المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في السلم - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل في السلم

هَذَا فَلَا تَعُدُّهُ مَرَّةً أُخْرَى: الْأَوْلَى بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِمِثْلِهِ. الثَّانِيَةُ: بَيْعُ خَلِّ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ. الثَّالِثَةُ: بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِمِثْلِهِ.

الرَّابِعَةُ: بَيْعُ خَلِّ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ. الْخَامِسَةُ: بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الرُّطَبِ. السَّادِسَةُ: بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ. السَّابِعَةُ: بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ. الثَّامِنَةُ: بَيْعُ خَلِّ الرُّطَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ، التَّاسِعَةُ: بَيْعُ خَلِّ الرُّطَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ.

الْعَاشِرَةُ: بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ التَّمْرِ. فَفِي خَمْسَةٍ مِنْهَا يُجْزَمُ بِالْجَوَازِ، وَفِي خَمْسَةٍ بِالْمَنْعِ. فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى خَلُّ عِنَبٍ بِخَلِّ عِنَبٍ خَلُّ رُطَبٍ بِخَلِّ رُطَبٍ خَلُّ رُطَبٍ بِخَلِّ عِنَبٍ خَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ عِنَبٍ خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ رُطَبٍ؛ وَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ خَلُّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ خَلُّ رُطَبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ خَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ تَمْرٍ خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ. وَيُسْتَثْنَى الزَّيْتُونُ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إذْ لَا يَتَجَفَّفُ وَجَعَلُوهُ حَالَةَ كَمَالٍ وَكَذَا الْعَرَايَا وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ خَرْصًا بِتَمْرٍ فِي الْأَرْضِ كَيْلًا أَوْ الْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا بِزَبِيبٍ فِي الْأَرْضِ كَيْلًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ تَحْدِيدًا بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فَمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ دَاوُد بْنُ حُصَيْنٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ، فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ. وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا فِي صَفْقَتَيْنِ جَازَ، وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ إلَى الْبَائِعِ كَيْلًا، وَالتَّخْلِيَةُ فِي رُطَبِ النَّخْلِ وَعِنَبِ الْكَرْمِ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومٍ.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا فِي بَاقِي الثِّمَارِ كَالْخَوْخِ وَاللَّوْزِ لِأَنَّهَا مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ، فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا وَلَا يَخْتَصُّ بَيْعُ الْعَرَايَا بِالْفُقَرَاءِ لِإِطْلَاقِ أَحَادِيثِ الرُّخْصَةِ.

‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً عَلَى الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّفَاوُتُ.

قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: وَبِيعَ بِمِثْلِهِ بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ.

قَوْلُهُ: (بِخَرْصِهَا) أَيْ بِمَخْرُوصِهَا، أَيْ بِقَدْرِ مَخْرُوصِهَا، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ أَيْ بَيْعِ الْعَرَايَا بِقَدْرِ مَخْرُوصِهَا مِنْ الرَّطْبِ أَوْ الْعِنَبِ، فَالْعَرَايَا هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الرَّطْبُ أَوْ الْعِنَبُ الْمَخْرُوصُ؛ لِأَنَّهُ عَرِيَ عَنْ أَحْكَامِ الْبُسْتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَالَ الْمَدَابِغِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرَايَا إلَّا بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عِنَبًا أَوْ رَطْبًا. وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مَكِيلًا وَالْآخَرُ مَخْرُوصًا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ يَابِسًا وَالْآخَرُ رَطْبًا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّطْبُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ لِأَنَّ مِنْ حُكْمِ الرُّخْصَةِ أَكْلَ الرَّطْبِ عَلَى التَّدْرِيجِ فَلَوْ كَانَ الرَّطْبُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ إذْ الرُّخْصَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا شَرْحُ م ر، وَأَنْ يَكُونَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَأَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَطْعُومٍ بِمِثْلِهِ وَهُوَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ بِنَقْلِ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَبِالتَّخْلِيَةِ فِي الرَّطْبِ وَالْعِنَبِ الَّذِي عَلَى الشَّجَرِ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ فَلْيُحْفَظْ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا فِي بَاقِي الثِّمَارِ كَالْخَوْخِ وَاللَّوْزِ) أَيْ بِأَنْ يُبَاعَ خَوْخٌ عَلَى الشَّجَرِ بِخَوْخٍ نَاشِفٍ عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْزٍ عَلَى الشَّجَرِ بِلَوْزٍ عَلَى الْأَرْضِ نَاشِفٍ يَابِسٍ؛ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، أَمَّا بَيْعُ الْخَوْخِ مَثَلًا بِالتَّمْرِ فَصَحِيحٌ بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ فَقَطْ إذَا كَانَ مَا عَلَى الشَّجَرِ ظَاهِرًا غَيْرَ مَسْتُورٍ بِأَوْرَاقٍ.

قَوْلُهُ: (بِالْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ ز ي

[فَصْلٌ فِي السَّلَمِ]

ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بُيُوعِ الْأَعْيَانِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بُيُوعِ الذِّمَمِ بِلَفْظِ السَّلَمِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ إلَّا أَنَّهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ. وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ لِأَنَّهُ لَهُ شُرُوطٌ زَائِدَةٌ وَتَفَاصِيلُ زَائِدَةٌ عَلَى أَنْوَاعِ الْبَيْعِ. وَلَفْظُ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَسْلَمَ

ص: 52

وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ يُقَالُ أَسْلَمَ وَسَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَسَلَّفَ وَالسَّلَمُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالسَّلَفُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِ رَأْسِ الْمَالِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: نَزَلَتْ فِي السَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ السَّلَمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبُيُوعِ.

(وَيَصِحُّ السَّلَمُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهِمَا أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَبِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْحَالُّ فَبِالْأَوْلَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْغَرَرِ. فَإِنْ قِيلَ الْكِتَابَةُ لَا تَصِحُّ بِالْحَالِّ وَتَصِحُّ بِالْمُؤَجَّلِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا إنَّمَا وَجَبَ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الرَّقِيقِ وَالْحُلُولُ يُنَافِي ذَلِكَ. وَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ لُزُومِهِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَلْزَمَاهُ بَطَلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَسْلَفَ وَالْمَصْدَرُ الْإِسْلَامُ وَالْإِسْلَافُ وَلَفْظُ السَّلَمِ خَاصٌّ بِمَا فِي الْبَابِ بِخِلَافِ لَفْظِ السَّلَفِ فَمُشْتَرِكٌ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ

قَوْلُهُ (فِي السَّلَمِ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مَعْنَاهُ لُغَةً لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمُلَّا مِسْكِينٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّهُ لُغَةً الِاسْتِعْجَالُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا أَوْجَبَ تَسْلِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ كَأَنَّهُ اسْتَعْجَلَهُ وَذَكَرَ الْمَدَابِغِيُّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَعْنَاهُ لُغَةً التَّقْدِيمُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ حِينَ أَسْلَمَ «أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْرٍ» أَيْ قَدَّمْت

قَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي الْحَدِيثِ ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَتَيْنِ بِالْفَاءِ وَبِالْمِيمِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا فِي أج لَكِنْ الْمَذْكُورُ فِي الشَّارِحِ مَنْ أَسَلَفَ فَكَلَامُ ق ل نَاظِرٌ لَهُ قَوْلُهُ لِتَقْدِيمِ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ وَالسَّلَفُ مَعْنَاهُ لُغَةً السَّابِقُ قَوْلُهُ {إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] أَيْ تَحَمَّلْتُمْ دَيْنًا فَالْبَاءُ صِلَةٌ وَفُسِّرَ الدَّيْنُ فِيهَا بِدَيْنِ السَّلَمِ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ أَيْ إذَا دَايَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا تَقُولُ دَايَنْته إذَا عَامَلْته نَسِيئَةً مُعْطِيًا أَوْ آخِذًا قَوْلُهُ مَنْ أَسْلَفَ أَيْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّفَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ يَكُونُ حَالًّا أَيْضًا وَيَكُونُ فِيمَا يُعَدُّ كَاللَّبَنِ وَفِيمَا يُذْرَعُ كَالثِّيَابِ وَفِي الْحَيَوَانَاتِ ح ل مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ (وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ السَّلَمِ) وَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ بَيْعٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ مَخْصُوصٍ إلَّا ثَلَاثَةٌ السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سَلَمُ كَافِرٍ فِي كُلِّ مَا امْتَنَعَ تَمَلُّكُهُ مِنْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ أَوْ مُرْتَدٍّ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ كُتُبِ حَدِيثٍ أَوْ كُتُبِ فِقْهٍ فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ السَّلَمُ فِي عِدَّةِ الْقِتَالِ مِنْ سِلَاحٍ وَخَيْلٍ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ السَّلَمُ فِي الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ الْمَأْكُولِ فَيُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ إلَّا الرُّؤْيَةَ وَلِهَذَا صَحَّ سَلَمُ الْأَعْمَى

قَوْلُهُ: (حَالًّا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ وَمُؤَجَّلًا حَالَّانِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْأَصْلُ: حَالًّا الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَمُؤَجَّلًا الْمُسَلَّمُ فِيهِ. قَالَ سم: وَلَوْ أَلْحَقَا بِهِ أَجَلًا فِي الْمَجْلِسِ لَحِقَ أَوْ ذَكَرَا أَجَلًا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهِمَا) فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ حَالًّا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ سم. وَلَوْ قَالَ بِهِ لِيَرْجِعَ إلَى الْمُؤَجَّلِ فَقَطْ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ الْحُلُولُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِهِ لِحَمْلِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَأَمَّا الْحَالُّ فَبِالْأَوْلَى " فَهُوَ مِنْ طَرَفِ الْمُخَالِفِ كَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَصِحُّ حَالًّا كَالْكِتَابَةِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ

ص: 53

الْعَقْدُ، أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَعْضِهِ بَطَلَ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، فَلَوْ أُطْلِقَ كَأَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ الدِّينَارَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّخَايُرِ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ حَرِيمُ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَأَوْدَعَهُ الْمُسَلِّمَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَسْتَدْعِي لُزُومَ الْمِلْكِ وَكَذَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الرِّبَا، وَيَجُوزُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةً وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ. وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ

وَلَا يُسَلَّمُ إلَّا (فِيمَا تَكَامَلَ) أَيْ اجْتَمَعَ (فِيهِ خَمْسُ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: (أَنْ يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مَضْبُوطًا بِالصِّفَةِ) الَّتِي لَا يَعِزُّ وُجُودُهَا كَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ وَالثِّمَارِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْأَصْوَافِ وَالْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ إلَخْ) سَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حُلُولُهُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. وَسَيَأْتِي آخِرَ الشَّرْحِ، فَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَتَقَابَضَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ.

قَوْلُهُ: (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) كَقَوْلِهِمَا: اخْتَرْنَا لُزُومَ الْعَقْدِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْكَالِئِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ أَيْ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَلْزَمَاهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ) أَيْ وَيَثْبُتُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْخِيَارُ لَا لِلْمُسَلِّمِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَفَرَّقْ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، مَدَابِغِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَطْلَقَ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ، أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْعَقْدِ؛ فَالْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ التَّعْيِينِ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَيْهِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَجْلِسَ حَرِيمُ الْعَقْدِ) أَيْ فَلَهُ حُكْمُهُ، وَكَذَا يَجُوزُ فِيهِ إلْحَاقُ الْأَجَلِ وَإِسْقَاطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم. وَفِي الْقَامُوسِ: حَرِيمُ الدَّارِ حُقُوقُهَا اهـ فَيَكُونُ الْمَعْنَى حَرِيمُ الْعَقْدِ أَيْ حَقُّهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ،. اهـ. مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْدَعَهُ الْمُسَلِّمَ) لَا إنْ أُحِيلَ بِهِ مِنْ الْمُسَلِّمِ، فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ قَبَضَ فِيهِ، أَيْ قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّ رُجُوعَهُ لِيَدِ الْمُسَلِّمِ عَلَى جِهَةِ الْوَدِيعَةِ يُبْطِلُ الْقَبْضَ السَّابِقَ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ حَصَلَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُسَلِّمِ وَدِيعَةً، فَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ هَذَا كَعَدَمِ الْقَبْضِ بِالْكُلِّيَّةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَسْتَدْعِي إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الَّذِي يَسْتَدْعِي لُزُومَ الْمِلْكِ لَا يَصِحُّ مِنْ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ " وَكَذَا يَجُوزُ رَدُّهُ لَهُ عَنْ دَيْنِهِ " إذْ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ لَا مَعَ صَاحِبِهِ، فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ بِتَصَرُّفٍ يَسْتَدْعِي لُزُومَ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَاضِ.

قَوْلُهُ: (لَا تَسْتَدْعِي لُزُومَ الْمِلْكِ) كَأَنَّ الْمَعْنَى لَا تَتَوَقَّفْ عَلَى لُزُومِ الْمِلْكِ بَلْ تَصِحُّ قَبْلَ لُزُومِهِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةً) أَيْ مَعْلُومَةً، كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً وَصَدَاقًا كَأَسْلَمْت إلَيْك مَنْفَعَةَ دَارِي سَنَةً فِي كَذَا، وَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهَا أَيْ الدَّارِ بِالْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ اكْتَفَى بِهَذَا لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ. وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ عَقَارًا غَائِبًا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَالتَّخْلِيَةُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَعَلِّقَةً بِبَدَنِهِ كَأَسْلَمْت إلَيْك خِدْمَتِي شَهْرًا أَوْ تَعْلِيمِي سُورَةَ كَذَا فِي كَذَا صَحَّ، فَيُسَلِّمُ نَفْسَهُ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهَا عَنْ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْإِجَازَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ) كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا، وَمِثْلُهُ الْمُتَقَوِّمُ إذَا كَانَ مُنْضَبِطَ الصِّفَاتِ، فَإِنْ اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا فِي الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا يَعِزُّ وُجُودُهَا) الْعِزَّةُ مَعْنَاهَا الْقِلَّةُ. وَيُغْنِي عَنْ هَذَا الْقَيْدِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ

ص: 54

وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ فَمَا لَا يُضْبَطُ بِهَا كَالنَّبْلِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَكَذَا مَا يَعِزُّ وُجُودُهُ كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ وَالْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا

(وَ) الثَّانِي: (أَنْ يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (جِنْسًا) وَاحِدًا (لَمْ يَخْتَلِطْ بِهِ) جِنْسٌ (غَيْرُهُ) اخْتِلَاطًا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلِطِ الْمَقْصُودِ، الْأَرْكَانُ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ كَهَرِيسَةٍ وَمَعْجُونٍ وَغَالِيَةٍ وَخُفٍّ مُرَكَّبٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى ظِهَارَةٍ وَبِطَانَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْخُفُّ مُفْرَدًا صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ إنْ كَانَ جَدِيدًا وَاُتُّخِذَ مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَلَا يَصِحُّ فِي التِّرْيَاقِ الْمَخْلُوطِ، فَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (كَالْحُبُوبِ) أَيْ الصَّحِيحَةِ، أَمَّا الْمَدْشُوشَةُ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا؛ قَالَ سم: أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْفُولِ الْمَدْشُوشِ وَالْقَمْحِ الْمَدْشُوشِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَدْهَانِ) أَيْ غَيْرِ نَحْوِ الْمُطَيَّبَةِ قَوْلُهُ: (وَالثِّمَارِ) أَيْ غَيْرِ نَحْوِ الْمُشَدَّخَةِ، أَيْ غَيْرِ الْمُعَالَجَةِ بِالْمَاءِ وَالْمِلْحِ.

قَوْلُهُ: (وَالثِّيَابِ) أَيْ غَيْرِ الْمَلْبُوسَةِ، أَمَّا الْمَلْبُوسَةُ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا قَوْلُهُ:(وَالْأَرِقَّاءِ) عَطْفُ خَاصٍّ رَدًّا عَلَى مُخَالَفَةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (كَالنَّبْلِ) أَيْ السِّهَامِ لِاخْتِلَافِ وَسَطِهِ وَطَرَفَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ النَّبْلُ الْمَرِيشُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ بِوَزْنِ كَرِيمٍ، أَيْ الَّذِي فِيهِ الرِّيشُ، لِاخْتِلَافِ وَسَطِهِ وَطَرَفَيْهِ رِقَّةً وَغِلَظًا وَتَعَذَّرَ ضَبْطُهُ. أَمَّا النَّبْلُ قَبْلَ خَرْطِهِ وَعَمَلِ الرِّيشِ فِيهِ فَيَصِحُّ لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهِ،. اهـ. مَدَابِغِيٌّ.

قَوْلُهُ: (كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ) وَهِيَ مَا يَقْبَلُ الثَّقْبَ لِلتَّزَيُّنِ. وَخَرَجَ بِالْكِبَارِ الصِّغَارُ، وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي، فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا كَيْلًا وَوَزْنًا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَالْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا) وَكَذَا الْبَهِيمَةُ وَوَلَدُهَا ح ل. فَإِنْ قُلْت: هَذَا لَا يَنْدُرُ اجْتِمَاعُهُمَا. قُلْت: يَنْدُرُ بِالنَّظَرِ لِلْأَوْصَافِ الَّتِي يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي السَّلَمِ، فَكَوْنُ الْبَهِيمَةِ بِأَوْصَافٍ مَخْصُوصَةٍ وَوَلَدُهَا بِأَوْصَافٍ مَخْصُوصَةٍ مِمَّا يَنْدُرُ؛ وَكَذَا تَقُولُ فِي الْأَمَةِ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا وَفِي اللُّؤْلُؤِ وَالْيَوَاقِيتِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطِ ذِكْرُهَا؛ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا وَإِنْ كَانَتَا عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَالْمُسَلَّمُ حَالٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنُقِلَ عَنْ ز ي الصِّحَّةُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ؛ قَالَهُ أج قَالَ الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ. وَإِنَّمَا صَحَّ اشْتِرَاطُ نَحْوِ الْكِتَابَةِ فِي قَوْلِهِ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي عَبْدٍ كَاتِبٍ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الصِّفَاتِ لِسُهُولَةِ تَحْصِيلِهَا بِالتَّعَلُّمِ.

قَوْلُهُ: (اخْتِلَاطًا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلِطِ بِجِنْسٍ آخَرَ مُطْلَقًا، قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: اخْتِلَاطًا إلَخْ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ جِنْسًا وَاحِدًا وَأَنْ يَكُونَ جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ انْضِبَاطِ الْمَقْصُودِ كَعِتَابِيِّ وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ حَرِيرٍ وَقُطْنٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَجُمْلَةُ " لَا يَنْضَبِطُ " صِفَةً لَا اخْتِلَاطًا، وَالرَّابِطُ مُقَدَّرٌ أَيْ: لَا يَنْضَبِطُ بِهِ، أَيْ بِالِاخْتِلَاطِ مَقْصُودُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ اهـ. قَالَ م ر: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَزْنَ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ.

قَوْلُهُ: (الْمَقْصُودُ الْأَرْكَانُ) أَيْ الْأَجْزَاءُ.

قَوْلُهُ: (وَغَالِيَةٌ) هِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودِ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلِينَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِالدُّهْنِ دُهْنُ الْبَانِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا أَيْ الْغَالِيَةَ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَنَظَرَ فِيهِ الدَّمِيرِيُّ بِقَوْلِ فَاطِمَةَ

مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ

أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا

صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا

وَمِثْلُهَا النَّدُّ بِفَتْحِ النُّونِ مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ خُلِطَ بِغَيْرِ دُهْنٍ عَنَانِيٍّ.

قَوْلُهُ: (وَخُفٍّ) أَيْ وَنَعْلٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْخُفُّ مُفْرَدًا إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْخُفِّ إلَّا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (فِي التِّرْيَاقِ) وَهُوَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ أَوْ دَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ طَاءٍ كَذَلِكَ مَكْسُورَاتٍ وَمَضْمُومَاتٍ، فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ؛ وَيُقَالُ دِرَاكٌ

ص: 55

وَلَا يَصِحُّ فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ أَجْنَاسًا مَقْصُودَةً وَلَا تَنْضَبِطُ بِالْوَصْفِ. (وَلَمْ تَدْخُلْهُ النَّارُ لِإِحَالَتِهِ) أَيْ فَيَصِيرُ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ. فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي خُبْزٍ وَمَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ، وَتَعَذُّرُ الضَّبْطِ بِخِلَافِ مَا يَنْضَبِطُ تَأْثِيرُ نَارِهِ كَالْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِهَا وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالدِّبْسِ وَاللِّبَأِ، فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَمَا مَالَ إلَى تَرْجِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الرِّبَا. وَفُرِّقَ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا، وَلَا يَصِحُّ فِي مُخْتَلِفٍ أَجْزَاؤُهُ كَقِدْرٍ وَكُوزٍ وَقُمْقُمٍ وَمَنَارَةٍ وَدِسْتٍ مَعْمُولَةٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا. وَخَرَجَ بِمَعْمُولَةٍ الْمَصْبُوبَةُ فِي قَالِبٍ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَطِرَاقٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالدَّالُ وَالطَّاءُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَكْسُورَتَانِ أَوْ مَضْمُومَتَانِ فَيَكُونُ فِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: التِّرْيَاقُ نَجِسٌ فَإِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهِ لُحُومُ الْحَيَّاتِ وَابْنُ الْأَتَانِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى تِرْيَاقٍ طَاهِرٍ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر، أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ نَبَاتٍ قَوْلُهُ:(فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) وَكَذَا الْأَكَارِعُ وَإِنْ كَانَتْ نِيئَةً.

قَوْلُهُ: (تَجْمَعُ أَجْنَاسًا) مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ وَدُهْنٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَدْخُلْهُ النَّارُ إلَخْ) هَلَّا جَعَلَ هَذَا شَرْطًا، قَوْلُهُ:(فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي خُبْزٍ) بِخِلَافِ الْإِقْرَاضِ، فَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْكَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ عَدَدًا، وَكَذَلِكَ خَمِيرَةُ الْعَجِينِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَا السَّلَمُ فِيهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالْحُمُوضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَدَابِغِيُّ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ النِّيدَةِ بِالْخُبْزِ اهـ. وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَهَا مَرْيَمُ عليها السلام حِينَ قَلَّ لَبَنُهَا لِسَيِّدِنَا عِيسَى عليه السلام وَقَالَ خِضْرٌ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا لِأَنَّ نَارَهَا مُنْضَبِطَةٌ، وَأَمَّا النِّيلَةُ فَإِنْ خَلَتْ عَنْ الطِّينِ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَلِكَ الْكِشْكُ لِاخْتِلَافِهِ بِالْحُمُوضَةِ وَحِنْطَةٌ مَخْلُوطَةٌ بِشَعِيرٍ إذَا كَثُرَتْ حَبَّاتُ الشَّعِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُفَتَّقَةُ؛ فَهَذَا كُلُّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ أَجْزَائِهِ الْمَقْصُودَةِ، أَمَّا مَا اخْتَلَطَ بِمَا لَا يُقْصَدُ كَالْأَقِطِ وَالْجُبْنِ وَالسَّمَكِ الْمُمَلَّحِ وَخَلِّ نَحْوِ الزَّبِيبِ وَحَبَّاتِ شَعِيرٍ لَا تُقْصَدُ فِي بُرٍّ وَعَكْسُهُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَيَصِحُّ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَفِي الْعَجْوَةِ غَيْرِ الْمَعْجُونَةِ بِنَوَاهَا.

قَوْلُهُ: (كَالْعَسَلِ) أَيْ عَسَلِ النَّحْلِ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَقَوْلُهُ " الْمُصَفَّى بِهَا " أَيْ عَنْ شَمْعِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَانِيدِ) وَهُوَ عَسَلُ الْقَصَبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ لَكَالِيك الْقَصَبِ أَيْ الزَّعَازِيعِ. قَوْلُهُ (وَالدِّبْسِ) وَهُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ بَعْدَ طَبْخِهِ وَقَوْلُهُ (وَاللِّبَأِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ وَأَقَلُّهُ حَلْبَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الرِّبَا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْعَسَلِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ فِيمَا سَبَقَ: وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ.

قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (كَقِدْرٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ آنِيَةٌ يُطْبَخُ فِيهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَلِهَذَا تَدْخُلُ الْهَاءُ فِي التَّصْغِيرِ فَيُقَالُ قُدَيْرَةٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ قَوْلُهُ (وَكُوزٍ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الشَّمَائِلِ لَا يُقَالُ لِلْإِنَاءِ كُوزٌ إلَّا إذَا كَانَتْ عُرْوَةٌ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَمَنَارَةٍ) وَهِيَ مَا يُوضَعُ فَوْقَهَا السِّرَاجُ الْمُسَمَّاةُ بِالْمِسْرَجَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ النُّورِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَشْهَرُ فِي جَمْعِهَا مَنَاوِرٌ لَا مَنَائِرُ. اهـ. ز ي وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مَنَارَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَجَمْعُهَا مَنَاوِرٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا مِنْ النُّورِ وَيَجُوزُ مَنَائِرُ بِالْهَمْزِ تَشْبِيهًا لِلْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ كَمَا هَمَزُوا مَصَائِبَ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ مَصَاوِبُ وَمَا نُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ ذَاكَ غَلَطٌ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ فَقَدْ قُرِئَ مَعَائِشُ بِالْهَمْزِ شَرْحُ عُبَابٍ خ ض وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَإِنَّ حَرْفَ الْمَدِّ إذَا وَقَعَ ثَالِثًا فِي الْمُفْرَدِ وَكَانَ أَصْلِيًّا يُصَحَّحُ وَلَا يُبَدَّلُ هَمْزًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُبَدَّلُ هَمْزًا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ

هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ

وَمَنَارَةٌ أَصْلُهَا مُنَوَّرَةٌ بِوَزْنِ مُفَعَّلَةٌ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إلَى النُّونِ ثُمَّ قِيلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ سَابِقًا وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا الْآنَ

ص: 56

وَلَا يَصِحُّ فِي الْجِلْدِ لِاخْتِلَافِ الْأَجْزَاءِ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ، وَيَصِحُّ فِي أَسْطَالٍ مُرَبَّعَةٍ أَوْ مُدَوَّرَةٍ. وَيَصِحُّ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِغَيْرِهِمَا لَا بِمِثْلِهِمَا وَلَا فِي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا

وَشُرِطَ فِي السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ ذِكْرُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ، فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ كَرُومِيٍّ وَجَبَ ذِكْرُهُ وَذِكْرُ لَوْنِهِ إنْ اخْتَلَفَ كَأَبْيَضَ، مَعَ وَصْفِهِ كَأَنْ يَصِفَ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ، وَذِكْرِ سِنِّهِ كَابْنِ خَمْسِ سِنِينَ، وَذِكْرِ قَدِّهِ طُولًا أَوْ غَيْرَهُ تَقْرِيبًا فِي الْوَصْفِ وَالسِّنِّ وَالْقَدِّ حَتَّى لَوْ شُرِطَ كَوْنُهُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ مَثَلًا بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ لِنُدْرَتِهِ، وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ وَفِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا فَقَوْلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَصَارَ مَنَارَةً وَمِثْلُهَا مَعِيشَةٌ فَيُقَالُ مَنَاوِرُ وَمَعَايِشُ بِالْوَاوِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْيَاءِ فِي الثَّانِي وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَعَائِشَ بِالْهَمْزِ فَشَاذَّةٌ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَدِسْتٍ) وَيُقَالُ لَهُ طِنْجِيرٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا، م ر. قَوْلُهُ:(مَعْمُولَةٍ) أَيْ مَحْفُورَةٍ بِالْآلَةِ وَهُوَ صِفَةٌ لِلْقِدْرِ وَمَا بَعْدَهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: مَعْمُولَةُ كُلٍّ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (الْمَصْبُوبَةُ فِي قَالَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، وَمِثْلُهَا الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْفَخَّارِ بِلَا صَبٍّ وَلَا حَفْرٍ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي الْجِلْدِ) إلَّا فِي قِطَعٍ صِغَارٍ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جُمْلَتُهَا فَجُعِلَ تَفَاوُتُهَا عَفْوًا سم. وَمِثْلُ الْجِلْدِ الرِّقُّ فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِالْجِلْدِ الْجِلْدُ الْكَامِلُ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ فِي أَسْطَالٍ) وَلَوْ مَعْمُولَةً كَمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا. وَهَذَا فِي مُتَّسِعَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ اتِّحَادِ مَعْدِنِهَا، بِخِلَافِ ضَيِّقَةِ الرَّأْسِ وَالْمُخْتَلِفِ مَعْدِنِهَا فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَيِّقَةِ الرَّأْسِ وَوَاسِعَتِهِ أَنَّ ضَيِّقَهَا لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الصَّانِعُ مِنْ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ، بِخِلَافِ وَاسِعِهَا فَيَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَيُسَاوِي بَيْنَ أَجْزَائِهَا فَتَكُونُ مُنْضَبِطَةً اهـ م د.

قَوْلُهُ: (لَا بِمِثْلِهِمَا) لِتَضَادِّ أَحْكَامِ السَّلَمِ وَالصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ يَقْتَضِي قَبْضَ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، وَالسَّلَمُ إنَّمَا يَقْتَضِي قَبْضَ أَحَدِهِمَا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضَانِ يَسْتَحِقُّ قَبْضُهُمَا وَلَا يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُمَا وَلَا يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ ح ل. وَفِيهِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَقُبِضَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّلَمِ الدَّيْنِيَّةِ وَمِنْ شَأْنِ الدَّيْنِيَّةِ التَّأْخِيرُ.

قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِي السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُذْكَرَ هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْ يَصِفَهُ بَعْدَ ذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صِفَاتِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا، وَأَمَّا ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا مِنْهُ؛ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (ذِكْرُ نَوْعِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُذْكَرُ فِي الرَّقِيقِ نَوْعُهُ وَصِنْفُهُ وَلَوْنُهُ وَوَصْفُهُ وَسِنُّهُ وَقَدُّهُ وَذَكَرٌ أَوْ ضِدُّهُ، فَتِلْكَ سَبْعَةٌ. وَوَصْفُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ مُفْسِدٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ.

قَوْلُهُ: (كَتُرْكِيٍّ) فِيهِ أَنَّ التُّرْكِيَّ لَيْسَ نَوْعًا وَإِنَّمَا هُوَ صِنْفٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي هُوَ إنْسَانٌ. وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّقِيقَ جِنْسٌ وَالتُّرْكِيَّ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِهِ مَعَ أَنَّ الْجِنْسَ إنَّمَا هُوَ الْحَيَوَانُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ اللُّغَوِيَّانِ، فَإِنَّ اللُّغَوِيِّينَ يُطْلِقُونَ الْجِنْسَ عَلَى مَا تَحْتَهُ أَصْنَافٌ وَالنَّوْعُ عَلَى مَا تَحْتَهُ أَفْرَادٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اصْطِلَاحُ الْمَنَاطِقَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ:(كَرُومِيٍّ) مِثَالٌ لِلصِّنْفِ.

قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ لَوْنِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ذِكْرِ نَوْعِهِ. قَوْلُهُ (إنْ اخْتَلَفَ) فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ لَوْنُ الرَّقِيقِ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ.

قَوْلُهُ: (مَعَ وَصْفِهِ) أَيْ اللَّوْنِ. قَوْلُهُ: (بِسُمْرَةٍ) أَيْ حُمْرَةٍ بِأَنْ يَكُونَ بَيَاضُهُ مَشُوبًا بِحُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْحُمْرَةَ سُمْرَةً. وَإِنَّمَا فَسَّرْنَاهَا بِذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السُّمْرَةِ أَعْنِي السَّوَادَ لَا تُجَامِعُ الْبَيَاضَ.

قَوْلُهُ: (كَابْنِ خَمْسٍ) أَوْ مُحْتَلِمٍ.

قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ قَدِّهِ) أَيْ قَامَتِهِ أَيْ كَسِتَّةِ أَشْبَارٍ أَوْ خَمْسَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ قِصَرٍ أَوْ رَبْعَةٍ.

قَوْلُهُ: (فِي الِاحْتِلَامِ) وَإِنْ كَانَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِي السِّنِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَاعْتَمَدَهُ الطُّوخِيُّ؛ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي رَقِيقٍ بَالِغٍ بِالِاحْتِلَامِ عُمُرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الِاحْتِلَامِ مُطْلَقًا وَفِي السِّنِّ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، كَذَا صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَهُ عَلَى التَّوْزِيعِ. فَقَوْلُهُ " فِي الِاحْتِلَامِ " أَيْ إنْ أَسْلَمَ فِي مُحْتَلِمٍ، وَقَوْلُهُ " وَالسِّنُّ " أَيْ إنْ ذَكَرَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِهِ:" وَذِكْرُ سِنِّهِ ": كَابْنِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ مُحْتَلِمٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الرَّقِيقِ فِي الِاحْتِلَامِ وَكَذَا فِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا اهـ. وَكَتَبَ سُلْطَانٌ عَلَى قَوْلِهِ قَوْلُ الرَّقِيقِ أَيْ الْعَدْلِ

ص: 57

سَيِّدِهِ إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ أَيْ الدَّلَّالِينَ بِظُنُونِهِمْ. وَذِكْرِ ذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ، وَشُرِطَ فِي مَاشِيَةٍ مِنْ بَقَرٍ وَإِبِلٍ وَغَيْرِهِمَا مَا ذُكِرَ فِي الرَّقِيقِ إلَّا ذِكْرَ وَصْفِ اللَّوْنِ وَالْقَدِّ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُمَا وَشُرِطَ فِي طَيْرٍ وَسَمَكٍ نَوْعٌ وَجُثَّةٌ، وَفِي لَحْمِ غَيْرِ صَيْدٍ وَطَيْرٍ نَوْعٌ كَلَحْمِ بَقَرٍ. وَذِكْرِ خَصِيٍّ رَضِيعٍ مَعْلُوفٍ جِذْعٌ أَوْ ضِدُّهَا مِنْ فَخِذٍ أَوْ غَيْرِهَا كَكَتِفٍ وَيُقْبَلُ عَظْمٌ لِلَحْمِ مُعْتَادٍ وَشُرِطَ فِي ثَوْبٍ أَنْ يُذْكَرَ جِنْسُهُ كَقُطْنٍ وَنَوْعُهُ وَبَلَدُهُ الَّذِي يُنْسَجُ فِيهِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ وَكَذَا غِلَظُهُ وَصَفَاقَتُهُ وَنُعُومَتُهُ أَوْ ضِدُّهَا. وَمُطْلَقُ الثَّوْبِ يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ. وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَقْصُورِ وَفِي مَصْبُوغٍ قَبْلَ نَسْجِهِ، وَشُرِطَ فِي تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ حَبٍّ كَبُرٍّ أَنْ يُذْكَرَ نَوْعُهُ كَبَرْنِيِّ، وَلَوْنُهُ كَأَحْمَرَ، وَبَلَدُهُ كَمَدَنِيٍّ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي دِينِهِ وَلَوْ كَافِرًا فَقَطْ، وَعَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا فِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا مُسْلِمًا عَاقِلًا.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْعَدْلِ الْمُسْلِمِ سُلْطَانٌ. قَوْلُهُ: (إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ السَّيِّدِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ.

قَوْلُهُ: (النَّخَّاسِينَ) مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى الْكِفْلِ، ز ي.

قَوْلُهُ: (أَيْ الدَّلَّالِينَ) وَيَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ، ابْنُ حَجَرٍ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرُوا بِشَيْءٍ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر اهـ.

قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي الرَّقِيقِ) مِنْ بَيَانِ نَوْعٍ كَقَوْلِهِ مِنْ نِعَمِ بَلَدِ كَذَا أَوْ نِعَمِ بَنِي فُلَانٍ وَلَوْنٍ وَذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَسِنٍّ كَابْنِ مَخَاضٍ أَوْ ابْنِ لَبُونٍ، اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا ذِكْرَ وَصْفِ اللَّوْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ. وَعِبَارَةُ م ر: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ؛ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ فِي الرَّقِيقِ وَفِي الْإِبِلِ وَفِي الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأَبْلَقِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَلَا فِي الْحَيَوَانِ الْحَامِلِ مِنْ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَصْفُ مَا فِي الْبَطْنِ. اهـ. عَنَانِيٌّ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: الْأَبْلَقُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى لَوْنَيْنِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ أَوْ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ. وَمَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ فِي مَحَلٍّ يَنْدُرُ وُجُودُهُ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ السَّلَمُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (نَوْعٌ) أَيْ ذِكْرُ نَوْعٍ.

قَوْلُهُ: (وَجُثَّةٌ) كَأَنْ يَقُولَ مِنْ الْحَمَامِ الْفُلَانِيِّ وَمِنْ الشَّلَبَةِ أَوْ الْحِيتَانِ كَبِيرُ الْجُثَّةِ أَوْ صَغِيرُهَا ح ل. وَقَوْلُهُ " نَوْعٌ " أَيْ ذِكْرُ نَوْعٍ، فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ.

قَوْلُهُ: (وَفِي لَحْمِ غَيْرِ صَيْدٍ وَطَيْرٍ إلَخْ) أَمَّا لَحْمُ الصَّيْدِ، فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ أَنَّهُ خَصِيٌّ مَعْلُوفٌ أَوْ ضِدُّهُمَا، بَلْ يُذْكَرُ فِيهِ أَنَّهُ لَحْمُ ذَكَرٍ أَوْ ضِدُّهُ رَضِيعٌ أَوْ ضِدُّهُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَيُذْكَرُ أَنَّهُ صَيْدٌ بِأُحْبُولَةٍ أَوْ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ وَأَنَّهَا كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ، فَإِنَّ صَيْدَ الْكَلْبِ أَطْيَبُ لِطِيبِ نَكْهَتِهِ، وَأَمَّا لَحْمُ الطَّيْرِ وَمِثْلُهُ السَّمَكُ فَيُذْكَرُ فِيهِ النَّوْعُ وَالْجُثَّةُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يَذْكُرُهُمَا فِيهِ حَالَ الْحَيَاةِ؛ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الصَّيْدِ نَفْسِهِ لِدُخُولِهِ فِي الْمَاشِيَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَلَحْمِ بَقَرٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْبَقَرَ جِنْسٌ وَالْفَرْضُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَهِيَ الْعِرَابُ وَالْجَوَامِيسُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَيْنَ الْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْبَقَرِ خُصُوصَ الْعِرَابِ، مَدَابِغِيٌّ. وَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيَّنَ الْبَقَرُ هَلْ هِيَ جَوَامِيسُ أَوْ عِرَابٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَالْعِرَابُ هُوَ الَّذِي اُشْتُهِرَ بِإِطْلَاقِ الْبَقَرِ عَلَيْهِ الْآنَ.

قَوْلُهُ: (جَذَعٌ) الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ مَا لَهُ سَنَةٌ أَوْ أَجَذَعٌ مُقَدَّمُ أَسْنَانِهِ وَمِنْ الْإِبِلِ مَا لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ وَطَعَنَ فِي الْخَامِسَةِ، وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ مَا لَهُ سَنَتَانِ وَمِنْ الْإِبِلِ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ضِدُّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ، أَيْ أُنْثَى فَحْلٍ فَطِيمٍ رَاعٍ ثَنِيٍّ.

قَوْلُهُ: (وَبَلَدُهُ الَّذِي يُنْسَجُ فِيهِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ نَسْجُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ إضَافَةَ تَعْرِيفٍ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ نَسْجِهِ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ م د. وَاعْتَمَدَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ لَوْنِ الثَّوْبِ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ ضِدُّهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ، فَضِدُّ الْغِلَظِ الدِّقَّةُ بِالدَّالِ وَهُمَا وَصْفَانِ لِلْغَزْلِ. وَضِدُّ الصَّفَاقَةِ الرِّقَّةُ بِالرَّاءِ وَهُمَا وَصْفَانِ لِلنَّسْجِ. وَالْأُولَى مِنْهُمَا انْضِمَامُ بَعْضِ الْخُيُوطِ إلَى بَعْضٍ وَالثَّانِيَةُ عَدَمُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ. وَضِدُّ النُّعُومَةِ الْخُشُونَةُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِإِيضَاحٍ.

قَوْلُهُ: (وَمُطْلَقُ الثَّوْبِ) أَيْ عَنْ الْقِصَرِ وَعَدَمِهِ. وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَقْصُورِ؛ لِأَنَّ الْقِصَرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ مَقْصُودَةٌ، لَكِنْ يَجِبُ قَبُولُ الْمَقْصُورِ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِ غَرَضٌ. قَوْلُهُ:(قَبْلَ نَسْجِهِ) وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الصَّبْغُ تَمْوِيهًا لَمْ يَسُدَّ فَرْجَهُ أَوْ غَسَلَ مَا سَدَّ الْفَرْجِ،. اهـ. م د. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَبْلِ نَسْجِهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ نَسْجِهِ قِيلَ يَصِحُّ، وَقِيلَ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَهُ يَسُدُّ الْفَرْجَ. وَالْمُعْتَمَدُ

ص: 58

وَجُرْمُهُ كِبَرًا وَصِغَرًا وَعَتْقُهُ أَوْ حَدَاثَتُهُ وَشُرِطَ فِي عَسَلِ نَحْلٍ مَكَانُهُ كَجَبَلِيٍّ وَزَمَانُهُ كَصَيْفِيٍّ وَلَوْنُهُ كَأَبْيَضَ.

(وَ) الثَّالِثُ: أَنْ (لَا يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مُعَيَّنًا) بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لَهُ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَقَبِلَ لَمْ تَنْعَقِدْ سَلَمًا لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِيَّةِ، وَلَا بَيْعًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ.

(وَ) الرَّابِعُ: أَنْ (لَا) يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مِنْ) مَوْضِعٍ (مُعَيَّنٍ) لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ فِيهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ ضَيْعَةٍ أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. أَمَّا إذَا أَسْلَمَ فِي تَمْرِ نَاحِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ عَظِيمَةٍ صَحَّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا.

(وَ) الْخَامِسُ: (أَنْ يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ) لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ السَّلَمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فِي الرَّقِيقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّ الصَّبْغَ إنْ كَانَ تَمْوِيهًا وَلَمْ يَسُدَّ فَرْجَهُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَلْبُوسِ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ.

قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِي تَمْرٍ إلَخْ) وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي التَّمْرِ الْمَكْنُوزِ فِي الْقَوَاصِرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَجْوَةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِقْصَاءِ صِفَاتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ حِينَئِذٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (كَبَرْنِيِّ) نَوْعٌ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ قَالَ ح ل فِي السِّيرَةِ وَالْبَرْنِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ جَمَلٌ مُبَارَكٌ أَوْ جَيِّدٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ نَقَلَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ جَمَلٌ مُبَارَكٌ قَالَ بَرُّ جَمَلٌ وَنِيٌّ جَيِّدٌ وَأَدْخَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي كَلَامِهَا وَتَكَلَّمَتْ بِهِ وَالْبَرْنِيُّ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ نَوْعًا. وَفِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ الْكَبِيرِ لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّ أَنْوَاعَ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي أَمْكَنَ جَمْعُهَا بَلَغَتْ مِائَةً وَبِضْعًا وَثَلَاثِينَ؛ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: اخْتَبَرْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ. قَالَ: وَلَعَلَّ مَا زَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا أَنْوَاعُ التَّمْرِ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ كَالْمَغْرِبِ فَلَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ عَالِمِ فَاسَ مُحَمَّدِ بْنِ غَازِيٍّ أَرْسَلَ إلَى عَالِمِ سِجِلْمَاسَةَ إبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ سَأَلَهُ عَنْ حَصْرِ أَنْوَاعِ تَمْرِ الْبَلْدَةِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ حِمْلًا أَوْ حِمْلَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَتَبَ إلَيْهِ: هَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ عِلْمُ الْفَقِيرِ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] وَقَدْ رُوِيَ: «عَلَيْكُمْ بِالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ فَكُلُوهُ فَإِنَّهُ يُسَبِّحُ فِي شَجَرِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لِآكِلِهِ» .

قَوْلُهُ: {وَعَتْقُهُ} بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الْحَدَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (كَجَبَلِيٍّ) هُوَ أَطْيَبُ وَالْخَرِيفِيُّ أَطْيَبُ مِنْ الصَّيْفِيِّ. اهـ دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ دَيْنًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَكَيْفَ عَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَوْضُوعٌ لَهُ) أَيْ لِلدَّيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ) لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الدَّيْنِيَّةَ وَالدَّيْنِيَّةُ مَعَ التَّعْيِينِ مُتَنَاقِضَانِ، عَنَانِيٌّ

قَوْلُهُ: (لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ) بِأَنْ كَانَ يَخَافُ انْقِطَاعَهُ. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ مِنْ مُعَيَّنٍ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ: (فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) لَوْ قَالَ فِي تَمْرِ قَرْيَةٍ قَلِيلٍ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَثْرَةِ التَّمْرِ وَقِلَّتِهِ لَا بِصِغَرِ الْقَرْيَةِ وَكِبَرِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ ضَيْعَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا فِيهِ ثِمَارٌ مِنْ الْعَقَارَاتِ كَالدُّورِ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالضَّيْعَةُ هِيَ الْعَقَارُ وَجَمْعُهَا ضِيَاعٌ كَكَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَسُمِّيَتْ ضَيْعَةً لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضِيعُ بِتَرْكِهَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا) فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ غَرَرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ عَلَى الْمُؤَجَّلِ وَتَعْلِيلُهُ لِلْحَالِّ، هُوَ أَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ الْقَدْرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِّ.

قَوْلُهُ: (فِي تَمْرِ نَاحِيَةٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَسْلَمَ فِي كُلِّهِ، فَلَا يَصِحُّ لِلْقَطْعِ بِتَلَفِ شَيْءٍ مِنْهُ

قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْرِيفِهِ، لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَالْكَلَامُ فِي الشُّرُوطِ الزَّائِدَةِ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

قَوْلُهُ: (إلَّا هَذَا) فِيهِ أَنَّ لَهُ صِيغَتَيْنِ: أَسْلَمْتُك، وَأَسْلَفْتُك. وَكَذَا النِّكَاحُ لَهُ صِيغَتَانِ: النِّكَاحُ، وَالتَّزْوِيجُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ

ص: 59

الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الرَّقِيقُ الْمُرْتَدُّ.

(ثُمَّ لِصِحَّةِ) عَقْدِ (الْمُسَلَّمِ فِيهِ) حِينَئِذٍ (ثَمَانِيَةُ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: (أَنْ يَصِفَهُ بَعْدَ ذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ) اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسَلَّمُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ. وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مَا يُتَسَامَحُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ كَالْكَحَلِ وَالسِّمَنِ فِي الرَّقِيقِ، وَبِالثَّانِي مَا لَا يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ، وَبِالثَّالِثِ كَوْنُ الرَّقِيقِ قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ أَوْ ضَعِيفًا أَوْ كَاتِبًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَصْفٌ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

(وَ) الثَّانِي (أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ) أَيْ الْمُسَلَّمَ فِيهِ (بِمَا يَنْفِي الْجَهَالَةَ عَنْهُ) مِنْ كَيْلٍ فِيمَا يُكَالُ أَوْ وَزْنٍ فِيمَا يُوزَنُ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ. أَوَّلَ الْبَابِ، أَوْ عَدٍّ فِيمَا يُعَدُّ، أَوْ ذَرْعٍ فِيمَا يُذْرَعُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُمَا. وَيَصِحُّ سَلَمُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَالْمَوْزُونِ الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ كَيْلًا، وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسَلَّمَ. فِي فُتَاتِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ كَيْلًا. وَقِيلَ: يَصِحُّ كَاللَّآلِئِ الصِّغَارِ. وَفُرِّقَ بِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَرَاكُمِهِ بِخِلَافِ اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ: وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا، فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا بِالْوَزْنِ، وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِقَوْلِهِ " بِصِيغَةٍ " أَيْ بِجِنْسِ الصِّيغَةِ أَيْ بِجِنْسٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الصِّيغَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا يَجْرِي فِي كُلِّ عَقْدٍ وَقَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ أَيْ وَالْكِتَابَةُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) أَيْ الْعَقْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ؛ لَكِنْ بَعْضُ الشُّرُوطِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَبَعْضُهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إلَّا بِهَا، فَلِذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ عَقْدًا. وَأَيْضًا الصِّحَّةُ وَصْفٌ لِلْعَقْدِ لَا لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ حَدُّ ذَاتِهِ. " وَثُمَّ " لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَنِيعُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذِهِ وُجُودُهَا فِي الْعَقْدِ إلَّا السَّابِعَ فَيَكْفِي فِي حَرِيمِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ وُجُودُهَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ سم مَعَ زِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ أج. قَوْلُهُ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَصِفَهُ) أَيْ يَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَنَوْعِهِ) قَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْغَنَمِ، سم.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ.

قَوْلُهُ: (مَا يُتَسَامَحُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ) وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ وَلَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ بِدُونِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (كَالْكَحْلِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْحَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ سَوَادٌ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَبِالثَّالِثِ) وَهُوَ لَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْعَبْدِ أَنْ لَا يَكُونَ قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ شِدَّةُ الْقُوَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وحج قَوْلُهُ: (أَوْ أُمِّيًّا) الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْكَاتِبَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ. وَكَوْنُ الْأَصْلِ عَدَمُهُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ قَدْ يَدَّعِي أَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَارِضَةٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يَنْفِي) أَيْ بِوَجْهٍ يَنْفِي إلَخْ. وَهُوَ وَجْهٌ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهِيَ قَوْلُهُ " مِنْ كَيْلٍ إلَخْ ". وَقَوْلُهُ الْجَهَالَةُ أَيْ جَهَالَةُ الْعَاقِدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَدٍّ إلَخْ) كَالطُّوبِ غَيْرِ الْمَحْرُوقِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ذَرْعٍ فِيمَا يُذْرَعُ) كَالْقُمَاشِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى الْعَدِّ وَالذَّرْعِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي أَرْبَعَةِ بُسُطٍ فَهَذَا عَدَدٌ فَيَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الذَّرْعِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ حَمْلٍ لِمَحَلِّ الْقَبْضِ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْله:(وَيَصِحُّ سَلَمُ الْمَكِيلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَتَعَيَّنْ هُنَا فِي الْمَكِيلِ الْكَيْلُ وَفِي الْمَوْزُونِ الْوَزْنُ كَمَا فِي الرِّبَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ) كَاللَّوْزِ.

قَوْلُهُ: (ضَابِطًا فِيهِ) كَالسَّمْنِ.

قَوْلُهُ: (فِي فُتَاتِ الْمِسْكِ) بِضَمِّ الْفَاءِ، أَيْ قِطَعِهِ وَكِسَرِهِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) كَالْعَنْبَرِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَصِحُّ كَاللَّآلِئِ إلَخْ) ضَعِيفٌ فِي الْمَقِيسِ دُونَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، فَالرَّاجِحُ فِي نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ كَالْعَنْبَرِ الْوَزْنُ فَقَطْ دُونَ اللَّآلِئِ الصِّغَارِ فَتَصِحُّ كَيْلًا وَوَزْنًا إذَا عَمَّ وُجُودُهَا، سم وَقَدْ

ص: 60

وَالْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ. وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضْبِطُهُ الْكَيْلُ لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ، كَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالْبُقُولِ، وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْعَدُّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ مُفْسِدٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْجُرْمِ فَيُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ. وَيَصِحُّ فِي اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَإِنْ لَمْ يَقِلَّ اخْتِلَافُهُ وَزْنًا وَكَذَا كَيْلًا قِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ، وَلَوْ عُيِّنَ كَيْلًا فَسَدَ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ. فَإِنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ وَلَمْ يَفْسُدْ السَّلَمُ وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا.

(وَ) الثَّالِثُ: (إنْ كَانَ) السَّلَمُ (مُؤَجَّلًا ذُكِرَ وَقْتُ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ وَقْتُ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْعَاقِدُ أَجَلًا مَعْلُومًا وَالْأَجَلُ الْمَعْلُومُ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ كَشُهُورِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُقَالُ: الْكَيْلُ لَا يُعَدُّ فِيهَا ضَابِطًا لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهَا مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاذِنْجَانُ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَفَتْحِهَا، بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْبُقُولُ) وَهِيَ الْخَضْرَاوَاتُ كَالْمُلُوخِيَّةِ وَالرِّجْلَةِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْبَقْلُ كُلُّ نَبَاتٍ اخْضَرَّتْ بِهِ الْأَرْضُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْبِطِّيخِ وَمَا بَعْدَهُ، كَأَسْلَمْت إلَيْك فِي مِائَةِ بِطِّيخَةٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ رِطْلَانِ. وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي الْوَاحِدَةِ بِأَنْ يَقُولَ: فِي بِطِّيخَةٍ وَزْنُهَا رِطْلٌ. وَهَذَا إذَا أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّحْدِيدِيُّ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ اهـ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وَكَذَا عَكْسُهُ إنْ عُدَّ فِيهِ ضَابِطًا، بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا كَعَنْبَرٍ وَفُتَاتِ مِسْكٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ. وَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ وَزْنُهُ كَذَا، وَلَا بَيْنَ الْوَزْنِ وَغَيْرِهِ، كَذَلِكَ كَالذَّرْعِ فَيَمْتَنِعُ كَثَوْبٍ ذَرْعُهُ كَذَا أَوْ وَزْنُهُ كَذَا إلَّا فِي نَحْوِ لَبِنٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ مِمَّا يُضْرَبُ عَنْ اخْتِيَارٍ فَيَصِحُّ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ جَمْعُ الْعَدِّ مَعَ الذَّرْعِ فِي الْبُسُطِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا فِيهَا. اهـ. ق ل. وَفِي شَرْحِ م ر: وَقَوْلُ السُّبْكِيّ " لَوْ أَسْلَمَ فِي عِدَّةٍ مِنْ بِطِّيخٍ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا " مَمْنُوعٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَيْ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي قِنْطَارٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا اهـ. وَأَمَّا فِي الْبِطِّيخَةِ الْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ مَعَ الْأَوْصَافِ، وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ مَا لَمْ يُرَدْ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ. قَالَ سم: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْتِجُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْبِطِّيخَةَ الْوَاحِدَةَ مُتَقَوِّمَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا، بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ فَإِنَّهَا مِثْلِيَّةٌ لِجَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَيْضَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْجُمْلَةِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا جُمِعَ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا، فَإِنْ أَرَادَ التَّقْرِيبِيَّ صَحَّ كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَزْنِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ.

قَوْلُهُ: (فَيُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ) فَتَعَيَّنَ الْوَزْنُ بِأَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي قِنْطَارٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا ح ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقِلَّ اخْتِلَافُهُ) أَيْ بِأَنْ كَثُرَ اخْتِلَافُ قُشُورِهِ بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ لِلْمُسَامَحَةِ فِيهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ بِغِلَظِ قُشُورِهِ وَرِقَّتِهَا، خِلَافًا لِلْإِمَامِ اهـ. وَقَوْلُهُ " خِلَافًا لِلْإِمَامِ " حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ إذَا كَثُرَ اخْتِلَافُهُ لَا يَصِحُّ كَيْلًا وَلَا وَزْنًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَيْلًا) قَدْ يُقَالُ الْكَيْلُ لَا يُعَدُّ فِيهِ ضَابِطًا. وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا) أَوْ مِيزَانًا أَوْ ذِرَاعًا. وَفِي مَعْنَى تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ مَا لَوْ شُرِطَ الذِّرَاعُ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَوْ عُيِّنَ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ إذْ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، فَنُسْخَةُ الْوَاوِ ظَاهِرَةٌ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ نَحْوِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ.

قَوْلُهُ: (فَسَدَ السَّلَمُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُؤَجَّلِ، وَأَمَّا الْحَالُّ فَلِأَنَّهُ قَدْ يُؤَخِّرُ الْقَبْضَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَيَتْلَفُ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَكُوزٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْرَفُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَفْسِيرُ الْمُعْتَادِ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ عُرِفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا ذُكِرَ وَقْتُ مَحِلِّهِ) مَعْنَاهُ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَجَبَ أَنْ يَذْكُرَ أَجَلًا مَعْلُومًا؛ وَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: فَيَجِبُ إلَخْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّ مُطْلَقَ بَيَانِ الْوَقْتِ يَكْفِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا) أَيْ لَهُمَا أَوْ لِعَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ؛ أَيْ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ اكْتَفَى هُنَا بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ

ص: 61

الْعَرَبِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ. وَيَصِحُّ التَّأْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ بُرْجَ الْمِيزَانِ، وَبِعِيدِ الْكُفَّارِ إنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ، فَإِنْ أُطْلِقَ الشَّهْرُ حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَالتَّأْجِيلُ بِالْأَشْهُرِ حَسَبَ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ بِالْأَهِلَّةِ. وَتَمَّمَ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ مِمَّا بَعْدَهَا. نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِأَهِلَّةٍ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً، وَالسَّنَةُ الْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وَلَوْ قَالَا إلَى يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةِ كَذَا حَلَّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَا فِي يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ قَالَا إلَى أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ آخِرِهِ صَحَّ وَحُمِلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي صِفَاتِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ؟ قُلْتُ: أَجَابَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَهُنَاكَ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَجَازَ أَنْ يُحْتَمَلَ هُنَا مَا لَا يُحْتَمَلُ هُنَاكَ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا وَثَمَّ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يَغِيبَا فِي وَقْتِ الْمَحِلِّ فَيَتَعَذَّرُ مَعْرِفَتُهَا أَيْ الصِّفَاتِ وَالْأَجَلِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُهَا عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ إلَّا مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْحَلَبِيُّ. وَقَوْلُهُ: لَهُمَا وَلِعَدْلَيْنِ فَلَا يَكْفِي دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمُرَادُ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا عَدْلَانِ يَعْرِفَانِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ حُضُورُهُمَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَشُهُورِ الْعَرَبِ) وَهِيَ الْهِلَالِيَّةُ شَهْرٌ مِنْهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَشَهْرٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسٌ وَسُدُسٌ، فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ؛ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ. وَتَوَقَّفَ مُجَلِّي فِيهِ وَقَالَ: لَمْ يَبِنْ لِي وَجْهُ زِيَادَةِ الْخُمُسِ وَالسُّدُسِ، وَصَحَّحَ الْجِيلِيُّ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَالسَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا أَوَّلُهَا الْحَمَلُ وَرُبَّمَا يُجْعَلُ أَوَّلُهَا النَّيْرُوزَ، وَالْهِلَالِيَّةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ، دَمِيرِيٌّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَرَّرَ الْفَرْغَانِيُّ زِيَادَةَ الْكَسْرَيْنِ بِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا قُسِّطَتْ عَلَى السِّنِينَ خَصَّ كُلَّ سَنَةٍ خُمُسُ وَسُدُسُ يَوْمٍ، قَالَ: وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا زِيَادَةَ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَاضِي مُجَلِّي، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُهَذَّبِ فِي الْهِلَالِيَّةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بُعْدٍ: لَا مُنَاقَضَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْهِلَالِيَّةَ تَزِيدُ مِنْ حَيْثُ الِاجْتِمَاعُ الْمَذْكُورُ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (إنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهِ لِعَدَمِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ، نَعَمْ إنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِمْ. اهـ. م ر. قَوْلُهُ:(أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْلِمُونَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ الشَّهْرَ) بِأَنْ قَالَ: تُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ) وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ، م ر.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ وَقَعَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: تَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ.

قَوْلُهُ: (بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةٌ) أَيْ وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ مِمَّا بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَاقِصَةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا هُوَ الْأَخِيرُ وَلَا يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ مِمَّا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ، هَذَا إذَا نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ بَلْ يُتَمِّمُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اكْتَفَى بِالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ مُطْلَقًا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكَذَا رَبِيعٌ الْأَوَّلُ إنْ نَقَصَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَمُلَ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَحِلُّ وَقْتَ الزَّوَالِ مِنْ آخِرِهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) لِأَنَّهُمَا أَيْ الْعَاقِدَيْنِ جَعَلَا جَمِيعَ

ص: 62

عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ. وَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ بِالْعِيدِ، وَجُمَادَى وَرَبِيعٍ وَنَفَرِ الْحَجِّ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ بَعْدَ عِيدِ الْفِطْرِ إلَى الْعِيدِ حُمِلَ عَلَى الْأَضْحَى لِأَنَّهُ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

(وَ) الرَّابِعُ: (أَنْ يَكُونَ) الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مَوْجُودًا عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ، فَإِذَا أَسْلَمَ فِي مُنْقَطِعٍ عِنْدَ الْحُلُولِ كَالرُّطَبِ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ مُسْلِمٌ كَافِرًا فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْكَافِرِ وَكَانَ السَّلَمُ حَالًّا صَحَّ، وَلَوْ ظَنَّ تَحْصِيلَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ كَقَدْرٍ كَثِيرٍ مِنْ الْبَاكُورَةِ وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ غَالِبًا مِنْهُ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَسْلَمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّهْرِ مَثَلًا ظَرْفًا، فَيَصْدُقُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ كَمَا فِي ش م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ آخِرِهِ) أَيْ قَالَ إلَى أَوَّلِ آخِرِهِ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْآخِرِ وَيَلْغُو ذِكْرُ أَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي م د. قَوْلُهُ:(عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ، فَيَحِلُّ فِي الثَّانِيَةِ بِأَوَّلِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ، فَيَحِلُّ الْأَجَلُ بِأَوَّلِ اللَّحْظَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهُ، أَيْ فَيَتَبَيَّنُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ حُلُولُ الْأَجَلِ بِأَوَّلِ آخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ، ق ل بِإِيضَاحٍ. وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر: أَنَّهُ يَحِلُّ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ " أَوْ آخِرِهِ " عَطَفَا عَلَى أَوَّلِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُضَافٍ، إذْ لَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِهِ وَإِلْغَائِهِ وَعَلَى تَسْلِيمِ تَقْدِيرِهِ فَيَكُونُ غَيْرَ مُلْغًى؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ يَحِلُّ بِأَوَّلِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ كَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي، فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ تَأَمَّلْ. وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) إنْ أَرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا يَلِي الْعَقْدَ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ الْأَكْبَرَ حِينَئِذٍ يَلِي الْعَقْدَ، وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْأَوَّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُضِرٌّ أَيْ لِقُصُورِهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعِيدِ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا) يَعْنِي يُوجَدُ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً ق ل. وَأُخِذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ ظَنَّ تَحْصِيلَهُ إلَخْ. وَهَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَخْ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. إلَّا أَنْ يُقَالَ أُتِيَ بِهِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ الْآتِي فِي الْغَالِبِ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(مَوْجُودًا عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا.

قَوْلُهُ: (أَيْ عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ) وَذَلِكَ بِالْعَقْدِ فِي الْحَالِّ وَبِحُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُؤَجَّلِ، وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ. وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الزَّائِدِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ وَقْتُ الْقُدْرَةِ هُنَا عَدَّهُ زَائِدًا. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسَلُّمِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالشَّرْطُ هُنَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ مِنْ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) إنَّمَا فَصَّلَهُ بِكَذَا لِلْخِلَافِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَسْلَمَ مُسْلِمٌ كَافِرًا) أَيْ لِكَافِرٍ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ. وَفِيهِ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ دُخُولُ مِلْكِ الْمُسْلِمِ فِي يَدِ الْكَافِرِ فِي صُوَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيُمْكِنُ وُجُودُهُ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَكِنَّهُ نَادِرٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِشَيْءٍ مَحْذُوفٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ.

قَوْلُهُ: (بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ إلَخْ) مُحْتَرِزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ أَيْضًا، وَالتَّقْدِيرُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِبَلَدِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ آخَرَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ. قَوْلُهُ:(غَالِبًا) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ غَالِبًا بَعْدَ اُعْتِيدَ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ مَا لَا يَغْلِبُ نَقْلُهُ خَارِجٌ بِالْآخِرِ ق ل. قَالَ شَيْخُنَا: الْعَادَةُ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ وَمَرَّتَيْنِ فَالِاعْتِيَادُ لَا يُفِيدُ الْغَلَبَةَ فَلَا يُغْنِي عَنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ) يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ. اهـ. ق ل. أَيْ لِأَنَّ نَقْلَهُ لِغَيْرِ الْبَيْعِ كَالْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ لَا يُعْتَبَرُ مَا لَمْ يُعْتَدْ بَيْعُ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْهِبَةَ يُقَالُ لَهُمَا مُعَامَلَةٌ بِأَنْ يُرَادَ بِهَا مَا يَقَعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِنَحْوِهِ الْمُعَاوَضَاتُ كَالسَّلَمِ وَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُنْقَلْ أَصْلًا، أَوْ نُقِلَ نَادِرًا لِلْبَيْعِ، أَوْ نُقِلَ غَالِبًا لِلْهَدِيَّةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُهْدَى إلَيْهِ يَبِيعُ صَحَّ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَمْ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ

ص: 63

فِيمَا يَعُمُّ وُجُودُهُ فَانْقَطَعَ وَقْتُ حُلُولِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، فَأَشْبَهَ إفْلَاسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسَلِّمُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ فَيُطَالِبَ بِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسَلُّمِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ (فِي الْغَالِبِ) مِنْ الْأَزْمَانِ، فَلَا يَصِحُّ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَحَلٍّ يَعِزُّ وُجُودُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ بِتَسْلِيمِهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِمَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ صَحَّ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَا فِيمَا لَوْ اسْتَقْصَى وَصْفُهُ عَزَّ وُجُودُهُ كَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ، وَجَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ وَلَدِهَا، أَوْ شَاةٍ وَسَخْلَتِهَا فَإِنَّ اجْتِمَاعَ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ فِيهَا نَادِرٌ.

(وَ) السَّادِسُ: (أَنْ يُذْكَرَ) فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ (مَوْضِعُ قَبْضِهِ) إذَا عَقَدَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ كَالْبَادِيَةِ، أَوْ يَصْلُحُ وَلِحَمْلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤْنَةٌ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ. أَمَّا إذَا صَلُحَ لِلتَّسْلِيمِ وَلَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ إلَخْ) يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ فِيهِ الْبَيْعُ بِالتَّلَفِ.

قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل، فَلَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(بَيْنَ فَسْخِهِ) أَيْ فِي جَمِيعِهِ دُونَ بَعْضِهِ الْمُنْقَطِعِ فَقَطْ، م ر

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ) اسْمُ كِتَابٍ لِابْنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَقْصَى فِيهِ نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه الْقَدِيمَةَ وَالْجَدِيدَةَ،. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. قَوْلُهُ:(وَلَا فِيمَا اسْتَقْصَى) أَيْ اسْتَوْعَبَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا عِزَّةَ الْوُجُودِ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَتْنِ: وَكَاللَّآلِئِ الْكِبَارِ لِنُدْرَةِ اسْتِقْصَاءِ الْأَوْصَافِ مِنْ ذِكْرِ حَجْمٍ وَشَكْلٍ وَوَزْنٍ وَصَفَاءٍ وَلَوْنٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، فَمَفْهُومُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ، سَوَاءٌ كَانَ لِلنَّقْلِ إلَيْهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا، فَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ يَجِبُ فِيهَا الْبَيَانُ وَيَبْقَى التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا، فَيُقَالُ: إنْ كَانَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا وَجَبَ الْبَيَانُ إنْ كَانَ لِلنَّقْلِ إلَيْهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَا يَجِبُ الْبَيَانُ سَوَاءٌ كَانَ لِلنَّقْلِ إلَيْهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا.

فَمُحَصِّلُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ يَجِبُ الْبَيَانُ فِي خَمْسَةٍ وَلَا يَجِبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَكُلُّهَا فِي الشَّرْحِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَصَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّلَمَ إمَّا حَالٌّ وَإِمَّا مُؤَجَّلٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَحِلٍّ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَمْ لَا؛ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ. فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ مَحِلُّ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ وَجَبَ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، أَيْ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا، لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً أَمْ لَا، وَإِنْ صَلُحَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ صَلُحَ وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ الْبَيَانُ فِي الْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ، فَيَجِبُ الْبَيَانُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ؛ قَالَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ نَقْلًا عَنْ م ر. وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

مَهْمَا يَكُنْ مَحِلُّ عَقْدِ السَّلَمِ

بِهِ انْتَفَى الصَّلَاحُ لِلتَّسَلُّمِ

فَوَاجِبٌ بَيَانُ ذَاكَ مُطْلَقًا

أَوْ كَانَ صَالِحًا فَفِيهِ حُقِّقَا

إنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ لِلْحَمْلِ

فَذَا الْبَيَانُ لَمْ يَجِبْ فِي كُلِّ

وَإِنْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ تَحَقَّقَتْ

فَفِي الْمُؤَجَّلِ الْبَيَانُ قَدْ ثَبَتَ

قَوْلُهُ: (بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ) صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْحَالِّ

ص: 64

يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ، وَيَتَعَيَّنُ مَكَانَ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ، وَيَكْفِي فِي تَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ: تُسَلَّمُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ فَيَكْفِي إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا. وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهُ إلَى مَنْزِلِهِ. وَلَوْ قَالَ: فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت، فَسَدَ. أَوْ فِي أَيِّ مَكَان شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا. فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ أَوْ بِبَلَدِ كَذَا وَبَلَدِ كَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى تَسْلِيمِ النِّصْفِ بِكُلِّ بَلَدٍ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الشَّاشِيُّ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ فِي بَلَدِ كَذَا حَيْثُ يَصِحُّ وَتَسْلِيمُهُ فِي شَهْرِ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِي الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ، فَلَوْ عَيَّنَ مَكَانًا فَخَرِبَ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ التَّسْلِيمِ تَعَيَّنَ أَقْرَبَ مَوْضِعٍ صَالِحٍ لَهُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَمَّا السَّلَمُ الْحَالُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ. نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ اشْتَرَطَ الْبَيَانَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَإِنْ عَيَّنَّا غَيْرَهُ تَعَيَّنَ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقَبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ لَا نَفْسُ مَوْضِعِ الْعَقْدِ.

(وَ) السَّابِعُ: (أَنْ يَتَقَابَضَا) أَيْ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ، وَهُوَ الثَّمَنُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْمُؤَجَّلِ سَوَاءٌ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا. وَقَوْلُهُ " أَوْ يَصْلُحُ إلَخْ " صُورَةٌ خَامِسَةٌ، فَهَذِهِ صُوَرُ وُجُوبِ الْبَيَانِ. قَوْلُهُ:(أَوْ يَصْلُحُ) أَيْ وَكَانَ مُؤَجَّلًا كَمَا فَرَضَهُ.

قَوْلُهُ: (لِتَفَاوُتِ الْأَعْرَاضِ) عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ. وَقَوْلُهُ " فِيمَا يُرَادُ " مُتَعَلِّقٌ بِتَفَاوُتٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ بَيَانٌ لِمَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ) أَيْ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَكَذَا إذَا كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَانَ حَالًّا. قَوْلُهُ:(وَيَتَعَيَّنُ مَكَانٌ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ إنْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ.

قَوْلُهُ: (فِي بَلْدَةِ كَذَا) أَيْ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً.

قَوْلُهُ: (فَكَفَى إحْضَارُهُ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: يُسَلِّمُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً " مَا لَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ؛ مَدَابِغِيٌّ.

قَوْلُهُ: (اخْتِلَافُ الْغَرَضِ) فِيهِ أَنَّ الْمَكَانَ قَدْ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الزَّمَانَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا مِنْ الْمَكَانِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ " اخْتِلَافُ الْغَرَضِ " أَيْ اخْتِلَافًا أَشَدَّ مِنْ الْمَكَانِ. قَوْلُهُ:(مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) ثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ، ثَالِثُهَا: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكَانُ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّسْلِيمِ قَوْلُهُ: (أَمَّا السَّلَمُ الْحَالُّ إلَخْ) مُحْتَرِزُ الْمُؤَجَّلِ.

قَوْلُهُ: (فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ) سَوَاءٌ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَمْ لَا، أَيْ إنْ كَانَ صَالِحًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَمَّا السَّلَمُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ، وَلِقَوْلِهِ سَابِقًا: أَمَّا إذَا صَلُحَ لِلتَّسْلِيمِ وَلَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) أَيْ إذَا كَانَ صَالِحًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ أَقْرَبُ الْمَجَالِ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسَلِّمِ وَلَا لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ:(بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي مَحِلِّ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ، فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنَّ تُسَلِّمَهُ لِي فِي مَكَانِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ؛. اهـ. م د وَح ف.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّلَمَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

قَوْلُهُ: (فَقَبِلَ) أَيْ السَّلَمُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ بَيَانُ مَحِلٍّ غَيْرِ مَحِلِّ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ إنْ كَانَ مَحِلُّ الْعَقْدِ صَالِحًا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لَا يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَلَا يَقْبَلُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ الْقَبْضِ عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ مَحِلُّ الْعَقْدِ غَيْرَ صَالِحٍ. قَوْلُهُ:(تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ) أَيْ إلَى الْوُصُولِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَهُ التَّأْجِيلُ مِنْ حَيْثُ هُوَ قَبْلَ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْحَالِّ إذَا كَانَ الْمُؤَجَّلُ صَالِحًا، وَلِمَسْأَلَةِ الْمُؤَجَّلِ إذَا كَانَ صَالِحًا وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالسَّابِعُ أَنْ يَتَقَابَضَا) هَذَا شَرْطٌ لِاسْتِمْرَارِ الصِّحَّةِ. وَعِبَارَةُ سم: أَنْ يَتَقَابَضَا أَيْ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، بِأَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُسَلِّمُ وَيَتَسَلَّمَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ. فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّقَابُضِ تَسَامُحًا مَعَ ظُهُورِ الْمُرَادِ. وَعِبَارَةُ ق ل: لَا يَخْفَى أَنَّ صِيغَةَ الْمُفَاعَلَةِ بَاطِلَةٌ، إذْ لَيْسَ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ قَبْضٌ وَلَا إقْبَاضٌ، وَإِنَّمَا الْإِقْبَاضُ مِنْ الْمُسَلِّمِ وَالْقَبْضُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، بَلْ يَكْفِي اسْتِقْلَالُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْحَالَّ مَعَ أَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ اهـ

ص: 65

قَبْضًا حَقِيقِيًّا (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) أَوْ التَّخَايُرِ لِأَنَّ اللُّزُومَ كَالتَّفَرُّقِ كَمَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّ فِي السَّلَمِ غَرَرًا فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرُ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَالصَّرْفِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ أَوْ أَلْزَمَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ، أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَعْضِهِ بَطَلَ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَقِيقِيِّ مَا لَوْ أَحَالَ الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَذِنَ فِي قَبْضِهِ الْمُحِيلُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَيْسَتْ قَبْضًا حَقِيقِيًّا، فَإِنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يُؤَدِّي عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسَلِّمِ. نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ الْمُسَلِّمُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْعَقْدِ بَلْ الصَّحِيحُ جَوَازُهُ فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ الدِّينَارَ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّخَايُرِ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ حَرِيمُ الْعَقْدِ فَلَهُ حُكْمُهُ، فَإِنْ تَفَرَّقَا أَوْ تَخَايَرَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ

(وَ) الثَّامِنُ: (أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ نَاجِزًا لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ) لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ، وَالْخِيَارُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِاسْتِمْرَارِ الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (قَبْضًا حَقِيقِيًّا) خَرَجَ بِهِ صُورَةُ الْحَوَالَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ التَّخَايُرُ) أَيْ اخْتِيَارُ اللُّزُومِ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر. وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى بَابِهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (لَكَانَ فِي مَعْنَى إلَخْ) إنَّمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا، لِأَنَّ بَيْعَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ هُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ قَبْلُ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ قَبْلُ وَهُنَا الدَّيْنُ مُنْشَأٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (غَرَرُ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ: إنْ كَانَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: (كَالصَّرْفِ) وَهُوَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَبَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ سُمِّيَ صَرْفًا لِصَرْفِهِ عَنْ مُقْتَضَى الْمُبَايَعَاتِ مِنْ جَوَازِ التَّفَاضُلِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ دُونَ اتِّحَادِهِ أَوْ لِأَخْذِهِ مِنْ الصَّرِيفِ وَهُوَ التَّصْوِيتُ عِنْدَ عَدِّ النَّقْدِ وَمِنْهُ صَرِيفُ الْأَقْلَامِ وَهُوَ صَوْتُ حَرَكَتِهَا عَلَى الْمَكْتُوبِ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَعْضِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَلْزَمَاهُ) أَيْ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (بِرَأْسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَوَالَةَ بِهِ وَعَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، فَالتَّقْيِيدُ فِيهِ نَظَرٌ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَقَبَضَهُ) قَيَّدَ بِهِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ صُورَةُ عَدَمِ الْقَبْضِ بِالْأُولَى.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ السَّلَمِ. قَوْلُهُ (سَوَاءٌ أَذِنَ إلَخْ) أَيْ إذْنًا جَدِيدًا غَيْرَ إذْنِ الْحَوَالَةِ. قَوْلُهُ: (يُؤَدِّي عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ) أَيْ لِأَنَّ بِالْحَوَالَةِ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَهُوَ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ:(بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنٍ جَدِيدٍ غَيْرِ إذْنِ الْحَوَالَةِ لِفَسَادِهَا مَرْحُومِيٌّ، فَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يَصِحَّ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ لِبَقَائِهِ. عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ ثَالِثًا بِرَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَلِّمِ فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ أَيْضًا، فَإِنْ أَذِنَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لِلْمُسَلِّمِ فِي التَّسْلِيمِ إلَى الْمُحْتَالِ فَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَكَانَ الثَّالِثُ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَلَوْ قَالَ لِمَدِينِهِ: اجْعَلْ مَا فِي ذِمَّتِك رَأْسَ مَالٍ عَلَى كَذَا فِي ذِمَّتِك أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِك، فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ إمَّا قَابِضُ مُقْبَضٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلٌ فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَكُلٌّ بَاطِلٌ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) هَذَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مُكَرَّرٌ، وَلَا يَضُرُّ تَكْرِيرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ فَائِدَةٍ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي ذِهْنِ الطَّالِبِ رُسُوخَ الْحُكْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَصْلُ وَضْعِهِ لِلْمُبْتَدِينَ.

قَالُوا لِمُسْلِمٍ فَضْلٌ

قُلْت الْبُخَارِيُّ أَعْلَى

قَالُوا الْمُكَرَّرُ فِيهِ

قُلْت الْمُكَرَّرُ أَحْلَى

قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَيَّنَ) أَيْ وَسَلَّمَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " نَاجِزًا ".

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَلِّمِ بِالنِّسْبَةِ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ) أَيْ تَأْجِيلَ رَأْسِ الْمَالِ، أَمَّا تَأْجِيلُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَيَصِحُّ.

ص: 66

أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْهُ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ لُزُومِهِ اُحْتُرِزَ بِقَيْدِ الشَّرْطِ عَنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَالسَّلَمُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ وَقْتِ حُلُولِهِ فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ أَوْ وَقْتَ إغَارَةٍ، أَوْ كَانَ ثَمَرًا أَوْ لَحْمًا يُرِيدُ أَكْلَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ طَرِيًّا، أَوْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مَكَان لَهُ مُؤْنَةٌ كَالْحِنْطَةِ الْكَثِيرَةِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الِامْتِنَاعِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي التَّعْجِيلِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ مُجَرَّدِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَمْ لَا، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ لَهُ تَعَنُّتٌ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لَهُ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لَهُ، وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ الْحَالَّ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِغَرَضٍ غَيْرِ الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ الْمُسَلِّمُ عَلَى قَبُولِهِ، أَوْ لِغَرَضِهَا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ. وَلَوْ ظَفِرَ الْمُسَلِّمُ بِالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَطَالَبَهُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ عَنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ وَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِلْكِ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ، أَوْ مِنْ لُزُومِهِ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلِّمُ) أَيْ عَجَّلَهُ قَبْلَ وَقْتِ حُلُولِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (الْمُسَلَّمُ فِيهِ الْمُؤَجَّلُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إذَا عُجِّلَ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا) أَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُحْرِمَا وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ صَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَلَوْ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " كَأَنْ " بَدَلَ قَوْلَهُ " بِأَنْ " لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْحَصْرَ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَلَكِنْ يَكْثُرُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْإِتْيَانُ " بِأَنْ " بَدَلَ " كَأَنْ " وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ:(أَوْ وَقْتَ إغَارَةِ) التَّقْدِيرِ: أَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ إغَارَةٍ. وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى خَبَرِ " كَانَ "، مَرْحُومِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقْتَ إغَارَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِاسْمِ الزَّمَانِ عَنْ الذَّاتِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَلَا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرًا

عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا

قَوْلُهُ: (يُرِيدُ أَكْلَهُ) أَيْ الْأَحَدَ.

قَوْلُهُ: (طَرِيًّا) لَمْ يَقُلْ طَرِيَّيْنِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِ " أَوْ ". وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: لَمْ يَقُلْ طَرِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ طَرِيًّا بِوَزْنِ فَعِيلٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْمَثْنَى وَالْجَمْعُ، قَالَ تَعَالَى:{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] . قَوْلُهُ: (مُؤْنَةٌ) أَوْ كَانَ يَتَرَقَّبُ زِيَادَةَ سِعْرِهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ فِيمَا يَظْهَرُ، م ر.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ) وَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ لِتَضَرُّرِهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ غَرَضَاهُمَا رُوعِيَ جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) أَيْ لَا لِغَرَضٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ غَرَضَ الْبَرَاءَةِ حَاصِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَارَةً يُلَاحِظُهُ وَتَارَةً لَا يُلَاحِظُهُ ع ن. وَقَوْلُهُ " لَا لِغَرَضٍ " بِأَنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ الْحَاكِمُ) وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ عِنْدَ الطَّلَبِ، أَيْ طَلَبِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْمُسَلِّمَ بِأَخْذِ حَقِّهِ؛ شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَبَرِئَ الْمَدِينُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا وَأَتَى بِهِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فِي وَقْتِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُهُ لَهُ اهـ ز ي. قَوْلُهُ:(الْمُسَلَّمُ فِيهِ الْحَالُّ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ عَرْضًا بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ، وَهَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ " الْمُؤَجَّلُ " وَقَوْلُهُ " فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَحْضَرَ.

قَوْلُهُ: (لِغَرَضٍ غَيْرِ الْبَرَاءَةِ) كَفَكِّ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ غَرَضٌ لِوُجُودِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ وَزَمَانِهِ، فَامْتِنَاعُهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضُيِّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ.

قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ الْمُسَلِّمِ عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ، بِخِلَافِهِ فِي الْقَرْضِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَإِنْ وَقَعَ الْإِقْرَاضُ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَفِرَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْمَكَانِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ.

قَوْلُهُ: (مَحَلٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَانُهُ الْمُعَيَّنُ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَقْدِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ) بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُسَلِّمُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحِلِّ الظَّفْرِ، ح ل

ص: 67