الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَى مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَإِلَّا غَرِمَ الْأَرْشَ، فَإِنْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّفْرِيطِ كَالْمُتَصَادَمِينَ؛ وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا كُسِرَتْ لِتَخْلِيصِهَا وَلَا تُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ لِذَلِكَ. ثُمَّ إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِتَفْرِيطِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فَإِنْ تَعَدَّى صَاحِبُ الْقِدْرِ بِوَضْعِهَا بِمَوْضِعٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ لَكِنَّهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَلَا أَرْشَ لَهُ، وَلَوْ تَعَدَّى كُلٌّ مِنْ مَالِكِ الْقِدْرِ وَالْبَهِيمَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ ابْتَلَعَتْ بَهِيمَةٌ جَوْهَرَةً لَمْ تُذْبَحْ لِتَخْلِيصِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً بَلْ يَغْرَمُ مَالِكُهَا إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا قِيمَةَ الْجَوْهَرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِنْ بَلَعَتْ مَا يَفْسُدُ، بِالِابْتِلَاعِ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْفَيْصُولَةِ.
فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ
وَهِيَ إسْكَانُ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا لُغَةً الضَّمُّ وَشَرْعًا حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النَّاقَةِ إذَا كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْصَلُ عَنْ أُمِّهِ وَالْجَمْعُ فُصْلَانٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى فِصَالٍ بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ؛ وَالْفَصِيلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (فِي مَحْبَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ وَهَذَا أَفْصَحُ اللُّغَاتِ فِيهَا وَيَجُوزُ ضَمُّ الْبَاءِ مِثْلَ الْمَقْبَرَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ لِأَنَّهَا اسْمُ آلَةٍ وَالْجَمْعُ مَحَابِرُ أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمِحْبَرَةُ الدَّوَاةُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْحِبْرِ.
قَوْلُهُ: (بِتَفْرِيطِ صَاحِبِ الْبَيْتِ) بِأَنْ فَرَّطَ فِي فَتْحِهِ مَعَ وُجُودِ الْفَصِيلِ وَفَرَّطَ صَاحِبُ الْمِحْبَرَةِ بِتَقْدِيمِهَا عِنْدَ مَنْ يَعُدُّ الدَّرَاهِمَ مِثْلًا. قَوْلُهُ: (فَلَا غُرْمَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَجَبَ الْهَدْمُ وَالْكَسْرُ وَلَا غُرْمَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ التَّفْرِيطُ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ فَقَطْ أَوْ لَا بِتَفْرِيطٍ أَصْلًا لَا مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَلَا مِنْ مَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ؛ وَبَقِيَ مِنْ مَصْدُوقِ قَوْلِهِ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَمِنْ مَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ، وَإِلَّا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الثَّالِثَ لَيْسَ مُرَادًا مِنْ قَوْلِهِ:" وَإِلَّا " بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: " فَإِنْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا إلَخْ " أَيْ بِتَفْرِيطِ مَالِكِ الدِّينَارِ وَالْفَصِيلِ وَمَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا الْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (غَرِمَ) أَيْ مَالِكُ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ الْأَرْشَ أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ وَالْمَحْبَرَةَ إنَّمَا أُتْلِفَا لِتَخْلِيصِ مَالِهِمَا.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ) أَيْ مَالِكَ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ. وَقَوْلُهُ: " إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ " أَيْ نِصْفَ أَرْشِ الْبَيْتِ الَّذِي هُدِمَ وَنِصْفَ أَرْشِ الْمَحْبَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُذْبَحُ) أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ قَالَ، يَعْنِي الْبُلْقِينِيُّ: وَسَأَلْت عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْمَرْعَى ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَجَاءَتْ إلَى الْجُرْنِ فَرَدَّهَا الْحَارِسُ فَرَفَسَتْهُ فَكَسَرَتْ أَسْنَانَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَذَلِكَ بِالنَّهَارِ، فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَا عَلَى الَّذِي رَكِبَهَا اهـ. وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ رَكِبَهَا لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا بِالرُّكُوبِ، إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْحَارِسِ لَهَا قَطَعَ أَثَرَ يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مَالِكِهَا فَاسْتَقْبَلَهَا إنْسَانٌ وَرَدَّهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، تَأَمَّلْ. وَالضَّمَانُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّادِّ مَا دَامَ السَّيْرُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، تَأَمَّلْ. كَذَا وَجَدْته بِخَطِّ الشِّهَابِ سم بِهَامِشِ الْعُبَابِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا) فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلِعَتْ) بِكَسْرِ اللَّامِ.
[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]
ِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ شَفَعْت كَذَا بِكَذَا: إذَا ضَمَمْته إلَيْهِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِضَمِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَى نَصِيبِهِ. أَوْ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ ضِدُّ الْوِتْرُ، فَكَأَنَّ الشَّرِيكَ يَجْعَلُ نَصِيبَهُ شَفْعًا بِضَمِّ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَيْهِ. أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا أَيْ بِالشَّفَاعَةِ بِرْمَاوِيٌّ. وَسَيَأْتِي وَجْهُ مُنَاسَبَةٍ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْغَصْبِ وَهُوَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ. وَيُلْغِزُ بِهَا وَيُقَالُ: لَنَا شَيْءٌ يُؤْخَذُ قَهْرًا عَنْ مَالِكِهِ وَلَا حُرْمَةَ.
الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ " فِي أَرْضٍ أَوْ رِيعٍ أَوْ حَائِطٍ " وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ، وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ كَالْمِصْعَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْبَالُوعَةِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ. وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا
، وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ آخُذ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَحُكِيَ ضَمُّهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَغَلِطَ مَنْ ضَمَّ الْفَاءَ وَفِي الْمِصْبَاحِ الشُّفْعَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُشَفِّعُ مَالَهُ بِهَا، قَوْلُهُ:(حَقُّ تَمَلُّكٍ) أَيْ اسْتِحْقَاقٍ. وَهُوَ غَيْرُ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَكُونُ بِالصِّيغَةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَقُّ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الْمَوْتِ وَعَلَى الْمُقْتَضَى وَالْمُسْتَحَقِّ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
قَوْلُهُ: (قَهْرِيٌّ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِ " حَقٌّ " وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَصِحُّ بِالْجَرِّ صِفَةً لِ " التَّمَلُّكِ " وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِالِاخْتِيَارِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، أَيْ قَهْرِيٌّ سَبَبُهُ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُهَا لِثُبُوتِهِ لِلشَّرِيكِ قَهْرًا كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ رَاضٍ صَاحِبُهَا. وَقَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ.
قَوْلُهُ: " لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ " وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ لِشَخْصٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا وَبَاعَ شَرِيكُهُ بَيْعَ بَتٍّ فَلِمَنْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ الشُّفْعَةُ عَلَى الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي، مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ شَرِيكٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِ، وَالشَّرِيكُ الْقَدِيمُ شَامِلٌ لِلذِّمِّيِّ. وَقَوْلُهُ:" لِلشَّرِيكِ " أَيْ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ لَا نَحْوَ مُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةٍ وَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَلَكَهَا بِهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا شُفْعَةَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ، شَرْحُ الْبَهْجَةِ. وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ هُنَا مُرَاعَاةً لِمَنْ شَذَّ فَمَنَعَ الْأَخْذَ بِهَا فَفِيهَا خِلَافُ الْجُمْلَةِ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ تَنْزِيلًا لِلشَّاذِّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (قَضَى) أَيْ أَجَازَ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ لَا فِي غَيْرِهِ أَوْ أَجَازَ أَنْ يَقْضِيَ كَذَلِكَ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ: (فِيمَا) أَيْ فِي نَصِيبِ مِلْكٍ بِمُعَاوَضَةٍ لَمْ يُقَسَّمْ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، إذْ الْأَصْلُ فِيمَا نُفِيَ بِ " لَمْ " كَوْنُهُ فِي الْمُمْكِنِ، بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِ (لَا) نَحْوَ: لَا شَرِيكَ لَهُ، وَاسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ تَجَوُّزٌ أَوْ إجْمَالٌ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا قَالَ الْأَصْلُ أَيْ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ لَمْ قَدْ تَدْخُلُ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ نَحْوَ:(لَمْ يَلِدْ) وَقَدْ تَدْخُلُ لَا عَلَى مَا يُمْكِنُ نَحْوَ: " لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ " اهـ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ) أَيْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْحُدُودِ الْعَلَامَاتُ بِأَنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ، وَالْمُرَادُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ قَوْلُهُ:(وَصُرِّفَتْ) بِالتَّشْدِيدِ: أَيْ بُيِّنَتْ، وَبِالتَّخْفِيفِ: فُرِّقَتْ، ح ل؛ بِأَنْ صَارَتْ الْحِصَصُ مُنْفَصِلَةً عَنْ بَعْضِهَا، وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ مُرَادِفٍ. اهـ. ق ل. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ أَوْ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ نَظَرًا لِلتَّفْسِيرِ السَّابِقِ لِقَوْلِهِ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَلَا شُفْعَةَ) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا جَارَيْنِ. قَوْلُهُ (فِي أَرْضٍ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَجْرِي فِي الْمَنْقُولِ أَصَالَةً بِخِلَافِهِ تَبَعًا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ أَمْرًا تَعَبُّدِيًّا بَلْ هُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى اهـ.
قَوْلُهُ: (وَاسْتِحْدَاثٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قِسْمَةٍ، وَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ لَرُبَّمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا قِسْمَةٌ وَطَلَعَتْ الْمَرَافِقُ لِلْجَدِيدِ فَيَحْتَاجُ الْقَدِيمُ إلَى الْمَرَافِقِ، فَإِذَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ انْدَفَعَ عَنْهُ ضَرَرُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ:" فِي الْحِصَّةِ " مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحْدَاثٍ، وَبَقِيَّةُ الْعِبَارَةِ سَتَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ: وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ إلَخْ، فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا هُنَا فَقَوْلُهُ: وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ أَيْ الَّتِي تَحْدُثُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ قَوْلُهُ (الصَّائِرَةِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الشَّفِيعِ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ، وَالْمُرَادُ بِالْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ أَيْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الشَّرِيكِ الْحَادِثِ لَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَدِيمِ، قَوْلُهُ:(تُؤْخَذُ قَهْرًا) وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي نَادِمًا أَوْ مَغْبُونًا، شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ:" وَالْعَفْوُ عَنْهَا أَفْضَلُ " ظَاهِرُهُ وَإِنْ اشْتَدَّتْ إلَيْهَا حَاجَةُ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ، وَهُوَ أَوْلَى حَيْثُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ
وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمَأْخُوذٌ وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِشَرْطِ الْأَخْذِ فَقَالَ: (وَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ) أَيْ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ (بِالْخُلْطَةِ) أَيْ خُلْطَةِ الشُّيُوعِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُكَاتَبًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ كَمَسْجِدٍ لَهُ شِقْصٌ لَمْ يُوقَفْ بَاعَ شَرِيكُهُ يَأْخُذُ لَهُ النَّاظِرَ بِالشُّفْعَةِ (دُونَ) خُلْطَةِ (الْجِوَارِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، فَلَا تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَلَوْ مُلَاصِقًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَارِ الشَّرِيكِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَلَوْ قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ حَنَفِيٌّ لَمْ يَنْقَضِ حُكْمُهُ وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا لِشَافِعِيِّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ. وَلَا تَثْبُتُ أَيْضًا لِشَرِيكٍ فِي الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَأَنْ مَلَكَهَا بِوَصِيَّةٍ، وَتَثْبُتُ لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدِهِ كَعَكْسِهِمَا، وَلَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شَرِيكٌ فِي أَرْضِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ كَانَ لِلْإِمَامِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ، وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى التَّرْكِ مَعْصِيَةٌ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَشْهُورًا بِالْفُجُورِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُسْتَحَبًّا بَلْ وَاجِبًا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ مَا يُرِيدُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُجُورِ،. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ) وَهُوَ الشَّرِيكُ الْحَادِثُ، وَفِيهِ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ حَقِيقَةً فَلَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ كَأَنْ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْغَصْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ اُعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ.
قَوْلُهُ: (آخِذٌ) بِالْمَدِّ هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ، وَأَمَّا الْأَخْذُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ فَهُوَ الصِّيغَةُ أَوْ مُفَادُهَا أَيْ مَا تُفِيدُهُ وَشَرْطُ الْآخِذِ كَوْنُهُ شَرِيكًا مَالِكًا، فَخَرَجَ بِالشَّرِيكِ الْجَارُ وَبِالْمَالِكِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ. وَسَوَاءٌ كَانَ مِلْكُ الشَّرِيكِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ بِخِلَافِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فَإِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُمْلَكَ بِعِوَضٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ) أَيْ لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَابِتٌ بِلَا لَفْظٍ أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَدُّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ، أَيْ وَالشُّفْعَةُ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا الْمِلْكِ؛ فَقَوْلُهُ:" وَالصِّيغَةُ إنَّمَا تَجِبُ إلَخْ " جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ: لِمَاذَا جَعَلْت الْأَرْكَانَ ثَلَاثَةً وَلَمْ تَعُدَّ الصِّيغَةَ مِنْهَا وَهِيَ قَوْلُهُ تَمَلَّكْت؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَنَا فِي أَرْكَانِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى صِيغَةٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ ثَابِتَةٌ لِلشَّرِيكِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ حَمْلِ الْوُجُوبِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الْمُوجِبَةِ لِتَحْرِيمِ تَرْكِهِ قَوْلُهُ: (بِالْخِلْطَةِ) أَيْ الشَّرِكَةِ فِي الْأَعْيَانِ، أَمَّا الشَّرِكَةُ فِي الْمَنَافِعِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُوقَفْ) بِأَنْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوُقُوفِ وَلَمْ يُوقَفْ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ الْأُخْرَى لِلْمَسْجِدِ ح ل. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ مُعْتَبَرًا وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا إلَّا بِصِيغَةٍ مِنْ النَّاظِرِ وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ رِيعَهُ فِي مَصَالِحِهِ.
قَوْلُهُ: (دُونَ خَلْطِ الْجِوَارِ) الصَّوَابُ حَذْفُ خُلْطَةٍ ق ل؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ لَيْسَ فِيهِ خُلْطَةٌ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَلَوْ مُلَاصِقًا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ فَمَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْمَنْعِ أَوْ خُصُوصِيَّةٍ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَثْبُتُ لِلْجَارِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاصِقُ، وَكَذَا الْمُقَابِلُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي بَيْنَهُمَا غَيْرَ نَافِذٍ لَنَا، أَيْ يَدُلُّ لَنَا حَدِيثُ:" الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ " قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ) وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ فِيهِ قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ إلَخْ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ جَارًا.
قَوْلُهُ: (وَمَا وَرَدَ فِيهِ) أَيْ فِي الْجَارِ. قَوْلُهُ: (لِشَرِيكٍ فِي الْمَنْفَعَةِ) أَيْ عَلَى شَرِيكٍ فِي الْعَيْنِ، كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ عَلَى مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ، فَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ حِصَّةَ الشَّرِيكِ وَمَالِكُ الْبَاقِي كَافِرٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) كَأَنْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ بِنْتٍ فَنِصْفُ تَرِكَتِهِ لَهَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا بَاعَتْ الْبِنْتُ نِصْفَهَا فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَثَلًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ لِبَيْتِ الْمَالِ بِالشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْعَيْنِ وَأَيْضًا الْمَالِكُ لِلْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ، فَيَكُونُ خَارِجًا بِقَوْلِهِ بِالْخُلْطَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الشَّرِكَةُ فِي الْأَعْيَانِ، وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا عَقِبَ ذِكْرِ الْمَنْفَعَةِ لَكَانَ أَنْسَبَ ق ل.
قَوْلُهُ: (مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) صِفَةُ شِقْصٍ. قَوْلُهُ: (إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ) ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لِلشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ
الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ، وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ. نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ إفْرَازٍ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَأْخُوذِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ: (فِيمَا يَنْقَسِمُ) أَيْ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إذَا طَلَبَهَا الشَّرِيكُ بِأَنْ لَا يَبْطُلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَوْ قَسَمَ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَهَا، كَطَاحُونٍ وَحَمَّامٍ كَبِيرَيْنِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْمُنْقَسِمِ كَمَا مَرَّ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَالْحَاجَةِ إلَى إفْرَادِ الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ لِلشَّرِيكِ بِالْمَرَافِقِ، وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُ بِالْبَيْعِ لَهُ، فَلَمَّا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ (دُونَ مَا لَا يَنْقَسِمُ) بِأَنْ يَبْطُلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَوْ قُسِمَ كَحَمَّامٍ وَطَاحُونٍ صَغِيرَيْنِ؛ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ صَغِيرَةٍ إنْ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُجْبَرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَ مَالِكًا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرَ نَصِيبَهُ) كَأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ أَثْلَاثًا: ثُلُثُهَا وَقْفٌ عَلَى شَخْصٍ وَكُلُّ ثُلُثٍ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لِشَخْصٍ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا بَاعَ ثُلُثَهُ لِآخَرَ لَا يَأْخُذُ شَرِيكُهُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْآخِذَ كَمَا اعْتَمَدَهُ آخِرًا اهـ م د. قَوْلُهُ:(لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ) أَيْ تَمْيِيزِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ شَائِعٌ أَيْ وَإِذَا امْتَنَعَتْ قِسْمَةُ الْوَقْفِ انْتَفَى الضَّرَرُ، وَإِذَا انْتَفَى الضَّرَرُ انْتَفَتْ الشُّفْعَةُ. وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ:" لِامْتِنَاعٍ " تَعْلِيلٌ لِلصُّورَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ:" وَلِانْتِفَاءِ إلَخْ " تَعْلِيلٌ لِلْأُولَى. قَوْلُهُ: (مِلْكِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ صَاحِبُ شِقْصٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا لِشَرِيكِهِ إلَخْ. وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ الْمَوْقُوفَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُعْتَمَدٌ إنْ كَانَتْ قِسْمَةَ إفْرَازٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ وَقْفٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا لَا بَيْعًا بِأَنْ كَانَتْ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ أَوْ رَدٍّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْ قَالَ يَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ أَيْ تَمْيِيزُهَا عَنْهُ. وَمَنْ مَنَعَهَا فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ وَالثَّانِي عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ أَوْ الرَّدِّ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ الْمَالِكَ أَوْ النَّاظِرَ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأُضْحِيَّةُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِشَرْطِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ:" لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِشَرْطِهِ " كَأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَعِنْدَ الْقِسْمَةِ يَخْتَصُّ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ) أَيْ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْجَوَازُ الْمَذْكُورُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (قِسْمَةَ إفْرَازٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةَ الْأَجْزَاءِ. بِوَاجِبَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَّقَهُ الشَّارِحُ بِمَحْذُوفٍ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ هَذَا، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا يَبْطُلَ نَفْعُهُ لَوْ قُسِمَ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ " وَفِي كُلِّ مَا لَا يُنْقَلُ " وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ أَرْضًا أَوْ أَرْضًا مَعَ تَابِعِهَا، وَسَيَأْتِي شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ بِعِوَضٍ.
قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ بِالْقِسْمِ الصَّائِرِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (كَالطَّاحُونِ) وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِلطَّحْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَجَرُ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيهِ تَبَعًا لِلْمَكَانِ زي وَكَذَلِكَ كُلُّ مُنْفَصِلٍ: تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ كَصُنْدُوقِ الطَّاحُونِ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ وَوَجْهُ اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَبْطُلَ نَفْعُهُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: " دَفْعُ ضَرَرِ إلَخْ " أَيْ وَاَلَّذِي يَبْطُلُ نَفْعُهُ بِالْقِسْمَةِ لَا يُقْسَمُ فَلَا ضَرَرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمُنْقَسِمِ) أَيْ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ.
قَوْلُهُ: (وَالْحَاجَةُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " دَفْعُ " وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْقِسْمَةِ، أَيْ وَدَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْحَاجَةِ إلَى أَفْرَادٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ:" بِالْمَرَافِقِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَفْرَادٍ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الضَّرَرُ حَاصِلٌ) أَيْ عَلَى فَرْضِ وُقُوعِ الْقِسْمَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عُرِضَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ فَأَبَى ثُمَّ بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ أَيْ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ حِكْمَةً. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَبِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ إلَخْ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ فِيمَا لَا إجْبَارَ فِيهِ وَتَثْبُتُ فِيمَا فِيهِ إجْبَارٌ عَلَى الْقِسْمَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ،
عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي (وَ) أَنْ يَكُونَ (فِي كُلِّ مَا لَا يُنْقَلُ مِنْ الْأَرْضِ) بِأَنْ يَكُونَ أَرْضًا بِتَابِعِهَا كَشَجَرٍ وَثَمَرٍ غَيْرِ مُؤَبَّرٍ وَبِنَاءٍ وَتَوَابِعِهِ مِنْ أَبْوَابٍ وَغَيْرِهَا غَيْرِ نَحْوِ مَمَرٍّ، كَمَجْرَى نَهْرٍ لَا غِنًى عَنْهُ فَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْتٍ عَلَى سَقْفٍ وَلَوْ مُشْتَرَكًا، وَلَا فِي شَجَرٍ أُفْرِدَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِيعَ مَعَ مَغْرِسِهِ فَقَطْ، وَلَا فِي شَجَرٍ جَافٍّ شُرِطَ دُخُولُهُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ؛ وَلَا فِي نَحْوِ مَمَرِّ دَارٍ لَا غِنَى عَنْهُ؛ فَلَوْ بَاعَ دَارِهِ وَلَهُ شَرِيكٌ فِي مَمَرِّهَا الَّذِي لَا غِنَى عَنْهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ حَذَرًا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَفِيهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ مُتَضَمِّنٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَصَحَّ قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ إلَخْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا فِيمَا يُجْبَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (صَغِيرَةً) هَذَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً بِحَيْثُ يَكُونُ عُشْرُهَا دَارًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْبَرُ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ. قَوْلُهُ:(لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا تَثْبُتُ لِمَالِكِ التِّسْعَةِ أَعْشَارٍ إذَا بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ لَوْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ لَمْ يَجِبْ إلَيْهَا فَهُوَ آمِنٌ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِكَةِ مِنْ طَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي مِلْكٌ مُلَاصِقٌ لَهُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ التِّسْعَةِ أَعْشَارٍ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْعُشْرِ يُجَابُ حِينَئِذٍ لِطَلَبِ الْقِسْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ وَهُوَ مَالِكُ الْعُشْرِ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ، أَيْ فَالضَّرَرُ يَحْصُلُ لَهُ لَوْ قَسَمَ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ؛ فَلِذَلِكَ تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ يَعْنِي إذَا أَرَادَ شَرِيكُهُ الْحَادِثُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِلتِّسْعَةِ أَعْشَارٍ الْقِسْمَةَ يُجَابُ إلَيْهَا وَيُجْبَرُ مَالِكُ الْعُشْرِ عَلَى الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَنْقَسِمُ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ أَرْضًا بِتَابِعِهَا) أَيْ مَعَ تَابِعِهَا أَيْ إنْ كَانَ، فَلَا يُقَالُ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْأَرْضَ الْخَالِيَةَ عَنْ التَّابِعِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا ع ش. وَقَوْلُهُ:" بِتَابِعِهَا " أَيْ مَا يَتْبَعُهَا فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ أَيْ يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَلَبِيٌّ، فَالْمُرَادُ بِالتَّابِعِ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ. وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ بِتَابِعِهَا لِيَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ التَّوَابِعِ.
قَوْلُهُ: (شَجَرٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ فَإِنَّهُ إذَا رَهَنَ أَرْضًا لَا يَدْخُلُ فِيهَا ذِكْرٌ؟ قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يُسْتَتْبَعُ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُؤَبَّرٍ) أَمَّا مُؤَبَّرٌ بِشَرْطِ التَّوَابِعِ.
قَوْلُهُ (شَجَرٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ. فَإِذَا قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ فَإِنَّهُ إذَا رَهَنَ أَرْضًا لَا يَدْخُلُ فِيهَا ذِكْرٌ؟ قُلْتُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يُسْتَتْبَعُ اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُؤَبَّرٍ) أَمَّا مُؤَبَّرٌ بِشَرْطِ دُخُولِهِ فَلَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ ع ش. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " غَيْرَ مُؤَبَّرٍ " أَيْ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَيُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ لَمْ يُتَّفَقْ الْأَخْذُ حَتَّى أَبَرَ أَوْ قَطَعَ. وَكَذَا كُلُّ مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ انْقَطَعَتْ تَبَعِيَّتُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَبِنَاءٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِلشَّرِيكِ وَبَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فَلَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ فِي الْبِنَاءِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. عَنَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ نَحْوِ مَمَرٍّ) صِفَةٌ لِ " أَرْضًا ".
قَوْلُهُ: (لَا غِنًى عَنْهُ) رَاجِعٌ لَهُمَا، أَيْ الْمَمَرِّ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْتٍ عَلَى سَقْفٍ) لِعَدَمِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُشْتَرَكًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّقْفُ مُشْتَرَكًا، وَأَمَّا الْبَيْتُ فَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فِي شَجَرٍ أُفْرِدَ بِالْبَيْعِ) هَلْ الْمُرَادُ نَصَّ عَلَيْهِ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ خُصَّ بِالْبَيْعِ دُونَ الْأَرْضِ ح ل، يَصِحُّ إرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا شُفْعَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي ع ش.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِيعَ مَعَ مَغْرِسِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هُنَا تَابِعَةٌ لِلشَّجَرِ وَالْمَتْبُوعُ مَنْقُولٌ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأُسِّ وَالْمَغْرِسِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُمَا وَصَرَّحَ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُك الْجِدَارَ وَأَسَاسَهُ حَيْثُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْأَسَاسَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْجِدَارِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ، أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِذَا صَرَّحَ اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ:" كَحَشْوِ الْجُبَّةِ " أَيْ فِي أَنَّهُ يَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ وَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهِ، فَالْأُسُّ مَحَلُّ الْبِنَاءِ مِنْ الْأَرْضِ وَالْأَسَاسُ أَصْلُ الْجِدَارِ.
قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْقُولَاتِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فِي نَحْوِ مَمَرٍّ) أَعَادَهُ
بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ غِنًى عَنْهُ بِأَنْ كَانَ لِلدَّارِ مَمَرٌّ آخَرُ، أَوْ أَمْكَنَهُ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهَا إلَى شَارِعٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِمَا لَا يُنْقَلُ بِقَوْلِهِ كَالْعَقَارِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَنْزِلِ وَلِلْأَرْضِ وَالضِّيَاعِ كَمَا فِي تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ وَتَحْرِيرِهِ حِكَايَةً عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الْعَقَارِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ كَالْحَمَّامِ الْكَبِيرِ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ، وَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ كُلَّ مَا يُنْقَلُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا كَمَا مَرَّ. وَمِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي لَا تَثْبُتُ فِيهِ شُفْعَةُ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَنْ يَمْلِكَ الْمَأْخُوذَ بِعِوَضٍ كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصُلْحِ دَمٍ، فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْ، وَإِنْ جَرَى سَبَبُ مِلْكِهِ كَالْجُعْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَا فِيمَا مُلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ تَأْخِيرُ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْآخِذِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتٍّ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ مِلْكِ الثَّانِي لَا لِلثَّانِي، وَإِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ثَانِيًا لِأَجْلِ التَّصْوِيرِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ دَارِهِ) أَيْ الْخَاصَّةَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بُسْتَانَه الْخَاصَّ بِهِ وَلَهُ شَرِيكٌ فِي مَجْرَى النَّهْرِ الَّذِي لَا غِنَى عَنْهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ. وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَبَاعَ حِصَّتَهُ وَتَبِعَهَا حَقُّهَا فِي الْمَمَرِّ فَإِنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ الْحِصَّةَ مَعَ حَقِّهَا مِنْ الْمَمَرِّ. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ: الثَّانِي تَثْبُتُ مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ لِشِرَائِهِ هَذِهِ الدَّارَ، وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ فِي اتِّخَاذِ الْمَمَرِّ عُسْرٌ أَوْ مُؤْنَةٌ لَهَا وَقْعٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَّسِعْ الْمَمَرُّ، فَإِنْ اتَّسَعَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ يَمُرُّ فِيهِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا. وَمَجْرَى النَّهْرِ كَالْمَمَرِّ فِيمَا ذَكَرَ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (كَالْعَقَارِ) مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يُنْقَلُ الَّذِي هُوَ الْأَرْضُ وَتَوَابِعُهَا. قَوْلُهُ: (وَالضِّيَاعِ) بِكَسْرِ الضَّادِ جَمْعُ ضَيْعَةٍ وَهِيَ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَتْرُكُهَا.
قَوْلُهُ: (قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا) فَإِنْ كَانَ تَابِعًا ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ تَمَامُ الِانْتِفَاعِ بِالْعَقَارِ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْقُولِ كَالْأَبْوَابِ وَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَنْقُولِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمَنْقُولِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، أَوْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِتَابِعِهَا الْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْأَرْضِ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْقُولِ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ.
قَوْلُهُ: (الْمُحْتَكَرَةِ) أَيْ الْمَجْعُولِ عَلَيْهَا أُجْرَةٌ مُؤَبَّدَةٌ. وَصُورَةُ الْمُحْتَكَرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ أَنْ يُؤَذَّنَ فِي الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ بِأُجْرَةٍ مُقَدَّرَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، فَهِيَ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا ع ش عَلَى م ر.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ حَجَرٍ: أَرَاضِي مِصْرَ كُلُّهَا وَقْفٌ؛ لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا. وَنُوزِعَ فِيهِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (كَمَبِيعٍ) مِثَالٌ لِلْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ.
قَوْلُهُ: (وَمَهْرٍ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا نِصْفَ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَوْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ نِصْفِ الدَّارِ أَوْ نَقَصَ. وَقَوْلُهُ: " وَعِوَضِ خُلْعٍ " بِأَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى نِصْفِ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَوْلُهُ: " وَصُلْحِ دَمٍ " أَيْ عَمْدٍ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَتْلَ الْجَانِي فَصَالَحَهُ مِنْ الْقَوَدِ عَلَى نِصْفِ دَارِهِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الدَّارِ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ مُتَقَوِّمًا يَأْخُذُ بِقِيمَتِهِ. قَوْلُهُ:(قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ) وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ يَأْخُذُ، بِأُجْرَةِ مِثْلِ الرَّدِّ ح ل.
قَوْلُهُ: (كَإِرْثٍ) كَأَنْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ نِصْفِ عَقَارٍ فَمَلَكَهُ وَارِثُهُ بِالْإِرْثِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمُوَرِّثِ، أَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ أَخَوَيْنِ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا بَاعَ حِصَّتَهُ لِشَخْصٍ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لِلْأَخِ الثَّانِي. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ لِلْبَائِعِ أَيْ أَوْ لَهُمَا سم. أَمَّا إذَا كَانَ
تَأَخَّرَ عَنْ مِلْكِهِ مَلَّكَ الْأَوَّلَ لِتَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْأَوَّلِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَا مُرَتَّبًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا دُونَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَجَازَا مَعًا أَمْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا أَوْ بَعْضَهَا مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِعَدَمِ السَّبَقِ.
وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ) الْمَعْلُومِ (الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ) عَقْدُ (الْبَيْعِ) أَوْ غَيْرُهُ، فَيَأْخُذُ فِي ثَمَنِ مِثْلِيٍّ كَنَقْدٍ وَجَبَ بِمِثْلِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ. وَفِي مُتَقَوِّمٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ بِقِيمَتِهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا تَوَقُّفَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ،. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ الثَّابِتِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ لَيْسَ مَالِكًا، أَوْ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الشُّفْعَةِ لَهُ ثُبُوتُ حَقِّ الْأَخْذِ بِهَا لَا الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: فَلَوْ ثَبَتَ خِيَارُ الْبَائِعِ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ بَائِعُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْسَخْ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَقُولُ أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ وَيَكُونُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهَا غَايَةً يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ سَوَاءٌ شَفَعَ بَائِعُهُ أَوْ لَا مَعَ أَنَّ بَائِعَهُ إنْ شَفَعَ لَا يُتَصَوَّرُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ: (لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ) أَيْ وَهُوَ الْبَيْعُ.
قَوْلُهُ: (لِتَأَخُّرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا لِلثَّانِي. وَقَوْلُهُ: " عَنْ سَبَبِ الْأَوَّلِ " لَعَلَّهَا عَنْ سَبَبِ مِلْكِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا) أَيْ الْبَائِعَيْنِ. وَقَوْلُهُ: " دُونَ الْمُشْتَرِي " أَيْ وَحْدَهُ، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِلْكُ الْأَوَّلِ لَا سَبَبُهُ فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى أَيْ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: تَأَخَّرَ سَبَبِ مِلْكِهِ إلَخْ. وَفِي هَذِهِ تَقَارَنَا
قَوْلُهُ: (بِالثَّمَنِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ فِي الْمَأْخُوذِ وَهُوَ أَنْ يُمْلَكَ بِعِوَضٍ، وَلَوْ قَالَ بِالْعِوَضِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لَكَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ نَحْوَ الْمَهْرِ. اهـ. م د. وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ؛ لَكِنَّ مَحَلَّ هَذَا التَّقْدِيرِ مَا لَمْ يَرْجِعْ ذَلِكَ الثَّمَنُ لِلشَّفِيعِ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ، فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ وَصَارَ مَالِكًا لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُ الْأَخْذُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لِتَعَذُّرِهِ فَلَمَّا رَجَعَ لَهُ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ، هَكَذَا اعْتَمَدَهُ ز ي.
قَوْلُهُ: (عَقْدُ الْبَيْع) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ، فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ " عَقْدُ " لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى الثَّمَنِ لَا عَلَى الْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (فَيَأْخُذُ فِي ثَمَنِ مِثْلِيٍّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ بِأَنْ اشْتَرَى دَارًا بِمَكَّةَ بِحَبٍّ غَالٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِمِصْرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْحَبِّ وَإِنْ رَخُصَ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي لَزِمَ بِالْعَقْدِ شَرْحُ م ر اهـ.
قَوْلُهُ: (إنْ تَيَسَّرَ) ضَابِطُ التَّيَسُّرِ مَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ: " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ بِأَنْ فُقِدَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ وُجِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ) أَيْ وَبُضْعٍ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُتَقَوِّمِ لَا قِيمَةِ الشِّقْصِ؛ لِأَنَّ مَا يَبْذُلُهُ الشَّفِيعُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ الْمُشْتَرِي لَا فِي مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ، وَلَوْ حُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضُ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ انْحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ، أَوْ كُلُّهُ فَلَا شُفْعَةَ لِانْتِفَاءِ الْبَيْعِ شَرْحُ م ر. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِانْتِفَاءِ الثَّمَنِ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ حُطَّ بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا يَنْحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ اهـ أج. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْغَصْبِ) التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاعْتِبَارُهُمْ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ فِيمَا ذَكَرَ مَقِيسٌ عَلَى الْغَصْبِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ ظَفِرَ الشَّفِيعُ بِالْمُشْتَرِي بِبَلَدٍ آخَرَ وَأَخَذَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْمِثْلِ أَوْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي. عَلَى قَبْضِهِ هُنَاكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالطَّرِيقُ آمِنٌ وَإِلَّا أَخَذَ بِالْقِيمَةِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِقَبْضِ الْمِثْلِ وَأَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ أُخِذَتْ تَكُونُ لِلْحَيْلُولَةِ. اهـ.
وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ؛ وَلِأَنَّ مَا زَادَ زَادَ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ. وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ فِي ثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَيْنَ تَعْجِيلِهِ مَعَ أَخْذِهِ حَالًا وَبَيْنَ صَبْرِهِ إلَى الْحُلُولِ ثُمَّ يَأْخُذُ، وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمَوْتِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ، وَإِنْ أُلْزِمَ بِالْأَخْذِ حَالًا بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَالِ أَضَرَّ بِالشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَوْ رَضِيَ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ لَمْ يُخَيَّرْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ وَغَيْرُهُ كَثَوْبٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ) وَالْمَأْخُوذُ بِهِ فِيهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ م ر.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) كَالْمُتْعَةِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِمُتْعَةِ الْمِثْلِ لَهَا وَقْتَ الْإِمْتَاعِ، وَكَالصُّلْحِ بِهِ أَيْ بِالشِّقْصِ عَنْ دَمٍ، فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ وَقْتَ الصُّلْحِ، وَكَجَعْلِهِ أُجْرَةً فَيَأْخُذُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقْتَ الِاسْتِئْجَارِ، وَكَجَعْلِهِ جُعْلًا فَيَأْخُذُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ وَقْتُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ) أَيْ ثُبُوتِ سَبَبِهَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ سم ع ش. قَوْلُهُ:(فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ) أَيْ أَصَالَةً وَهُوَ الْبَائِعُ وَالزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ وَالزَّوْجَةُ فِي الْخُلْعِ بِرْمَاوِيٌّ؛ فَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الشَّفِيعِ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ: "؛ وَلِأَنَّ مَا زَادَ زَادَ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ " أَيْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَهُوَ الْبَائِعُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَةُ الشِّقْصِ لَا عِوَضُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَيَدُلُّ لِلتَّأْوِيلِ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ وَلِأَنَّ مَا زَادَ زَادَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ. وَيُقَالُ فِي الصَّدَاقِ: إذَا كَانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَزَادَ مَهْرَ مِثْلِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ مَا زَادَ زَادَ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَهُوَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَمَا زَادَ بَعْدَهُ زَادَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ. وَيُقَالُ فِيهِ: إذَا كَانَ عِوَضُ الْخُلْعِ أَنَّ مَا زَادَ زَادَ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا.
قَوْلُهُ: (وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ عَلَى الْأَخْذِ حَالًا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا خُيِّرَ. قَالَ س ل: وَإِذَا خُيِّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ أَيْ طَلَبِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا. قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ صَبْرِهِ إلَى الْحُلُولِ) وَلَوْ اخْتَارَ الصَّبْرَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَيَأْخُذَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ يُخْشَى مِنْهُ ضَيَاعُ الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ س ل. " إلَى الْحُلُولِ " لَيْسَ الْمُرَادُ الْحُلُولَ بِالْفِعْلِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: " وَإِنْ حَلَّ بِمَوْتِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ " بَلْ الْمُرَادُ وَقْتُ حُلُولِهِ لَوْ مَضَى الْأَجَلُ سم.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ) غَايَةٌ. وَقَوْلُهُ: " بِمَوْتِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ " أَيْ وَهُوَ الْمُشْتَرِي. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّرِيكُ الْحَادِثُ الشِّقْصَ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلِلشَّفِيعِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَخْذِ حَالًا وَبَيْنَ الصَّبْرِ إلَى الْأَجَلِ.
قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ) أَيْ ذِمَّةِ الشَّفِيعِ وَذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَلْزَمَ بِالْأَخْذِ حَالًا وَبَقَاءُ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْحُلُولِ أَضَرَّ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ؛؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَتْ ذِمَّةُ الشَّفِيعِ صَعْبَةً، وَلَعَلَّ فِي كَلَامِهِ سَقْطًا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِهِ:" وَإِنْ حَلَّ بِمَوْتِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ " دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ لَهُ الْأَخْذُ أَيْ حَالًّا بِالْمُؤَجَّلِ أَضَرَّ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ، فَفِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ إلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَدَفْعًا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عِلَّةٌ لِلتَّخْيِيرِ، وَمُرَادُهُ بِالْجَانِبَيْنِ جَانِبُ الشَّفِيعِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَمُرَادُهُ بِالذِّمَمِ ذِمَّةُ الشَّفِيعِ وَذِمَّةُ الْمُشْتَرِي أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ كَمَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَتْ ذِمَّةُ الشَّفِيعِ صَعْبَةً لَا يُوفِي عِنْدَ الْحُلُولِ بَلْ يُمَاطِلُ.
قَوْلُهُ: (بِنَظِيرِهِ) أَيْ بِقَدْرِهِ مِنْ الْحَالِّ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ. وَلَوْ قَالَ: بِقَدْرِهِ حَالًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ.
قَوْلُهُ: (بِالشَّفِيعِ) أَظْهَرُ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ.
قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَضِيَ بِذِمَّةِ الشَّفِيعِ) أَيْ بِأَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي لَهُ الشِّقْصَ وَأَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى مَحَلِّهِ وَأَبَى الشَّفِيعُ الصَّبْرَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: لَمْ يُخَيَّرْ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُخَيَّرْ) بِالْخَاءِ لَا بِالْجِيمِ أَيْ لَمْ يُخَيَّرْ الشَّفِيعُ بَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ مُؤَجَّلًا، فَيَأْخُذُ حَالًا بِالشُّفْعَةِ وَلَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْحُلُولِ. وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. وَقَالَ ع ش: لَمْ يُخَيَّرْ، أَيْ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ حَالًا أَوْ يَتْرُكُ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ.
أَخَذَ الشِّقْصَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ ثَمَانِينَ وَقِيمَةُ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ عِشْرِينَ أَخَذَ الشِّقْصَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيهَا عَالِمًا بِالْحَالِ. وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ الَّذِي قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ مَا إذَا اشْتَرَى بِجُزَافٍ نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، امْتَنَعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى الثَّمَنِ وَالْأَخْذُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَهَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلشُّفْعَةِ، وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْقَاءِ الضَّرَرِ.
وَصُوَرُهَا كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ بِكَثِيرٍ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ عَرْضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ يَحُطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ. وَمِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِمَجْهُولٍ مُشَاهَدٍ وَيَقْبِضَهُ وَيَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ بِلَا وَزْنٍ فِي الْمَوْزُونِ، أَوْ يُنْفِقَهُ أَوْ يُتْلِفَهُ. وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ جُزْءًا بِقِيمَةِ الْكُلِّ ثُمَّ يَهَبَهُ الْبَاقِيَ. وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَ كُلٌّ مِنْ مَالِكِ الشِّقْصِ وَآخِذُهُ لِلْآخَرِ بِأَنْ يَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ بِلَا ثَوَابٍ، ثُمَّ يَهَبَ لَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ، فَإِنْ خَشِيَ عَدَمَ الْوَفَاءِ بِالْهِبَةِ وَكَّلَا أَمِينَيْنِ لِيَقْبِضَاهُمَا مِنْهُمَا مَعًا بِأَنْ يَهَبَهُ الشِّقْصَ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ يَتَقَابَضَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِمُتَقَوِّمٍ قِيمَتَهُ مَجْهُولَةً كَفَصٍّ ثُمَّ يُضَيِّعُهُ أَوْ يَخْلِطُهُ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ إحْضَارُهُ وَلَا الْإِخْبَارُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَتْنِ وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّمَنِ أَيْ كُلِّهِ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ كُلَّ الْمَبِيعِ، أَوْ بَعْضَهُ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ بَعْضَ الْمَبِيعِ كَمَا هُنَا.
قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ.
قَوْلُهُ: (بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنِ الشِّقْصِ وَالثَّوْبِ مَعًا، وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فِي هَذَا الْمِثَالِ.
قَوْلُهُ: (عَالِمًا بِالْحَالِ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ السُّؤَالُ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي قَدَّرْته) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ بِالثَّمَنِ الْمَعْلُومِ الَّذِي إلَخْ.
قَوْلُهُ: (بِجُزَافٍ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ جِيمُ الْجُزَافِ جُزَافٌ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ بِجُزَافٍ أَيْ مُشَاهَدٍ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ وَالْجُزَافُ بَيْعُ الشَّيْءِ وَشِرَاؤُهُ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسَاهَلَةِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. اهـ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ) أَيْ بِتَلَفِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ الْجَهْلُ، وَقَوْلُهُ " الْمُسْقِطَةِ " أَيْ الْحَامِلَةِ عَلَى تَرْكِهَا، فَدَخَلَ نَحْوُ الصُّورَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ:(وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، أَمَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا فَتَحْرُمُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ م ر. وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ فِي الثَّانِيَةِ تَفْوِيتُهُ الْحَقَّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ. وَقَوْلُهُ " مَكْرُوهَةٌ " أَيْ لَا فِي دَفْعِ شُفْعَةِ الْجَارِ الَّذِي يَأْخُذُ بِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا، شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (وَصُوَرُهَا) أَيْ الْحِيَلِ كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ فَتَكُونُ كَثْرَةُ الثَّمَنِ مَانِعَةً لِلشَّفِيعِ مِنْ الْأَخْذِ، أَيْ بَاعِثَةً لَهُ عَلَى التَّرْكِ. فَسَقَطَ قَوْلُهُ ق ل: فِي جَعْلِهِ مِنْ الْحِيَلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحِيلَةَ مَا لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى الشَّيْءِ مَعَهَا وَهَذِهِ يُمْكِنُ الْوُصُولُ مَعَهَا اهـ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِيلَةِ الْبَاعِثُ عَلَى التَّرْكِ. وَإِيضَاحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنْ يَتَوَافَقَا بَاطِنًا عَلَى ثَمَنٍ قَلِيلٍ، ثُمَّ يُسَمِّيَا بَيْنَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ يَدْفَعُ عَرْضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ بَاطِنًا وَيَجْعَلَاهُ عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى ظَاهِرًا. قَوْلُهُ:(ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بَدَلِهِ.
قَوْلُهُ: (مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ) أَيْ قَبْلَ الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَهُ بِمَجْهُولٍ) هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ صُورَةِ الْجُزَافِ وَهِيَ الْأُولَى. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أُتِيَ بِهَا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ إلَخْ) وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِيهَا غَرَرٌ فَقَدْ لَا يَفِي صَاحِبُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَشِيَ) أَيْ كُلٌّ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: خَشِيَا، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ " وَكَّلَا " نَعَمْ الْإِفْرَادُ يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: أَنْ يَهَبَ. قَوْلُهُ: (لِيَقْبِضَاهُمَا) أَيْ الْأَمِينَانِ مِنْهُمَا أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ " مَعًا " لَيْسَ بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ) أَيْ وَيَهَبَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيَقْبِضَهُ إيَّاهُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَقَابَضَا شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ الَّذِي تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَفَصٍّ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَوَهَمَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي جَعْلِهِ الْكَسْرَ لَحْنًا مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ، وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ " كَفَصٍّ " وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا بَعْدَ قَدْرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُحَلِّفُهُ حَتَّى إذَا نَكَلَ حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الثَّمَنُ غَائِبًا إلَخْ. وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ
بِقِيمَتِهِ؛ وَلَوْ عَيَّنَ الشَّفِيعُ قَدْرَ ثَمَنِ الشِّقْصِ كَقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ، فَإِنْ ادَّعَى الشَّفِيعُ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ ظَهَرَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَأَنْ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْمِائَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا، أَبْدَلَ الْمَدْفُوعَ وَبَقِيَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ. وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا لَمْ تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَالْأَخْذِ سَوَاءٌ أَخَذَ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا. وَكَخُرُوجِ مَا ذَكَرَ مُسْتَحَقًّا خُرُوجُهُ نُحَاسًا. وَلِمُشْتَرٍ تَصَرُّفٌ فِي الشِّقْصِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلِشَفِيعٍ فَسْخُهُ بِأَخْذِ الشِّقْصِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ شُفْعَةٌ كَبَيْعٍ أَمْ لَا كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ عَلَى هَذَا التَّصَرُّفِ، وَلَهُ أَخْذٌ بِمَا فِيهِ شُفْعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ كَبَيْعٍ لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْعِوَضُ فِيهِ أَقَلَّ أَوْ مِنْ جِنْسٍ هُوَ عَلَيْهِ أَيْسَرُ.
(وَهِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ بَعْدَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ (عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ. فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا عَلَى الْفَوْرِ هُوَ طَلَبُهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَوْرِيَّةِ عَشَرَ صُوَرٍ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُعَيَّنًا مَعْلُومًا حَاضِرًا، فَظَاهِرٌ لِتَسَلُّطِ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَجْهُولًا لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ إلَخْ. قَوْلُهُ:(كَقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته) بِفَتْحِ التَّاءِ لِلْخِطَابِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ) قَدْ يُقَالُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ عِلْمُهُ بِالثَّمَنِ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ ظَهَرَ الثَّمَنُ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ الشِّقْصِ. وَقَوْلُهُ " مُسْتَحَقًّا " كَأَنْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الْمِائَةِ) أَيْ بِعَيْنِ هَذِهِ الْمِائَةِ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَالْمُعَيَّنُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْمُعَيَّنِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَيْ ثَمَنًا مُسْتَحَقًّا، بِأَنْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ شَخْصٌ فَأَخَذَهَا وَدَفَعَ ثَمَنًا لَيْسَ مِلْكًا لَهُ بَلْ هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ أج. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي رَدِيئًا وَرَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِمِثْلِهِ مِنْ الشَّفِيعِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا الْجَيِّدَ؛ قَالَهُ الْبَغَوِيّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (تَمَلُّكًا جَدِيدًا) أَيْ عَقْدًا جَدِيدًا.
قَوْلُهُ: (خُرُوجُهُ نُحَاسًا) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِلْكُهُ) بِضَمِّ الْكَافِ خَبَرُ " أَنَّ " وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَتِهِ مَاضِيًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخَبَرِ الْإِفْرَادُ.
قَوْلُهُ: (وَلِلشَّفِيعِ فَسْخُهُ إلَخْ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فَسَخْت، بَلْ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَسْخٌ لِتَصَرُّفِهِ بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي لَا لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ فِي صُورَةِ التَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَهُ أَخْذٌ بِمَا فِيهِ شُفْعَةٌ فَإِنَّهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلِشَفِيعٍ فَسْخُهُ أَيْ فَسْخُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِ الشِّقْصِ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ فَسْخٍ عَلَى الْأَخْذِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأَخْذِ الشِّقْصِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلتَّصْوِيرِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ فَسْخٍ عَلَى الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ زي.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ) أَيْ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَخْذُ) أَيْ فَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي. وَقَوْلُهُ " بِمَا فِيهِ " أَيْ بِعِوَضٍ مَا، أَيْ تَصَرُّفٌ فِيهِ شُفْعَةٌ، أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى " فِي ". وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَقْفًا أَوْ هِبَةً تَعَيَّنَ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بَيْعًا كَانَ الشَّفِيعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ الْعِوَضُ فِي الثَّانِي أَسْهَلَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الشُّفْعَةُ) أَيْ طَلَبُهَا بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ.
قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا مُجَارَاةً لِقَوْلِ الْمَتْنِ سَابِقًا: بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ؛ وَلِأَنَّهُ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (هُوَ طَلَبُهَا) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي السَّبَبِ
مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي الشُّفْعَةَ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا: مَا لَوْ قَالَ الْعَامِّيُّ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبُولُ قَوْلِهِ، فَإِذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ مَثَلًا فَلْيُبَادِرْ عَقِبَ عِلْمِهِ بِالشِّرَاءِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُكَلَّفُ الْبِدَارُ عَلَى خِلَافِهَا بِالْعَدْوِ وَنَحْوِهِ، بَلْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَمَا عَدَّهُ تَقْصِيرًا وَتَوَانِيًا كَانَ مُسْقِطًا وَمَا لَا فَلَا
(فَإِنْ أَخَّرَهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ مَثَلًا بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْهَا (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ (بَطَلَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ لِتَقْصِيرِهِ، وَخَرَجَ بِالْعِلْمِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ مَضَى سِنُونَ وَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ إذَا سَارَ طَالِبًا فِي الْحَالِ، أَوْ وَكَّلَ فِي الطَّلَبِ فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ لِتَرْكِهِ. وَخَرَجَ بِعَدَمِ الْعُذْرِ مَا إذَا كَانَ مَعْذُورًا كَكَوْنِهِ مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ لَا كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ، أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَعَاجِزٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ، أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَالسَّيْرِ لِمَحَلِّ الْمُشْتَرِي أَوْ لِلْحَاكِمِ وَيَقُولُ: أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ، أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. بَلْ حَتَّى تُوجَدَ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ: وَشَرْطٌ فِي تَمَلُّكٍ إلَخْ، إذْ الْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ حُصُولُ الْمِلْكِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر. وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ هُوَ طَلَبُهَا أَيْ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ، وَإِنَّمَا فَرَضُوا التَّوْكِيلَ عِنْدَ الْعَجْزِ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا اهـ. فَرْعٌ: اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الطَّلَبِ، لَكِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ لَمْ يُبَادِرْ فَسَقَطَ حَقُّهُ، وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ بَادَرْتُ؛ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الشَّفِيعِ. فَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ وَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْفَوْرِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ) هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ فِي التَّمَلُّكِ عَقِبَ الْفَوْرِ فِي سَبَبِ الْأَخْذِ وَهُوَ الطَّلَبُ بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ وَأَخَذْت بِهَا ز ي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَلَبَهَا فَوْرِيٌّ حَقِيقَةً وَأَنَّ التَّمَلُّكَ بِهَا فَوْرِيٌّ إضَافِيٌّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الشُّفْعَةَ أَيْ طَلَبَهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ عَلَى الْفَوْرِ اهـ، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لِمَنْ ضَعَّفَهُ.
قَوْلُهُ: (عَشْرُ صُوَرٍ) مِنْهَا التَّأْخِيرُ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَحَصَادِهِ، وَمِنْهَا تَأْخِيرُ الْوَلِيِّ أَوْ عَفْوُهُ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ بَقِيَ زَرْعُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ اهـ أج.
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ) بِأَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الدَّقَائِقِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ:" مَا لَوْ قَالَ الْعَامِّيُّ " أَيْ وَلَوْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا عَلَى الْفَوْرِ مِنْ الدَّقَائِقِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ " ذَلِكَ " أَيْ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لَهُ، يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) بَلْ مَا هُنَا أَقْوَى مِنْ تَسْلِيطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَهُ نَقْضُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ وَأَخْذُهُ، بِخِلَافِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ز ي. وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي نَقْضُ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ. قَوْلُهُ:(فَإِذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ.
قَوْلُهُ: (مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَلِمَ. جَعَلَ الشِّقْصَ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ.
قَوْلُهُ: (فَلْيُبَادِرْ) أَيْ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ عَقِبَ عِلْمِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَيُبَادِرُ عَادَةً وَلَوْ بِوَكِيلِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ مَثَلًا بِالطَّلَبِ أَوْ بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلْيُبَادِرْ.
قَوْلُهُ: (الْبِدَادُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرُ بَادَّ كَقَاتَلَ، أَيْ الْإِسْرَاعُ. قَوْلُهُ:(وَنَحْوُهُ) كَالرُّكُوبِ.
قَوْلُهُ: (بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَوْرِ أَوْ فِي الْبَدَارِ. قَوْلُهُ: (وَتَوَانِيًا) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) مَعْنَى بُطْلَانِهَا سُقُوطُ حَقِّهِ وَامْتِنَاعُ الْأَخْذِ بِهَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى شُفْعَتِهِ) أَيْ بَاقٍ وَمُسْتَمِرٌّ عَلَى شُفْعَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ " أَيْ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ عَلَى الطَّلَبِ، وَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادُ حَالَ تَوْكِيلِهِ فِي الطَّلَبِ، لَكِنْ إذَا شَهِدَ وَلَوْ عَدْلًا سَقَطَ الْإِنْهَاءُ، وَلَوْ أَنْكَرَ الشُّهُودُ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (عَلَى الطَّلَبِ) بِخِلَافِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الطَّلَبُ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْهُ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفَسْخُ وَالسَّيْرُ لَا يُغْنِي عَنْهُ. قَوْلُهُ: (طَالِبًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ طَالِبًا. قَوْلُهُ: (بِتَرْكِهِ) أَيْ الْإِشْهَادِ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِعَدَمِ الْعُذْرِ) أَيْ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِالْقُدْرَةِ. قَوْلُهُ: (كَكَوْنِهِ مَرِيضًا إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ لِعُذْرِ تَوْكِيلٍ، فَإِنْ عَجَزَ فَيَلْزَمُهُ إشْهَادٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا) الْأَوْلَى حَذْفُ كَانَ وَيَقُولُ أَوْ مَحْبُوسًا وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى
تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ، فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ كَالْمُصَلِّي وَالْآكِلِ وَقَاضِي الْحَاجَةِ وَاَلَّذِي فِي الْحَمَّامِ كَانَ لَهُ التَّأْخِيرُ أَيْضًا إلَى زَوَالِهِ؛ وَلَا يُكَلَّفُ الْقَطْعُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَلَا يُكَلَّفُ الِاقْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. وَلَوْ حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا وَأَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَهُ فَإِذَا فَرَغَ طَالَبَ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِي لَيْلٍ فَحَتَّى يُصْبِحَ وَلَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ لَهَا وَقَالَ: لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ بِبَيْعِ الشَّرِيكِ الشِّقْصَ لَمْ يُعْذَرْ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَخَبَرُ الثِّقَةِ مَقْبُولٌ، وَيُعْذَرُ فِي خَبَرِ مَنْ لَا يَقْبَلُ خَبَرُهُ كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا. وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ فَتَرَكَ الشُّفْعَةَ فَبَانَ بِخَمْسِمِائَةٍ بَقِيَ حَقُّهُ فِي الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُ زُهْدًا بَلْ لِلْغَلَاءِ فَلَيْسَ مُقَصِّرًا، وَإِنْ بَانَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ بَطَلَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى، وَلَوْ لَقِيَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ سَأَلَهُ الثَّمَنَ أَوْ قَالَ لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ. أَمَّا فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَرِيضًا "، أَوْ يَقُولُ أَوْ كَوْنُهُ مَحْبُوسًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَيْنٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَائِبًا) أَيْ وَكَانَ عَاجِزًا عَنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ وَعَنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: " وَخَرَجَ " وَهَذَا مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ لِبَيَانٍ بِأَنْ يَقُولَ: فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا إلَخْ، وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ طَالِبُ الشُّفْعَةِ فَحَيْثُ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْ ذَلِكَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَإِنْ تَرَكَ مَقْدُورَهُ مِنْهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ. قَوْلُهُ:(كَالْمُصَلِّي) أَيْ كَصَلَاةِ الْمُصَلِّي وَأَكْلِ الْآكِلِ وَهَكَذَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُ الْقَطْعُ) أَيْ قَطْعُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ صَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الزِّيَادَةَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِيمَا لَوْ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا، لَكِنْ يَزِيدُ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرًا؛ لِأَنَّ لَهُ إنْشَاءَ النَّفْلِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ زي.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَحَبِّ لِلْمُنْفَرِدِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا) أَيْ إنْ عُدَّ مُقَصِّرًا عُرْفًا، وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ) لَكِنَّهُمْ اكْتَفَوْا عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّعَامِ) ضَبَطَهُ الْمُحَشِّي هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بِالرَّفْعِ، وَقَالَ: لِأَنَّهُمَا لَا وَقْتَ لَهُمَا مُعَيَّنٌ؛ لَكِنَّ عِبَارَةَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَلَا يَضُرُّ نَحْوُ صَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهُمَا اهـ، فَتَقْتَضِي الْجَرَّ. قَوْلُهُ:(أَنْ يُقَدِّمَهَا) أَيْ الثَّلَاثَةَ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَهُ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ. أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبَهُ فَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ إذْ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَيَلْبَسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ قَالَ تَعَالَى {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ} [الدخان: 53] . قَوْلُهُ: (طَالَبَ بِالشُّفْعَةِ) بِأَنْ يَسِيرَ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (فَحَتَّى يُصْبِحَ) أَيْ إنْ عُدَّ اللَّيْلُ عُذْرًا فِي حَقِّهِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا كَأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدَّوْلَةِ أَوْ كَانَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ الطَّلَبُ فِيهِ. قَالَ سم: وَالْكَلَامُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّيْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِلَا مَشَقَّةٍ، كَكَوْنِهِ عِنْدَهُ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إشْهَادِ جِيرَانِهِ لَيْلًا أَوْ مُوَاكِلِيهِ لَوْ كَانَ عَلَى طَعَامٍ فَتَرَكَهُ فَفِي بُطْلَانِ شُفْعَتِهِ وَجْهَانِ لِلْقَاضِي أَظْهَرُهُمَا لَا تَبْطُلُ. وَلَوْ قَرَنَ شُغْلًا بِشُغْلٍ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ الْأَكْلِ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ بَطَلَ حَقُّهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ مُرْهِقَةٌ كَالْجَنَابَةِ؛ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ. وَقَوْلُهُ " كَكَوْنِهِ عِنْدَهُ " مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ) وَلَوْ كَذَبَ الْمُخْبِرُ فِي تَعْيِينِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ فِي نَوْعِهِ أَوْ فِي حُلُولِهِ أَوْ قُرْبِ أَجَلِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ فِي الْبَيْعِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَبَانَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ عَكْسُهُ بَقِيَ حَقُّهُ،. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (حُرٌّ) هُوَ وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْ " ثِقَةٌ ".
قَوْلُهُ: (وَيُعْذَرُ فِي خَبَرِ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الصِّدْقِ، فَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدًا بَطَلَتْ. قَالَ م ر: وَلَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِعَدَالَتِهِمَا صُدِّقَ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ) أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ، فَالْجَمْعُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَنَحْوِهِمْ كَالْعُدُولِ ق ل. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْفُسَّاقِ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ فَإِنْ قَيَّدُوا بِمَا إذَا صَدَّقَهُمْ صَحَّ كَلَامُهُ، لَكِنَّ الْجَمْعَ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(مِمَّا أُخْبِرَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ
الْأُولَى؛ فَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ جَاهِلَ الثَّمَنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَقَدْ يُرِيدُ الْعَارِفُ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً) أَوْ خَالَعَهَا (عَلَى شِقْصٍ) فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَلِلطَّائِفَةِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ) أَيْ شَرِيكُ الْمُصْدِقِ أَوْ الْمُخَالَعِ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُخَالِعِ فِي الثَّانِيَةِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَتَجِبُ فِي الْمُتْعَةِ مُتْعَةُ مِثْلِهَا لَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالْفِرَاقِ وَالشِّقْصُ عِوَضٌ عَنْهَا. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ بِهَا الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ صُدِّقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ
(وَإِنْ كَانَ الشُّفَعَاءُ جَمَاعَةً) مِنْ الشُّرَكَاءِ (اسْتَحَقُّوهَا عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ بِالْمِلْكِ فَقُسِّطَ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ، فَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ أَخَذَ الثَّانِي سَهْمَيْنِ وَالثَّالِثُ سَهْمًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: يَأْخُذُونَ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُسَنُّ عليه السلام أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: " السَّلَامُ سُنَّةٌ ".
قَوْلُهُ: (أَوْ سَأَلَهُ الثَّمَنَ) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَارَكَ لَهُ وَسَأَلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِأَوْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَشَمِلَ مَا ذَكَرَ. فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْبَرَكَةُ وَالسَّلَامُ وَسُؤَالُهُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ فِي الْأَخْذِ بِهَا بَلْ حَقُّهُ بَاقٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ جَائِزٌ وَتَابِعُ الْجَائِزِ جَائِزٌ اهـ. قَوْلُهُ:(بَارَكَ اللَّهُ فِي صَفْقَتِك) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا الشِّقْصُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ صَفْقَةً مُبَارَكَةً. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ فِي الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ) أَيْ أَصَالَةً، فَلَا يَرِدُ كَوْنُهُ لَا يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِنَحْوِ فِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَنَّ السَّلَامُ عَلَيْهِ عَالِمًا بِالْحَالِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ بِالزَّرْعِ بَقِيَ زَرْعُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ وَإِنْ تَصَرَّفَ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ تَخَيَّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ وَبَيْنَ قَلْعِهِ وَضَمَانِ أَرْشِ مَا نَقَصَ وَبَيْنَ تَبْقِيَتِهِ بِأُجْرَةٍ؛ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِ الشَّفِيعِ حَيْثُ لَمْ يَخْتَرْ الْمُشْتَرِي قَلْعَ بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ قَلْعَهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ زي.
قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الشِّينِ) وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْقَاصٍ مِثْلَ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ.
قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنْ الْأَرْضِ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
قَوْلُهُ: (الْمُصْدِقِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ " أَوْ الْمُخَالَعِ بَعْدَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْمُخَالِعِ الثَّانِي بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْأَوَّلُ الْمَرْأَةُ وَالثَّانِي الزَّوْجُ قَوْلُهُ:(وَمِنْ الْمَرْأَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذَ فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ، كَأَنَّهَا بَاعَتْ بُضْعَهَا وَأَخَذَتْ الشِّقْصَ وَكَأَنَّ الزَّوْجَ فِي الْخُلْعِ بَاعَهَا بُضْعَهَا وَأَخَذَ الشِّقْصَ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُخَالِعِ) بِكَسْرِ اللَّامِ فِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ كَسَيِّدِ الزَّوْجِ الرَّقِيقِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَمِنْ الزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (مُعْتَبَرًا بِيَوْمِ الْعَقْدِ) أَيْ إنْ اخْتَلَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ " فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ " وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، وَعِبَارَةُ سم: وَلَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَرْضًا وَتَلِفَ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ اهـ. فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ بِهِ الشِّقْصُ، قَالَ ح ل: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ) الشِّقْصُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَصْدِيقُ الْغَارِمِ.
قَوْلُهُ: (اسْتَحَقُّوهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ بِمَعْنَى الْمَشْفُوعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) ذَكَرَهُ بِالنَّظَرِ لِلْخَبَرِ، وَفِي نُسْخَةٍ:"؛ لِأَنَّهَا " أَيْ الشُّفْعَةَ وَهِيَ أَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ) أَيْ كَاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ أَوْ كَتَقْسِيطِ الْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ قَوْلُهُ: (سَهْمَيْنِ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ نِصْفُ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ مَخْرَجُ تِلْكَ الْكُسُورِ، وَلَوْ قَالَ: أَخَذَ الثَّانِي ثُلْثَيْ الْمَبِيعِ وَالثَّالِثُ ثُلُثَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةُ سِهَامِهِمَا ق ل.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَأْخُذُونَ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ) فَإِنْ قُلْت: يُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفٌ وَلِآخَرَ ثُلُثٌ وَلِآخَرَ سُدُسٌ وَأَعْتَقَ صَاحِبُ
الشَّرِيكَيْنِ بَعْضَ حِصَّتِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ بَاقِيهَا لِآخَرَ فَالشُّفْعَةُ فِي الْبَعْضِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ لِانْفِرَادِهِ بِالْحَقِّ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي الْبَعْضِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا مِثْلَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ بَلْ أَخَذَهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ شَفِيعَيْنِ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ سَقَطَ حَقُّهُ كَالْقَوَدِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ أَوْ تَرَكَهُ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا وَغَابَ الْآخَرُ أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَ الْكُلَّ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ. وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْغَائِبُ. وَتَتَعَدَّدُ الشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ أَوْ الشِّقْصِ، فَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ شِقْصًا أَوْ اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ لِانْتِفَاءِ تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ وَاحِدٌ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. تَتِمَّةٌ: لَوْ كَانَ لِمُشْتَرٍ حِصَّةٌ فِي أَرْضٍ كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْهِ، اشْتَرَكَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ، فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ فِي الْمِثَالِ السُّدُسَ لَا جَمِيعَ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ حُكْمٌ بِهَا مِنْ حَاكِمٍ لِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ، وَلَا حُضُورُ ثَمَنٍ كَالْبَيْعِ، وَلَا حُضُورُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الثُّلُثِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ نَصِيبَهُمَا مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ بِقِيمَةِ الْبَاقِي فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ النِّصْفِ بِالسَّوِيَّةِ، فَهَذَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافٌ وَقَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ. وَلَا كَذَلِكَ الشُّفْعَةُ فَإِنَّ سَبَبَهَا الْأَمْلَاكُ اهـ كَاتِبه أج. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) هُوَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ. وَهُوَ ضَعِيفٌ مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ) أَيْ وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَإِنْ اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ خِلَافَهُ، شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِلشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَخْ) وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْفَوْرِ.
قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدُ، فَ " أَنْ " وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِ " فِي " وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَمَا مَفْعُولٌ يَأْخُذُ الْأُولَى وَهِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُؤْخَذُ الثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْيَاءِ صِفَةٌ لِ " مَا " وَ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى شِقْصٍ، وَالْمَعْنَى لِعُذْرِ الْحَاضِرِ فِي عَدَمِ أَخْذِ جُزْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْغَائِبُ لَوْ حَضَرَ، وَالْمَعْنَى لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ الْجُزْءِ لَهُ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَ يَقُولُ لَا حَاجَةَ لِي فِي أَخْذِ الْكُلِّ الَّذِي تُلْزِمُونِي بِهِ الْآنَ؛ لِأَنِّي لَوْ أَخَذْته لَمْ يَدُمْ كُلُّهُ لِي بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْغَائِبُ حِصَّتَهُ لَوْ حَضَرَ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ إذَا كَانَ بِالْإِلْزَامِ فَإِنْ كَانَ بِالرِّضَا مِنْ الْحَاضِرِ جَازَ. قَوْلُهُ:(شَارَكَهُ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الرِّضَا مِنْ الْحَاضِرِ أَوْ قَهْرًا عَنْهُ؟ فَإِذَا حَضَرَ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَخَذَهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَوَجَدَ الْأَرْضَ مَزْرُوعَةً كَانَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ حِينِ حُضُورِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بَعْدَ زَرْعِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَبْقَى بِلَا أُجْرَةٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْغَائِبَ مَعْذُورٌ بِغَيْبَتِهِ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ.
قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ) وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَأْخُذَ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ فَقَطْ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْوَاحِدُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. م ر كَبِيرٌ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ) أَيْ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْكُلَّ.
قَوْلُهُ: (بِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ) أَيْ أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا ق ل.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ إلَخْ) الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي: لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَالثَّالِثُ: لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الشِّقْصِ. وَتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ فِي الْجَمِيعِ حُكْمِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ فِي الْعَقْدِ تَعَدُّدُ مَا ذَكَرَ صَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ تَعَدَّدَ وَإِلَّا فَهُوَ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ) عِبَارَةُ م ر: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّمَلُّكِ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فِي تَمَلُّكٍ بِهَا) أَيْ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ وَهُوَ بَعْدَ الْأَخْذِ السَّابِقِ ق ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَشَرْطٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهَا إلَخْ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ قَوْلُهُ: تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا كَانَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ الْآتِي، وَلَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ، فَهَذِهِ شُرُوطٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لَا لِثُبُوتِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أَنَا طَالِبٌ لِلشُّفْعَةِ أَوْ أَخَذْت بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الشِّقْصَ وَلَا عَرَفَ الثَّمَنَ.
قَوْلُهُ: (رُؤْيَةُ