الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ: كُلْ، وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. وَذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ لَا بَأْسَ بِمُرَاجَعَتِهَا.
فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ
وَالْقَسَمُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ مَصْدَرُ قَسَمْت الشَّيْءَ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَالنَّصِيبُ وَالْقَسَمُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالسِّينِ الْيَمِينُ وَالنُّشُوزُ هُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ. وَيَجِبُ الْقَسْمُ لِزَوْجَتَيْنِ أَوْ زَوْجَاتٍ وَلَوْ كُنَّ إمَاءً، فَلَا مَدْخَلَ لِإِمَاءٍ غَيْرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ؛ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا النِّثَارَ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا اهـ.
تَتِمَّةٌ: سُئِلَ السُّيُوطِيّ عَنْ حُكْمِ بَوْسِ الْخُبْزِ وَدَوْسِهِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ بَوْسَهُ مِنْ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إكْرَامَهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إكْرَامِهِ فَحَسَنٌ، قَالَ: وَدَوْسُهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ مُجَرَّدُ إلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ دَوْسٍ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ اهـ. وَصُورَةُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِابْنِ قَاسِمِ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَدْعُو لِلْمُضِيفِ إلَخْ) أَيْ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُولَ: «أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْأَخْيَارُ وَذَكَرُكُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، اللَّهُمَّ اُخْلُفْ عَلَى بَاذِلِيهِ وَهَنِّ آكِلِيهِ وَاطْرَحْ الْبَرَكَةَ فِيهِ» .
[فَصْلٌ فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]
ِ ذَكَرَ الْقَسْمَ عَقِبَ الْوَلِيمَةِ نَظَرًا إلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهُوَ عَقِبَهَا وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ كَمَا مَرَّ. وَعَقَّبَهُ بِالنُّشُوزِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهُ غَالِبًا، وَجَمَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخَرِ وَعَكْسُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وُجُوبُ الْقَسْمِ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيهِ وَفِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَفِي مَنْعِهِ تَزَوُّجَهُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ وَتَحْرِيمِ جَمْعِهِ بَيْنَ نَحْوِ الْأُخْتَيْنِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَوُجُوبُ الْقَسْمِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهُ فَسَقَ.
قَوْلُهُ: (وَالنُّشُوزُ) مَعْنَاهُ لُغَةً الِارْتِفَاعُ سُمِّيَ بِهِ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ لِأَنَّ فِيهِ ارْتِفَاعًا عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ إلَى الْغَيْرِ وَيُطْلَقُ لُغَةً أَيْضًا عَلَى الْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا قَالَ تَعَالَى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] وَشَرْعًا الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ نَشَزَ إذَا ارْتَفَعَ لِأَنَّ فِيهِ ارْتِفَاعًا عَنْ أَدَاءِ الْحَقِّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعِشْرَةِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَابِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ بَيَانَ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ أَيْ بَعْضِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ لَا كُلِّهَا فَيُغْنِي الْقَسْمُ وَالنُّشُوزُ عَنْ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُسَمَّى النُّشُوزُ شِقَاقًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَغَضَ شَخْصًا يُعْطِيه شِقَّهُ اهـ. وَحُقُوقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْقَسْمُ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا، وَأَمَّا الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ فَهِيَ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (مَصْدَرُ قَسَمْت الشَّيْءَ) أَيْ جَزَّأْته وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ.
قَوْلُهُ: (بِالْكَسْرِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ السِّينِ وَبِفَتْحِهَا أَيْ السِّينِ جَمْعُ قِسْمَةٍ؛ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَلِفِعْلَةٍ فَعْلٌ. قَوْلُهُ: (الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْأَعَمِّ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لِزَوْجَتَيْنِ أَوْ زَوْجَاتٍ) لَوْ قَالَ: يَجِبُ الْقَسْمُ لِزَوْجَاتٍ لَكَانَ أَخْصَرَ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ زَوْجَاتٍ أَيْ حَقِيقَةً فَلَا دَخْلَ لِلرَّجْعِيَّةِ. وَشَمِلَ قَوْلُهُ زَوْجَاتٍ لَوْ
زَوْجَاتٍ فِيهِ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ. قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] . وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَسْمُ بِقَوْلِهِ: (وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْقَسْمِ) فِي الْمَبِيتِ (بَيْنَ) الزَّوْجَتَيْنِ وَ (الزَّوْجَاتِ) الْحَرَائِرِ (وَاجِبَةٌ) عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ قَامَ بِهِمَا أَوْ بِهِنَّ عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ وَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَإِحْرَامٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ. وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ فِي التَّمَتُّعِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهَا تُسَنُّ. وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا:" الْحَرَائِرِ " مَا لَوْ كَانَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كُنَّ مِنْ الْجِنِّ أَوْ بَعْضُهُنَّ مِنْ الْإِنْسِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْجِنِّ فَتَسْتَحِقُّ الْجِنِّيَّةُ الْقَسْمَ وَإِنْ جَاءَتْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ بَنِي آدَمَ حَيْثُ عُرِفَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَى عَلَى صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ فَتَزَوُّجُهُ بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِيءُ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ رِضًا مِنْهُ بِمَجِيئِهَا عَلَى أَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.
فَرْعٌ: لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كُنَّ إمَاءً) بِأَنْ تَزَوَّجَ رَقِيقٌ أَمَتَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ بَيْنَهُمَا، أَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ بِالشُّرُوطِ أَمَةً فَسَقِمَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَمَةً أُخْرَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: (فَلَا مَدْخَلَ لِإِمَاءٍ غَيْرِ زَوْجَاتٍ) قَالَ م ر وَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ السُّرِّيَّةَ بِالْمَبِيتِ وَيُعَطِّلَ الزَّوْجَةَ.
قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَسْمِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِوُجُوبِ الْقَسْمِ؛ إذْ رُجُوعُهُ لِلْقَسْمِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُنَّ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ:" فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ " يَعْنِي فِي مِلْكِ الْيَمِينِ؛ لَكِنَّهُ يُسَنُّ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ وَالْحِقْدُ الْبُغْضُ وَالْجَمْعُ أَحْقَادٌ.
قَوْلُهُ: {أَلا تَعْدِلُوا} [النساء: 3] أَيْ فِي الْوَاجِبِ فَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ آيَةِ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: 129] ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ أَوْ الْأَعَمِّ، أَوْ الْآيَةَ الْأُولَى فِي الْقَسْمِ الْحِسِّيِّ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالثَّانِيَةَ فِي الْمَعْنَوِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ كَالْمَحَبَّةِ؛ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ:«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: {فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] أَيْ فَانْكِحُوا وَاحِدَةً، وَقَوْلُهُ:{أَوْ مَا مَلَكَتْ} [النساء: 3] أَيْ أَوْ ائْتُوا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ:
عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ: " فِي الْبَيْتِ " قَيْدٌ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ التَّسْوِيَةُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي مِقْدَارِ الزَّمَانِ، وَإِلَّا فَالْقَسْمُ وَاجِبٌ نَهَارًا، لَكِنْ لَا تَجِبُ فِيهِ التَّسْوِيَةُ فِي الزَّمَانِ. وَلَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ عَمَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا يَأْتِي ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي إقَامَةِ غَيْرِ أَصْلٍ اهـ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي التَّمَتُّعِ وَلَا فِي الْكِسْوَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (الْحَرَائِرِ) أَيْ أَوْ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ إذَا انْفَرَدْنَ فَهُنَّ كَالْحَرَائِرِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَهُ. قَوْلُهُ: (وَاجِبَةٌ) ، أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ فِي الْخَصَائِصِ وَشَرْحِهَا: وَاخْتُصَّ بِإِبَاحَةِ تَرْكِ الْقَسْمِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ أَيْ عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ شُغْلًا عَنْ لَوَازِمِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] أَيْ تُبْعِدُ مَنْ تَشَاءُ فَلَا تَقْسِمُ لَهَا، وَتُقَرِّبُ مَنْ تَشَاءُ فَتَقْسِمُ لَهَا عَلَى أَحَدِ التَّفَاسِيرِ؛ وَلِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ أَنَسٍ:«كَانَ يَطُوفُ عَلَى جَمِيعِ نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» وَالطَّوَافُ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ أَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ جَمْعٍ شَافِعِيَّةٍ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ كَالْجُمْهُورِ
تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ، لِحَدِيثٍ فِيهِ مُرْسَلٍ. وَإِذَا قَامَ بِالزَّوْجَةِ نُشُوزٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إثْمٌ كَمَجْنُونَةٍ بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا، كَمَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً
وَلِلزَّوْجِ إعْرَاضٌ عَنْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ لِأَنَّ الْمَبِيتَ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَيُحْصِنَهُنَّ كَوَاحِدَةٍ لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا. وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا وَأَدْنَى دَرَجَاتِهَا أَنْ لَا يُخَلِّيَهَا كُلَّ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ بِمَسْكَنِهِنَّ، وَلَيْسَ لَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْوُجُوبُ وَهُوَ الَّذِي قَالَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَغَوِيُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ:«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ: " وَلَا أَمْلِكُ " وَهُوَ الْحُبُّ الْقَهْرِيُّ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِ الْقَسْمِ وَبِأَنَّهُ بِرِضَا صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ وَبِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَلَا نَعْلَمُ حَالَ النَّاسِ يُخَالِفُ حَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ «كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» . اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ وَعِبَارَةُ الْقَسْطَلَّانِيِّ.
وَأَمَّا وَطْءُ الْكُلِّ فِي سَاعَةٍ فَلِأَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ الْإِصْطَخْرِيُّ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ وَأَرَادَ الْقَسْمَ وَلَا وَاحِدَةَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى بِالْبُدَاءَةِ بِهَا وَطِئَ الْكُلَّ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْتِطَابَتِهِنَّ أَوْ الدَّوَرَانِ كَانَ فِي يَوْمِ الْقُرْعَةِ لِلْقِسْمَةِ قَبْلَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى سَاعَةً لَيْسَ لِأَزْوَاجِهِ فِيهَا حَقٌّ يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى جَمِيعِ أَزْوَاجِهِ فَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ بِهِنَّ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ كَانَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَاسْتَغْرَبَ هَذَا الْأَخِيرَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ: إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ مَا ذَكَرَهُ مُفَصَّلًا اهـ بِحُرُوفِهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا وَإِنْ كَانَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ جَبٌّ، وَعَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُطِيقِ لِلْوَطْءِ فَإِنْ جَارَ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَدُورَ بِهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَأَنْ يَنْفَعَهُ الْجِمَاعُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مُطَالَبَةُ بَعْضِ الزَّوْجَاتِ بِقَضَاءِ حَقِّهَا مِنْ قَسْمٍ وَقَعَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ جُنَّ الزَّوْجُ بَعْضَ قَسْمِهِ لِبَعْضِ نِسَائِهِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَطُوفُ بِهِ عَلَى الْبَاقِيَاتِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ الْوَلِيُّ. اهـ. قِ ل. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ:«إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم فِي غَايَةٍ مِنْ الْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ.
قَوْلُهُ: (فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ) وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرُ؛ وَلِهَذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِمَا قَالَهُ مُعْتَبَرًا بِخِلَافِ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلِحُرَّةٍ مِثْلَا أَمَةٍ. اهـ. ق ل؛ أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلْأَمَةِ ثُلُثَ لَيْلَةٍ وَلِلْحُرَّةِ ثُلُثَيْهَا وَصَادِقٌ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلْأَمَةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْحُرَّةِ أَرْبَعًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ إلَّا بِالرِّضَا. وَلَوْ بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مُحْرِمًا وَعِنْدَ وَاحِدَةٍ حَلَالًا فَقَدْ أَدَّى حَقَّهَا لِحُصُولِ الْأُنْسِ. فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ؟ قُلْت: يُتَصَوَّرُ بِصُوَرٍ: مِنْهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا، وَمِنْهَا مَا إذَا نَكَحَ الْأَمَةَ أَوَّلًا ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَنَكَحَ الْحُرَّةَ عَلَيْهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ لَا تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ لَقِيطَةً أَقَرَّتْ بَعْدَ نِكَاحِهَا بِالرِّقِّ، فَهَذِهِ صُوَرٌ تَجْتَمِعُ فِيهَا الْحُرَّةُ مَعَ الْأَمَةِ ز ي.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَهِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ وَالتَّمْكِينُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا كَانَتْ قَفَلَتْهُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ الْفَتْحِ لِكَوْنِ الْمِفْتَاحِ مَعَهَا أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ مِنْهَا وَتَوَقَّفَ عَلَى الْفَتْحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا) وَهَلْ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ تَأْخِيرُ حَقِّ غَيْرِهَا. اهـ. ح ل
قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ إعْرَاضٌ عَنْ زَوْجَاتِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ دَوْرِهِنَّ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَبِيتِ، وَكَرِهَ الْمُتَوَلِّي إعْرَاضَهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَمَامِ دَوْرِهِنَّ لَا فِي أَثْنَائِهِ لِفَوَاتِ حَقِّ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ، حَتَّى لَوْ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِمَّنْ بَقِيَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا ح ل.
قَوْلُهُ: (وَيُحْصِنَهُنَّ) أَيْ يُعِفَّهُنَّ عَنْ الزِّنَا بِالْوَطْءِ فَتَكُونُ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ الْمَبِيتَ وَالْوَطْءَ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ إلَخْ)
أَنْ يَدْعُوَهُنَّ لِمَسْكَنِ إحْدَاهُنَّ إلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ وَلَا أَنْ يَدْعُوَ بَعْضًا لِمَسْكَنِهِ وَيَمْضِيَ لِبَعْضٍ آخَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ إلَّا بِرِضَاهُنَّ أَوْ بِقُرْعَةٍ أَوْ غَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ يَمْضِي إلَيْهَا دُونَ الْأُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلَهُ نَهَارًا اللَّيْلُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ وَالنَّهَارُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ تَبَعٌ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ، قَالَ تَعَالَى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] وَالْأَصْلُ فِي الْقَسْمِ لِمَنْ عَمَلُهُ لَيْلًا كَحَارِسِ النَّهَارُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهِنَّ دَعَاهُنَّ إلَيْهِ وَلَزِمَهُنَّ الْإِجَابَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فَمَا ذَكَرَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِهِ لِلرَّمْلِيِّ: فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ وَأَرَادَ الْقَسْمَ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ تَوْفِيَةً لِحَقِّهِنَّ وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَسْكَنٍ فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ صَوْنًا لَهُنَّ وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ لِمَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّهُ فَمَنْ امْتَنَعَتْ، أَيْ وَقَدْ لَاقَ مَسْكَنُهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فَهِيَ نَاشِزَةٌ، إلَّا ذَاتَ قَدْرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَيَذْهَبُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ، وَإِلَّا نَحْوَ مَعْذُورَةٍ بِمَرَضٍ فَيَذْهَبُ أَوْ يُرْسِلُ لَهَا مَرْكَبًا إنْ أَطَاقَتْ مَعَ مَنْ يَقِيهَا مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ اهـ.
وَكَتَبَ ق ل عَلَى قَوْلِهِ: " وَالْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ إلَخْ ". فَلَوْ انْفَرَدَ مَسْكَنٌ وَدَعَاهُنَّ إلَيْهِ لَزِمَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهَا الْحُضُورُ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ حُضُورِهَا عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ إلَيْهِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ) وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَاحِبَةُ الْمَنْزِلِ فِيهِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيّ جَوَازَ جَمْعِهِنَّ بِخَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ لِمَشَقَّةِ الِانْفِرَادِ مَعَ عَدَمِ تَأَبُّدِ الضَّرُورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ هَكَذَا قَالَهُ ز ي. وَقَوْلُهُ:" بِخَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ " وَكَذَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي سَفِينَةٍ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: حَيْثُ أُفْرِدَ كُلٌّ بِمَحَلٍّ ح ل. وَقَوْلُهُ " لِمَشَقَّةِ الِانْفِرَادِ " أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ سَهُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَاهُنَّ) فَإِنْ رَضِينَ بِهِ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُنَّ بِحَضْرَةِ الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ، وَلَا تَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ فِي دَارٍ حَجْرٍ أَوْ عُلْوٍ وَسُفْلٍ جَازَ إسْكَانُهُنَّ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ وَلَاقَتْ الْمَسَاكِنُ بِهِنَّ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: " لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إلَخْ " الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ بِعِلْمِ إحْدَى ضَرَّاتِهَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحُضُورِهَا، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ أَذِيَّةَ غَيْرِهَا وَلَمْ يَرَيْنَ شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهَا وَإِلَّا حَرُمَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ. وَيَحْرُمُ التَّمْكِينُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ. وَقَوْلُهُ: أَوْ عُلْوٍ وَسُفْلٍ وَالْخِيَرَةُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي تَسْكِينِ بَعْضِهِنَّ فِي الْعُلْوِ وَبَعْضِهِنَّ فِي السُّفْلِ لِلزَّوْجِ حَيْثُ كَانَا أَيْ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لَائِقَيْنِ بِهِنَّ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِقُرْعَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى شَرِيفَةٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلزَّوْجِ مَسْكَنٌ وَدَعَاهُنَّ إلَيْهِ لَزِمَهُنَّ الْإِجَابَةُ إلَّا مَنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا تَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ بَلْ يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَهُنَا بِالْقُرْعَةِ.
قَوْلُهُ: (كَقُرْبِ مَسْكَنٍ) وَكَخَوْفٍ عَلَيْهَا مِنْ الْفَجَرَةِ. قَوْلُهُ: (اللَّيْلُ) وَهُوَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَوْ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، لَكِنْ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَالْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَآخِرِهِ قِ ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) وَهُوَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ اللَّيَالِي زي.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الَّذِي) التِّلَاوَةُ: " هُوَ الَّذِي " وَإِنَّمَا أَسْنَدَ الْإِبْصَارَ إلَى النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُبْصِرُ فِيهِ بِسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَتَعَبٍ فَهُوَ سَبَبٌ بِخِلَافِ السُّكُونِ فِي اللَّيْلِ؛ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: قَوْلُهُ: مُبْصِرًا أَسْنَدَ الْإِبْصَارَ إلَيْهِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْإِبْصَارِ بِذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ بِخِلَافِ اللَّيْلِ. وَقَالَ ح ل: لَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ كَمَا فِي جَانِبِ اللَّيْلِ. قَالَ الْقَاضِي: تَفْرِقَةً بَيْنَ الظَّرْفِ الْمُجَرَّدِ
لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلَ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ، فَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً بِالنَّهَارِ وَتَارَةً بِاللَّيْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْسِمَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً تَابِعَةً وَنَهَارًا مَتْبُوعًا وَلِأُخْرَى عَكْسَهُ.
(وَ) مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ (لَا يَدْخُلُ) نَهَارًا (عَلَى غَيْرِ الْمَقْسُومِ لَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِتَحْرِيمِهِ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ، فَإِنْ فَعَلَ وَطَالَ مُكْثُهُ لَزِمَهُ لِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ الْقَضَاءُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، أَمَّا دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ مَتَاعٍ أَوْ أَخْذِهِ أَوْ تَسْلِيمِ نَفَقَةٍ أَوْ تَعْرِيفِ خَبَرٍ فَجَائِزٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ أَيْ وَطْءٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» . وَلَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ وَلَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالظَّرْفِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ، أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّكُونِ أَيْ مَحَلًّا تَسْكُنُونَ فِيهِ، وَالنَّهَارَ سَبَبٌ لِلْإِبْصَارِ أَيْ مُقْتَضٍ لِلْإِبْصَارِ بِذَاتِهِ أَيْ جَعَلَكُمْ مُبْصِرِينَ فِيهِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُجَرَّدًا أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا عَنْ السَّبَبِيَّةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللَّيْلِ السُّكُونُ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: فَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ فَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قِ ل. وَعِبَارَةُ م ر: وَإِنْ كَانَ تَارَةً يَعْمَلُ لَيْلًا وَتَارَةً نَهَارًا لَمْ يُجْزِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ وَلَا عَكْسُهُ، أَيْ وَالْأَصْلُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ السُّكُونِ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ وَلَوْ كَانَ عَمَلُهُ بَعْضَ اللَّيْلِ وَبَعْضَ النَّهَارِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ السُّكُونِ هُوَ الْأَصْلُ وَالْعَمَلُ هُوَ التَّبَعُ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَخِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ؛ فَظَاهِرُ تَمْثِيلِهِمْ بِالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ التَّاءِ فَفِي الْمِصْبَاحِ أَتُونٌ كَرَسُولٍ عَدَمُ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا الْعَمَلِ فَيَكُونُ اللَّيْلُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْأَصْلُ إذْ الْقَصْدُ الْأُنْسُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَتُونِيِّ مَا يُحْمَى عَلَى دُسْتِ الْحَمَّامِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ نَهَارًا) لَوْ قَالَ: وَلَا يَدْخُلُ فِي تَابِعٍ إلَخْ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِلْأَصْلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ الْمُفْهِمِ جَوَازَ الدُّخُولِ لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِي الْأَصْلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي الْأَصْلِ يَمْتَنِعُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ دَخَلَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَطَالَ مُكْثُهُ) أَيْ عُرْفًا، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ ق ل. وَقَوْلُهُ:" مِنْ نَوْبَةٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ لِيَشْمَلَ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ عِنْدَهُنَّ رَأْسًا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْرِيفُ خَبَرٍ) أَيْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَإِلَّا فَالْمُقَرَّرُ فِي السِّيَرِ وَالْخَصَائِصِ أَنَّهُ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِنَّ بِمَسِيسٍ أَيْ وَطْءٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، وَرُبَّمَا دَارَ عَلَى الْكُلِّ بِالْوَطْءِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ. وَكَانَ يَفْعَلُ هَذَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ شَاغِلٌ فِيهِ فَعَلَهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ كَانَ يُرْضِي الضَّرَّاتِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ خَصَّهُ بِوَقْتٍ لَا حَقَّ لِلزَّوْجَاتِ فِيهِ يَدْخُلُ فِيهِ عَلَى مَنْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَوْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ وَهَذَا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ رَاجِعْ الْمَوَاهِبَ.
قَوْلُهُ: (أَيْ وَطْءٍ) أَمَّا بِوَطْءٍ فَيَحْرُمُ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ زي، أَيْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا) يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ، فِي رِوَايَةِ م ر خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي جَاءَتْ نَوْبَتُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا، وَعِبَارَةُ ح ل: أَيْ كَانَ يَدْخُلُ فِي الْيَوْمِ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى صَاحِبَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَاتَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ طَوَافَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي التَّبَعِ لَا فِي الْأَصْلِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ) أَيْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْحَاجَةُ زي، وَقَالَ ق ل: ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَثِيرًا اهـ؛ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا طَوَّلَهُ قَضَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ) أَمَّا الْوَطْءُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاعُهُ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا زَوْجَةٌ يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ. وَلَوْ قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى الْحَدِيثِ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: وَلَهُ دُخُولٌ فِي أَصْلٍ عَلَى أُخْرَى لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ وَلَهُ دُخُولٌ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ وَهُوَ التَّبَعُ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ مَتَاعٍ وَلَهُ تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ أَيْ فِي دُخُولِهِ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ أَمَّا بِوَطْءٍ فَيَحْرُمُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَيْنَا» إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَمَتَّعَ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِيهِ، وَكَذَا فِي الْأَصْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُمْ لَهُ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ،
اسْتِمْتَاعٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ النَّهَارِ اللَّيْلُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ ذَاتِ النَّوْبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ وَشِدَّةِ الطَّلْقِ وَخَوْفِ النَّهْبِ وَالْحَرِيقِ. ثُمَّ إنْ طَالَ مُكْثُهُ عُرْفًا قَضَى مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا مِثْلَ مُكْثِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ لَمْ يَقْضِ لِقِلَّتِهِ، وَيَأْثَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ. وَلَوْ جَامَعَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا عَصَى وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ وَكَانَ لِضَرُورَةٍ؛ قَالَ الْإِمَامُ: وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْجِمَاعَ يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَيَقْضِي الْمُدَّةَ دُونَ الْجِمَاعِ لَا إنْ قَصُرَتْ، وَمَحِلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَا إذَا بَقِيَتْ الْمَظْلُومَةُ فِي نِكَاحِهِ، فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ بِسَبَبِهَا فَلَا قَضَاءَ لِخُلُوصِ الْحَقِّ لِلْبَاقِيَاتِ، وَلَوْ فَارَقَ الْمَظْلُومَةَ تَعَذَّرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ ح ل وَقِ ل وس ل. وَبَحْثُ حُرْمَتِهِ أَيْ التَّمَتُّعِ إنْ أَفْضَى إلَى الْوَطْءِ إفْضَاءً قَوِيًّا كَمَا فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاتَ الْجِمَاعِ مُحَرَّمَةٌ ثَمَّ إجْمَاعًا لَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَقَعَ جَائِزًا، وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ حَقُّ الْغَيْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ مُفْسِدًا لِلْعِبَادَةِ مَا لَمْ يُحْتَطْ هُنَا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ طَالَ مُكْثُهُ إلَخْ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الضَّرُورَةِ أَوْ أَطَالَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْجَمِيعَ، وَإِنْ دَخَلَ فِي التَّابِعِ لِحَاجَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الْحَاجَةِ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ أَطَالَهُ قَضَى الزَّائِدَ فَقَطْ زي. وَنَظَمَ الْمُحَشِّي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ لِلضَّرُورَةِ
…
لِضَرَّةٍ لَيْسَتْ بِذَاتِ النَّوْبَةِ
فِي الْأَصْلِ مَعَ قَضَاءِ كُلِّ الزَّمَنْ
…
إنْ طَالَ أَوْ أَطَالَهُ فَأَتْقَنْ
وَإِنْ يَكُنْ فِي تَابِعٍ لِحَاجَةِ
…
وَقَدْ أَطَالَهُ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ
قَضَى الَّذِي زِيدَ فَقَطْ وَلَا يَجِبْ
…
قَضَاؤُهُ فِي الطُّولِ هَذَا مَا انْتُخِبْ
وَإِنْ يَكُنْ دُخُولُهُ لَا لِغَرَضْ
…
عَصَى وَيَقْضِي لَا جِمَاعًا إنْ عَرَضْ
وَقَوْلُهُ فِي النَّظْمِ: " وَقَدْ أَطَالَهُ إلَخْ " كَأَنْ كَانَ يُمْكِنُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي خَمْسٍ دَرَجَ فَقَضَاهَا فِي عَشَرَةٍ. وَقَوْلُهُ: " قَضَاؤُهُ فِي الطُّولِ " أَيْ فِيمَا إذَا طَالَ بِنَفْسِهِ. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا فَقَالَ:
دُخُولُ زَوْجٍ طَالَ أَوْ أَطَالَهْ
…
فِي الْأَصْلِ يَقْضِيه بِلَا مَحَالَهْ
وَلْيَقْضِ زَائِدًا بِمَا أَطَالَا
…
فِي تَابِعٍ دُونَ الَّذِي قَدْ طَالَا
قَوْلُهُ: (قَضَى مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَأْثَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ) أَيْ لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِضَرُورَةٍ أَيْ فِي الْأَصْلِ أَوْ التَّابِعِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَامَعَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ أَوْ التَّابِعِ. نَعَمْ يَجُوزُ غَيْرُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ فِي التَّابِعِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ) أَيْ الدُّخُولُ لِضَرُورَةٍ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ.
قَوْلُهُ: (لَا يُوصَفُ بِالتَّحَرُّمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ كَوْنِهِ وَطْئًا، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ صَرْفُ زَمَنِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ لِغَيْرِهَا فَمَعْصِيَةٌ تُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ.
قَوْلُهُ: (وَيُصْرَفُ) أَيْ التَّحْرِيمُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ.
قَوْلُهُ: (إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ إيقَاعِ الْوَطْءِ فِي هَذَا الزَّمَنِ. وَقَوْلُهُ: " لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ " وَهُوَ الْجِمَاعُ نَفْسُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مَعْصِيَةً فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ صَرْفِ الزَّمَنِ لَهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ إنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ:" لِأَمْرٍ خَارِجٍ " وَهُوَ كَوْنُهُ فِي نَوْبَةِ الْغَيْرِ قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ بِسَبَبِهَا) أَيْ بِسَبَبِ نَوْبَتِهَا الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهَا أَيْ الَّتِي حَصَلَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا فَالْمَيِّتَةُ هِيَ الْمَظْلُومَةُ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ مَاتَتْ فَلَا قَضَاءَ، فَفِي كَلَامِهِ وَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ أج بِالْمَعْنَى.
وَقَرَّرَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومَةُ أَيْ فَلَوْ مَاتَتْ الَّتِي وَقَعَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا وَهِيَ الَّتِي أُعْطِيت مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا قَبْلَهُ إذْ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَظْلُومَةِ نَفْسِهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ فِيمَنْ وَقَعَ الظُّلْمُ بِسَبَبِهَا. قَوْلُهُ: " لِخُلُوصِ الْحَقِّ
الْقَضَاءُ، أَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ فَلَيْلُهُ كَنَهَارِ غَيْرِهِ وَنَهَارُهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَعِمَادُ قَسْمِهِ وَقْتُ نُزُولِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
تَنْبِيهٌ: أَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لِمُقِيمٍ عَمَلُهُ نَهَارًا لَيْلَةٌ، وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ وَعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى. وَأَمَّا «طَوَافُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ، وَأَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ كَالْحَارِسِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَبْعِيضُهُ كَتَبْعِيضِ اللَّيْلِ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَيْلًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِسُهُولَةِ الضَّبْطِ. وَالِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّيْلَةِ أَفْضَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَقْرَبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ، وَيَجُوزُ لَيْلَتَيْنِ وَثَلَاثًا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْمُهَاجَرَةِ وَالْإِيحَاشِ لِلْبَاقِيَاتِ بِطُولِ الْمُقَامِ عِنْدَ الضَّرَّةِ، وَقَدْ يَمُوتُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَيَفُوتُ حَقُّهُنَّ. وَتَجِبُ الْقُرْعَةُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْبَاقِيَاتِ " أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِسَبَبِهَا إذَا مَاتَتْ لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقٌّ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ حَقِّهَا لِغَيْرِهَا. وَبِمَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومُ بِحَذْفِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يُوهِمُ رُجُوعَ الضَّمِيرِ إلَى الْمَظْلُومَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي نَقْلًا عَنْ أج غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ مَا قَالَهُ أج هُوَ الظَّاهِرُ، فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الْقَائِلَ إلَى مَا قَالَهُ.
قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَدَّهَا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا لِعِصْمَتِهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَيَقْضِي لَهَا حَقَّهَا. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ حَاكِمٌ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهِ صَحَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ كَمَا قَالَهُ ح ل.
قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ النَّهَارُ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَقْتُ نُزُولِهِ) مَا لَمْ تَكُنْ خَلْوَتُهُ فِي سَيْرِهِ وَإِلَّا فَوَقْتُهَا هُوَ الْعِمَادُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنْ كَانَ فِي مِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَحَالَةُ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةٍ مَثَلًا وَعِمَادُ الْمَجْنُونِ وَقْتُ إفَاقَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ.
قَوْلُهُ: (قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَوْزِيعِ مَرَّاتِ النُّزُولِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ أَوْقَاتَ النُّزُولِ لَا تَنْضَبِطُ وَتَشُقُّ مُرَاعَاةُ التَّفَاوُتِ فَسُومِحَ فِيهِ، وَمَحَلُّهُ فِي نُزُولٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَسْمُ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُقِيمِ، أَمَّا نُزُولٌ يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ كَيَوْمَيْنِ بِلَيْلَتَيْهِمَا وَمَعَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلًا فَيَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَهُمَا كَالْمُقِيمِ سم بِأَنْ يَجْعَلَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً مَعَ يَوْمٍ وَالْأُخْرَى كَذَلِكَ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ إحْدَاهُمَا بِجَمِيعِ هَذِهِ الْإِقَامَةِ وَيَجْعَلَ لِلْأُخْرَى وَقْتَ النُّزُولِ الْحَاصِلِ عَقِبَ السَّفَرِ عَنْ هَذِهِ الْإِقَامَةِ. اهـ. م ر سم.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ. هَكَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي بَعْضٍ آخَرَ بِبَعْضِهَا بِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ مَعَ كَسْرِ الْأُولَى، وَهِيَ أَنْسَبُ بِالْمَعْطُوفِ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ:" وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى " وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِهَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ادَّعَتْ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَنَّ وَقْتَهَا دَخَلَ قَبْلَ مَجِيئِهِ لَهَا فَيَحْصُلُ التَّشْوِيشُ الْمَذْكُورُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا بِلَيْلَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ لَيْلَةٍ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا طَوَافُهُ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا.
قَوْلُهُ: (فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَوْلُهُ:(فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ) وَهُوَ أَنَّ أَقَلَّ نُوَبِ قَسْمِهِ وَقْتُ نُزُولِهِ، وَوَقْتُ الِارْتِحَالِ تَابِعٌ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ عَدَمُ الْجَوَازِ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ) أَفْهَمَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ مُشَاهَرَةً أَيْ شَهْرًا مَثَلًا، وَمُسَانَهَةً أَيْ سَنَةً مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ) فَإِذَا كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ فِي مِصْرَ يَبِيتُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ وَبَعْدَهَا يَبِيتُ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مَثَلًا، وَإِذَا ذَهَبَ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى يَمْكُثُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ وَبَعْدَهَا يَمْكُثُ فِي مَحَلٍّ مُعْتَزَلٍ عَنْهَا مُدَّةَ إقَامَتِهِ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ بِمَكَّةَ وَأُخْرَى بِمِصْرَ مَثَلًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَإِذَا بَاتَ ثَلَاثًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأُخْرَى وَيَبِيتَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا؛ وَهَذَا الْحُكْمُ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى اهـ.
قَوْلُهُ: (إلَى الْمُهَاجَرَةِ) أَيْ الْهَجْرِ ضِدُّ الْوَصْلِ، فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَالْإِيحَاشُ ضِدُّ الْأُنْسِ.
قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الْقُرْعَةُ إلَخْ)
لِلِابْتِدَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ رِضَاهُنَّ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ مَعَ اسْتِوَائِهِنَّ فِي الْحَقِّ، فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَإِذَا مَضَتْ نَوْبَتُهَا أَقْرَعَ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ بَيْنَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ رَاعَى التَّرْتِيبَ. وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَ بِلَا قُرْعَةٍ فَإِنَّهُ يَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فَإِذَا تَمَّتْ النَّوْبَةُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ.
(وَإِذَا أَرَادَ) الزَّوْجُ (السَّفَرَ) لِنَقْلَةِ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ، وَلَوْ نَقَلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ قَضَى لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ بَلْ يَنْقُلَهُنَّ أَوْ يُطَلِّقَهُنَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ أَطْمَاعِهِنَّ مِنْ الْوِقَاعِ، فَأَشْبَهَ الْإِيلَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهِنَّ وَهُوَ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ رَجَاؤُهُنَّ. وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ أَوْ الْقَصِيرَةِ الْمُبَاحَةِ إذَا أَرَادَ اسْتِصْحَابَ بَعْضِهِنَّ. (أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ) وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ. (وَخَرَجَ بِاَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَيْهَا) سَهْمُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَاتِ إنْ كُنَّ أَرْبَعًا وَجَبَ ثَلَاثُ قُرَعٍ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ تَتَعَيَّنُ، وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا وَجَبَ قُرْعَتَانِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ تَتَعَيَّنُ، وَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ زي. وَلَهُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِقُرْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَهُنَّ بِأَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ النِّسَاءِ كُلَّهُنَّ وَيُخْرِجَهَا عَلَى اللَّيَالِيِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ إعَادَتَهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا خَرَجَتْ مُخَالِفَةً لِلْقُرْعَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ) وَكَذَا لِلْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ أَعَادَ الْقُرْعَةَ لِلْجَمِيعِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالنُّوَبِ دُونَ النَّوْبَةِ.
قَوْلُهُ: (لِنَقْلَةِ) هَذِهِ دَخِيلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. ق ل قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ غَيَّرَ نِيَّةَ النَّقْلَةِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ لِغَيْرِهَا فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ وَالْإِثْمُ بِذَلِكَ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْبَاقِيَاتِ؟ وَجْهَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي اهـ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ إلَخْ) الْمَسْأَلَةُ لَهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ يَحْرُمُ فِي اثْنَيْنِ مِنْهَا، وَهُمَا أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ وَيُبْقِيَ بَعْضَهُنَّ عَلَى عِصْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ، وَيَحِلُّ فِيمَا إذَا اسْتَصْحَبَ الْكُلَّ أَوْ طَلَّقَ الْكُلَّ أَوْ اسْتَصْحَبَ بَعْضًا وَطَلَّقَ بَعْضًا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ) أَيْ لِنَقْلَةٍ.
قَوْلُهُ: (قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ) أَيْ مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي اسْتَصْحَبَهَا. نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِصْحَابِ جَمِيعِهِنَّ دَفْعَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ اسْتِصْحَابُ بَعْضِهِنَّ أَوَّلًا بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُرْسِلُ لِأَخْذِ الْبَاقِي أَوْ يَأْخُذُهُنَّ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (قَضَى لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ اسْتِصْحَابِهِ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَحْرَمًا لَهَا أَوْ عَبْدًا لَهَا مَمْسُوحًا. قَوْلُهُ:(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ م د.
قَوْلُهُ: (بَلْ يَنْقُلُهُنَّ) أَيْ أَوْ يَنْقُلُ بَعْضًا وَيُطَلِّقُ بَعْضًا، فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ بِوَكِيلِهِ إلَّا بِقُرْعَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَحْرَمًا لِمَنْ يَنْقُلُهَا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ خ ض.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.
قَوْلُهُ: (لِمَا فِي ذَلِكَ) أَيْ تَرْكِهِنَّ، فَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَأَشْبَهَ الْإِيلَاءَ أَيْ فَكَانَ غَيْرَ جَائِزٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْوِقَاعِ) أَيْ الْجِمَاعِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ) الْبَاقِي هُوَ السَّفَرُ لِغَيْرِ نَقْلَةٍ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إمَّا لِنَقْلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (وَفِي بَاقِي الْأَسْفَارِ) أَيْ لَا لِنَقْلَةٍ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَعَ الَّذِي بَعْدَهُ فَهُوَ دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (الْمُبَاحَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَةَ الْمُسَافِرَةِ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعْصِيَةِ. وَيَجِبُ عَلَيْهَا السَّفَرُ بِطَلَبِهِ كَرُكُوبِ بَحْرٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ إنْ أُمِنَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِعِصْيَانِهِ بِهِ نُشُوزٌ؛؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُهَا لِلْمَعْصِيَةِ، بَلْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَامْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ مِنْ السَّفَرِ مَعَ الزَّوْجِ نُشُوزٌ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُهَا لِمَعْصِيَةٍ بَلْ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ كَشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَا تُطِيقُ السَّفَرَ مَعَهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ مُجَرَّدُ مُفَارَقَةِ أَهْلِهَا وَعَشِيرَتِهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (كَمَا اقْتَضَاهُ) أَيْ الْوُجُوبُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَعَ.
قَوْلُهُ: (بِاَلَّتِي تَخْرُجُ عَلَيْهَا) أَيْ لَهَا. قَوْلُهُ: (سَهْمٌ) فِي إقْحَامِ سَهْمٍ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ مَعِيبٌ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْعَةِ
(الْقُرْعَةِ) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» . وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي يَوْمِهَا أَمْ فِي يَوْمِ غَيْرِهَا. وَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لَا تَدْخُلُ نَوْبَتُهَا فِي مُدَّةِ السَّفَرِ، بَلْ إذَا رَجَعَ وَفَّى لَهَا نَوْبَتَهَا وَإِذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِوَاحِدَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ بِغَيْرِهَا وَلَهُ تَرْكُهَا. وَلَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ عَصَى وَقَضَى، فَإِنْ رَضِينَ بِوَاحِدَةٍ جَازَ بِلَا قُرْعَةٍ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ قَبْلَ سَفَرِهَا؛ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَذَا بَعْدَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَيْ يَصِلْ إلَيْهَا وَإِذَا سَافَرَ بِالْقُرْعَةِ لَا يَقْضِي لِلزَّوْجَاتِ الْمُتَخَلِّفَاتِ مُدَّةَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَصْحَبَةَ وَإِنْ فَازَتْ بِصُحْبَتِهِ. فَقَدْ لَحِقَهَا مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ وَمَشَقَّتِهِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ، وَالْمُتَخَلِّفَةُ وَإِنْ فَاتَهَا حَظُّهَا مِنْ الزَّوْجِ فَقَدْ تَرَفَّهَتْ بِالرَّاحَةِ وَالْإِقَامَةِ، فَتَقَابَلَ الْأَمْرَانِ فَاسْتَوَيَا. وَخَرَجَ بِالْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ فِيهَا بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا، فَإِنْ فَعَلَ عَصَى وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ. وَخَرَجَ بِالزَّوْجَاتِ الْإِمَاءُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ وَصَارَ مُقِيمًا قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ، هَذَا إنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَهْمُهَا لَا فِعْلُهَا ق ل مُلَخَّصًا. وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَأْنِيثُ الْفِعْلِ مَعَ تَذْكِيرِ الْفَاعِلِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ السَّفَرُ قَوْلُهُ: (عَصَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاكِنْهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَقَضَى) أَيْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ مَعَهَا مَا لَمْ يُخَلِّفْهَا فِي بَلَدٍ، فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ اهـ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: قَوْلُهُ: " وَقَضَى " أَيْ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِينَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ) مَا لَمْ يُسْرِعْ فِي الْخُرُوجِ، فَإِنْ خَرَجَ وَسَافَرَ حَتَّى جَازَ لَهُ التَّرَخُّصُ امْتَنَعَ عَلَيْهِنَّ الرُّجُوعُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُنَّ الرُّجُوعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَهُنَّ قَبْلَ سَفَرِهَا الرُّجُوعُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَعِيدٌ اهـ. فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ سَفَرِهَا) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِ مَحَلٍّ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) أَيْ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا، فَإِذَا بَلَغَ سَفَرَهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ فِي الْعِبَارَةِ إيهَامُ خِلَافِ الْمُرَادِ قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ يَصِلُ إلَيْهَا. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِلُ إلَيْهَا) دَفَعَ بِهِ أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا يُتَصَوَّرُ مُجَاوَزَتُهَا إذْ لَا آخِرَ لَهَا، فَالْمُرَادُ مُجَاوَزَةُ أَوَّلِهَا. اهـ. قِ ل.
قَوْلُهُ: (مُدَّةَ سَفَرِهِ) أَيْ ذَهَابًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ إلَخْ؛ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ: وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ هُنَا:" مُدَّةَ سَفَرِهِ " شَامِلًا لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ لِمَا مَرَّ حَتَّى يَلْزَمَ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ اهـ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ عَنْهُ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ مَعَ وُجُوبِهِ عَلَى الزَّوْجِ دَائِمًا وَلَوْ قَامَ بِهَا عُذْرٌ م د.
قَوْلُهُ: (مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ) بَيَانٌ لِمَا.
قَوْلُهُ: (مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الصُّحْبَةِ وَالتَّمَتُّعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ فَاتَهَا حَظُّهَا) أَيْ سُرُورُهَا وَهُوَ الصُّحْبَةُ وَالتَّمَتُّعُ.
قَوْلُهُ: (فَقَدْ تَرَفَّهَتْ) أَيْ تَنَعَّمَتْ، وَمِنْهُ وَقَوْله تَعَالَى:{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا} [سبأ: 34] أَيْ مُتَنَعِّمُوهَا. قَوْلُهُ: (الْأَمْرَانِ) وَهُوَ رَاحَةٌ فِي مُقَابَلَةِ رَاحَةٍ وَمَشَقَّةٌ فِي مُقَابَلَةِ مَشَقَّةٍ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَوَيَا) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لِلْأَمْرَيْنِ وَالْمُنَاسِبُ فَاسْتَوَيَتَا بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ إلَخْ) قَدْ وَافَقَهُ شَيْخُنَا عَلَى ذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا. وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِمْ: وَيَجِبُ عَلَيْهَا إلَخْ مَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ طَاعَتُهَا لَهُ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ ق ل. أَوْ يُقَالُ إنَّ ذَاكَ فِي سَفَرِهِ لِنَقْلَةٍ وَهَذَا فِي سَفَرِهِ لِغَيْرِهَا. وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ الصَّادِقَ بِالْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ الزِّيَادِيِّ.
قَوْلُهُ: (عَصَى وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ) أَيْ إنْ رَجَعَ أَوْ سَافَرْنَ لَهُ يُعَدُّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ طَاعَتُهُ فَلَوْ خَالَفَتْ سَقَطَ حَقُّهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالزَّوْجَاتِ) أَيْ الدَّاخِلَاتِ تَحْتَ قَوْلِهِ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَإِنَّ ضَمِيرَهُ رَاجِعٌ لِلزَّوْجَاتِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ)
سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ أَمَّا إذَا اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَلَا يَقْضِي كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ كَمَا لَا يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ.
تَنْبِيهٌ: مَنْ وَهَبَتْ مِنْ الزَّوْجَاتِ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ، فَإِنْ رَضِيَ بِالْهِبَةِ وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ مِنْهُنَّ بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَإِنْ وَهَبَتْ لِلزَّوْجِ فَقَطْ كَانَ لَهُ التَّخْصِيصُ لِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ وَلِبَعْضِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَهُ وَلِلْجَمِيعِ قَسَمَ ذَلِكَ عَلَى الرُّءُوسِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَأْخُذَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَقِّهَا عِوَضًا لَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ الضَّرَائِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ؛
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَ قَيْدًا بَلْ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَصْرِ مِمَّا يَقْطَعُ السَّفَرَ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّةَ سَفَرِهِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لَا يَقْضِي لِلزَّوْجَاتِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَلِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ رَضِينَ جَازَ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ الْإِمَاءِ. وَالْمَقْصِدُ بِكَسْرِ الصَّادِ. مَوْضِعُ الْقَصْدِ، وَفَتَحَ النَّاسُ صَادَهُ خَطَأً إذْ هُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَصَارَ مُقِيمًا) أَيْ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ مُطْلَقًا، أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ. قَالَ ق ل: قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْضِي مُدَّةَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ إنْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ. وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَتِهَا فِي الْبَلَدِ بِإِذْنِهِ كَأَنْ كَانَتْ مَاشِطَةً أَوْ بَلَّانَةً أَوْ قَيِّمَةً عَلَى الْحَمَّامِ أَوْ مُغَنِّيَةً أَوْ قَابِلَةً وَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ، فَلَا يَسْقُطُ قَسْمُهَا وَنَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ وَلَمْ تُسَافِرْ؛ وَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ م ر انْتَهَى زي. قَوْلُهُ:(هَذَا) أَيْ مَحَلُّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ وَهَبَتْ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِأَنْ وَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَتَسْمِيَتُهَا هِبَةً بِالنَّظَرِ لِلصُّورَةِ وَاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً. وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْهِبَةِ، أَمَّا هُنَا فَيُعْتَبَرُ رِضَا الزَّوْجِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْهُوبٍ لَهُ، وَحِينَئِذٍ هَذِهِ الْهِبَةُ تَخْرُجُ عَنْ قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ هُنَا لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً، وَحِينَئِذٍ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا هِبَةٌ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ، وَيُقَالُ أَيْضًا: لَنَا هِبَةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ غَيْرِ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (لِمُعَيَّنَةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِمُبْهَمَةٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ ق ل، أَيْ فَيَسْتَمِرُّ حَقُّهَا. قَوْلُهُ:(بَاتَ عِنْدَهَا) وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَيْلَتَيْهِمَا) كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَحَلِّهَا. وَلَيْسَ لَهُ تَقْدِيمُ لَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ عَلَى مَحَلِّهَا وَلَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى مُلَاصَقَةِ لَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ، وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ لَيْلَةِ مَنْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ ق ل. وَمَحَلُّ بَيَانِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا إلَّا لَيْلَتَهَا كَمَا قَالَهُ س ل.
قَوْلُهُ: (لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ) أَيْ لِإِرَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم طَلَاقَهَا لِكِبَرِهَا عِ ش. وَسَوْدَةُ بِفَتْحِ السِّينِ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ بَابِ الضِّدِّيَّةِ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَجْمَلِ نِسَائِهِ عليه الصلاة والسلام وَصَدَرَ مِنْهَا ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ عَقْلِهَا لَمَّا رَأَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا إلَّا هِيَ وَهِيَ كَبِرَتْ وَصَارَتْ لَا تُشْتَهَى فَخَافَتْ أَنْ يَكْرَهَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَيُطَلِّقَهَا، فَقَالَتْ لَهُ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَا أُرِيدُ مِنْك مَا تُرِيدُ النِّسَاءُ وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ نِسَائِك أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنِّي وَهَبْتُ نَوْبَتِي لِعَائِشَةَ» اهـ. وَقَالَ ع ش: أَيْ لِإِرَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم طَلَاقَهَا لِكِبَرِهَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الرُّءُوسِ) فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِيِهَا وَلَهُ لَيْلَةٌ أَيْضًا يَخُصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل: فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ وَلَهُنَّ كَانَ لَهُ رُبْعُ لَيْلَةٍ وَلِكُلِّ زَوْجَةٍ كَذَلِكَ فَتُجْعَلُ الْوَاهِبَةُ كَالْمَعْدُومَةِ وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَدْوَارٍ أَيْ لَيَالٍ يَجْتَمِعُ لَيْلَةً فَيُقْرِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ خَصَّهَا بِهِ، وَهَكَذَا كُلَّمَا اجْتَمَعَتْ لَيْلَةٌ وَكَذَا بَقِيَّةُ الصُّوَرِ.
هَذَا إذَا وَهَبَتْهَا دَائِمًا، فَإِنْ وَهَبَتْ لَيْلَةً فَقَدْ جَعَلَهَا أَرْبَاعًا وَأَقْرَعَ أَيْضًا وَيَخُصُّ بِرُبْعِهِ مَنْ شَاءَ: وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ اللَّيَالِي لَا بِحَسَبِ الْأَجْزَاءِ، فَيَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ لَيَالِي الْوَاهِبَةِ لَيْلَةً بِالْقُرْعَةِ فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ وَيَخُصُّ بِلَيْلَتِهِ مَنْ شَاءَ، وَرَدَ الْقَوْلُ بِالتَّوْزِيعِ بِحَسَبِ الْأَجْزَاءِ. نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا وَهَبَتْ لَيْلَةً وَاحِدَةً فَقَطْ لِلْجَمِيعِ اهـ قَوْلُهُ:(وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَيَلْزَمُهَا رَدُّ الْعِوَضِ إنْ كَانَتْ أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ
لِأَنَّ مُقَامَ الزَّوْجِ عِنْدَهَا لَيْسَ بِمَنْفَعَةٍ مَلَكَتْهَا عَلَيْهِ. وَقَدْ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ جَوَازَ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُ أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ بِهِ جَائِزٌ وَأَخْذَهُ حَلَالٌ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بَلْ يَبْقَى الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى نَاظِرِ الْوَظِيفَةِ يَفْعَلُ مَا فِيهِ
الْمَصْلَحَةُ
شَرْعًا، وَبَسَطَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَاسْتَفِدْهَا. وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ، فَإِذَا رَجَعَتْ خَرَجَ فَوْرًا، وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ. وَإِنْ بَاتَ الزَّوْجُ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَهَبَتْ حَقَّهَا وَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ فِي دَوَامِ نِكَاحِهِ (جَدِيدَةً) وَلَوْ مُعَادَةً بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (خَصَّهَا) كُلٌّ مِنْهُمَا وُجُوبًا (بِسَبْعِ لَيَالٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهَا لَمْ تُسْقِطْهُ مَجَّانًا وَإِنْ عَلِمَتْ بِالْفَسَادِ، وَقَالَ ق ل: قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْفَسَادِ. هَذَا وَقَالَ سم: قَوْلُهُ: " وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاهِبَةِ إلَخْ " فِيهِ أَنَّ الْقَسْمَ حَقُّهَا مُخْتَصٌّ بِهَا وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى الْحَقِّ مِنْ الِاخْتِصَاصِ جَائِزٌ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرَهَا وَأَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَبِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ فِيهِ شَائِبَةً؛ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَتْ لِغَيْرِهَا فَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى فَضَعُفَ تَعَلُّقُهَا بِهِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُقَامَ الزَّوْجِ) أَيْ مُكْثَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) لَكِنَّ الِاسْتِنْبَاطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ عِوَضٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ هُنَا لَا عِوَضَ فِيهَا، فَأَخْذُ مَسْأَلَةِ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ مِنْهَا بَعِيدٌ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ كَلَامُ الشَّارِحِ أَيْ اُسْتُنْبِطَ جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ وَيَكُونُ النُّزُولُ بِعِوَضٍ مَأْخُوذًا مِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَالنُّزُولُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَأْخُوذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ:" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةَ " م د، أَيْ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى إسْقَاطِهِ كَالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ. قَوْلُهُ:(جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ) أَيْ بِعِوَضٍ وَدُونِهِ لَكِنْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُ النَّازِلِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ التَّقْرِيرُ مِنْ الْحَاكِمِ، وَإِذَا قَرَّرَ الْحَاكِمُ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى النَّازِلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا إنْ شَرَطَهُ؛ ق ل مَعَ زِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ.
قَوْلُهُ: (إنْ أَخَذَ الْعِوَضَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ مُطْلَقًا وَأَخْذَهُ إنْ كَانَ النَّازِلُ أَهْلًا وَهُوَ حِينَئِذٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ النَّازِلِ فَهُوَ مُجَرَّدُ افْتِدَاءٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَنْعَ بَيْعِ حَقِّ التَّحَجُّرِ وَشَبَهَهُ كَمَا هُنَا لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَنْزُولِ لَهُ بِهَا أَوْ بِشَرْطِ حُصُولِهَا لَهُ بَلْ يَلْزَمُ نَاظِرَ الْوَظِيفَةِ تَوْلِيَةُ مَنْ تَقْتَضِيه
الْمَصْلَحَةُ
الشَّرْعِيَّةُ وَلَوْ غَيْرَ الْمَنْزُولِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ) وَلَيْسَ لِبَاذِلِ الْعِوَضِ الرُّجُوعُ فِيهِ إنْ لَمْ يُقَرَّرْ، إلَّا أَنْ يَشْرِطَ بِأَنْ يَقُولَ وَلِيُّ الرُّجُوعِ فِي الْعِوَضِ إنْ لَمْ أُقَرِّرْهُ، وَكَذَا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ الرُّجُوعُ فِيهَا إنْ لَمْ يُقَرِّرْ الْمَنْزُولُ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ بِأَنْ يَقُولَ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ هَذِهِ الْوَظِيفَةِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِفُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقَرِّرَ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ رَجَعَتْ، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْمُسْتَقْبِلُ لَمْ يُقْبَضْ؛ شَرْحُ التَّنْبِيهِ. وَشَمِلَ إطْلَاقُهُمْ الرُّجُوعَ فِي بَعْضِ اللَّيْلَةِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي الرُّجُوعِ نَصُّهَا: فَيَخْرُجُ وُجُوبًا بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا فَوْرًا وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَمُلَتْ اللَّيْلَةُ عِنْدَهَا؛ وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّمَتُّعِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي قَضَاءُ بَقِيَّةِ اللَّيْلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ عَنْهَا فِي مَسْكَنٍ اهـ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي) أَيْ لَا يَقْضِي لَهَا مَا مَضَى قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ وَلَوْ لَيَالِيَ ق ل، بِخِلَافِ مَا فَاتَ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَكَذَا بَعْدَ عِلْمِ الضَّرَّةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ دُونَ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَارْتَضَاهُ م ر سم، وَبِخِلَافِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلُ ثَمَرِ بُسْتَانٍ ثُمَّ رَجَعَ الْمُبِيحُ حَيْثُ يَغْرَمُ الْمُبَاحُ لَهُ مَا أَكَلَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْمَنَافِعِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْأَعْيَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ، وَفَرَّقَ ح ل أَيْضًا فَقَالَ: لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَفَرَّقَ ق ل بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَالْإِتْلَافَاتِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَزَوَّجَ جَدِيدَةً إلَخْ) بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: " وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْقَسْمِ وَاجِبَةٌ " فَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا إذَا تَزَوَّجَ جَدِيدَةً إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي دَوَامِ نِكَاحِهِ) : لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهَا مِمَّنْ بَاتَ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ ق ل؛ لَكِنْ يُسَنُّ وَدَوَامُ
مُتَوَالِيَةٍ بِلَا قَضَاءٍ لِلْبَاقِيَاتِ، (إنْ كَانَتْ بِكْرًا) عَلَى خِلْقَتِهَا أَوْ زَالَتْ بِغَيْرِ وَطْءٍ (وَبِثَلَاثِ) لَيَالٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلَا قَضَاءٍ لِلْبَاقِيَاتِ (إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ:«سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ زَوَالُ الْحِشْمَةِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ. وَزَيْدٌ " لِلْبِكْرِ "؛ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ. وَالْحِكْمَةُ فِي الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِ أَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفِرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعَ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ، فَإِنَّ فَرْقَ ذَلِكَ لِمَا يُحْسَبُ؛ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ وَاسْتَأْنَفَ وَقَضَى الْمُفَرَّقَ لِلْأُخْرَيَاتِ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي الثَّيِّبِ الْمَذْكُورَةِ مَنْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَخَرَجَ بِهَا مَنْ حَصَلَتْ ثُيُوبَتُهَا بِمَرَضٍ أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَيُسَنُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ وَبَيْنَ سَبْعٍ بِقَضَاءٍ كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - حَيْثُ قَالَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النِّكَاحِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ جَدِيدَةً.
قَوْلُهُ: (جَدِيدَةً) أَيْ جَدَّدَهَا مَنْ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةً يَبِيتُ عِنْدَهَا وَلَوْ أَمَةً أَوْ كَافِرَةً، فَخَرَجَ بِالْجَدِيدَةِ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بَعْدَ تَوْفِيَةِ حَقِّ الزِّفَافِ فَإِنَّهُ إذَا رَاجَعَهَا لَا زِفَافَ لَهُمَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ، وَخَرَجَ بِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ إلَخْ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا أَوْ كَانَتْ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهَا فَلَا يَثْبُتُ لِلْجَدِيدَةِ حَقُّ الزِّفَافِ؛ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ: لَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ وَيُقْرِعُ لِلِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْقَسْمَ وَإِذَا أَعْتَقَ مُسْتَفْرَشَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الزِّفَافِ. اهـ. س ل. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَلَا حَقَّ لِرَجْعِيَّةٍ أَيْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرَّجْعَةِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ مَبِيتِ السَّبْعِ ثُمَّ رَاجَعَهَا قَضَى لَهَا مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَهَا بَعْضَ السَّبْعِ كَثَلَاثَةٍ مَثَلًا ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ فَهَلْ يَبِيتُ عِنْدَهَا بَقِيَّةَ السَّبْعِ الْأُوَلِ الثَّابِتَةِ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالسَّبْعِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْ يَسْقُطُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ الْأُوَلِ وَيَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِلْعَقْدِ الثَّانِي فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ.
قَوْلُهُ: (كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. قَوْلُهُ. (مُتَوَالِيَةٍ) أَيْ السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ وَيَلْزَمُهُ مِنْ اللَّيَالِي دُخُولُ الْأَيَّامِ وَعَبَّرَ بِاللَّيَالِيِ نَظَرًا لِأَصَالَتِهَا فِي الْمَبِيتِ، وَلَمْ يَقُلْ مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ مَا لَمْ يَدُرْ الدَّوْرُ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ بِكْرًا) الْمُرَادُ جَدِيدَةً وَبِكْرًا عِنْدَ الزِّفَافِ وَعِنْدَ الْعَقْدِ، فَخَرَجَ مَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا عِنْدَ الْعَقْدِ ثَيِّبًا عِنْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا ثَلَاثٌ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا جَدِيدَةً عِنْدَ الدُّخُولِ وَكَانَتْ رَجْعِيَّةً بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ فَلَا حَقَّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِرَجْعِيَّةٍ، فَالْمُرَادُ بِالْجَدِيدَةِ مَنْ أَنْشَأَ عَلَيْهَا عَقْدًا حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَفِّ لِلْجَدِيدَةِ حَقَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا لَمْ يَفُتْ حَقُّ الزِّفَافِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى النِّكَاحِ؛ ابْنُ حَجَرٍ رَحْمَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ زَالَتْ بِغَيْرِ وَطْءٍ) أَيْ وَلَمْ تُوطَأْ بَعْدَهُ، أَمَّا إذَا وُطِئَتْ كَانَتْ ثَيِّبًا.
قَوْلُهُ: (وَبِثَلَاثِ لَيَالٍ) لَوْ قَالَ مِنْ اللَّيَالِي لِيَبْقَى تَنْوِينُ ثَلَاثٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ أَوْلَى قِ ل.
قَوْلُهُ: (زَوَالُ الْحِشْمَةِ) أَيْ الِاسْتِحْيَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ مُسْتَفْرَشَةً لِسَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَأَعْتَقَهَا السَّيِّدُ وَتَزَوَّجَ بِهَا كَانَ لَهَا ثَلَاثٌ. قَوْلُهُ:(وَالسَّبْعُ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا) أَيْ فَإِذَا بَاتَهَا عِنْدَهَا فَكَأَنَّهُ بَاتَ عِنْدَهَا أَيَّامَ الدُّنْيَا. قَوْلُهُ: (وَقَضَى الْمُفَرَّقَ لِلْأُخْرَيَاتِ) أَيْ قَضَى الْمُفَرَّقَ الَّذِي بَاتَ فِيهِ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ لَا مُطْلَقًا، وَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ يَبِيتُ لَيْلَةً عِنْدَ الْجَدِيدَةِ وَلَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ مَثَلًا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مَا بَاتَ فِيهِ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ وَلَا يَقْضِي مَا بَاتَ فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا لَوْ لَمْ يُوَالِ فَلَا يُحْسَبُ بَلْ يَجِبُ لَهَا سَبْعٌ أَوْ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَةً ثُمَّ يَقْضِي مَا لِلْبَاقِيَاتِ مِنْ نَوْبَتِهَا مَا بَاتَهُ عِنْدَهَا مُفَرَّقًا اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا عَمِيرَةُ وَكَزَوَالِهَا بِحِدَّةِ حَيْضٍ أَوْ أُصْبُعٍ. وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ حَرَامٌ كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ» . اهـ. فَتْحُ الْبَارِي.
قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ سَبْعٍ بِقَضَاءٍ) أَيْ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعًا سم عَلَى حَجّ، أَيْ فَإِذَا كَانَ تَحْتَهُ قَبْلَ الْجَدِيدَةِ ثَلَاثٌ بَاتَ عِنْدَهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ إحْدَى وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةٌ. هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَنَازَعَ فِيهِ الشَّيْخُ س ل وَغَيْرُهُ فَقَالَ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ السَّبْعُ مِنْ نَوْبَتِهَا فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ، قَالَ ع ش: وَكَيْفِيَّةُ الْقَضَاءِ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ وَيَدُورُ فَاللَّيْلَةُ
لَهَا: «إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَك وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتُ ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْتُ» أَيْ بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ وَإِلَّا لَقَالَ: وَثَلَّثْتُ عِنْدَهُنْ، كَمَا قَالَ: وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ. وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ مُدَّةَ الزِّفَافِ إلَّا لَيْلًا فَيَتَخَلَّفُ وُجُوبًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَمَّا لَيَالِي الْقَسْمِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ وَعَدَمِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ فِي لَيْلَةِ الْجَمِيعِ أَوْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا، فَإِنْ خَصَّ لَيْلَةَ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ أَثِمَ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الَّتِي تَخُصُّهَا يَبِيتُهَا عَنْد وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي يَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَكَذَا يَفْعَلُ فِي بَقِيَّةِ الْأَدْوَارِ إلَى أَنْ تَتِمَّ السَّبْعُ وَتَمَامُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ لَيْلَةً؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَيْلَةٌ فَتَحْصُلُ السَّبْعُ بِمَا ذُكِرَ، فَإِذَا ضَرَبْت السَّبْعَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَهِيَ أَقَلُّ مَا يَحْصُلُ فِيهِ الْقَضَاءُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَلَغَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ اهـ. وَقَوْلُهُ:" مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَيْلَةٌ "، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثَةٌ دَائِرٌ عَلَيْهِنَّ: الْأُولَى خَدِيجَةُ، وَالثَّانِيَةُ عَائِشَةُ، وَالثَّالِثَةُ حَفْصَةُ، ثُمَّ تَزَوَّجَ ثَيِّبًا يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ وَبَاتَ عِنْدَهَا سَبْعًا فَصَارَ لِلْبَاقِيَاتِ إحْدَى وَعِشْرُونَ لَيْلَةً؛ وَلَهُ فِي الْقَضَاءِ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ سَبْعًا وَلَاءً، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ خَدِيجَةَ لَيْلَتَهَا ثُمَّ كَذَا عَائِشَةُ ثُمَّ كَذَا صَفِيَّةُ؛ فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَةُ فَاطِمَةَ ضَرَبَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الثَّلَاثِ، فَكُلُّ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ بَاتَهَا عِنْدَهَا. ثُمَّ يَدُورُ فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَتُهَا ضَرَبَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ، ثُمَّ يَدُورُ وَيَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ الثَّالِثَةِ اهـ.
قَالَ الزِّيَادِيُّ: فَإِنْ سَبَّعَ لِلثَّيِّبِ بِغَيْرِ طَلَبِهَا أَوْ طَلَبَتْ دُونَهَا فَالزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ هُوَ الَّذِي يَقْضِيه، فَإِذَا أَجَابَهَا بِخَمْسٍ قَضَى يَوْمَيْنِ وَلَا يَجُوزُ إجَابَتُهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُجِيبَتْ لِلسَّبْعِ لِقَضَائِهَا كُلِّهَا فَفِي إجَابَتِهَا إلَيْهَا مَصْلَحَةٌ لِلْأُخْرَيَاتِ بِخِلَافِ إجَابَتِهَا لِخَمْسٍ. وَدَخَلَ فِي الْجَدِيدَةِ الْأَمَةُ الْمُسْتَفْرَشَةُ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَتَزَوَّجَهَا وَالْبَائِنُ دُونَ الرَّجْعِيَّةِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: نَعَمْ إنْ خَيَّرَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ فَوَّضَتْ إلَيْهِ الْإِقَامَةَ تَخَيَّرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا أَوْ اخْتَارَتْ دُونَ السَّبْعِ لَمْ يَقْضِ سِوَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَهِيَ الْبِكْرُ، وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ فَقَطْ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَكَانَ مَحْضَ تَعَمُّدٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا " وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى الْجَدِيدَةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ السَّبْعَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ طَلَبِهَا. وَقَوْلُهُ: " مُطْلَقًا " أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْ أَمْ لَا. وَقَوْلُهُ: "؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا " أَيْ فِي حَقٍّ شُرِعَ لِغَيْرِهَا فَإِنَّ الْخَمْسَ مَثَلًا لَمْ تُشْرَعْ لِأَحَدٍ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: «كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ» وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَاخْتَارَتْ الثَّلَاثَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ) أَيْ لَيَالِي الزِّفَافِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ، أَيْ بَلْ يَخْرُجُ لِمَا ذَكَرَ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ فِي النَّهَارِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَوْلُهُ:(وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ لِمَا ذَكَرَ إلَّا لَيْلًا، فَقَالَ، أَيْ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَتَخَلَّفُ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَمَا بَعْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا.
قَالَ ق ل: وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهَا انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِشَيْخِهِ الزِّيَادِيِّ، وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَالْحَفْنَاوِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ فِي النَّهَارِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ لِمَا ذُكِرَ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ تَخَلُّفِهِ لَيْلًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَخَلُّفُهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَإِنْ كَانَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ؛ وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَهُ تَرْتِيبُ الْقَسْمِ عَلَى لَيْلَةٍ، فَمَا وَقَعَ فِي الْحَوَاشِي غَيْرُ مُحَرَّرٍ. وَقَوْلُ ق ل سَابِقًا يَتَخَلَّفُ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ م ر. وَعِبَارَةُ م ر فِيمَا مَرَّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِجِنَازَةٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ مَرْدُودٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي لَيَالِي الزِّفَافِ فَقَطْ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِيهَا لِمَنْدُوبٍ تَقْدِيمًا لِوَاجِبِ حَقِّهَا؛ كَذَا قَالَاهُ، لَكِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي رَدِّهِ وَاعْتَمَدُوا عَدَمَ الْحُرْمَةِ، أَيْ وَعَلَيْهِ فَهِيَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ اهـ بِحُرُوفِهِ؛ فَيَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَجِبُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ النُّشُوزُ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا خَافَ) الزَّوْجُ (نُشُوزَ الْمَرْأَةِ) بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعُبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ، أَوْ قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ (وَعَظَهَا) اسْتِحْبَابًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] كَأَنْ يَقُولَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ، بِلَا هَجْرٍ وَلَا ضَرْبٍ. وَيُبَيِّنُ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبُ عَمَّا وَقَعَ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَحَسُنَ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَإِذَا خَافَ) أَيْ ظَنَّ لَا عَلِمَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ ظَهَرَتْ إلَخْ وَحَمْلُ الْخَوْفِ عَلَى الظَّنِّ هُوَ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وَهُوَ الْمُلَائِمُ هُنَا، وَحَمْلُهُ عَلَى الْعِلْمِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مُنَاسَبَةٍ هُنَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَحَلِّيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّقَاقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبٍ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبٍ مِنْهُ أَوْ بِسَبَبٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَالسَّبَبُ مِنْهَا أَنْ تَظْهَرَ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالسَّبَبُ مِنْهُ مَا سَيَأْتِي فِي التَّتِمَّةِ وَهُوَ مَا لَوْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ حَقَّهَا كَقَسْمٍ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا) كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْوَعْظَ يَكْفِي لَهُ أَمَارَاتُ النُّشُوزِ، وَأَمَّا الْهَجْرُ وَالضَّرْبُ فَيَفْتَقِرَانِ إلَى الْعِلْمِ بِالنُّشُوزِ؛ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ:" فَإِنْ أَبَتْ إلَّا النُّشُوزَ " مَعْنَاهُ: فَإِنْ تَحَقَّقَ نُشُوزُهَا بِاسْتِمْرَارِهَا عَلَى النُّشُوزِ بَعْدَ الْوَعْظِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَجِدَ) مِثَالٌ لِأَمَارَاتِ نُشُوزِهَا الْمَظْنُونُ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا نُشُوزًا مَظْنُونًا لِاحْتِمَالِهِ الْخُرُوجَ عَنْ الطَّاعَةِ وَعَدَمَهُ، وَالْأَمَارَةُ فِيهِ عَلَى النُّشُوزِ كَوْنُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ اللُّطْفِ وَالطَّلَاقَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ لُطْفٍ) هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهَا لَمْ يَكُنْ نُشُوزًا، وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: خَرَجَ بِالْبُعْدِيَّةِ مَنْ هِيَ دَائِمًا كَذَلِكَ فَلَيْسَ نُشُوزًا إلَّا إنْ زَادَ، وَقَوْلُهُ إعْرَاضًا وَعُبُوسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ كَرَاهَةٍ؛ وَبِذَلِكَ فَارَقَ السَّبَّ وَالشَّتْمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِسُوءِ الْخُلُقِ لَكِنَّ لَهُ تَأْدِيبَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ.
قَوْلُهُ: (خَشِنٍ) بِكِسْرَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ:
وَفِعِلٌ أَوْلَى وَفَعِيلٌ بِفَعِلٍ
لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ، وَيُجْمَعُ عَلَى خُشُنٌ بِضَمَّتَيْنِ كَنَمِرٍ وَنُمُرٍ، وَالْمُرَادُ بِالْخَشِنِ هُنَا الْقَوْلُ الصَّعْبُ.
قَوْلُهُ: (وَعَظَهَا إلَخْ) وَهَذِهِ الْأُمُورُ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلَا يَرْتَقِي مَرْتَبَةً هُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا كَمَا فِي الصَّائِلِ، وَلَا يَبْلُغُ حَدَّ التَّعْزِيرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ؛ وَلِذَلِكَ يَضْمَنُ بِهِ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى ظَاهِرُهُ حَمْلُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ عَلَى الظَّنِّ وَهُوَ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَالْآيَةُ تَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا بَعْدُ، وَمَنْ حَمَلَ الْخَوْفَ فِي الْآيَةِ عَلَى الْعِلْمِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيرٍ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَعْظِ وَالْهَجْرِ وَالضَّرْبِ سَائِغٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالنُّشُوزِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فِي الْحَقِّ) الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَرْبَعَةٌ: طَاعَتُهُ، وَمُعَاشَرَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَسْلِيمُ نَفْسِهَا إلَيْهِ، وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ. وَالْحَقُّ الْوَاجِبُ لَهَا عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا: مُعَاشَرَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَمُؤْنَتُهَا، وَالْمَهْرُ، وَالْقَسْمُ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (بِلَا هَجْرٍ) أَيْ فِي الْمَضْجَعِ فَيَحْرُمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنْ فَوَّتَ حَقًّا لَهَا مِنْ قَسْمٍ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ م ر: الْمُرَادُ نَفْيُ هَجْرٍ يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ نَحْوِ قَسْمٍ لِحُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا بَاتَتْ) أَيْ صَارَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. وَقَوْلُهُ: " لَعَنَتْهَا " أَيْ سَبَّتْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اللَّعْنَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا فِي شُرَّاحِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلَائِكَةُ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ بِمَا كُلِّفْنَا بِهِ، أَوْ أَنَّ اللَّعْنَ مَنُوطٌ بِالْوَصْفِ أَعْنِي الْهَاجِرَةَ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَأَمَّا لَعْنُ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِمَعْصِيَةٍ كَكَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ فَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ لِتَحْرِيمِهِ إلَّا إنْ عُلِمَ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ
الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» .
(فَإِنْ أَبَتْ) مَعَ وَعْظِهِ (إلَّا النُّشُوزَ هَجَرَهَا) فِي الْمَضْجَعِ، أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ فِي الْهَجْرِ أَثَرًا ظَاهِرًا فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ. وَالْمُرَادُ أَنْ يَهْجُرَ فِرَاشَهَا فَلَا يُضَاجِعُهَا فِيهِ. وَخَرَجَ بِالْهِجْرَانِ فِي الْمَضْجَعِ الْهِجْرَانُ بِالْكَلَامِ فَلَا يَجُوزُ الْهَجْرُ بِهِ لَا لِزَوْجَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَيَجُوزُ فِيهَا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:«لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: «فَمَنْ هَجَرَهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ» وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَجْرِهَا رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ هَجْرُ الْمُبْتَدِعِ وَالْفَاسِقِ وَنَحْوِهِمَا، وَمَنْ رُجِيَ بِهَجْرِهِ صَلَاحُ دِينِ الْهَاجِرِ أَوْ الْمَهْجُورِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ هَجْرُهُ صلى الله عليه وسلم كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَنَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ، وَكَذَا هَجْرُ السَّلَفِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَدْرِي مَا يُخْتَمُ لِهَذَا الْكَافِرِ أَوْ الْفَاسِقِ. وَأَمَّا الَّذِينَ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَعْيَانِهِمْ فَيَجُوزُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ بِمَوْتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ اهـ. وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى تُصْبِحَ) أَيْ تَعُودَ لِطَاعَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَتْ) أَيْ امْتَنَعَتْ. قَوْلُهُ: (إلَّا النُّشُوزَ) أَيْ لَمْ تَأْبَهْ بَلْ اسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ. وَفِيهِ أَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَفْيٍ وَلَيْسَ مَوْجُودًا هُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَ نَفْيٍ تَقْدِيرًا، وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِكُلِّ شَيْءٍ إلَّا النُّشُوزَ؛ فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِطَاعَةِ زَوْجِهَا وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُرْضِي الزَّوْجَ إلَّا النُّشُوزَ وَهُوَ لَا يَرْضَى وَمَا قَبْلَهُ يَرْضَى. وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ، وَإِنْ نُظِرَ لِلْمَعْنَى اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى امْتَنَعَتْ مِنْ الَّذِي يَرْضَى وَمَنْ فِعْلِ مَا يُغْضِبُ، وَمِنْهُ النُّشُوزُ فَيَكُونُ مُتَّصِلًا، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ أَيْضًا، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: امْتَنَعَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا يُرْضَى إلَّا النُّشُوزَ فَلَمْ تَمْتَنِعْ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَضْجَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، أَيْ الْفِرَاشِ.
قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْآيَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ فِي ذَلِكَ لَا ظَاهِرَةٌ فِيهِ شَيْخُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَضْجَعِ مُحْتَمِلٌ لِهِجْرَانِ الْفِرَاشِ وَلِمَنْعِ نَحْوِ قَسْمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّوْبَرِيِّ: الْمَضْجَعُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ.
قَوْلُهُ: (فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَفِي بَعْضِ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ هَجْرُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثِ إنْ وَاجَهَهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى بِالسَّلَامِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَإِنْ مَكَثَ سِنِينَ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ:" فَوْقَ ثَلَاثَةٍ " مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَنْبِيَاءِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا يَجُوزُ هَجْرُهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ لِفَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ:(دَخَلَ النَّارَ) أَيْ اسْتَحَقَّ دُخُولَهَا أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ.
قَوْلُهُ: (لِحَظِّ نَفْسِهِ) أَوْ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ حَجَرٍ ح ل وم ر.
قَوْلُهُ: (صَلَاحُ دِينِ الْهَاجِرِ) مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ.
قَوْلُهُ: (وَصَاحِبَيْهِ) وَهُمَا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُمْ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] الْآيَةَ. وَتُؤْخَذُ أَسْمَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ لَفْظِ مَكَّةَ الْمِيمُ لِمُرَارَةَ وَالْكَافُ لِكَعْبٍ وَالْهَاءُ لِهِلَالٍ، وَآخِرُ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ عَكَّةُ، وَمُرَارَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ. وَسَبَبُ هَجْرِهِمْ أَنَّهُمْ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَهَجَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَذَا جَمِيعُ الصَّحَابَةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَجَنَّبُوا نِسَاءَهُمْ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ مَا حَصَلَ لَهُمْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَصَارُوا يَبِيتُونَ عَلَى الْأَسْطِحَةِ وَيُصْعَقُونَ إلَى أَنْ نَزَلَتْ الْآيَةُ بِتَوْبَتِهِمْ بَعْدَ خَمْسِينَ يَوْمًا، «فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ فَإِنَّ هَذَا الْيَوْمَ أَفْضَلُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْك الشَّمْسُ فِيهِ» وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ إسْلَامِهِ.
(فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ) أَيْ أَصَرَّتْ عَلَى النُّشُوزِ بَعْدَ الْهَجْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْوَعْظِ (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ فَتَقْدِيرُهَا: وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ، وَالْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182] .
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا النُّشُوزُ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ جَوَازُ الضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ النُّشُوزُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ الضَّرْبُ إذَا أَفَادَ ضَرْبُهَا فِي ظَنِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَضْرِبُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ:" غَيْرَ مُبَرِّحٍ " الْمُبَرِّحُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَهَالِكِ. وَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ عَنْ الضَّرْبِ. وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأُجِيبَ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ إسْلَامِهِ كَانَ لَوْ أَتَى بِالْإِسْلَامِ قُبِلَ مِنْهُ حَالًا بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ يَوْمِ التَّوْبَةِ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ كَانَتْ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك أَوْ زَيْدًا، ثُمَّ دَخَلَتْ يَبْغِي جَوَازَ تَرْكِ الْكَلَامِ مُطْلَقًا وَيَكُونُ هَذَا الْحَلِفُ عُذْرًا مُسَوِّغًا لِتَرْكِهِ دَائِمًا، وَلَا يَكُونُ مِنْ الْهَجْرِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهَا الْهَجْرَ الْمَحْرَمَ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ فَلَا يَحْصُلُ هَجْرٌ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِلرَّمْلِيِّ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهَجْرِ الْمُرَتَّبِ إلَخْ) إذْ الْهَجْرُ بَعْدَ الْوَعْظِ.
قَوْلُهُ: (ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) وَلَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزٍ وَادَّعَتْ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: اهـ. مَرْحُومِيٌّ. فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي نُشُوزِهَا بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ الضَّرْبِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ رَمَى عَيْنَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ نَظَرَ إلَى حُرْمَتِهِ فِي دَارِهِ مِنْ كُوَّةٍ وَأَنْكَرَ الْمُرْمَى النَّظَرَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الزَّوْجِ إلَى تَأْدِيبِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا مُخَالَفَتَهُ، وَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ وَعُطِّلَ غَرَضُهُ شَوْبَرِيٌّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ تُعْلَمْ جَرَاءَتُهُ وَاشْتِهَارُهُ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَتْ فِي أَنَّهُ تَعَدَّى بِضَرْبِهَا فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي ع ش عَلَى م ر وَح ل. وَالْمُبَرِّحُ هُوَ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ بِأَنْ يُخْشَى مِنْهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ، فَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ بِهِ حَرُمَ الْمُبَرِّحُ وَغَيْرُهُ. وَيُؤَيِّدُ تَفْسِيرِي لِلْمُبَرِّحِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ الْأَصْحَابِ بِضَرْبِهَا بِمِنْدِيلٍ مَلْفُوفٍ أَوْ بِيَدِهِ لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِعَصًا. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَفِي شَرْحِ م ر: أَنَّهُ يَضْرِبُ بِنَحْوِ الْعَصَا وَالسَّوْطِ، قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَلَا يَبْلُغُ ضَرْبُ الْحُرَّةِ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ اهـ.
وَسُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ ادَّعَى عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ وَطِئَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ يُرِيدُ وَطْأَهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا اهـ م د.
قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْآيَةِ) فَإِنَّ ظَاهِرَهَا يُصَدِّقُ بِالضَّرْبِ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ.
قَوْلُهُ: {وَاللاتِي تَخَافُونَ} [النساء: 34] أَيْ تَظُنُّونَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ نَشَزْنَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَشَزْنَ) أَيْ تَحَقَّقَ نُشُوزُهُنَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ تَقْدِيرِ: فَإِنْ نَشَزْنَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: فَإِنْ تَحَقَّقَ النُّشُوزُ إلَخْ. قَوْلُهُ: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} [البقرة: 182] أَيْ جَوْرًا، قَالَ الْجَلَالُ: جَنَفًا أَيْ مَيْلًا عَنْ الْحَقِّ خَطَأً أَوْ إثْمًا بِأَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ تَخْصِيصِ غَنِيٍّ مَثَلًا اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ تَخْصِيصَ الْغَنِيِّ فِي الْوَصِيَّةِ لَا إثْمَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (إذَا أَفَادَ ضَرْبُهَا) عِبَارَةُ م ر: أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفِيدُ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَضْرِبُهَا) أَيْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ مُطْلَقًا، أَيْ أَفَادَ أَمْ لَا، وَلَوْ لِلَّهِ لِعُمُومِ
الْمَصْلَحَةِ
كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ تَجْرِيدٌ كَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا خَاطَبَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الِاسْتِغْرَاقِ فِي الْمَعَارِفِ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ رحمه الله.
قَوْلُهُ: (الْمُبَرِّحُ) وَهُوَ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا) تَكَرَّرَ النُّشُوزُ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى الْعَفْوُ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا)
الضَّرْبِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيه، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ.
(وَيَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ قَسْمُهَا) الْوَاجِبُ لَهَا، وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ وَلَا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا، وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِمَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَا مَنْعُهَا لَهُ مِنْهُ تَدَلُّلًا وَلَا الشَّتْمُ لَهُ وَلَا الْإِيذَاءُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ كَوْنُ الْأَوْلَى لِلزَّوْجِ الْعَفْوُ عَنْ الضَّرْبِ، بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَإِنَّ الْأَوْلَى لَهُ عَدَمُهُ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالضَّرْبِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ التَّأْدِيبِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مَنْعِهِ حَقَّهُ إلَّا هَذَا وَالْعَبْدُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ حَقِّ سَيِّدِهِ، وَوَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَى ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ اهـ خ ض وسم. وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ عِيَادَةِ أَبَوَيْهَا وَمِنْ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَجِنَازَةِ وَلَدِهَا وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ. اهـ. س ل وَمِّ د عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ النُّشُوزَ إنْ صَادَفَ أَوَّلَ فَصْلٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْكِسْوَةِ وَتَوَابِعِهَا وَإِنْ حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ أَسْقَطَ مَا وَجَبَ، ثُمَّ إنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَالْكِسْوَةُ لَا تَعُودُ لَهَا بَلْ يَأْخُذُهَا الزَّوْجُ وَتَكْسُو نَفْسَهَا إلَى تَمَامِ الْفَصْلِ وَنَفَقَةُ الْيَوْمِ الَّذِي عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِيهِ لَا تَعُودُ، وَكَذَا سُكْنَى الْيَوْمِ لَا تَعُودُ، وَتَعُودُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الْمُسْتَقْبِلِ وَالسُّكْنَى دُونَ الْكِسْوَةِ. وَلَوْ عَجَّلَ الزَّوْجُ نَفَقَةً وَكِسْوَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ جَازَ وَمَلَكَتْهَا وَتُسْتَرَدُّ إنْ وُجِدَ مَسْقِطٌ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ أَوَّلٌ وَالتَّمْكِينُ سَبَبٌ ثَانٍ، وَلَوْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ وَصَارَ الزَّوْجُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ نُشُوزِهَا ظَانًّا وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُدَّةَ نُشُوزِهَا كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِظَنِّ الْحَمْلِ فَبَانَ خِلَافُهُ صَرَّحَ بِهِ م ر وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَا صَارَ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالْمُشْتَرِي بِمَا أَنْفَقَاهُ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدَيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَا ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ.
قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا إلَخْ) وَلَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَتِهَا فِي الْبَلَدِ بِإِذْنِهِ كَأَنْ تَكُونَ بَلَّانَةً أَوْ مَاشِطَةً أَوْ مُغَنِّيَةً أَوْ دَايَةً تُوَلِّدُ النِّسَاءَ فَإِنَّهَا لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَلَا مِنْ النَّفَقَةِ اهـ زي.
وَقَوْلُهُ: " بِإِذْنِهِ " أَيْ أَوْ عَلِمَتْ رِضَاهُ، فَمِثْلُ إذْنِهِ مَا لَوْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَتْ تَعْلَمُ رِضَاهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَتْهُ لِلذَّهَابِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا فَأَذِنَ وَذَهَبَتْ وَبَاتَتْ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ وَإِنْ مَكَثَتْ إيَامًا، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ فَرْضِهِمْ الْكَلَامَ فِي السَّفَرِ وَهَذَا لَيْسَ بِسَفَرٍ؛ كَذَا قَرَّرَهُ الْمُحَشِّي فِي دَرْسِهِ وَنُوزِعَ فِيهِ، وَكَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خِضْرِ الشَّوْبَرِيِّ بِهَامِشِ الزِّيَادِيِّ. وَالْمُنَازَعَةُ ظَاهِرَةٌ، وَالْمَاشِطَةُ هِيَ الَّتِي تُحَفِّفُ الْإِنَاثَ وَتُرَقِّقُ الْحَوَاجِبَ وَتُكَحِّلُ الْإِنَاثَ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) وَلَوْ لِغَرَضِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَلَوْ حَبَسَتْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ اسْتَحَقَّتْ الْقَسْمَ كَالنَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا، وَأَمَّا لَوْ حَبَسَهَا فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ لَمْ تَسْتَحِقَّ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا زي عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْضًا، وَمَالَ شَيْخُنَا الشَّبْشِيرِيُّ إلَى الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ وَهِيَ مَظْلُومَةٌ اهـ خ ض.
قَوْلُهُ: (لِطَلَبِ الْحَقِّ) أَيْ لِتَخْلِيصِ الْحَقِّ مِنْهُ أَيْ الْقَاضِي مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِمَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ لِبَخَرٍ مُسْتَحْكِمٍ بِفِيهِ أَوْ صُنَانٍ مُسْتَحْكِمٍ بِهِ أَوْ لِأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ كَثُومٍ وَبَصَلٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ إلَّا بَعْدَ إزَالَةِ نَحْوِ صُنَانٍ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ وَرِيحٍ كَرِيهٍ وَأَرَادَ التَّمْكِينَ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ أُجِيبَتْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَزْهَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ م ر ح ل. وَخَالَفَ ع ش، وَنَصُّهُ: أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ حِينَئِذٍ أَيْ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْهُ، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ بِهِ صُنَانٌ أَوْ بَخْرٌ مُسْتَحْكِمٌ وَتَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ تُعَدَّ نَاشِزَةً وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهَا اهـ.
وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ هَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إزَالَتُهُ انْتَهَتْ، أَيْ حَيْثُ تَأَذَّتْ
لَهُ بِاللِّسَانِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ تَأْثَمُ بِهِ وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ. (وَ) يَسْقُطُ بِهِ أَيْضًا حَيْثُ لَا عُذْرَ (نَفَقَتُهَا) وَتَوَابِعُهَا كَالسُّكْنَى وَآلَاتِ التَّنْظِيفِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ بِهَا عُذْرٌ كَأَنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُضْنَاةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ أَوْ بِفَرْجِهَا قَرْحٌ أَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْلًا أَيْ كَبِيرَ الْآلَةِ يَضُرُّهَا وَطْؤُهُ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لِعُذْرِهَا.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ تَنَاوَلَهُ نُشُوزُ بَعْضِ الْيَوْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَمُرَادُهُمْ بِالسُّقُوطِ هُنَا مَنْعُ الْوُجُوبِ لَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِذَلِكَ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً؛ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ أَهْلِ جِيرَانِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُعَاشِرٌ لَهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا ظَهَرَ بِبَدَنِهِ الْمُبَارَكُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ أَنَّهُ مِمَّا يُعْدِي أَوْ لَمْ يُخْبِرَا بِذَلِكَ لَكِنْ تَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِمُلَازَمَتِهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ تَعَاطِي مَا يُنَظِّفُ بِهِ بَدَنَهُ فَلَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ الطَّبِيبَانِ الْمَذْكُورَانِ بِمَا ذُكِرَ وَكَانَ مُلَازِمًا عَلَى النَّظَافَةِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بِبَدَنِهِ مِنْ الْعُفُونَاتِ مَا تَتَأَذَّى بِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ نُفْرَتِهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْقُرُوحُ السَّيَّالَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا فِي ذَلِكَ أَيْ فِي كَوْنِهِ يُعْدِي وَفِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَظِّفٍ بَلْ بِشَهَادَةِ مَنْ يَعْرِفُ لِكَثْرَةِ عِشْرَتِهِ لَهُ ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَهِيَ، أَيْ الْكِتَابِيَّةُ الْخَالِصَةُ، كَمُسْلِمَةٍ فِي نَحْوِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ بِجَامِعِ الزَّوْجِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ فَلَهُ إجْبَارُهَا كَالْمُسْلِمَةِ عَلَى غُسْلٍ مِنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ كَحَيْضٍ وَجَنَابَةٍ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ، وَعَلَى تَنْظِيفٍ بِغَسْلِ وَسَخٍ مِنْ نَجَسٍ وَنَحْوِهِ وَبِاسْتِحْدَادٍ وَنَحْوِهِ، وَعَلَى تَرْكِ تَنَاوُلِ خَبِيثٍ كَخِنْزِيرٍ وَبَصَلٍ وَمُسْكِرٍ لِتَوَقُّفِ التَّمَتُّعِ أَوْ كَمَالِهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ.
وَقَوْلُهُ: " مِنْ نَجَسٍ " وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ، وَقَوْلُهُ:" وَنَحْوُهُ " شَامِلٌ لِلثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ ح ل. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَغَسْلُ نَجَاسَةِ مَلْبُوسٍ ظَهَرَ رِيحُهَا أَوْ لَوْنُهَا وَاسْتِعْمَالُ دَوَاءٍ يَمْنَعُ الْحَبَلَ وَإِلْقَاءُ أَوْ إفْسَادُ نُطْفَةٍ اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ لِحُرْمَتِهِ وَلَوْ قَبْلَ تَخَلُّقِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَعَلَى فِعْلِ مَا اعْتَادَهُ مِنْهَا حَالَ التَّمَتُّعِ مِمَّا تَدْعُو إلَيْهِ وَيُرْغَبُ فِيهِ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ إعْرَاضَهَا وَعُبُوسَهَا بَعْدَ لُطْفِهَا وَطَلَاقَةِ وَجْهِهَا أَمَارَةَ نُشُوزٍ، وَبِهِ يُعْلَمُ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ وُجُوبَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِاعْتِيَادٍ وَعَدَمِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ مَكْرُوهٍ كَكَلَامٍ حَالَ الْجِمَاعِ فَقَدْ سُئِلَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ. وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا نَقْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ عَلَيْهَا رَفْعَ فَخِذَيْهَا وَالتَّحَرُّكَ لَهُ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ رَفْعٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ دُونَ التَّحَرُّكِ، وَبَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ أَيْضًا لَكِنْ إنْ طَلَبَهُ وَبَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ لِمَرِيضٍ وَهَرَمٍ فَقَطْ؛ وَهُوَ أَوْجَهُ. وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى اسْتِعْلَائِهَا لِنَحْوِ مَرَضٍ اضْطَرَّهُ لِلِاسْتِعْلَاءِ لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُهُ أَيْضًا اهـ.
وَقَوْلُهُ: " وَبِاسْتِحْدَادٍ " أَيْ حَلْقِ عَانَةٍ وَنَحْوِهِ كَنَتْفِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ، وَلَا تَجِبُ إزَالَتُهَا عَلَى الْخَلِيَّةِ وَإِنْ قَصَدَتْ بِبَقَائِهَا التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ اهـ. وَقَوْلُهُ:" لِتَوَقُّفِ التَّمَتُّعِ " أَيْ فِي الْغُسْلِ، وَقَوْلُهُ:" أَوْ كَمَالَةِ " أَيْ فِي التَّنْظِيفِ وَمَا بَعْدَهُ؛ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى الْحِلَّ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ تُجْبَرْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ لِمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ ق ل.
قَوْلُهُ: (تَدَلُّلًا) أَيْ تَحَبُّبًا وَإِظْهَارًا لِلْجَمَالِ وَالْمَحَبَّةِ. قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ) وَالْمُؤَدِّبُ لَهَا هُوَ الزَّوْجُ، فَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَعَارًا وَتَنْكِيدًا لِلِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا بَعْدُ وَتَوْحِيشًا لِلْقُلُوبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ. اهـ. م ر مَيْدَانِيٌّ. قَوْلُهُ:(أَوْ مُضْنَاةً) مِنْ الضَّنَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَهُوَ الْهُزَالُ الشَّدِيدُ.
قَوْلُهُ: (لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ) يَرْجِعُ لِلْمَرِيضَةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (قَرْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا الْجِرَاحَةُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا م ر، وَفِي نُسْخَةٍ: قُرُوحٌ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) أَيْ وَلَا قَسْمُهَا.
قَوْلُهُ: (تَنَاوَلَهُ) أَيْ النُّشُوزُ. قَوْلُهُ: (وَمُرَادُهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَعَمُّ مِنْ سُقُوطِ مَا
سُقُوطُ مَا وَجَبَ، حَتَّى لَوْ نَشَزَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَهِيَ نَاشِزَةٌ. فَلَا وُجُوبَ؛ وَلَا يُقَالُ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ فَرْعُ الْوُجُوبِ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ سُقُوطِ الْكِسْوَةِ بِالنُّشُوزِ اكْتِفَاءً. بِجَعْلِهِمْ الْكِسْوَةَ تَابِعَةً لِلنَّفَقَةِ تَجِبُ بِوُجُوبِهَا وَتَسْقُطُ بِسُقُوطِهَا، وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ ذَلِكَ فِي فَصْلِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَتِمَّةٌ: لَوْ مَنَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ حَقَّهَا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ إذَا طَلَبَتْهُ لِعَجْزِهَا عَنْهُ، فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَأَذَاهَا بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُعَزِّرُهُ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَطَلَبَتْ تَعْزِيرَهُ مِنْ الْقَاضِي عَزَّرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا. وَإِنَّمَا لَمْ يُعَزِّرْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَوَازَهُ إذَا طَلَبَتْهُ؛ لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ تَكْثُرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا يُورِثُ وَحْشَةً بَيْنَهُمَا فَيَقْتَصِرُ أَوَّلًا عَلَى النَّهْيِ لَعَلَّ الْحَالَ يَلْتَئِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ. وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ الْوَاقِعَ بَيْنَهُمَا بِثِقَةٍ يُخْبِرُهُمَا وَيَكُونُ الثِّقَةُ جَارًا لَهُمَا. فَإِنْ عُدِمَ أَسَكَنَهُمَا بِجَنْبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَجَبَ وَمَنْعِ مَا لَمْ يَجِبْ. وَالْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ قَبْلَ الْفَجْرِ يُسْقِطُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ اللَّيْلُ تَابِعًا لِلنَّهَارِ وَيَمْنَعُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الَّذِي طَلَعَ فَجْرُهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ أَيْضًا، أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ جُزْءٌ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ بِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ وَإِنْ رَجَعَتْ فِي أَثْنَائِهِ. اهـ. قَلْيُوبِيٌّ. وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْعُ قَبْلَ الْحُصُولِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُرَادُهُ الْأَعَمُّ، فَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَنْعُ الْوُجُوبِ أَيْ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ الْوُجُوبِ. وَقَوْلُهُ:" لَا سُقُوطُ مَا وَجَبَ " أَيْ لَا خُصُوصُ سُقُوطِ مَا وَجَبَ الَّذِي فَهِمَهُ الْبَعْضُ وَاعْتُرِضَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَمْثِيلُهُ. وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ قَوْلَهُ مَنْعُ الْوُجُوبِ أَيْ مَا يَعُمُّ مَنْعَ الْوُجُوبِ أَوْ الْمُرَادُ مَنْعُ الْوُجُوبِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. قَوْلُهُ:(وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ ذَلِكَ) حَاصِلُهُ أَنَّ النُّشُوزَ إذَا صَادَفَ أَوَّلَ فَصْلِ الْكِسْوَةِ سَقَطَتْ كِسْوَةُ ذَلِكَ الْفَصْلِ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى الطَّاعَةِ فِيهِ، وَإِذَا طَرَأَ النُّشُوزُ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَوَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ كِسْوَةِ جَمِيعِ الْفَصْلِ وَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ فِي الْحَالِ. وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا فَإِنْ كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَا سُقُوطَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (لَوْ مَنَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ حَقَّهَا) شُرُوعٌ فِي نُشُوزِ الزَّوْجِ أَوْ نُشُوزِهِمَا. قَوْلُهُ (أَلْزَمَهُ الْقَاضِي) أَيْ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا، وَإِلَّا أَلْزَمَ وَلِيَّهُ بِمَا ذُكِرَ وَالْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ اهـ زِيَادِيٌّ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ) الْخُلُقُ السَّجِيَّةُ وَالطَّبْعُ، وَهُوَ بِضَمَّتَيْنِ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهُ بِإِسْكَانِ اللَّامِ. قَوْلُهُ:(وَأَذَاهَا بِضَرْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ بِلَا سَبَبٍ وَلَوْ كَانَ يَتَعَدَّى عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُعْرِضُ عَنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيُسَنُّ لَهَا اسْتِعْطَافُهُ بِمَا يُحِبُّ كَأَنْ تَسْتَرْضِيَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا، كَمَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إذَا كَرِهَتْ صُحْبَتَهُ لِمَا ذُكِرَ أَنْ يَسْتَعْطِفَهَا بِمَا تُحِبُّ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ:(وَإِنَّمَا لَمْ يُعَزِّرْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى) بَلْ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِخِلَافِهَا فَيُعَزِّرُهَا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (وَالتَّعْزِيرُ عَلَيْهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا. قَوْلُهُ: (بِثِقَةٍ) وَلَوْ عَبْدًا وَامْرَأَةً وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعَدُّدُهُ لِعُسْرِهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ عَدْلُ الرِّوَايَةِ كَمَا قَالَهُ حَجّ؛ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ظُلْمِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ. قَوْلُهُ: (يَخْبُرُهُمَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ أَيْ يَعْرِفُ أَحْوَالَهُمَا ق ل. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: خَبَرَ الْأَمْرَ عَلِمَهُ وَبَابُهُ نَصَرَ وَالِاسْمُ الْخُبْرُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُدِمَ) أَيْ الْجَارُ الثِّقَةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جَارًا وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ.
قَوْلُهُ: (مُنِعَ الظَّالِمُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ فَلَا يُعَزَّرُ الزَّوْجُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَحَالَ بَيْنَهُمَا بِلَا طَلَاقٍ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ النَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ الْإِحَالَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الزِّيَادِيِّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ أَحَالَ بِلَا طَلَاقٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَا عَنْ حَالِهِمَا، قَالَ الزِّيَادِيُّ: فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَإِنَّمَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ وَمَنَعَ الظَّالِمَ مِنْهُمَا فَلَمْ يَمْتَنِعْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ جَرَاءَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَى بِهَا أَفْرَطَ فِي إضْرَارِهَا أَحَالَ وُجُوبًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ابْتِدَاءً مَرَّةً. وَقَوْلُهُ:" أَحَالَ بَيْنَهُمَا " أَيْ فِي الْمَسْكَنِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْمُؤْنَةِ؛؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ السُّكْنَى تَعُودُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ ع ش. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ لَا يَتَأَتَّى مَعَهَا قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ إلَخْ؛ وَلِذَا ذَكَرَ م ر الْحَيْلُولَةَ فِي تَعَدِّي الزَّوْجِ فَقَطْ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ اشْتِدَادُ الشِّقَاقِ مَعَ الْحَيْلُولَةِ بِصُعُودِ حَائِطٍ أَوْ
ثِقَةٍ يَتَعَرَّفُ حَالَهُمَا ثُمَّ يُنْهِي إلَيْهِ مَا يَعْرِفُهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي حَالَهُمَا مَنَعَ الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنْ عَوْدِهِ لِظُلْمِهِ، فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا بَعَثَ الْقَاضِي حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا لِيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا، وَالْبَعْثُ وَاجِبٌ وَمِنْ أَهْلِهِمَا سُنَّةٌ، وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا لَا حَكَمَانِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، فَيُوَكِّلُ هُوَ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ وَتُوَكِّلُ هِيَ حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ، وَيُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا. وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ وَاهْتِدَاءٌ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ بَعْثِهِمَا لَهُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي أَمِينِهِ. وَيُسَنُّ كَوْنُهُمَا ذَكَرَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ رَأْيُهُمَا بَعَثَ الْقَاضِي اثْنَيْنِ غَيْرَهُمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَاسْتَوْفَى لِلْمَظْلُومِ حَقَّهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) أَيْ الْخِلَافُ، مَأْخُوذٌ مِنْ الشِّقِّ وَهُوَ النَّاحِيَةُ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ صَارَ فِي نَاحِيَةٍ، وَقَبْلَهُ مَرْتَبَةٌ حَذَفَهَا الشَّارِحُ تَقْدِيرُهَا: فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الظَّالِمُ مِنْهُمَا عَنْ ظُلْمِهِ أَحَالَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَنْ يَنْقُلَهُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ هِيَ مِنْ عِنْدِهِ، فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ بَعْدَ أَنْ أَحَالَ بَيْنَهُمَا إلَخْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الشِّقَاقُ الْخِلَافُ وَالْعَدَاوَةُ. وَقَوْلُهُ: " وَمِنْ أَهْلِهِمَا " أَيْ وَكَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِمَا سُنَّةٌ.
قَوْلُهُ: (بَعَثَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] إلَى قَوْلِهِ: {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] وَالضَّمِيرَانِ فِي قَوْلِهِ: {إِنْ يُرِيدَا} [النساء: 35] وَقَوْلِهِ: {يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] مَرْجِعُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا الْحَكَمَانِ وَالثَّانِي الزَّوْجَانِ، وَقِيلَ هُمَا لِلْحَكَمَيْنِ، وَقِيلَ لِلزَّوْجَيْنِ.
وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَصْلَحَ نِيَّتَهُ فِيمَا يَتَحَرَّاهُ أَصْلَحَ اللَّهُ مُبْتَغَاهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا وَكِيلَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ رَشِيدَانِ، فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا إذْ الْبُضْعُ حَقُّهُ وَالْمَالُ حَقُّهَا وَقِيلَ حَاكِمَانِ لِتَسْمِيَتِهِمَا فِي الْآيَةِ حَكَمَيْنِ، وَقَدْ يُوَلِّي عَلَى الرَّشِيدِ كَالْمُفْلِسِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْمُفْلِسِ فِي غَيْرِ ذَاتِهِ وَهُوَ الْمَالُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ اشْتِرَاطُ الرِّضَا بِالْبَعْثِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ. وَيَنْعَزِلَانِ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ جُنَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحَكَمَيْنِ حَالَهُمَا انْعَزَلَ حُكْمُهُ؛ لَا إنْ غَابَ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ جَعَلَا وَكِيلَيْنِ فَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ بِالْجُنُونِ أَوْ حَكَمَيْنِ فَيُعْتَبَرُ دَوَامُ الْخُصُومَةِ وَبَعْدَ الْجُنُونِ لَا يُعْرَفُ دَوَامُهَا. اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ:(بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ فِي طَلَاقٍ أَنْ يُخَالِعَ؛ لِأَنَّ وَكِيلَهُ وَإِنْ أَفَادَهُ مَالًا فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّجْعَةَ وَلَا لِوَكِيلٍ فِي خُلْعٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا. اهـ. س ل. وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ مُنَاسَبَةَ ذِكْرِ الْخُلْعِ عَقِبَ هَذَا الْفَصْلِ، وَأَيْضًا الْغَالِبُ حُصُولُ الْخُلْعِ عَقِبَ الشِّقَاقِ.
قَوْلُهُ: (وَقَبُولِ طَلَاقٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ عَلَى بَابِهَا. قَوْلُهُ (وَيُفَرَّقَا) عَطْفٌ عَلَى " لِيَنْظُرَا ".
قَوْلُهُ: (إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا) وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَحْتَاطَ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِحَكَمِهِ: خُذْ مَالِي مِنْهُ وَطَلِّقْ أَوْ خَالِعْ أَوْ عَكْسُهُ تَعَيَّنَ أَخْذُ الْمَالِ أَوَّلًا، وَإِنْ قَالَ: طَلِّقْ أَوْ خَالِعْ ثُمَّ خُذْ جَازَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ وَعَكْسُهُ؛ كَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ مُخَالَفَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْفِيَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ عَنْ الْآخَرِ شَيْئًا إذَا اخْتَلَى بِهِ ق ل. قَوْلُهُ:(وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ إسْلَامٌ أَيْ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ، وَكَذَا التَّكْلِيفُ اللَّازِمُ لِلْعَدَالَةِ بِرْمَاوِيٌّ. فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا وَكِيلَيْنِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، وَالْمُرَادُ عَدَالَةُ الرِّوَايَةِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَيُسَنُّ كَوْنُهُمَا ذَكَرَيْنِ ق ل.
تَنْبِيهٌ: شَرَطَ فِي حُكْمِهَا الرُّشْدَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهَةِ دُونَ حُكْمِهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَاهْتِدَاءٌ إلَى الْمَقْصُودِ) وَهُوَ الْإِصْلَاحُ أَوْ التَّفْرِيقُ.
قَوْلُهُ: (بَعَثَ غَيْرَهُمَا) فَإِنْ عَجَزَا عَنْ تَوَافُقِهِمَا أُدِّبَ الظَّالِمُ وَاسْتَوْفَى لِلْمَظْلُومِ حَقَّهُ، أَيْ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ.