المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الإقرار - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في الإقرار

الْوَكِيلُ بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضٍ مَا عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِوَكَالَتِهِ إنْكَارُ الْمُوَكِّلِ لَهَا، وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهُ إنْ صَدَّقَهُ فِي دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُحِقٌّ عِنْدَهُ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ بِهِ أَوْ أَنَّهُ وَارِثٌ لَهُ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُوصًى لَهُ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ.

‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

وَهُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81]

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ " يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ الشَّكِيَّةِ الْمَعْلُومَةِ، وَهُوَ مَا لَوْ اشْتَكَى شَخْصٌ شَخْصًا لِذِي شَوْكَةٍ وَغَرَّمَهُ مَالًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّاكِي، خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ) فَإِنْ رَجَعَ أَيْ الْمُحِيلُ وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحْتَالِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ، فَهُوَ أَيْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَظْلُومٌ بِإِنْكَارِ الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهُوَ الْمُحِيلُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَارِثٌ لَهُ) أَيْ مُسْتَغْرِقٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُوصًى لَهُ) بِأَنْ قَالَ: مَاتَ فُلَانٌ وَلَهُ عِنْدَك كَذَا وَأَنَا وَصِيُّهُ أَوْ أَوْصَى لِي بِهِ، ز ي. وَقَوْلُهُ " مِنْهُ " أَيْ مِنْ زَيْدٍ الْمَيِّتِ، وَلَوْ قَالَ " بِهِ " لَكَانَ أَوْضَحَ.

قَوْلُهُ: (لِاعْتِرَافِهِ) فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ لَيْسَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحْتَالِ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَهُ بِأَنَّ مَا قَبَضَهُ صَارَ لَهُ بِالْحَوَالَةِ وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ فِيمَا أَخَذَهُ كَمَا قَالَهُ س ل. وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ " لِاعْتِرَافِهِ إلَخْ " حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إذَا صَدَّقَهُ وَلَا يَجِبُ.

1 -

فَرْعٌ: وَكَّلَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ، سم. وَاعْتَمَدَ حَجّ فِي شَرْحِهِ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَمَنَعَ كَوْنَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ. وَقَوْلُ سم " لَمْ يَصِحَّ " أَيْ وَإِذَا فَعَلَ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمَدِينِ، ثُمَّ إنْ دَفَعَهُ لِلدَّائِنِ رَدَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ بَدَلَهُ، اهـ ع ش عَلَى م ر.

[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

لَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِيمَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ ذُكِرَ عَقِبَهَا، فَالْمُقَرُّ لَهُ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ وَالْمُقِرُّ شَبِيهٌ بِالْوَكِيلِ وَالْمُقَرُّ بِهِ شَبِيهٌ بِالْمُوَكَّلِ فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مَصْدَرُ أَقَرَّ، فَقَوْلُهُمْ مَأْخُوذٌ مِنْ " قَرَّ " بِمَعْنَى ثَبَتَ فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْفِعْلِ. وَقَوْلُهُ: لُغَةً الْإِثْبَاتُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ، أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ ق ل بِزِيَادَةٍ. وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ " الْمُنَاسِبُ إلَخْ " بِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِعْلُ الْمُقِرِّ فَيُنَاسِبُ تَفْسِيرَهُ بِالْإِثْبَاتِ لَا الثُّبُوتِ، وَعَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَخْذُ لَا الِاشْتِقَاقُ، وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَوْسَعُ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَكْثَرِ الْحُرُوفِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمِيعِهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَرَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابِ تَعِبَ. قَوْلُهُ: (بِحَقٍّ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ عِنْدَهُ لِيَشْمَلَ الْعَيْنَ. قَوْلُهُ: (فَشَهَادَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلْزَامٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَهُوَ حُكْمٌ. هَذَا إذَا كَانَ خَبَرًا خَاصًّا، فَإِنْ كَانَ عَامًّا فَإِنْ كَانَ عَنْ مَحْسُوسٍ فَرِوَايَةٌ، وَإِنْ كَانَ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَفَتْوَى اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ " عَنْ مَحْسُوسٍ " كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ عَنْ أَبْوَابِ الْحَرَمِ عِدَّتُهَا كَذَا.

قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى {أَأَقْرَرْتُمْ} [آل عمران: 81] إلَخْ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135]

ص: 142

أَيْ عَهْدِي {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ وَصِيغَةٌ وَمُقَرٌّ بِهِ

(وَالْمُقَرُّ بِهِ) مِنْ الْحُقُوقِ (ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا: (حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَطْعِ السَّرِقَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ، وَإِلَى مَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ. (وَ) الثَّانِي:(حَقُّ الْآدَمِيِّ) كَحَدِّ الْقَذْفِ لِشَخْصٍ. (فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) الَّذِي يَسْقُطُ بِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ. (يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ) لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الدَّرْءِ وَالسَّتْرِ؛ وَلِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم عَرَضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّك قَبَّلْت؟ لَعَلَّك لَمَسْت؟ أَبِكَ جُنُونٌ» وَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ وَلَا يَقُولَ لَهُ ارْجِعْ فَيَكُونُ آمِرًا لَهُ بِالْكَذِبِ. وَخَرَجَ بِالْإِقْرَارِ مَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ بِمَا لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهَا أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ فُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ.

قَوْلُهُ: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ» فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْغُدُوِّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ اذْهَبْ، وَسَبَبُهُ:«أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَسْأَلُك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَحْكُمَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَهُ؛ فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا بِذَلِكَ فَقَالَ الْأَوَّلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا أَيْ أَجِيرًا عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ أَيْ رَاعِيًا وَإِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ. فَقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ فَذَهَبَ إلَيْهَا أُنَيْسُ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمُوهَا» ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. وَأُنَيْسٌ هُوَ أُنَيْسُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ لَا أَنَسٌ خَادِمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَسْلَمِيٌّ وَالثَّانِيَ أَنْصَارِيٌّ. وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ النَّبِيُّ لِلْإِرْسَالِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُ أَنْ يُؤَمَّرَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا.

قَوْلُهُ: «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ» إلَخْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَّقَ رَجْمَهَا عَلَى الِاعْتِرَافِ وَالْقَتْلُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَغَيْرُهُ مِنْ الْأَمْوَالِ أَوْلَى بِالثُّبُوتِ أَفَادَهُ الْعَزِيزِيُّ. قَوْلُهُ:(عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ) وَلَوْ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا أَوْ كَاذِبًا وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةٌ) وَلَا يُشْتَرَطُ مُقِرٌّ عِنْدَهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ شَاهِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (إلَى مَا يَسْقُطُ) وَهُوَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَحَدِّ الزِّنَا، وَمَا لَا يَسْقُطُ هُوَ مَا تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ.

قَوْلُهُ: (بِالشُّبْهَةِ) أَيْ الطَّرِيقُ فِي سُقُوطِهِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّخْصَ يَرَى هَذَا الْأَمْرَ أَيْ الْحَدَّ لِلَّهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَفْوِ وَالْمُسَامَحَةِ وَعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ لِقُوَّةِ رَجَائِهِ فِي اللَّهِ وَالْأَوْلَى أَنْ تُفَسَّر الشُّبْهَةُ بِأَنَّهُ حَصَلَ لِلْقَاضِي بِرُجُوعِهِ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ صَادِقٌ فِي الْأَوَّل أَوْ فِي الثَّانِي، وَإِذَا كَانَ صَادِقًا فِي الْأَوَّلِ أَيْ الْإِقْرَارِ فَرُجُوعُهُ عَنْهُ لِقُوَّةِ رَجَائِهِ فِي اللَّهِ سبحانه وتعالى بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ.

قَوْلُهُ: (كَالزَّكَاةِ) كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ زَكَاةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ ثُمَّ رَجَعَ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يَسْقُطُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ يَصِحُّ فِيهِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ " الَّذِي يَسْقُطُ إلَخْ " فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَحِلِّ التَّقْيِيدِ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّقْيِيدُ. وَيُجَابُ عَنْ الْمَتْنِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِحَقِّ اللَّهِ حَقُّ اللَّهِ الْمَحْضُ وَمُرَادُهُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمَحْضُ أَوْ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَآدَمِيٍّ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ:(يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ) فَلَوْ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ حَدٍّ فَتَمَّمُوهُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ حِصَّةُ الْبَاقِي مِنْ الدِّيَةِ بِعَدَدِ الضَّرَبَاتِ. وَتَعْبِيرُهُ بِالصِّحَّةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَلَوْ رَجَعَ قَبْلَ الْحَدِّ فَحَدُّوهُ ضَمِنَ بِالدِّيَةِ لَا الْقَوَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِظَنِّهِمْ كَذِبَهُ فِي الرُّجُوعِ وَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ اهـ م د. وَقَوْلُهُ: لَا يُنَافِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ الْإِقْرَارِ بِالْمَرَّةِ وَالتَّوْبَةِ بَاطِنًا، وَكَذَا الشُّهُودُ يُنْدَبُ لَهُمْ عَدَمُ الشَّهَادَةِ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ بِنَحْوِ " كَذَبْت " أَوْ " رَجَعْت " أَوْ " مَا زَنَيْت " وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ: " كَذَبْت فِي رُجُوعِي ". وَقَبُولُ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ قَاذِفِهِ فَهُوَ بَاقٍ، فَلَا يَجِبُ بِرُجُوعِهِ بَلْ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ إقْرَارِهِ فِيهِ مِنْ عَدَمِ حَدِّهِ لِثُبُوتِ عَدَمِ إحْصَانِهِ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا قَوْلُهُ:(عَلَى الدَّرْءِ) أَيْ التَّرْكِ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ فَلَا عِبْرَةَ بِالرُّجُوعِ وَفِيهِ

ص: 143

يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (حَقُّ الْآدَمِيِّ) إذَا أَقَرَّ بِهِ (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ بِهِ، إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الْمُقَرِّ لَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ الْمُقِرِّ فَقَالَ: (وَتَفْتَقِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ) فِي الْمُقِرِّ (إلَى ثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: (الْبُلُوغُ) فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَنْ هُوَ دُونَ الْبُلُوغِ وَلَوْ كَانَ مُمَيِّزًا لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ، فَإِنْ ادَّعَى بُلُوغًا بِإِمْنَاءٍ مُمْكِنٍ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا لِأَنَّ يَمِينَ الصَّغِيرِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ. وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يُقْطَعُ فِيهَا بِبُلُوغِهِ قَالَ الْإِمَامُ: فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ، وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ. (وَ) الثَّانِي (الْعَقْلُ) فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِعُذْرٍ كَشُرْبِ دَوَاءٍ وَإِكْرَاهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ لِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِمْ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ السَّكْرَانِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ اُعْتُبِرَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْحُكْمُ مِنْ الْحَاكِمِ اهـ مَدَابِغِيٌّ. فَإِنْ اسْتَنَدَ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ اسْتَنَدَ لِلْبَيِّنَةِ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ، قَالَ الدَّارِمِيُّ: لَا يُقْطَعُ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا ثُمَّ قَالَ: لَا تَحُدُّونِي، فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ لِنَفْيِ الْحَدِّ احْتِمَالَانِ، قَالَ سم: وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ أَوْ هَرَبَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ لَكِنْ يُكَفُّ عَنْهُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ رَجَعَ فَلَا حَدَّ وَإِلَّا حُدَّ، فَإِنْ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ. قَالَ سم: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْإِقْرَارُ فَأَسْقَطَهُ بِالرُّجُوعِ جَازَ الْعَمَلُ بِالْبَيِّنَةِ بِشَرْطِهَا، وَقَدْ يَتَّجِهُ حَيْثُ لَمْ يُسْنِدْ الْحُكْمَ إلَى خُصُوصِ أَحَدِهِمَا اعْتِبَارُ الْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ لِقَبُولِ الرُّجُوعِ عَنْهُ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ فِيهِ أَقْوَى وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَالْمُسْتَنَدُ إلَيْهِ مُطْلَقًا اهـ.

قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى " فِي " فَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَالْحَدِّ يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ لَا لِلْمَهْرِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ رُجُوعِهِ بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ يَدِهِ لَا لِغُرْمِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ) نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الرُّجُوعِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَوْ ادَّعَى جَارِيَةً وَحُكِمَ لَهُ بِهَا بِيَمِينِهِ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَقَالَ: لَيْسَتْ لِي، وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ، لَمْ تَبْطُلْ الْحُرِّيَّةُ فِي الْأُولَى وَلَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا تُرَدُّ الْجَارِيَةُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (وَتَفْتَقِرُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ أَوْ الْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمُقِرِّ)" فِي " بِمَعْنَى " مِنْ " وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِصِحَّةٍ. قَوْلُهُ: (بِإِمْنَاءٍ) أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ فَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لِإِمْكَانِهَا وَسُهُولَتِهَا، فَلَوْ أَطْلَقَ دَعْوَى الْبُلُوغِ فَيُسْتَفْسَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعَقَّبَهُ م ر بِأَنَّهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَيُحْمَلُ عَلَى الْبُلُوغِ بِالْإِمْنَاءِ حَتَّى لَا يَتَوَقَّفَ عَلَى بَيِّنَةٍ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالْبَيِّنَةُ رَجُلَانِ، نَعَمْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِوِلَادَتِهِ يَوْمَ كَذَا قُبِلَتْ وَثَبَتَ بِهَا السِّنُّ تَبَعًا م ر.

قَوْلُهُ: (صُدِّقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْإِمْنَاءِ الْمُمْكِنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِمْنَاءِ الْمُمْكِنِ؛ وَمَحِلُّهُ فِيمَا لَا مُزَاحِمَةَ فِيهِ، أَمَّا مَا فِيهِ مُزَاحِمَةٌ كَطَلَبِ سَهْمِ الْمُغَازَاةِ فَيَحْلِفُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " صُدِّقَ " وَقَوْلُهُ " وَلِأَنَّهُ إلَخْ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَلَا يَحْلِفُ ".

قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ) أَيْ الْمُنَازَعَةِ فِي كَوْنِهِ بَلَغَ أَوْ لَا بِتَحَقُّقِ الْبُلُوغِ وَبِالْوُصُولِ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَا حَالَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ لِلْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا يُطْلَبُ إلْجَاؤُهُ إلَى الْكَذِبِ. قَوْلُهُ: (وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ) أَيْ فَتُصَدَّقُ وَلَا تَحْلِفُ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا فَادَّعَتْهُ فَلَا بُدَّ لِوُقُوعِهِ مِنْ تَحْلِيفِهَا إذَا اتَّهَمَهَا اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي حُكْمُ السَّكْرَانِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، أَيْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ:

ص: 144

إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ. (وَ) الثَّالِثُ (الِاخْتِيَارُ) فَلَا يَصِحُّ، وَيُمْكِنُ: إقْرَارُ مُكْرَهٍ بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا عَدَاهُ.

وَصُورَةُ إقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ، فَلَوْ ضُرِبَ لِيَصْدُقَ فِي الْقَضِيَّةِ فَأَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ. وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ. وَالْوُلَاةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَأْتِيهِمْ مَنْ يُتَّهَمُ بِسَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَيَضْرِبُونَهُ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ وَيُرَادُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ سَوَاءً أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ أَمْ بَعْدَهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَضُرِبَ ثَانِيًا انْتَهَى. وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ. (وَإِنْ كَانَ) بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَإِقْرَارِهِ (بِمَالٍ) أَوْ نِكَاحٍ (اُعْتُبِرَ فِيهِ) مَعَ مَا تَقَدَّمَ (شَرْطٌ رَابِعٌ) أَيْضًا (وَهُوَ الرُّشْدُ) فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ سَفِيهٍ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعَقْلُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ م ر، قَالَ سم: اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ، قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ فَلِلْقَاضِي إكْرَاهُهُ عَلَى الْبَيَانِ وَهُوَ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَصُورَةُ إقْرَارِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِإِقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ لَا أَنْ يَضْرِبَ لِيَصْدُقَ، فَإِنَّ هَذَا يُعْتَدُّ بِإِقْرَارِهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يُسْأَلَ فَلَا يُجِيبُ بِشَيْءٍ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، فَيُضْرَبُ حِينَئِذٍ لِيَتَكَلَّمَ بِالصِّدْقِ، فَإِذَا أَجَابَ بِشَيْءٍ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالْكَلَامُ فِي الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الضَّرْبُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا م د.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ) بَلْ يَكُونُ فِي عَدَمِهِ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ عِنْدِي مَا ادَّعَيْت بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ لَا الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ.

قَوْلُهُ: (وَيُرَادُ بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ وَبِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ أَيْ بِضَرْبِهِ. قَوْلُهُ: (الْإِقْرَارُ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ) فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ. وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْحَقِّ حَقِيقَتُهُ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالْوَاقِعِ فَأَخْبَرَ بِمَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ فَيُعْمَلُ بِهِ. وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا إكْرَاهٍ وَاخْتِيَارٍ قُدِّمَتْ الْأُولَى لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ، إلَّا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ زَالَ الْإِكْرَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ فَتَقَدَّمَ كَمَا فِي الْعُبَابِ، قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ. وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا وَقْتَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَحَبْسٍ وَتَرْسِيمٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَلَا بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. وَالتَّرْسِيمُ التَّضْيِيقُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ مَحِلٍّ إلَى الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءً أَقَرَّ إلَخْ) وَسَوَاءً أَضُرِبَ لِيُقِرَّ أَوْ لِيَصْدُقَ، فَمَحِلُّ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَادُ الْمُكْرِهِ طَلَبَ الْإِقْرَارِ بِمَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الضَّرْبُ إكْرَاهًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَامٌّ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَخَاصٌّ بِالْمَالِ، وَالشَّارِحُ صَرَفَهُ عَنْهُمَا فَزَادَ عَلَى الْمَالِ النِّكَاحَ وَخَصَّهُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ، فَلَوْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى. وَالْعُمُومُ مُرَادٌ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ الْمَالِيَّ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّشْدُ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنْ الْوَلِيِّ لِلْقَدْرِ الْمَدْفُوعِ وَالشَّخْصِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:(أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ.

قَوْلُهُ: (الرُّشْدُ) الْمُرَادُ بِهِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ، فَيَشْمَلُ الرَّشِيدَ حَقِيقَةً وَالسَّفِيهَ الْمُهْمَلَ وَهُوَ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ سَفِيهٍ) أَيْ سَوَاءً بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِمَالِهِ وَدَيْنِهِ أَوْ بَلَغَ مُصْلِحًا وَبَذَّرَ وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. (بِدَيْنٍ) أَيْ وَلَا بِعَيْنٍ، وَأَمَّا الْمُفْلِسُ فَيَصِحُّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي أَعْيَانِ مَالِهِ؛ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْمَنْهَجِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ أَيْ الْمُفْلِسِ بِعَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ اهـ.

وَقَالَ الْحَلَبِيُّ: أَمَّا الْمُفْلِسُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ. وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ دُونَ غَيْرِهَا اهـ. وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ: حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ

ص: 145

كَانَ صَادِقًا فِيهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ.

وَأَمَّا شُرُوطُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ، فَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ مُعَيَّنًا نَوْعَ تَعْيِينٍ بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبُ، فَلَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ: عَلَيَّ أَلْفٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقُ الْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُصَادِفُ مَحِلَّهُ وَصِدْقُهُ مُحْتَمَلٌ، وَبِهَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا عَقِبَ النِّكَاحِ لِغَيْرِهَا أَوْ الزَّوْجُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ عَقِبَ الْمُخَالَعَةِ لِغَيْرِهِ أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ عَقِبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ: عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ بِسَبَبِهَا لِفُلَانٍ كَذَا صَحَّ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا تَعَدِّيًا كَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِحَمْلِ هِنْدٍ. وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ وَبَاعَنِي بِهِ شَيْئًا وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

جِنَايَةً قُبِلَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُعَامَلَةً فَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ قُبِلَ أَيْضًا، وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ وَقُيِّدَ بِمُعَامَلَةٍ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا رُوجِعَ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْوُجُوبَ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا جِنَايَةٍ وَلَا بِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا بَعْدَهُ رُوجِعَ أَيْضًا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لَمْ يُقْبَلْ اهـ. وَقَوْلُهُ " فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ " بِخِلَافِهِ فِي حَقِّهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ يَصِحُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا م ر وز ي؛ أَيْ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ وَمَا لَا فَلَا، لَكِنَّ الْغُرْمَ لَازِمٌ لَهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ بَلْ مِنْ جِهَةِ خِطَابِ الْوَضْعِ كَالصَّبِيِّ فَتَفْرِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْإِقْرَارِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ يَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمَالِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِإِقْرَارِهِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ لِأَجْلِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَخْرَجِ وَالْمَخْرَجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالْخُرُوجِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ جَعْلَهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً أَوْلَى. قَوْلُهُ:(بِمُوجِبٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بِشَيْءٍ يُوجِبُ عُقُوبَةً كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ. وَقَوْلُهُ " كَحَدٍّ " مِثَالٌ لِلْعُقُوبَةِ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ) أَيْ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّشْدِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ابْتِدَاءً لِئَلَّا يُرَدَّ وُجُوبُ الْمَالِ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَالِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ.

قَوْلُهُ: (نَوْعَ تَعْيِينٍ) أَيْ وَلَوْ نَوْعَ تَعْيِينٍ، فَدَخَلَ قَوْلُهُ " عَلَيَّ مَالٌ " لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا الْمُرَادُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقِرُّ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نَوْعُ تَعْيِينٍ خَاصٍّ بِحَالَةٍ وَهِيَ تَوَقُّعُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبِ مِنْهُ، فَلِذَا خَرَجَ قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَيَّ أَلْفٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَعْيِينٍ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: مُعَيَّنًا تَعْيِينًا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ طَلَبٌ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) إلَّا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ، حَجّ شَوْبَرِيٌّ وم ر. فَيَصِحُّ وَيُعَيِّنُ مَنْ أَرَادَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِقْرَارُ حِينَئِذٍ يُصَادِفُ مَحِلَّهُ.

قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ مُحْتَمِلٌ جُمْلَةً حَالِيَّةً، فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْعِلَّةِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ فِي الْمُقِرِّ وَهُوَ كَوْنُ صِدْقِهِ مُحْتَمَلًا، فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ لَمْ يَصِحَّ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ؛ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا مِنْ شُرُوطِ الْمُقِرِّ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ ذَكَرَ مُحْتَرَزَ الشَّرْطِ الزَّائِدِ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَرَزَ الشَّرْطِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا يَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ " وَصِدْقُهُ مُحْتَمَلٌ " أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ احْتِمَالُ صِدْقِهِ، فَلَوْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَسَمُّحًا مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: ذِكْرُهُ هَذَا الْحُكْمَ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ، وَالثَّانِي: ذِكْرُهُ فِي مُعْرِضِ شُرُوطِ الْمُقَرِّ لَهُ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ شُرُوطِ الْمُقِرِّ كَمَا عَلِمْت.

قَوْلُهُ: (عَقِبَ النِّكَاحِ) أَيْ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبُولِ بِلَحْظَةٍ كَانَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الضَّيِّقِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ الزَّوْجِ إلَيْهَا وَمِنْهَا لِغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ، وَيَنْبَغِي فَرْضُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَمْلُوكَةِ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِخَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِمَقْبَرَةٍ أَيْ لِأَهْلِهَا، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ وُقِفَ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ ز ي أج. قَوْلُهُ:(لِفُلَانٍ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهَا أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ) أَيْ وَكَذَا الْإِقْرَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ:

ص: 146

تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ لَغْوٌ ضَعِيفٌ. وَمِنْهَا عَدَمُ تَكْذِيبِهِ لِلْمُقِرِّ فَلَوْ كَذَّبَهُ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَسَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَةِ الْإِنْكَارِ حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ التَّكْذِيبِ قَبْلَ رُجُوعِهِ سَوَاءً أَقَالَ غَلِطْت فِي الْإِقْرَارِ أَمْ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ التَّكْذِيبِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَا يُعْطَى إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ.

وَأَمَّا شُرُوطُ الصِّيغَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ، وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَقَوْلِهِ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا. أَمَّا لَوْ حَذَفَ " عَلَيَّ " أَوْ " عِنْدِي " لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا كَهَذَا الثَّوْبُ فَيَكُونُ إقْرَارًا وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ، وَمَعِي أَوْ عِنْدِي لِلْعَيْنِ. وَجَوَابُ لِي عَلَيْك أَلْفٌ أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ بِبَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهَا أَوْ نَحْوُهَا كَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ، إقْرَارٌ كَجَوَابِ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَيْك بِنَعَمْ، أَوْ بِقَوْلِهِ أَقْضِي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا أَوْ نَحْوَهَا كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ لَا جَوَابُ ذَلِكَ بِزِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك أَوْ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ أُقِرُّ بِهِ أَوْ نَحْوَهَا كَهِيَ صِحَاحٌ أَوْ رُومِيَّةٌ، فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ أَسْنَدَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَمَا وَقَعَ) مُبْتَدَأً، وَقَوْلُهُ " ضَعِيفٌ " خَبَرٌ. وَقَوْلُهُ " مِنْ أَنَّهُ " بَيَانٌ لِمَا أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ " لَغْوٌ " خَبَرُ " أَنَّ " وَإِذَا أَسْنَدَهُ إلَخْ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ لَغْوٌ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(ضَعِيفٌ) هُوَ الضَّعِيفُ، فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَغْوٌ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَالَهُ سم.

قَوْلُهُ: (تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَمْ يُطَالَبْ بِهِ إنْ كَانَ دَيْنًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ رَجَعَ) أَيْ الْمُقِرُّ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا حَاجَةَ لِهَذَا لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ بِمُعَارَضَةِ الْإِنْكَارِ اهـ، وَهَذَا ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا لَوْ حَذَفَ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِهِمَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ مُسْقِطًا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِعَيْنٍ كَمَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ الْعَيْنُ فَقَالَ: كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلِبَعْضِهِمْ:

عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ

مَعِي وَعِنْدِي يَا فَتَى لِلْعَيْنِ

وَقِبَلِي إنْ قُلْته فَمُحْتَمِلْ

لِلدَّيْنِ مَعَ عَيْنٍ كَمَا عَنْهُمْ نُقِلْ

قَوْلُهُ: (بِبَلَى أَوْ نَعَمْ) وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقٌ لِلنَّفْيِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ، بِخِلَافِ " بَلَى " فَإِنَّهَا رَدٌّ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي آيَةِ:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا نَعَمْ لَكَفَرُوا. وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ وَنَحْوَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ اللَّفْظِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ شَرْحُ م ر، وَلِبَعْضِهِمْ:

بَلَى تُقَرِّرُ الِاسْتِفْهَامَ مِثْلَ نَعَمْ

لَكِنْ جَوَابُ بَلَى فِي النَّفْيِ إثْبَاتُ

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهَا) كَمُرَادِفِ نَعَمْ وَهُوَ جَيْرَ وَأَجَلْ وَإِي اهـ ز ي.

قَوْلُهُ: (كَجَوَابِ اقْضِ الْأَلْفَ إلَخْ) جَعَلَ هَذِهِ مُشَبَّهَةً بِمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهَا كَأَنْ يَقُولَ: وَاقْضِ الْأَلْفَ إلَخْ لِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا، وَمَا قَبْلَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ عَشْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَنَا مُقِرٌّ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْإِقْرَارِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا الْخَامِسِ وَالسَّادِسِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَلَيْسَ إقْرَارًا بَلْ مَا عَدَا الْخَامِسَ وَالسَّادِسَ لَيْسَ إقْرَارًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَالْخَامِسُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِ الْأَلْفِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَالسَّادِسُ لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ اهـ، أَيْ وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ

ص: 147

وَأَمَّا شَرْطُ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَيْضًا فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ، فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ لَا قَوْلُهُ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت بِهِ، فَلَيْسَ لَغْوًا اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ. وَكَذَا لَوْ عَكَسَ فَقَالَ: هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ غَايَتُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ، وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا لِيُسَلِّمَ بِالْإِقْرَارِ لَلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حَالًا ثُمَّ صَارَ بِهَا عُمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِأَنْ يُسَلَّمَ لَلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ بِيَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِهَا وَكَانَ شِرَاؤُهُ افْتِدَاءً لَهُ وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ دُونَ الْمُشْتَرِي.

(وَإِذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ) كَشَيْءٍ وَكَذَا صَحَّ إقْرَارُهُ وَ (رَجَعَ لَهُ فِي بَيَانِهِ) فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِغَيْرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوَفَاءُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ " فَشَرْطُهُ إلَخْ " فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ الشَّرْطُ لَا الْمَشْرُوطُ وَقَدْ ذَكَرَ شَرْطَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا) أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (فَقَوْلُهُ دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ، شَرْحُ م ر أج. وَقَوْلُهُ:" أَوْ دَيْنِي " أَيْ الَّذِي عَلَيْك.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَتْ الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقُ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، فَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي وَمَلْبُوسِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ، اهـ ع ش م ر. قَوْلُهُ:(فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ اهـ عَنَانِيٌّ. وَمَحِلُّ كَوْنِهِ لَغْوًا مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِقْرَارَ بِمَعْنَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ مِلْكِي قَبْلُ هِيَ لِزَيْدٍ الْآنَ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَضَافَهَا لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مَجَازًا، اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ صَحَّحُوهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا " دَارِي " أَوْ " دَيْنِي لِعَمْرٍو " حَيْثُ جَعَلُوهُ لَغْوًا، أَنَّ مَا تَقَدَّمَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوَّلُهَا مُنَافٍ لِآخِرِهَا بِخِلَافِ هَذِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِجُمْلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَضُرُّهُ وَالْأُخْرَى تَنْفَعُهُ عُمِلَ بِمَا يَضُرُّهُ مِنْهُمَا سَوَاءً تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَإِنْ أَتَى بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهَا مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ لَغَتْ إنْ قُدِّمَ النَّافِعُ كَقَوْلِهِ: دَارِي لِفُلَانٍ اهـ عَنَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ بِيَدِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ يُسَلَّمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ إلَخْ) مِثْلُ الْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ شَهِدَ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ مَغْصُوبٌ صَحَّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ اسْتِنْقَاذُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ اهـ شَرْحُ م ر. وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ " صَحَّ شِرَاؤُهُ " أَيْ حُكِمَ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ مِنْهُ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مَغْصُوبٌ مِنْهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ أَوْ مِلْكه بِوَجْهٍ آخَرَ كَالْإِرْثِ. وَخَصَّ الشِّرَاءَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ شَرْحُ م ر. فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (افْتِدَاءً لَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ الْمَانِعَةِ مِنْ شِرَائِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ شِرَاءٌ صُورِيٌّ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الِافْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِالْحُرِّيَّةِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرَاءِ. قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْوَقْفِ، فَإِذَا عَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهُ افْتِدَاءً فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِهَا إنْ عُرِفَ وَإِلَّا سَلَّمَهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ عَرَّفَهَا هُوَ وَأَبْقَاهَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَارَةُ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ بِوَقْفِيَّتِهَا مَا يُكْتَبُ بِهَوَامِشِهَا مِنْ لَفْظِ وَقْفٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْعَيْبِ، أَيْ عَيْبِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. قَوْلُهُ:(دُونَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِمَعْلُومٍ، فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ مِنْ كُلِّ

ص: 148

عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَرَدِّ سَلَامٍ وَنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى كَخِنْزِيرٍ سَوَاءً أَكَانَ مَالًا وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَفَلْسٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ أَمْ لَا كَقَوَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَزِبْلٍ لَصَدَقَ كُلٌّ مِنْهَا بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ، وَإِنْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ عِظَمٍ كَقَوْلِهِ: مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ، وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا. لَزِمَهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ. فَإِنْ قَالَ: شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا لَزِمَهُ شَيْئَانِ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ بِرَفْعٍ أَوْ نَصْبٍ أَوْ جَرٍّ أَوْ سُكُونٍ، أَوْ كَذَا كَذَا بِالْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِلَا نَصْبٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، فَإِنْ ذَكَرَهُ بِالنَّصْبِ بِأَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ؛

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْوُجُوهِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرًا وَصِفَةً لَا جِنْسًا كَقَوْلِهِ: لَهُ مَالٌ عَلَيَّ، وَسَوَاءً كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَيَصِحُّ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا. قَوْلُهُ:(رَجَعَ لَهُ) فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيِّنَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ طُولِبَ بِهِ الْوَارِثُ وَوُقِفَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَوْ بَيَّنَ بِمَا يُقْبَلُ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي أَنَّهُ حَقُّهُ فَلْيُبَيِّنْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ جِنْسُ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَلْيَدَّعِ بِهِ وَيَحْلِفْ الْمُقَرُّ عَلَى نَفْيِهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى لِأَنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ. قَوْلُهُ:(سَوَاءً أَكَانَ) أَيْ غَيْرُ مَا ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: (كَفَلْسٍ) مِثَالٌ لِلْمُتَمَوَّلِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ سَوَاءً تَمَوَّلَ أَمْ لَا، وَالْمُتَمَوَّلُ مَا سَدَّ مَسَدًّا مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَحَبَّةُ بُرٍّ) أَيْ وَقِمْعِ بَاذِنْجَانَةٍ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (وَزِبْلٍ) أَيْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لَكِنَّهُ يُقْتَنَى.

قَوْلُهُ: (لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْهَا) لَوْ قَالَ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا كَانَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَصْدُقْ الشَّيْءُ بِالسَّلَامِ وَالْعِيَادَةِ لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ لِيَخْرُجَ النَّجِسُ الَّذِي لَا يُقْتَنَى كَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ.

قَوْلُهُ: (أَثِمَ غَاصِبُهُ) أَيْ وَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ. وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَوْجُودٌ.

قَوْلُهُ: (أَصْلُ مَا أَبْنِي) مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ قَوْلُهُ " أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ " وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ وَإِضَافَةُ أَصْلٍ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ، أَيْ أَصْلٌ هُوَ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ إلَخْ، أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِلصِّفَةِ أَيْ الْأَصْلُ الَّذِي أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ. وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْغَالِبُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَالَ الَأُجْهُورِيُّ: الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الشَّيْءُ الْمُفَسَّرُ بِهِ وَهُوَ حَبَّةُ الْبُرِّ مَثَلًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ وَصْفَهُ بِالْعِظَمِ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَذَا الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (وَأَطْرَحَ الشَّكَّ) مَثَلًا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ وَأَطْلَقَ، فَإِنَّ الْمُتَيَقَّنَ دِرْهَمٌ وَاحْتِمَالُ كَوْنِ فِي بِمَعْنَى مَعَ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ) فِيهِ الشَّاهِدُ لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَ تَفْسِيرُ الْمَالِ الْعَظِيمِ بِمَا قَلَّ مِنْهُ لَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْغَلَبَةِ، أَيْ مَا يَغْلِبُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، وَهُوَ أَنَّهُ مَالٌ كَثِيرٌ؛ فَقَوْلُهُ: وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ " أَيْ لَا أُعَوِّلُ عَلَيْهَا. وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ: فِي قَوْلِهِ: " وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ " تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَتْرُكُ الْحَقِيقَةَ فِي الْأَقَارِيرَ وَيَحْمِلُ اللَّفْظَ عَلَى غَيْرِ غَالِبِهِ وَهُوَ الْمَجَازُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا) هِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ مَرْكَبٌ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ، ثُمَّ نُقِلَ ذَلِكَ وَصَارَ كِنَايَةً عَنْ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَدَدِ؛ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا عَنْ الْمُبْهَمِ مِنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ ح ل. قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَهِيَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ.

قَوْلُهُ: (بِرَفْعِ) أَيْ بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَصْبٍ) أَيْ تَمْيِيزًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ جَرٍّ) أَيْ لَحْنًا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ تَمْيِيزَ كَذَا يَجِبُ نَصْبُهُ عِنْدَهُمْ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِ " مِنْ " مُقَدَّرَةٍ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ سُكُونٍ) أَيْ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا كَذَا بِالْأَحْوَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَمٍ بِالْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ؛ فَلَعَلَّ لَفْظَ دِرْهَمٍ سَاقِطٌ مِنْ النَّاسِخِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ " كَذَا " إمَّا أَنْ يُؤْتَى بِهَا مُفْرَدَةً أَوْ مُكَرَّرَةً مَعَ الْعَطْفِ أَوْ بِدُونِهِ، وَالدِّرْهَمُ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ أَوْ يُنْصَبَ أَوْ يُجَرَّ أَوْ يُسَكَّنَ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ اثْنَا عَشَرَ، وَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ دِرْهَمٌ إلَّا إذَا أَتَى بِكَذَا مَعْطُوفَةً وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ فَالْوَاجِبُ دِرْهَمًا ح ل وز ي. قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّ كَذَا مُبْهَمٌ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ فِي الْأُولَى

ص: 149

لِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى فَيَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ. وَلَوْ قَالَ: الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا كَذَلِكَ أَوْ وَصَلَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ بِالْإِقْرَارِ قَبْلَ قَوْلِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ، فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةً فَأَحَدَ عَشَرَ أَوْ حِسَابًا عَرَّفَهُ فَعَشْرَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ ظَرْفًا أَوْ حِسَابًا لَمْ يُعَرِّفْهُ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.

(وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا (فِي الْإِقْرَارِ) وَغَيْرِهِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ بِشُرُوطٍ: الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ (إذَا وَصَلَهُ بِهِ) أَيْ اتَّصَلَ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عُرْفًا، فَلَا تَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ وَتَذَكُّرٍ وَانْقِطَاعِ صَوْتٍ بِخِلَافِ الْفَصْلِ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ وَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ يَسِيرًا. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالثَّانِيَةِ، وَتَخْتَصُّ الثَّانِيَةُ بِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ هُوَ مُشْكِلٌ مَعَ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةَ. وَأَجَابَ الْمَدَابِغِيُّ بِأَنَّ " دِرْهَمٍ " رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا اهـ. فَيَكُونُ الْآخَرُ لَغْوًا وَهُوَ بَعِيدٌ. وَلَوْ قَالَ " رَاجِعٌ لِلثَّانِي " لَكَانَ أَوْلَى لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ بَيَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ مَجْمُوعُهُمَا دِرْهَمًا. وَانْظُرْ هَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْمَدَابِغِيِّ أَوْ لَا؟ تَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. وَالدِّرْهَمُ فِي الثَّالِثَةِ لَا يَصْلُحُ لِلتَّمْيِيزِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، أَيْ بَلْ هُوَ خَبَرٌ عَنْهُمَا فِي الرَّفْعِ أَيْ هُمَا دِرْهَمٌ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُمَا أَوْ بَيَانٌ لَهُمَا، وَأَمَّا الْجَرُّ وَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى لَكِنْ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجُمْلَةِ مَا سَبَقَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي السُّكُونِ ح ل.

قَوْلُهُ: (فَيَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ) فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْعَطْفُ يَمْنَعُ احْتِمَالَ وَصْلِ إلَخْ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةَ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ خَمْسَةَ أَحْوَالٍ، يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ فِي حَالَةٍ وَعَشْرَةٌ فِي حَالَةٍ وَدِرْهَمٌ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ.

قَوْلُهُ: (الِاسْتِثْنَاءُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ وَهُوَ الرُّجُوعُ لِرُجُوعِ الْمُسْتَثْنِي عَمَّا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ) مِنْ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30]{إِلا إِبْلِيسَ} [الحجر: 31] وَفِي السُّنَّةِ «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ إلَّا أَرْبَعَةً» وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ:

وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ

إلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ

قَوْلُهُ: (بِشُرُوطٍ) هِيَ فِي كَلَامِهِ صَرِيحًا ثَلَاثَةٌ، وَذَكَرَ رَابِعًا لَا بِعِنْوَانِ الشَّرْطِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ إلَخْ. وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ وَأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ اهـ. وَقَالَ سم: وَأَنْ يُسْمِعَ بِهِ غَيْرَهُ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ، أَيْ فِي نَفْيِ الْإِتْيَانِ بِهِ بِخِلَافِ نَفْيِ مُجَرَّدِ السَّمَاعِ فَلَا أَثَرَ لَهُ. قَوْلُهُ:(إذَا وَصَلَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَعْنَى الْمُسْتَثْنَى فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقَطْعَ.

قَوْلُهُ: (وَعِيٌّ) أَيْ تَعَبٌ. وَقَوْلُهُ " وَتَذَكُّرٌ " أَيْ تَذَكُّرُ قَدْرِ مَا يَسْتَثْنِيهِ، أَيْ إذَا كَانَ بِقَدْرِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ ع ش، كَأَنْ سَكَتَ لِيَتَذَكَّرَ مَا يُخْرِجُهُ بِأَنْ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ وَنَسِيَ فَقَالَ: لَهُ عِنْدِي عَشْرَةٌ وَسَكَتَ لِيَتَذَكَّرَ مَا دَفَعَهُ مِنْهَا لِيُخْرِجَهُ.

قَوْلُهُ: (وَانْقِطَاعُ صَوْتٍ) وَسُعَالٌ وَنَحْوُهُ. وَانْظُرْ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ أَوْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ تَأَمَّلْ، شَوْبَرِيٌّ ".

قَوْلُهُ: (وَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ) مِنْ الْمُقِرِّ، نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَالْعُدَّةِ ز ي؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلتَّذَكُّرِ أَيْ تَذَكُّرِ قَدْرِ مَا يَسْتَثْنِيهِ، وَهُوَ أَيْضًا مُنَاسِبٌ لِلْمَقَامِ بِخِلَافِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ.

قَوْلُهُ: (الشَّرْطُ الثَّانِي إلَخْ) عِبَارَةُ سم: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ أَوَّلَهَا إنْ تَأَخَّرَ، فَإِنْ تَقَدَّمَ فَهَلْ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ هَذَا الشَّرْطِ لِحُصُولِ الِارْتِبَاطِ بِدُونِهِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُتَأَخِّرًا يُوجِبُ ارْتِبَاطَهُ بِالْمُسْتَثْنَى الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي. وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْإِخْرَاجِ بِهِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ أَوْ تَكْفِي مُقَارَنَتُهُ لِلتَّلَفُّظِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي اهـ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِقْرَارِ) وَلَوْ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ ح ل.

ص: 150

الْكَلَامَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِتَمَامِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا لَزِمَ رَفْعُ الْإِقْرَارِ بَعْدَ لُزُومِهِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: عَدَمُ اسْتِغْرَاقِ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً لَمْ يَصِحَّ فَيَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ، وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ فِي اسْتِغْرَاقٍ لَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يُلْغَ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى الدِّرْهَمَانِ مُسْتَثْنَيَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْأَخِيرِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا، إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ وَمِنْ نَفْيِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَحِلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ غَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ نَحْوِ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا عَشْرَةً إلَّا خَمْسَةً، فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ) أَيْ لَا يُجْمَعُ مُفَرَّقٌ فِي حَالَةِ اسْتِغْرَاقٍ أَيْ لِدَفْعِهِ إنْ كَانَ الْجَمْعُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا لِتَحْصِيلِهِ إنْ كَانَ فِي الْمُسْتَثْنَى أَوْ فِيهِمَا. قَوْلُهُ " أَيْ لِدَفْعِهِ إلَخْ " كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَقَوْلُهُ " وَلَا لِتَحْصِيلِهِ " كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ:(وَلَا فِيهِمَا) كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ؛ لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِي عَدَمِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءً جَمَعَ الْمُفَرَّقَ أَوْ لَا، فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَلَا فِيهِمَا كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمَانِ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ فَيَكُونُ الدِّرْهَمُ مُسْتَثْنًى مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ قَبْلَهُ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ، وَلَوْ جَمَعَ الْمُفَرَّقَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ. قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ كَانَ الدِّرْهَمُ مُسْتَثْنًى مِنْ دِرْهَمٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو اهـ ع ن.

قَوْلُهُ: (لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَخْ) أَتَى بِمِثَالَيْنِ فِي اسْتِغْرَاقِ الْمُسْتَثْنَى، إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ مُفَرَّقَةً أَوْ بَعْضُهَا مُفَرَّقٌ وَبَعْضُهَا مَجْمُوعٌ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ:(إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْأَخِيرِ) وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمِ الثَّالِثِ مِنْ الدِّرْهَمِ الْفَاضِلِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ إثْبَاتٍ) أَيْ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مُثْبَتٍ مَنْفِيٌّ وَمِنْ مَنْفِيٍّ مُثْبَتٌ. وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ يَنْبَنِي عَلَيْهَا اخْتِلَافُ الْحُكْمِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا، وَقِيلَ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ فَقَالَ: إنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَنَحْوُ مَا قَامَ أَحَدٌ إلَّا زَيْدٌ وَقَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا، وَيَدُلُّ الْأَوَّلُ عَلَى إثْبَاتِ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا وَزَيْدٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْقِيَامُ وَعَدَمُهُ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مُخْرَجٌ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِي نَقِيضِهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ عَدَمِهِ مَثَلًا أَوْ مُخْرَجٌ مِنْ الْحُكْمِ فَيَدْخُلُ فِي نَقِيضِهِ أَيْ لَا حُكْمٍ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ شَيْءٍ دَخَلَ فِي نَقِيضِهِ، وَجُعِلَ الْإِثْبَاتُ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ بِعُرْفِ الشَّرْعِ وَفِي الْمُفَرَّغِ نَحْوُ مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ اهـ مَحَلِّيٌّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ.

وَقَوْلُهُ " وَمَبْنَى الْخِلَافِ إلَخْ " قَالَ السَّيِّدُ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ إلَّا لِلْإِخْرَاجِ وَأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُخْرَجٌ وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ نَقِيضٍ دَخَلَ فِي النَّقِيضِ الْآخَرِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَبَقِيَ أَمْرٌ رَابِعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: وَهُوَ أَنَّا إذَا قُلْنَا قَامَ الْقَوْمُ فَهُنَاكَ أَمْرَانِ الْقِيَامُ وَالْحُكْمُ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ الْمُسْتَثْنَى مُخْرَجٌ مِنْ الْقِيَامِ أَوْ الْحُكْمِ بِهِ؟ فَنَحْنُ نَقُولُ بِالْقِيَامِ، فَيَدْخُلُ فِي نَقِيضِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْقِيَامِ، وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْحُكْمِ فَيَخْرُجُ لِنَقِيضِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ، فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا وَأَنْ لَا يَكُونَ، فَعِنْدَنَا انْتَقَلَ إلَى عَدَمِ الْقِيَامِ، وَعِنْدَهُمْ انْتَقَلَ إلَى عَدَمِ الْحُكْمِ، وَعِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ مُخْرَجٌ وَدَاخِلٌ فِي نَقِيضِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ فَافْهَمْ ذَلِكَ حَتَّى يَتَحَرَّرَ لَك مَحِلُّ النِّزَاعِ. وَالْعُرْفُ فِي الِاسْتِعْمَالِ شَاهِدٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُصِدَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْقِيَامِ لَا مِنْ الْحُكْمِ، وَلَا يَفْهَمُ أَهْلُ الْعُرْفِ إلَّا ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ اللُّغَةَ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ عَدَمَ النَّقْلِ وَالتَّغْيِيرِ، اهـ مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ.

ص: 151

إثْبَاتٍ؛ فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ فَتَلْزَمُهُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ أَيْضًا أَنْ تَجْمَعَ كُلًّا مِنْ الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ وَتُسْقِطَ الْمَنْفِيَّ مِنْهُ فَالْبَاقِي هُوَ الْمُقِرُّ بِهِ، فَالْعَشَرَةُ وَالثَّمَانِيَةُ فِي الْمِثَالِ مُثْبَتَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالتِّسْعَةُ مَنْفِيَّةٌ فَإِنْ أَسْقَطْتهَا مِنْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بَقِيَ تِسْعَةٌ وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَعْدَادَ الْمُثْبَتَةَ هُنَا ثَلَاثُونَ وَالْمَنْفِيَّةَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَلْزَمُ الْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةٌ. وَلَك طَرِيقٌ أُخْرَى: وَهِيَ أَنْ تُخْرِجَ الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرَ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يُخْرِجُ مِمَّا قَبْلَهُ، فَتُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَمَا بَقِيَ تُخْرِجُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَمَا بَقِيَ تُخْرِجُهُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَهَكَذَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْأَوَّلِ. أَوْ لَك أَنْ تُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعَةِ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ التِّسْعَةِ، وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَمُحَصِّلٌ لَهُ، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ، فَجَعَلَ النَّفْيَ الْأَوَّلَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ فِي الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُجْمَلٌ فَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا اسْتَثْنَاهُ. وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَمِنْ طُرُقِ بَيَانِهِ أَيْضًا) أَيْ اللَّازِمِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْضًا إلَى ضَابِطٍ مُفِيدٍ لِلطَّرِيقِ الْأُولَى وَهِيَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ.

قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُقَرُّ بِهِ) ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا شَفْعًا، فَالْأَشْفَاعُ مُثْبَتَةٌ، أَوْ وِتْرًا فَعَكْسُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَعْدَادَ الْمُثْبَتَةَ هُنَا) وَهِيَ الْأَزْوَاجُ وَالْمَنْفِيَّةَ الْأَفْرَادُ ق ل. قَوْلُهُ: (إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ التِّسْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلَك أَنْ تُخْرِجَ الْوَاحِدَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْأَفْرَادِ فَقَطْ فَتُخْرِجَ الْوَاحِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ، يَبْقَى اثْنَانِ تُخْرِجُهُمَا مِنْ الْخَمْسَةِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ تُخْرِجُهَا مِنْ السَّبْعَةِ، يَبْقَى أَرْبَعَةٌ تُخْرِجُهَا مِنْ التِّسْعَةِ، يَبْقَى خَمْسَةٌ وَهِيَ اللَّازِمَةُ.

قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِلْمَقْصُودِ مِنْهُ: قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إلَّا خَمْسَةً خَمْسَةً) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ مُتَّصِفَةٌ بِكَوْنِهَا نَاقِصَةً خَمْسَةً. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَحَدَاتِ الْخَمْسَةَ لَهَا اسْمَانِ مُفْرَدٌ وَهُوَ لَفْظُ خَمْسَةٍ وَمُرَكَّبٌ وَهُوَ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عَشْرَةٌ مُخْرَجٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَذَلِكَ هُوَ الْخَمْسَةُ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالنَّفْيُ تَوَجَّهَ لِجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مَمْزُوجٌ مَعْنَاهُ خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُثْبَتٌ يَبْقَى بَعْدَ النَّفْيِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ النَّفْيَ تَوَجَّهَ لِلَّفْظِ شَيْءٍ وَهُوَ عَامٌّ وَبَعْدَهُ مُثْبَتٌ فَيَبْقَى عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى بَعْدَ النَّفْيِ يَكُونُ مُثْبَتًا، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ: لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ " فَجَعَلَ النَّفْيَ مُتَوَجِّهًا إلَى مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ " فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَ النَّفْيِ كَلَامٌ مُرَكَّبٌ مَعْنَاهُ لَفْظُ خَمْسَةٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلَا مُسْتَثْنًى إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ قَبْلَ النَّفْيِ.

قَوْلُهُ: (النَّفْيُ الْأَوَّلُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ إلَّا نَفْيٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) أَيْ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْإِلْزَامِ، قَالَ ز ي: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ ضَابِطٌ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامًّا عُمِلَ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أُلْغِيَ الِاسْتِثْنَاءُ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْمِثَالِ، فَيَجْرِي فِيمَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُجْمَلٌ) أَيْ عَامٌّ، فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَعْدَادِ الَّتِي مِنْهَا الْخَمْسَةُ وَقَدْ اسْتَثْنَاهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى) كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ إلَّا خَمْسَةَ عَشْرَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَالنِّيَّةُ حِينَئِذٍ تَكُونُ عِنْدَ الْمُسْتَثْنَى لِأَنَّهُ حَالٌّ مَحِلَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش، وَدَلِيلُهُ:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77]{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا} [مريم: 62] اهـ م ر. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَأَطْلَقَ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ فَصُّهُ لِتَنَاوُلِ الْخَاتَمِ لَهُ، وَلَا

ص: 152

مِنْهُ وَيُسَمَّى اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا، إنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ فَإِنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالْبَيَانُ لَغْوٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّهُ بُيِّنَ بِمَا أَرَادَهُ بِهِ فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ، وَصَحَّ أَيْضًا مِنْ مُعَيَّنٍ كَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا، وَحَلَفَ فِي بَيَانِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ حَتَّى لَوْ مَاتُوا بِقَتْلٍ أَوْ دُونِهِ إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ. وَقَدْ ذَكَرْت فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ فَوَائِدَ مُهِمَّةً لَا يَحْتَمِلُهَا هَذَا الْمُخْتَصَرُ فَلْيُرَاجِعْهَا مَنْ أَرَادَ.

(وَهُوَ) أَيْ الْإِقْرَارُ (فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ) وَلَوْ مَخُوفًا (سَوَاءً) فِي الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ وَفِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ، كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُورَثِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ، بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ. وَلَوْ أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَهُ إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ، أَوْ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتَرِكَتِهِ عَتَقَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُقْبَلُ مِنْهُ عَدَمُ إرَادَتِهِ الْفَصَّ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ شَرْحُ م ر. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذِهِ عَدَمُ لُزُومِ الْفَصِّ فِيمَا لَوْ قَالَ: فِيهِ فَصٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ فِي لَفْظِهِ عَلَى الْفَصِّ كَانَ خَارِجًا وَلَمَّا أَطْلَقَ هُنَا كَانَ دَاخِلًا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (إنْ بَيَّنَ إلَخْ) كَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا قِيمَةَ ثَوْبٍ سم.

قَوْلُهُ: (بِمَا أَرَادَهُ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الثَّوْبِ. وَقَوْلُهُ " بِهِ " أَيْ بِالْأَلْفِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيَّنَ، أَيْ لِأَنَّهُ بَيَّنَ الثَّوْبَ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِالْأَلْفِ أَيْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ، فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْأَلْفِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَهُ بِهِ أَيْ بَيَّنَ الثَّوْبَ الَّذِي أَرَادَهُ بِالْأَلْفِ.

قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) وَهُوَ مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَخْ، فَقَوْلُ ق ل: إنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دَائِمًا مُعَيَّنٌ، وَقَوْلُهُ إنَّ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ " مِنْ مُعَيَّنٍ " زَائِدَةٌ مَمْنُوعٌ.

قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ) أَيْ ذَكَرَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ) بَدَلٌ مِنْ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ حَالٌ، وَقَوْلُهُ " سَوَاءٌ " خَبَرٌ، أَيْ مُسْتَوِيَانِ، فَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْمُبْتَدَإِ الْمُفْرَدِ؛ وَذَلِكَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَا يُخْبَرُ بِهِ إلَّا عَنْ مُتَعَدِّدٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ: وَحُكْمُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ سَوَاءٌ وَحُكْمٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ حَالَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَحُكْمُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحُكْمُهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ سَوَاءٌ، نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذَانِ حَرَامٌ» أَيْ اسْتِعْمَالُ هَذَيْنِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ مَا هُنَا عَلَى الْعَكْسِ.

قَوْلُهُ: (قُدِّمَ صَاحِبُهَا) أَيْ الْعَيْنِ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، نَعَمْ لِلْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُقَرَّ بِهِ وَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِ الْوَارِثِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ. اهـ. م ر ع ش. وَقَوْلُهُ " كَعَكْسِهِ " أَيْ بِأَنْ قُدِّمَ الْإِقْرَارُ بِالْعَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ أَيْ قَبْلَ إقْرَارِهِ بِهَا، أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْعَيْنِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ بِهَا فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمَرِيضُ بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ بِأَنْ كَانَ أَخُوهُ رَقِيقًا لَهُ فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَهُ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ) مِنْ ابْنٍ أَوْ أَبٍ وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَوَرِثَهُ. قَوْلُهُ: (لِتَرِكَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُسْتَغْرِقٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ إلَخْ) وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَجْرِي فِي الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا ضَعُفَتْ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ إلَخْ؛ وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ إلَخْ " غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ

ص: 153