانتقال من حسّية إلى حسية أعمق تأثيرا، والميثاق معنى ذهني، والغلظ يدلّ على تأكيده.

وقد قال تعالى: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ، وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ «7» فقد عدل عن الإحراق إلى التّحطيم، لأن إيلام النار المحطّمة

(1) سورة النور، الآية:39.

(2)

الرماني، ثلاث رسائل في الإعجاز، ص/ 75.

(3)

سورة لقمان، الآية:24.

(4)

سورة النساء، الآية:21.

(5)

سورة النساء، الآية:154.

(6)

سورة الأحزاب، الآية:7.

(7)

سورة الهمزة، الآيات: 4 - 6.

ص: 297

أقوى، ولا يحيط به تصوّر، كما عدل عن الرؤية إلى الظمأ لعمق الصلة بالجسم.

وإذا كان الرماني قد وجد أن هذا يتطلبه التأثير الأقوى، وهو مناسب للموقف فإن أبا هلال العسكري يصنف مثل هذه اللمحة الفنية تحت عنوان «المبالغة» ومن شواهد هذا الفصل قوله عز وجل: يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ «1» وقد جاء فيه: «ولو قال: تذهل كل امرأة عن ولدها لكان بيانا حسنا، وبلاغة كاملة، وإنما خصّ المرضعة للمبالغة، لأن المرضعة أشفق على ولدها، ولمعرفتها بحاجته إليها، وأشغف به لقربه منها ولزومها له» «2» .

ونستنتج مما سبق أن طريقة الرماني والخطابي أكثر إرضاء للذوق، فالرماني مثلا يقدّر كلمة بليغة، ويرى أن الكلمة القرآنية أبلغ، فالجمال درجات، أو كما يقول «طبقات» ، ويؤخذ على العسكري تمسّكه بمصطلح «المبالغة» التي كثيرا ما تشين الشعر، ففي القرآن تأثير عميق، ولا يوجد مبالغة، ويبدو أنه يريد المبالغة في التأثير.

وقد عني الشريف الرضي بمجازات القرآن، وتفسيرها من خلال العودة إلى حيز الحقيقة، ولكنا لا نعدم شذرات رائعة تمثّل ذوقا رفيعا إزاء بعض المفردات القرآنية، وعندئذ يتناسى الاصطلاح وتقعيده، ويقول تعالى عن أهل الكتاب الذين كتموا خبر النبي المبعوث: أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ «3» وقد قال الشريف الرضي: «و

قوله سبحانه: فِي بُطُونِهِمْ زيادة معنى، وإن كان كلّ آكل إنما يأكل في بطنه، وذلك أفظع سماعا، وأشدّ إيجاعا، وليس قول الرجل للآخر: إنك تأكل النار مثل قوله: «إنك تأكل النار في بطنك» «4» .

(1) سورة الحج، الآية:2.

(2)

العسكري، أبو هلال، كتاب الصناعتين، ص/ 365.

(3)

سورة البقرة، الآية:174.

(4)

الشريف الرضي، محمد بن الحسين، تلخيص البيان في مجازات القرآن، ص/ 119.

ص: 298

فالكلمة تتخذ دلالة خاصة وإشعاعا يدلّ على القبح، خلافا لما جاء في الآية على لسان امرأة عمران: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً «1» .

وقد علّق البيومي على الآية السابقة قائلا: «فإن تصوير ذلك باللفظ مما يعيد المنظر الهائل مفجعا مفزعا حين يتصوّره الخيال في أفجع مثال» «2» .

وقد وردت كلمة «بطون» بصيغة الجمع سبع مرات في مواقف تصوير العذاب، وأربع مرات مختصة بالحيوان كالأنعام والنّحل، مما يدلّ على أن الكلمة في شاهد الشريف الرضي توحي بالطّبع الحيواني وبشاعته عند من يتاجر بآيات الله، ويكذّب بها، وهي تهبط بآدميّته، خصوصا حين تصوّر الجشع والنّهم، كما وردت كلمة «الخرطوم» في الآية الكريمة: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ «3» والمقصود أنف واحد من المشركين قيل: هو الأخنس بن شريق أو الأسود بن عبد يغوث أو الوليد بن المغيرة «4» .

والجدير بالذكر أنّ تصوير القبيح في القرآن يمتاز بقوة استمرار التأثير، وبحسّيته الواضحة، وقد قال جارييت حول وضوح القبيح:«مما يؤسف له أن الأشياء القبيحة التي نتحاشاها ندركها بالسّهولة التي ندرك بها الأشياء الجميلة «5» .

وهذا يؤكد كمال إعجاز القرآن، لأنه أتى بالجمال الفني من وجوهه كلّها الإيجابية والسّلبية.

وفي كشاف الزمخشري نقع على غزارة هذه المادة، وهو يعوّل على الواقع الملموس، والتّجربة البشرية، وطبيعة النّفس الإنسانية، وأحيانا يتّخذ المعيار اللغوي حكما، بيد أن الجانب النفسيّ للدّلالة الخاصّة مراعى في أغلب لمحات

(1) سورة آل عمران، الآية:35.

(2)

البيومي، د. محمد رجب، خطوات في التفسير، ص/ 184.

(3)

سورة القلم، الآية:16.

(4)

انظر السيوطي، جلال الدين، 1978، أسباب النزول حاشية تفسير الجلالين، ط/ 1 دار الملاح دمشق، ص 753.

(5)

جارييت، فلسفة الجمال، تر: عبد الحميد يونس، ص/ 108.

ص: 299

الزّمخشري.

ففي تفسيره للآية الكريمة: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ «1» يقول: «فإن قلت: لم يأتيهم العذاب في الغمام؟ قلت: لأنّ الغمام مظنّة الرّحمة، فإذا نزل منه العذاب كان الأمر أفظع وأهول، لأنّ الشّرّ إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغمّ، كما أن الخير إذا جاء من حيث لا يحتسب، كان أسرّ، فكيف إذا كان الشّرّ من حيث يحتسب الخير، ولذلك كانت الصاعقة من العذاب المستفظع لمجيئها من حيث يتوقّع الغيث، ومن ثمّة اشتدّ على المتفكّرين في كتاب الله قوله تعالى: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ «2» .

فهو هنا يحكّم الإحساس بالفجاءة في جمال «الغمام» وهذا الحكم يعتمد على طبيعة النفس الإنسانية.

ويرى مصطفى الجويني أن «شخصية الزمخشري قد طغى عليها العاطفة الدينية في الأمور الجمالية» «3» .

ويبدو لنا جليّا أن الدين والجمال لا ينفي أحدهما الآخر، وأن مظاهر الجنّة تعدّ دروسا في دربة الإحساس الجمالي، وكذلك مظاهر النار، فالجمال والدّين يتعاوران البيان القرآني في الكشاف، والجمال في القرآن ليس جمالا لذاته، بل هو مسخّر في نهاية الأمر للأغراض الدينية.

ويستشعر الزمخشري حسرة الأم التي تلد الأنثى في قوله عز وجل عن امرأة عمران: فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ «4» فيقول: «إن قلت: فلم قالت: إني وضعتها أنثى، وما أرادت إلى هذا القول؟ قلت: قالته تحسّرا على ما رأت من خيبة رجائها، وعكس

(1) سورة البقرة، الآية:210.

(2)

سورة الزمر، الآية: 47، الكشاف: 1/ 353، وانظر تفسير النسفي: 1/ 105، وتفسير أبي السعود: 1/ 213.

(3)

الجويني، مصطفى، 1959، منهج الزمخشري في تفسير القرآن وبيان إعجازه، ط/ 1 دار المعارف بمصر، ص/ 186.

(4)

سورة آل عمران، الآية:36.

ص: 300

تقديرها، فتحزّنت إلى ربّها» «1» .

فقد كانت ترجو أن يكون المولود صبيا لكي يخدم بيت الله المقدّس، وليست الحسرة لمجرد كون المولود أنثى كما كان في الجاهلية، فهي كانت تظنّ أن الذكر أولى بالنّذر من الأنثى، وإلا فكمال العبودية يمنع من هذه الحسرة.

ومن مظاهر تداخل المصطلحات البلاغية أن يعدّ ابن أبي الإصبع هذه الجمالية في باب ائتلاف اللفظ والمعنى في كتابه «تحرير التحبير» ، وتوضع الشواهد نفسها تحت عنوان «فرائد القرآن» في كتابه «بديع القرآن» ، وهو يعرّف هذا النوع قائلا:«وهو مختصّ بالفصاحة دون البلاغة» ، لأنّه عبارة عن إتيان المتكلم في كلامه بلفظة تنزل منزلة الفريدة من حبّ العقد، وهي الجوهرة التي لا نظير لها، تدلّ على عظم فصاحته، وقوة عارضته، وجزالة منطقه، وأصالة عربيته، بحيث تكون هذه اللفظة إذا سقطت من الكلام عزّت الفصحاء غرابتها» «2» .

ونلاحظ في التعريف اهتمامه بالمتكلم، وهذا ديدن علماء البلاغة، فكأنهم يدرّسون هذا العلم، ويستعينون بالبلاغة القرآنية.

ويستشهد بالآية الكريمة: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ «3» ، ولا يبيّن لنا سمة هذا التفرّد، فلا يكفينا أن نعرف أن القرآن استقلّ بهذه الصّيغة أو تلك، إنما نريد التوصّل إلى أبعادها الجمالية، وكذلك لفظة «فزّع» في قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ «4» فهو يقول: «فانظر إلى لفظة «فرّغ» ، وتأمل غرابة فصاحتها، لتعلم أن الفكر لا يكاد يقع عليها» «5» .

(1) الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف: 1/ 425.

(2)

ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، ص/ 486، وانظر ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير ص/ 415.

(3)

سورة غافر، الآية:19.

(4)

سورة سبأ، الآية:23.

(5)

ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، ص/ 288، وانظر ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، ص/ 418.

ص: 301

ونحن لا ننكر جهوده في مواضع أخرى، كما تبين في الصفحات السابقة في هذه الفقرة، وما سيتبين في مسألة تمكّن الفاصلة القرآنية في الفقرة التالية، ولعلّ جمال «خائنة» يكمن في صيغتها على اسم الفاعل، وهي تدلّ على الحركة أكثر من الاسم، وتفيد الكثرة في استمرارها.

وقد قال البيومي عن شواهد ابن أبي الإصبع هذه: «فهذا الكلام- الفرائد- لو ترجم إلى لغة عصرنا لترجم عما يسمّيه النقاد باللفظ الموحي، وما يبعثه في الجملة من الظلال والأضواء، ووقوع ابن أبي الإصبع على هذه الألفاظ والجمل في كتاب الله يدل على ذوق بصير، ونحن نأخذ عليه أنه أحسن الاختيار، ولم يأت بما يجمل من التحليل» «1» .

ونكتفي بهؤلاء الأعلام، لأن كل كلمة قرآنية يمكن أن تقع تحت عنوان «مناسبة المقام» ، وأيضا لحذر الإطالة غير المجدية، فالتّكرار كان في الشواهد نفسها، وفي التّعليق الفني، فمثلا لا يبتعد أبو السّعود كثيرا عن تذوق الزمخشري، فهو يقلّده أحيانا بالنقل الحرفي أو بأسلوب التذوق، كما أعاد ابن قيّم الجوزية ما ورد عند الرماني حول كلمة «ظمئان» وغيرها «2» .

ولا بأس أن نجري هنا موازنة في شاهد واحد بين الزمخشري وسيّد قطب، لنعلم اختلاف النظرات، يقول تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ «3» يقول الزمخشري حول كلمة «يتربّصن» : «إخراج الأمر في صورة الخبر تأكيد للأمر وإشعار بما يجب أن يتلقّى بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنهن امتثلن الأمر بالتربّص، وذلك لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال، فأمرهنّ أن يقمعن أنفسهنّ، ويغلبنها على الطّموح، ويجبرنها على التّربّص» «4» .

فهو ينطلق من معيار جمال اللغة، ليقدمه تبريرا.

(1) البيومي، د. محمد رجب، خطوات في التفسير، ص/ 295.

(2)

انظر ابن قيم الجوزية، الفوائد، ص/ 145.

(3)

سورة البقرة، الآية: 228، القرء: الحيض أو الطّهر.

(4)

الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف: 1/ 365، وانظر تفسير النسفي:

1/ 113. وتفسير أبي السعود: 1/ 225.

ص: 302

وفي المفردة نفسها يقول سيّد قطب: «إنه يلقي ظلال الرّغبة الدّافعة إلى استئناف حياة زوجية جديدة، رغبة الأنفس التي يدعوهنّ إلى التربّص بها، والإمساك بزمامها، مع التّحفّز والتّوقّر الذي يصاحب صورة التربص، وهي حالة طبيعية تدفع إليها المرأة في أن تثبت لنفسها ولغيرها، أنّ إخفاقها في حياة الزوجية لم يكن لعجز فيها أو نقص، وأنها قادرة على أن تجذب رجلا آخر» «1» .

ولكن الشعور بالإخفاق لا يكون في حالة موت الزوج، فقد قال تعالى عن الأرامل: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً «2» ، وكان على سيد قطب أن ينتبه إلى هذا، فهذا وليد الإشعاع الذاتي لدى الدارس.

وقد وفّق في مواضع أخرى، كما ورد لدى الآية: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ «3» فهو يحدثنا عن تحقيق انسجام الأضواء في الصورة بكلمة «الفلق» ، يقول: الجوّ كله ظلام ورهبة وخفاء وغموض، وهو يستعيذ من هذا الظلام بالله، والله ربّ كل شيء، فلم يخصّصه هنا «بربّ الفلق» ؟ لينسجم مع جوّ الصورة كلّها، ويشترك فيه، ولقد كان من المتبادر أن يعوذ من الظلام بربّ النور، ولكن الذهن هنا ليس المحكّم، إنما المحكّم هو حاسّة التصوير الدقيقة، فالنور يكشف الغموض المرهوب .. والفلق يؤدي معنى النور من الوجهة الذهنية، ثم يتّسق مع الجوّ العام من الوجهة التصويرية» «4» .

ويمكننا أن نقول: إن المحكّم في كل نظرات سيد قطب هو التصوير الذي يشمل الصورة البصرية والإيحاء النفسي، والصورة السمعية أيضا، ومثل هذا الإيحاء ما ذكره عن ميل القرآن إلى تصوير قبح أعمال الكفار بمفردات توائم شنائعهم، يقول تعالى: وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «5» عن اليهود، يقول سيّد قطب:«والنص على «الحريق» هنا مقصود لتبشيع ذلك العذاب وتفظيعه،

(1) قطب، سيّد، في ظلال القرآن، مج/ 1: 2/ 245.

(2)

سورة البقرة، الآية:234.

(3)

سورة الفلق، الآية:1.

(4)

قطب، سيد، التصوير الفني، ص/ 98.

(5)

سورة آل عمران، الآية:181.

ص: 303

ولتجسيم مشهد العذاب، بهوله وتأجّجه وضرامه، جزاء على الفعلة الشنيعة قتل الأنبياء، وعلى القولة الشنيعة: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ «1» .

وهو لا يذكر مثلا مساحة دلالة «الحريق» في اللغة مقارنة بالنار، وتحليله ليس ببعيد عما يسميه القدامى مراعاة النظير، فتربط الكلمة بسياق الآية كلها، وهذا ما وجدناه عند الخطيب الإسكافي وابن أبي الإصبع.

ولا يكاد يبتعد بدوي قيد شعرة عن منهج سيّد قطب، فهو كذلك يترك المعيار للنفس والتصور، ففي الآية الكريمة: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ «2» . يقول عن فعل «خلوا» : «ترى ما توحي به إلى نفسك من جبن هؤلاء المنافقين الذين لا يستطيعون أن يظهروا ما تكنّه قلوبهم إلا في خلوة لا يراهم فيها أحد» «3» .

وتعد دراسة عائشة عبد الرحمن جيدة، لأنها تنظر إلى قرائن السياق العام ففي الآية الكريمة: يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً «4» تبين البعد النفسي لفعل «أهلكت» قائلة: «ولم يقل أنفقت مع قربها، وذلك لأن الإهلاك أولى بالغرور والطّغيان، وأنسب لجوّ المباهاة والفخر المسيطر على المقام» «5» .

وهذا واضح في سورة البلد، ولا شكّ في وجود مفردات مختصة بدفع المال مثل أنفق وبذل وصرف، ولكن «أهلكت» فعل يعدّ استعماله مجازيا، وهو ليس من مرادفات أنفق، كما ترى الباحثة.

ولا بأس أن نقف عند كلمة «أخذ» الواردة في مقام التهديد، لتتضح الدلالة الخاصة لبعض مفردات القرآن، إنه فعل عادي إلا أن دلالته تتّسع في القرآن، ويتغيّر حجم مفعولها، ومن هذا قوله تعالى: وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ

(1) سورة آل عمران، الآية: 181، وقطب، سيد، في ظلال القرآن، مج/ 1:

4/ 537.

(2)

سورة البقرة، الآية:14.

(3)

بدوي، د. أحمد، من بلاغة القرآن، ص/ 31.

(4)

سورة البلد، الآية: 6، لبد: كثير بعضه فوق بعض.

(5)

عبد الرحمن، د. عائشة، التفسير البياني: 1/ 187.

ص: 304

بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ «1» .

وقديما ألمح الباقلاني إلى هذا الفعل في قوله تعالى: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ «2» فقد قال: «هل تقع في الحسن موقع قوله «ليأخذوه» كلمة، وهل تقوم مقامه في الجزالة لفظة، وهل يسدّ مسدّه، في الأصالة نكتة لو وضع موضع ذلك «ليقتلوه» أو «ليرجموه» أو «لينفوه» أو «ليطردوه» أو «ليهلكوه» أو «ليذلّوه» ، ونحو هذا ما كان بديعا ولا بارعا ولا عجيبا ولا بالغا» «3» .

وكان الباقلاني فهم أن هذا الفعل يدل على غاية العنف دون سائر أفعال الاجرام، ويدلّ على قوة الباطش وسهولة البطش، فالرسول لقمة سائغة، وكأنما تصوّر المفردة ضآلة حجمه، وضخامة حجومهم.

ومن هذا قوله تبارك وتعالى: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً «4» ، ويقول البوطي:«وأي تصوير لضئلة شأنهم ونسيانهم أنفسهم أبلغ وأروع من هذه الكلمة» «5» .

فهنا يسند الفعل إلى الخالق الذي تنصاع له كل الكائنات، فيزداد عنفا وغموضا، ولا يستطيع الذهن أن يحيط بكل مساحة هذا الفعل، لأنه من عند الخالق ففيه الهول الأعظم، على الرغم من أن فعل «أخذ يأخذ» محدود الدلالة في استعمالنا.

وهنا يحضرنا قول «بختين» إن احتواء الكلمة لموضوعها فعل معقّد، ذلك أن أي موضوع مفترى عليه، ومختلف فيه، مضاء من جهة ومعتم عليه من جهة أخرى بالآراء الاجتماعية المختلفة وبكلمات الآخرين» «6» .

وفي القرآن نجد أن الفعل «يذر» مع تصريفاته يرد إحدى وثلاثين مرة، وثلاث مرات منها تختصّ فيها بالخالق عز وجل، مع أن الدّلالة واحدة في

(1) سورة الأعراف، الآية:165.

(2)

سورة غافر، الآية:5.

(3)

الباقلاني، أبو بكر، إعجاز القرآن، ص/ 197.

(4)

سورة الأنعام، الآية:44.

(5)

البوطي، محمد سعيد رمضان، من روائع القرآن، ص/ 171.

(6)

بختين، ميخائيل، الكلمة في الرواية، تر: يوسف حلاق، ص/ 30.

ص: 305

المعجم، وهذا يؤكد السّياق الخاص لآيات القرآن الذي ينفي الترادف، إذ تصل بنا الآيات إلى دلائل متعددة لمادة واحدة، فنحن نقرأ قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً «1» فالفعل «يذرون» يعني المغادرة والتّرك، إذ تقرّر الآية المدنيّة مسألة فقهية.

أما قوله تعالى: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ «2» فإنّ الكلام يعجز عن التعبير عن هول هذه المفردة وهالاتها الخاصة، نتيجة صدورها عن الخالق، وكذلك قوله تعالى: وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا «3» وقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً «4» والآيات الثلاث هذه من السّور المكية، والأخيرتان منها من أوائل نزول الوحي المبارك.

ففي هذه الكلمة إثارة للتخيل تبعدها عن المعنى المعهود، وذلك لأنها تثير في الذّهن كيف تنفرد القوة المطلقة بما خلقت، وتبعث في النفس الرّهبة والإجلال، وخصوصا إذا أعربنا «وحيدا» حالا لضمير الياء.

ومن يطالع أبحاث محمد سعيد رمضان يقع على مادة وفيرة تدلّ على إحساسه الفني بدلالات المفردات، وذلك لا يقتصر على كتابه «من روائع القرآن» الذي تحدّث فيه عن البيان القرآني، فنحن الآن مع كتيّب في الدّعوة الإسلامية بعنوان «منهج تربوي فريد في القرآن» وقد تأمل الآية الكريمة: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما «5» ، فمما يدل على أصالة فنية وتفرّد ذوقي قوله: «لو حذفت هذه الكلمة- عندك- من الآية، لاختفى منها أعظم عوامل التأثير فيها: إنها كلمة واحدة، ولكنها تفيض بشحنة هائلة من العواطف المثيرة، إذ هي تصوّر للمخاطب حالة والديه، وقد انتهينا من الضّعف والشيخوخة إلى أن غدا كلّ منهما يعيش في كنفه، وفي ظلال عطفه ورعايته بعد أن كان هو الذي يعيش في كنفهما،

(1) سورة البقرة، الآية:234.

(2)

سورة القلم، الآية:44.

(3)

سورة المزمّل، الآية:11.

(4)

سورة المدّثّر، الآية:11.

(5)

سورة الإسراء، الآية:23.

ص: 306

وفي ظلال عطفهما ورعايتهما «1» .

فهذه الكلمة التي هي ظرف مكان، تثير كوامن من الرحمة في أعماق الإنسان وتسمو به، مع أنها كلمة عادية، إذ اكتسبت هذه الظلال نتيجة وجودها ضمن هذا الموضوع رعاية الوالدين.

ويدلنا محمد سعيد رمضان على إيثار العفو على القصاص في الإسلام، فيلمّح القرآن إلى سبيل التراحم مع تقريره لحدود الله، فعن حدّ القتل قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ

«2» .

يقول رمضان: وانظر إلى طبيعة هذه الكلمة- أخيه- وموقعها من الآية إنها تذكّر وليّ المقتول تذكيرا دون أن تأمره أو توجّهه إلى شيء، كلمة تحاول بتصويرها العاطفي المباشر أن تذكّر وليّ القصاص بأنه أخ قريب للقائل، وأن تنسيه أنه وليّ للمقتول» «3» .

لقد استطاع الدارسون أن يربطوا وجود الكلمة بسياق الآية، فبيّنوا حاجة المقام إليها، واستحقاقها بالمكان، وتفرّدها به، وقد عوّلوا على منطق اللغة العربية فكان معيارا واضحا.

وعوّلوا على التذوق، فكان معيارا ناجحا على الأغلب في تأملات القدامى منهم، لأن بعض المحدثين اعتمدوا الإسقاط النفسي الشخصي كما رأينا، ولم يكن إجمال القدامى يدلّ على خطل أو تعسّف، وقد دأب القدامى في الإحاطة بالأمر، وغالبا ما استعانوا بالفروق ليبيّنوا أهمية المفردة، فكانوا موضوعيين.

ولا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة التكرار التي ورد شيء منها في الفقرة هذه لا تدل على تحجر، بل تدل على إجلال اللاحق للسابق، ويمكن أن نلتمس

(1) البوطي، د. محمد سعيد رمضان، منهج تربوي فريد في القرآن، ص/ 1. دار الفارابي دمشق:70.

(2)

سورة البقرة، الآية:178.

(3)

البوطي، د. محمد سعيد رمضان، منهج تربوي:71.

ص: 307

العذر لهم بأن كثيرا من الكتب وضعت في علوم القرآن كلها أو البلاغة القرآنية بجميع وجوهها، وربما كان بعض الباحثين غير مختص بفنون البلاغة اختصاصا متعمقا كالأئمة البارعين فيها.

ص: 308