الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دافعا إلى نفي هذه الظاهرة اللغوية، ولكنا رأينا أن كون الرّديف غير الراكب الأساسي يدلنا على أن المترادفات مشتركة في المعنى الواحد اشتراكا فقط، ولا يوجد تطابق تام، بحيث يمكننا التبديل من غير أن نمسّ المعنى المبتغى.
والترادف على أية حال ظاهرة لغوية ملموسة، ولكن الاستعمال القرآني واقع أدبي خاص يتنزّه عن إمكان تبديل كلماته من غير أن يتغيّر معنى المقام المطلوب.
وإذا كان المدلول واحدا، والدلالة متعددة، فلا أقلّ من انتقاء صوتي يجعلنا نفضّل ما ترتاح إليه الآذان، وتميل إليه النّفس، فننتقي كلمة كبش، ونستبعد الشّقحطب ونقول: لمع البرق دون جثجث، ونقول: رأس الورك دون الحرككة، ونقول دهان ألواح السفينة دون جلفاطها، يقول جارييت:«إن المترادفات المختلفة للشيء الواحد قد تتفاوت من حيث الجرس واللفظ» «1» .
فهنالك بواعث جمالية تدفعنا إلى تفضيل مفردة على أخرى في حال التطابق التام المفترض بين معنى الدّلالتين، والقرآن يبيّن لمتدبره أنه لم يكتف بانتقاء المفردة الخاصة بالمعنى المحدّد المطلوب، بل جمع بين عذوبة الصوت وبين المعنى الخاص.
-
تأكيد الفروق:
لقد سلك اللغويون مسلكين ففريق أيّد الترادف، وقد بيّنا منذ قليل بعض آرائهم، وفريق أنكر الترادف، ومن هؤلاء المبرّد «2» ، وقد نسبت إليه عائشة عبد الرحمن هذا خطأ لتأليفه كتاب «ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد» «3» ، لأن العنوان يدلّنا على أنه عني في كتابه بالمشترك اللفظي أي
(1) جارييت، فلسفة الجمال، تر: عبد الحميد يونس، دار الفكر العربي، بيروت، بلا تا، ص/ 120.
(2)
هو أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي، أحد أئمة الأدب واللغة توفي سنة 286 هـ في بغداد، من كتبه «الكامل» و «المقتضب» و «إعراب القرآن» انظر الأعلام:
3/ 1002.
(3)
انظر عبد الرحمن، د. عائشة، الإعجاز البياني للقرآن، ص/ 9.
تعدّد المعاني للمفردة الواحدة وفق السياق الخاص للآية، مثل كلمة الهدى التي رصدوا لها سبعة عشر معنى، فهي مثلا بمعنى البيان في قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ «1» وبمعنى التوراة في قوله عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى «2» وبمعنى المعرفة في قوله تعالى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ «3» .
وقد ذكر هذا السيوطي تحت عنوان «الوجوه والنّظائر» «4» . وقد كتب في هذا العلم مقاتل بن سليمان صاحب «الوجوه والنظائر» ، ورأى أن الصلاة مثلا تكون من الإنسان دعاء، ومن الخالق رحمة، فهذا مشترك لفظي في منظوره، وقد ردّ عليه الحكيم الترمذي المحدث الصوفي الكبير في «تحصيل نظائر القرآن» ورأى أن الجامع بين الصلاتين هو العطف، وعلى هذا يجب أن نسميه مشتركا معنويا لا لفظيا، وهذا أيضا رأي النحوي المعروف ابن هشام.
وقد نقل أبو هلال العسكري رأي المبرّد في كتابه «الفروق في اللغة» وصنّف في هذا المجال أبو منصور الثعالبي «5» كتابه «فقه اللغة وسرّ العربية» ، إذ تحدّث في القسم الأول منه عن الفروق، ولأحمد بن فارس «6» كتاب «الصاحبي في فقه اللغة» .
يرى المبرّد أن جواز العطف يعني تفرّد كل اسم بمعنى خاص مستشهدا بالآية: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً «7» ، يقول: «عطف شرعة على
(1) سورة البقرة، الآية:5.
(2)
سورة غافر، الآية:53.
(3)
سورة النّحل، الآية:16.
(4)
انظر السيوطي، جلال الدين، الإتقان: 1/ 299.
(5)
هو عبد الملك بن محمد أبو منصور الثعالبي من أهل نيسابور، وكان فرّاء يخيط جلود الثعالب، توفي سنة 429 هـ، من كتبه:«يتيمة الدهر» من تراجم شعراء عصره، و «فقه اللغة وسر العربية» و «سحر البلاغة» و «الكناية والتعريض» و «الإعجاز والإيجاز» ، انظر الأعلام: 4/ 311.
(6)
هو أحمد بن فارس القزويني، ولد في الري، لغوي، وله شعر حسن توفي سنة 395 هـ. من كتبه:«معجم مقاييس اللغة» و «المجمل» و «الصاحبي في فقه اللغة» و «جامع التأويل» في التفسير وغيرها. انظر الأعلام: 1/ 58.
(7)
سورة المائدة، الآية:48.
منهاج، لأن الشّرعة لأوّل الشيء والمنهاج لمعظمه ومتّسعه، ويعطف الشيء على الشيء، وإن كانا يرجعان إلى شيء واحد إذا كان في أحدهما خلاف للآخر» «1» .
وينقل أبو هلال هذا الكلام عن المبرّد، ويتبعه في الرأي، فقد رأى في الموضع نفسه أن ليس من الذكاء أن يضع الواضع اللغة، ويعطف زيدا على أبي عبد الله إذا كانا شخصا واحدا.
ولم يكتف أبو هلال بالعطف فقط، ليؤكد عدم الترادف، إذ يضع شرطا لمنهجه يشرحه في مقدمة كتابه فهو يقول:«إذا اعتبرت هذه المعاني وما شاكلها في الكلمتين- الاشتياق والحنين- ولم يتبين لك الفروق بين معنيهما، فاعلم أنهما من لغتين مثل القدر بالبصرية، والبرمة بالمكية، ومثل قولنا: الله في العربية، وآزر بالفارسية» «2» .
وهذا الشرط الذي اتخذه العسكري، ليحدّ من شمول نظريته، اتخذه علي وافي وجعله مناط الاعتراف بالترادف، كما رأينا.
ولمنهج العسكري ميزات ترفع من شأن كتابه، وتفضله على كتاب الثعالبي، فقد جعل كلّ كتابه للفروق، فمن جهة الكم قدّم مادة وفيرة، وهو لا يترك القارئ من غير إقناع، بما تسعفه ذاكرته من أمثلة من القرآن والشعر وأمثال العرب واستعمالهم، وإضافة إلى هذه الميزة الجيدة، اقتصر على ما هو مشهور، ولم يتعرّض لكلمات غريبة متخذا فذلكة فارغة لا طائل لها.
وما يعنينا من اقتصاره هو اشتماله على مفردات القرآن التي يشتبه في ترادفها، ويعنينا أنه يحدّد في المقدمة نفيه للترادف في القرآن قائلا عن المبرّد:
«والذي قاله هاهنا في العطف يدل على أن جميع ما جاء في القرآن، وعن العرب من لفظين جاريين مجرى ما ذكرنا من العقل واللب، والكسب والجرح، والعمل والفعل معطوفا أحدهما على الآخر، فإنما جاز هذا لما بينهما من الفرق
(1) العسكري، أبو هلال، الحسن بن عبد الله، 1353 هـ، الفروق في اللغة، ط/ 1، مكتبة القدسي، القاهرة، ص/ 11.
(2)
العسكري، أبو هلال، الحسن بن عبد الله، الفروق في اللغة، ص/ 16.
والمعنى» «1» .
ولا بدّ من تعليق على تقليص نظريته بشرط عدم تعايش لغتين، وهذا لم يطّرد في القرآن، وكذلك العطف الذي يمكن الاستعانة به في تجربة عملية تقضي بعطف كلمة قرآنية على أخرى قريبة من معناها، فنزيل غشاوة الترادف، ذلك لأن المفردة القرآنية غنية عن العطف، ليظهر تمكّنها من معناها واستقرارها.
ومما ينظر إليه بتقدير أنه يخصص بابا حول العلم مثلا، ويبحث في الألفاظ متقاربة المعنى في مفردتين، فنحصل على الفروق الدقيقة المهمة بين العلم والمعرفة والفهم وغير هذا، ويخصص لكل فرق بين مفردتين ما لا يقل عن أربعة أسطر يدعمها بالشواهد المختلفة، وكل هذا في اللغة الواحدة كما يؤكد.
لقد خصص الثعالبي القسم الأول من كتابه للفروق، وقد اتخذ منهجا مغايرا، ووصل بإسهابه ومحاولته لاستيفاء كل المفردات إلى ذكر الغريب والوحشي الذي ربما يدهش معاصريه وفقهاء عصره، ناهيك عن عصرنا الذي حافظ القرآن فيه على جزء مهم من الرصيد الكبير، فنقع على مفردات دثرتها العصور الخالية، ونبذها الاستعمال، يقول في فصل تفصيل الكثير، على سبيل المثال:«الدّثر المال الكثير، الغمر الماء الكثير، المجر الجيش الكثير، العرج الإبل الكثيرة» «2» .
ومثل «المجر والعرج» يندر استعماله في الشعر القديم فضلا عن القرآن الكريم، وقد ذكر أبو الطيب هذه الكلمة إذ نجد في شعره الكثير من المفردات غير المستعملة يقول:
وتضريب أعناق الملوك وأنت ترى
…
لك الهبوات السود والعسكر المجر
«3»
(1) العسكري، الفروق في اللغة، ص/ 11 - 12.
(2)
الثّعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد، 1972، فقه اللغة وسر العربية، ط/ 1، تح: إبراهيم الأبياري ورفيقيه، شركة مصطفى البابي، القاهرة، ص/ 70.
(3)
ديوان المتنبي، ص/ 195.
وهذا طبيعي في كتب اللغة لأنها لا تغفل اللفظة لندرة استعمالها، لأنها إنما تؤرخ فلا بد من الجمع الوافي.
وكما نرى مفردات الثعالبي ليست بين طرفين كما هي الحال عند العسكري، بين السيّد والصّمد، والعزّ والشّرف، والصحّة والعافية، والقدرة والطاقة، إنما يخصص الفصل لترتيب الأسماء وفق الحالة الموجودة، وقلّما يجنح إلى القرآن، ليكون حجّة لتقسيماته، وقد احتج بالقرآن في فصل سمّاه «فيما يحتج على الشّدة من القرآن» ، فجاء فيه:«الهلع شدّة الجزع، واللّدد شدة الخصومة، والحسّ شدة القتل، والبثّ شدة الحزن، والنّصب شدة التعب، والحسرة شدة الندامة» «1» وكلها مما ورد في القرآن.
ومن الجدير بالذكر أن أحمد بن فارس رفض مسألة الترادف بعلّة تعايش اللغات، فهو يرى أن للسيف اسما واحدا، وباقي الأسماء صفات له كالصّمصام والباتر والصّارم، قال:«ويسمّى الشيء الواحد بالأسماء المختلفة نحو السيف والمهنّد والحسام، والذي نقوله في هذا إن الاسم واحد هو السيف، وما بعده من الألقاب صفات ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى، وقد خالف في ذلك قوم، فزعموا أنها- وإن اختلفت أصواتها- فإنها ترجع إلى معنى واحد، وذلك نحو قولنا: سيف وعضب وحسام، وقال آخرون: ليس منها اسم ولا صفة إلا ومعناه غير معنى الآخر» «2» .
وكأنه يريد أن طول استعمال الصفة إلى جانب الموصوف جعل الناس يكتفون بالصفة، فأبدلوا السيف المهنّد بقولهم المهند أي سيف من الهند.
ومن مظاهر استيفاء المفردة القرآنية لطرفي الشكل والمضمون ما جاء في الآية تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا «3» ، وقد جاء في الاتقان عن البارزي «4» أنّه
(1) الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية، ص/ 68.
(2)
ابن فارس القزويني، أحمد، 1962، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، ط/ 1، تح د. مصطفى الشويمي، مؤسسة بدران، بيروت، ص/ 96.
(3)
سورة يوسف، الآية:91.
(4)
البارزيّ: هو هبة الله بن عبد الرحيم الجهني الحموي، قاض وحافظ للحديث، من أكابر فقهاء الشافعية، عيّن مرات لقضاء مصر فاستعفى، وتولّى قضاء حماة،
أعجب ب «آثرك» وحسنها الزائد على «فضّلك» «1» ، وظنّ أن الأمر- فيما يبدو لنا- هو هذا المدّ الطويل بعد الهمزة ثم الفتح على حرف لثويّ خفيف، وصعوبة الوقوف والتّشديد على الضاد، وهو من حروف الإطباق.
ويضاف أن القرآن ذكر «فضّل» في سبعة عشر مكانا، مثل قوله تعالى:
فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً «2» ، فالتفضيل كما توحي المقارنة كان نتيجة عمل، ولم يكن له سابق تصميم أو إرادة، إنما هو نتيجة عمل، وإذا عدنا إلى «آثر» مثل: وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا «3» ، وقوله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ «4» ، فالعدالة السماوية تتأكد في سابق اختيار المرء للشر، والإيثار يكون له ثواب عند ما لا يكون جبرا، فيؤثر المؤمن أخاه عن سابق اختيار.
ودلالة «آثر» في القرآن أقرب إلى الذهنيات منها للمحسوسات، أو هي اختيار بعد اختيار، يقول أبو هلال:«الفرق بين الاختيار والإيثار أن الإيثار على ما قيل هو الاختيار المقدّم» «5» .
وفي عصرنا أخذت عائشة عبد الرحمن على عاتقها نصرة استقلال جمال المفردة القرآنية من خلال الظلال النفسية للفروق، فانتدبت نفسها لهذا في كتابيها:«التفسير البياني» بجزئيه، و «الإعجاز في البيان» وقد وقفت في الأخير على هذه المسألة منظّرة، ومن ثمّ مطبّقة في عشر مسائل، مثل: الفرق بين الرؤيا والحلم، والنأي والبعد، وتكاد تشتمل على معظم ما يظنّ فيه الترادف في القرآن.
وتوفي سنة 738 هـ، وله بضعة وتسعون كتابا منها:«البستان في تفسير القرآن» و «الناسخ والمنسوخ» و «الفريدة البارزية في شرح الشاطبية» و «ضبط غريب الحديث» وغيرها انظر الأعلام: 9/ 60.
(1)
السيوطي جلال الدين، الإتقان: 2/ 270.
(2)
سورة النساء، الآية:95.
(3)
سورة النازعات، الآية:38.
(4)
سورة الحشر، الآية:9.
(5)
العسكري أبو هلال، الفروق في اللغة، ص/ 101.
وقد استعانت بالمنهج الاستقرائي الإحصائي وبالمقارنات، مما ساعدها على استنتاج موفّق مؤدّاه أن الفروق لا يمكن أن تمحى، وذلك منذ عام 1964 حين وضعت بحثا في «مشكلة الترادف اللغوي في ضوء التفسير البياني» ، وتقول:«شهد التّتبّع الدقيق لمعجم ألفاظ القرآن، واستقراء دلالتها في سياقها، بأن القرآن يستعمل اللفظ بدلالة محدودة، ولا يمكن معها أن يقوم لفظ مقام لفظ آخر» «1» .
ولم يكن لهذه الباحثة نظرات متفرقة في هذه الفكرة، فهي قوام دراستها التفسيرية لقصار السور في جزئي «التفسير البياني» ، ويمكن أن يعدّ كتاباها معجمين للفروق البيانية القرآنية، وقد فنّدت آراء القدامى، وذلك خلافا لما نجد في كتب كثير من المحدثين المتكئين في نفي الترادف على شذرات متفرقة من «الكشّاف» و «المثل السائر» خاصة، فدراستها تتسم بالجدة والأصالة، وكثيرا ما ظل غيرها في إسار التقليد من غير تحرّ لمادة البحث.
وعلى سبيل المثال نورد تفسيرها للآية: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ «2» تقول بعد العودة إلى الأصل المادي: «وتفترق الخشية عن الخوف، بأنها تكون عن يقين صادق بعظمة من نخشاه، كما يفترق الخشوع، بأننا لا نخشع إلا عن انفعال صادق بجلال من نخشع له، أما الخوف فيجوز أن يحدث عن تسلّط بالقهر والإرهاب، كما أن الخضوع قد يكون تكلّفا عن نفاق وخوف تقيّة ومداراة، والعرب تقول خشع قلبه، ولا تقول خضع قلبه إلا تجوّزا» «3» .
وأخيرا لا يعني ما تقدّم أننا ننفي- كليا- القول بالترادف، فعائشة تعود إلى شرط تعدد اللغات قائلة: «وإنما يشغلنا الترادف حين يقال بتعدّد الألفاظ للمعنى الواحد، دون أن يرجع هذا إلى تعدد اللغات، ودون أن يكون بين
(1) عبد الرحمن، د. عائشة، 1971، التفسير البياني، ط/ 1، دار المعارف، القاهرة: 1/ 7.
(2)
سورة يس، الآية:11.
(3)
عبد الرحمن، د. عائشة، الإعجاز البياني للقرآن، ص/ 229.
الألفاظ المقول بترادفها قرابة صوتية» «1» .
وعلى الرغم من هذه القرابة الصوتية، فهي لا تطبّقها في الفرق بين النّعمة والنّعيم، فقد وجدت في الأولى معنى النّعمة العامة لكل الناس، وفي الأخرى معنى الخير في اليوم الآخر، فيتخذ النعيم سمة إسلامية «2» .
نخلص مما سبق إلى أن خصوصية الانتقاء القرآني تدعونا إلى الإقرار بتفرّد كل كلمة بمعناها الخاص، مستندين إلى السياق القرآني، فإذا كان الترادف موجودا في اللغة، فهو بعيد عن تهذيب القرآن اللغوي، وتمكّن مفرداته من معانيها وظلالها الخاصة، وسوف يتضح هذا في تطبيق الدارسين: أسلافا ومعاصرين.
(1) الإعجاز البياني للقرآن، ص/ 194.
(2)
المصدر نفسه، ص/ 218.