الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْزٍ، فَتَكْفِي رُؤْيَتُهُ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ. وَخَرَجَ بِالسُّفْلَى وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ الْعُلْيَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ مَا فِي بَطْنِهِ. نَعَمْ إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ السُّفْلَى كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ، كَفَتْ رُؤْيَةُ الْعُلْيَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكْرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى لِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ، وَلِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَعْلَى لَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ.
وَيَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى وَإِنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ يُعَيِّنُ فِي الْمَجْلِسِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ أَوْ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ رَأَى قَبْلَ الْعَمَى شَيْئًا مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ قَبْلَ عَقْدِهِ صَحَّ عَقْدُهُ عَلَيْهِ كَالْبَصِيرِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْبَصِيرُ شَيْئًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ فِيهِ الْبَيْعُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَنَحْوِهِمَا فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.
فَصْلٌ: فِي الرِّبَا
وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةً الزِّيَادَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] أَيْ زَادَتْ وَنَمَتْ وَشَرْعًا نَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَبَّةُ رُمَّانَةٍ أَكَلَهَا، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ رُمَّانَةٌ تُلَقَّحُ إلَّا وَفِيهَا حَبَّةٌ مِنْ حَبِّ الْجَنَّةِ فَلَعَلَّهَا هَذِهِ.
قَالَ صَاحِبُ الْفِلَاحَةِ: تُؤْخَذُ رُمَّانَةٌ مِنْ شَجَرَةٍ وَتَعُدُّ حَبَّاتِهَا فَيَكُونُ عَدَدُ حَبَّاتِ رُمَّانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَعُدُّ شُرَافَاتِ قَمْعِ رُمَّانَةٍ فَإِنْ كَانَتْ زَوْجًا فَعَدَدُ حَبَّاتِهَا زَوْجٌ وَإِنْ كَانَتْ فَرْدًا فَعَدَدُ حَبَّاتِهَا فَرْدٌ. اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى) وَلَا يُرَدُّ الْقَوْلُ، فَإِنَّهُ قِشْرُ الْقَصَبِ الْأَعْلَى لَيْسَ سَاتِرًا لِجَمِيعِهِ فِي الْأَغْلَبِ فَيُرَى الْقَصَبُ مِنْ بَعْضِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ،. اهـ. سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَعْلَى إلَخْ) وَبِهِ فَارَقَ الْفُولَ الْأَخْضَرَ وَالْمُلَانَةَ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ مَعَهُمَا، مَدَابِغِيٌّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْفُولِ الْأَخْضَرِ بِقِشْرِهِ إنْ كَانَ يُؤْكَلُ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (سَلَمُ الْأَعْمَى) أَيْ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ أَنْ يُسْلَمَ إلَيْهِ، فَهُوَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدُ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ " سَلَمُ الْأَعْمَى " يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شَرْطَ الْعَاقِدِ لِلْبَيْعِ الْإِبْصَارُ، وَإِضَافَةُ سَلَمٍ إلَى الْأَعْمَى لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ السَّلَمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَعْمَى بِأَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهِ نَفْسَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) أَيْ الْأَشْيَاءَ لَا التَّمْيِيزُ الشَّرْعِيُّ.
قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ) وَهُوَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ " فِي ذِمَّتِهِ " صَوَابُهُ: فِي ذِمَّةٍ بِالتَّنْكِيرِ، لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ مُسْلَمًا إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ وَلَوْ بَصِيرًا لِيُوَافِقَ كَوْنَهُ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلَمًا إلَيْهِ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ: قَوْلُهُ " فِي ذِمَّتِهِ " قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَى عِوَضٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ مَعَ أَنَّهُ فَاقِدٌ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (يُعَيِّنُ فِي الْمَجْلِسِ) نَعْتُ عِوَضٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ يُقْبِضُ عَنْهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَقْبَضَ، وَقَوْلُهُ " يَقْبِضُ لَهُ " بِفَتْحِهَا مِنْ قَبَضَ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُمَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ مَسْتُورٌ بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ وَالْقُلْقَاسِ، نَعَمْ الْخَسُّ وَالْكُرُنْبُ يَصِحُّ بَيْعُهُمَا فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْهُمَا غَيْرُ مَقْصُودٍ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُرْمَى ق ل.
[فَصْلٌ فِي الرِّبَا]
وَهُوَ يَشْمَلُ الْمُعَيَّنَ وَمَا فِي الذِّمَّةِ؛ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ عَقِبَهُمَا. وَلَا يَقَعُ فِيهِ السَّلَمُ أَيْضًا فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِمَ ذَهَبًا فِي فِضَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَكَذَلِكَ فُولًا فِي قَمْحٍ وَعَكْسُهُ،. اهـ. ق ل. وَلِبَعْضِهِمْ: وَلَّى صَاحِبُ مَا كَانَ يَمْلِكُ دِرْهَمًا وَكَانَ فَقِيرَ الْحَالِ وَهُوَ تُرَابِيٌّ فَصَادَفَهُ مَالٌ فَأَضْحَى مُرَابِيًا فَقُلْت لَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ تُرَابِي قَوْلُهُ: (بِالْقَصْرِ) أَيْ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ أَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ، وَيُكْتَبُ بِهِمَا أَوْ بِالْيَاءِ ش م ر. قَالَ
غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا. وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ. (وَالرِّبَا حَرَامٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَلِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَيْضَاوِيُّ: وَإِنَّمَا كُتِبَ بِالْوَاوِ كَالصَّلَاةِ لِلتَّفْخِيمِ عَلَى لُغَةٍ، وَزِيدَتْ الْأَلِفُ بَعْدَهَا تَشْبِيهًا بِوَاوِ الْجَمْعِ اهـ؛ أَيْ وَالتَّفْخِيمُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ وَاوِيٌّ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْإِمَالَةِ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ بِوَاوٍ كَالصَّلَاةِ وَيُكْتَبُ بَعْدَ تِلْكَ الْوَاوِ أَلِفٌ، نَحْوُ قَالُوا.
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى رَسْمِ الْقُرْآنِ، أَمَّا رَسْمُهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُرْسَمُ إلَّا بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ، وَيَجُوزُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ عَلَى قِلَّةٍ. وَإِنَّمَا لَمْ يُرْسَمْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْقُرْآنِ لِخُرُوجِ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْقَوَاعِدِ، وَقَدْ قَالُوا: خَطَّانِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا: خَطُّ الْمُصْحَفِ وَخَطُّ الْعَرُوضِيِّينَ. وَيُثَنَّى بِالْوَاوِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْبَصْرِيِّينَ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِالْيَاءِ لِأَجْلِ كَسْرَةِ الرَّاءِ؛ وَلِهَذَا قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " الرِّبَا " بِالْإِمَالَةِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّفْخِيمِ أَيْ عَدَمِ الْإِمَالَةِ، قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَالْوَاوُ أَوْلَى لِأَنَّهَا الَّتِي فِي رَسْمِ الْمُصْحَفِ وَتُبْدَلُ بَاؤُهُ مِيمًا فَيُمَدُّ م د.
قَوْلُهُ: (اهْتَزَّتْ) أَيْ تَحَرَّكَتْ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْعًا إلَخْ) هَذَا ضَابِطٌ لِلرِّبَا الَّذِي تَعَاطِيهِ حَرَامٌ، فَإِنْ اخْتَلَّ قَيْدٌ مِنْ قُيُودِ التَّعْرِيفِ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ رِبًا.
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ " غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ " يَصْدُقُ بِالتَّفَاضُلِ فِي غَيْرِ مُتَّحِدِي الْجِنْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ إلَخْ " عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أَوْ كَانَ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ لَكِنْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَيَكُونُ خَاصًّا بِمُتَّحِدِي الْجِنْسِ مِنْ الرِّبَوِيِّ، فَيَخْرُجُ عِنْدَمَا لَوْ حَصَلَ تَأَخُّرُ الْقَبْضِ لِلْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ " أَيْ عَقْدٍ وَاقِعٍ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ وَاقِعٍ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ. فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الرِّبَوِيُّ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ " أَلْ " فِي الْبَدَلَيْنِ لِلْعَهْدِ أَيْ الرِّبَوِيَّيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: التَّعْرِيفُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ رِبَا الْفَضْلِ وَالثَّانِي رِبَا الْيَدِ. أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ " أَيْ قَبْضًا أَوْ اسْتِحْقَاقًا، فَيَصْدُقُ بِرِبَا النَّسَاءِ. وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ " عَقَدَ إلَخْ " هَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ، إذْ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ أَجَلًا الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ أَوْ لِلتَّبَرُّعِ بِالْإِقْبَاضِ مَعَ أَنَّ فِيهِ الرِّبَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ أَوْ تَأْخِيرِ نَفْسِ الْقَبْضِ اهـ. قَوْلُهُ:(مَخْصُوصٍ) وَهُوَ النَّقْلُ وَالْمَطْعُومُ.
قَوْلُهُ: (فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ) وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ. وَالتَّعْرِيفُ يَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: بِأَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ التَّمَاثُلِ، أَوْ مَعْلُومَ التَّفَاضُلِ، أَوْ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ لَا فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ كَقِنْطَارِ بُرٍّ بِقِنْطَارِ بُرٍّ. قَوْلُهُ:(أَوْ مَعَ تَأْخِيرِ) أَيْ أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرٍ أَيْ قَبْضًا، وَهُوَ رِبَا الْيَدِ، أَوْ اسْتِحْقَاقًا وَهُوَ رِبَا النَّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ. قَوْلُهُ: (رِبَا الْفَضْلِ) وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ، وَأَمَّا الْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ فَيَكُونَانِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمُخْتَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَرِبَا الْيَدِ) نُسِبَ إلَيْهَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ بِهَا أَصَالَةً.
قَوْلُهُ: (وَرِبَا النَّسَاءِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ، أَيْ الْأَجَلِ؛ بِمَعْنَى اشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ وَإِنْ قَصُرَتْ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ رِبَا الْقَرْضِ، كَأَنْ يُقْرِضَهُ مَقَاصِيصَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا دِيوَانِيَّةٌ. قَالَ عليه الصلاة والسلام:«كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا» وَيُمْكِنُ رَدُّهُ لِرِبَا الْفَضْلِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ اهـ ش فِي الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا» إلَخْ فَإِنْ قُلْت: الرِّبَا اسْمٌ لِلْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُؤْكَلُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى حَذْفِ
وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ» وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] يَعْنِي فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ. وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْفَصْلِ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي (الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ (وَ) فِي (الْمَطْعُومَاتِ) لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ بِالْمَطْعُومِ مَا قُصِدَ لِلطَّعْمِ اقْتِيَاتًا أَوْ تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا، كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُضَافٍ، التَّقْدِيرُ: آكِلُ مُتَعَلِّقِ الرِّبَا وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. وَاللَّعْنُ لُغَةً هُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ. وَاعْلَمْ أَنَّ لَعْنَ الْمُسْلِمِ الْمُعَيَّنِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا لَعْنُ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَالْمَعْرُوفِينَ كَقَوْلِك: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ، لَعَنْ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا لَعْنُ الْإِنْسَانِ بِعَيْنِهِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي كَيَهُودِيٍّ أَوْ آكِلِ الرِّبَا فَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، أَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَحْرِيمِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ. وَأَمَّا لَعْنُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادِ فَكُلُّهُ مَذْمُومٌ؛ عَلْقَمِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَشَاهِدَهُ) الَّذِي فِي مُسْلِمٍ: " وَشَاهِدَيْهِ " بِالتَّثْنِيَةِ، وَالْأَوَّلُ يَشْمَلُ الْحَاضِرَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ) أَيْ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ثُمَّ الْقَتْلُ ثُمَّ الزِّنَا ثُمَّ السَّرِقَةُ ثُمَّ شُرْبُ الْخَمْرِ ثُمَّ الرِّبَا وَالْغَصْبُ؛ مَدَابِغِيٌّ. وَكَوْنُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَهُوَ رِبَا الزِّيَادَةِ، وَأَمَّا الرِّبَا مِنْ أَجْلِ التَّأْخِيرِ أَوْ الْأَجْلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ مِنْ قَبِيلِ الصَّغَائِرِ كَمَا قَالَهُ ع ش، وَهُوَ أَيْ رِبَا الزِّيَادَةِ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ أَمْوَاتًا، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْذَنْ بِالْمُحَارَبَةِ إلَّا فِيهِمَا، قَالَ تَعَالَى:(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ) وَقَالَ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنَتْهُ بِالْحَرْبِ» . وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ أَنَّ أَكْلَ الرِّبَا وَالْإِيمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ الشَّخْصِ، أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] وَحُرْمَتُهُ تَعَبُّدِيَّةٌ، وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَضْيِيقِ الْأَثْمَانِ وَنَحْوُهُ حُكْمٌ لَا عِلَلٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِمْ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ إلَخْ وَهَذَا قِيَاسٌ وَهُوَ لَا يَدْخُلُ الْأُمُورَ التَّعَبُّدِيَّةَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي الْقِيَاسَ عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، عَنَانِيٌّ.
وَقَوْلُهُ " حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ " أَيْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقِيسُوا عَلَى جِنْسِ النَّقْدِ وَالْمَطْعُومِ جِنْسًا ثَالِثًا، وَقَاسُوا عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا يُقْتَاتُ، وَهَكَذَا. وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] . أَيْ فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ، بَرْمَاوِيٌّ. وَقَوْلُهُ " حُكْمٌ " هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحِكْمَةِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا، فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا. اهـ. سم وع ش عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.
قَوْلُهُ: (مَا قُصِدَ لِلطَّعْمِ) أَيْ قَصَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ أَيْ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْقَصْدَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ إرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى. وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا لِبَعْضِ أَصْفِيَائِهِ كَآدَمَ بِأَنَّ هَذَا لِلْآدَمِيِّينَ وَهَذَا لِلْبَهَائِمِ؛ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ قَصَدَ لِلْآدَمِيِّينَ مَثَلًا أَنْ يَكُونَ الْآدَمِيُّ يَقْصِدُهُ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهُ، وَهَذَا غَيْرُ التَّنَاوُلِ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى كَوْنِ الطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ مَقْصُودًا لِلْآدَمِيِّ؟ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ قَصْدًا لِلْآدَمِيِّ مَثَلًا أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ الْحِكْمَةِ الْأَزَلِيَّةِ أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لَمْ يَخْلُقْ هَذَا إلَّا لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ.
قَوْلُهُ: (اقْتِيَاتًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَوْ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ، أَيْ قَصْدَ تَقَوُّتِهِ؛ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَفَكُّهًا) أَيْ تَلَذُّذًا، وَمُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي م ر.
قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: كَمَا تُؤْخَذُ الثَّلَاثَةُ. وَالْكَافُ بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ، " وَمَا " مَصْدَرِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لِأَخْذِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ أَخْذِ بَعْضِ أَفْرَادِهَا بِالنَّصِّ وَالْبَعْضِ الْآخَرِ بِالْقِيَاسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً، فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ.
وَنَصَّ عَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ. فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالتِّينِ وَالزَّبِيبِ، وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمُصْطَكَى وَالزَّنْجَبِيلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُصْلِحُ الْغِذَاءَ أَوْ يُصْلِحُ الْبَدَنَ، فَإِنَّ الْأَغْذِيَةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ (مِثْلًا بِمِثْلٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِثْلًا مُقَابِلًا بِمِثْلٍ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ) تَوْكِيدٌ وَإِشَارَةٌ إلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ ح ل. وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الْمِثْلِيَّةِ إلَى الْمَكِيلِ وَالتَّسْوِيَةِ إلَى الْمَوْزُونِ؛ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (يَدًا بِيَدٍ) أَيْ مُقَابَضَةً، فَيَدًا بِيَدٍ حَالٌ مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ هُوَ الْمَجْرُورُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: يُبَاعُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ) أَيْ وَاتَّحَدَتْ عِلَّةُ الرِّبَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ مُقَابَضَةً) تَفْسِيرٌ لِمَجْمُوعِ يَدًا بِيَدٍ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ) زِيَادَةُ الْمِثَالِ الثَّانِي هُنَا لِدَفْعِ إرَادَةِ أَكْمَلِ الْأَقْوَاتِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبُرِّ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَالذُّرَةِ) وَالتُّرْمُسِ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بَعْدَ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ، وَأَظُنُّهُ يُتَدَاوَى بِهِ، وَمِثْلُهُ الْحُلْبَةُ فَإِنَّهُ يُتَدَاوَى بِهَا، أَمَّا الْخَضْرَاءُ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً، وَفِي الْحَدِيثِ:«لَوْ تَعْلَمُ أُمَّتِي مَا فِي الْحُلْبَةِ لَاشْتَرَوْهَا وَلَوْ بِوَزْنِهَا ذَهَبًا» كَمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْبَرَكَةِ. وَمِمَّا جُرِّبَ لِوَرَمِ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَوْ كَبُرَتْ وَنَفَرَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَحْمًا أَوْ رِيحًا أَوْ الرِّيحُ الْمَعْقُودُ تَأْخُذُ مِنْ الْحُلْبَةِ جُزْءًا وَمِنْ الْبَابُونَجِ جُزْءًا ثُمَّ تَغْلِيهِمَا مَعًا وَيَشْرَبُ الْعَلِيلُ مِنْهُ قَدْرَ فِنْجَانٍ ثُمَّ يَتَفَوَّرُ عَلَى الْبَاقِي فَإِنَّهُ جَيِّدٌ لِكُلِّ وَرَمٍ سَوَاءٌ كَانَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا، يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، مُجَرَّبٌ مِرَارًا بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَقَدْ جَرَّبْته بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَحَصَلَ الشِّفَاءُ. وَالْمَاءُ الْعَذْبُ رِبَوِيٌّ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] وَالْبُنُّ رِبَوِيٌّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، أَيْ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قِسْمِ مَا قُصِدَ بِهِ التَّدَاوِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّ أَوْ الْبَهَائِمِ أَوْ طُعْمِهِمَا مَعًا، فَاَلَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّ رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَوْ لَا؛ بَلْ قَالَ الَأُجْهُورِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادِيِّ: وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ الْآدَمِيُّونَ.
وَاَلَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْبَهَائِمِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الَّذِي قُصِدَ بِهِ طُعْمُهُمَا مَعًا فَإِنْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ أَوْ كَانَ أَكْلُهُ لَهُ وَالْبَهَائِمُ سَوَاءٌ فَهُوَ رِبَوِيٌّ، وَأَمَّا إذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَهُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ. وَالتَّفْصِيلُ فِي ذَلِكَ، أَيْ فِي مَعْرِفَةِ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قُصِدَ بِهِ طُعْمُ الْآدَمِيِّينَ أَوْ الْبَهَائِمِ، يُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ؛ شَيْخُنَا. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْقَوْلِ، فَقَالَ م ر: إنَّهُ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ يَغْلِبُ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ. وَحَمَلَهُ م ر عَلَى أَغْلَبِ الْبِلَادِ، قَالَ ع ش: فَيَكُونُ رِبَوِيًّا لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَيْسَتْ عَامَّةً.
قَوْلُهُ (وَالتَّأَدُّمُ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالتَّفَكُّهُ يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّي بِحَلْوَى.
قَوْلُهُ: (الْمِلْحِ) وَمِثْلُهُ النَّطْرُونُ، زِيَادِيٌّ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّطْرُونِ هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْإِصْلَاحُ، فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَيْ إصْلَاحٌ يُرَادُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَطْعُومِ مِنْ الِاقْتِيَاتِ وَالتَّفَكُّهِ وَالتَّأَدُّمِ وَالتَّدَاوِي، وَاَلَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْغِشِّ فِي الْبِضَاعَةِ الَّتِي يُضَافُ إلَيْهَا اهـ. وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَيْضًا أَنَّهُ رِبَوِيٌّ، أَيْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا قُصِدَ بِهِ التَّدَاوِي لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُتَدَاوَى بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ بَدَلَ قَوْلِهِ " أَوْ تَدَاوِيًا " بِأَنْ يَقُولَ: " أَوْ
تَحْفَظُ الصِّحَّةَ وَالْأَدْوِيَةُ تَرُدُّ الصِّحَّةَ. وَلَا رِبَا فِي حَبِّ الْكَتَّانِ وَدُهْنِهِ وَدُهْنِ السَّمَكِ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلطَّعْمِ، وَلَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمِ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ. أَمَّا إذَا كَانَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الرِّبَا فِيهِ، وَلَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ) عَيْنِ (الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَ) لَا بَيْعُ عَيْنِ (الْفِضَّةِ كَذَلِكَ) أَيْ بِالْفِضَّةِ (إلَّا) بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ (مُتَمَاثِلًا) أَيْ مُتَسَاوِيًا فِي الْقَدْرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ حَبَّةٍ وَلَا نَقْصِهَا. وَالثَّانِي كَوْنُهُ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا مِنْ غَيْرِ نَسِيئَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَالثَّالِثُ: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ التَّخَايُرِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. وَعِلَّةُ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جِنْسِيَّةُ الْأَثْمَانِ غَالِبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهُوَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْفُلُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ. وَاحْتُرِزَ بِغَالِبًا عَنْ الْفُلُوسِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إصْلَاحًا " لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِيمَا سَبَقَ بِالْجَامِعِ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمِلْحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ هُوَ الْإِصْلَاحُ لَا التَّدَاوِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّدَاوِي فِيمَا سَبَقَ ق ل لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(كَالْمُصْطَكَى) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَيُمَدُّ فِي الْفَتْحِ فَقَطْ: عِلْكٌ أَيْ مَعْلُوكٌ رُومِيٌّ أَبْيَضُ، نَافِعٌ لِلْمَعِدَةِ وَالْمَقْعَدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَالْكَبِدِ وَالسُّعَالِ شُرْبًا وَالنَّكْهَةُ وَاللِّثَةُ وَيُفَتِّقُ الشَّهْوَةَ وَيَفْتَحُ السُّدُدَ أَيْ الْعُقَدَ الَّتِي فِي الْمَعِدَةِ؛ وَالْأَوْلَى فِي اسْتِعْمَالِهَا فِي التَّدَاوِي شُرْبًا أَنْ تَغْلِيَ وَتُقْصَرَ عَلَى النَّارِ حَتَّى تَنْقُصَ الثُّلُثَ.
قَوْلُهُ: (وَالزَّنْجَبِيلِ) إذَا خُلِطَ بِرُطُوبَةِ كَبِدِ الْمَعْزِ وَجُفِّفَ وَسُحِقَ وَاكْتُحِلَ بِهِ أَزَالَ الْغِشَاوَةَ وَظُلْمَةَ الْبَصَرِ. اهـ. قَامُوسٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ إلَخْ) فِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ مَا يُصْلِحُ الْغِذَاءَ خَاصَّةً ق ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُصْلِحَ الْبَدَنَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ.
قَوْلُهُ: (تَحْفَظُ الصِّحَّةَ) أَيْ دَوَامُهَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا رِبَا فِي حَبِّ الْكَتَّانِ) وَهُوَ بِزْرُهُ، وَإِذَا أُكَلَ فَإِنَّهُ يُقَوِّي شَهْوَةَ الْجِمَاعِ؛ وَكَذَا الْجُمَّارُ كَمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الطِّبِّ. قَوْلُهُ:(وَدُهْنِهِ) وَهُوَ الزَّيْتُ الْحَارُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ بَلْ الْإِسْرَاجُ بِهِ. قَوْله: (أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا كَانَ مَوْضُوعًا لَهُمَا، وَكَذَا قَوْلُهُ " أَمَّا إذَا كَانَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَخْ ".
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) بَيَانُ الْإِطْلَاقِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (كَصِغَارِ السَّمَكِ) خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَ: أَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ اهـ. وَتَابَعَهُ سم فِي شَرْحِ الْكِتَابِ أج.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ حَيَاتِهِ بِبَقَاءِ رُوحِهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَيْنٍ) زَادَ لَفْظَ " عَيْنٍ " إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُمَاثَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ لَا بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَا أَثَرَ لِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: لَعَلَّ زِيَادَةَ " عَيْنٍ " لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْحِيلَةِ الْآتِيَةِ. وَقَالَ ق ل: اُنْظُرْ هَلْ لِزِيَادَةِ لَفْظِ عَيْنٍ حِكْمَةٌ أَوْ مُحْتَرَزٌ؟ رَاجِعْهُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ زِيَادَتَهَا مُضِرَّةٌ لِأَنَّهَا تُوهِمُ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (مُتَمَاثِلًا) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ يَعْلَمَهُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ح ل. وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ، وَالثَّالِثُ شَرْطٌ لِدَوَامِهَا. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ حَبَّةٍ) أَيْ مَا يُوَازِنُ حَبَّةً، أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَاشْتِمَالِ أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ عَلَى فِضَّةٍ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِيَتَفَطَّنَ لِدَقِيقَةٍ يَغْفُلُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا عُرِفَ مِمَّا تَقَرَّرَ بَيْعُ دِينَارٍ مَثَلًا فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ الْبَيْعُ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ امْتِنَاعُ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى النُّحَاسِ.
قَوْلُهُ: (فِي شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أج.
قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ كَوْنُهُ مَقْبُوضًا) . أَيْ حَقِيقَةً فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ، وَإِنْ حَصَلَ بِهَا قَبْضٌ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَهُ ح ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ التَّخَايُرِ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ.
قَوْلُهُ: (وَعِلَّةُ الرِّبَا إلَخْ) أَيْ حِكْمَتُهُ، فَلَا يُنَافِي كَوْنُ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الْأُمُورِ التَّعَبُّدِيَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ؛ وَإِنَّمَا كَانَ حِكْمَةً لَا عِلَّةً لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَالْحِكْمَةُ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا. وَعِبَارَةُ ق ل: لَوْ قَالَ " وَحِكْمَةُ الرِّبَا " لَكَانَ أَقْوَمَ، إذْ لَا رِبَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ غَلَبَتْ الثَّمَنِيَّةُ فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ عَزْوَهُ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ عُهْدَتِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، فَقَوْلُهُ " وَهِيَ
إذَا رَاجَتْ فَإِنَّهُ لَا رِبَا فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَلَا أَثَرَ لِقِيمَةِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ ذَهَبًا مَصُوغًا قِيمَتُهُ أَضْعَافُ الدَّنَانِيرِ اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ وَلَا نَظَرَ إلَى الْقِيمَةِ. وَالْحِيلَةُ فِي تَمْلِيكِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَبَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ، وَيَشْتَرِي مِنْهُ بِهَا أَوْ بِهِ الذَّهَبَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَتَخَايَرَا.
(وَلَا) يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ (بَيْعُ مَا ابْتَاعَهُ) وَلَا الْإِشْرَاكُ فِيهِ وَلَا التَّوْلِيَةُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) سَوَاءٌ كَانَ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَمْ لَا لِخَبَرِ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَبَيْعُهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ. فَلَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ. وَالْإِجَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ وَالصَّدَاقُ وَالْهِبَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُنْتَفِيَةٌ إلَخْ " مُضِرٌّ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ:(بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ) أَيْ أَعْلَاهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْحِيلَةُ فِي تَمْلِيكِ الرِّبَوِيِّ) وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا، خِلَافًا لِمَنْ حَصَرَ الْكَرَاهَةَ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ أج. وَمُحَرَّمَةٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، شَيْخُنَا. وَقَالَ:" فِي تَمْلِيكِ " وَلَمْ يَقُلْ: فِي بَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ. وَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْحِيلَةِ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْبُيُوعِ الْجَائِزَةِ. فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل. وَمِنْ الْحِيَلِ أَنْ يُقْرِضَ كُلٌّ صَاحِبَهُ مَا مَعَهُ ثُمَّ يَتَوَاهَبَا أَوْ يَهَبَ الْفَاضِلُ مَالِكَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ لِصَاحِبِهِ. وَقَوْلُهُ " يَشْتَرِي مِنْهُ " أَيْ مِنْ صَاحِبِهِ. وَقَوْلُهُ " بِهَا " أَيْ بِالدَّرَاهِمِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ بِهِ " أَيْ بِالْعَرْضِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّقَابُضِ) أَيْ إنْ كَانَ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ ثَانِيًا هُوَ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ ثَانِيًا بِجَعْلِهِ ثَمَنًا إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، أَمَّا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ ثَانِيًا بِغَيْرِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ الْمَذْكُورُ إنْ كَانَ عَرْضًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَخَذَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَخَايَرَا) أَيْ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِي إجَازَةٌ لِلْأَوَّلِ ق ل، فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لِخِيَارِ الثَّانِي لِأَنَّ الثَّانِي بِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَوَّلِ قَطَعَ خِيَارَ نَفْسِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَعَ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ.
قَوْلُهُ (وَلَا بَيْعَ مَا ابْتَاعَهُ) أَيْ اشْتَرَاهُ وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى مَبِيعٍ، وَسَوَاءٌ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ أَوْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي:" وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلِمِ فِيهِ إلَخْ " وَمَفْهُومُ مَا الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَبِيعِ وَهُوَ الثَّمَنُ سَيَأْتِي التَّفْصِيلُ فِيهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ " وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ " وَبِقَوْلِهِ " وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ ". وَالْبَيْعُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " مَا ابْتَاعَهُ " زَوَائِدُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا لِعَدَمِ ضَمَانِهَا، وَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وح ل وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَذَا بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَكَذَا بَيْعُ الْغَرَرِ دَخِيلَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ مَسَائِلِ الرِّبَا وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا.
قَوْلُهُ (وَلَا الْإِشْرَاكُ فِيهِ وَلَا التَّوْلِيَةُ) عَطْفُهُمَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ بِلَفْظِ خَاصٍّ، وَالْإِشْرَاكُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِأَنْ يَقُولَ: أَشْرَكْتُك فِيهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَالتَّوْلِيَةُ بَيْعُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً لِآخَرَ وَلَّيْتُك الْمَبِيعَ بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِجَمِيعِ مَا قَامَ عَلَيَّ بِهِ.
قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) رَاجِعٌ لَهُمَا.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ أَوْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، فَيُحْتَجُّ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا أَحْسِبُ) أَيْ لَا أَعْتَقِدُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ إلَّا مِثْلَهُ فِي مَنْعِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ: مَالُ الشَّخْصِ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِعَقْدٍ كَالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَالْمَهْرِ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُعَارِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَإِمَّا غَيْرَ مَضْمُونٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ وَلَا عَمَلٌ جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ تَحْتَ يَدِ الشَّرِيكِ أَوْ الْوَكِيلِ أَوْ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ وَالرَّهْنِ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ عَمَلٌ كَالْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ أَوْ صَبَّاغٍ أَوْ طَحَّانٍ فَإِنْ فَرَغَ وَدَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، مَيْدَانِيٌّ؛ فَلَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الْأُجْرَةَ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ " أَيْ إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَإِلَّا صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ زِيَادِيٌّ.
وَالْإِقْرَاضُ وَجَعْلُهُ عِوَضًا فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ، فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْبَيْعِ ضَعْفُ الْمِلْكِ، وَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا لِقُوَّتِهِ، وَضَعْفُ حَقِّ الْحَبْسِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْوَقْفِ كَالْعِتْقِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةٌ كَوَدِيعَةٍ وَمُشْتَرَكٍ وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَمَوْرُوثٍ وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَبَيْعُهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) وَمَحَلُّ مَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمُقَابِلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ، أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِعَيْنِ الْمُقَابِلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِجَارَةُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ سَائِرُ الْعُقُودِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ) أَيْ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَعِبَارَةُ م ر: " وَالصَّدَقَةُ " بَدَلُ الصَّدَاقِ، وَهِيَ أَوْلَى فَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ " وَجَعْلُهُ عِوَضًا فِي نِكَاحٍ ". وَيُمْكِنُ أَنَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ عِوَضًا عَنْ صَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَجُوزُ وَالصَّدَاقُ عَلَى حَالِهِ بِذِمَّتِهِ.
وَصُورَتُهُ: أَنْ يَجْعَلَ لِزَوْجَتِهِ صَدَاقًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَجْعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ الصَّدَاقِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَجَعَلَهُ عِوَضًا عَنْ مَهْرٍ مُسَمًّى فِي نِكَاحٍ وَالصَّدَاقُ فِي الْأُولَى صُورَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ؛ فَلَا تَكْرَارَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) كَالْعَارِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي مَنْعِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْإِعْتَاقُ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كَفَّارَتِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَلَى مَالٍ وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ.
قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَكَانَ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِمَا لَا يَصِحُّ وَلِمَا يَصِحُّ ق ل.
قَوْلُهُ: (حَقُّ الْحَبْسِ) بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ بِالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْوَقْفِ لَا بِالتَّزْوِيجِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَفْهُومِ الْمَتْنِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَسَيَأْتِي مُقَابِلُ الْمُعَيَّنِ فِي قَوْلِهِ: وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ إلَخْ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ فَتْحِهَا وَعَلَى الثَّانِي، فَ " مَا " مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا لَا يُضْمَنُ بِعَقْدٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْمَغْصُوبُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ضَمِنَ ضَمَانَ عَقْدٍ كَالْمَبِيعِ وَالصَّدَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَا ضَمِنَ ضَمَانَ يَدٍ كَمُعَارٍ وَمُسْتَامٍ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا كَمُودَعٍ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَمَعْنَى ضَمَانِ الْعَقْدِ الضَّمَانُ بِالْمُقَابَلِ كَالْمَبِيعِ يُضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَضَمَانُ الْيَدِ الضَّمَانُ بِالْبَدَلِ الشَّرْعِيِّ أَعْنِي الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْفِكَاكِهِ) أَوْ قَبْلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَمَوْرُوثٍ) أَيْ كَانَ لِلْمُوَرِّثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ مُوَرِّثِهِ وَالْمَوْرُوثُ لَيْسَ أَمَانَةً، فَالتَّمْثِيلُ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً وَإِلَّا صَحَّ. وَمِثْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَهَذَانِ مِنْ الْمُثَمَّنِ وَمِثْلُهُمَا مِنْ الثَّمَنِ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَالرِّبَوِيُّ الْمَبِيعُ بِرِبَوِيٍّ آخَرَ، وَمِثْلُهَا الْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ؛ فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ لَا يَجُوزُ فِيهَا الِاعْتِيَاضُ وَلَا الْبَيْعُ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ " أَيْ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَمَّا مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَكُونُ إقَالَةً. وَقَوْلُهُ " وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ " أَيْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ يُعَبِّرُونَ عَنْ الْبَيْعِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَلِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِبْدَالِ أَوْ الِاعْتِيَاضِ. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ " فِيهِ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ابْتَاعَهُ إلَخْ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى التَّكَلُّمِ عَلَى الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ: وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إلَخْ.
الثَّمَنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الصَّرْفَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ.
وَيَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِغَيْرِ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَأَنْ بَاعَ بَكْرٌ لِعَمْرٍو مِائَةً لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ الْبُطْلَانَ. أَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَمْ لَا لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ مِنْ أَرْضٍ وَشَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِتَخَلِّيهِ لِمُشْتَرٍ بِأَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمَهُ الْمِفْتَاحَ، وَبِتَفْرِيغِهِ مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ) وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ اسْتِبْدَالٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَيْ بِلَفْظِ صَرِيحٍ كَاسْتَبْدَلْتُ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِك بِكَذَا مَثَلًا أَوْ بِلَفْظِ كِنَايَةٍ كَاسْتَعْوَضْتُ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِك بِكَذَا مَثَلًا. وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِبْدَالُ بِعَيْنٍ أَوْ بِدَيْنٍ مُنْشَأٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، فَخَرَجَ الرِّبَوِيُّ وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ أَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ فَهُوَ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. فَقَوْلُهُ " وَالثَّمَنُ النَّقْدُ " أَيْ وَلَوْ دَخَلَتْ الْبَاءُ عَلَى غَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك دِينَارًا بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ، فَالثَّمَنُ هُوَ الدِّينَارُ.
قَوْلُهُ: (الثَّابِتِ) أَيْ بَعْدَ اللُّزُومِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَبْدَلَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ مُطْلَقًا، أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ مُتَّفِقِي عِلَّةِ الرِّبَا كَمَا قَالَهُ ز ي. قَوْلُهُ (اُشْتُرِطَ) لَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِيهِ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الِاسْتِبْدَالِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ) أَيْ الْبَدَلِ، اكْتِفَاءً بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ اللَّازِمِ لَهُ تَعْيِينُهُ. وَقَوْلُهُ " لِأَنَّ الصَّرْفَ " أَيْ الْعَقْدَ الْوَاقِعَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ " لِأَنَّ الصَّرْفَ أَيْ بَيْعَ النُّقُودِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ اهـ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي بِدِينَارٍ فِي ذِمَّتِك قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَبَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ يُسَمَّى صَرْفًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِصَرْفِ حُكْمِهِ عَنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَعِنْدِي أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الصَّرِيفِ وَهُوَ الْفِضَّةُ قَالَ الشَّاعِرُ
بَنَى غُدَانَةَ مَا إنْ أَنْتُمْ ذَهَبٌ
…
وَلَا صَرِيفٌ وَلَكِنْ أَنْتُمْ الْخَزَفُ
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مَلِيئًا مُقِرًّا، وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (كَبَيْعِهِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهِ الْمَذْكُورِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ق ل. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَمْ اخْتَلَفَا لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ إلَّا فِي مُتَّحِدِي الْعِلَّةِ، أَمَّا مُخْتَلِفُهَا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ فَقَطْ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ رَجَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ الْبُطْلَانَ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَيَّنَ لَيْسَ مَا فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ الثَّابِتُ قَبْلُ، كَأَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ دَيْنِهِ دَيْنًا آخَرَ كَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَزَيْدٌ لَهُ عَلَى بَكْرٍ دَيْنٌ فَاسْتَبْدَلَ مَا عَلَى عَمْرٍو بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى بَكْرٍ بِأَنْ يَأْخُذَ زَيْدٌ مَا عَلَى عَمْرٍو وَصَاحِبُ الدَّيْنِ يَأْخُذُ مَا عَلَى بَكْرٍ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الثَّابِتِ قَبْلَ بَيْعِ الدَّيْنِ بِدَيْنٍ مُنْشَأٍ فِي الذِّمَّةِ لَا ثَابِتٌ قَبْلُ، فَيَجُوزُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ.
قَوْلُهُ: (الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) بِالْهَمْزِ كَمَا ضَبَطَهُ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ، فَتْحُ الْبَارِي لِابْنِ حَجَرٍ عَلَى الْبُخَارِيِّ. وَهُوَ مِنْ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّيْنَ مَحْفُوظٌ فَكَيْفَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَاعِلِ وَالْقِيَاسُ اسْمُ الْمَفْعُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّهُ وَضَعَ الْأَوَّلَ مَوْضِعَ الثَّانِي مَجَازًا كَمَا فِي {مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] أَيْ مَدْفُوقٍ شَوْبَرِيٌّ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْمَكْلُوءُ أَيْ الْمَحْفُوظُ.
قَوْلُهُ: (وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ " حَتَّى يَقْبِضَهُ " فَكَأَنَّ سَائِلًا قَالَ لَهُ: وَمَا الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ؟ فَقَالَ:
مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ مِنْ سَفِينَةٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا بِنَقْلِهِ مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهِ.
وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْضٌ لَهُ وَلَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَبْضُ إلَخْ. وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ فِيهِ سِتُّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ " صَادِقٌ بِالْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ " وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ " كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي " فِيهِ صُورَتَانِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، وَبَقِيَ الْمَنْقُولُ وَغَيْرُهُ الْغَائِبَانِ اللَّذَانِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي وَحُكْمُهُمَا أَنَّ قَبْضَهُمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِمَا، وَيُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ أَوْ التَّخْلِيَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا نَقْلٌ وَلَا تَخْلِيَةٌ بِالْفِعْلِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَبْضِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى إذْنِ الْبَائِعِ فِي التَّصَرُّفِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَعَلَى تَفْرِيغِ كُلٍّ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى تَقْدِيرِ كُلٍّ إنْ كَانَ مُقَدَّرًا وَعَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ حِينِ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ. أَمَّا الْقَبْضُ النَّاقِلُ لِلضَّمَانِ عَنْ يَدِ الْبَائِعِ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَدَارُهُ عَلَى اسْتِيلَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ؛ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ؛ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَشْغُولًا أَوْ غَيْرَ مَشْغُولٍ، وَالْمَشْغُولُ إمَّا بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَثَمَرِ عَلَى شَجَرٍ قَبْلَ أَوَانِ الْجُدَادِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ: فَيُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ نَقَلَهُ. وَجَعَلَهُ م ر مِنْ غَيْرِ الْمَنْقُولِ مُطْلَقًا. قَوْله: (بِتَخْلِيَةٍ لِمُشْتَرٍ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّخْلِيَةِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، كَخَلَّيْتُ بَيْنَك وَبَيْنَهُ اهـ. وَإِلَّا فَيَسْتَقِلُّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ، شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُهُ الْمِفْتَاحَ) أَيْ إنْ كَانَ مُغْلَقًا وَكَانَ الْمِفْتَاحُ مَوْجُودًا، وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى أَمَاكِنَ لَهَا مَفَاتِيحُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَاكِنُ صَغِيرَةً كَالْخَزَائِنِ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَبِتَفْرِيغِهِ) أَيْ إنْ كَانَ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ، لِيَخْرُجَ مَا لَوْ بَاعَ شَجَرَةً عَلَى رَأْسِهَا ثَوْبٌ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهَا إزَالَةُ الثَّوْبِ عَنْهَا. وَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَنْقُولِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي السَّفِينَةِ، فَقَوْلُهُ فِيهِ بِنَقْلِهِ أَيْ مَعَ تَفْرِيغِهِ مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ كَالصُّنْدُوقِ، فَيَخْرُجُ مَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا عَلَى ظَهْرِهِ مَتَاعٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ وَضْعُهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(مِنْ مَتَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَحْدَهُ، فَيَشْمَلُ مَتَاعَ الْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ أَوْ مَتَاعَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْمُشْتَرِي. وَالْمُرَادُ بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي مَا كَانَ لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَلَوْ وَدِيعَةً وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي سَاكِنًا فِيهَا قَبْلَ الْبَيْعِ؛ وَقَالَ أج: قَوْلُهُ " مِنْ مَتَاعٍ إلَخْ " لِتَأَتِّي التَّفْرِيغِ هُنَا حَالًّا، وَبِهِ فَارَقَ قَبْضَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّرْعِ. وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ الْحَقِيرَ مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالْحَصِيرِ وَبَعْضِ الْمَاعُونِ، فَلَا يُقْدَحُ فِي التَّخْلِيَةِ وَلَوْ جُمِعَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ، فَإِنْ نُقِلَتْ مِنْهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْجَمِيعِ، اهـ شَرَحَ م ر.
قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي كُلِّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا.
قَوْلُهُ: (مِنْ سَفِينَةٍ) لَوْ حَذَفَهَا لَسَلِمَ مِنْ تَكْرَارِهَا فِيمَا سَيَأْتِي ق ل. قَوْلُهُ: (بِنَقْلِهِ) فَلَوْ تَحَوَّلَتْ الدَّابَّةُ مَثَلًا بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَكْفِ. وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ لَا يَكْفِي نَقْلُهُ عَلَى كَتِفِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي مَثَلًا إذَا كَانَ ثَقِيلًا إلَّا إنْ وَضَعَهُ عَلَى مَكَان، فَمَا دَامَ حَامِلُهُ عَلَى كَتِفِهِ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ. اهـ. سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ) وَكَذَا كُلُّ مَا يُعَدُّ ظَرْفًا كَصُنْدُوقٍ، وَقَوْلُهُ " الْمَشْحُونَةُ بِالْأَمْتِعَةِ " أَيْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ مِنْ يَدِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَكَثَوْبٍ لَبِسَهُ، فَهَذَا قَبْضٌ لَا نَقْلَ فِيهِ مِنْ مَكَانِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّقْلِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْخَفِيفِ لَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَنْقُولًا إلَّا إنْ وَضَعَهُ فِي مَكَان لِغَيْرِ الْبَائِعِ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَيَكْفِي إلَخْ " كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ: وَقَبْضُ مَنْقُولٍ بِنَقْلِهِ وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي الْمَنْقُولِ كَأَنْ بَاعَ نِصْفَ بَقَرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَنَصِيبُهُ مَضْمُونٌ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَالْقَرَارُ عَلَى
كَانَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا وَهُوَ حَاضِرٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ صَارَ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً اُشْتُرِطَ فِي قَبْضِهَا نَقَلَهَا كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ، وَلَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا لَمْ يَكْفِ. وَالسَّفِينَةُ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي الْكَبِيرَةِ فِي مَاءٍ تَسِيرُ بِهِ. أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فَيَكْفِي فِيهَا التَّخْلِيَةُ لِعُسْرِ النَّقْلِ.
فُرُوعٌ: لِلْمُشْتَرِي اسْتِقْلَالٌ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ حَلَّ أَوْ كَانَ حَالًّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَسَلَّمَ الْحَالَ لِمُسْتَحِقِّهِ
وَشَرْطٌ فِي قَبْضِ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا مَعَ مَا مَرَّ نَحْوُ ذَرْعٍ مِنْ كَيْلٍ وَوَزْنٍ وَلَوْ كَانَ لِبَكْرٍ طَعَامٌ مَثَلًا مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُشْتَرِي وَإِنْ جَهِلَ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، بِخِلَافِ نِصْفِ الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَحْتَاجُ فِي قَبْضِهِ إلَى إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ حُكْمِيَّةٌ وَعَلَى الْمَنْقُولِ حِسِّيَّةٌ، سم.
قَوْلُهُ: (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) أَيْ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْعَقْدَ لَا وَكِيلُهُ وَإِنْ بَاشَرَ، بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا، م ر. وَقَوْلُهُ " قَبْضٌ " أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَإِلَّا انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَإِتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ، وَتَلَفُهُ بِنَفْسِهِ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ لَهُ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ. وَمَحَلُّهُ، أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ إتْلَافِ الْمُشْتَرِي قَبْضًا، إذَا كَانَ الْإِتْلَافُ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إتْلَافُهُ لَهُ بِحَقٍّ كَصِيَالِ وُقُودٍ وَكَرِدَّةٍ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْقَبْضِ، فَخَرَجَ الصَّبِيُّ فَإِتْلَافُهُ غَيْرُ قَبْضٍ، بَلْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ. وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ بِأَنْ يَكُونَ مَا وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الْبَدَلِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ لِلْوَلِيِّ، كَأَنْ اشْتَرَى وَلِيُّ الصَّبِيِّ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فَإِنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ (قَبْضٌ لَهُ) وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ، كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ بِهِبَتِهِ ضَيْفًا فِي الظَّاهِرِ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ م د.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَضْمُونًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ مُعَارًا؛ وَقَوْلُهُ " وَهُوَ " أَيْ الْمَبِيعُ حَاضِرٌ.
قَوْلُهُ: (صَارَ مَقْبُوضًا) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ. وَمَحَلُّ كَوْنِهِ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى كَلَامِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَمْتِعَةٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيغِهَا بِالْفِعْلِ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَمُضِيُّ زَمَنِهِ كَمَا مَرَّ. اهـ. ق ل وم د. وَفِي قَوْلِهِ " وَإِلَّا فَمَضَى زَمَنُهُ " نَظَرٌ، وَكَذَا تَضْعِيفُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) أَيْ لَمْ يَكْفِ فِي قَبْضِ الصُّبْرَةِ بَقَاؤُهَا فِي مَكَانِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهَا، وَأَمَّا الْمَكَانُ فَيَحْصُلُ قَبْضُهُ بِالْعَقْدِ مَعَ التَّخْلِيَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِ لِأَنَّ الصُّبْرَةَ مِلْكُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَكَانِ. قَوْلُهُ:(فِي الصَّغِيرَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ إلَخْ) وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّ الْكَبِيرَةَ فِي الْبَحْرِ الَّتِي لَا تَنْجَرُّ بِالْجَرِّ كَالْكَبِيرَةِ فِي الْبَرِّ. وَمِثْلُ السَّفِينَةِ كُلُّ مَنْقُولٍ يُعَدُّ ظَرْفًا لِمَا هُوَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى دَابَّةً وَعَلَيْهَا أَمْتِعَةٌ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي لَا يُشْتَرَطُ تَفْرِيغُهَا،. اهـ. سُلْطَانٌ. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ عِنْدَ م ر أَنَّ الصَّغِيرَةَ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَاءٍ أَوْ لَا وَالْكَبِيرَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَاءٍ أَوْ لَا، فَتَكُونُ مِثْلَ الْعَقَارِ فَيَكْفِي فِيهَا التَّخْلِيَةُ وَتَفْرِيغُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي؛ فَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَفِي الْكَبِيرَةِ فِي مَاءٍ تَسِيرُ بِهِ " ضَعِيفٌ اهـ.
قَوْلُهُ (فُرُوعٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَسَلَّمَ الْحَالَّ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَ بَعْضَهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِقَبْضِهِ، فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَسْتَحِقُّ حَبْسَهُ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطٌ فِي قَبْضِ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا) كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ: بِعْتُكهَا بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ. ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَيَّالٍ مَثَلًا فَذَاكَ، وَإِلَّا نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ، فَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جُزَافًا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ؛ أَيْ ضَمَانُ يَدٍ.
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ م ر، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ إنْ تَلِفَ وَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا وَضَمَانُ عَقْدٍ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مُسْتَحَقًّا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ح ل: إنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ وَعَقْدٍ. وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ م ر وَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ كَأُجْرَةِ
كَعَشَرَةِ آصُعٍ وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ يَكْتَلْ لِعَمْرٍو لِيَكُونَ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ صَحِيحَيْنِ. وَيَكْفِي اسْتِدَامَتُهُ فِي نَحْوِ الْمِكْيَالِ. فَلَوْ قَالَ بَكْرٌ لِعَمْرٍو: اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ مَا لِي عَلَيْهِ لَك فَفَعَلَ فَسَدَ الْقَبْضُ لَهُ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ حَبْسُ عِوَضِهِ حَتَّى يَقْبِضَ مُقَابِلَهُ إنْ خَافَ فَوْتَهُ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ وَتَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ أُجْبِرَا إنْ عَيَّنَ الثَّمَنَ كَالْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أُجْبِرَ الْبَائِعُ، فَإِذَا سَلَّمَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَإِنْ أَعْسَرَ بِهِ فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ وَإِنْ أَيْسَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
إحْضَارِهِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأُجْرَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةُ نَقْدِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ عَيْبٍ بِهِ إنْ كَانَ لِيَرُدَّهُ م ر. وَلَوْ أَخْطَأَ الْكَيَّالُ وَمَا بَعْدَهُ ضَمِنَ بِخِلَافِ خَطَأِ النَّقَّادِ الْعَارِفِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ لَكِنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ، قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: إذَا كَانَ النَّقَّادُ غَيْرَ أَهْلٍ يَضْمَنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا الْقَبَّانِيُّ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُجْتَهِدٍ فَهُوَ مُقَصِّرٌ كَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْعَدَّادِ، أَمَّا لَوْ أَخْطَأَ نَاقِشُ الْقَبَّانِ وَهُوَ الْحَدِيدَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ س ل. وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَى م ر عَدَمَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاشِرٍ.
فَرْعٌ: الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ شَرَطَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْعَقْدُ، وَمِنْ ذَلِكَ: بِعْتُك مَثَلًا بِعَشَرَةٍ سَالِمًا، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْت؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " سَالِمًا " أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَيْك فَيَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا. اهـ. سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (مَعَ مَا مَرَّ) أَيْ النَّقْلُ فِي الْمَنْقُولِ. قَوْلُهُ: (وَوَزْنٍ) أَيْ وَعَدٍّ.
قَوْلُهُ: (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بَكْرٍ.
قَوْلُهُ: (فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ) أَيْ يَطْلُبُ أَنْ يُكَالَ لَهُ لَا أَنَّهُ يَكِيلُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ.
قَوْلُهُ: (فَسَدَ الْقَبْضُ لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو. وَأَمَّا قَبْضُهُ لِبَكْرٍ فَصَحِيحٌ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ زَيْدٍ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ) أَيْ لَوْ قُلْنَا حَصَلَا مَعًا؛ لِأَنَّ عَمْرًا يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ وَمُقْبِضًا لَهَا.
قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ حَالٌّ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَأَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ إلَخْ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ.
قَوْلُهُ: (حَبْسُ عِوَضِهِ) وَيَأْتِي فِيهِمَا مَا يَأْتِي مِنْ إجْبَارِ الْحَاكِمِ كُلًّا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) كَأَنْ يَبِيعَهُ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ) أَيْ فِيمَنْ يُسَلِّمُ أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ: لَا أُسَلِّمُ عِوَضِي حَتَّى يُسَلِّمَنِي عِوَضَهُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَالْمُرَادُ تَنَازَعَا بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلنِّزَاعِ لِتَمَكُّنِهِمَا مِنْ الْفَسْخِ.
قَوْلُهُ: (أُجْبِرَا) أَيْ بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ كُلًّا بِإِحْضَارِ عِوَضِهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى عَدْلٍ، فَإِنْ فَعَلَ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ،. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (إنْ عَيَّنَ الثَّمَنَ كَالْمَبِيعِ) أَيْ أَوْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ وَهُوَ حَالٌّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ فَيُجْبَرُ الْبَائِعُ وَيَجِيءُ فِي الْمُشْتَرِي الْأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ الَّتِي فِي الشَّرْحِ، وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ فَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَيَأْتِي فِي الْبَائِعِ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ. وَالْكَلَامُ فِيمَنْ بَاعَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْلِيمُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ الْحَالَّ، فَلَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا إجْبَارُهُمَا، وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَ نَائِبَانِ عَنْ الْغَيْرِ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ) أَيْ نَوْعُهُ الَّذِي يُقْبَضْ مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُسَمَّى ثَمَنًا إلَّا مَجَازًا؛ سُلْطَانٌ. وَالْمُرَادُ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ أَوْ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَعْسَرَ بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْهُ غَيْرُ الْمَبِيعِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ لَا تَفِي بِالثَّمَنِ، وَإِلَّا بِيعَ وَوَفَّى الثَّمَنَ مِنْهُ ح ل.
قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) أَيْ وَأَخْذُ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ حَجْرِ الْحَاكِمِ. وَقَوْلُهُ " بِالْفَلَسِ " أَيْ بِسَبَبِ الْفَلَسِ وَهُوَ الْإِعْسَارُ، وَلَا يُفْسَخُ إلَّا إنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَعْسَرَ) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ يَفِي بِالثَّمَنِ غَيْرَ الْمَبِيعِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ ح ل. قَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) بِأَنْ كَانَ دُونَهَا.
قَوْلُهُ: (حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا فَسْخَ أَيْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؛ وَهَذَا يُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْغَرِيبِ إذْ يُفَارِقُ حَجْرَ الْفَلَسِ فِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهِ
حَتَّى يُسَلِّمَ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ، فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجْرُ كَمَا مَرَّ. وَمَحَلُّ الْحَجْرِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ وَإِلَّا فَلَا حَجْرَ، وَأَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ أَيْضًا.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ اللَّحْمِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالشَّحْمِ وَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ وَالْكُلْيَةِ وَالطِّحَالِ وَالْأَلْيَةِ. (بِالْحَيَوَانِ) مِنْ جِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ مَأْكُولٍ، كَبَيْعِ لَحْمِ الْبَقَرِ بِالضَّأْنِ وَغَيْرِهِ كَبَيْعِ لَحْمِ ضَأْنٍ بِحِمَارٍ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ. أَمَّا بَيْعُ الْجِلْدِ بِالْحَيَوَانِ فَيَصِحُّ بَعْدَ دَبْغِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ) وَعَكْسُهُ (مُتَفَاضِلًا) أَيْ زَائِدًا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا. وَالثَّانِي: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا أَوْ تَخَايُرِهِمَا.
(وَكَذَا الْمَطْعُومَات) الْمُتَقَدِّمُ بَيَانُهَا (لَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّجِسِ مِنْهَا) أَيْ الْمَطْعُومَاتِ (بِمِثْلِهِ) سَوَاءٌ اتَّفَقَ نَوْعُهُ أَمْ اخْتَلَفَ (إلَّا) بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ (مُتَمَاثِلًا) وَالثَّانِي: كَوْنُهُ (نَقْدًا) وَالثَّالِثُ: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِ غَرِيمٍ وَلَا عَلَى فَكِّ قَاضٍ بَلْ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَا عَلَى نَقْصِ مَالِهِ عَنْ الْوَفَاءِ لِعُذْرِ الْبَائِعِ هُنَا حَيْثُ سَلَّمَ بِإِجْبَارِهِ الْحَاكِمَ. وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا اُعْتُبِرَ النَّقْصُ كَمَا فِي الْفَلَسِ وَفِي أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى مَمُونِهِ نَفَقَةَ مُوسِرٍ، وَلَا يَتَعَدَّى لِلْحَادِثِ، وَلَا يُبَاعُ فِيهِ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا، أَيْ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ سَعَةٌ، ز ي. قَوْلُهُ (فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا) وَإِنْ كَانَتْ أُلُوفًا وَالثَّمَنُ دِرْهَمًا؛ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يَفُوتُ حَقُّ الْبَائِعِ. وَقَوْلُهُ " كَانَ لَهُ الْفَسْخُ " أَيْ وَأَخْذُ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ، فَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرُ إلَى إحْضَارِ الْمَالِ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ الْفَسْخُ) وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجْرُ) أَيْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَالُ م ر.
فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ فَسَخَ لَا حَجْرَ أَوْ صَبْرَ، فَالْحَجْرُ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ نَفْيَ الْحَجْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ أج. وَهَذَا مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لِمَنْ ضَعَّفَهُ. قَوْلُهُ:(كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا حَتَّى يُسَلِّمَ الثَّمَنَ. وَقَوْلُهُ " وَمَحَلُّ الْحَجْرِ " فِي هَذَا، أَيْ قَوْلُهُ: فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجْرُ، وَقَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ، أَيْ قَوْلُهُ " حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ ".
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ حَضَرَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِرَهْنٍ وَلَا ضَامِنٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا وَخَافَ الْفَوَاتَ ح ل.
قَوْلُهُ: (فَلَا حَبْسَ أَيْضًا) هَلَّا حَذَفَ هَذَا وَتَكُونُ " لَوْ " غَايَةً،
قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ اللَّحْمِ) خَرَجَ بِهِ اللَّبَنُ وَالْبَيْضُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِالْحَيَوَانِ نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ كَبَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ وَبَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ لَمْ يَصِحَّ لِلرِّبَا، وَكَذَا بَيْعُ حَيَوَانٍ بِمِثْلِهِ فِيهِمَا لَبَنٌ كَبَقَرَةٍ بِمِثْلِهَا فِيهِمَا ذَلِكَ أَوْ فِيهِمَا بَيْضٌ كَدَجَاجَةٍ بِمِثْلِهَا فِيهِمَا ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ، سم مَعَ زِيَادَةٍ أج، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. قَالَ م د: وَاللَّحْمُ بِسُكُونِ الْحَاءِ وَتُحَرَّكُ، وَجَمْعُهُ لُحُومٌ وَلُحْمَانٌ بِالضَّمِّ لِحَامٌ بِالْكَسْرِ. قَوْلُهُ:(بِالْحَيَوَانِ) وَمِنْهُ السَّمَكُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ حَرَكَةٌ مَذْبُوحٌ.
قَوْلُهُ: (وَالْكَبِدِ) الْكَبِدُ بِوَزْنِ الْكَذِبِ وَاحِدُ الْأَكْبَادِ وَيُقَالُ كَبْدٌ بِوَزْنِ فَلْسٍ لِلتَّخْفِيفِ كَمَا يُقَالُ لِلْفَخِذِ فَخْذٌ بِالسُّكُونِ وَكَبِدُ السَّمَاءِ وَسَطُهَا وَالْكَبَدُ بِفَتْحَتَيْنِ الشِّدَّةُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] وَالْكُبَادُ بِالضَّمِّ وَجَعُ الْكَبِدِ. وَقَوْلُهُ " وَالْكُلْيَةِ " الْكُلْيَةُ وَالْكُلْوَةُ بِضَمِّ الْكَافِ فِيهِمَا مَعْرُوفَةٌ، وَلَا تَقُلْ كِلْوَةٌ بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ كُلُيَاتٌ.
وَقَوْلُهُ " وَالْأَلْيَةِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَلْيَةُ الشَّاةِ وَلَا تَقُلْ إلْيَةٌ بِالْكَسْرِ وَلَا لِيَّةٌ وَتَثْنِيَتُهَا أَلْيَانِ بِغَيْرِ تَاءٍ. اهـ. مُخْتَارٌ وَقَرَّرَهُ الْحِفْنِيُّ
وَجَمْعُهَا أَلَيَاتٌ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ اهـ مِصْبَاحٌ قَوْلُهُ (بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) أَيْ إذَا كَانَ جِلْدَ مَأْكُولٍ وَكَانَ الْجِلْدُ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَمَّا الَّذِي لَا يُمْكِنُ
تَفَرُّقِهِمَا أَوْ تَخَايُرِهِمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ، وَالْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ كَيْلًا وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْوَزْنِ، وَفِي الْمَوْزُونِ وَزْنًا وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْكَيْلِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَالِبُ عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ. وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ أَوْ كَانَ وَجُهِلَ حَالُهُ وَجُرْمُهُ كَالتَّمْرِ يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ فَالْوَزْنُ. وَلَوْ بَاعَ جُزَافًا نَقْدًا أَوْ طَعَامًا بِجِنْسِهِ تَخْمِينًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ. وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ لِلرِّبَوِيِّ حَالَ الْكَمَالِ، فَتُعْتَبَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَقْتَ الْجَفَافِ وَتَنْقِيَتِهَا، فَلَا يُبَاعُ رَطْبُ الْمَطْعُومَاتِ بِرَطْبِهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا. وَلَا بِجَافِّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا، وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ وَالْخُبْزِ بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُبُوبِ حَبًّا وَفِي حُبُوبِ الدُّهْنِ كَالسِّمْسِمِ بِكَسْرِ السِّينَيْنِ حَبًّا أَوْ دُهْنًا، وَفِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا أَوْ خَلَّ عِنَبٍ وَرُطَبٍ أَوْ عَصِيرِ ذَلِكَ، وَفِي اللَّبَنِ لَبَنًا أَوْ سَمْنًا خَالِصًا مُصَفًّى بِشَمْسٍ أَوْ نَارٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَزْنًا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا عَلَى النَّصِّ، فَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ بِالطَّبْخِ أَوْ الْقَلْيِ أَوْ الشَّيِّ، وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَكْلُهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ وَلَوْ قَبْلَ الدَّبْغِ
قَوْلُهُ: (أَوْ تَخَايُرِهِمَا) أَيْ إلْزَامُهُمَا الْعَقْدَ. وَ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ.
قَوْلُهُ: (الْحِجَازِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَقُرَاهَا.
قَوْلُهُ: (فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ حَيَاتِهِ، فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَجُهِلَ حَالُهُ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فِيهِ سَوَاءٌ أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلَا، وَقَوْلُهُ " كَالتَّمْرِ " أَيْ أَوْ دُونَهُ.
قَوْلُهُ: (يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْمَبِيعِ) أَيْ حَالَةَ الْبَيْعِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْأَغْلَبُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَغْلَبُ أُلْحِقَ بِالْأَكْثَرِ شَبَهًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَيْ الْأَكْثَرُ شَبَهًا جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ) كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ. وَقَوْلُهُ " فَالْوَزْنُ " إذْ لَمْ يُعْهَدُ الْكَيْلُ بِالْحِجَازِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(جُزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ م ر، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ اللُّطَفَاءِ: جِيمُ الْجُزَافِ جُزَافٌ وَالْقِيَاسُ كَسْرُهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ. " لِفَاعِلِ الْفِعَالِ وَالْمُفَاعَلَةِ ". قَوْلُهُ: (تَخْمِينًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ جُزَافًا بِغَيْرِ تَخْمِينٍ كَانَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ الدَّقِيقِ) لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِتَفَاوُتِ الدَّقِيقِ فِي النُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ وَالْخُبْزِ فِي تَأْثِيرِ النَّارِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ بِالنُّخَالَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالسَّوِيقُ هُوَ دَقِيقُ الشَّعِيرِ الْمُحَمَّصِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: السَّوِيقُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. قَوْلُهُ: (حَبًّا أَوْ دُهْنًا) أَيْ أَوْ كَسْبًا خَالِصًا مِنْ نَحْوِ مِلْحٍ وَدُهْنٍ. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ السِّمْسِمِ وَمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ أَنَّ السِّمْسِمَ وَالشَّيْرَجَ وَالْكُسْبَ الْخَالِصَ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ، وَكَذَا الشَّيْرَجُ بِالْكُسْبِ الْخَالِصِ مِنْ الدُّهْنِ وَلَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ، وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَبِالطَّحِينَةِ وَبِالْكُسْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُهْنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّحِينَةِ بِمِثْلِهَا وَلَا بِكُسْبٍ وَلَا بِالشَّيْرَجِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِمَا. فَصُوَرُهُ عَشْرَةٌ: أَرْبَعَةٌ صَحِيحَةٌ وَسِتَّةٌ بَاطِلَةٌ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشُّرَّاحِ؛ سم عَلَى حَجّ. وَالشَّيْرَجُ بِفَتْحِ الشِّينِ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر عَنْ الْمِصْبَاحِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي اللَّبَنِ) أَيْ فِي مَاهِيَّةِ هَذَا الْجِنْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى لَبَنٍ وَغَيْرِهِ شَرْحُ م ر، أَيْ لِيُنَاسِبَ قَوْلُهُ بَعْدُ: لَبَنًا أَوْ سَمْنًا، أَيْ حَالَ كَوْنِ اللَّبَنِ بَاقِيًا لَبَنًا بِحَالِهِ أَوْ صَائِرًا سَمْنًا.
قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ السَّمْنِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَائِعًا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّمْنِ الْوَزْنُ إنْ كَانَ جَامِدًا وَالْكَيْلُ إنْ كَانَ مَائِعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي اللَّبَنِ الْكَيْلُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْحَلِيبُ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يَغْلِ بِالنَّارِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (بِالطَّبْخِ) كَاللَّحْمِ، وَالْقَلْيِ كَالسِّمْسِمِ، وَالشَّيِّ كَالْبَيْضِ.
قَوْلُهُ: (كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ) مُيِّزَا بِالنَّارِ عَنْ الشَّمْعِ وَاللَّبَنِ، فَيُبَاعُ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضٍ حِينَئِذٍ لِأَنَّ نَارَ التَّمْيِيزِ لَطِيفَةٌ، أَمَّا قَبْلَ التَّمْيِيزِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَفَارَقَ بَيْعُ التَّمْرِ بِبَعْضِهِ وَفِيهِ نَوَاهُ بِأَنَّ النَّوَى غَيْرُ مَقْصُودٍ، بِخِلَافِ الشَّمْعِ فِي الْعَسَلِ فَاجْتِمَاعُهُمَا مُفْضٍ لِلْجَهَالَةِ شَرْحُ م ر. وَالْعَسَلُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، الْمُرَادُ بِهِ عَسَلُ النَّحْلِ وَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَسَلٌ مِنْ السُّكَّرِ وَغَيْرُهُ مَجَازٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِعَسَلِ النَّحْلِ مُتَفَاضِلًا. اهـ. دَمِيرِيٌّ.
(وَيَجُوزُ)(بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهَا) أَيْ الْمَطْعُومَاتِ (بِغَيْرِهِ) كَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ (مُتَفَاضِلًا) بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا.
وَالثَّانِي: كَوْنُهُ مَقْبُوضًا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا، أَوْ قَبْلَ تَخَايُرِهِمَا.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ) وَهُوَ غَيْرُ الْمَعْلُومِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ إلَّا إذَا كَانَ رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا كَالْأَرْضِ وَالْأَوَانِي وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْفَصْلِ قَبْلَ هَذَا. وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، فَفِي الْكِتَابِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَرَقَةً وَرَقَةً وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الطَّاقَاتِ، وَفِي الدَّارِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدْرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ وَكَذَا رُؤْيَةُ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ. وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ أَسَاسِ جُدْرَانِ الْبُسْتَانِ، وَلَا رُؤْيَةُ عُرُوقِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ رَأَى آلَةَ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا لَمْ يَكْفِ عَنْ رُؤْيَتِهَا كَمَا لَا يَكْفِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رَطْبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةٍ أُخْرَى. وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقِيقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ لَا اللِّسَانُ وَالْأَسْنَانُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ كُلِّهَا حَتَّى شَعَرِهَا، فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَلَا يُشْتَرَطُ إجْرَاؤُهَا لِيَعْرِفَ سَيْرَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ وَلَوْ لَمْ يُنْشَرْ مِثْلُهُ إلَّا عِنْدَ الْقَطْعِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ صَفِيقًا كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ وَبُسُطٍ، بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ كَكِرْبَاسٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَإِنْ حُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الصُّوفِ قَبْلَ الْجَزِّ أَوْ التَّذْكِيَةِ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ، فَإِنْ قَبَضَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَائِدَةٌ: سَمْنُ الْبَقَرِ إذَا شُرِبَ نَفَعَ مِنْ شُرْبِ السُّمِّ الْقَاتِلِ وَمِنْ لَدْغِ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَ تَخَايُرِهِمَا)" أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ الصِّحَاحِ فَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ الْأَلِفِ تَصْلِيحٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ) أَيْ الْبَيْعُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْغَرَرِ أَوْ بَيْعُ مَا فِيهِ الْغَرَرُ.
قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ. وَقَوْلُهُ " وَقَدْرُهُ وَصِفَتُهُ " فِيمَا فِي الذِّمَّةِ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ ".
قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا فِي شُرُوطِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضُ) أَيْ ذِي الْبَيَاضِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْأَصْفَرَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ:(مِنْ رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ) دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا. قَوْلُهُ: (عُرُوقِ الْأَشْجَارِ) أَيْ جُذُورِهَا وَنَحْوِهَا كَوَرَقِهَا مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (سَخْلَةً) أَيْ شَاةً صَغِيرَةً.
قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقِيقِ إلَخْ) وَظَاهِرُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ رُؤْيَةِ بَاطِنِ قَدَمِ الرَّقِيقِ وَحَافِرِ الدَّابَّةِ وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الْأَمَةِ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم.
قَوْلُهُ: (لَا اللِّسَانُ وَالْأَسْنَانُ) وَكَذَا بَاطِنُ الْقَدَمِ وَكَذَا حَافِرُ بَاطِنِ الدَّابَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَلَوْ قَالَ " وَاللِّسَانُ إلَخْ " لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ، فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْعَوْرَةِ؛ لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَيُوهِمُ اشْتِرَاطَ رُؤْيَتِهِمَا فَمَا صَنَعَهُ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ " يُشْتَرَطُ " وَقَالَ: فِي الدَّابَّةِ إلَخْ بِجَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ لَكِنَّ قَصْدَهُ الْإِيضَاحُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِكَافِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ إلَخْ) لَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ: حَتَّى شَعَرَهَا مَا عَدَا اللِّسَانَ وَالْأَسْنَانَ، لَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَكَانَ أَخْصَرَ.
قَوْلُهُ: (كَكِرْبَاسَ) ثَوْبٌ مِنْ الْقُطْنِ الْأَبْيَضِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ؛ لَكِنَّ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْجَزِّ أَوْ التَّذْكِيَةِ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: " أَوْ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهَا عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ اهـ
قِطْعَةً وَقَالَ: بِعْتُك هَذِهِ صَحَّ
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ لِجَهْلِ الْمَقْصُودِ كَنَحْوِ لَبَنٍ مَخْلُوطٍ بِنَحْوِ مَاءٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ وَالنِّدِّ صَحَّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَمِيعُهُمَا لَا الْمِسْكُ وَحْدَهُ.
وَلَوْ بَاعَ الْمِسْكَ فِي فَأْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهَا كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ فَإِنْ رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا أَوْ رَآهُ خَارِجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا جَازَ.
وَلَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، شَرَعَ فِي لُزُومِهِ وَجَوَازِهِ وَذَلِكَ بِسَبَبِ الْخِيَارِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ نَقْلُ الْمِلْكِ وَقَضِيَّةُ الْمِلْكِ التَّصَرُّفُ وَكِلَاهُمَا فَرْعُ اللُّزُومِ، إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ فِيهِ الْخِيَارَ رِفْقًا بِالْمُتَعَاقِدِينَ وَهُوَ نَوْعَانِ: خِيَارُ تَشَهٍّ، وَخِيَارُ نَقِيصَةٍ. فَخِيَارُ التَّشَهِّي مَا يَتَعَاطَاهُ الْمُتَعَاقِدَانِ بِاخْتِيَارِهِمَا وَشَهْوَتِهِمَا مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَرْحُومِيٌّ. أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الصُّوفِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْجَزِّ وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّذْكِيَةِ. أَمَّا بَعْدَ جَزِّهِ فَيَجُوزُ وَكَذَا بَعْدَ التَّذْكِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ بَعْدَهَا فَلَا يُخْلَطُ بِحَادِثٍ، وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: (اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرْكِيبِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ:(بِنَحْوِ لَبَنٍ مَخْلُوطٍ) مِثْلُهُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِعَظْمِهِ وَبَيْعُ الطَّحِينَةِ وَالْقِشْدَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ مُطْلَقًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ فِيهِ؛ قَالَهُ شَيْخُنَا قِيَاسًا وَعَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ وَالرَّمْلِيِّ. وَخَالَفَ شَيْخُنَا ع ش فَاعْتَمَدَ الصِّحَّةَ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ فَتَأَمَّلْ،. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاءَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ اللَّبَنِ بِخِلَافِ الشَّيْرَجِ مَعَ الْكُسْبِ وَاللَّبَنِ مَعَ الْقِشْدَةِ، وَكَذَا السَّمْنُ مَعَهَا، وَالْعَظْمُ مَعَ اللَّحْمِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً؛ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ.
قَوْلُهُ: (كَالْغَالِيَةِ) نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ مُرَكَّبٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ أَوْ عُودٌ وَكَافُورٌ، شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَالنَّدِّ) بِفَتْحِ النُّونِ، مُرَكَّبٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (فِي فَأْرَتِهِ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ، وَفَأْرَةُ الْبَيْتِ بِالْهَمْزِ لَا غَيْرُ، وَفَارَةُ النَّجَّارِ بِالْأَلِفِ لَا غَيْرُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَفَأْرَةُ الْبَيْتِ اهْمِزْنَهَا يَا فَتَى
…
هَمْزًا وَإِبْدَالًا لِغَيْرٍ أُثْبِتَا
قَوْلُهُ: (شَرَعَ فِي لُزُومِهِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةِ أَطْرَافٍ: الطَّرَفُ الْأَوَّلُ: فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ. الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي جَوَازِهِ وَلُزُومِهِ. الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِي حُكْمِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ. الطَّرَفُ الرَّابِعُ: فِي أَلْفَاظٍ تَتَأَثَّرُ بِالْقَرَائِنِ. الطَّرَفُ الْخَامِسُ: فِي التَّحَالُفِ وَمُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ؛ زِيَادِيٌّ. وَقَوْلُهُ " تَتَأَثَّرُ بِالْقَرَائِنِ " أَيْ وَتَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا كَبِعْتُكَ الْأَرْضَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ، إذْ مُسَمَّى الشَّجَرِ غَيْرُ مُسَمَّى الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ الْجَوَازُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ) أَيْ وَضْعُهُ اللُّزُومُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ " أَيْ فَالْخِيَارُ عَارِضٌ، لَكِنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ صَارَ كَاللَّازِمِ بِدَلِيلِ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِنَفْيِهِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ) أَيْ شَرْعًا وَعَقْلًا وَقَوْلُهُ التَّصَرُّفُ أَيْ حِلُّ التَّصَرُّفِ. وَقَوْلُهُ " وَكِلَاهُمَا فَرْعُ اللُّزُومِ " أَيْ عَقْلًا.
وَفِي كَوْنِ نَقْلِ الْمِلْكِ فَرْعَ اللُّزُومِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ نَقْلُ الْمِلْكِ التَّامِّ أَيْ الَّذِي لَا فَسْخَ بَعْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ:(إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، فَجَاءَ الشَّرْعُ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (خِيَارُ تَشَهٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ. أَيْ خِيَارٌ سَبَبُهُ الشَّهْوَةُ وَالْخِيرَةُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ. أَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَيَثْبُتُ قَهْرًا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَثْبُتُ أَصْلُهُ بِالشَّهْوَةِ وَهُوَ خِيَارُ الشَّرْطِ أَوْ دَوَامُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ بِاخْتِيَارِهِمَا، أَوْ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالشَّهْوَةِ هُوَ أَثَرُهُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ؛ وَهَذَا التَّقْدِيرُ يَجْرِي فِي قَوْلِهِ: مَا يَتَعَاطَاهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (نَقِيصَةٍ) أَيْ عَيْبٍ.
قَوْلُهُ: (مَا يَتَعَاطَاهُ الْمُتَعَاقِدَانِ) أَيْ يَتَعَاطَيَا نَفْسَهُ وَأَثَرُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَيَتَعَاطَيَا أَثَرَهُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (بِاخْتِيَارِهِمَا) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ يَثْبُتُ قَهْرًا حَتَّى لَوْ نَفَيَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ بِاخْتِيَارِهِمَا أَنَّ اسْتِمْرَارَهُ بِاخْتِيَارِهِمَا أَوْ أَنَّ أَثَرَهُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِاخْتِيَارِهِمَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى فَوَاتِ أَمْرٍ فِي الْمَبِيعِ وَسَبَبُهُ الْمَجْلِسُ أَوْ الشَّرْطُ. وَقَدْ بَدَأَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَالْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) بِبَدَنِهِمَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ يَخْتَارَا لُزُومَ الْعَقْدِ كَقَوْلِهِمَا: تَخَايَرْنَا، فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْخِيَارِ وَبَقِيَ الْحَقُّ فِيهِ لِلْآخَرِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ»
يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ بَيْعٍ وَإِنْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا كَشِرَاءِ بَعْضِهِ وَذَلِكَ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّارِحِ: مَا يَتَعَاطَاهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الشَّرْطُ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتَجَوَّزَ الْجَمْعُ.
قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مُتَعَلِّقٌ يَبْدَأُ، فَسَقَطَ مَا يُقَالُ إنَّ فِي كَلَامِهِ تَعَلُّقُ جَرٍّ فِي جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ) تَثْنِيَةُ مُتَبَايِعٍ بِمَعْنَى بَائِعٍ، وَالْمُرَادُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَهُوَ تَغْلِيبٌ. وَقَوْلُهُ " بِالْخِيَارِ " أَيْ مُلْتَبِسَانِ وَمَوْصُوفَانِ بِهِ، وَالْخِيَارُ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ الِاخْتِيَارِ بِمَعْنَى طَلَبِ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا)" مَا " مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ تَفَرُّقِهِمَا، وَالتَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ مَتَى فَارَقَ أَحَدُهُمَا مُخْتَارًا انْقَطَعَ خِيَارُهُمَا، بِخِلَافِ اخْتِيَارِ اللُّزُومِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا خِيَارُ مَنْ اخْتَارَ لُزُومَ الْعَقْدِ. وَقَوْلُهُ. " مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " وَيُزَادُ أَوْ " يَخْتَارَا لُزُومَ الْعَقْدِ أَوْ أَحَدُهُمَا " فَيَكُونُ الْمَتْنُ نَاقِصًا، أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّفَرُّقُ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا. وَخَرَجَ بِالْبَدَنِ فُرْقَةُ الرُّوحِ وَالْعَقْلِ، فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ يَخْلُفُ الْعَاقِدَ. وَارِثُهُ أَوْ وَلِيُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَخَرَجَ أَيْضًا تَفَرُّقُهُمَا بِالْمَكَانِ، كَأَنْ جَعَلَ الْمَكَانَ مَكَانَيْنِ بِإِرْخَاءِ سَاتِرٍ بَيْنَهُمَا أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي نَامُوسِيَّةٍ وَالْآخَرُ خَارِجَهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَكَانِ الْعَقْدِ، أَوْ كَأَنْ جُعِلَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ فِي وَسَطِ ذَلِكَ الْمَكَانِ.
قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِمَا) أَوْ بَدَنِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا. اهـ. سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ) الْمُرَادُ الْحَالَةُ الَّتِي كَانَا عَلَيْهَا حَالَةَ الْعَقْدِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ اضْطِجَاعٍ أَوْ مَشْيٍ، فَمَتَى انْفَصَلَا عَنْهَا عُرْفًا لَزِمَ الْبَيْعُ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) مَفْهُومَ قَوْلِهِ: أَوْ يَخْتَارَا.
قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ الْحَقُّ فِيهِ لِلْآخَرِ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ إلَى الْمُفَارَقَةِ أَوْ الِاخْتِيَارِ أَيْضًا. وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسْخَهُ قُدِّمَ الْفَسْخُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَةِ، لِأَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْفَسْخِ دُونَ الْإِجَازَةِ لِأَصَالَتِهَا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ) دَلِيلٌ لِلْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (الْبَيِّعَانِ) تَثْنِيَةُ بَيْعٍ بِمَعْنَى بَائِعٍ، وَيُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَأَنَّهُ بَاعَ الثَّمَنَ لِلْآخَرِ، لَكِنْ إذَا أُطْلِقَ الْبَائِعُ فَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ إلَى الذِّهْنِ بَاذِلُ السِّلْعَةِ فَيَكُونُ فِيهِ تَغْلِيبٌ عَلَى هَذَا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَغْلِيبَ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ خِيَارَهُمَا يَنْقَطِعُ إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا خِيَارُ الْقَائِلِ فَقَطْ وَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلْآخَرِ قَوْلُهُ:(أَوْ يَقُولَ) مَنْصُوبٌ بِتَقْدِيرِ: إلَّا أَنْ، أَوْ إلَى أَنْ. وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَجَزَمَهُ فَقَالَ: أَوْ يَقُلْ؛ قَالَهُ النَّوَوِيُّ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَنْصُوبٌ بِ " أَنْ " مُضْمَرَةٍ وَأَوْ بِمَعْنَى إلَّا أَوْ إلَى. قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ: الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لَهُمَا فِي مُدَّةِ انْتِفَاءِ التَّفَرُّقِ أَوْ مُدَّةِ انْتِفَاءِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ، فَيَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَإِنْ انْتَفَتْ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، وَثُبُوتُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْأُولَى بِأَنْ تَفَرَّقَا. وَيَتَخَلَّصُ مِنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ نَصْبُهُ بِأَنْ وَأَوْ بِمَعْنَى إلَّا أَوْ إلَى، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِ وَضْعِ اللُّغَةِ وَهُوَ أَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِانْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا قَالَهُ الرَّضِيُّ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِاسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ وَهُوَ أَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] أَيْ وَلَا كَفُورًا، فَالْعَطْفُ هُنَا ظَاهِرٌ؛ لَكِنْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْعَطْفَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ الْوَضْعِ فَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَاطِعٌ لِذَلِكَ سم مُلَخَّصًا. وَقَوْلُهُ " اسْتِعْمَالُ اللُّغَةِ " أَيْ اسْتِعْمَالُ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الِاسْتِعْمَالِ.
قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ بَيْعٍ) أَيْ فِي كُلِّ مَا يُسَمَّى بَيْعًا كَمَا يَأْتِي. وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ
وَتَوْلِيَةٍ وَتَشْرِيكٍ لَا فِي بَيْعِ عَبْدٍ مِنْهُ وَلَا فِي بَيْعٍ ضِمْنِيٍّ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا الْعِتْقُ، وَلَا فِي قِسْمَةِ غَيْرِ رَدٍّ وَلَا فِي حَوَالَةٍ، وَلَا فِي إبْرَاءٍ وَصُلْحِ حَطِيطَةٍ وَنِكَاحٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسَمَّى بَيْعًا لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ. أَمَّا الْهِبَةُ بِثَوَابٍ فَإِنَّهَا بَيْعٌ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ، وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ فَمَا يَعُدُّهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَحْضَةٍ وَاقِعَةٍ عَلَى عَيْنٍ لَازِمَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَيْسَ فِيهَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ وَلَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الرُّخَصِ. اهـ. ق ل. وَالْمَحْضَةُ هِيَ الَّتِي تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمُقَابِلِ، وَقَوْلُهُ " وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ " أَيْ أَوْ عَلَى مَنْفَعَةٍ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَبَيْعِ حَقِّ وَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ، فَخَرَجَ بِالْمُعَارَضَةِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ وَصُلْحُ الْحَطِيطَةِ لِأَنَّهُ فِي الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَفِي الْعَيْنِ هِبَةٌ، وَبِالْمَحْضَةِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَإِنَّهُمَا لَا يَفْسُدَانِ بِفَسَادِ الْمُقَابِلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَبِالْوَاقِعَةِ عَلَى الْعَيْنِ الْإِجَارَةُ، وَبِلَازِمَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالرَّهْنُ وَالْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ جَائِزَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْأَخِيرَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيمَا هُوَ جَائِزٌ وَلَوْ مِنْ جَانِبٍ، وَبِقَوْلِهِ " لَيْسَ فِيهَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ " الشُّفْعَةُ، وَبِمَا بَعْدَهُ الْحَوَالَةُ. وَانْظُرْ بَيْعَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ وَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ يَخْرُجَانِ بِأَيِّ قَيْدٍ؟ وَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُمَا بِالْأَخِيرِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي، مَدَابِغِيٌّ. وَقَوْلُهُ " لَا لِلْمُشْتَرِي " هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَوْقُوفٌ أَوْ قُلْنَا إنَّهُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَإِنَّ الْخِيَارَ لَهُمَا؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَيْ الْعِتْقَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ لَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ حَتَّى يَلْزَمَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، قَالَ اج: قَوْلُهُ " وَإِنْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا " أَيْ فَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ خِيَارُهُمَا أَوْ خِيَارُ الْبَائِعِ فَقَطْ،. اهـ. سم. أَيْ فَيَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ كَمَا قَالَهُ سم أَيْضًا. وَقَوْلُهُ " خِيَارُهُمَا " فَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ قَبْلَ خِيَارِ الْبَائِعِ، وَمَتَى أَجَازَ الْبَائِعُ عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي اهـ. وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ مَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (كَرِبَوِيٍّ) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ التَّشَهِّي، فَلَا يُقَالُ هُمَا أَيْ الْعِوَضَانِ فِي الرِّبَوِيِّ مُتَسَاوِيَانِ فَلَا أَحْسَنِيَّةَ حَتَّى يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِأَجْلِهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَحْسَنَ بِالنُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (لَا فِي بَيْعِ عَبْدٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ أَيْ لَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ. وَهَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " فِي كُلِّ بَيْعٍ " فَكَأَنَّهُ قَالَ " إلَّا فِي كَذَا ". وَقَوْلُهُ " وَلَا فِي قِسْمَةِ " مَفْهُومُ قَوْلِهِ " بَيْعِ " يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي مِمَّا لَا يُسَمَّى بَيْعًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا فِي قِسْمَةِ غَيْرِ رَدٍّ) أَيْ مِنْ إفْرَازٍ وَتَعْدِيلٍ، فَصُورَةُ الْإِفْرَازِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُتَسَاوِيَةُ الْأَجْزَاءِ شَرِكَةٌ فَقَسَمَاهَا فَلَا خِيَارَ فِيهَا. وَصُورَةُ التَّعْدِيلِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْضُ شَرِكَةٍ وَالْأَرْضُ فِيهَا تَفَاوُتٌ فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا ثُلُثًا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْنِ بِالتَّعْدِيلِ فَلَا خِيَارَ أَيْضًا. وَأَمَّا قِسْمَةُ الرَّدِّ كَأَنْ يَكُونَ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِئْرٌ أَوْ بُسْتَانٌ فَيُجْعَلُ لِلْآخَرِ فِي مُقَابَلَتِهِ دَرَاهِمُ فَفِيهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَتَأَمَّلْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْسُومَ إنْ تَسَاوَتْ الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ صُورَةً وَقِيمَةً فَهُوَ إفْرَازٌ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رَدِّ شَيْءٍ آخَرَ وَلَمْ تَتَسَاوَ الْأَنْصِبَاءُ فَالتَّعْدِيلُ وَإِلَّا فَالرَّدُّ. قَوْلُهُ (وَلَا فِي حَوَالَةٍ) وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا لِعَدَمِ تَبَادُرِهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ:(وَصُلْحِ حَطِيطَةٍ) بِأَنْ صَالَحَ مِنْ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى بَعْضِهِ وَهُوَ إبْرَاءٌ إنْ كَانَ فِي دَيْنٍ وَهِبَةٍ إنْ كَانَ فِي عَيْنٍ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِ عَلَى الْخَاصِّ. أَوْ أَرَادَ بِالْإِبْرَاءِ السَّابِقِ مَا لَيْسَ بِصُلْحٍ،. اهـ. سم. وَأَمَّا صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ كَأَنْ يُصَالِحَهُ، مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ فَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ.
قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٍ) أَيْ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ غَيْرُ مَحْضَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْهِبَةُ بِثَوَابٍ) أَيْ عِوَضٍ.
قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّفَرُّقُ اخْتِيَارِيًّا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّفَرُّقِ فَلَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ. وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ بَقِيَ خِيَارُهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ كَمَا إذَا غَصَبَ أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ الْعَقْدِ فَأُكْرِهَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ فَظَاهِرُ انْقِطَاعِ خِيَارِ الْآخَرِ، نَعَمْ إنْ خَرَجَ مَعَهُ بِحَيْثُ يُعَدَّانِ مُجْتَمِعَيْنِ فَظَاهِرُ بَقَاءِ خِيَارِهِمَا سم أج. وَلَوْ هَرَبَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ بَطَلَ خِيَارُهُ كَالْهَارِبِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ
النَّاسُ تَفَرُّقًا يَلْزَمُ بِهِ الْعَقْدُ وَمَا لَا فَلَا لِأَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ شَرْعًا وَلَا لُغَةً يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، فَلَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا كَمَا لَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَعْرَضَا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرِ إذَا ابْتَاعَ شَيْئًا فَارَقَ صَاحِبَهُ، فَلَوْ كَانَا فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ فَالتَّفَرُّقُ فِيهَا بِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الصَّحْنِ، أَوْ مِنْ الصَّحْنِ إلَى الصُّفَّةِ، أَوْ الْبَيْتِ. وَإِنْ كَانَا فِي سُوقٍ أَوْ صَحْرَاءَ فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا وَلَوْ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ سَمَاعِ خِطَابِهِ. وَإِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ أَوْ دَارٍ صَغِيرَةٍ فَبِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا مِنْهَا، وَلَوْ تَنَادَيَا بِالْبَيْعِ مِنْ بُعْدٍ ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ وَامْتَدَّ مَا لَمْ يُفَارِقْ أَحَدُهُمَا مَكَانَهُ، فَإِنَّهُ فَارَقَهُ وَوَصَلَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ الْآخَرُ مَعَهُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ عُدَّ تَفَرُّقًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ فِي الْأُولَى إلَى الْوَارِثِ وَلَوْ عَامًّا، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَى الْوَلِيِّ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ نَفَذَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فَبَلَغَ رَشِيدًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ الْخِيَارُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَيَبْقَى لِلْوَلِيِّ عَلَى الْأَوْجُهِ مِنْ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْبَحْرِ وَأَجْرَاهُمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّانِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (أَنْ يَشْرِطَا الْخِيَارَ لَهُمَا) أَوْ لِأَحَدِهِمَا، سَوَاءٌ أَشَرَطَا إيقَاعَ أَثَرِهِ مِنْهُمَا أَمْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ أَجْنَبِيٍّ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ أَشَرَطَا ذَلِكَ مِنْ وَاحِدٍ أَمْ مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا،
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْقَوْلِ مِنْ كَوْنِ الْهَارِبِ فَارَقَ مُخْتَارًا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (حَدٌّ) أَيْ ضَابِطٌ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَامَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: فَيَبْقَى وَلَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا أَوْ تَمَاشَيَا مَنَازِلَ.
قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا) وَإِنْ بَنَى جِدَارَ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِأَمْرِهِمَا أَوْ بِفِعْلِهِمَا، ق ل وسم.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ) وَلَوْ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا زَعَمَ نَسْخَهُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ جُلَّ عَمَلِهِمْ لَا يَثْبُتُ بِهِ نَسْخٌ كَمَا مَرَّ فِي الْأُصُولِ، خُصُوصًا وَابْنُ عُمَرَ مِنْ أَجَلِّهِمْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِ ش م ر وَحَجَرَ أج؛ أَيْ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ. وَنَسْخُ النَّصِّ لَا يَحْصُلُ بِالِاجْتِهَادِ وَإِنَّمَا يَنْسَخُهُ نَصٌّ آخَرُ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ.
قَوْلُهُ: (فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ) وَمِثْلُهَا السَّفِينَةُ الْكَبِيرَةُ.
قَوْلُهُ: (بِالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ) أَيْ كَقَاعَةٍ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (إلَى الصَّحْنِ) الصَّحْنُ كِنَايَةٌ عَنْ قَعْرِ الدَّارِ، وَالصُّفَّةُ كِنَايَةٌ عَنْ مِصْطَبَةٍ عَالِيَةٍ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ظَهْرَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَقَوْلُهُ " فَبِأَنْ يُوَلِّيَ إلَخْ " لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَهُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.
قَوْلُهُ: (وَيَمْشِي قَلِيلًا) أَيْ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ كَمَا نَقَلَهُ ح ل عَنْ الْأَنْوَارِ، وَمِثْلُهُ م ر وَقِ ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ) أَيْ صَغِيرَةٍ بِأَنْ تَنْجَرَّ بِجَرِّهِ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ كَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ ق ل، فَقَوْلُهُ " صَغِيرَةٍ " رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ السَّفِينَةِ وَالدَّارِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَارَقَهُ) أَيْ وَلَوْ إلَى جِهَةِ صَاحِبِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م د.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِبَدَنِهِمَا.
قَوْلُهُ: (إلَى الْوَارِثِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَيَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا بِمُفَارَقَةِ جَمِيعِهِمْ مَجْلِسَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ فَسَخَ بَعْضُهُمْ وَأَجَازَ الْبَاقُونَ قُدِّمَ الْفَسْخُ سم؛ أَيْ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا شُرِعَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفَسْخِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْفَاسِخُ أَقَلَّ مِنْ الْمُجِيزِ وَلَوْ وَاحِدًا، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَامًّا) أَيْ وَهُوَ الْإِمَامُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ وَلَمْ يَيْأَسْ مِنْ إفَاقَتِهِ م د؛ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي صُورَةِ الْإِغْمَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ، فَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ بِأَنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ إلَى الْوَلِيِّ؛ قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمَجْلِسِ عَادَ لَهُ الْخِيَارُ.
قَوْلُهُ: (نَفَذَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ لَهُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا: بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَشْتَرِطُ الْخِيَارَ أَصْلًا؛ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لَهُمَا) مُتَعَلِّقٌ بِيَشْرِطَا أَوْ بِالْخِيَارِ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ: أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ.
قَوْلُهُ:
وَلَيْسَ لِشَارِطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ خِيَارٌ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَلَيْسَ لِوَكِيلِ أَحَدِهِمَا شَرْطُهُ لِلْآخَرِ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَهُ شَرْطُهُ لِمُوَكِّلِهِ وَلِنَفْسِهِ. وَإِمَّا يَجُوزُ شَرْطُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُتَّصِلَةً بِالشَّرْطِ مُتَوَالِيَةً (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُطْلِقَ أَوْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ: مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَوَاءٌ أَشَرَطَا إيقَاعَ أَثَرِهِ إلَخْ) وَهُوَ الْإِجَازَةُ أَوْ الْفَسْخُ. وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ مَنْ شَرَطَ إيقَاعَ الْأَثَرِ مِنْهُ غَيْرُ مَنْ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ، وَهِيَ عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهِيَ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَيْهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ شَرَطَ إيقَاعَ الْأَثَرِ مِنْهُ هُوَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ أَشَرَطَا إيقَاعَ أَثَرِهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَلَا تَعَدُّدَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ اشْتِرَاطُ إيقَاعِ الْأَثَرِ إذْ هُوَ ثَمَرَتُهُ م د. قَوْلُهُ:(أَمْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ مُكَلَّفٍ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِشَارِطِهِ) أَيْ وُقُوعِ الْأَثَرِ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَثَرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجُوزُ شَرْطُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ. وَقَوْلُهُ " خِيَارٌ " أَيْ إيقَاعُ أَثَرِ خِيَارٍ، وَإِلَّا فَالْخِيَارُ لَهُ اتِّفَاقًا؛ وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَثَرُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ: وَسُئِلَ عَمَّنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ، هَلْ يُقَالُ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكِ كَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَيَأْتِي فِي قَبُولِهِ الْخِلَافَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: مُقْتَضَى تَصْرِيحِ الْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ وَوَالِدُ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَافِرٍ وَالْمَبِيعُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ مُحْرِمٌ وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ وَأَنَّ الشَّارِطَ لَوْ مَاتَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُ الْأَجْنَبِيِّ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَوْ كَانَ تَوْكِيلًا لَانْعَزَلَ بِالْعَزْلِ وَلَجَازَ شَرْطُهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُحْرِمًا فِي مُسْلِمٍ وَصَيْدٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي شِرَاءِ الْمُسْلِمِ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَالَ الْمَرْحُومِيُّ: وَيَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ إلَّا فِي رِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ وَفِيمَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمَبِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا يُخَافُ فَسَادُهُ مُدَّةَ الْخِيَارِ وَالْمُصَرَّاةِ إنْ شَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا اهـ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْلُبُهَا لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا وَالْبَائِعُ يَتْرُكُ حَلْبَهَا لِأَجْلِ التَّصْرِيَةِ وَتَرْكُهُ يَضُرُّهَا.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ) فَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِيهِ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَك فَاشْتَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ سم. قَوْلُهُ: (وَلِنَفْسِهِ) وَعَلَيْهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُوَكِّلُ سم.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَجُوزُ شَرْطُهُ) حَاصِلُ الشُّرُوطِ خَمْسَةٌ، أَوَّلُهَا التَّقْيِيدُ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ:(إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَتَدْخُلُ لَيَالِي الْأَيَّامِ الْمَشْرُوطَةِ سَوَاءٌ السَّابِقُ مِنْهَا عَلَى الْأَيَّامِ وَالْمُتَأَخِّرُ حَجّ. وَفِي شَرْحِ م ر: أَنَّ اللَّيْلَةَ الْأَخِيرَةَ لَا تَدْخُلُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ أَنَّ الشَّارِعَ نَصَّ عَلَى اللَّيَالِي فِيهِ دُونَ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ " مُدَّةً " وَهَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ الْخَمْسَةِ، وَمَتَى انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَهُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ، فَخَرَجَ مَا لَوْ أُطْلِقَ كَأَنْ قَالَ: حَتَّى أُشَاوِرَ. وَأَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً، فَخَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَيَّامًا. وَأَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِالشَّرْطِ، فَخَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا مِنْ الْغَدِ. وَأَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً، فَخَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ. وَأَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ، فَخَرَجَ مَا لَوْ زَادَتْ. فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْخِيَارِ إلَّا فِيمَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ وَلَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي ذَلِكَ؛ قَالَ م ر: وَإِنَّمَا بَطَلَ بِشَرْطِ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ يَسْتَلْزِمُ إسْقَاطَ بَعْضِ الثَّمَنِ فَيُؤَدِّي لِجَهْلِهِ اهـ. وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَعِبَارَتُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ. قَالَ ع ش: قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا، وَيُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُبْهَمٌ.
قَوْلُهُ: (ذَكَرَ الرَّجُلُ) بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ، فَالذَّاكِرُ هُوَ الرَّجُلُ بِدَلِيلِ مَا فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الدَّمِيرِيُّ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يَشْكُو إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ» ، وَاسْمُ الرَّجُلِ حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ
سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَجَعَلَ لَهُ عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَخِلَابَةٌ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَهُ: " لَا خِلَابَةَ " عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ حِينِ شَرْطِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَمْ فِي مَجْلِسِهِ.
وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارُ مِنْ الْغَدِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ.
وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ
وَالْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِمَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
م د عَلَى التَّحْرِيرِ. وَنَصُّهُ: وَذَلِكَ «أَنَّ شَخْصًا مِنْ الصَّحَابَةِ اسْمُهُ حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَكَا لَهُ فَقَالَ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» إلَخْ. وَمَعْنَى " لَا خِلَابَةَ " أَيْ لَا غَبْنَ وَلَا خَدِيعَةَ. وَصَارَ عُرْفًا عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ عَرَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ مَعْنَى ذَلِكَ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (يُخْدَعُ) أَيْ يُغْبَنُ، وَفِي الْمُخْتَارِ خَدَعَهُ غَبَنَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ وَبَابُهُ قَطَعَ اهـ.
قَوْلُهُ: (مَنْ بَايَعْت) أَيْ اشْتَرَيْت، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ابْتَعْتهَا، وَقَوْلُهُ:" ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إلَخْ " هَذَا كَالتَّفْسِيرِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا خِلَابَةَ ح ل. وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِاللَّيَالِيِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِهَا،. اهـ. بَرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ سِلْعَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: السِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ وَالْجَمْعُ سِلَعٌ كَسِدْرَةِ وَسِدَرٍ وَالسِّلْعَةُ الشَّجَّةُ وَالْجَمْعُ سَلَعَاتٍ كَسَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ وَلِبَعْضِهِمْ
وَسِلْعَةُ الْمَتَاعِ سِلْعَةُ الْجَسَدْ
…
كُلٌّ بِكَسْرِ السِّينِ هَكَذَا وَرَدْ
أَمَّا الَّتِي بِالْفَتْحِ فَهِيَ الشَّجَّهْ
…
كَذَاكَ فِي الْمِصْبَاحِ فَاحْفَظْ نَهْجَهْ
وَالسَّلْعَةُ بِفَتْحِ السِّينِ اسْمٌ لِمَا يُبَاعُ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْخُرَّاجِ كَالْغُدَّةِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَهِيَ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ.
قَوْلُهُ: (ابْتَعْتهَا) أَيْ اشْتَرَيْتهَا.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَ لَيَالٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُطَابِقُ الْمُدَّعِيَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَلَاثُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ.
قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ لَهُ عُهْدَةَ) أَيْ عَلَقَةً، أَيْ جَعَلَ لَهُ تَعَلُّقًا بِالْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي. وَيَجُوزُ تَنْوِينُ " عُهْدَةً " وَثَلَاثَةَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى هَذَا التَّعَلُّقِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْعُهْدَةُ الرَّجْعَةُ تَقُولُ لَا عُهْدَةَ أَيْ لَا رَجْعَةَ؛ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (الْغَبْنُ) أَيْ فِي الْأَصْلِ، وَقَوْلُهُ " وَالْخَدِيعَةُ " تَفْسِيرٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " مُتَّصِلَةً " وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا لَأَدَّى إلَخْ " مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ بُطْلَانُ غَيْرِ الْمُتَوَالِيَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ ح ل.
قَوْلُهُ: (إلَى جَوَازِهِ) أَيْ جَوَازِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ اللُّزُومِ مِنْ جِهَتِهِمَا، فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ فَقَدْ صَارَ جَائِزًا بَعْدَ لُزُومِهِ، شَوْبَرِيٌّ. وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا لِأَنَّ جَوَازَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَيْبِ لَا مِنْ جِهَتِهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ مَعَ تَوَابِعِهِ مِنْ فَوَائِدِهِ كَنُفُوذِ عِتْقٍ وَحِلِّ وَطْءٍ إلَخْ اهـ. شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ حَمَلَتْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ. ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَهُ يَأْخُذُهُ إذَا انْفَصَلَ وَكَذَلِكَ إذَا حَمَلَتْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَهُ يَأْخُذُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَوَائِدِ، وَهُوَ غَرِيبٌ فَلْيُحَرَّرْ. وَالْمُؤَنُ تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ فَهِيَ عَلَى مَنْ انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ، وَتَكُونُ عَلَيْهِمَا فِي حَالَةِ الْوَقْفِ، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا مَوَّنَهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إنْ انْفَسَخَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَمِثْلُهُ فِي م ر وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ إذْنِ الْآخَرِ أَوْ إشْهَادٍ. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ أَنَّ مَنْ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ وَالْمَالِكِ وَمَنْ يَشْهَدُ يَرْجِعُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ قَرِيبٌ ق ل؛ لَكِنَّهُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا أَنْفَقَ فِي زَمَنِ خِيَارِ غَيْرِهِ، وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَنْ أَنْفَقَ فِي زَمَنِ وَقْفِ الْمِلْكِ أَوْ يَرْجِعُ مُطْلَقًا؟ حَرِّرْ. ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: وَفِي حَالَةِ الْوَقْفِ يُطَالَبَانِ