المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما يملكه الزوج حرا كان أو رقيقا من الطلقات] - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌[فصل فيما يملكه الزوج حرا كان أو رقيقا من الطلقات]

- رضي الله عنه طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا» أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمَا

وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَ تَطْهُرُ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ فِي وَإِنْ مُسَّتْ فِيهِ فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ الْحَيْضِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ إنْ مُسَّتْ فِيهِ أَوْ حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْضَلَهُ أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَجْمَلَهُ فَكَالسُّنَّةِ أَوْ طَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَسْمَجَهُ أَوْ أَفْحَشَهُ فَكَالْبِدْعَةِ، وَقَوْلُهُ لَهَا طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ.

فَصْلٌ: فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ الطَّلْقَاتِ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّعْلِيقِ وَالْمَحَلِّ الْقَابِلِ لِلطَّلَاقِ وَشُرُوطِ الْمُطَلِّقِ وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَدُ الطَّلْقَاتِ بِقَوْلِهِ: (وَيَمْلِكُ الْحُرُّ) عَلَى زَوْجَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (ثَلَاثَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهِ، فَبِأَوَّلِهِ يَجُوزُ الطَّلَاقُ. قَوْلُهُ:(لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَإِنَّمَا أَبُوهُ أُمِرَ وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا فِي الْأُصُولِ، أَيْ فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَدْبِ الرَّجْعَةِ، فَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْقَرِينَةِ وَالْقَرِينَةُ هُنَا اللَّامُ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لَامُ الْأَمْرِ. قَالَ: ع ش: وَالظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَةِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَيْثُ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحَيْضِهَا وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ مَمْسُوسَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ مَمْسُوسَةٍ) أَيْ مَدْخُولٍ) أَيْ مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا فَيَقَعُ فِي الْحَالِ كَمَا قَالَهُ الْمَدَابِغِيُّ، أَيْ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَالَ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَالتَّقْيِيدُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ الْآتِي أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إلَخْ. هَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَهُ لِمَنْ يَكُونُ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا لَا بِدْعِيًّا، فَلَوْ قَالَهُ لِمَنْ لَا يَتَّصِفُ طَلَاقُهَا بِذَلِكَ وَقَعَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا وَيَلْغُو ذِكْرُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نُفَسَاءَ) أَيْ مَمْسُوسَةٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِلْبِدْعَةِ) اللَّامُ لِلتَّوْقِيتِ أَيْ فِي وَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ عِنْدَهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّامَ إنْ دَخَلَتْ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ كَانَتْ لِلتَّوْقِيتِ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِرَمَضَانَ؛ الْمَعْنَى إذَا جَاءَ وَقْتُ رَمَضَانَ طَلُقَتْ وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ فَتَطْلُقُ وَإِنْ سَخِطَ.

قَوْلُهُ: (فَكَالسُّنَّةِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ فِي حَالِ سُنَّةٍ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَبِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: فَكَالسُّنَّةِ، أَيْ فَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَكَالسُّنَّةِ أَيْ فِيمَا مَرَّ فَلَا يَقَعُ فِي حَالِ بِدْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالْمَدْحِ مَا وَافَقَ الشَّرْعَ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (فَكَالْبِدْعَةِ) قَالَ م ر: أَيْ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالذَّمِّ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ.

قَوْلُهُ: (يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ، أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي الْبِدْعَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

وَهِيَ ثَلَاثٌ لِلْحُرِّ وَثِنْتَانِ لِلرَّقِيقِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ هَلْ يَنْفَعُ أَمْ لَا وَالتَّعْلِيقُ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالْمَحَلُّ الْقَابِلُ لِلطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ زَوْجَةً وَلَوْ رَجْعِيَّةً لَا مَمْلُوكَةً لَهُ وَفِي شُرُوطِ الْمُطَلِّقِ وَهِيَ التَّكْلِيفُ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَالنَّوْمِ، فَهَذَا الْفَصْلُ مَعْقُودٌ لِخَمْسِ مَسَائِلَ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ الْحُرُّ) أَيْ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم، أَمَّا هُوَ فَلَا يَنْحَصِرُ طَلَاقُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَا يَنْحَصِرُ عَدَدُ زَوْجَاتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ فِي الطَّلَاقِ كَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَى الْحَصْرِ قِيلَ: يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ، وَادَّعَى الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحْلِيلِ لِمَا خُصَّ بِهِ مِنْ حُرْمَةِ نِسَائِهِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ عَلَى غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53]

ص: 506

طَلْقَاتٍ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ؟ فَقَالَ: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا رِقَّ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الطَّلَاقِ بِالزَّوْجِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ» . وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ «؛ لِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَبِينُ بِاللِّعَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَلَوْ كَانَ إيقَاعُ الثَّلَاثِ حَرَامًا لَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَهُ هُوَ وَمَنْ حَضَرَهُ.

(وَ) يَمْلِكُ (الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ) فَقَطْ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مَرْفُوعًا: «طَلَاقُ الْعَبْدِ طَلْقَتَانِ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

قِيلَ نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ لَمَّا قَالَ إنْ مَاتَ لَأَتَزَوَّجَن بِعَائِشَةَ وَلِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَلِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَنَّةِ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا كَمَا قَالَ الْقُشَيْرِيُّ. وَقِيسَ بِزَوْجَتِهِ أَمَتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنَّ الْمَنْعَ أَقْوَى مَعْنًى وَخَرَجَ بِالْمَدْخُولَةِ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَتُهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ حَرُمَتْ إنْ مَاتَ عَنْهَا. وَفِيمَنْ فَارَقَهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ، وَحُكِيَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ. هَذَا إذَا لَمْ تَخْتَرْ الْمُخَيَّرَةُ فِرَاقَهُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ فِيهَا الْخِلَافَ؛ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا مَعْنًى لِلتَّخْيِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَحَكَوْا فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً) وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَجَعَلَ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ النِّسَاءِ كَالْعِدَّةِ؛ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] فَإِنْ قِيلَ: الطَّلَاقُ لَيْسَ مَرَّتَيْنِ بَلْ ثَلَاثٌ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِفَةٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ عَدَدِ الطَّلَاقِ الَّذِي تَحِلُّ بَعْدَهُ الرَّجْعَةُ مَرَّتَانِ أَيْ طَلْقَتَانِ، وَلَمْ يَقُلْ ثِنْتَانِ أَوْ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً مَرَّةً ثُمَّ أُخْرَى مَرَّةً. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا فِي إيقَاعِ الثِّنْتَيْنِ فِي مَرَّةٍ الْكَرَاهَةُ وَقَوْلُهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى إلَخْ عَنْ بِمَعْنَى بَعْدُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] أَيْ سُئِلَ بَعْدَ قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ بَعْدَهُ لَا عَنْهُ. قَوْلُهُ: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] أَيْ طَلَاقٌ لَا إثْمَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ» أَيْ مُعْتَبَرٌ بِهِمْ أَيْ أَصَالَةً فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ أَوْ تَوَكَّلَتْ فِي طَلَاقِ بِنْتِهَا مَثَلًا وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ عَرْضِيٌّ، قَالَ ق ل: وَالْمُرَادُ بِالرِّجَالِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَدْخُلُ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي الْوُقُوعِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَقَدَ الْخُنْثَى عَلَى أُنْثَى ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِتَبَيُّنِ صِحَّةِ النِّكَاحِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إلَخْ " غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى لَا يَكُونُ زَوْجًا فِي حَالِ إشْكَالِهِ وَحِينَئِذٍ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ) وَلَوْ مَعَ أَكْثَرَ مِنْهَا نَحْوُ سَبْعِينَ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عُمَيْرًا الْعَجْلَانِيَّ) صَوَابُهُ عُوَيْمِرٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَالْعَجْلَانِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ نِسْبَةً إلَى عَجْلَانَ اسْمُ قَبِيلَةٍ، مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِهِمْ هُوَ عَجْلَانُ بِمَعْنَى مُسْتَعْجِلٍ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ إيقَاعُ الثَّلَاثِ حَرَامًا إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الدَّلَالَةِ. وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ قَبْلَهُ بِاللِّعَانِ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا وَقَعَ مِنْهُ جَاهِلًا بِأَنَّ اللِّعَانَ يَحْرُمُ. قَالَ الرَّمْلِيُّ بَعْدَ سَوْقِ عِبَارَةٍ طَوِيلَةٍ: وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ أَيْ فِيمَا إذَا جَمَعَ الثَّلَاثَ طَلْقَاتٍ فَقَطْ وَإِنْ اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَانِنَا أَيْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ: إنَّهُ ضَالٌّ،،،، مُضِلٌّ أَيْ إنْ ثَبَتَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ كَمَا ذَكَرَهُ، وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا عَبْدٌ يَمْلِكُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ سَيِّدُهُ.

قَوْلُهُ: (لِمَا

ص: 507

وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا حُرِّيَّةَ الزَّوْجَةِ لِمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَالِثَةً كَذِمِّيٍّ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّالِثَةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِالطَّلْقَتَيْنِ، وَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ السَّابِقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَإِنَّهَا تَعُودُ لَهُ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ) لِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَلِصِحَّتِهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ: وَهِيَ (إذَا وَصَلَهُ بِهِ) أَيْ بِالْيَمِينِ وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَرَّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ» وَهُوَ شَامِلٌ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (قَدْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ ثَالِثَةً) فِيهِ تَجَوُّزٌ لَا يَخْفَى لِكَوْنِهِ كَانَ حُرًّا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

فَرْعٌ: لَوْ طَلَّقَ أَحَدَهُمَا دُونَ مَالِهِ ثُمَّ رَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ وَإِذَا اسْتَوْفَى مَالَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ عَادَتْ بِمَالِهِ اهـ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَلِحُرٍّ ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهِ ثِنْتَانِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ لَا، فَمَنْ طَلَّقَ دُونَ مَالِهِ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ لَهُ بِبَقِيَّتِهِ أَيْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ آخَرَ، فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ، أَمَّا مَنْ طَلَّقَ بِمَالِهِ فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ اهـ وَقَوْلُهُ " وَلِغَيْرِهِ " أَيْ حَالَ تَطْلِيقِهِ وَإِنْ طَرَأَ عِتْقُهُ بَعْدُ، فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَادَتْ لَهُ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا، وَلَوْ تَقَارَنَا كَأَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ وَعَلَّقَ الْعَبْدُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِهَا فَوَجَدَتْ مِلْكَ الثَّلَاثِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ:" حُرَّةً أَمْ لَا " خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِهِ الزَّوْجَةَ كَالْعِدَّةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا.

قَوْلُهُ: (كَذِمِّيٍّ) أَيْ حُرٍّ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُرِقَّ) أَيْ بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا) أَيْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْقَطِعُ بِرِقِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حُرًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَنْهَجُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً إلَخْ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْخِلَافِ، وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ الثَّانِي أَوْلَى بِمِلْكِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ:(وَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ السَّابِقَ) ظَاهِرُهُ بَقَاءُ النِّكَاحِ السَّابِقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَمُرَادُهُ الْحِلُّ بِالنِّكَاحِ أَيْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ حِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) مُشْتَقٌّ مِنْ الثَّنْيِ أَيْ الرُّجُوعِ وَالصَّرْفِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ؛ وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَلَا عُمُومَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ اصْطِلَاحَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِي الطَّلَاقِ) وَكَذَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِالطَّلَاقِ لِدَفْعِ تَكْرَارِهِ مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ، وَأَيْضًا الْكَلَامُ فِي الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ بِجَعْلِ التَّلَفُّظِ مَعَ الْإِسْمَاعِ شَرْطًا وَإِنْ كَانَا شَرْطَيْنِ، بِدَلِيلِ أَخْذِ مُحْتَرَزِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخَمْسَةِ مَعْرِفَةَ مَعْنَاهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهَا قَصْدُهُ رَفْعَ حُكْمِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ.

قَوْلُهُ: (إذَا وَصَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى.

قَوْلُهُ: (بِهِ أَيْ بِالْيَمِينِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْمُطَلِّقِ قَدْ لَا تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْحَلِفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: بِهِ " أَيْ بِالْيَمِينِ، لَوْ قَالَ أَيْ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَعَمَّ وَأَوْلَى اهـ؛ أَيْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ كَمَا عَلِمْت، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْحَلِفِ لَا لِلْيَمِينِ وَالْيَمِينُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، أَيْ فَيَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَذَا إنْ أَخَّرَهُ، فَإِنْ قَدَّمَهُ كَانَتْ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقًا

ص: 508

وَقَصَدَ بِهِ رَفْعَ حُكْمِ الْيَمِينِ وَتَلَفَّظَ بِهِ مُسْمِعًا بِهِ نَفْسَهُ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ، فَلَوْ انْفَصَلَ زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ ضَرَّ أَمَّا لَوْ سَكَتَ لِتَنَفُّسٍ، أَوْ انْقِطَاعِ صَوْتٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ نَوَاهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْيَمِينِ ضَرَّ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهُ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَنْوِيَهُ أَوَّلَهَا أَوْ آخِرَهَا أَوْ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ رَفْعَ حُكْمِ الْيَمِينِ أَوْ قَصَدَ بِهِ رَفْعَ الْيَمِينِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ وَلَمْ يُسْمِعْ بِهِ نَفْسَهُ عِنْدَ اعْتِدَالِ سَمْعِهِ أَوْ اسْتَغْرَقَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ضَرَّ، وَالْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْآمِدِيُّ.

فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَطَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا وَالِاسْتِثْنَاءُ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمَلْفُوظِ لَا مِنْ الْمَمْلُوكِ فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ طَلْقَةٍ بَعْضَ طَلْقَةٍ بَقِيَ بَعْضُهَا وَمَتَى بَقِيَ كَمُلَتْ.

تَنْبِيهٌ: يُطْلَقُ الِاسْتِثْنَاءُ شَرْعًا عَلَى التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثَلَاثًا نَوَاهُ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ أَيْ يَقْصِدُ حَالَ الْإِتْيَانِ بِهِ إخْرَاجَهُ مِمَّا بَعْدَهُ لِيَرْتَبِطَ بِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَتَلَفَّظَ بِهِ إلَخْ) فَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَوْ الْمَشِيئَةِ الْآتِيَةِ صُدِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ سَمَاعَهَا لَهُ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهِ، فَلَوْ قَالَ أَنَا أَتَيْت بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي قَلْبِي وَلَمْ أَتَلَفَّظْ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا نَوَيْت التَّعْلِيقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا وَأَنْكَرَتْ فَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُدَيَّنُ بَاطِنًا فَيَعْمَلُ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَهُ غَيْرُهُ فَلَوْ قَالَ: قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زِيَادًا وَأَنْكَرَتْ الشَّرْطَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ سم عَلَى حَجّ.

ثُمَّ ذَكَرَ فَرْقًا بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَبَيْنَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ غَيْرِهِمَا فَقَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْمَاعُ الْغَيْرِ وَبَيْنَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ غَيْرِهِمَا حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْمَاعُ الْغَيْرِ، أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالصِّفَةِ لَيْسَ رَافِعًا لِلطَّلَاقِ وَلَا لِبَعْضِهِ بَلْ مُخَصِّصٌ لَهُ بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ، بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّ مَا ادَّعَاهُ فِيهِمَا رَافِعٌ لِلطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ جَمِيعِهِ أَيْ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بَعْضِهِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ:(فَلَوْ انْفَصَلَ) شُرُوعٌ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا فَلَوْ قَالَ قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى. اهـ. ق ل.

فَرْعٌ: لَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ لَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَصْدِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَسُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَأَنْشَأَ لَهُ غَيْرَهُ هَلْ يَنْفَعُهُ أَوْ لَا؟ أَجَابَ: إنْ اعْتَقَدَ الْحَالِفُ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ نَفَعَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّ مَشِيئَةَ الْغَيْرِ لَا تَنْفَعُهُ؛ أَمَّا إذَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ. وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ لَا تَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي جَهْلِهِ بِهَذَا الْحُكْمِ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَلَوْ أَنْشَأَ لَهُ غَيْرَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ نَفْعَهُ لِجَهْلِهِ مَثَلًا؛ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَوْ انْفَصَلَ. وَقَالَ م د: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَوْ نَوَاهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَغْرِقُ إلَخْ) فِي مَقَامِ التَّعْلِيلِ أَيْ مَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَصَحِيحٌ كَمَا فِي ق ل، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ، وَالْمَعْنَى هُنَا إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ تَقَعَانِ. وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ السَّابِقَةَ وَيَنْوِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ.

قَوْلُهُ: (كَمُلَتْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَغُلِّبَ جَانِبُ الْبَقَاءِ لِاعْتِضَادِهِ بِالِاسْتِمْرَارِ ق ل.

قَوْلُهُ: (يُطْلَقُ الِاسْتِثْنَاءُ شَرْعًا إلَخْ) وَسُمِّيَتْ كَلِمَةُ الْمَشِيئَةِ اسْتِثْنَاءً لِصَرْفِهَا الْكَلَامَ عَنْ الْجَزْمِ وَالثُّبُوتِ حَالًا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ.

قَوْلُهُ: (بِمَشِيئَةِ اللَّهِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ، وَجَمِيعُ شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْإِنْشَاءِ سِوَى الِاسْتِغْرَاقِ.

قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا، وَكَذَا فِي النَّفْيِ. وَمِثْلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَشِيئَةُ الْمَلَائِكَةِ بِخِلَافِ

ص: 509

تَعَالَى طَلَاقَك وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ فِي الْأُولَى وَبِعَدَمِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الطَّلَاقِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ بِأَنْ سَبَقَ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا كَمَا هُوَ الْأَدَبُ أَوْ قَصَدَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا حَنِثَ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ. وَكَذَا يَمْنَعُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ انْعِقَادَ نِيَّةِ وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهَا عِنْدَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَانْعِقَادِ تَعْلِيقٍ وَانْعِقَادِ عِتْقٍ وَانْعِقَادِ يَمِينٍ وَانْعِقَادِ نَذْرٍ وَانْعِقَادِ كُلِّ تَصَرُّفٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا حَقُّهُ الْجَزْمُ كَبَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَإِجَارَةٍ. وَلَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْأَصَحِّ نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ.

وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِقَوْلِهِ: (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ (بِالصِّفَةِ) فَتَطْلُقُ عِنْدَ وُجُودِهَا فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ فِي رَأْسِهِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَشِيئَةِ الْآدَمِيِّينَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى وُقُوعِ الْمَشِيئَةِ مِنْهُمْ، أَوْ عَدَمِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَحْنَثْ) لَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَدَاةُ شَرْطٍ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لَهُ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) شُرُوعٌ فِي مَسَائِلَ سِتَّةٍ لَا تَمْنَعُ الْوُقُوعَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ رَفْعِ حُكْمِ الْيَمِينِ، وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْإِطْلَاقَ يُبْطِلُ النِّيَّاتِ لَا غَيْرَهَا وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَكَذَا إلَخْ. وَالضَّابِطُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ يَرْفَعُ كُلَّ عَقْدٍ وَحَلٍّ وَيُبْطِلُ كُلَّ عِبَادَةٍ، فَإِنْ أَطْلَقَ وَكَانَ فِي الْعِبَادَةِ مَنَعَ الِانْعِقَادَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا فَلَا يَمْنَعُهُ اهـ م د. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ صُوَرَ الْحِنْثِ سِتَّةٌ، وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ: وَأَلْحَقَ الْإِطْلَاقَ هُنَا بِالتَّبَرُّكِ وَفِي الْوُضُوءِ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ جَزْمٌ فَتَبْطُلُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَأَيْضًا فَقَدْ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يُنَافِيه بَلْ بِمَا يُلَائِمُهُ اهـ. وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا وَهَلْ ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ أَوْ لَا فَهُوَ مِثْلُ التَّبَرُّكِ. قَوْلُهُ:(عِنْدَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ) أَيْ وَكَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ قَالَ: عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّبَرُّكِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَانِعٌ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَانْعِقَادِ تَعْلِيقٍ) نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ إلَخْ لَكِنْ مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا مَعَ الْإِطْلَاقِ وَلَا مَعَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ وَنَحْوِهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ الْقَيْدَ الْمُتَقَدِّمَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الطَّلَاقِ الِاحْتِيَاطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْإِيضَاحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ اللَّفْظِيَّ بِالْمَشِيئَةِ عِنْدَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعِبَادَةِ وَانْعِقَادَ سَائِرِ الْعُقُودِ وَيَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَعِنْدَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَتَصِحُّ الْعِبَادَةُ وَتَنْعَقِدُ الْعُقُودُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَبْطُلُ الْعِبَادَةُ فَقَطْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقٍ وَلَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ تَصَرُّفٍ مِنْ عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِكَوْنِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ يَمْنَعُ مِنْ الْوُقُوعِ عِنْدَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا فِي حَالَةِ النِّدَاءِ. وَالْفَرْقُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ النِّدَاءَ يُشْعِرُ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ، بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ فَيَصِحُّ التَّعْلِيقُ. قَوْلُهُ:(وَالْحَاصِلُ) وَهُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي وَصَفَهَا بِهِ لَا يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (فَيَنْتَظِمُ) أَيْ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَشِيئَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ إلَخْ) وَالْأَعَمُّ أَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِالشَّرْطِ كَالْأَدَوَاتِ الْآتِيَةِ، وَإِمَّا بِالصِّفَةِ نَحْوُ طَلَاقًا حَسَنًا أَوْ قَبِيحًا أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَقْبَحَهُ، وَإِمَّا بِالْأَوْقَاتِ نَحْوُ إلَى شَهْرِ كَذَا؛ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ التَّخْلِيطِ فَلْيُتَأَمَّلْ ق ل، أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ الْأَوْقَاتَ أَمْثِلَةً لِلصِّفَةِ. وَعِبَارَةُ سم: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالصِّفَةِ كَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا وَلَيْسَتْ فِي حَالِ سُنَّةٍ فِي الْأَوَّلِ وَلَا فِي حَالِ بِدْعَةٍ فِي الثَّانِي، فَتَطْلُقُ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْحَالِ وَقَالَ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ) لِمَا وَرَدَ فِي الْعِتْقِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الطَّلَاقِ قِيسَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْوَقْتِ لَا بِالصِّفَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا، فَكَانَ عَلَى الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ

ص: 510

الْأَوْلَى مِنْهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَتَطْلُقُ بِأَوَّلِ فَجْرِ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَلْخِهِ فَتَطْلُقُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، إنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِهِ طَلُقَتْ بِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ سَبْعُ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلَةٍ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَيُجْعَلُ ثَمَانِي لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ طَلُقَتْ بِالْغُرُوبِ إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَبِالْفَجْرِ إنْ عَلَّقَ لَيْلًا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: (وَالشَّرْطِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الصِّفَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَقَدْ اُسْتُؤْنِسَ لِجَوَازِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» انْتَهَى وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ وَالصِّفَاتِ: إنْ وَهِيَ أُمُّ الْبَابِ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمَنْ، بِفَتْحِ الْمِيمِ كَمَنْ دَخَلَتْ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالشَّرْطِ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ فِي غُرَّتِهِ) الْغُرَّةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى) وَذَلِكَ بِغَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ، وَلَوْ [رُئِيَ الْهِلَالُ قَبْلَهَا] ؛ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ تَتَحَقَّقُ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَهَارٍ.

قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ فَجْرِ يَوْمٍ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ بِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ قَلْبٌ. قَوْلُهُ:(بِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ) سَوَاءٌ كَانَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ أَوْ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ نَاقِصًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ أَوَّلَهُ اللَّيْلُ وَآخِرَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ.

قَوْلُهُ: (وَنِصْفٌ) أَيْ مِنْ لَيْلَةٍ. وَقَوْلُهُ: بَعْدُ " وَنِصْفٌ " أَيْ مِنْ يَوْمٍ.

قَوْلُهُ: (فَيُقَابِلُ نِصْفَ لَيْلَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ نِصْفُ يَوْمٍ بِنِصْفِ لَيْلَةٍ، فَالْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ. وَالْمُرَادُ بِاللَّيْلَةِ الثَّامِنَةُ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الثَّامِنُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِنِصْفِ اللَّيْلَةِ نِصْفُهَا الثَّانِي وَالْمُرَادُ بِنِصْفِ الْيَوْمِ نِصْفُهُ الْأَوَّلِ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ كَانَ مَعَهَا ثَمَانِي لَيَالٍ وَاللَّيْلَةُ الثَّامِنَةُ نِصْفُهَا مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا مِنْ الثَّانِي وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ نِصْفُهُ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ نِصْفِهِ سَبْعُ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ، فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلَةٍ أَيْ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْهَا الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ النِّصْفُ النِّصْفَ الثَّانِي مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ. وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ يَوْمٍ أَيْ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ النِّصْفُ الْأَوَّلُ، بِمَعْنَى أَنَّنَا نُعْطِي النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّامِنِ لِلنِّصْفِ الثَّانِي مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ وَنَأْخُذُ بَدَلَهُ النِّصْفَ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلَةِ فَيَصِيرُ النِّصْفُ الْأَوَّلُ ثَمَانِيَ لَيَالٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالنِّصْفُ الثَّانِي ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَالٍ.

قَوْلُهُ: (عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْغُرُوبِ وَالْفَجْرَ مِنْ النَّهَارِ قَطْعًا، وَهَذِهِ مُنَاقَشَةٌ فِي الْعِلَّةِ وَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " لَا قَلِيلٌ " يَقْتَضِي وُقُوعَ الْكَثِيرِ وَهُوَ الثَّلَاثُ وَقَوْلُهُ وَلَا كَثِيرٌ يَقْتَضِي رَفْعَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْوَاقِعُ لَا يَرْتَفِعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا كَثِيرًا يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقَلِيلِ وَهُوَ طَلْقَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا قَلِيلٌ يَقْتَضِي رَفْعَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْوَاقِعُ لَا يَرْتَفِعُ. اهـ. زِيَادِيٌّ. قَوْلُهُ:(إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَّقَ بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إلَخْ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْنَهُمَا فَاصِلًا.

قَوْلُهُ: (وَالشَّرْطِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الصِّفَةِ عَطْفَ مُغَايِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَدَوَاتُ، أَيْ بِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ السَّابِقَةِ مَا عَدَا الِاسْتِغْرَاقَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ اُسْتُؤْنِسَ إلَخْ) جَعَلَهُ اسْتِئْنَاسًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ دَلِيلًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا شَرَطَ شَرْطًا فَإِنَّهُ يُوَفِّي بِهِ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ إلَخْ) التَّعْلِيقُ عِبَارَةٌ عَنْ الرَّبْطِ الْحَاصِلِ الْمُتَكَلَّمِ وَالشَّرْطُ هُنَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَدَاةُ وَأَمَّا الشَّرْطُ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَدَوَاتُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِي

ص: 511

نِسَائِي الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَإِذَا وَمَتَى وَمَتَى مَا بِزِيَادَةِ مَا وَكُلَّمَا نَحْوُ كُلَّمَا دَخَلَتْ الدَّارَ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِي فَهِيَ طَالِقٌ وَأَيُّ كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ طَالِقٌ. وَمِنْ الْأَدَوَاتِ إذْ مَا عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ وَمَهْمَا وَهِيَ بِمَعْنَى مَا وَمَا الشَّرْطِيَّةُ وَإِذْ مَا وَأَيًّا مَا كَلِمَةٌ وَأَيَّانَ وَهِيَ كَمَتَى فِي تَعْمِيمِ الْأَزْمَانِ وَأَيْنَ وَحَيْثُمَا لِتَعْمِيمِ الْأَمْكِنَةِ وَكَيْفَ وَكَيْفَمَا لِلتَّعْلِيقِ عَلَى الْأَحْوَالِ. وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَكُونُ بِلَا فِي بَلَدٍ عَمَّ الْعُرْفُ فِيهَا كَقَوْلِ أَهْلِ بَغْدَادَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ، وَيَكُونُ التَّعْلِيقُ أَيْضًا بِلَوْ كَأَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَهَذِهِ الْأَدَوَاتُ لَا تَقْتَضِينَ الْوُقُوعَ بِالْوَضْعِ فَوْرًا فِي الْمُعَلَّقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَلَامِ الْمَتْنِ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْفِعْلُ وَعَطْفُ الصِّفَاتِ عَلَى الشَّرْطِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُرَادِفٌ، وَأَمَّا الصِّفَةُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ فَلَيْسَ فِيهَا أَدَاةُ شَرْطٍ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ، وَلَيْسَتْ فِي زَمَنِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ إذَا وُجِدَ زَمَانُ مَا عَلَّقَ بِهِ. وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْأَدَوَاتِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَقَدْ نَظَمَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ ضَابِطَ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ سُئِلَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ:

أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ تَخْفَى عَلَيْنَا

هَلْ لَكُمْ ضَابِطٌ لِكَشْفِ غِطَاهَا

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ:

كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَهِيَ وَمَهْمَا

إنْ إذَا أَيُّ مَنْ مَتَى مَعْنَاهَا

لِلتَّرَاخِي مَعَ الثُّبُوتِ إذَا لَمْ

يَكُ مَعَهَا إنْ شِئْت أَوْ أَعْطَاهَا

أَوْ ضَمَانٌ وَالْكُلُّ فِي جَانِبِ النَّفْيِ

لِفَوْرٍ لَا إنْ فَذَاكَ فِي سِوَاهَا

وَقَوْلُ النَّاظِمِ: " مَعَ الثُّبُوتِ " أَيْ كَأَنْ قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَدَوَاتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ:" فِي جَانِبِ النَّفْيِ " كَأَنْ قَالَ إذَا لَمْ تَفْعَلِي كَذَا مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ فِي النَّفْيِ

لِلْفَوْرِ سِوَى إنْ وَفِي الثُّبُوتِ رَأَوْهَا

لِلتَّرَاخِي إلَّا إذَا إذَنْ مَعَ الْمَا

لَوْ شِئْتِي وَكُلَّمَا كَرَّرُوهَا

قَوْلُهُ: (بِالشَّرْطِ وَالصِّفَاتِ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الصِّفَةَ وَالشَّرْطَ وَاحِدٌ وَهُوَ عَطْفُ مُرَادِفٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَرَفْت، إذْ لَا تُسَمَّى الشُّرُوطُ أَوْصَافًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ شَرْحُ م ر.

مَسْأَلَةٌ: إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَانْسَقَطَتْ مِنْ الْحَائِطِ أَوْ مِنْ السَّقْفِ وَاعْتَقَدَتْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ دُخُولًا فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ قَايِتْبَاي.

فَرْعٌ: رَجُلٌ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ ذَهَبْتِ إلَى بَيْتِ أُمِّك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَذَهَبَتْ بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا، فَلَا حِنْثَ إذْ الْقَرِينَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَهَابُهَا وَقْتَ الْحَلِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَهُمَا فَيَحْنَثُ بِذَهَابِهَا وَلَوْ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. م ر. وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْكِيَنَّ فُلَانًا بَرَّ بِتَعْيِينِهِ عَلَيْهِ رَسُولُ الْقَاضِي ع ش. وَلَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا مَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ أَبِيهَا فَخَرَجَتْ فَقَالَ الْأَبُ لَمْ آذَنْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الزَّوْجُ أَذِنْت صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ. وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَاسْتَأْذَنَتْهُ فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ خَرَجَتْ مَرَّةً أُخْرَى بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ بَرَّ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ س ل. قَوْلُهُ:(فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَلَوْ حَذَفَ الْفَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ. وَقِيلَ: لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا لِعَدَمِ الرَّابِطِ بَلْ يُتَخَيَّرُ. قَوْلُهُ: (وَكُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْأَدَوَاتِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْحَصْرِ فِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ.

ص: 512

عَلَيْهِ وَلَا تَرَاخِيًا إنْ عَلَّقَ بِمُثْبَتٍ كَالدُّخُولِ فِي غَيْرِ خُلْعٍ، أَمَّا فِيهِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْفَوْرِيَّةَ فِي بَعْضِ صِيَغِهِ كَإِنْ وَإِذَا كَإِنْ صُمْت أَوْ إذَا ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا تُفِيدُ الْفَوْرَ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا شِئْت. وَلَا تَقْتَضِي هَذِهِ الْأَدَوَاتُ تَكْرَارًا فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَلْ إذَا وُجِدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي غَيْرِ نِسْيَانٍ وَلَا إكْرَاهٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُهَا ثَانِيًا إلَّا فِي كُلَّمَا، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ؛ فَلَوْ قَالَ مَنْ لَهُ عَبِيدٌ وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ إنْ طَلَّقْتُ وَاحِدَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ أَوْ ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةً فَأَرْبَعَةٌ وَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا عِتْقَ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ، وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ آحَادٍ وَاثْنَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ؛ وَلِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَسَبْعَةٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْحَرْفِيَّةِ وَالِاسْمِيَّةِ فَتَكُونُ ظَرْفَ زَمَانٍ كَمَا قَالَ الْمُبَرِّدُ وَابْنُ السَّرَّاجِ وَالْفَارِسِيُّ، لَا فِي كَوْنِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَا الشَّرْطِيَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِ الْعَاقِلِ وَالْأَدَوَاتُ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الزَّوْجَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْعَاقِلِ مَجَازًا لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِغَيْرِ الْعَاقِلِ لِنَقْصِ عَقْلِهَا. قَوْلُهُ:(وَإِذْ مَا وَأَيًّا مَا) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ كَلِمَةٌ خَبَرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِأَيًا مَا؛ لِأَنَّ أَيًّا كَلِمَةٌ وَمَا الزَّائِدَةُ كَلِمَةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ وَأَيَّانَ عَطْفٌ عَلَى إذْ مَا. قَوْلُهُ:(بِلَا) أَيْ بِمَعْنَى إنْ، وَكَذَا لَوْ ق ل. وَقَوْلُهُ:" عَمَّ الْعُرْفُ فِيهَا " أَيْ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ أَنْ (لَا) لِلتَّعْلِيقِ.

قَوْلُهُ: (بِالْوَضْعِ) فَإِنْ قَصَدَ الْفَوْرَ فِي حَالَةِ التَّرَاخِي عَمِلَ بِهِ أَوْ قَصَدَ التَّرَاخِي فِي حَالَةِ التَّرَاخِي عَمِلَ بِهِ أَوْ قَصَدَ التَّكْرَارَ عِنْدَ عَدَمِ إفَادَتِهَا لَهُ عَمِلَ بِهِ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ التَّكْرَارِ عِنْدَ إفَادَتِهَا لَهُ عَمِلَ بِهِ، فَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْوَضْعِ. وَاحْتَرَزَ أَيْضًا بِهِ عَنْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْفَوْرِ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ الْآنَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ لِلْفَوْرِ، أَوْ قَالَ إذَا لَمْ تَدْخُلِي بَعْدَ سَنَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ لِلتَّرَاخِي بِالْقَرِينَةِ؛ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ مَا نَصُّهُ: أَمَّا إذَا أَرَادَ فَوْرِيَّةً أَوْ تَرَاخِيًا فِيمَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ بِوَضْعٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِرَادَتِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ بِالْوَضْعِ.

قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ صِيَغِهِ) أَيْ التَّعْلِيقِ.

قَوْلُهُ: (كَإِنْ وَإِذَا) أَيْ وَلَوْ فَقَطْ شَيْخُنَا وح ل.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا تُفِيدُ الْفَوْرَ فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ فِي بَعْضِ صِيَغِهِ أَيْضًا وَهُوَ إنْ وَإِذَا وَلَوْ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَقْتَضِي هَذِهِ الْأَدَوَاتُ تَكْرَارًا إلَخْ) وَلَوْ قَيْدٌ بِالْأَبَدِ كَإِنْ خَرَجْت أَبَدًا إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ عَلَى مَعْنَاهُ مِنْ عَدَمِ التَّكْرَارِ زي.

قَوْلُهُ: (عِتْقَ عَشَرَةٍ) أَيْ مُبْهَمَةٍ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَخَمْسَةَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا صِفَةَ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَصِفَةَ الِاثْنَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَصِفَةَ الثَّلَاثَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَصِفَةَ الْأَرْبَعَةِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُثْبِتِ الْمَنْفِيِّ وَكُلُّ الْأَدَوَاتِ فِيهِ لِلْفَوْرِ إلَّا إنْ فَقَطْ ق ل وَفِي شَرْحِ الْمَنُوفِيِّ الصَّغِيرِ وَكُلُّهَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي طَرَفِ النَّفْيِ إلَّا لَفْظَةَ إنْ فَقَطْ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي فَإِذَا قَالَ إذَا لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ، وَكَذَا إذَا قَالَ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا أَوْ أَيْ حِينَ أَوْ زَمَانَ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يَسَعُ الْفِعْلَ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَلَفْظِ إذَا لَمْ أَفْعَلْ، فَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَحْصُلَ الْيَأْسُ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي الرَّوْضَةِ. وَيَتَعَيَّنُ التَّفَطُّنُ لِمَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْعَوَامّ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِصِيغَةِ إذَا، وَيَمْضِي عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ مَعَ التَّمَادِي عَلَى الْمُعَاشَرَةِ، بَقِيَ الْحِنْثُ ظَانِّينَ عَدَمَهُ. اهـ. م د، أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ.

قَوْلُهُ: (فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى) وَالْحَاصِلُ أَنَّك تَجْمَعُ الْأَعْدَادَ وَهِيَ وَاحِدٌ وَاثْنَتَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ ثُمَّ تَزِيدُ ثَلَاثَةً لِتَكْرَارِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَاثْنَيْنِ لِتَكَرُّرِهِمَا مَرَّةً فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ: وَضَابِطُ هَذَا وَغَيْرِهِ أَنَّ جُمْلَةَ مَجْمُوعِ الْآحَادِ هُوَ الْجَوَابُ فِي غَيْرِ كُلَّمَا وَيُزَادُ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ مَا تَكَرَّرَ مِنْهَا فِيهَا، مِثَالُهُ فِي الْأَرْبَعِ أَنْ يُقَالَ: مَجْمُوعُ الْآحَادِ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ

ص: 513

بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعَةٍ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحِلُّ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ) الْمُعَلَّقُ (قَبْلَ النِّكَاحِ) بَعْدَ وُجُودِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ وَهُوَ شُرُوطُ الْمُطَلِّقِ بِقَوْلِهِ: (وَأَرْبَعٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمْ) بِتَنْجِيزٍ وَلَا تَعْلِيقٍ: الْأَوَّلُ (الصَّبِيُّ) وَالثَّانِي (الْمَجْنُونُ، وَ) الثَّالِثُ (النَّائِمُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ. عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» صَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَحَيْثُ ارْتَفَعَ عَنْهُمْ الْقَلَمُ بَطَلَ تَصَرُّفُهُمْ، نَعَمْ لَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ مِنْ سُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ فِي هَذَا الْجُنُونِ وَقَعَ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمَعْتُوهُ وَهُوَ النَّاقِصُ الْعَقْلِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ كَالْمَجْنُونِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَرْبَعَةٌ وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ وَتَكَرَّرَ فِيهَا الْوَاحِدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَانِ مَرَّةً فَقَطْ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ تُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ. وَهَذَا ضَابِطٌ سَهْلٌ قَرِيبٌ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ) أَيْ بِانْضِمَامِهِمَا لِلْأُولَى.

قَوْلُهُ: (طَلَاقُ وَاحِدَةٍ) أَيْ فِي ضِمْنِ الْأَرْبَعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ) أَيْ بِانْضِمَامِهَا إلَى مَا قَبْلَهَا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لَا طَلَاقُ ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الثِّنْتَيْنِ لَا تَصْدُقُ إلَّا فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ غَيْرِ اللَّذَيْنِ وَقَعَا بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا وَقَعَا بِهِ فَلَا يَقَعَانِ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ) كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْمُعَيَّنَةَ أَوْ غَيْرَهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ. وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِوُقُوعِهِ فَلِلشَّافِعِيِّ نَقْضُهُ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ ق ل.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ إذْ شَرْطُهُ وُقُوعُ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ وَقَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ، نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ دَعْوَى كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِذَلِكَ صَدَرَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ زي جَوَازُ النَّقْضِ مُطْلَقًا. اهـ. خَضِرٌ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ:(الْمُعَلَّقُ) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ طَلَاقِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ ق ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا نَجَّزَ الطَّلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ وَبِمَا إذَا عَلَّقَهُ ثُمَّ نَكَحَهَا وَالشَّارِحُ قَصَرَهُ عَلَى الثَّانِي وَالْأَوَّلُ يُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُبْقِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ بِالتَّنْجِيزِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» هَذَا يَدُلُّ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ بِأَنْ يَقُولَ لَا طَلَاقَ يَقَعُ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ وَنَحْوُهُ نَقُولُ لَا طَلَاقَ يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعٌ) بِحَذْفِ التَّاءِ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْلِيقٍ) وَإِنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْكَمَالِ.

قَوْلُهُ: (الصَّبِيُّ) خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونُ) غَيْرُ الْمُتَعَدِّي. قَوْلُهُ: «رُفِعَ الْقَلَمُ» أَيْ قَلَمُ التَّكْلِيفِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ إتْلَافَاتُهُمْ مُعْتَبَرَةً؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَعَ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَكَانَ يَجْعَلُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ دَلِيلًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ طَلَّقَ إلَخْ، بَقَاءُ التَّفْرِيعِ. وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْجُنُونِ أَيْ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُبَرْسَمُ) هُوَ مَنْ أَصَابَهُ الْبَرْسَامُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ مَرَضٌ يَعْتَرِي الدِّمَاغَ يُخَلِّطُ الْعَقْلَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْبَرْسَامُ دَاءٌ مَعْرُوفٌ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ لِلْحِجَابِ الَّذِي بَيْنَ الْكَبِدِ وَالْأَمْعَاءِ ثُمَّ يَتَّصِلُ بِالدِّمَاغِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الْبَرْسَامُ مُعَرَّبٌ وَبُرْسِمَ الرَّجُلُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَوْلُهُ: " وَالْمَعْتُوهُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ عَتَهَ عَتَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ نَقَصَ عَقْلُهُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهْشَةٍ وَفِي التَّهْذِيبِ الْمَعْتُوهُ الْمَدْهُوشُ مِنْ

ص: 514

(وَ) الرَّابِعُ (الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ: «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ الْمُكْرَهِ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ مِنْهُ لِلطَّلَاقِ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ عَلَى طَلَاقٍ صَرِيحٍ فَكَنَّى وَنَوَى أَوْ عَلَى تَعْلِيقٍ فَنَجَّزَ أَوْ بِالْعَكْسِ لِهَذِهِ الصُّوَرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ فِيمَا أَتَى بِهِ.

وَشَرْطُ حُصُولِ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِهَا تَهْدِيدًا عَاجِلًا ظُلْمًا بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ وَعَجْزُ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَنْ دَفْعِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَاسْتِغَاثَةٍ بِغَيْرِهِ وَظَنُّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ حَقَّقَ فِعْلَ مَا خَوَّفَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ إلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فَخَرَجَ بِعَاجِلًا مَا لَوْ قَالَ لَأَقْتُلَنَّك غَدًا فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، وَبِظُلْمًا مَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ لِلْجَانِي طَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْتُ مِنْك لَمْ يَكُنْ إكْرَاهًا. وَيَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ طَوِيلٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ. وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ، فَالْإِكْرَاهُ بِإِتْلَافِ مَالٍ لَا يَضِيقُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يَضِيقُ عَلَيْهِ، وَالْحَبْسُ فِي الْوَجِيهِ إكْرَاهٌ وَإِنْ قَلَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَالضَّرْبُ الْيَسِيرُ فِي أَهْلِ الْمُرُوآتِ إكْرَاهٌ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَةِ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَطَلَّقَهَا وَقَعَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ وَلَا يَقَعُ مَعَهُ الْمُعَلَّقُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَيْرِ مَسٍّ أَوْ جُنُونٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ النَّاقِصُ الْعَقْلِ) أَيْ عَنْ خَبْلٍ لَا عَنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ تَصَرُّفٍ ق ل.

قَوْلُهُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» أَيْ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ وَاقِعٌ مِنْهُمْ وَالْإِتْلَافُ مَضْمُونٌ.

قَوْلُهُ: (فَطَلَّقَ وَاحِدَةً) وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا، فَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَقَعَ الطَّلَاقُ أَوْ وَافَقَهُ وَنَوَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ. قَوْلُهُ:(فَكَنَّى) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ.

قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِعَاجِلًا مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا ذَكَرَ زَمَنًا قَرِيبًا جِدًّا أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ. اهـ. فَتْحُ الْبَارِي عَلَى الْبُخَارِيِّ؛ لَكِنْ ضُعِّفَ م ر. وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا فَفِعْلُهُ كَذَلِكَ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَقَدْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ أُنْسِيَ، فَلَوْ فَعَلَهُ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا مَثَلًا لَمْ يَقَعْ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ؛ إذْ الْمَقْصُودُ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ اهـ سم، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَسِيَتْ الْحَلِفَ وَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهَلْ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ الدُّخُولُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ، فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الِانْحِلَالُ اهـ. فَإِنْ صَحَّ مَا رَجَّحَهُ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ فِعْلَ النَّاسِي يُوجِبُ الِانْحِلَالَ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ انْتِفَاءَ الْفِعْلِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ إنَّهُ لَا أَثَرَ لِفِعْلِ النَّاسِي فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْفِعْلَ.

قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) هِيَ فِي الدَّوْرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَدَمُ وُقُوعِهِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا وَفِيمَا يَتَّبِعُ ذَلِكَ م د.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ افْتِقَارُ الْمُعَلَّقِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ سَابِقًا عَلَى الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالْجَزَاءُ لَا يَتَقَدَّمُ فَيَلْغُوا اهـ عَمِيرَةُ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَقِيلَ فِي مَسْأَلَةِ التَّطْلِيقِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لَا مِنْ الْمُنَجَّزُ وَلَا مِنْ الْمُعَلَّقِ لِلدَّوْرِ، وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَالْأَكْثَرِينَ؛ وَاشْتُهِرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِابْنِ سُرَيْجٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَظْهَرَهَا، لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا لِتَصْرِيحِهِ فِي كِتَابِهِ الزِّيَادَاتِ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَخْطَأَ مَنْ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ خَطَأً فَاحِشًا؛ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَدِدْت لَوْ مُحِيَتْ هَذِهِ

ص: 515