الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَانَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الْمَجْلِسِ وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ، وَحَيْثُ حُكِمَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِأَحَدِهِمَا حُكِمَ بِمِلْكِ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ، وَحَيْثُ وُقِفَ وُقِفَ مِلْكُ الثَّمَنِ
وَيَحْصُلُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِنَحْوِ فَسَخْت الْبَيْعَ كَرَفَعْتُهُ، وَالْإِجَازَةُ فِيهَا بِنَحْوِ أَجَزْت الْبَيْعَ كَأَمْضَيْتُهُ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا كَوَطْءٍ وَإِعْتَاقٍ وَبَيْعِ إجَازَةٍ وَتَزْوِيجٍ مِنْ بَائِعٍ وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ، وَصَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا إجَازَةٌ لِلشِّرَاءِ لِإِشْعَارِهِ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَالْإِعْتَاقُ نَافِذٌ مِنْهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ، وَغَيْرُ نَافِذٍ إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ، وَمَوْقُوفٌ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ، وَوَطْؤُهُ حَلَالٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَالْبَقِيَّةُ صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَطْءُ فَسْخًا أَوْ إجَازَةً إذَا كَانَ الْمَوْطُوءُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْإِنْفَاقِ ثُمَّ يَرْجِعُ مَنْ بَانَ عَدَمُ مِلْكِهِ عَلَى الْآخَرِ. وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا لَوْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِوُجُودِ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَافٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ نَاوِيًا الرُّجُوعَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا أَيْ النِّيَّةِ عِنْدَ امْتِنَاعِ صَاحِبِهِ وَفَقْدِ الْحَاكِمِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَرَبَ الْحَمَّالُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ فِيهِ) أَيْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْمِلْكَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ: مَا صُورَةُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِالْخِيَارِ فِي الْمَجْلِسِ؟ وَالضَّمِيرُ فِي كَوْنِهِ لِلْخِيَارِ.
قَوْلُهُ: (فِي خِيَارِ الْمَجْلِس) كَانَ الْأَوْلَى: وَكَوْنُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِأَحَدِهِمَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يَخْتَارَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَخْتَارَ) أَيْ بِالْقَوْلِ.
[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]
قَوْلُهُ: (وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا) مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: فَسْخٌ لِلْبَيْعِ. وَهَذَا بِالْفِعْلِ وَمَا تَقَدَّمَ بِالْقَوْلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ تَصَرُّفَاتِ الْبَائِعِ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً: الْأُولَى قَوْلُهُ فَسْخُ، وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ وَصَحَّ ذَلِكَ. وَالثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ وَوَطْؤُهُ حَلَالٌ إلَخْ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَكُلُّهَا حَلَالٌ إلَّا الْوَطْءُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ.
قَوْلُهُ: (كَوَطْءٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ ذَكَرًا يَقِينًا وَالْمَوْطُوءُ أُنْثَى يَقِينًا لَمْ تَكُنْ حَرَامًا عَلَيْهِ كَأُخْتِهِ وَعَلِمَ أَنَّهَا الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ الزِّنَا فَلَا فَسْخَ فِي ذَلِكَ. وَسَيَذْكُرُ بَعْضَ ذَلِكَ ق ل فَجُمْلَةُ الشُّرُوطِ خَمْسَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَبَيْعٍ) أَيْ بَتَّ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ فَسْخًا ح ل.
قَوْلُهُ: (وَتَزْوِيجٍ) وَلَوْ لِلْعَبْدِ؛ بَرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَصَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْفَسْخِ فَيُقَدَّرُ الْفَسْخُ قُبَيْلَ الْعَقْدِ ز ي، كَمَا يُقَدَّرُ الْمِلْكُ قُبَيْلَ الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَأَجَابَهُ.
قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ صَحَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِعْتَاقُ نَافِذٌ) ذَكَرَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحْكَامٍ: نَافِذٌ فِي اثْنَتَيْنِ، وَغَيْرُ نَافِذٍ فِي وَاحِدَةٍ، وَمَوْقُوفٌ فِي وَاحِدَةٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، بَرْمَاوِيٌّ. فَيَنْفُذُ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَلَا يَنْفُذُ فِي صُورَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ نَافِذٍ) أَتَى بِهِ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ، وَإِلَّا فَالْمُقْسَمُ أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ أَوْ لَهُمَا. قَوْلُهُ:(إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَحْدَهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ ح ل وَمَرْحُومِيٌّ، خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَوَطْؤُهُ حَلَالٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ، فَلَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ ع ش. وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ الْحُرْمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، فَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ تَبَعًا لِلْخَادِمِ؛ زِيَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَحَرَامٌ، وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ؛ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَلَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ ح ل، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ؛ بَرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَالْبَقِيَّةُ) أَيْ مَا عَدَا الْوَطْءَ وَالْإِعْتَاقَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ صِحَّةُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى إذْنِ الْمُشْتَرِي دُونَ الْعَكْسِ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ لَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ أَيْضًا.
أُنْثَى لَا ذَكَرًا وَلَا خُنْثَى، فَإِنْ بَانَتْ أُنُوثَتُهُ وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ.
وَلَيْسَ عَرْضُ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ إشْعَارِهِمَا مِنْ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ مُبْتَدِئًا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ فَقَالَ:(وَإِذَا وُجِدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ فَلِلْمُشْتَرِي) حِينَئِذٍ (رَدُّهُ) إذَا كَانَ الْعَيْبُ بَاقِيًا، وَتَنْقُصُ الْعَيْنُ بِهِ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ أَوْ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَغَلَبَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ أَيْضًا فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَسَخَ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ أَجَازَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ فِي تَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِالْقِيمَةِ فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي تَعْيِيبِ الْبَائِعِ أَوْ تَعْيب الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ لِرِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْفَسْخِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ أَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ انْفَسَخَ، وَأَمَّا إنْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، وَإِذَا عَيَّبَهُ الْبَائِعُ أَوْ تَعَيَّبَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازَ فَلَا أَرْشَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا وَتَلِفَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَالْخِيَارُ بَاقٍ، فَإِنْ فَسَخَ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ فِي صُورَةِ التَّلَفِ وَيَغْرَمُهَا الْأَجْنَبِيُّ فِي صُورَةِ إتْلَافِهِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي صُورَةِ التَّلَفِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ لَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي صُورَةِ إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، اهـ مُلَخَّصًا مِنْ مَتْنِ الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ
فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى حَبًّا وَبَذَرَهُ فَنَبَتَ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَمْ يَنْبُتْ، فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ الْبَعْضِ لِعَيْبٍ فِيهِ مَنَعَهُ مِنْ الْإِنْبَاتِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ بَذْرَ الْحَبِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهُ، فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ اسْتَحَقَّ أَرْشَهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي عَدَمِ الْعَيْبِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ فَذَاكَ إلَّا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ أَنَّ بِهِ عَيْبًا مَنَعَ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَيَقْضِي لَهُ بِالْأَرْشِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا مِمَّا صَرَفَهُ فِي حِرَاثَةِ الْأَرْضِ وَأُجْرَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُصْرَفُ بِسَبَبِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْ الْمُشْتَرِي إلَى مَا فَعَلَهُ بَلْ ذَلِكَ نَاشِئٌ مِنْ مُجَرَّدِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ الْحُكْمُ) أَيْ الْفَسْخُ أَوْ الْإِجَازَةُ.
قَوْلُهُ: (وَالتَّوْكِيلُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ ".
قَوْلُهُ: (ل عَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ) لِاحْتِمَالِهِمَا التَّرَدُّدَ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَدْفَعُ فِيهِ لِيَعْلَمَ أَرَبِحَ أَمْ خَسِرَ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (مَظْنُونٍ) أَيْ مَظْنُونٍ حُصُولُهُ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ.
قَوْلُهُ: (مُبْتَدِئًا) أَيْ آتِيًا بِالْأَوَّلِ، وَأَمَّا اللَّذَانِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُمَا الْمَاتِنُ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا وُجِدَ بِالْمَبِيعِ) الْمُرَادُ بِوُجُودِهِ بِهِ اتِّصَافُهُ بِهِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالزِّنَا، فَإِنَّ بَعْضَ الْعُيُوبِ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِيَ بَلْ يَكْفِي الْعِلْمُ بِوُجُودِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ، بِخِلَافِ الْبَخَرِ وَالصُّنَانِ وَالْبَوْلِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً عَلَى وُجُودِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ؛ فَلَفْظُ وُجِدَ فِي الْمَتْنِ مِنْ الْوُجْدَانِ وَهُوَ الْعِلْمُ لَا مِنْ الْوُجُودِ اهـ وَمِثْلُ الْمَبِيعِ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ. قَوْلُهُ:(نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ) هَلْ الْمُرَادُ غَرَضُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ غَالِبُ النَّاسِ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ ح ل؟ وَالظَّاهِرُ الْأَخِيرُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ " أَوْ يَنْقُصَ قِيمَتُهَا " لِيَكُونَ قَيْدًا فِيهِمَا. اهـ. م د. وَالْمُرَادُ بِالْغَرَضِ الصَّحِيحِ الَّذِي يُتَسَامَحُ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْقُصُ قِيمَتَهَا) بِوَزْنِ يَنْصُرُ عَلَى الْأَفْصَحِ، قَالَ تَعَالَى:{ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] .
فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ إذْ الْغَالِبُ فِي الْأَعْيَانِ السَّلَامَةُ. وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مَا لَوْ زَالَ الْعَيْبُ قَبْلَ الرَّدِّ، وَبِالثَّانِي قَطْعُ أُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَفِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ فَخِذٍ أَوْ سَاقٍ لَا يُورِثُ شَيْئًا وَلَا يُفَوِّتُ غَرَضًا فَلَا رَدَّ بِهِمَا. وَبِالثَّالِثِ مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ مَا ذُكِرَ كَقَلْعِ سِنِّ الْكَبِيرِ وَثُيُوبَةٍ فِي أَوَانِهَا فِي الْأَمَةِ فَلَا رَدَّ بِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهِ.
وَذَلِكَ الْعَيْبُ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ كَخِصَاءِ حَيَوَانٍ لِنَقْصِهِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ رَقِيقًا كَانَ الْحَيَوَانُ أَوْ بَهِيمَةً. نَعَمْ الْغَالِبُ فِي الثِّيرَانِ الْخِصَاءُ، فَيَكُونُ كَثُيُوبَةِ الْأَمَةِ وَجِمَاحِهِ وَعَضِّهِ وَرُمْحِهِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ وَزْنًا رَقِيقٌ وَسَرِقَتُهُ وَإِبَاقُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ تَابَ عَنْهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا خِلَافًا لِلْهَرَوِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَبَخَرُهُ وَهُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَفِلْقَةٍ) بِفَاءِ مَكْسُورَةٌ فَلَامٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍ،. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ:(مِنْ فَخِذٍ) بِخِلَافِهَا مِنْ أُذُنِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةِ فَيَكُونُ عَيْبًا كَمَا سَيَأْتِي ح ل.
قَوْلُهُ: (لَا يُورِثُ) أَيْ قَطْعُ الْفِلْقَةِ شَيْنًا أَيْ عَيْبًا، وَلَا يُفَوِّتُ أَيْ ذَلِكَ الْقَطْعُ غَرَضًا.
قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ بِهِمَا) أَيْ بِالْعَيْبِ وَبِمَا خَرَجَ بِالثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَبِالثَّالِثِ مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ مَا ذُكِرَ) بِأَنْ غَلَبَ الْوُجُودُ كَقَلْعِ سِنِّ قِنٍّ بَعْدَ السِّتِّينَ، أَوْ اسْتَوَى وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ كَقَلْعِ سِنِّهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَقَلْعِ سِنٍّ) وَمِنْ ذَلِكَ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَخِصَاءُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ الْآنَ لِغَلَبَتِهِمَا، سم. قَوْلُهُ:(وَثُيُوبَةٍ) بِأَنْ غَلَبَ وُجُودُهَا أَوْ اسْتَوَى هُوَ وَعَدَمُهَا، وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْأَوَّلِ بِبِنْتِ سَبْعٍ وَالثَّانِي بِمَا قَارَبَهَا بِخِلَافِ مَا لَمْ يُقَارِبْهَا فَتَكُونُ الثُّيُوبَةُ فِيهِ عَيْبًا. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ " بِبِنْتِ سَبْعٍ يَغْلِبُ ثُيُوبَتُهَا " فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُهَا بِبِنْتِ تِسْعٍ. وَالثُّيُوبَةُ مِثَالٌ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَكَارَةَ وَهِيَ الْجِلْدَةُ لَا تَزُولُ وَإِنَّمَا يَتَّسِعُ الْمَحَلُّ، وَقِيلَ: مِثَالٌ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ وَالْعَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَزُولُ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي أَوَانِهَا) وَهُوَ بُلُوغُهَا حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَيْبَيْنِ.
قَوْلُهُ: (كَخِصَاءِ حَيَوَانٍ) أَيْ وَإِنْ زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ، سم. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْخِصَاءِ عَيْبًا إذَا كَانَ يَغْلِبُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِصَاءُ فِيمَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا كَثَوْرٍ، وَمِثْلُهُ الضَّأْنُ لِلْأَكْلِ وَالْبَرَاذِينُ وَالْبِغَالُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِيهِمْ، مَرْوَزِيٌّ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْخِصَاءُ حَرَامٌ إلَّا فِي مَأْكُولٍ صَغِيرٍ لِطِيبِ لَحْمٍ فِي زَمَنٍ مُعْتَدِلٍ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا اهـ. وَعِبَارَةُ خ ض: الْخِصَاءُ بِالْمَدِّ سَلُّ الْخُصْيَتَيْنِ سَوَاءٌ أَقَطَعَ الْوِعَاءَ وَالذَّكَرَ مَعَهُمَا أَمْ لَا وَهُوَ مِمَّا يَغْلِبُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِصَاءُ فِي مَأْكُولٍ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ أَوْ نَحْوُ بِغَالٍ أَوْ بَرَاذِينَ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِدَلِيلِ الضَّابِطِ شَرْحُ م ر اهـ. وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الْجَوَازِ بِكَوْنِهِ فِي صَغِيرٍ مَأْكُولٍ أَنَّ مَا كَبِرَ مِنْ فُحُولِ الْبَهَائِمِ يَحْرُمُ خِصَاؤُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَوْ عَسُرَ مَا دَامَ فَحْلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ أَمِنَ هَلَاكَهُ بِأَنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ، كَمَا يَجُوزُ قَطْعُ الْغُدَّةِ مِنْ الْعَبْدِ مَثَلًا إزَالَةً لِلشَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر اهـ.
قَوْلُهُ: (الْخَصِيُّ) فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، شَرْحُ الرَّوْضِ. وَهُوَ الْمَخْصِيُّ وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، لُغَةً: حَيَوَانٌ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا فَقْدُهُمَا خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ سَلٍّ لَهُمَا أَوْ لِجِلْدَتِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَمْسُوحِ،. اهـ. ق ل عَلَى الْمُحَلَّى.
قَوْلُهُ: (وَجِمَاحِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى خِصَاءٍ أَيْ امْتِنَاعِهِ عَلَى رَاكِبِهِ ق ل.
وَكَوْنُهَا تَشْرَبُ لَبَنَهَا أَوْ لَبَنَ غَيْرِهَا أَوْ قَلِيلَةَ الْأَكْلِ أَوْ تَنْفِرُ مِنْ شَيْءٍ تَرَاهُ، ح ل. قَوْلُهُ:(وَرَمْحِهِ) أَيْ رَفْسِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْجَرْيُ، زِيَادِيٌّ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: رَفْسُهُ ضَرْبُهُ بِرِجْلِهِ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَسَرِقَتِهِ) إلَّا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا غَنِيمَةٌ، نَعَمْ هُوَ صُورَةُ سَرِقَةٍ شَرْحُ م ر، أَيْ فَيَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهِ نَظَرًا لِلصُّورَةِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي السَّرِقَةِ حَقِيقَةً. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَابَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الزِّنَا وَمَا بَعْدَهُ، وَكَذَا اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَالرِّدَّةُ وَجِنَايَةُ الْعَمْدِ؛ فَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ يُرَدُّ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ أَوْ تَابَ مِنْهَا وَمَا عَدَاهَا تَنْفَعُ فِيهِ التَّوْبَةُ، أج وَشَوْبَرِيٌّ. وَنَظَمَهَا الْمُحَشِّي فَقَالَ:
الْمَعِدَةِ. أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ لِقَلَحِ الْأَسْنَانِ فَلَا لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ وَصُنَانِهِ إنْ كَانَ مُسْتَحْكِمًا، أَمَّا الصُّنَانُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَحَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ فَلَا، وَبَوْلُهُ بِالْفِرَاشِ إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ سَوَاءٌ أَحَدَثَ الْعَيْبَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِأَنْ قَارَنَ النَّقْدَ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ. أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَاسْتَنَدَ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْقَبْضِ كَقَطْعِ يَدِ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا أَرْشَ. وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِقَتْلِهِ بِرِدَّةٍ مَثَلًا سَابِقَةٍ عَلَى قَبْضِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ثَمَانِيَةٌ يَعْتَادُهَا الْعَبْدُ لَوْ يَتُبْ
…
بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا يُرَدُّ لِبَائِعِ
زِنًا وَإِبَاقٌ سَرِقَةٌ وَلِوَاطُهُ
…
وَتَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِلْمَضَاجِعِ
وَرِدَّتُهُ إتْيَانُهُ لِبَهِيمَةٍ
…
جِنَايَتُهُ عَمْدًا فَجَانِبْ لَهَا وَعِ
وَقَوْلُهُ " أَوْ تَابَ عَنْهُ وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ " لِأَنَّهُ قَدْ يَأْلَفُهَا، وَلِأَنَّ تُهْمَتَهَا لَا تَزُولُ كَمَا قَالَهُ م ر، بِخِلَافِ مَا عَدَا هَذِهِ كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ مِنْهُ تَنْفِي كَوْنَهُ عَيْبًا.
قَوْلُهُ: (وَبَخَرُهُ) الْبَخَرُ بِفَتْحَتَيْنِ نَتِنُ الْفَمِ وَغَيْرِهِ كَالْأَنْفِ يُقَالُ بَخِرَ كَفَرِحَ فَهُوَ أَبْخَرُ. اهـ. قَامُوسٌ.
قَوْلُهُ: (إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ) بِأَنْ اعْتَادَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، بِأَنْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كِبَرِهِ وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الْكِبَرِ نَقَصَ الْقِيمَةَ؛ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ: قَالَ لَا رَدَّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ كِبَرَهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ ح ل. وَقَوْلُهُ " إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ " أَيْ وَكَانَ مُعْتَادًا لَهُ كَمَا فِي م ر بِأَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْبَائِعِ، تَدَبَّرْ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَحَدَثَ الْعَيْبُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ تَارَةً يُوجَدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَعْلَمَهُ أَوْ لَا. فَهَذِهِ ثَمَانٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا. قَوْلُهُ:(قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ) أَيْ وَوُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ بِأَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الْقَبْضِ) أَوْ مَعَهُ، ز ي.
وَمِنْ ذَلِكَ وُقُوعُ نَجَاسَةٍ فِيمَا يَتَعَذَّرُ تَطْهِيرُهُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي، بِأَنْ وَقَعَتْ حَالَةَ التَّفْرِيغِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ:(فَكَذَا جُزْؤُهُ) كَقَطْعِ يَدِهِ. وَقَوْلُهُ " وَصِفَتُهُ " كَأَنْ حَصَلَ لَهُ جُذَامٌ أَوْ نَحْوُهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ) وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَ الْمُقَارِنِ لِلْقَبْضِ مَعَ أَنَّ مَفْهُومَ قَبْلَ وَبَعْدَ فِيهِ مُتَنَافٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ حِسًّا فَلَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ إلَّا بِتَحَقُّقِ ارْتِفَاعِهَا، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ سَلِيمًا:. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَاسْتَنَدَ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) أَيْ أَوْ لَمْ يَسْتَنِدْ لَكِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِهِ. وَقَوْلُهُ: عَلَى الْقَبْضِ، مِنْ الْعُيُوبِ نَجَاسَةُ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِغَسْلِهِ أَوْ لِغَسْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَوْنُ أَرْضِ الْبِنَاءِ فِي بَاطِنِهَا رَمْلٌ أَوْ أَحْجَارٌ مَخْلُوقَةٌ وَقُصِدَتْ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ وَإِنْ أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ. وَالْحُمُوضَةُ فِي الْبِطِّيخِ لَا الرُّمَّانِ عَيْبٌ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ حُلْوٍ. وَلَا رَدَّ بِكَوْنِ الرَّقِيقِ رَطْبَ الْكَلَامِ أَوْ غَلِيظَ الصَّوْتِ، أَوْ يُعْتَقُ عَلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ، أَوْ وَلَدَ زِنًا، أَوْ مُغَنِّيًا، أَوْ زَامِرًا، أَوْ عَازِفًا بِالضَّرْبِ بِالْعُودِ، أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ كَثِيرَهُ، أَوْ أَصْلَعَ، أَوْ أَغَمَّ، أَوْ عِنِّينًا، أَوْ فَاسِقًا بِأَنْ لَا يَكُونُ سَبَبُ فِسْقِهِ عَيْبًا.
وَلَيْسَ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا إلَّا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَلَوْ كَبِيرَةً. وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مِنْ قَوْمٍ يَخْتَتِنُونَ أَوْ لَا عَلَى الْأَوْجَهِ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا اهـ أج. وَلَوْ شُرِطَ كَوْنُهَا حَامِلًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرَ حَامِلٍ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ بِجَامِعِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مُخْتَلِفٌ بِتَقَدُّمِ الْحَمْلِ وَتَأَخُّرِهِ؛ وَلَوْ شُرِطَ كَوْنُهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ لِأَنَّهَا أَعْلَى مِمَّا شُرِطَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ الْبَكَارَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ مَا لَوْ شُرِطَ كَوْنُ الْمَبِيعِ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ مَعَ أَنَّهُ أَعْلَى مِمَّا شُرِطَ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَرْغَبُ فِيهِ الْفَرِيقَانِ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ. اهـ. عَنَانِيٌّ.
جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ قُبَيْلَ الْقَتْلِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ سَابِقٍ عَلَى قَبْضِهِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ وَلِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمُبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَسْأَلَتَيْ الرِّدَّةِ وَالْمَرَضِ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِي تِلْكَ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِشَرْطٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ فَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِحَيَوَانٍ مَوْجُودٍ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ جَهِلَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ، لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا مِنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ) لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِهِ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مَثَلًا) أَيْ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ حِرَابَةٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ " مَثَلًا ". اهـ. أُجْهُورِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ) أَيْ أَوْ جُرْحٍ سَارٍ أَوْ طَلْقِ حَمْلٍ سَابِقٍ عَلَى الْقَبْضِ، ز ي.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُرْحِ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْحَمْلُ يَنْمُو شَيْئًا فَشَيْئًا. وَلَوْ زَادَ الْمَرَضُ وَلَمْ يَمُتْ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَالْمَوْتِ لَيْسَ قَيْدًا، ز ي. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ " وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُرْحِ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ لِي السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اسْتَعَارَ مِنْ شَخْصٍ فَرَسًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ، فَرَكِبَهَا وَتَوَجَّهَ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ الْقَوْمُ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَخَذَهَا مِنْ الْقَوْمِ وَقَدْ جُرِحَتْ بِرَصَاصَةٍ فَرَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا وَهِيَ مَجْرُوحَةٌ فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَتْ، وَهُوَ، أَعْنِي الْجَوَابَ ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْفَرَسِ صَحِيحَةٌ وَمَجْرُوحَةٌ أَيْ يُضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا صَحِيحَةٌ وَمَجْرُوحَةٌ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا كُلَّهَا لِمَوْتِهَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ؛ فَافْهَمْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا بَيْنَ إلَخْ) أَيْ قَدْرَ نِسْبَةِ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا إلَى الثَّمَنِ، لَا أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ نَفْسُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ صَحِيحًا تِسْعِينَ وَمَرِيضًا ثَلَاثِينَ وَكَانَ الثَّمَنُ سِتِّينَ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ سِتُّونَ. فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ سِتُّونَ لَجَمَعَ إذْ ذَاكَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَهُوَ الْمَبِيعُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ نِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ ثُلُثَا الْقِيمَةِ، فَيَأْخُذُ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ؛ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَ أَقَلَّ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ كَمَا قَالَهُ ق ل، فَقَوْلُهُ " إلَى وَقْتِ الرَّدِّ " فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَرُدَّهُ لِلْبَائِعِ؛ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فِي تِلْكَ) أَيْ مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ. فَإِنْ قُلْت: الْمُرْتَدُّ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ فَكَيْفَ يَجِبُ تَجْهِيزُهُ؟ قُلْنَا: إذَا تَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ وَاحْتِيجَ إلَى مُوَارَاتِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى بَائِعِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ قَبْلَ قَتْلِهِ وَمَاتَ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ لَا يُنَاسِبُ الْأَمْرَ الثَّانِي، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَهُ بِمَا إذَا شُرِطَ كَوْنُ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ كَوْنُ الدَّابَّةِ حَامِلًا؛ فَبَانَ خِلَافُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِشَرْطِ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي بِالْمَبِيعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: إنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ، أَوْ لَا يُرَدُّ عَلَيَّ بِعَيْبٍ، أَوْ عَظْمٍ فِي قُفَّةٍ، أَوْ أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ؛ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ. اهـ. خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " بَرَاءَتِهِ " لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا شَرْطُ بَرَاءَةِ الْمَبِيعِ بِأَنْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنَّهُ سَلِيمٌ أَوْ لَا عَيْبَ فِيهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَهُ ح ل وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ:(فَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ) ضَمَّنَ " بَرِئَ " مَعْنَى " بَعُدَ " فَعَدَّاهُ بِ " عَنْ " وَإِلَّا فَهُوَ يَتَعَدَّى بِ " مِنْ " أَوْ أَنَّ " عَنْ " بِمَعْنَى " مِنْ ".
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ
فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ. وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ مَعَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ.
وَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا بِهِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ. أَمَّا الرِّبَوِيُّ الْمَذْكُورُ كَحُلِيِّ ذَهَبٍ بِيعَ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا فَبَانَ مَعِيبًا بَعْدَ تَلَفِهِ فَلَا أَرْشَ فِيهِ وَلَا لِنَقْصِ الثَّمَنِ، فَيَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهُ مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ رِبًا.
وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ (عَلَى الْفَوْرِ) فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ، وَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ عَادَةً فَلَا يَضُرُّ نَحْوُ صَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهُمَا كَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَتَكْمِيلٍ لِذَلِكَ أَوْ لِلَيْلٍ. وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَوْنَ اللَّيْلِ عُذْرًا بِكُلْفَةِ الْمَسِيرِ فِيهِ، فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِوَكِيلِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أج. وَسَوَاءٌ كَانَ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) وَأَمَّا الْبَيْعُ فَصَحِيحٌ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ:
شَرَطْت عَلَيْهِمْ قَبْلَ تَسْلِيمِ مُهْجَتِي
…
وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْبَيْعِ شَرْطًا يُوَاصِلُ
فَلَمَّا طَلَبْت الْوَصْلَ بِالشَّرْطِ أَعْرَضُوا
…
وَقَالُوا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ بَاطِلُ
وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِ الْمَنْهَجِ " لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ": أَيْ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَادِثِ، أَمَّا الْمَوْجُودُ فَلَا يَبْعُدُ صِحَّةُ الشَّرْطِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ) حِسِّيًّا كَانَ التَّلَفُ أَوْ شَرْعِيًّا، كَأَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (غَيْرُ الرِّبَوِيِّ) بِأَنْ لَا يَكُونَ رِبَوِيًّا أَصْلًا أَوْ رِبَوِيًّا بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ.
قَوْلُهُ: (بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ) وَيُسَمَّى الْمَأْخُوذُ أَرْشًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْشِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ) بَلْ يُفْسَخُ وَيَغْرَمُ الْبَدَلَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ. هَذَا كُلُّهُ إنْ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ، أَمَّا مَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ ثُمَّ عَيَّنَ غُرْمَ بَدَلِهِ وَاسْتَبْدَلَ وَإِنْ كَانَ تَفَرُّقًا فِي الْأَصَحِّ، ز ي مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) هَذِهِ بِقَلَمِ الْحُمْرَةِ فِي صِحَاحِ النُّسَخِ، فَهِيَ مَتْنٌ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ.
فَرْعٌ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٍ يَجِبُ عَلَيْهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ. وَلَوْ بَعْدَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ هُنَا عَنْ مَحَلِّ الْأَخْذِ وَانْتَهَى الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ الْقَبْضِ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فِيهِ وَاحْتَاجَ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ إلَى مُؤْنَةٍ، فَهَلْ يَصْرِفُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ لِلْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ؟ وَلَا بَعْدَ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ فَيَسْتَأْذِنُهُ فِي الصَّرْفِ وَإِلَّا نَوَى الرُّجُوعَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى حُكْمِ الضَّمَانِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا يَبْطُلُ، كَالْجَهْلِ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ أَوْ بِكَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَكَانَ مَعْذُورًا فِي ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَامِّيًّا جَاهِلًا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَكَالْأَعْذَارِ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ؛ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ فِي مُدَّةِ الْعُذْرِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا يَسْقُطُ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَهَلْ مِنْ الْعُذْرِ نِسْيَانُ الْحُكْمِ أَوْ الْعَيْبِ؟ حَلَبِيٌّ. وَقَالَ ع ش: لَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ نِسْيَانُ الْحُكْمِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِسْيَانَ الْعَيْبِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ تَقْصِيرٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (عَادَةً) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ الْفَوْرَ حَقِيقَةً بَلْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (نَحْوُ صَلَاةٍ) فِي الْإِيعَابِ شَمِلَ كَلَامُهُمْ النَّافِلَةَ مُؤَقَّتَةً وَذَاتَ السَّبَبِ لَا مُطْلَقَةً، بَلْ إنْ كَانَ شَرَعَ فِيهَا فَيَتِمُّ مَا نَوَاهُ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، شَوْبَرِيٌّ. وَتُعْتَبَرُ عَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ تَطْوِيلًا وَغَيْرَهُ، سم.
قَوْلُهُ: (وَأَكْلٍ) أَيْ وَلَوْ تَفَكُّهًا،. اهـ. م ر سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (دَخَلَ وَقْتُهُمَا) أَيْ بِحُضُورِ الطَّعَامِ وَتَوَقَانُ نَفْسِهِ إلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَقَضَاءِ حَاجَةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَالْجِمَاعِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ،. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.
قَوْلُهُ: (وَتَكْمِيلٍ لِذَلِكَ) أَيْ لِلصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ. فَهَذَا نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ اللَّذَيْنِ دَخَلَ وَقْتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا حِينَئِذٍ، أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْأَكْلِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لِلَّيْلِ) عَطْفٌ عَلَى لِذَلِكَ أَيْ أَوْ
عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَارِثِهِ، أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَفْصِلَهُ وَهُوَ آكَدُ فِي الرَّدِّ فِي حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ، إلَى الرَّفْعِ. وَوَاجِبٌ فِي غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي إشْهَادٌ بِفَسْخٍ فِي طَرِيقِهِ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَكْمِيلٌ لِلَّيْلِ إلَى الْفَجْرِ، وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُوَكِّلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ وَكِيلِهِ " بِأَنْ بَاعَ مَالَهُ بِنَفْسِهِ وَوَكَّلَ فِي قَبُولِ الرَّدِّ، شَوْبَرِيٌّ. وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ: قَوْلُهُ " أَوْ وَكِيلِهِ " أَيْ الَّذِي وَكَّلَهُ فِي قَبُولِ السِّلَعِ الْمَرْدُودَةِ بِالْعَيْبِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى تَفْسِيرِ الْوَكِيلِ بِمَا ذُكِرَ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ صَاحِبَ السِّلْعَةِ وَوَكِيلَهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ وَارِثِهِ) أَيْ أَوْ وَلِيِّهِ بِأَنْ سَفَّهُ وَبَذَّرَ الْبَائِعُ. وَهَذِهِ تَأْتِي فِي الرَّادِّ مَا عَدَا الْحَاكِمَ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَائِعِ يَجْرِي فِي الْمُشْتَرِي، فَيَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي سِتَّةٍ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّدَّ يَكُونُ مِنْ الْحَاكِمِ أَيْضًا فَتَكُونُ الصُّوَرُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ نَظَرَ لِلسَّيِّدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَانَتْ الصُّوَرُ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا. وَحَاصِلُ الصُّوَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتٌّ وَخَمْسُونَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّادَّ إمَّا الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ مُوَلِّيهِ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ سَيِّدَهُ أَوْ وَارِثَهُ، وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ إمَّا الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ مُوَلِّيهِ أَوْ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ الْحَاكِمُ، فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ مِنْ جَانِبِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ فَتُضْرَبُ فِيهَا سَبْعَةُ الرَّادِّ تَبْلُغُ مَا ذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ) أَيْ أَوْ يَفْسَخُ مَعَ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ، وَلَا يَجِبُ الْفَوْرُ حِينَئِذٍ فِي الرَّدِّ فَهُوَ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالْفَسْخُ مَعَ الْإِشْهَادِ فَوْرًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ " أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ " أَيْ شَأْنَ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ:(وَهُوَ) أَيْ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ آكَدُ مِنْ رَدِّهِ لِمَنْ يُرِيدُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ) بَيَانٌ لِلْحَاضِرِ الصَّادِقِ بِالْبَائِعِ وَوَكِيلِهِ وَمُوَكِّلِهِ وَوَلِيِّهِ وَمُوَرِّثِهِ.
قَوْلُهُ: (وَوَاجِبٌ) مَعْنَى كَوْنِهِ وَاجِبًا أَنَّهُ إذَا تَرَاخَى عَنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَقَدْ صَوَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ الرَّفْعَ وَفَصَلَ الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ رَافِعُ الْأَمْرِ شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ، وَيَحْكُمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُشْتَرِي إشْهَادٌ) أَيْ وَلَوْ لِعَدْلٍ م ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا، أَيْ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ لَزِمَهُ، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ سَقَطَ وُجُوبُ الْإِنْهَاءِ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ. فَإِذَا أَشْهَدَ فِي طَرِيقِهِ إلَى الْحَاكِمِ سَقَطَ عَنْهُ الْإِنْهَاءُ إلَيْهِ إلَّا لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ. وَإِذَا شَرَعَ فِي التَّوْكِيلِ فَوَجَدَ شَاهِدًا لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ فِي الرَّدِّ لَا يَزِيدُ عَلَى الرَّدِّ بِنَفْسِهِ وَهُوَ يَلْزَمُهُ إذَا وَجَدَ شَاهِدًا أَنْ يُشْهِدَهُ عَلَى الْفَسْخِ، وَإِذَا أَشْهَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتَغْنَى الْوَكِيلُ عَنْ الْمُبَادَرَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَلْقَ الشُّهُودَ إلَّا بَعْدَ التَّوْكِيلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ اكْتِفَاءً بِقِيَامِ الْوَكِيلِ مَقَامَهُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ " حَالَ تَوْكِيلِهِ ". وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى الرَّدِّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ وَصَادَفَ عَدْلًا فِي طَرِيقِهِ أَوْ عِنْدَ تَوْكِيلِهِ فِي الرَّدِّ أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ، وَمَتَى عَجَزَ عَنْ الذَّهَابِ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى عَدْلًا يُشْهِدُهُ عَلَى الْفَسْخِ كَمَا أَفَادَهُ م ر وَحَجَرٌ. فَفِي الْعَجْزِ يَجِبُ التَّحَرِّي بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ. وَفَرَّقَ م ر وحج بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ بِحَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ إذَا ذَهَبَ لِطَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنْ يُشْهِدَ فِي طَرِيقِهِ مَنْ صَادَفَهُ مِنْ الْعَدْلِ، وَإِذَا وَكَّلَ فِي طَلَبِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى التَّوْكِيلِ؛ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُسْتَمِرًّا عَلَى الْمِلْكِ، فَتَرْكُ الْإِشْهَادِ مَعَ إمْكَانِهِ يُشْعِرُ بِالْبَقَاءِ، فَاحْتَاجَ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ، وَالشَّفِيعُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِالْإِشْهَادِ إظْهَارَ الطَّلَبِ وَذَهَابُهُ لِأَجْلِهِ كَافٍ فِي ذَلِكَ اهـ.
الْحَاكِمِ أَوْ حَالَ تَوْكِيلِهِ أَوْ عُذْرِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَلَفُّظٌ بِالْفَسْخِ وَعَلَيْهِ تَرْكُ اسْتِعْمَالٍ لَا تَرْكُ رُكُوبٍ مَا عَسُرَ سَوْقُهُ وَقَوْدُهُ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَ رَقِيقًا أَوْ تَرَكَ عَلَى دَابَّةٍ سَرْجًا أَوْ إكَافًا فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ.
وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ. ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ الْبَائِعُ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِلَا أَرْشٍ لِلْحَادِثِ أَوْ قَنَعَ بِهِ بِلَا أَرْشٍ لِلْقَدِيمِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ، فَإِنْ اتَّفَقَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ عَلَى فَسْخٍ أَوْ إجَازَةٍ مَعَ أَرْشٍ لِلْحَادِثِ أَوْ الْقَدِيمِ فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا أُجِيبَ طَالِبُ الْإِمْسَاكِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ. أَمَّا الرِّبَوِيُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي إعْلَامُ الْبَائِعِ فَوْرًا بِالْحَادِثِ مَعَ الْقَدِيمِ لِيَخْتَارَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (أَوْ حَالَ تَوْكِيلِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلشَّهَادَةِ، وَإِلَّا فَيَكْفِي. قَوْلُهُ:(أَوْ عُذْرِهِ) ، أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ وُجُودِهِ وَالْمُرَادُ تَحَرِّي ذَلِكَ. فَالْإِشْهَادُ فِي كَلَامِهِ أَرَادَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَتَحَرِّيهِ ح ل. فَالتَّحَرِّي فِي الْعُذْرِ فَقَطْ وَعَدَمُ التَّحَرِّي فِي غَيْرِهِ، فَإِذَا سَارَ فِي طَرِيقِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ وَرَأَى شُهُودًا أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ فِي طَرِيقِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّيهِمْ وَالتَّفْتِيشُ عَلَيْهِ لِلْإِشْهَادِ كَمَا فِي م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَكَذَا فِي حَالِ تَوْكِيلٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ مَعْذُورًا بِالْغَيْبَةِ أَوْ الْخَوْفِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ وَلَوْ حَالَةَ تَوْكِيلِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ بَلْ يَذْهَبُ لِيَرُدَّ، فَإِنْ وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ مَنْ يُشْهِدُهُ أَشْهَدَ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ إلَخْ) إذْ يَبْعُدُ لُزُومُ الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ فَيُؤَخِّرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْمَرْدُودِ إلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَقَوْدُهُ) أَيْ سَحْبُهُ بِنَحْوِ اللِّجَامِ وَالْمِقْوَدِ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اسْتَخْدَمَ) أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَخْدُمَهُ كَقَوْلِهِ: نَاوِلْنِي كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ، وَمِثْلُ اسْتِخْدَامِهِ خِدْمَتُهُ كَأَنْ أَعْطَاهُ كُوزًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَأَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ أَخْذِ السَّيِّدِ لَهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا، لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ كَوَضْعِهِ فِي الْأَرْضِ، شَرْحُ م ر مَعَ تَغْيِيرٍ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فَلَوْ اسْتَخْدَمَ " أَيْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَكَ عَلَى دَابَّةٍ سَرْجًا) أَيْ وَلَوْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ، أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَهَا؛ شَرْحُ م ر، خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ، بِخِلَافِ اللِّجَامِ لِتَوَقُّفِ حِفْظِهَا عَلَيْهِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ نَزْعُ السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ يَضُرُّهَا، كَأَنْ عَرِقَتْ وَخَشِيَ مِنْ النَّزْعِ تَعَيُّبَهَا، وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ لِمَشَقَّةِ حَمْلِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُعْذَرُ فِي مِثْلِهِ لِجَهْلِهِ، شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ:(أَوْ إكَافًا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَقِيلَ نَفْسَهَا م ر
قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ) أَيْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُهُ ح ل.
قَاعِدَةٌ: كُلُّ عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَا رَدَّ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ،. اهـ. مُنَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (سَقَطَ الرَّدُّ) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ مِنْ حَيْثُ التَّرَوِّي أَيْ التَّشَهِّي، فَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ مَعَ جَهْلِ الْبَائِعِ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ كَانَ لَهُ فَسْخُ هَذَا الْفَسْخِ ح ل. وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ " فَلَوْ رَدَّهُ " أَيْ مَا لَمْ يَحْدُثْ عَيْبٌ جَدِيدٌ.
قَوْلُهُ: (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَنَعَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: إنْ رَضِيَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَيْ الَّذِي بِيعَ بِجِنْسِهِ لَا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (مَعَ أَرْشِ لِلْحَادِثِ) يَرْجِعُ لِلْفَسْخِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ الْقَدِيمُ " يَرْجِعُ لِلْإِجَازَةِ، بِأَنْ يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَرْشَ الْحَادِثِ وَيَفْسَخُ أَوْ يَغْرَمُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يُفْسَخُ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِجَازَةُ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الرِّبَوِيُّ) أَيْ الَّذِي بِيعَ بِجِنْسِهِ.
قَوْلُهُ: (فَيَتَعَيَّنُ) وَإِلَّا كَانَ رِبًا. قَوْلُهُ: (مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَيَمْتَنِعُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا، بِخِلَافِ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ إذْ لَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ فِي الْبَيْعِ
مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا أَرْشَ عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ بِدُونِهِ كَكَسْرِ بَيْضِ نَعَامٍ وَجَوْزٍ وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ مُدَوِّدٍ بَعْضُهُ رُدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِلْحَادِثِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ فَهُوَ التَّصْرِيَةُ وَهِيَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعُ حَلْبَ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَمْدًا قَبْلَ بَيْعِهَا لِيَتَوَهَّمَ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ بَدَلَ اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ وَإِنْ قَلَّ اللَّبَنُ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُصَرَّاةُ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِعَدَدِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى رَدِّ غَيْرِ الصَّاعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِتَمَاثُلِهِمَا فِيهِ؛ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ فَعَلَيْهِ غُرْمُهُ. قَوْلُهُ: (لِيَخْتَارَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَأَخْذُ الْأَرْشِ لِلْحَادِثِ أَوْ الْإِجَازَةِ وَدَفْعُ أَرْشِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فَلَا رَدَّ " لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فَلَا رَدَّ قَهْرًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا رَدَّ قَهْرًا وَإِنْ بَادَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا رَدَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ جَازَ، فَهَذَا أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّفْيَ لِمَجْمُوعِ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ فَلَا أَرْشَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ " سَقَطَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ " أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْقَدِيمُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْجَدِيدِ فَيُرَدُّ لِلْعُذْرِ.
قَوْلُهُ: (لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ بِدُونِهِ) فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ كَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ حَامِضٍ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ حُمُوضَتِهِ بِغَرْزِ شَيْءٍ فِيهِ وَكَتَقْوِيرِ كَبِيرٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِصَغِيرٍ يَسْقُطُ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَمِثْلُ تَقْوِيرِ الْبِطِّيخِ الْمَذْكُورِ تَقْوِيرُ الرُّمَّانِ.
وَلَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بَيْضٍ أَوْ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ فَكَسَرَ وَاحِدَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى الرَّدِّ بِذَلِكَ، لِمَا يَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ رَدِّ الْبَعْضِ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَسَرَ الثَّانِيَةَ فَلَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ، أَيْ سَوَاءٌ وَجَدَهَا مَعِيبَةً أَوْ سَلِيمَةً لِوُقُوفِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ بِالْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي عَيْبًا حَادِثًا، شَرْحُ م ر.
فَرْعٌ: شَخْصٌ اشْتَرَى بَقَرَةً مَثَلًا وَذَبَحَهَا فَرَأَى لَحْمَهَا مُنْتِنًا، فَيَنْظُرُ إنْ كَانَ يَظْهَرُ هَذَا الْعَيْبُ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَذَبَحَهَا رَدَّهَا وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِالذَّبْحِ رَدَّهَا وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ،. اهـ. زِيَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بَيْضِ نَعَامٍ) خَرَجَ بَيْضُ غَيْرِ النَّعَامِ، فَلَا رَدَّ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْبِطِّيخُ مُدَوِّدًا كُلُّهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " كَكَسْرِ بَيْضِ نَعَامٍ " أَيْ ثَقْبِهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُعْرَفُ أَيْ فِي الْعُرْفِ لَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ " الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ يَجْعَلُ الطَّاءَ مَكَانَ الْبَاءِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا هُوَ مَكْسُورٌ: وَتَقُولُ هُوَ الْبِطِّيخُ وَالطَّبِيخُ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ غَلَطٌ لِفَقْدِ فَعِيلٍ بِالْفَتْحِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الشَّمَائِلِ.
قَوْلُهُ: (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبَعْضُهُ فَاعِلٌ. وَخَرَجَ بَيْضُ غَيْرِ النَّعَامِ، فَلَا رَدَّ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، بِخِلَافِ بَيْضِ النَّعَامِ فَإِنَّ قِشْرَهُ مُتَقَوِّمٌ. وَخَرَجَ الْمُدَوِّدُ كُلُّهُ، فَكَذَلِكَ لَا رَدَّ. اهـ. مَدَابِغِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ التَّصْرِيَةُ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالتَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ هُوَ كَثْرَةُ اللَّبَنِ لَا التَّصْرِيَةُ، إذْ التَّصْرِيَةُ هِيَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ " فَهُوَ التَّصْرِيَةُ " أَيْ فَهُوَ مُسَبَّبُ التَّصْرِيَةِ.
قَوْلُهُ: (عَمْدًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ حُصُولُ الضَّرَرِ، مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِيُتَوَهَّمَ) فِي نُسْخَةٍ: لِيُوهِمَ.
قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فَإِنْ قُلْت: اللَّبَنُ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَتَلَفُ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ رَدَّ الْبَاقِي وَقِيَاسُهُ مَنْعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ؟ قُلْت: صَدَّ عَنْ ذَلِكَ وُرُودُ الْأَخْبَارِ بِالرَّدِّ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً) وَلَوْ نَحْوُ أَرْنَبٍ أَوْ بِنْتِ عُرْسٍ وَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا بِإِضَافَتِهِ إلَى الْأَكْحَالِ وَالشِّشْمِ.
قَوْلُهُ: (رَدَّ مَعَهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِالتَّصْرِيَةِ بَلْ بِعَيْبٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (الْمَحْلُوبِ) مِثْلُ حَلَبَهُ مَا لَوْ شَرِبَهُ الْوَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ نَزَلَ عَلَى الْأَرْضِ، ح ل وسم.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ اللَّبَنُ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِصَاعٍ م ر.
قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ رَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّ غَيْرِ صَاعٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَيْرِ رَدِّ الصَّاعِ لِيَشْمَلَ مَا
مِنْ اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ اللَّبَنُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُحْلَبْ، أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّدِّ. وَالْعِبْرَةُ فِي التَّمْرِ بِالْمُتَوَسِّطِ مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ، فَإِنْ فُقِدَ فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَقِيلَ بِأَقْرَبِ بَلَدِ التَّمْرِ إلَيْهِ. وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ بِالتَّصْرِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَخْتَصُّ خِيَارُهَا بِالنَّعَمِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْجَارِيَةِ وَالْأَتَانِ، وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا شَيْئًا بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا، وَلَبَنُ الْأَتَانِ نَجِسٌ لَا عِوَضَ لَهُ.
فُرُوعٌ: لَا يَرُدُّ قَهْرًا بِعَيْبِ بَعْضِ مَا بِيعَ صَفْقَةً لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ وَيَحْلِفُ كَجَوَابِهِ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ الْمُتَّصِلَةِ كَسَمْنٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَوْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ رَدِّ شَيْءٍ أَصْلًا بِأَنْ سَامَحَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ ح ل مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ) تَعْمِيمٌ فِي رَدِّ الصَّاعِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ اللَّبَنِ ح ل. وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " هَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى رَدِّ غَيْرِ الصَّاعِ " فَقَوْلُهُ " أَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّدِّ " أَيْ رَدُّ غَيْرِ الصَّاعِ، وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَبِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ؛ قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ أج عَلَى التَّحْرِيرِ، وَقَالَ ق ل: لَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ تَمْرِ الْبَلَدِ) هَلْ الْمُرَادُ بَلَدُ الْبَيْعِ أَوْ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ الْفَسْخِ؟ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرَادَ بَلَدُ الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ) بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فِي بَلَدِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَيْهَا ح ل.
قَوْلُهُ: (فَقِيمَتُهُ بِالْمَدِينَةِ) مُعْتَمَدٌ، أَيْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الرَّدِّ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِأَقْرَبَ) أَيْ وَقِيلَ قِيمَتُهُ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهِ تَمْرٌ إلَى بَلَدِ الْبَيْعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ " وَالْعِبْرَةُ فِي التَّمْرِ إلَخْ " فِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ تَمْرُ بَلَدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ فُقِدَ فَقِيمَتُهُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَقِيلَ: بِتَمْرِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَإِنْ فُقِدَ فَقِيمَتُهُ بِهَا وَقْتَ الرَّدِّ؛ وَالشَّارِحُ لَمْ يُوَافِقْ هَذَا وَلَا هَذَا. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَوْ فُقِدَ التَّمْرُ فِي بَلَدٍ تَلِفَ فِيهِ اللَّبَنُ وَحَوَالَيْهِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فِي بَلَدِهِ وَدُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّدِّ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ تَعَيَّنَ التَّمْرُ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ وَالِاقْتِيَاتِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا قَطْعُ النِّزَاعِ مَعَ ضَرْبِ تَعَبُّدٍ، وَالْمَقْصُودُ فِي الْفِطْرَةِ سَدُّ الْخُلَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْجَارِيَةَ وَالْأَتَانَ) بِالنَّصْبِ، عَطْفٌ عَلَى كُلَّ.
قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ غَرَضُهُ بِهِ تَقْيِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رَدِّ الْمَعِيبِ بِالْعَيْبِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَلَهُ رَدُّهُ أَيْ كُلِّهِ لَا بَعْضِهِ. وَالْفَرْعُ الثَّانِي تَقْيِيدُهُ أَيْضًا، أَيْ فَلَهُ رَدُّهُ أَيْ إنْ ثَبَتَ الْعَيْبُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ صُدِّقَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ.
وَالْفَرْعُ الثَّالِثُ قَصْدُهُ بِهِ التَّعْمِيمُ، أَيْ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَوْ مَعَ زِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ.
قَوْلُهُ: (لَا يُرَدُّ قَهْرًا) أَمَّا بِالرِّضَا فَيَجُوزُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ لِلْبَائِعِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْمَبِيعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ، اهـ أج.
قَوْلُهُ: (بِعَيْبٍ) أَيْ وَلَا غَيْرِهِ كَخِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ، بَلْ إمَّا أَنْ يَرْضَى بِالْكُلِّ أَوْ يَرُدُّ الْكُلَّ وَإِذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ أَرْشٌ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ.
قَوْلُهُ: (صَفْقَةً) أَيْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) أَيْ وَقَدَّمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا حُدُوثُهُ، فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ الْبَائِعُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا قَدَّمَهُ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَشَيْنِ الشَّجَّةِ الْمُنْدَمِلَةِ وَالْبَيْعِ أَمْسِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَدَّمَهُ كَجُرْحٍ طَرِيٍّ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ:(صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لِيَرُدَّهُ، وَادَّعَى الْبَائِعُ قَدَّمَهُ حَتَّى لَا يَرُدَّ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا. وَصُورَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَا لِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ، فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي حُدُوثَهُ لِيَرُدَّ بِهِ وَالْبَائِعُ قَدَّمَهُ حَتَّى لَا يَرُدَّ بِهِ لِشُمُولِ الشَّرْطِ لَهُ،. اهـ. ز ي وَمَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ) وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (وَيَحْلِفُ كَجَوَابِهِ) أَيْ يَكُونُ حَلِفُهُ مُطَابِقًا لِجَوَابِهِ، فَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَيَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ مَا أَقْبَضْتُهُ وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ أَوْ مَا أَقْبَضْتُهُ إلَّا سَلِيمًا مِنْ
تَتَبَّعَهُ فِي الرَّدِّ إذْ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهَا كَحَمْلٍ قَارَنَ بَيْعًا، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرَّدِّ وَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْوَلَدِ وَالْأُجْرَةُ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَهِيَ لِمَنْ حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ بَائِعٍ وَإِنْ رُدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا فَرْعُ مِلْكِهِ
وَحَبْسُ مَاءِ الْقَنَاةِ وَمَاءِ الرَّحَى الَّذِي يُدِيرُهَا لِلطَّحْنِ الْمُرْسِلِ مَاءَ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدُهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، لَا لَطْخُ ثَوْبِ الرَّقِيقِ بِمِدَادٍ تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ فَظَهَرَ كَوْنُهُ غَيْرَ كَاتِبٍ فَلَا رَدَّ لَهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ غَرَرٍ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُطْلَقًا) أَيْ بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا تَبْقِيَةٍ (إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) فَيَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهَا وَبِشَرْطِ إبْقَائِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا» . فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا لِغِلَظِهَا وَكِبَرِ نَوَاهَا، وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْعَيْبُ، حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ لِيُطَابِقَ الْحَلِفُ الْجَوَابَ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يُظَنُّ خِلَافُهُ.
قَوْلُهُ: (كَسَمْنٍ) أَيْ وَتَعَلَّمَ صَنْعَةً أَيْ وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا، سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (كَحَمْلٍ) هُوَ تَنْظِيرٌ لَا مِثَالٌ بِدَلِيلِ عَوْدِ الْكَافِ وَعَدَمِ عَطْفِهِ عَلَى مَا مِثْلِ بِهِ، وَأَيْضًا الْفَرْضُ أَنَّهُ قَارَنَ فَلَمْ يَكُنْ زِيَادَةً.
قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ تَقْرِيرِ مَا ذُكِرَ: وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مِثَالًا بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَالْعَاطِفِ، أَيْ وَكَزِيَادَةِ الْحَمْلِ بِمَعْنَى نُمُوِّهِ وَكِبَرِهِ؛ شَوْبَرِيٌّ. قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا: الرَّاجِحُ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ وَمِثْلُهُمَا الْبَيْضُ،. اهـ. ح ل. قَوْلُهُ:(قَارَنَ بَيْعًا) فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي يَأْخُذُهُ إذَا انْفَصَلَ.
قَوْلُهُ: (يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرَّدِّ) وَإِنْ انْفَصَلَ، أَيْ إنْ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ أُمُّهُ بِالْوِلَادَةِ. أَمَّا إذَا نَقَصَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ بِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. وَخَرَجَ بِالْمُقَارِنِ الْحَادِثِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَتْبَعُ فِي الرَّدِّ بَلْ هُوَ لَهُ يَأْخُذُهُ إذَا انْفَصَلَ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَهَذَا فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ، أَمَّا حَمْلُ الْأَمَةِ إذَا حَدَثَ فَهُوَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ،. اهـ. سُلْطَانٌ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً فَبَانَتْ حَامِلًا مَلَكَ الرَّدَّ وَلَوْ كَانَتْ بَهِيمَةً لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ فِي الْأَمَةِ عَيْبٌ لِأَنَّهُ يُخَافُ مَعَهُ التَّلَفُ بِالطَّلْقِ بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا التَّلَفُ فِي الْغَالِبِ اهـ.
قَوْلُهُ: (لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ) أَيْ الْقَدِيمِ، أَيْ الَّذِي حَدَثَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ أَوْ عِنْدَ الْقَبْضِ، فَ " أَلْ " لِلْعَهْدِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. قَوْلُهُ:(مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ إنْ حَصَلَتْ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ بَائِعٍ إنْ حَصَلَتْ مِنْ الثَّمَنِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا اشْتَرَى أَغْنَامًا وَلَمْ يَتَسَلَّمْهَا وَمَكَثَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ نَتَجَتْ نِتَاجًا كَثِيرًا وَمَاتَتْ الْأُصُولُ قُبَيْلَ تَسَلُّمِهَا لِلْمُشْتَرِي فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ جَمِيعَ النِّتَاجِ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِهِ، فَتَفَطَّنْ لَهَا: فَإِنَّهَا مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةُ عَزِيزَةُ الْوُجُودِ يَعْجِزُ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ أَرَ لَهَا مُدْرِكًا؛ كَذَا بِخَطِّ الزِّيَادِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَدَّ) أَيْ أَحَدُهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَحَبْسُ مَاءِ الْقَنَاةِ) هَذَا خَارِجٌ عَنْ الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ: (الْمُرْسِلُ مَاءَ إلَخْ) جَعَلَهُ نَعْتًا سَبَبِيًّا لِلْقَنَاةِ وَالرَّحَى، وَلَوْ جَعَلَهُ نَعْتًا لِلْمَاءَيْنِ لَكَانَ نَعْتًا حَقِيقِيًّا. قَوْلُهُ:(لَا لَطْخُ ثَوْبِ الرَّقِيقِ إلَخْ) وَكَذَا تَوْرِيمُ ضَرْعِ الدَّابَّةِ وَكَذَا إشْبَاعُهَا بِالْعَلَفِ لِيَتَوَهَّمَ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ أَوْ السَّمْنِ، فَلَا رَدَّ بِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ لَهُ) لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ امْتِحَانِهِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) اقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ فَسَّرَ الْإِطْلَاقَ بِجَوَازِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي السُّكُوتَ وَشَرْطَ الْقَطْعِ وَشَرْطَ الْإِبْقَاءِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا. اهـ. ق ل. وَكَذَا لَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا " أَيْ عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا قَالَ سم، لَسَلِمَ مِمَّا ذُكِرَ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ " مُطْلَقًا " صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ بَيْعًا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ) فِي نُسَخٍ وَيَجُوزُ بِالْوَاوِ بِشَرْطٍ إلَخْ، وَهِيَ الصَّوَابُ إذْ التَّفْرِيغُ يُوهِمُ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ م د. وَنُسْخَةُ الْوَاوِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَأَمَّا الْفَاءُ فَإِنَّهَا تُوهِمُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَعْنَى الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بَيْعُهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، وَأَمَّا مَفْهُومُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ:(سَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَنْطُوقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) دَلِيلٌ لِمَنْطُوقِ الْمَتْنِ وَمَفْهُومُهُ، لَكِنَّ مَنْطُوقَ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ وَمَفْهُومَ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَنْطُوقِ الْمَتْنِ. قَالَ ق ل:
بِيعَتْ مُفْرَدَةً عَنْ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ. وَلَا يَصِحُّ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَإِذَا كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ عَنْ شَجَرِهِ
وَإِنْ بِيعَتْ الثَّمَرَةُ مَعَ الشَّجَرَةِ جَازَ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ هُنَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِلْعَاهَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهَا لِأَنَّ فِيهِ حَجْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَإِنْ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ لِمَا مَرَّ. وَلَوْ بَاعَهُ مَعَ أُصُولِهِ فَكَبَيْعِ الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَبِّ وَالثَّمَرَةِ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعُ غَائِبٍ كَتِينٍ وَعِنَبٍ لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا كِمَامَ لَهُ، وَشَعِيرٍ لِظُهُورِهِ فِي سُنْبُلِهِ وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ فِي السُّنْبُلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ لِاسْتِتَارِهِ، وَلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَنْعُ بَيْعِهَا وَلَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ خَصَّصَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ. قَوْلُهُ (الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ الْإِطْلَاقُ، وَشَرَطَ الْقَطْعَ، وَشَرَطَ التَّبْقِيَةَ. قَوْلُهُ:(وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ قَبْلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَ بُدُوِّهِ.
وَقَوْلُهُ: أَمِنَ الْعَاهَةَ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الصَّلَاحِ) مُسْتَأْنَفٌ، وَهُوَ مَفْهُومُ الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِمُشْتَرٍ فَيَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ اهـ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا بَاعَهُ لِمَالِكِ أَصْلِهِ وَالْإِجْمَاعُ خَصَّصَهُ بِمَا إذَا شَرَطَ الْقَطْعَ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ صَحَّ وَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ شَرَطَ الْقَطْعَ أَمْ لَا صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ. اهـ. سُلْطَانٌ.
قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) هُوَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ، فَلَا يَكْفِي شَرْطُهُ بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ) هَذَا الشَّرْطُ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَوْ مَآلًا، وَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ حَالًّا أج
قَوْلُهُ: (مَعَ الشَّجَرَةِ) أَيْ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَمَّا لَوْ فَصَلَ الثَّمَنَ بِأَنْ بِيعَتْ الشَّجَرَةُ بِعَشَرَةٍ وَالثَّمَرَةُ بِخَمْسَةٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ؛ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهَا) أَيْ وَلَا بِشَرْطِ إبْقَائِهَا لِلتَّحْجِيرِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبِطِّيخِ إلَخْ) يُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لِمَا ذُكِرَ بِجَعْلِ الثَّمَرَةِ شَامِلَةً لَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ) أَيْ لَهُ وَهِيَ اللِّبَانُ الَّتِي هِيَ فِيهِ، لَا الْأَرْضُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أج. قَوْلُهُ:(لِمَا مَرَّ) أَيْ الْحَدِيثُ.
قَوْلُهُ: (فَكَبَيْعِ الثَّمَرَةِ) أَيْ إنْ بِيعَتْ مُطْلَقًا صَحَّ، أَوْ بِشَرْطِ قَطْعٍ أَوْ تَبْقِيَةٍ فَلَا. وَلَوْ بَاعَ بِرْسِيمًا بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُخْلِفَ فَقَطَعَهُ فَأَخْلَفَ فَاَلَّذِي أَخْلَفَهُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَقُومُ رَعْيُ الْبَهَائِمِ مَقَامَ شَرْطِ الْقَطْعِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ. وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ رَعْيَ الْبَهَائِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْقَلْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِدُخُولِ نَحْوِ الْبَهَائِمِ فِيهَا، لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ كَانَ الْمُخْلِفُ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَا يَتَأَتَّى اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْحَادِثَ لِلْبَائِعِ فَتَأَمَّلْ.
فَرْعٌ: سُئِلَ م ر بِالدَّرْسِ: عَمَّنْ اشْتَرَى إنَاءً فِيهِ زَرْعٌ يُجَزُّ مِرَارًا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْإِنَاءُ وَمَا فِيهِ دُونَ الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ قَطْعِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ كَالْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا، سم عَلَى الْمَنْهَجِ. وَمِنْ قَوْلِهِ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ أُطْلِقَ فِي بَيْعِ الْإِنَاءِ، أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْإِنَاءَ وَمَا فِيهِ كَانَتْ الظَّاهِرَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ قَطْعِهَا بَلْ لَا يَصِحُّ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) صَوَابُهُ إسْقَاطُ هَذَا الْقَيْدِ كَمَا قَالَهُ ق ل؛ أَيْ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَبِّ وَالثَّمَرَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَرْئِيًّا.
قَوْلُهُ: (ظُهُورُ الْمَقْصُودِ) أَيْ رُؤْيَتُهُ. قَوْلُهُ: (كَتِينٍ) مِثَالٌ لِمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. قَوْلُهُ: مِمَّا لَا كِمَامَ لَهُ بِكَسْرِ الْكَافِ هُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغِطَاءُ النَّوْرِ وَغَيْرِهِمَا وَجَمْعُهُ أَكِمَّةٌ مِثْلُ سِلَاحٍ وَأَسْلِحَةٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا السَّاتِرُ لِمَا هُوَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ إلَخْ) مِثْلُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ جُزِرَ فِي أَرْضِهِ وَفُولٍ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى، وَيَصِحُّ بَيْعُ كَتَّانٍ بَدَا صَلَاحُهُ؛ لِأَنَّ مَا يُغْزَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَالسَّاسُ فِي بَاطِنِهِ كَنَوَى التَّمْرِ، وَمَحَلُّهُ إذَا بِيعَ قَبْلَ
مَعَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُسْتَتِرٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ كَالْحِنْطَةِ فِي تِبْنِهَا بَعْدَ الدِّرَاسِ وَبُدُوُّ صَلَاحِ مَا مَرَّ مِنْ ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ بُلُوغُهُ صِفَةً يَطْلُعُ فِيهَا غَالِبًا وَعَلَامَتُهُ فِي الثَّمَرِ الْمَأْكُولِ الْمُتَلَوِّنِ أَخْذُهُ فِي حُمْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَسَوَادٍ وَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ مِنْهُ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ لِينُهُ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ أَنْ تُجْنَى غَالِبًا لِلْأَكْلِ وَفِي الزَّرْعِ اشْتِدَادُهُ وَفِي الْوَرْدِ انْفِتَاحُهُ وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ كَظُهُورِهِ
وَعَلَى بَائِعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ سَقْيُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَبَعْدَهَا عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
انْعِقَادِ بِزْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ نَفْضِهِ أَوْ بَاعَهُ دُونَهُ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْبِزْرِ وَالْكَتَّانِ ز ي أج. وَقَوْلُهُ " قَبْلَ انْعِقَادِ بِزْرِهِ " فِيهِ أَنَّهُ لَا كَتَّانَ فِيهِ حِينَئِذٍ يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَا يَظْهَرُ كَلَامُ الزِّيَادِيِّ، إلَّا إنْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ مُدَّةً يَكْمُلُ فِيهَا وَيَكُونُ الْبِزْرُ لِلْمُشْتَرِي إذَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ.
قَوْلُهُ: (الدِّرَاسِ) وَفِي نُسْخَةٍ: الدِّيَاسِ، مَصْدَرُ دَاسَ الرَّجُلُ الْحِنْطَةَ يَدُوسُهَا بِمَعْنَى دَرَسَهَا. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الدِّيَاسِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ هُوَ مَجَازٌ وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ دَاسَ الْأَرْضَ إذَا شَدَّدَ وَطْأَهُ عَلَيْهَا بِقَدَمِهِ،. اهـ. مِصْبَاحٌ.
قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ صَلَاحِ مَا مَرَّ إلَخْ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ: اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالنُّضْجُ وَالِاشْتِدَادُ وَالطُّولُ وَالْكِبَرُ وَالتَّشْقِيقُ وَالِانْفِتَاحُ كَحُمْرَةِ الْعُنَّابِ وَذَهَابِ مَرَارَةِ الرُّمَّانِ بِحَلَاوَةِ الْحُلْوِ وَحُمُوضَةِ الْحَامِضِ وَنُضْجِ التِّينِ وَالْبِطِّيخِ وَاشْتِدَادِ الْقَمْحِ وَطُولِ الْبُقُولِ وَكِبَرِ الْقِثَّاءِ وَانْشِقَاقِ مَا لَهُ كِمَامُ الْقُطْنِ وَالْجَوْزِ. اهـ. ح ل. وَالْبُقُولُ هِيَ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) وَهُوَ الزَّرْعُ. قَوْلُهُ: (يَطَّلِعُ فِيهَا) أَيْ بِسَبَبِهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ فِي أَوَانِهَا، فَيَكُونُ كَلَامُهُ عَلَى حَذْفٍ مُضَافٍ. قَوْلُهُ:(الْأَبْيَضِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْبَيَاضَ لَوْنٌ لَهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَلَوِّنِ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لَهُ لَوْنٌ بَعْدَ آخَرَ وَالْبَيَاضُ لَازِمٌ لَهُ.
قَوْلُهُ: (لِينُهُ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ) وَمِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ اللَّيْمُونُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي الصُّفْرَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُتَلَوِّنِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ) ظَاهِرُ عَطْفِهِ عَلَى الثَّمَرِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَالْقِثَّاءُ أُخْتُ الْخِيَارِ وَتَصَرَّفَ مَعَ مَدِّهَا.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْوَرْدِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الزَّرْعِ لِأَنَّهُ مِنْ الثَّمَرِ.
قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ التَّبَعِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ جِهَتُهَا مُخْتَلِفَةً، فَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ إذَا بَدَا صَلَاحُ الْبَعْضِ وَإِنْ قَلَّ يَتْبَعُهُ. وَيُلْحَقُ بِهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ الْجَمِيعِ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ كَبُدُوِّ صَلَاحِ كُلِّهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ " كَظُهُورِهِ " فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ أَوَّلًا ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ " كَظُهُورِهِ " فَصَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا فِيهِ حَوَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ. وَصُورَةُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ تُبَاعَ الْأَشْجَارُ فَقَطْ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا وَقْتَ الْعَقْدِ ظَاهِرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَلَا تَتْبَعُ الشَّجَرَةُ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُهَا وَلَوْ قَلِيلًا فَإِنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ يَتْبَعُ وَيُلْحَقُ بِمَا ظَهَرَ فِي كَوْنِ كُلٍّ لِلْبَائِعِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَثَمَرَةُ شَجَرٍ مَبِيعٍ إنْ شُرِطَتْ لِأَحَدِهِمَا فَلَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ لِبَائِعٍ وَإِلَّا فَلِمُشْتَرٍ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ لِبَائِعٍ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ وَبُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَعَقْدٌ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، اهـ. وَقَوْلُهُ " وَإِنَّمَا تَكُونُ لِبَائِعٍ " مَعَ قَوْلِهِ " وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ كَظُهُورِهِ " يُفِيدُ أَنَّ الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِيمَا هُنَا، فَيُقَالُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ كَاَلَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ وَبُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَعَقْدٌ، وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَيُشْتَرَطُ الْقَطْعُ فِيمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ دُونَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى بَائِعٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مَالِكِ الْأُصُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ، أَيْ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ كَيَّالِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. قَالَ الزِّيَادِيُّ: إيضَاحُهُ أَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ الْبَقَاءَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالسَّقْيِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " وَعَلَى بَائِعٍ مَا بَدَا صَلَاحُهُ " أَيْ حَيْثُ بَاعَهُ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ مِنْ شَجَرٍ وَأَرْضٍ، فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ سَقْيٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ السَّقْيُ إذَا بَاعَهُ مَعَ الْأَصْلِ بِالْأَوْلَى، قَالَ ع ش: بَقِيَ مَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِزَيْدٍ ثُمَّ بَاعَ الشَّجَرَةَ لِعَمْرٍو هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ السَّقْيُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ اللُّزُومُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ السَّقْيُ فَبَيْعُ الشَّجَرَةِ لِغَيْرِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا الْتَزَمَهُ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ السَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ
الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو وَيَسْلَمُ مِنْ التَّلَفِ وَالْفَسَادِ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ مُشْتَرِيهِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، فَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ، فَإِنْ وَقَعَ اخْتِلَاطٌ فِيهِ أَوْ فِيمَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِهِ الْبَائِعُ، فَإِنْ بَادَرَ الْبَائِعُ وَسَمَحَ سَقَطَ خِيَارُهُ. أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَلْ إنْ تَوَافَقَا عَلَى قَدْرٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ، وَالْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْمُشْتَرِي.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ مَا فِيهِ الرِّبَا) مِنْ الْمَطْعُومِ (بِجِنْسِهِ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَلَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ، كَالرَّطْبِ بِالرَّطْبِ وَالْحِصْرِمِ بِالْحِصْرِمِ، وَاللَّحْمِ بِاللَّحْمِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَالرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَاللَّحْمِ بِقَدِيدِهِ إلَّا اللَّبَنَ وَمَا شَابَهَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ، وَأَنْ لَا يَتَعَذَّرَ السَّقْيُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الْإِبْقَاءَ) أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، فَلَوْ بِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ. اهـ. مَنْهَجٌ. أَمَّا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَيَلْزَمُهُ. وَلَا يُقَالُ شَرْطُ الْقَطْعِ قَطْعُ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ. وَالْعَلَقَةُ هِيَ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلْزَمُهُ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَغَيْرِهِ؛ لَكِنْ قَالَ سم: أَمَّا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْقَلْعِ؛ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ، أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ،. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) تَنَازَعَ فِيهِ يَتَصَرَّفُ وَيَدْخُلُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخَّرَ قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ تَلِفَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ) أَيْ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ) أَيْ فَوْرًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا يَغْلِبُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ خَوْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ وَيُكَلَّفُ قَطْعُهُ عِنْدَ خَوْفٍ إلَخْ؛ وَأَمَّا الشَّرْطُ فَفِي الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ صَارَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ) فَلَوْ وَقَعَ الْفَسْخُ وَالْمُسَامَحَةُ مَعًا هَلْ يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَأَجَازَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْآخَرُ حَيْثُ يُرَجَّحُ الْفَسْخُ أَوْ لَا نَظَرًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ؟ نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ الزِّيَادِيِّ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْأَصْلُ تَقْرِيرُ الْعُقُودِ اهـ أج. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ وَالْمُسَامَحَةُ مَعًا فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ رِعَايَةً لِبَقَاءِ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ الرِّبَا إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهَا فِي بَابِ الرِّبَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَكَذَا الْمَطْعُومَاتُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ فِي الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي بَيْعِ الْمَطْعُومِ بِمِثْلِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُمَاثَلَةِ أَنْ تَكُونَ حَالَ الْجَفَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمَتْنُ وَالشَّرْحُ. قَوْلُهُ: (رَطْبًا) حَالٌ مِنْ " مَا ".
قَوْلُهُ: (وَلَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ) مَعَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَبْلَ الْغَايَةِ شَيْءٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ.
قَوْلُهُ: (وَالْحِصْرِمِ) وَهُوَ حَبُّ الْعِنَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْعِنَبِ وَأَمَّا حَبُّ الرُّطَبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَيُسَمَّى بُسْرًا وَكَذَا قِيلَ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحِصْرِمُ كَزِبْرِجٍ الثَّمَرُ قَبْلَ النُّضْجِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا اللَّبَنَ وَمَا شَابَهَهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " وَمَا شَابَهَهُ " إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ أَوْ إشَارَةٌ إلَى كُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ م د. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: إلَّا اللَّبَنَ إلَخْ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مَغْلِيٍّ بِالنَّارِ وَغَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْمَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ وَلَا فَرْقَ فِي اللَّبَنِ بَيْنَ الْحَلِيبِ وَغَيْرِهِ،
كَالْأَدْهَانِ وَالْخُلُولِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا وَاتَّحَدَ جِنْسُهُمَا اُشْتُرِطَ التَّمَاثُلُ وَإِلَّا فَلَا، وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ وَقُلْنَا الْمَاءُ الْعَذْبُ رِبَوِيٌّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا وَهُمَا جِنْسَانِ كَخَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ وَخَلِّ الرُّطَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ جَازَ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. وَالْخُلُولُ تُتَّخَذُ غَالِبًا مِنْ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، وَيَنْتَظِمُ مِنْ هَذِهِ الْخُلُولِ عَشْرُ مَسَائِلَ. وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مَعَ نَفْسِهِ ثُمَّ تَأْخُذَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَلَا تَأْخُذُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّك قَدْ عَدَدْته قَبْلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَيَجُوزُ حَلِيبٌ بِحَلِيبٍ أَوْ رَائِبٌ بِرَائِبٍ أَوْ مَخِيضٌ خَالِصٌ مِنْ الزُّبْدِ بِمِثْلِهِ أَوْ أَقِطٍ بِمِثْلِهِ خَالِصٍ مِنْ الْمِلْحِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ هَذِهِ بِبَعْضٍ مَا عَدَا الْمَخِيضَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ الْمَخِيضِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِالْمَخِيضِ وَلَا بِالْجُبْنِ وَلَا الْجُبْنِ بِالْجُبْنِ وَلَا الزُّبْدِ بِالزُّبْدِ وَلَا الْأَقِطِ بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ فِيهِ مِلْحٌ وَلَا الْمَصْلُ بِمِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: (وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا وَاتَّحَدَ جِنْسُهُمَا) هَاتَانِ صُورَتَانِ. وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْجِنْسُ، " فَلَا " أَيْ لَا يُشْتَرَطُ التَّمَاثُلُ صُورَةً وَاحِدَةً. وَقَوْلُهُ " وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ إلَخْ " هَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ " وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ " صُورَةً وَاحِدَةً. وَقَوْلُهُ " وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا " فِيهِ صُورَتَانِ، هَذِهِ ثَمَانِيَةٌ صَرِيحَةٌ مِنْ كَلَامِهِ، وَبَقِيَ صُورَتَانِ تُفْهَمَانِ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا وَهُمَا جِنْسَانِ " فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَفِي هَذَا صُورَتَانِ.
قَوْلُهُ: (كَخَلِّ الْعِنَبِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ.
قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ.
قَوْلُهُ: (تُتَّخَذُ غَالِبًا مِنْ الْعِنَبِ) وَزَادَ الرَّمْلِيُّ بِهَامِشِ الرَّوْضِ اتِّخَاذُهَا مِنْ عَصِيرِ الرُّمَّانِ وَعَصِيرِ الْقَصَبِ. وَأَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فِي الْقَصَبِ فَقَالَ:
مُهَفْهَفَةُ الْأَعْطَافِ عَذْبُ مَذَاقِهَا
…
تَفُوقُ الْقَنَا لَكِنْ بِغَيْرِ سِنَانِ
وَتَأْخُذُ كُلَّ النَّاسِ مِنْهَا مَنَافِعَا
…
وَتُؤْكَلُ قَبْلَ الْعَصْرِ فِي رَمَضَانِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ " الْقَنَا هُوَ الرُّمْحُ الصَّغِيرُ.
قَوْلُهُ: (الْأَوْلَى بَيْعُ إلَخْ) وَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ. وَقَوْلُهُ " وَالثَّالِثَةُ بَيْعٌ إلَخْ " وَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا الرَّابِعَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ.
قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى الزَّيْتُونُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا اُسْتُثْنِيَ اللَّبَنُ. وَقَدْ يُقَالُ لَا رُطُوبَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ دُهْنٌ وَالْجَفَافُ مَوْجُودٌ فِيهِ، شَرْحُ تَصْحِيحٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ؛ أَيْ فَلَا اسْتِثْنَاءَ. وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ خَلَّيْنِ لَا مَاءٌ فِيهِمَا جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا كَخَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ عِنَبٍ وَخَلِّ رَطْبٍ بِخَلِّ رَطْبٍ وَخَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ رَطْبٍ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَخَلِّ زَبِيبٍ بِخَلِّ رَطْبٍ وَخَلِّ تَمْرٍ بِخَلِّ عِنَبٍ، وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ كَخَلِّ زَبِيبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ وَخَلِّ تَمْرٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَخَلِّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَخَلِّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ وَخَلِّ رَطْبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ رِبَوِيٌّ فَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ عَذْبًا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْعَرَايَا) أَيْ تُسْتَثْنَى وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا لِلْأَكْلِ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ قَوْلُهُ (وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا وَذِكْرُ الضَّمِيرِ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا دُونَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَحَلُّ الرُّخْصَةِ فِيمَا دُونَ إلَخْ، فَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُسْتَثْنَى الْمُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا الْعَرَايَا، أَيْ وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ إلَخْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدُّونُ زِيَادَةً عَلَى التَّفَاوُتِ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، وَلَا يَكْفِي نَقْصُ رُبْعِ مُدٍّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، سُلْطَانٌ. وَقَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدُّونُ " أَيْ الْحَاصِلُ بِهِ النَّقْصُ عَنْ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَقَوْلُهُ " وَلَا يَكْفِي " أَيْ فِي مَحَلِّ النَّقْصِ عَنْ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ نَقَصَ رُبْعُ مُدٍّ؛ أَيْ لِأَنَّ رُبْعَ الْمُدِّ يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ وَقَدْ اُشْتُرِطَ فِي النَّقْصِ