المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الصداق - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في الصداق

‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَذَلِكَ عِنِّينٌ يَقُولُ وَطِئْتهَا

زَمَانَ امْتِهَالٍ حَيْثُ يُمْكِنُ فِعْلُهُ

كَذَلِكَ مُولٍ قَالَ إنِّي وَطِئْتهَا

وَفِئْت فَلَا تَطْلِيقَ يُلْفِي وَمِثْلُهُ

إذَا طَاهِرٌ كَانَتْ وَقَالَ لِسُنَّةٍ

سَمْتٍ أَنْتِ فِيهَا طَالِقٌ صَحَّ عَقْلُهُ

فَقَالَ بِهَذَا الطُّهْرِ إنِّي وَطِئْتهَا

وَمَا طَلَّقْت لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْهُ حَبْلُهُ

وَمَنْ طَلُقَتْ مِنْهُ ثَلَاثًا وَزُوِّجَتْ

بِغَيْرٍ وَفِيهَا قَالَ مَا غَابَ قَبْلُهُ

فَقَالَتْ بَلَى قَدْ غَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا

وَأَدْرَكَ ذَاكَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَلُّهُ

وَإِنْ زُوِّجَتْ عُرْسٌ بِشَرْطِ بَكَارَةِ

فَقَالَتْ لَنَا إنَّ الثُّيُوبَةَ فِعْلُهُ

وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ فِي ذَاكَ قَوْلُهَا

وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا خِيَارٌ يُنِيلُهُ

وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَعَسْرَ بِالْمَهْرِ حَتَّى يَمْتَنِعَ فَسْخُهَا بِهِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ فِي ذَاكَ قَوْلُهَا لِتَرْجِيحِ جَانِبِهَا بِالْوَلَدِ، فَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجَّحِ، وَكَذَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِقَوْلِهَا وُطِئَتْ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى عَمَلًا بِإِنْكَارِهِ الْوَطْءَ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ سَمْتٍ أَنْتِ فِيهَا، أَيْ إذَا قَالَ لِطَاهِرٍ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَقَالَ وَطِئْتُ فِي هَذَا الطُّهْرِ فَلَا طَلَاقَ حَالًا لِكَوْنِهَا بِدْعِيًّا وَقَالَتْ لَمْ تَطَأْ فَيَقَعُ حَالًا صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ. وَقَوْلُهُ سَمْتٍ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ النَّظْمِ. وَقَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا أَيْ لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِتَقْرِيرِ مَهْرِهَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِدَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ بَلْ عَلَيْهِ النِّصْفُ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ بَعْدُ فِي ذَاكَ قَوْلُهَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَهُوَ لِدَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ.

فَرْعٌ: سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ إلَّا بِإِذْنٍ مَنْ أَبِي زَوْجَتِهِ مَثَلًا وَسَافَرَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ أَبُو الزَّوْجَةِ أَنَّهُ سَافَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَالَ إنَّمَا سَافَرْت بِإِذْنِك فَمَنْ يُصَدَّقُ مِنْهُمَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ فَلَا تُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ]

بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ الزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ وَقِيلَ مُشْتَقٌّ مِنْ الصَّدْقِ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ اسْمٌ لِلشَّدِيدِ الصَّلْبِ فَكَأَنَّهُ أَشَدُّ الْأَعْوَاضِ لُزُومًا مِنْ جِهَةِ عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالتَّرَاضِي وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَجَمْعُهُ أَصْدِقَةٌ وَصُدُقٌ وَالْأَوَّلُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَالثَّانِي كَثْرَةٍ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ

فِي اسْمِ مُذَكِّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ

ثَالِثِ أَفْعِلَةٍ عَنْهُمْ اطَّرَدْ

وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ

وَفَعَلَ لِاسْمٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ

قَدْ زِيدَ قَبْلَ لَامٍ إعْلَالًا فَقَدْ

وَلَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ مَجْمُوعَةٍ فِي بَيْتٍ

صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ

حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عُقْرٌ عَلَائِقُ

وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةً فِي بَيْتٍ فَقَالَ

وَطَوْلٌ نِكَاحٌ ثُمَّ خُرْصٌ تَمَامُهَا

فَفَرْدٌ وَعَشْرٌ عُدَّ ذَاكَ مُوَافِقُ

ص: 434

وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ صَدَقَةٌ فَتَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَنَطَقَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ مِنْهَا بِسِتَّةٍ الصَّدَقَةُ وَالنِّحْلَةُ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَنِكَاحٌ {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] وَأَجْرٌ {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25] وَفَرِيضَةٌ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] وَطَوْلٌ {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: 25] وَوَرَدَتْ السُّنَّةُ بِالْبَاقِي وَالْعُقْرُ بِالضَّمِّ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِدِيَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَهْرِ وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِهِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ

قَوْلُهُ (أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْكَسْرُ أَفْصَحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْبَصْرِيِّينَ قَوْلُهُ (مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِمْ مَالٌ لِأَنَّ هَذَا شَامِلٌ لِلْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ نَعَمْ شُمُولُهُ لِلِاخْتِصَاصِ لَيْسَ مُرَادًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا صَحَّ ثَمَنًا صَحَّ صَدَاقًا وَهَذَا مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ وَأَمَّا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ فَهُوَ مَا وَجَبَ بِالنِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ عَكْسُ الْمَشْهُورِ أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ تَسْمِيَتِهِ صَدَاقًا لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةٍ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا وَجَبَ بِتَفْوِيتِهِ قَهْرًا أَوْ مَا وَجَبَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر فَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ التَّفْوِيضُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ وَإِنْ كَانَ مُبْتَدَأً بِالْفَرْضِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ فَشَمِلَهُ قَوْلُهُ هُنَا بِنِكَاحٍ أَيْ مَا كَانَ أَصْلُهُ النِّكَاحُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ لِأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ

وَالْمُرَادُ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ أَمَّا الْفَاسِدُ فَيَسْتَقِرُّ بِالْوَطْءِ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وَطْءٍ فِيهِ فَلَا اسْتِقْرَارَ وَلَا إرْثَ كَمَا قَالَ الرَّحْمَانِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الدَّيْرَبِيُّ نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَهْرَ قَدْ يَجِبُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ كَمَا فِي شُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ الْمَهْرَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ لِامْرَأَةٍ زَوْجَتَيْنِ بِإِذْنِهَا وَأَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكُبْرَى زَوْجَتَهُ الصُّغْرَى فَإِنَّهُ يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِإِرْضَاعِهَا وَيَكُونُ الْمَهْرُ لِسَيِّدَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَقَدْ يَجِبُ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ الْحُرِّ الْكُبْرَى زَوْجَتَهُ الصُّغْرَى فَيَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُهَا لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا وَنِصْفُ مَهْرٍ لِلصَّغِيرَةِ ق ل وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا نِصْفُ مَهْرٍ لِلصَّغِيرَةِ. اهـ.

قَوْلُهُ (أَوْ وَطْءٍ) أَيْ فِي شُبْهَةٍ أَوْ تَفْوِيضٍ أَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ فَلَا يَجِبُ بِاسْتِدْخَالِ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْقُبُلِ وَلَا بِنَحْوِ خَلْوَةٍ وَلَوْ فِي نَحْوِ رَتْقَاءَ كَمَا يَأْتِي وَمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ أَنَّ وَطْءَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا يُوجِبُ الْمَهْرَ وَلَعَلَّهُ يُفَارِقُ الذَّكَرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ يُخَصُّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ بِكَوْنِهِ فِي الزَّوْجَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ نَظَرًا لِوُجُودِ الْعَقْدِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ ق ل قَوْلُهُ: (كَرَضَاعٍ) كَأَنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى بِأَنْ كَانَتْ دُونَ سَنَتَيْنِ وَأَرْضَعَتْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الْكُبْرَى صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِلصَّغِيرَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا مَهْرُهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ نِكَاحُهَا مَعَ الْوَطْءِ عَنْ غَيْرِ مَهْرٍ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ

قَوْلُهُ: (وَرُجُوعِ شُهُودٍ) بِأَنْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ شَهَادَةَ حِسْبَةٍ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ وَمِنْ صُوَرِ رُجُوعِ الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ رَضَاعًا مُحَرِّمًا فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَغْرَمَانِ الْمَهْرَ لِلتَّفْوِيتِ وَلَا يَعُودُ النِّكَاحُ لِأَنَّ رُجُوعَهُمْ لَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَحَلُّ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهِمْ بِشُرُوطٍ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُمْ وَأَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُمْ عَلَى حَيٍّ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ لَا يَثْبُتَ عَدَمُ النِّكَاحِ بِالْمَرَّةِ فَإِنْ شَهِدُوا بِالطَّلَاقِ مَثَلًا ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا غُرْمَ أَيْضًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَرُجُوعِ شُهُودٍ أَنَّهُ مِثَالٌ لِلتَّفْوِيتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْبُضْعِ حَصَلَ بِالشَّهَادَةِ لَا

ص: 435

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] أَيْ عَطِيَّةً مِنْ اللَّهِ مُبْتَدَأَةً وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْأَزْوَاجُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ الْأَوْلِيَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَأْخُذُونَهُ وَيُسَمُّونَهُ نِحْلَةً؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجِ كَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا أَوْ أَكْثَرَ، فَكَأَنَّهَا تَأْخُذُ الصَّدَاقَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ. وقَوْله تَعَالَى:{وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلزَّوْجِ (تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ) لِلزَّوْجَةِ (فِي) صُلْبِ (النِّكَاحِ) أَيْ الْعَقْدِ؛ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُخْلِ نِكَاحًا عَنْهُ» ، وَلِأَنَّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالرُّجُوعِ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ بِمَعْنًى أَوْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْوِيتِ فَيَكُونُ مِثَالًا لِوُجُوبِ الصَّدَاقِ لَا لِتَفْوِيتِ الْبُضْعِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَمْ يَجِبْ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ: (وَآتُوا) الْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ وَقِيلَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ شَرْعًا لِشُعَيْبٍ لِآيَةِ {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] أَيْ سِنِينَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَوْلُهُ: (صَدُقَاتِهِنَّ) مَفْعُولٌ ثَانٍ وَنِحْلَةً حَالٌ مِنْ صَدُقَاتِهِنَّ قَوْلُهُ: (مُبْتَدَأَةً) بِالنَّصْبِ صِفَةً لِعَطِيَّةٍ أَيْ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالرَّجُلِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَمْتِعُ هُوَ بِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَمْتِعُ بِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بِخُرُوجِ مَنِيِّهَا وَتَرَدُّدِ الذَّكَرِ وَسَرَيَانِ مَنِيِّ الرَّجُلِ فِي رَحِمِهَا وَأَمَّا هُوَ فَيَلْتَذُّ بِالْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى كَسْبًا مِنْهَا

(فَائِدَةٌ) إذَا قَلَّدَ شَخْصٌ الْحَنَفِيَّ وَعَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي مَذْهَبِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ مَذْهَبِ غَيْرِهِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا بِلَا مُحَلِّلٍ قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلُهُ: (وَيُسَمُّونَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَيُسَمَّى لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ اللَّهِ لَا مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَرْأَةَ) تَعْلِيلٌ لِلتَّسْمِيَةِ قَوْلُهُ: (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أَيْ مُهُورَهُنَّ قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَلِيُّ إذْ الزَّوْجُ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ مَعَ أَنَّ الْمَقُولَ لَهُ هُوَ الزَّوْجُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمُرِيدِ التَّزَوُّجِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى لِمُرِيدِ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ لَهُ وَلِذَا قَالَ الْتَمِسْ أَيُّهَا الطَّالِبُ التَّزَوُّجَ شَيْئًا تَجْعَلُهُ صَدَاقًا إلَخْ وَالْقِصَّةُ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَكَتَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ هَلْ مَعَك شَيْءٌ تَصْدُقُهَا إيَّاهُ فَقَالَ مَعِي إزَارِي فَقَالَ إنْ أَعْطَيْتهَا إزَارَك جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك فَقَالَ الْتَمِسْ أَيْ اُطْلُبْ شَيْئًا مِنْ النَّاسِ تَجْعَلُهُ صَدَاقًا وَلَوْ كَانَ مَا تَلْتَمِسُهُ أَيْ تَطْلُبُهُ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ مَعَك شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ مَعِي سُورَةُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَصْدِقْهَا إيَّاهُ» فَتَزَوَّجَهَا بِتَعْلِيمِ ذَلِكَ اهـ قَوْلُهُ وَلَوْ خَاتَمًا هَذَا غَايَةٌ فِي الْقِلَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْخَاتَمِ

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَيُكْرَهُ إخْلَاؤُهُ عَنْهُ، وَقَدْ يَجِبُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْقَاصِرَةَ وَلِيُّهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ لَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ سَكَتَ لَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ م د.

قَوْلُهُ: (لِلزَّوْجِ) لَوْ قَالَ لِلْعَاقِدِ كَانَ أَوْلَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَيَّدَ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ تَارَةً يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ وَتَارَةً يَجِبُ، وَالْمَفْهُومُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فِي صُلْبِ النِّكَاحِ) أَيْ أَثْنَاءِ الْعَقْدِ فَلَا اعْتِبَارَ بِالتَّوَافُقِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ فِي اسْتِحْبَابٍ أَوْ الْتِزَامٍ، حَتَّى لَوْ خَالَفَ الْمُسَمَّى فِيهِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ هُوَ أَيْ النِّكَاحَ الْمُعْتَبَرَ سم. وَالصُّلْبُ بِسُكُونِ اللَّامِ وَتُضَمُّ لِلْإِتْبِاعِ وَأَصْلُهُ لُغَةً كُلُّ ظَهْرٍ لَهُ فَقَارٌ أَيْ عِظَامٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ فَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ

ص: 436

أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ؛ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ صلى الله عليه وسلم. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذِكْرُ الْمَهْرِ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إذْ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) صَدَاقًا بِأَنْ أُخْلِيَ الْعَقْدُ مِنْهُ (صَحَّ الْعَقْدُ) بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ تَجِبُ التَّسْمِيَةُ فِي صُوَرٍ: الْأُولَى: إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَتْ جَائِزَةَ التَّصَرُّفِ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُفَوِّضْ، فَزَوَّجَهَا هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ. الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. وَحَلَّ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ وَفِيمَا عَدَاهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فَتَتَعَيَّنُ تَسْمِيَتُهُ بِمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ. وَإِذَا خَلَا الْعَقْدُ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

النِّكَاحَ بِشَيْءٍ لَهُ عِظَامٌ وَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ بِهِ وَأَثْبَتَ شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ الصُّلْبُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُخْلِ نِكَاحًا عَنْهُ) أَيْ نِكَاحًا لِغَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا الْآتِي. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: " فَلَا يُنَافِي إلَخْ " وَعِبَارَةُ م ر كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ هُنَا. وَجَعَلَ الرَّشِيدِيُّ كَلَامَ الرَّمْلِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ. وَقَالَ مُؤَيِّدًا لَهُ أَيْ مُقَوِّيًا لَهُ، وَأَمَّا الْوَاهِبَةُ نَفْسَهَا فَلَمْ يَقَعْ لَهَا نِكَاحٌ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ م د بِقَوْلِهِ أَيْ نِكَاحًا لِغَيْرِهِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ.

قَوْلُهُ: (وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ صلى الله عليه وسلم) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: وَقَعَ فِي قَلْبِ أُمِّ شَرِيكٍ الْإِسْلَامُ وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِمَكَّةَ وَأَسْلَمَتْ ثُمَّ جَعَلَتْ تَدْخُلُ عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ سِرًّا فَتَدْعُوهُنَّ لِلْإِسْلَامِ وَتُرَغِّبُهُنَّ فِيهِ، حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ فَأَخَذُوهَا وَقَالُوا: لَوْلَا قَوْمُك لَفَعَلْنَا بِك وَفَعَلْنَا وَلَكِنَّا سَنُرِيك مَا يَصِلُ إلَيْهِمْ، فَحَمَلُونِي عَلَى بَعِيرٍ لَيْسَ تَحْتِي شَيْءٌ ثُمَّ تَرَكُونِي ثَلَاثًا لَا يُطْعِمُونِي وَلَا يَسْقُونِي، وَكَانُوا إذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا أَوْقَفُونِي فِي الشَّمْسِ، إذْ أَتَانِي أَبْرَدُ شَيْءٍ عَلَى صَدْرِي فَتَنَاوَلَتْهُ. فَإِذَا هُوَ دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبْت مِنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ نُزِعَ مِنِّي وَرُفِعَ ثُمَّ عَادَ فَتَنَاوَلْته فَشَرِبْتُ فَرُفِعَ ثُمَّ عَادَ مِرَارًا فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوَيْتُ، ثُمَّ أَفَضْت عَلَى جَسَدِي وَثِيَابِي؛ فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا إذَا هُمْ بِأَثَرِ الْمَاءِ عَلَى ثِيَابِي فَقَالُوا: تَحَلَّلْتِ، فَأَخَذْتِ سِقَاءَنَا فَشَرِبْتِ مِنْهُ فَقُلْت: لَا وَاَللَّهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا؛ فَقَالُوا: لَئِنْ كُنْتِ صَادِقَةً لَدِينُكِ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا. فَلَمَّا نَظَرُوا إلَى أَسْقِيَتهمْ وَجَدُوهَا كَمَا تَرَكُوهَا، فَأَسْلَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ. «وَأَقْبَلَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَقَبِلَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا» . وَفِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَدَقَ فِي حُسْنِ الِاعْتِقَادِ عَلَى اللَّهِ وَقَطَعَ طَمَعَهُ عَمَّا سِوَاهُ جَاءَتْهُ الْفُتُوحَاتُ مِنْ الْغَيْبِ. اهـ. ح ل فِي السِّيرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَا مِنْ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فَقَالَ لَا يُسَنُّ ذِكْرُهُ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. قَوْلُهُ:(وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي الصَّدَاقِ الْحَالِّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ التَّعْجِيلِ ق ل. وَذَلِكَ سَبَبٌ لِلْمَحَبَّةِ وَالْأُلْفَةِ وَالْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ:(حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا.

قَوْلُهُ: (مَنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ الدَّفْعَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ خُصُوصًا مَعَ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ. وَالْأَوْلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُجُوعِهِ لِلْعَاقِدِ أَوْ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلصَّدَاقِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَجِبُ التَّسْمِيَةُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ أَثَرَ الْوُجُوبِ الْإِثْمُ بِالْمُخَالَفَةِ لَا الْبُطْلَانِ سم عَلَى حَجّ. وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ عِنْدَ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ، أَيْ وَرَضِيَ الزَّوْجُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَيْهَا الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ م د.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ وَرَضِيَ الزَّوْجُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ الْوَلِيُّ رَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فَتَفُوتُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لَهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. قَوْلُهُ: (وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجَةِ الرَّشِيدَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا عَدَاهَا) أَيْ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ) فَإِنْ أُخْلِيَ مِنْهُ حَرُمَ وَصَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَصَرَّحَ بِهِ سم عَلَى حَجّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ

ص: 437

و) إنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً بِأَنْ قَالَتْ رَشِيدَةٌ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَفَعَلَ (وَجَبَ الْمَهْرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا: الْأَوَّلُ: (أَنْ يَفْرِضَهُ) أَيْ يُقَدِّرَهُ (الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ) قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِيُفْرَضَ لَهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا وَلَهَا بَعْدَ الْفَرْضِ حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ الْحَالِّ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُفَوِّضَةً) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى إصْلَاحِ الْمَتْنِ، إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ إنَّمَا يَأْتِي فِي الْمُفَوِّضَةِ لَا فِي غَيْرِهَا، إذْ الْوُجُوبُ فِي غَيْرِهَا بِالْعَقْدِ؛ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى الْمُفَوِّضَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ " وَإِذَا خَلَا الْعَقْدُ إلَخْ " غَرَضُهُ بِهَذَا إصْلَاحُ الْمَتْنِ، فَإِنَّ الْمَتْنَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ صَدَاقٌ لَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إلَّا بِوَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْوِيضٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا لَمْ يُسَمِّ الصَّدَاقَ وَلَمْ يَكُنْ تَفْوِيضٌ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَرْضٍ وَلَا وَطْءٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَفْوِيضٌ فَلَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ وَهَذِهِ هِيَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ صَحَّ الْعَقْدُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً) سُمِّيَتْ الْمَرْأَةُ مُفَوِّضَةً بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَفْوِيضِ أَمْرِهَا إلَى الْوَلِيِّ بِلَا مَهْرٍ وَالْمُرَادُ بِأَمْرِهَا أَمْرُ بُضْعِهَا وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَبِفَتْحِهَا لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ أَيْ جَعَلَ لَهُ دَخْلًا فِي إيجَابِهِ إلَى فَرْضِهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَالَتْ رَشِيدَةٌ) وَمِثْلُهَا السَّفِيهَةُ الْمُهْمَلَةُ زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ هُمَا قَيْدَانِ. وَقَوْلُهُ " فَفَعَلَ " أَيْ زَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ قَيْدٌ آخَرُ، فَهُوَ مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ التَّفْوِيضِ وَهُوَ قَاصِرٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَكَتَ أَوْ زَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَفِي ذَلِكَ يَلْغُو مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ وَيَكُونُ تَفْوِيضًا، وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْمَتْنِ، فَخَرَجَ بِالرَّشِيدَةِ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ سَفِيهَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " زَوِّجْنِي " مَا لَوْ لَمْ تَأْذَنْ وَكَانَتْ مُجْبَرَةً فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يُقَالُ لَهَا مُفَوَّضَةٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهَا " بِلَا مَهْرٍ " مَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. وَهَذَا تَفْوِيضُ الْحُرَّةِ، وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْأَمَةِ فَلَهُ صُورَتَانِ: أَنْ يَقُولَ سَيِّدُهَا زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ يَسْكُتُ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ قَوْلٌ مِنْ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلسَّيِّدِ. وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْأَمَةَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ فَيَنْعَقِدُ بِهِ وَلَا يَكُونُ تَفْوِيضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ لَا لَهَا، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ: صَحَّ تَفْوِيضُ رَشِيدَةٍ بِقَوْلِهَا لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ لَا بِمَهْرِ مِثْلٍ بِأَنْ نَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ أَوْ زَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ اهـ.

وَقَوْلُهُ " رَشِيدَةٌ " أَيْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِتَدْخُلَ السَّفِيهَةُ الَّتِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا إذْ هِيَ رَشِيدَةٌ حُكْمًا. وَقَوْلُهُ " بِلَا مَهْرٍ " سَوَاءٌ اقْتَصَرَتْ عَلَى ذَلِكَ أَمْ زَادَتْ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ فَيَكُونُ تَفْوِيضًا صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَوْلُهُ " فَزَوَّجَ لَا بِمَهْرِ " مِثْلٍ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ مُلْغَاةٌ مِنْ أَصْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْ الْإِذْنَ وَلَا الشَّرْعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَمِّيَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَا يُقَالُ هَذِهِ تَسْمِيَةٌ فَاسِدَةٌ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ، عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ الْفَاسِدَةَ إنَّمَا تُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يُؤْذِنْ فِي تَرْكِ الْمَهْرِ فَكَانَ هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ التَّسْمِيَةِ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ تُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْوِيضٌ مِنْ الْمَرْأَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ) هَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ " وَإِنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً " وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً " مِنْ الْمَتْنِ، وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ: وَوَجَبَ الْمَهْرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، وَقَدْ أَصْلَحَهُ الشَّارِحُ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يُوجِبُ الْمَهْرَ إذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ يُوجِبُهُ فِي غَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ بِحَالٍ ثُمَّ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ سم، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا بِحُكْمِنَا وَقَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ أَيْ وَهُمَا حَرْبِيَّانِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَمَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ لَا الذِّمِّيِّينَ لَوْ اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا. لَا يُقَالُ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا بِحُكْمِنَا فِي الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَوْجَبْنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسْلِمَا فَكَيْفَ لَا نُوجِبُهُ إذَا أَسْلَمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الذِّمِّيِّينَ وَالذِّمِّيُّ مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ وَمَا هُنَا فِي الْحَرْبِيِّينَ وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلْأَحْكَامِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا " أَيْ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا لِلْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا) فِيهِ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا يَجِبُ مَهْرُ

ص: 438

كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ. وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ؛ وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا فَرَضَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبَذَلَهُ لَهَا وَصَدَّقَتْهُ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ. وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ تَرَاضَيَا عَلَى مَهْرٍ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْهُ، بَلْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوِّضَةِ؟ وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَكَيْفَ تَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ جَازَ لَهَا الْحَبْسُ، وَإِذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا أَوْ حَبَسَهَا الْوَلِيُّ بِسَبَبِ عَدَمِ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَغَيْرَهَا وُجُوبًا مُدَّةُ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ سَاغَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ الْمَوْتِ فَكَيْفَ سَاغَ لَهَا طَلَبُ الْفَرْضِ وَحَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسَلُّمِهِ؟ وَلِهَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْإِشْكَالِ: مَنْ طَلَبَ أَنْ يَلْحَقَ مَا وَضَعَهُ عَلَى الْإِشْكَالِ بِمَا هُوَ بَيِّنٌ فَقَدْ طَلَبَ مُسْتَحِيلًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِوُجُوبِهِ بِنَحْوِ الْفَرْضِ فَلَمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ جَازَ لَهَا الطَّلَبُ وَسَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَالْوَلِيِّ كَمَا فِي ق ل. وَلَوْ زَوَّجَ غَرِيبٌ بِنْتَه بِبَلَدٍ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مَهْرَهَا، فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا إلَى وَطَنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ الْغَرِيبَةُ إذَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ لَهَا السَّفَرُ إلَى بَلَدِهَا مَعَ مَحْرَمٍ، وَإِذَا وَفَّى الزَّوْجُ الصَّدَاقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ النَّقْلِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ، قَالَهُ الشَّيْخُ س ل. وَانْظُرْ هَلَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ كَمُدَّةِ الْحَبْسِ فَيَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي مُدَّتِهِ؟ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ.

وَفِي شَرْحِ م ر: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَالْعَقْدُ بِغَزَّةَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ وَهَلْ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: نَعَمْ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِغَزَّةَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَبْسُ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِوَلِيِّهِمَا وَفِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ وَلِيِّهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهَةُ فَلَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا. وَلَوْ بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ وَادَّعَتْ أَنَّ وَلِيَّهَا سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَأَرَادَتْ حَبْسَ نَفْسِهَا لِلْقَبْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَجَازَ لَهَا الْحَبْسُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَقَدْ تَرَكَ أَبُوهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَادَّعَى أَنَّهُ تَرَكَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا هُنَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ وَمَا هُنَاكَ تَفْوِيتٌ مَعْدُومٌ اهـ سم.

وَقَوْلُهُ " لِوَلِيِّهِمَا " مَا لَمْ يَرِدْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّسْلِيمِ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ تَظْهَرُ ثَمَّ غَالِبًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَلِيِّ السَّفِيهَةِ اهـ ح ل. وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْمُكَاتَبَةُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَنَعَهَا مِنْ جَمِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَلَا يُقَالُ هُوَ بَدَلُ بُضْعِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ) أَيْ عَلَى ثِقَةِ مَا قَدَّرَهُ لَهَا وَهَذَا عِلَّةٌ لِلْمُعَلِّلِ مَعَ عِلَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ) أَيْ كَمَا لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ الْمُسَمَّى الْحَالُّ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُؤَجَّلُ) أَيْ فِي الْفَرْضِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لَهُ) أَيْ لِتَقْبِضَهُ وَإِنْ حَلَّ. وَقَوْلُهُ " كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَيْ كَالْمُؤَجَّلِ الْمُسَمَّى إلَخْ " وَقَوْلُنَا: " وَإِنْ حَلَّ " غَايَةٌ لِلرَّدِّ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمُ نَحْوِ قُرْآنٍ وَطَلَبَ كُلٌّ التَّسْلِيمَ فَاَلَّذِي أَفْتَيْته وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ الصَّدَاقُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيُسَلَّمُ لِعَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، قَالَ ح ل. وَقَدْ يُقَالُ: تُجْبَرُ هِيَ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ عَادَةً إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَالتَّأْجِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إجْبَارُهَا فِيهِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ مَعْلُومٌ فَيُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ وَزَمَنُ التَّعْلِيمِ لَا غَايَةَ لَهُ فَهِيَ إذَا مَكَّنَتْهُ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِي التَّعْلِيمِ فَتَطُولُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا فَاتَ التَّعْلِيمُ بِذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا زي الْجَزْمُ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ مَحَلُّ اشْتِرَاطِ رِضَاهَا. قَوْلُهُ: (وَبَذَلَهُ لَهَا) لَيْسَ قَيْدًا؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ اعْتِبَارَ رِضَاهَا عَبَثٌ أَيْ لَا مَعْنَى لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ) هَذَا

ص: 439

الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا وَيَجُوزُ فَرْضُ مُؤَجَّلٍ بِالتَّرَاضِي وَفَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَفْرِضُهُ الْحَاكِمُ) إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الْفَرْضِ لَهَا أَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمَفْرُوضِ كَمْ يُفْرَضُ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ، وَلَكِنْ يَفْرِضُهُ الْحَاكِمُ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ لَا مُؤَجَّلًا وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ الْإِلْزَامُ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَهَا إذَا فَرَضَهُ حَالًّا تَأْخِيرُ الْقَبْضِ بَلْ لَهَا تَرْكُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَيُفْرَضُ مَهْرُ مِثْلٍ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ. وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصَ عَنْهُ إلَّا بِالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. وَالْفَرْضُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَحَلُّهُ فِيمَا قَبْلَ الْوَطْءِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ مُسْتَهْلَكٍ، وَهُوَ الْبُضْعُ أَيْ مَنْفَعَتُهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: بَدَلُ تَالِفٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا) أَيْ مَا تَرَاضَيَا بِهِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: (بِالتَّرَاضِي) أَيْ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَفْرِضُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْهَا عِنْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ الَّذِي تَقَعُ الدَّعْوَى بَيْنَ يَدَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَنْصِبَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ بِوَزْنِ مَسْجِدٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ. قَوْلُهُ: (فَصْلُ الْخُصُومَةِ) وَإِلْزَامُ الْمُعَانِدِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْمُرَادُ بِالْبَلَدِ بَلَدُ الْفَرْضِ يَوْمَ الْفَرْضِ وَنَقْدُ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ بَلَدُ الْفَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ، قَالَ: وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْعَقْدِ أَوْ الْفَرْضِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، قَالَ: وَلَا يُنَافِي قَوْلَنَا بَلَدُ الْفَرْضِ مَنْ عَبَّرَ بِبَلَدِ الْمَرْأَةِ لِاسْتِلْزَامِ الْفَرْضِ حُضُورَهَا أَوْ حُضُورَ وَكِيلِهَا؛ فَالتَّعْبِيرُ بِبَلَدِ الْفَرْضِ لِتَدْخُلَ هَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلِفَاتِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حَالَّةً مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْمُنَاسِبُ وَلَا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ فِي نُفُوذِ الْحُكْمِ وَجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْفَرْضِ عِلْمُ الْحَاكِمِ إلَخْ، حَتَّى لَوْ فَرَضَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: فَإِنْ قُلْتَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا شَرْطًا لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ لَا لِنُفُوذِهِ لَوْ صَادَفَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. قُلْت: لَا بَلْ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ شَرْطٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَعَ الْجَهْلِ لَا يَنْفُذُ وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ، فَعِلْمُهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ وَلِلتَّقْرِيرِ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَيْنِ الرِّضَا بِهِ، فَإِنْ رَضِيَا بِهِ صَحَّ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا لَيْسَ وَلِيًّا وَلَا سَيِّدًا وَلَا وَكِيلًا وَلَا وَلَدًا يَلْزَمُهُ إعْفَافُ أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَعِبَارَةُ م ر: وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ اهـ. فَيَشْمَلُ مَا إذَا فَرَضَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَصِحُّ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ عَلَى الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ أَوْ مَأْذُونِهِ، فَفَارَقَ أَدَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ عَقْدٌ مَانِعٌ مِنْ أَدَاءِ الْغَيْرِ وَلَوْ عَقَدَ بِنَقْدٍ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَجَبَ هُنَا وَفِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ زَادَ سِعْرُهُ أَوْ نَقَصَ أَوْ عَزَّ وُجُودُهُ، فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْعَقْدِ " قَالَ ع ش: يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ مَعْنَى الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لِفَقْدِهِ إلَّا تَلَفُهُ، وَالْمَعْنَى إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يُتَصَوَّرْ فَقْدُهُ إلَّا بِانْقِطَاعِ نَوْعِهِ إذْ التَّلَفُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لِلْمُعَيَّنِ، وَإِذَا انْقَطَعَ نَوْعُهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ لَهُ مِثْلٌ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاعْتِبَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَيُرَادُ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَيَجِبُ مَعَهُ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى فُلُوسًا وَفُقِدَتْ يَجِبُ مِثْلُهَا نُحَاسًا وَقِيمَةُ صَنْعَتِهَا أَوْ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ؛ لَكِنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْضُ) أَيْ وَالْمَفْرُوضُ الصَّحِيحُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الْحَاكِمِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَمَفْرُوضٌ صَحِيحٌ كَمُسَمَّى فَيُشْطَرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ فَلَا يُشْطَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَبِخِلَافِ الْمَفْرُوضِ

ص: 440

الصَّحِيحُ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ بَعْدَ عَقْدٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَرْضُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَمْ مِنْ الْحَاكِمِ. وَالثَّالِثُ: مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَدْخُلُ بِهَا) بِأَنْ يَطَأَهَا وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ دُبُرٍ (فَيَجِبُ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ فِي وَطْئِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا مَهْرَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ مِثْلِ الْمُفَوِّضَةُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ، وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ. وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ فَلَا شَطْرَ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَهُمَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ هُنَا بِالْأَكْثَرِ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفَاسِدِ كَخَمْرٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّشْطِيرِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ، بِخِلَافِ الْفَاسِدِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَبِخِلَافِ الْمَفْرُوضِ الْفَاسِدِ " وَإِنَّمَا اقْتَضَى الْفَاسِدُ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهُنَا دَوَامٌ سَبَقَهُ الْخُلُوُّ عَنْ الْعِوَضِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِلْفَاسِدِ. وَقَوْلُهُ " فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّشْطِيرِ " أَيْ فَلَا يُشْطَرَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ " بِخِلَافِ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ " أَيْ فَإِنَّهُ يُشْطَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَطَأَهَا) أَيْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ وَلَوْ بِإِدْخَالِهَا ذَكَرَهُ هَلْ وَلَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ. الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا بِوَطْءٍ. وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّحْلِيلُ كَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى جِمَاعُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْلِيلِ أَنْ مَبْنَى التَّحْلِيلَ عَلَى اللَّذَّةِ بِخِلَافِ هَذَا، وَأَيْضًا الْقَصْدُ مِنْهُ التَّنْفِيرُ عَنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ فِي التَّنْفِيرِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ. وَشَمَلَ قَوْلُهُ " بِأَنْ يَطَأَهَا " مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ فِي الْعَادَةِ عَلَى مَا فِي الْإِيعَابِ، وَخَرَجَ مَا إذَا أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ بِعُودٍ فَلَا يَتَقَرَّرُ بِهِ الْمَهْرُ وَلَا يَلْزَمُهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ سِوَى النِّصْفِ فِي غَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ، وَخَرَجَ أَيْضًا اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَقَطْ لَا الْمَهْرَ. وَقَوْلُهُ " بِأَنْ يَطَأَهَا " قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْجِنَايَاتِ: وَلَوْ أَزَالَ أَيْ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا بِلَا ذَكَرٍ فَلَا شَيْءَ أَوْ غَيْرُهُ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَحُكُومَةٌ اهـ.

وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ " أَوْ أَزَالَهَا غَيْرُهُ " أَيْ وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ افْتِضَاضِهَا أَوْ أَذِنَتْ وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَنَبَّهَ لَهُ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ يَعْجِزُ عَنْ إزَالَةِ بَكَارَةِ زَوْجَتِهِ فَيَأْذَنُ لِامْرَأَةٍ فِي إزَالَةِ بَكَارَتِهَا فَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الْمَأْذُونُ لَهَا الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الزَّوْجِ لَهَا لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ. لَا يُقَالُ هُوَ مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ فَيُنَزَّلُ فِعْلُ الْمَرْأَةِ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ اهـ قَالَ سم: وَلَا يَجُوزُ إزَالَةُ بَكَارَتِهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ نَحْوِهَا، إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَتِهَا بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَمَحَّضُ حَقًّا لِلْمَرْأَةِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَيُصَانُ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحَاتِ؟ أَفَادَهُ الْحَلَبِيُّ. قَالَ شَيْخُنَا: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُسْتَنِدًا لِلْإِبَاحَةِ وَلَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَحَلَّتْهُ وَإِنَّمَا الَّذِي أَحَلَّهُ الْعَقْدُ.

وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِيهِ صُورَةُ الْإِبَاحَةِ وَالْوَطْءُ مَصُونٌ عَنْ التَّصَوُّرِ بِصُورَةِ الْمُبَاحِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مُتَصَوَّرًا بِصُورَةِ الْمُبَاحِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ الزِّنَا، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا م د لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ اهـ. وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ حَقَّ اللَّهِ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّ إبَاحَتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إذْنِ الشَّارِعِ وَهُوَ أَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْوَطْءِ بِصِفَةٍ، كَعِلْمٍ، لَا تُوجَدُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَزَادَ مَهْرُ مِثْلِهَا بِذَلِكَ اُعْتُبِرَ هَذَا الزَّائِدُ.

قَوْلُهُ: (وَاقْتَرَنَ بِهِ) أَيْ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالضَّمَانِ لَا بِالْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (الْإِتْلَافُ) أَيْ إتْلَافُ الْمَنْفَعَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ إدْخَالِ الذَّكَرِ فِيهِ، كَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَإِنَّهَا تَتْلَفُ مَنْفَعَتُهَا بِسُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا، فَإِذَا لَمْ يَسْكُنْهَا لَمْ تَتْلَفْ.

قَوْلُهُ: (كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ) لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِتْلَافُ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَطْرَ) لَكِنْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ، قَوْلُهُ:(قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَوْتَ كَالْوَطْءِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَهْرَ بِالْمَوْتِ

ص: 441

أَوْ بِحَالِ الْعَقْدِ أَوْ الْمَوْتِ؟ أَوْجُهٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَوْجَهُهَا أَوَّلُهَا؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَالْوَطْءِ. وَلَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ سَقَطَ مَهْرُهَا، بِخِلَافٍ مَا لَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا.

وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا يُرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا عَادَةً وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ فِي النَّسِيبَةِ لِوُقُوعِ التَّفَاخُرِ بِهِ كَالْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا مَرَّ وَكَالْمَوْتِ عِدَّةً وَمَهْرًا وَإِرْثًا لَوْ مُسِخَ أَحَدُهُمَا حَجَرًا فَإِنْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا فَكَذَلِكَ مَهْرًا لَا عِدَّةً وَإِرْثًا عَلَى الْأَوْجَهِ نَظَرًا لِحَيَاتِهِ، وَلَوْ سُحِرَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ السِّحْرَ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ وَيُؤَثِّرُ لَكِنَّهُ لَا يَقْلِبُ الْخَوَاصَّ وَلَا يُخْرِجُ الْمَسْحُورَ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَخَوَاصِّهَا سم. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مُسِخَ حَيَوَانًا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَإِنْ مُسِخَ حَجَرًا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهَا أَوَّلُهَا) أَيْ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ إلَخْ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْمَوْتِ. وَالْمَسْأَلَةُ لَهَا سِتَّةُ أَحْوَالٍ أَرْبَعَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا وَاثْنَانِ لَا يَسْقُطُ فِيهِمَا: إذَا قَتَلَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ أَوْ زَوْجَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِمَّنْ لَهُ الْمَهْرُ أَوْ مِمَّنْ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ، وَلَا يَسْقُطُ فِيمَا لَوْ قَتَلَ الزَّوْجُ الْأَمَةَ أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ، وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَلَا يَسْقُطُ بِقَتْلِهَا نَفْسَهَا وَيَسْقُطُ بِقَتْلِهَا زَوْجَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْهَا وَالْفُرْقَةُ إذَا كَانَتْ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا قَبْلَ وَطْءٍ تُسْقِطُ الْمَهْرَ. وَقَوْلُهُ " وَلَوْ قَتَلَ أَمَتَهُ وَلَوْ مَعَ مُشَارَكَةِ أَجْنَبِيٍّ " أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ قَتَلَ زَوْجَهَا كَذَلِكَ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السَّيِّدِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ: يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ السَّيِّدَ وَفِعْلُهَا مَعَ أَحَدٍ يُسْقِطُ النِّصْفَ تَوْزِيعًا عَلَيْهِمَا.

قَوْلُهُ: (أَمَتَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهَا بِصِفَةٍ أَوْ مُوصًى بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُبَعَّضَةً وَقَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا مَالِكُ بَعْضِهَا هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ تَغْلِيبًا لِبَعْضِهَا الرَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ لِجَانِبِ سَيِّدِهَا الَّذِي هُوَ مَالِكُ بَعْضِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا يَسْقُطُ تَغْلِيبًا لِبَعْضِهَا الْحُرِّ أَوْ يُقَالُ بِالتَّوْزِيعِ؟ رَاجِعْ وَحَرِّرْ، ثُمَّ رَأَيْت بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ لَوْ قَتَلَهَا سَيِّدُهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، ثُمَّ رَاجَعْت الْأَنْوَارَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. اهـ. دَيْرَبِيٌ. وَأَقُولُ: رَاجَعْنَاهُ فَوَجَدْنَاهَا كَالْأَمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَدَخَلَ فِي الْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةُ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر. وَقَالَ شَيْخُنَا زي كَالْخَطِيبِ: يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ فَقَطْ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) وَلَوْ مَعَ مُشَارَكَةِ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ الزَّوْجَ أَوْ قَتَلَهُ سَيِّدُهَا أَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا؛ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَتْلُهَا لَهُ بِحَقٍّ اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَنَّ الْحُرَّةَ كَالْمُسَلَّمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْحُرَّةَ إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا غَنِمَ زَوْجُهَا مِنْ مِيرَاثِهَا فَجَازَ أَنْ يَغْرَمَ مَهْرَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَأَيْضًا الْغَرَضُ مِنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْأُلْفَةُ وَالْمُوَاصَلَةُ دُونَ الْوَطْءِ وَقَدْ وُجِدَا بِالْعَقْدِ وَالْغَرَضُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْوَطْءُ؛ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَوْفُ الْعَنَتِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَعِبَارَةُ س ل: قَوْلُهُ " أَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا " وَفَارَقَ مَا لَوْ قَتَلَتْ زَوْجَهَا حَيْثُ لَا مَهْرَ بِأَنَّهَا فِي قَتْلِهَا نَفْسَهَا تَفْوِيتٌ لِحَقِّ غَيْرِهَا وَهُمْ الْوَرَثَةُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَفِي قَتْلِهَا زَوْجَهَا تَفْوِيتٌ عَلَيْهَا فَسَقَطَ اهـ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَتْ زَوْجَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (مَا يُرْغَبُ) أَيْ مَا رُغِبَ فِيهِ بِالْفِعْلِ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: أَيْ مَا وَقَعَتْ الرَّغْبَةُ بِهِ فِيمَنْ يُمَاثِلُهَا، فَالْمُرَادُ بِالْمُضَارِعِ الْمَاضِي فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ:(فِي مِثْلِهَا عَادَةً) خَرَجَ بِقَوْلِهِ " عَادَةً " مَا لَوْ شَذَّ وَاحِدٌ لِفَرْطِ يَسَارِهِ فَرَغِبَ أَوْ شَذَّتْ وَاحِدَةٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ) أَيْ رُكْنُ الْمِثْلِ الَّذِي يُعْتَبَرُ بِهِ الْمَهْرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ م ر مَا يُرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا نَسَبًا وَصِفَةً، أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَيْ وَرُكْنُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الِاعْتِبَارِ وَرُكْنُهُ الْآخَرُ الصِّفَاتُ. قَوْلُهُ:(فِي النَّسِيبَةِ) أَمَّا مَجْهُولَةُ النَّسَبِ فَرُكْنُهُ

ص: 442

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ تَخْتَلِفُ بِالنَّسَبِ مُطْلَقًا فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ، فَأَقْرَبُهُنَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ الْمُدْلِي بِجِهَتَيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُدْلِي بِجِهَةٍ، ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ. فَإِنْ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ اُعْتُبِرَ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَالْجَدَّاتِ وَالْخَالَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ، وَيُقَدَّمُ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ الْأُمُّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ. وَالْمُرَادُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا قَرَابَاتُ الْأُمِّ لَا ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورُونَ فِي الْفَرَائِضِ؛؛ لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ لَسْنَ مِنْ الْمَذْكُورِينَ فِي الْفَرَائِضِ. وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ سِنٌّ وَعِفَّةٌ وَعَقْلٌ وَجَمَالٌ وَيَسَارٌ وَفَصَاحَةٌ وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ. وَمَا اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ كَالْعِلْمِ وَالشَّرَفِ؛ لِأَنَّ الْمُهُورَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ. وَيُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ الْبَلَدُ فَإِنْ كَانَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ بِبَلَدَيْنِ هِيَ فِي إحْدَاهُمَا اُعْتُبِرَ بِعَصَبَاتِ بَلَدِهَا، فَإِنْ كُنَّ كُلُّهُنَّ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى فَالِاعْتِبَارُ بِهِنَّ لَا بِأَجْنَبِيَّاتِ بَلَدِهَا كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَعْظَمُ نِسَاءُ الْأَرْحَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي؛ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (كَالْكَفَاءَةِ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا النَّسَبُ. قَوْلُهُ: (فَيُرَاعَى أَقْرَبُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ نَقْصٌ مُخِلٌّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَيُرَاعَى مِنْ أَقَارِبِهَا لِتُقَاسَ هِيَ عَلَيْهَا أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هَذِهِ الَّتِي طُلِبَ مَعْرِفَةُ مَهْرِهَا إلَيْهِ كَأُخْتٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُرَاعَى أَقْرَبُ امْرَأَةٍ إلَيْهَا مِنْ الْمَنْسُوبَاتِ إلَى أَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ الْكُلُّ إلَيْهِ مِمَّنْ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ لَوْ كُنَّ ذُكُورًا ق ل.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ) أَيْ وَإِنْ سَفَلْنَ، فَتُقَدَّمُ بِنْتُ ابْنِ الْأَخِ عَلَى الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ. وَلَمْ يَذْكُرْ بَنَاتَ الْأُخْتِ هُنَا وَسَيَأْتِي بِذِكْرِهِنَّ فِي نِسَاءِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ بَنَاتِ الْأَخِ حَيْثُ قَدَّمَهُنَّ عَلَيْهِنَّ؟

قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَمَّاتٌ) لَا بَنَاتُهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ) أَيْ ثُمَّ بَنَاتُهُنَّ وَإِنْ سَفَلْنَ لِإِدْلَائِهِنَّ بِعَصَبَةٍ. قَوْلُهُ: (كَالْجَدَّاتِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَمَّا الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلَيْسَتْ هُنَا مِنْ الرَّحِمِ وَلَا مِنْ الْعَصَبَاتِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي تَعْرِيفِ كُلٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ ع ش عَلَى م ر. قَالَ م ر: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأُمِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَيْفَ لَا تُعْتَبَرُ وَتُعْتَبَرُ أُمُّهَا؛ وَلِذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: تُقَدَّمُ الْأُمُّ فَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ فَالْجَدَّاتُ فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ وَأَمُّ أُمٍّ فَوُجُوهٌ أَوْجَهُهَا اسْتِوَاؤُهُمَا اهـ بِالْحَرْفِ. قَالَ ع ش: قَوْلُهُ " فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ " أَيْ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَرَابَتِهَا، أَمَّا أُمُّ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْأَرْحَامِ فِي الضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ يُعْتَبَرْنَ هُنَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُنَاكَ ذَوَاتُ فُرُوضٍ، فَلَوْ أُرِيدَ مَا هُنَاكَ خَرَجْت بِقَوْلِهِ " فَإِنْ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ إلَخْ " وَلِأَنَّ الْعَمَّاتِ هُنَا مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ وَهُنَاكَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.

قَوْلُهُ: (قَرَابَاتُ الْأُمِّ) أَيْ الْأُمُّ وَقَرَابَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَذْكُورِينَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَاثٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ النَّسَبِ، فَإِنْ فَضَّلْتَهُنَّ بِوَصْفٍ أَوْ نَقَصْتَ فَرْضَ مَهْرٍ لَائِقٍ بِالْحَالِ أَيْ حَالِ الْمَرْأَةِ الْمَطْلُوبَةِ مَهْرُهَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ مَنُوطٌ بِهِ فَيُقَدِّرُهُ بِاجْتِهَادِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ اتِّفَاقٌ عَلَيْهِ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَفَصَاحَةٌ) وَفِي الْكَافِي اعْتِبَارُ حَالِ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالنَّسَبِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا الْمَالَ وَالْجَمَالَ فِي الْكَفَاءَةِ؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى دَفْعِ الْعَارِ وَمَدَارُ الْمَهْرِ عَلَى مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الرَّغَبَاتُ ح ل. قَوْلُهُ: (وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ) اُنْظُرْ لِأَيِّ شَيْءٍ ذَكَرَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ أَحَدَ الْمُتَقَابِلَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ السِّنَّ وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ وَذَكَرَ الْعَقْلَ وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ وَهَكَذَا إلَخْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبَكَارَةَ وَمُقَابِلَهَا وَهُوَ الثُّيُوبَةُ؟ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا بَعْدَ أَنْ سُئِلَ عَنْهُ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ بِعَصَبَاتِ بَلَدِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدْنَ كَبَنَاتِ أَخٍ وَكَانَتْ الْغَائِبَاتُ أَقْرَبَ كَأَخَوَاتٍ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ م ر؛ لَكِنْ نُقِلَ فِي حَوَاشِي ابْنِ حَجَرٍ اعْتِبَارُ الْغَائِبَاتِ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَعِبَارَةُ ح ل: وَلَوْ كَانَ اللَّوَاتِي بِبَلَدِهَا أَبْعَدَ مِنْ اللَّوَاتِي بِغَيْرِهَا فَمَحَلُّ نَظَرٍ قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ شَبَهِهَا، وَنَقَلَ الشَّيْخُ سم عَنْهُ فِي حَوَاشِي حَجّ مُرَاعَاةَ مَنْ فِي بَلَدِهَا إنْ اسْتَوَيَا اهـ.

ص: 443

(وَلَيْسَ لِأَقَلِّ الصَّدَاقِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ حَدٌّ) بَلْ ضَابِطُهُ كُلُّ مَا صَحَّ كَوْنُهُ مَبِيعًا عِوَضًا أَوْ مُعَوَّضًا صَحَّ كَوْنُهُ صَدَاقًا وَمَالًا فَلَا، فَلَوْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ وَلَا يُقَابِلُ بِمُتَمَوَّلٍ كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ وَيُرْجَعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَا إذَا أَصْدَقَهَا ثَوْبًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِأَقَلِّ الصَّدَاقِ إلَخْ) وَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الْعَقْدِ. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَوَاةً أَوْ قِشْرَةَ بَصَلَةٍ وَنَحْوَهُمَا.

قَوْلُهُ: (حَدٌّ) أَيْ مُعَيَّنٌ يُوقَفُ عِنْدَهُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ؛ وَهَذَا عِنْدَنَا وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ.

قَوْلُهُ: (عِوَضًا أَوْ مُعَوَّضًا) تَعْمِيمٌ فِيمَا صَحَّ مَبِيعًا، وَنُوقِشَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَوَّضٌ لَا عِوَضَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ يَصِحُّ كَوْنُهُ ثَمَنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ حَتَّى يُنَافِيَ التَّعْمِيمَ بَلْ بِمَا صَحَّ كَوْنُهُ مَبِيعًا وَهُوَ قَابِلٌ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا. قَوْلُهُ:(صَحَّ كَوْنُهُ صَدَاقًا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ جَعَلَ رَقَبَةَ الْعَبْدِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّضَادِّ وَلَا جَعْلُ الْأَبِ أُمَّ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ صَدَاقًا لَهُ وَلَا جَعْلُ ثَوْبٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ صَدَاقًا مَعَ أَنَّ كُلًّا يَصِحُّ جَعْلُهُ ثَمَنًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ يَصِحُّ صَدَاقُهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ لِعَارِضٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الصَّدَاقِ رَفَعَهُ.

وَنَازَعَ شَيْخُنَا فِي إيرَادِ الثَّوْبِ حَيْثُ قَالَ: وَاسْتِثْنَاءُ مَا لَوْ جَعَلَ ثَوْبًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ وُجُوبِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَعَيَّنَ السِّتْرُ بِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَإِصْدَاقُهُ وَإِلَّا صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صَدَاقًا يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ إصْدَاقِهَا مَا لَزِمَهَا أَوْ لَزِمَ فِيهَا مِنْ قَوَدٍ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ. وَقَوْلُهُ " إصْدَاقِهَا " أَيْ إصْدَاقِ شَخْصٍ لَهَا مَا لَزِمَهَا مِنْ قَوَدِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَجْعَلُ ذَلِكَ صَدَاقًا لَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً مُشْرِكَةً لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ خَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَهَلْ الثَّمَنُ مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ أَوَّلًا؟ حَرِّرْهُ، وَصُورَةُ أُمُّ الْوَلَدِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر: أَنْ يَتَزَوَّجَ شَخْصٌ أَمَةً بِالشُّرُوطِ ثُمَّ يَأْتِي مِنْهَا بِوَلَدٍ ثُمَّ يَمْلِكُهَا هِيَ وَوَلَدَهَا فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَيَجْعَلَ أُمَّهُ صَدَاقًا لَهُ لَا يَصِحُّ اهـ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: صُورَتُهَا أَنْ يَطَأَ أَمَةً بِشُبْهَةٍ فَيَأْتِي مِنْهَا بِوَلَدٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَهَا صَدَاقًا لِهَذَا الْوَلَدِ لِلدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ جَعْلُهَا صَدَاقًا، وَمَا أَدَّى وُجُودُهُ إلَى عَدَمِهِ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ) أَيْ لَا يُعَدُّ مَالًا عُرْفًا وَإِنْ عُدَّ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ.

قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ وَلَا يُقَابَلُ بِمُتَمَوَّلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ لَازِمَةٌ لِلْأُخْرَى، إلَّا إنْ أُرِيدَ بِالثَّانِيَةِ نَحْوَ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِوَضِيَّةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ وَلَا يُقَابَلُ بِمُتَمَوَّلٍ كَنَوَاةٍ وَحَصَاةٍ وَتَرْكِ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِوَضِيَّةِ اهـ فَقَوْلُهُ لَا يُتَمَوَّلُ أَيْ مِنْ الْمَالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَنَوَاةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُقَابَلُ بِمُتَمَوَّلٍ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَتَرَكَ شُفْعَةً وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ:" وَتَرْكِ شُفْعَةٍ " بِأَنْ اشْتَرَتْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَقَوْلُهُ " وَحَدِّ قَذْفٍ " بِأَنْ قَذَفَتْهُ.

قَوْلُهُ: (كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ) مِثَالٌ لِمَا لَا يُتَمَوَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ) وَأَمَّا النِّكَاحُ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَقْدَيْنِ عَقْدٌ لِلنِّكَاحِ قَصْدًا وَبِالذَّاتِ وَعَقْدٌ لِلصَّدَاقِ تَبَعًا وَبِالْعَرَضِ، فَإِذَا صَحَّ مَا بِالذَّاتِ صَحَّ التَّابِعُ لَهُ أَوْ فَسَدَ هُوَ فَسَدَ وَلَا كَذَلِكَ مَا لَوْ فَسَدَ التَّابِعُ فَإِنَّ الْمَتْبُوعَ بَاقٍ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُرْجَعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمُسَمَّى إلَّا فِي صُورَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَالثَّانِيَةُ: إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ لِحُرَّةٍ وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا لِلدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا لَمَلَكْته وَلَوْ مَلَكْته لَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَوْ انْفَسَخَ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ فَيَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ صَدَاقًا عَدَمُ جَعْلِهِ صَدَاقًا.

فَرْعٌ: لَوْ أَصْدَقَهَا مِائَةٌ خَمْسُونَ حَالَّةً وَخَمْسُونَ مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحِلُّ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَسَدَ الصَّدَاقُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا يُقَالُ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّوْزِيعِ أَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ مَعْلُومًا وَهُنَا مَجْهُولٌ لِجَهْلِ أَجَلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ. اهـ. م ر وزي. وَلَوْ دَفَعَ لَهَا مَالًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَهْرِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْهُ صُدِّقَ كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ صُدِّقَ الْآخِذُ فِي نَفْيِ الْعِوَضِ عَنْهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي دَفْعِ صَدَاقٍ لِوَلِيِّ

ص: 444

لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَلَا يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ فِي سِتْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي أَرَادَ التَّزْوِيجَ عَلَى إزَارِهِ: «إزَارُك هَذَا إنْ أَعْطَيْته إيَّاهَا جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك» وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِنَا: مَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْمَهْرُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمَ كَأَصْدِقَةِ بَنَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَزَوْجَاتِهِ، وَأَمَّا إصْدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ صلى الله عليه وسلم.

(وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ) تُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَتَعْلِيمٍ فِيهِ كُلْفَةٌ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَكِتَابَةٍ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ يُحْسِنُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهَا وَالْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ جَازَ وَيَسْتَأْجِرُ لَهَا مَنْ يُحْسِنُهَا، وَإِنْ الْتَزَمَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَجْزِهِ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمَعْلُومَةِ الْمَنْفَعَةُ الْمَجْهُولَةُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا، وَلَكِنْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِطْلَاقُ التَّعْلِيمِ فِيمَا تَقَدَّمَ شَامِلٌ لِمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ كَالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَلِلْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَالْخَطِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَحْجُورَةٍ أَوْ رَشِيدَةٍ أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ بِأَخْذِهِ نُطْقًا وَإِلَّا فَلَا، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَعْوَاهُ الْإِذْنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا حَدَّ أَوْ بَعْدَهُ حُدَّ مَا لَمْ يُعْذَرْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مُتَعَرِّضٌ لِعَوْدِ نِصْفِهِ إلَيْهِ فَهُوَ شُبْهَةٌ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (لِلَّذِي أَرَادَ التَّزْوِيجَ) الْأَوْلَى التَّزَوُّجُ. قَوْلُهُ: (إزَارُك) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ إنْ أَعْطَيْته إلَخْ. قَوْلُهُ: (جَلَسْتَ وَلَا إزَارَ لَك) أَيْ وَحَقُّ اللَّهِ الَّذِي هُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا دَاخِلٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ بَيْعِهِ وَقَدْ قُدِّمَ فِيهِ الْبُطْلَانُ فَلَا يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ، فَلَوْ قَالَ خَارِجٌ كَانَ أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِنَا إلَخْ، وَهُوَ قَوْلُهُ " وَإِلَّا فَلَا " وَعَلَى هَذَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ. وَاعْتَرَضَهُ ق ل بِأَنَّ الْإِزَارَ أَوْ الثَّوْبَ يَصِحُّ كَوْنُهُ مَبِيعًا وَإِنْ امْتَنَعَ بَيْعُهُ لِعَارِضٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ دَاخِلًا لَوْ قَالَ مَا صَحَّ أَنْ يَبِيعَهُ الْإِنْسَانُ صَحَّ أَنْ يَجْعَلَهُ صَدَاقًا مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَنْقُصَ) وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الدَّرَاهِمِ م ر.

قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ) ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُجَوِّزُ أَقَلَّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا إصْدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ إلَخْ) وَهِيَ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، هَاجَرَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ حَبِيبَةَ وَبِهَا كَانَتْ تُكْنَى، وَهِيَ رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ فِي حِجْرِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -؛ وَتَنَصَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ هُنَاكَ وَثَبَتَتْ هِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ، «وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى النَّجَاشِيِّ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا وَأَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ» ، وَاَلَّذِي تَوَلَّى عَقْدَ النِّكَاحِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَّلَتْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا، وَقِيلَ: الَّذِي تَوَلَّى عَقْدَ النِّكَاحِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقِيلَ: كَانَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَجَهَّزَهَا النَّجَاشِيُّ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرْسَلَهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَقِيلَ:«تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ» ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ الْعَامِرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَدَّدَ نِكَاحَ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ» . اهـ. ح ل فِي السِّيرَةِ.

قَوْلُهُ: (تُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ) فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْفَعَةِ الْإِجَارَةِ، أَيْ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُسْتَوْفَى بِالْإِجَارَةِ، أَيْ يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ؛ فَخَرَجَ الْمَنْفَعَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَالْفَاقِدَةُ بَعْضَ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهَا شَرْطَيْنِ: كَوْنُهَا مَعْلُومَةً وَكَوْنُهَا تُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بِأَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً لَا كَآلَةِ لَهْوٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ، أَمَّا الْمُجْبَرَةُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إجْبَارِهَا أَنْ يَكُونَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ إلَّا أَنْ تُصُوِّرَ بِمَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ التَّعَامُلَ بِالْمَنَافِعِ، أَوْ تُصُوِّرَ بِمَا إذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ لِعَبْدٍ كَامِلٍ أَوْ لِحُرٍّ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ فَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ مُتَعَيَّنٌ.

قَوْلُهُ: (كُلْفَةٌ) وَلَوْ لِلشَّهَادَتَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَأَرَادَتْ الْإِسْلَامَ إذَا كَانَ فِي تَعْلِيمِهَا لَهُمَا كُلْفَةٌ بِأَنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً.

قَوْلُهُ: (وَالْتَزَمَ) أَيْ التَّعْلِيمَ فِي الذِّمَّةِ جَازَ.

قَوْلُهُ: (مَنْ يُحْسِنُهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ الْتَزَمَ) ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا غَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ عَقْدُ الصَّدَاقِ حَيْثُ لَمْ يَحْسُنْ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَصَحِيحٌ وَيَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: (الْمَجْهُولَةُ) كَسُكْنَى الدَّارِ مُدَّةً مَجْهُولَةً.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَهُ عَلَيْهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مُقَابَلَةِ

ص: 445

وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَلِتَعْلِيمِهَا هِيَ أَوْ وَلَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهَا تَعْلِيمُهُ، وَكَذَا لِعَبْدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ؛ فَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَذَّرُ تَعْلِيمُ غَيْرِهَا بِطَلَاقِهَا، أَمَّا إذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهَا بِنَفْسِهِ فَطَلَّقَ قَبْلَ التَّعْلِيمِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ اخْتِلَاؤُهُ بِهَا. فَإِنْ قِيلَ: الْأَجْنَبِيَّةُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ وَهَذِهِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَهَلَّا جَازَ تَعْلِيمُهَا، أُجِيبَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتَنَعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سُكْنَى الدَّارِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (كَالْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْعِلْمِ الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ وَالْحِرْفَةِ الْمُضْطَرَّةِ إلَيْهَا كَالْخِيَاطَةِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَلِلْقُرْآنِ) مِثَالٌ لِمَا لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ أَيْ قَدْرًا مِنْهُ فِي تَعْلِيمِهِ كُلْفَةٌ عُرْفًا وَلَوْ دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِهِ أَوْ يُقَدَّرُ بِالزَّمَانِ، فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَدْرِ وَالزَّمَانِ بَطَلَ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْقِرَاءَةِ كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ حَفْصٍ حَيْثُ غَلَبَتْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ تَغْلِبْ وَجَبَ تَعْيِينُهُ. وَعِبَارَةُ م ر: وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِمَا شَرَطَ تَعْلِيمَهُ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَكَّلَ الْجَاهِلُ مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَلَا يَكْفِي التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْمَكْتُوبِ فِي أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ أَيْ النَّوْعِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ؛ وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَسَنٌ، فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فِيهَا شَيْءٌ تَخَيَّرَ. هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَجَبَ التَّعْيِينُ فَلْيُحَرَّرْ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا، فَإِنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ حَرْفًا تَعَيَّنَ، فَلَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ وَعَلَيْهِ تَعْلِيمُ الْمُعَيَّنِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ؛ وَلَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ شَهْرًا صَحَّ لَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فِي شَهْرٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ اهـ.

وَقَوْلُهُ " وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَرْأَةِ لِمَا يَجْعَلُ تَعْلِيمَهُ صَدَاقًا. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَذِنَتْ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا رَضِيَتْ بِجَعْلِ صَدَاقِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَهُوَ التَّعْلِيمُ فَكَأَنَّهَا رَدَّتْ الْأَمْرَ إلَى وَلِيِّهَا فِيمَا يَجْعَلُهُ صَدَاقَهَا مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ. وَقَوْلُهُ " وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ إلَخْ " وَيَكْفِي فِي عِلْمِهِمَا سَمَاعُهُمَا لَهُ مِمَّنْ تَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَالشِّعْرِ) سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُزَنِيّ عَنْ صِحَّةِ جَعْلِ الصَّدَاقِ شِعْرًا فَقَالَ: يَجُوزُ إنْ كَانَ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ، وَهُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الْأَنْصَارِيُّ:

يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ

وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا مَا أَرَادَا

يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي

وَتَقْوَى اللَّهِ أَعْظَمُ مَا اسْتَفَادَا

اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (وَلِتَعْلِيمِهَا هِيَ) أَيْ وَشَامِلٌ لِتَعْلِيمِهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ فَقِيرٌ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِعَبْدِهَا) لَا يَخْفَى أَنْ تَشْبِيهَ عَبْدِهَا بِوَلَدِهَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ تَعْلِيمِ الْعَبْدِ بِالْوَاجِبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَتَعْلِيمِهَا الشَّامِلِ لِغَيْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الْوَلَدِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.

وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ وَكَذَا عَبْدُهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا تَعْلِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَدِهَا فَتَشْبِيهُ الْعَبْدِ بِالْوَلَدِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي مُطْلَقِ الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (بِطَلَاقِهِ) أَيْ إيَّاهَا فَهُوَ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ.

قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ) إيَّاهَا شَرْعًا أَيْ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ، أَحَدُهَا وَثَانِيهَا: أَنْ يُصْدِقَهَا تَعْلِيمَهُ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهَا. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا تَصِيرَ مَحْرَمًا لَهُ كَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ. وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا تَصِيرَ زَوْجَةً لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ. وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ وَقْعٌ بِأَنْ يَتَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ. وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً تُشْتَهَى. وَغَالِبُهَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ أَوْ جَوَّزْنَاهُ بِحُضُورِ مَحْرَمٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ قَدْ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ فَلَا يُؤْمَنُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِعَدْلٍ ثُمَّ تُؤْمَرُ بِالتَّمْكِينِ هَذَا مَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ وَلَا نَقْلَ فِيهَا فِيمَا عَلِمْت؛ هَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا م ر اهـ

ص: 446