المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في اللقطة - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في اللقطة

مَا تُعَدُّ بِهِ وَاصِلًا مَأْمُورٌ بِهَا، وَتَحْصُلُ بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

وَهِيَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَإِسْكَانِهَا لُغَةً الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ وَشَرْعًا مَا وُجِدَ مِنْ حَقٍّ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ مُحْتَرَزٍ لَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ الْآمِرَةُ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، إذْ فِي أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ وَالرَّدِّ بِرٌّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الرَّحِمِ وَامْرَأَةٌ مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ أَيْتَامًا فَتَقُومُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ أَوْ يَمُوتُوا وَرَجُلٌ اتَّخَذَ طَعَامًا وَدَعَا إلَيْهِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ» . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْت فِي الْجَنَّةِ قُصُورًا مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ يُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا وَظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، فَقُلْت: يَا جِبْرِيلُ لِمَنْ هَذِهِ الْمَنَازِلُ؟ قَالَ: لِمَنْ وَصَلَ الْأَرْحَامَ وَأَفْشَى السَّلَامَ وَأَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَفَقَ بِالْأَيْتَامِ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» . وَيُقَالُ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهَا يَزِيدُ فِي حَسَنَاتِهِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ وَيُوَسِّعُ اللَّهُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ: أَوَّلُهَا: مَنْ دَاوَمَ عَلَى الصَّدَقَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَمَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ، وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَمْ يُسْرِفْ، وَمَنْ أَطَاعَ وَالِدَيْهِ وَدَاوَمَ عَلَى طَاعَتِهِمَا ذَكَرَهُ فِي سَفِينَةِ الْأَبْرَارِ. وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الصِّلَةِ سُنَّةً وَقَطْعُهَا حَرَامٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ الْقَطْعِ إذَا سَبَقَ لَهُ مَعْرُوفٌ مَعَهُمْ، وَأَنَّ سُنَّةَ الصِّلَةِ بِالنَّظَرِ لِابْتِدَاءِ فِعْلِ الْمَعْرُوفِ مَعَهُمْ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِ الْمَعْرُوفِ مَعَ الْأَقَارِبِ سُنَّةٌ وَأَنَّ قَطْعَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ كَبِيرَةٌ كَمَا فِي سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَهُ دَوَامًا وَاجِبٌ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَاسَلَةُ) أَيْ بِغَيْرِ مُكَاتَبَةٍ وَإِلَّا فَعَطْفُهَا مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ وُجُوهِ الْإِحْسَانِ ق ل.

[فَصْلٌ فِي اللُّقَطَةِ]

هِيَ نَوْعٌ مِنْ الْكَسْبِ كَمَا أَنَّ الْهِبَةَ نَوْعٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ، فَلِذَا ذَكَرَهَا عَقِبَ الْهِبَةِ، وَلَوْ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْقَرْضِ لَكَانَ أَنْسَبَ، لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقْرَضَهَا لِلْمُلْتَقِطِ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ هَذَا الْكِتَابَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْقَرْضَ فَهُنَا وَقَعَ فِي مَرْكَزِهِ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَالَ م ر: إنَّمَا ذَكَرَهَا عَقِبَ الْهِبَةِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَعَقَّبَهَا غَيْرُهُ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكٌ مِنْ الشَّارِعِ اهـ وَذَكَرَهَا فِي التَّحْرِيرِ عَقِبَ الْغَصْبِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِيلَاءٌ إلَّا أَنَّ هَذَا جَائِزٌ وَالْغَصْبُ حَرَامٌ، وَفِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ لِجَوَازِ التَّمَلُّكِ وَمَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ أَمِينًا عَلَيْهَا وَمُتَوَلِّيًا حِفْظَهَا، وَالْمُغَلَّبُ فِيهَا الْأَوَّلُ لِصِحَّةِ لَقْطِ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِسْكَانُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَقِيلَ إنَّهَا بِفَتْحِ الْقَافِ: اسْمٌ لِلَّاقِطِ أَيْ الشَّخْصِ الْمُلْتَقِطِ، وَبِإِسْكَانِهَا: لِلشَّيْءِ الْمَلْقُوطِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْفَعْلَةَ بِالْإِسْكَانِ لِلْمَفْعُولِ كَالضَّحْكَةِ وَبِالتَّحْرِيكِ لِلْفَاعِلِ وَالتَّحْرِيكُ لِلْمَفْعُولِ نَادِرٌ. اهـ. زِيَادِيٌّ: قَوْلُهُ: (مَا وُجِدَ) أَيْ مَالٌ أَوْ اخْتِصَاصُ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ عَاقِلًا كَالرَّقِيقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ غَلَبَ غَيْرُ الْعَاقِلِ عَلَى الْعَاقِلِ. قَوْلُهُ:(لَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ) أَيْ وَقَدْ ضَاعَ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ، فَخَرَجَ مَا طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ أَوْ أَلْقَتْهُ فِي دَارِك وَمَا أَلْقَاهُ هَارِبٌ كَذَلِكَ أَوْ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ وَوَدَائِعَ عِنْدَك لَمْ تَعْرِفْ صَاحِبَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَمِنْ هَذَا جَمَلٌ أَثْقَلُهُ حَمْلُهُ فَتَرَكَهُ صَاحِبُهُ فِي الْبَرِّيَّةِ فَالْأَمْرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْ الْعَادِلِ وَإِلَّا تَصَرَّفَ فِيهِ وَاجِدُهُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِذَا ظَهَرَ مَالِكُهُ أَخَذَهُ وَوَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ، وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَالِكِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ أَيْ بِلَا إذْنٍ وَلَا إشْهَادٍ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجَمَلِ الْمَذْكُورِ: يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهِ بِالنَّفَقَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاللَّيْثُ، يَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ. اهـ. ق ل؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَالِكَهُ أَعْرَضَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ) أَيْ إعَانَةً كَامِلَةً؛ وَإِلَّا فَاَللَّهُ فِي عَوْنِ كُلِّ أَحَدٍ دَائِمًا، وَانْظُرْ مَعْنَى هَذِهِ الظَّرْفِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ " فِي " زَائِدَةٌ

ص: 273

وَإِحْسَانٌ، وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ:«وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»

(وَإِذَا وَجَدَ) أَيْ الْحُرُّ (لُقَطَةً فِي مَوَاتٍ أَوْ طَرِيقٍ) وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ آمِنٌ فِي الْحَالِ، خَشْيَةَ الضَّيَاعِ أَوْ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ (فَلَهُ أَخْذُهَا) جَوَازًا لِأَنَّ خِيَانَتَهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَعَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ (وَ) لَهُ (تَرْكُهَا) خَشْيَةَ اسْتِهْلَاكِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَضْمَنُ بِالتَّرْكِ، فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْأَخْذُ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ. وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ ابْتِدَاءً وَتَمْلِيكٌ انْتِهَاءً وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، فَإِنْ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَكَأَنَّ سَيِّدَهُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَأَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ كَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطُ سَيِّدًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ أَقَرَّهَا فِي يَدِهِ سَيِّدُهُ وَاسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا لِيُعَرِّفَهَا وَهُوَ أَمِينٌ جَاءَ وَإِلَّا فَلَا

وَتَصِحُّ اللُّقَطَةُ مِنْ مُكَاتَبٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ، وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ الْمَمْلُوكُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعَوْنٌ " بِمَعْنَى مُعِينٍ وَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّامِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَاَللَّهُ مُعِينٌ لِلْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ مُعِينًا لِأَخِيهِ.

قَوْلُهُ: (فِي مَوَاتٍ) أَيْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ تُخَمَّسُ خُمُسُهَا لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْمُلْتَقِطِ ح ل. قَوْلُهُ:(أَوْ طَرِيقٍ) وَمِنْهَا الشَّارِعُ لِأَنَّهُ الطَّرِيقُ النَّافِذُ فِي الْأَبْنِيَةِ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ الْمَسْجِدُ وَالرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ لِأَنَّهَا أَمَاكِنُ مُشْتَرَكَةٌ فَلَا يَخْتَصُّ مَا يُوجَدُ فِيهَا بِأَحَدٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا كَانَ مَظِنَّةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَالْحَمَّامِ وَالْقَهْوَةِ وَالْمَرْكَبِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَثِقْ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ: وَأَخْذُهَا أَوْلَى إلَخْ، وَلِمُنَاسَبَةِ اللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ق ل، أَيْ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا. قَوْلُهُ:(خَشْيَةَ الضَّيَاعِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا جَوَازًا، أَيْ يُبَاحُ لَهُ أَخْذُهَا خَشْيَةَ الضَّيَاعِ، أَيْ لَوْ تَرَكَهَا، وَلَمْ يُنْدَبْ خَشْيَةَ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ؛ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ:" وَلِأَنَّ الْخِيَانَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ إلَخْ " بِوَاوِ الْعَطْفِ م د. وَقَوْلُهُ " خَشْيَةَ طُرُوُّ إلَخْ " هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ " عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ وَهُوَ الَّذِي قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ " وَلَمْ يُنْدَبْ " وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ " وَلَهُ تَرْكُهَا " فَمَجْمُوعُ قَوْلِهِ " خَشْيَةَ إلَخْ " عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ " فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَرْكُهَا " لَكِنْ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ خَشْيَةِ اسْتِهْلَاكِهَا عِلَّةً ثَانِيَةً فَالْمُنَاسِبُ الْوَاوُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ، وَلَا يَخْفَى بَعْدُ مَا قَالَهُ الْمَدَابِغِيُّ، وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مَفْعُولًا لِقَوْلِهِ " وَهُوَ آمِنٌ " أَيْ وَهُوَ آمِنٌ خَوْفَ الضَّيَاعِ وَآمِنٌ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ طُرُوُّ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّيَاعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ خِيَانَتَهُ إلَخْ) أَمَّا إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا كَالْوَدِيعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ) أَيْ مِنْ الْخِيَانَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُنْدَبُ لَهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَتْنِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ اللُّقَطَةَ تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: فَتَكُونُ مُبَاحَةً إذَا أَمِنَ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَسُنَّةً إذَا وَثِقَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَوَاجِبَةً إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَعَلِمَ ضَيَاعَهَا لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا، وَمَكْرُوهَةً لِلْفَاسِقِ، وَحَرَامًا إذَا نَوَى الْخِيَانَةَ؛ وَعَلَى كُلٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَهَا وَلَوْ فِي صُورَةِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إنْ وَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ نُدِبَ لَهُ الِالْتِقَاطُ، إنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ آمِنٌ فِي الْحَالِ أُبِيحَ لَهُ الْأَخْذُ مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا وَإِلَّا كُرِهَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ آمِنًا فِي الْحَالِ وَمُحَقِّقًا مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَصَارَ ضَامِنًا إنْ أَخَذَهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. اهـ. م د، وَتَكُونُ وَاجِبَةً إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ حَالًا وَمَآلًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَمِينٌ غَيْرُهُ. وَقَوْلُهُ " وَمَكْرُوهَةً لِلْفَاسِقِ " أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَإِنْ عُلِمَتْ أَمَانَتُهُ فِي الْأَمْوَالِ حَجّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَابَ يُكْرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْخِيَانَةِ حَالَ الْأَخْذِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (الرَّقِيقُ) أَيْ كُلًّا.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ سَيِّدَهُ سم. قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَفِي نُسْخَةٍ: " أَهْلِهِمَا " بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى لِغَيْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الرَّقِيقَ مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ. وَهَلْ إذْنُهُ لَهُ فِي الِاكْتِسَابِ مُطْلَقًا إذْنٌ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ بَحَثَ الزَّرْكَشِيّ تَرْجِيحَ أَوَّلِهِمَا اهـ سم. قَوْلُهُ:(وَلَوْ أَقَرَّهَا فِي يَدِهِ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ، فَإِقْرَارُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ اهـ.

قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ وَكَانَ قَائِمًا مَقَامَ الْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّقِيقُ أَمِينًا، فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ لَهُ وَكَانَ مُتَعَدِّيًا بِالْإِقْرَارِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ فَيَضْمَنُهَا السَّيِّدُ وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَمِنْهَا رَقَبَةُ الْعَبْدِ فَيُقَدِّمُ صَاحِبَهَا بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ الْعَبْدُ فَقَطْ كَمَا شُرِحَ فِي م ر، وَلِبَعْضِهِمْ:

ص: 274

فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بَلْ هِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ فِيهِ إذَا ادَّعَاهَا وَإِلَّا فَلِمَنْ كَانَ مَالِكًا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمُحْيِي، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا كَانَتْ لُقَطَةً كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَبِغَيْرِ الْوَاثِقِ بِنَفْسِهِ الْوَاثِقُ بِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَخْذُهَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا) فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ (إنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ) مِنْ نَفْسِهِ (مِنْ الْقِيَامِ بِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَسُنَّ إشْهَادٌ بِهَا مَعَ تَعْرِيفِ شَيْءٍ مِنْ اللُّقَطَةِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالْإِشْهَادِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد:«مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ» عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ. وَتَصِحُّ لُقَطَةُ الْمُبَعَّضِ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالذِّمَّةِ، وَلُقَطَتُهُ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ فِي غَيْرِ مُهَايَأَةٍ فَيُعَرِّفَانِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَضْمَنُ عَبْدٌ تَالِفًا فِي ذِمَّتِهْ

إنْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ دُونَ سَادَتِهْ

وَإِنْ يَكُنْ بِلَا رِضَا مَنْ اسْتَحَقْ

فَلَيْسَ إلَّا بِالرَّقِيبَةِ اعْتَلَقْ

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ اللُّقَطَةُ مِنْ مُكَاتَبٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. الْأَوْلَى: " وَيَصِحُّ اللَّقْطُ " كَمَا فِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ، أَيْ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، أَيْ الْمَلْقُوطِ، بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَتَمَلُّكِهِ، فَإِنْ رُقَّ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَفِظَهُ الْمَالِكُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ. فَرْعٌ: أَفْتَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا الْآذِنُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْمُبَعَّضِ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَغْلِيبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. اهـ. شَوْبَرِيٌّ

قَوْلُهُ: (كِتَابَةً صَحِيحَةً) أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَكَالْقِنِّ شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ) أَيْ وَالطَّرِيقُ لِأَنَّهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي الْمَتْنِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا عَنْ الْكَلَامِ فِي الْمُبَعَّضِ الْآتِي تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ. قَوْلُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَمْلُوكِ. وَقَوْلُهُ " لِلتَّمَلُّكِ " أَيْ وَلَا لِلْحِفْظِ. وَقَوْلُهُ " بَعْدَ التَّعْرِيفِ " ظَرْفٌ لِلتَّمَلُّكِ. وَقَوْلُهُ " لِصَاحِبِ الْيَدِ " بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ زي. وَقَوْلُهُ " فِيهِ " أَيْ فِي الْمَمْلُوكِ. قَوْلُهُ:(مَالِكًا) لَوْ قَالَ: لِذِي الْيَدِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لِلْمُحْيِي وَإِنْ نَفَاهَا، فَقَوْلُهُ:" كَانَتْ لُقَطَةً " ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَبِغَيْرِ الْوَاثِقِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَثِقْ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: الْوَاثِقُ أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ: الْوَاثِقُ بِهَا أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى ثِقَةٍ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْقِيَامِ بِهَا) أَيْ بِحِفْظِهَا وَمِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِهَا.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ إشْهَادٌ بِهَا) عِبَارَةُ سم: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الِالْتِقَاطِ وَلَا يَجِبُ، وَيَذْكُرَ فِي الْإِشْهَادِ بَعْضَ الصِّفَاتِ وَلَا يَسْكُتَ عَنْهَا لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ. وَقَوْلُهُ " وَسُنَّ إشْهَادٌ " أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَدْلًا. وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي الشَّاهِدِ بِالْمَسْتُورِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَهِرُ غَالِبًا بَيْنَ النَّاسِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْمَسْتُورِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِشْهَادِ هُنَا أَمْنُ الْخِيَانَةِ فِيهَا وَجَحْدُ الْوَارِثِ لَهَا فَلَمْ يُكْتَفَ بِالْمَسْتُورِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَمَحَلُّ سَنِّ الْإِشْهَادِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مُتَغَلِّبًا إذَا عَلِمَ بِهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ الْإِشْهَادُ وَالتَّعْرِيفُ اهـ.

قَوْلُهُ: (مَعَ تَعْرِيفِ شَيْءٍ مِنْ اللُّقَطَةِ) أَيْ مِنْ أَوْصَافِهَا، وَالْمَحَلُّ لِلْإِضْمَارِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِلشُّهُودِ، فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ وَلَا يَضْمَنُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوْعَبَ الْأَوْصَافَ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ. قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ اسْتِيعَابَهَا لِلشُّهُودِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهَا حَرُمَ وَضَمِنَ اهـ، فَمَحَلُّ سَنِّ الْإِشْهَادِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْتُمُ) أَيْ لَا يَكْتُمُ اللُّقَطَةَ بِأَنْ لَا يُعَرِّفَهَا، وَلَا يُغَيِّبَهَا عَنْ النَّاسِ بِأَنْ يَتْرُكَ تَعْرِيفَهَا؛ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ:(عَلَى النَّدْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " حَمَلُوا " وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْعَدْلَيْنِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْإِشْهَادُ وَاجِبًا لَمْ يَكْفِ الْعَدْلُ. قَوْلُهُ:(وَتَصِحُّ لُقَطَةُ الْمُبَعَّضِ) لَوْ قَالَ " لَقْطُ الْمُبَعَّضِ " لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ وَالْمَوْصُوفُ بِالصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ، وَسَوَاءٌ تَسَاوَى الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ أَوْ لَا؛ وَلَا يُنَافِيهِ التَّشْبِيهُ بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ " كَشَخْصَيْنِ

ص: 275

وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَا. وَفِي مُنَاوَبَةٍ لِذِي نَوْبَةٍ كَبَاقِي الْأَكْسَابِ، كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَرِكَازٍ، وَالْمُؤَنُ كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَحَجَّامٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ، فَالْأَكْسَابُ لِمَنْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وَجَبَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَتِهِ، وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَالْجِنَايَةِ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ يَشْمَلُهُمَا.

وَكُرِهَ اللَّقْطُ لِفَاسِقٍ لِئَلَّا تَدْعُوَهُ نَفْسُهُ إلَى الْخِيَانَةِ، فَيَصِحُّ اللَّقْطُ مِنْهُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ مَعْصُومٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَاصْطِيَادِهِمْ وَاحْتِطَابِهِمْ، وَتُنْزَعُ اللُّقَطَةُ مِنْهُمْ وَتُسَلَّمُ لِعَدْلٍ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ لِعَدَمِ أَمَانَتِهِمْ.

وَيُضَمُّ لَهُمْ مُشْرِفٌ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنْ تَمَّ التَّعْرِيفُ تَمَلَّكُوا. وَتَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَيَنْزِعُ اللُّقَطَةَ مِنْهُمَا وَلِيُّهُمَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْتَقَطَا " قَالَ سم: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُبَعَّضِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الِالْتِقَاطُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ إذَا كَانَتْ مُهَايَأَةً وَحَصَلَتْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي غَيْرِ الْمُهَايَأَةِ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؛ فَإِنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ عَنْ الِالْتِقَاطِ فَالْتَقَطَ صَحَّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحُرِّيَّةِ، وَيَخْتَصُّ بِهَا حِينَئِذٍ الْمُبَعَّضُ الْمَذْكُورُ. وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ إلَّا فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ اللُّقَطَةِ فِي أَيِّ النَّوْبَتَيْنِ صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ، فَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا أَوْ لَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَجُعِلَتْ بَيْنَهُمَا اهـ سم.

قَوْلُهُ: (كَبَاقِي الْأَكْسَابِ) يَرْجِعُ لِلْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا. وَقَوْلُهُ " وَالْمُؤَنِ " بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى " بَاقِي ".

قَوْلُهُ: (فَالْأَكْسَابُ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ وَالْمُؤَنِ بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لِلْمُؤَنِ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَةِ الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ بِوُجُودِهِ وَفِي الْمُؤَنِ بِوَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهَا كَالْمَرَضِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وَجَدَ إلَخْ " ضَعِيفٌ، فَإِذَا مَرِضَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَاحْتِيجَ لِلدَّوَاءِ فِي نَوْبَتِهِ هُوَ لَزِمَهُ، وَعَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ. وَالضَّابِطُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْمُبَعَّضَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِذِي النَّوْبَةِ إلَّا فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ فَلَا يَتْبَعُ النَّوْبَةَ بَلْ الرَّقَبَةَ م د، وَلَوْ جَعَلَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ شَامِلًا لِلْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ) فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا كَانَ نِصْفُهُ رَقِيقًا وَنِصْفُهُ حُرًّا تَعَلَّقَ نِصْفُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِنِصْفِ الرَّقِيقِ فَيُبَاعُ فِيهِ أَوْ يَفْدِيهِ السَّيِّدُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُبَعَّضِ؛ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ " لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ إلَخْ " يُفْهَمُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْحُرَّ بِالرَّقَبَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ لَهَا لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالرَّقَبَةِ بَيْعُهَا فِيهِ وَالنِّصْفُ الْحُرُّ لَا يُبَاعُ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالتَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ مَا يَشْمَلُ التَّعَلُّقَ بِالذِّمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ) فَإِذَا كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا وَقَطَعَ شَخْصٌ يَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ وَيَكُونُ لَهُ أَيْ لِلْمُبَعَّضِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَاطِعِ أَيْضًا رُبُعُ الْقِيمَةِ نَظَرًا لِنِصْفِهِ الرَّقِيقِ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ.

قَوْلُهُ: (يَشْمَلُهُمَا) أَيْ الْجِنَايَةَ مِنْهُ وَالْجِنَايَةَ عَلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ. " يَشْمَلُهَا " أَيْ الْجِنَايَةَ بِقِسْمَيْهَا، وَهُمَا صَحِيحَتَانِ.

قَوْلُهُ: (وَكُرِهَ اللَّقْطُ لِفَاسِقٍ) إنْ الْتَقَطَهَا لِلتَّمَلُّكِ وَأَمَّا لَقْطُهَا لِلْحِفْظِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ ق ل.

وَقَوْلُهُ " لِفَاسِقٍ " أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْخِيَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ) وَالْأَوْجَه أَنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ، فَلِمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهَا خ ض. وَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدُ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا.

قَوْلُهُ: (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ لَا بِدَارِ الْحَرْبِ، فَمَا وُجِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا فَغَنِيمَةٌ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ فَلُقَطَةٌ احْتِرَامًا لِلْمُسْلِمِ وَتَغْلِيبًا لَهُ. اهـ. زِيَادِيٌّ. وَقَوْلُهُ:" وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ " أَيْ الْوَاجِدِ لَهَا وَهُوَ الْكَافِرُ الْمَعْصُومُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ " فِي دَارِ الْإِسْلَامِ " رَاجِعٌ لِلْكَافِرِ الْمَعْصُومِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَتُنْزَعُ اللُّقَطَةُ مِنْهُمْ) أَيْ يَنْزِعُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُمْ فَقَطْ وَيُسَلِّمُهَا لِلْعَدْلِ وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مُنْتَظِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ، فَإِنْ قَصَّرَ فَلَا ضَمَانَ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْكَافِرِ، وَكَذَا فِي الْكَافِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي دِينِهِ وَإِلَّا لَمْ تُنْتَزَعْ مِنْهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (مُشْرِفٌ) أَيْ مُرَاقِبٌ وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ فَعَلَيْهِمْ إنْ قَصَدُوا التَّمَلُّكَ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ تَعْرِيفَهَا

ص: 276

وَيُعَرِّفُهَا وَيَتَمَلَّكُهَا لَهُمَا إنْ رَآهُ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُمَا لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَرَهُ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْقَاضِي وَكَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ السَّفِيهُ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ دُونَهُمَا.

؛ وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لَا لِخِيَانَةٍ بِأَنْ لَقَطَهَا لِحِفْظٍ أَوْ تَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ خِيَانَةً وَلَا غَيْرَهَا، أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَهُ فَأَمِينٌ وَإِنْ قَصَدَ الْخِيَانَةَ بَعْدَ أَخْذِهَا مَا لَمْ يَتَمَلَّكْ أَوْ يَخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا وَإِنْ لَقَطَهَا لِحِفْظٍ وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْخِيَانَةِ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ تَعْرِيفُهَا. وَلَوْ دَفَعَ لُقَطَةً لِقَاضٍ لَزِمَهُ قَبُولُهَا.

(وَإِذَا أَخَذَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمُلْتَقِطُ الْوَاثِقُ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَلَيْهِ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَعْرِفَ) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ (سِتَّةَ أَشْيَاءَ) وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَتَرْكِ مَعْرِفَةَ اثْنَيْنِ كَمَا سَيَظْهَرُ: الْأَوَّلَ أَنْ يَعْرِفَ (وِعَاءَهَا) وَهُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ عَدْلٍ.

قَوْلُهُ: (تَمَلَّكُوا) أَيْ حَتَّى الْمُرْتَدِّ إنْ أَسْلَمَ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً قَبْلَ إسْلَامِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ الِاكْتِسَابُ لَا الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ شَرْحِ م ر، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُمَا؛. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْزِعُ اللُّقَطَةَ مِنْهُمَا) فَإِنْ قَصَّرَ فِي نَزْعِهَا مِنْهُمَا فَتَلِفَتْ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِمَا ضَمِنَ فِي مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ فَلَا ضَمَانَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَم ر. وَقَوْلُهُ " فَإِنْ يُقَصِّرْ فَلَا ضَمَانَ " أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا عَلَى الْمَجْنُونِ أَيْضًا فِي التَّلَفِ، وَأَمَّا الْإِتْلَافُ فَالضَّمَانُ فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اهـ خ ض. فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ إتْلَافِهِمَا ضَاعَتْ عَلَى صَاحِبِهَا.

قَوْلُهُ: (إنْ رَآهُ) أَيْ مَصْلَحَةً بِأَنْ احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ وَلَهُمَا مَا يُوَفَّى كَدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مَتَاعٍ كَاسِدٍ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ) فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَبَيَانٌ لَهُ، وَلَيْسَ زَائِدًا عَلَيْهِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ جَوَازِ إبْقَائِهَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ يَدَهُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ فِي انْتِزَاعِهَا مِنْهُ فَتَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا الْوَلِيُّ أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي مَالِهِ أَصَالَةً لَا قَرَارًا، فَلَا يُطَالَبُ السَّفِيهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُعْتَرِضًا بِهِ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي قَوْلِ الْقَرَارِ الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ فِي التَّعْجِيزِ، كَمَا لَوْ قَصَّرَ بِتَرْكِ مَا احْتَطَبَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَهُ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَةَ، ثُمَّ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَمَلُّكِهَا لَهُ تَمَلَّكَ لَهُ قِيمَتَهَا هُوَ أَوْ السَّفِيهُ بِإِذْنِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهَا مِنْ الْوَلِيِّ إذْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ. اهـ. سم. وَقَوْلُهُ " ضَمِنَهَا الْوَلِيُّ أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ إلَخْ " عِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ: وَيَضْمَنُ أَيْ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ الْحُكْمُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَمَلُّكٍ) أَيْ فِيمَا يُمْلَكُ أَيْ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِشُرُوطِهِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ اخْتِصَاصٍ " أَيْ فِيمَا لَا يُمْلَكُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْخِيَانَةَ وَغَيْرَهَا. وَوَجْهُهُ فِي قَصْدِ الْخِيَانَةِ أَنَّهُ لَمَّا نَسِيَهَا ضَعُفَ قَصْدُهَا فَكَانَ أَمِينًا وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْحِفْظِ أَوْ التَّمَلُّكِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ قَصَدَ الْخِيَانَةَ) غَايَةٌ، أَيْ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْخِيَانَةِ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ ضَامِنًا، إنْ تَمَلَّكَ أَوْ اخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَمَلَّكْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَأَمِينٌ. أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا مَا لَمْ يُتْلِفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ، شَرْحِ م ر. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ فِي الِاخْتِصَاصِ مَعَ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) هَذَا اسْتِطْرَادٌ لِأَنَّ مَحَلَّهُ سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْخِيَانَةِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا لِخِيَانَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَضَامِنٌ) وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِحَاكِمٍ أَمِينٍ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ تَعْرِيفُهَا أَيْ لِيَتَمَلَّكَهَا بَعْدَهُ، فَالْمَنْفِيُّ التَّمَلُّكُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا لِلْقَاضِي مَا لَمْ يَقْصِدْ الْحِفْظَ وَيَتْرُكُ الْخِيَانَةَ فَإِنْ عَرَّفَهَا فَمُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى قَصْدِ الْأَمَانَةِ وَالْحِفْظِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَفَعَ) أَيْ الْخَائِنُ أَوْ غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ) لِأَنَّ الْوِعَاءَ وَالْعِفَاصَ وَاحِدٌ وَالْعَدَّ وَالْوَزْنَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَشْمَلُهُمَا كَمَا يَشْمَلُ أَيْضًا الْكَيْلَ وَالذَّرْعَ. قَوْلُهُ؛ (مَعْرِفَةُ اثْنَيْنِ) كَانَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: وَتَرْكُ مَعْرِفَةِ أَرْبَعَةٍ كَزِيَادَةِ الْكَيْلِ وَالذَّرْعِ كَمَا يَأْتِي ق ل.

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهُ) أَيْ فِي اللُّغَةِ. وَقَوْلُهُ " كَمَا فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ " هُوَ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَتَحْرِيرُ التَّنْبِيهِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ.

ص: 277

وَالْمَدُّ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) الثَّانِيَ أَنْ يَعْرِفَ (عِفَاصَهَا) وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَأَصْلُهُ كَمَا فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ عَنْ الْخَطَّابِيِّ الْجِلْدُ الَّذِي يَلْبَسُ رَأْسَ الْقَارُورَةِ وَهِيَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُمَا جَمَعَا بَيْنَ الْوِعَاءِ وَالْعِفَاصِ وَالْمَحْكِيُّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْعِفَاصَ هُوَ الْوِعَاءُ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَيَعْرِفُ عِفَاصَهَا وَهِيَ الْوِعَاءُ مِنْ جِلْدٍ وَخِرْقَةٍ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى فَأَطْلَقَ الْعِفَاصَ عَلَى الْوِعَاءِ تَوَسُّعًا، (وَ) الثَّالِثَ: أَنْ يَعْرِفَ (وِكَاءَهَا) وَهُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْمَدِّ مَا تُرْبَطُ بِهِ مِنْ خَيْطٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) الرَّابِعَ: أَنْ يَعْرِفَ (جِنْسَهَا) مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) الْخَامِسَ: أَنْ يَعْرِفَ (عَدَدَهَا) كَاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَ) السَّادِسَ: أَنْ يَعْرِفَ (وَزْنَهَا) كَدِرْهَمٍ فَأَكْثَرَ. أَمَّا كَوْنُهَا تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعٍ فَإِنَّ الْعِفَاصَ وَالْوِعَاءَ وَاحِدٌ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَالْعَدَدُ وَالْوَزْنُ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْقَدْرِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ شَامِلَةٌ لِلْوَزْنِ وَالْعَدَدِ وَالْكَيْلِ وَالذَّرْعِ. وَالسَّابِعَ: وَهُوَ الْمَتْرُوكُ مِنْ كَلَامِهِ أَنْ يَعْرِفَ صِنْفَهَا أَهَرَوِيَّةً أَمْ مَرْوِيَّةً. وَالثَّامِنَ: أَنْ يَعْرِفَ صِفَتَهَا مِنْ صِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ وَنَحْوِهِمَا، وَمَعْرِفَةُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ تَكُونُ عَقِبَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. وَهِيَ سُنَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ. وَفِي الْكَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَيَنْدُبُ كَتْبُ الْأَوْصَافِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَنَّهُ الْتَقَطَهَا فِي وَقْتِ كَذَا.

(وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (أَنْ يَحْفَظَهَا) لِمَالِكِهَا (فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) إلَى ظُهُورِهِ لِأَنَّهَا فِيهَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالِاكْتِسَابِ، فَالْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ أَوَّلًا وَالِاكْتِسَابُ آخِرًا بَعْدَ التَّعْرِيفِ. وَهَلْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ لِأَنَّهُمَا نَاجِزَانِ أَوْ الِاكْتِسَابُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَالْمُرَجَّحُ فِيهَا تَغْلِيبُ الِاكْتِسَابِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ " الْقَارُورَةُ هِيَ مِنْ الزُّجَاجِ وَقَالَ م د هِيَ ظَرْفُ الشَّيْءِ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْقَارُورَةُ إنَاءٌ مِنْ زُجَاجٍ وَالْجَمْعُ الْقَوَارِيرُ وَالْقَارُورَةُ أَيْضًا وِعَاءُ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَهِيَ الْقَوْصَرَّةُ وَتُطْلَقُ الْقَارُورَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ أَوْ الْمَنِيَّ يَقَرُّ فِي رَحِمِهَا كَمَا يَقَرُّ الشَّيْءُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ تَشْبِيهًا بِآنِيَةِ الزُّجَاجِ لِضَعْفِهَا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ) الْمُنَاسِبُ هُوَ أَيْ الْجِلْدُ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ آنِيَةً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُصَنِّفَ وَصَاحِبَ التَّنْبِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْوِعَاءُ) الْأَوْلَى وَهُوَ كَمَا فِي نُسْخَةٍ.

وَيُجَابُ عَنْ التَّأْنِيثِ بِمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ الرَّوْضَةِ. وَقَوْلُهُ " فَأَطْلَقَ " أَيْ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِفَاصِ، بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوِعَاءِ فَجَعَلَ لَهُ مَعْنًى يَخُصُّهُ.

قَوْلُهُ: (تَوَسُّعًا) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ فَلَا تَوَسُّعَ فِيهِ. اهـ. ق ل، فَإِنَّ عِبَارَةَ الْقَامُوسِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا أَوْ خِرْقَةً وَغِلَافُ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدُ الَّذِي يُغَطَّى بِهِ رَأْسُهَا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ حَجّ. قَوْلُهُ:(أَوْ غَيْرُهُ) كَجِلْدٍ.

قَوْلُهُ: (جِنْسَهَا) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلنَّوْعِ وَالصِّفَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِمَا، فَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّهُ عَدَّ الصِّفَةَ وَأَسْقَطَ النَّوْعَ ق ل.

قَوْلُهُ: (كَدِرْهَمٍ) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَرَطْلٍ مَثَلًا لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ الْعَدِّ، إلَّا إنْ قَيَّدَ بِالْوَزْنِ ق ل. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الدِّرْهَمَ مُتَضَمِّنٌ لِلْوَزْنِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْعِفَاصَ وَالْوِعَاءَ وَاحِدٌ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ. وَغَايَرَ أَوَّلًا بَيْنَهُمَا مُجَارَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ق ل هَذَا لَا يُلَائِمُ مَا قَرَّرَ بِهِ الْمَتْنُ مِنْ تَغَايُرِهِمَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ) الْمُنَاسِبُ: فَإِنَّ الْقَدْرَ. قَوْلُهُ: (أَهَرَوِيَّةً) بِفَتَحَاتٍ نِسْبَةً إلَى هَرَاةَ قَرْيَةٌ بِالْعَجَمِ، وَمَرْوِيَّةٌ بِسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ قَرْيَةٌ كَذَلِكَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَوْلُهُ:(وَمَعْرِفَةُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ) الْأَوْلَى الْأَشْيَاءُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ سُنَّةٌ) أَيْ بِقَيْدِ كَوْنِ الْمَعْرِفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَقِبَ الْأَخْذِ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ التَّمَلُّكِ فَوَاجِبَةٌ ق ل عَلَى الْغَزِّيِّ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهَا وَاجِبَةٌ) هُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ (وَيُنْدَبُ كَتْبُ الْأَوْصَافِ) أَيْ خَوْفًا مِنْ نِسْيَانِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي وَقْتِ كَذَا) أَيْ وَفِي مَكَانِ كَذَا.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَخَذَ الشَّارِحُ الْوُجُوبَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ إلَخْ، فَالْمَعْنَى: وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهَا فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْوُجُوبِ لِأَنَّ " عَلَى " لِلْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (مَعْنَى الْأَمَانَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُلْتَقِطَ أَمِينٌ فِيمَا لَقَطَهُ وَالشَّرْعُ وَلَّاهُ حِفْظَهُ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الطِّفْلِ، مَنْهَجٌ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ التَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَجَّحُ فِيهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ،

ص: 278

وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمُغَلَّبَ ذَلِكَ لَمَا صَحَّ الْتِقَاطُهُمَا.

(ثُمَّ إذَا أَرَادَ) الْمُلْتَقِطُ (تَمَلُّكَهَا عَرَّفَهَا سَنَةً) أَيْ مِنْ يَوْمِ التَّعْرِيفِ تَحْدِيدًا، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ غَالِبًا وَتَمْضِي فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَوْ جَعَلَ التَّعْرِيفَ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا فَكَانَ فِي السُّنَّةِ نَظَرٌ لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ مُتَّصِلَةً بَلْ تَكْفِي وَلَوْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْعَادَةِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ حَقِيرَةٍ، وَلَوْ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ فَيُعَرِّفُهَا أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْهِ أُسْبُوعًا ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً طَرَفَهُ أُسْبُوعًا أَوْ أُسْبُوعَيْنِ ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى. وَإِنَّمَا جَعَلَ التَّعْرِيفَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأُوَلِ أَكْثَرَ لِأَنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: قِيلَ وَمُرَادُهُمْ أَنْ يُعَرِّفَ كُلَّ مُدَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَنَى وَارِثُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ

وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَالتَّعْرِيفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّهَا لَا لِنِصْفِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعِيدٌ إذْ لَوْ رَجَعَ إلَيْهَا لَقَالَ " مِنْهَا " وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِاللُّقَطَةِ فِيمَا مَرَّ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهَا أَيْ اللُّقَطَةَ فِيهَا مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبٌ) أَيْ تَقْدِيمُ مُرَاعَاةِ الِاكْتِسَابِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ.

قَوْلُهُ: (الْفَاسِقُ وَالذِّمِّيُّ) وَكَذَا الصَّبِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ الِاكْتِسَابُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إذَا أَرَادَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ الْتَقَطَهَا لِلْحِفْظِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا. وَعِبَارَةُ م د: " إذَا أَرَادَ تَمَلُّكَهَا " لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى مَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ عَلَى الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ يَوْمِ التَّعْرِيفِ) لَا مِنْ الِالْتِقَاطِ، فَالتَّعْرِيفُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ. قَوْلُهُ:(وَالْمَعْنَى) أَيْ الْحِكْمَةُ فِي تَعْرِيفِهَا سَنَةً. قَوْلُهُ: (وَتَمْضِي إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ مَدْخَلِيَّةِ ذَلِكَ فِي الْحِكْمَةِ إذْ لَا دَخْلَ لِلْفُصُولِ فِي ذَلِكَ وَلَا مُنَاسَبَةَ، وَيُمْكِنُ الْمُنَاسَبَةُ بِأَنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَرَتْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ الْقَوَافِلَ كَانَتْ تُسَافِرُ كُلُّ قَافِلَةٍ مِنْهَا فِي فَصْلٍ مِنْ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ:(لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ.

قَوْلُهُ: (لَامْتُنِعَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (نَظَرٌ) أَيْ رِعَايَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرِفْقٌ. قَوْلُهُ: (لِلْفَرِيقَيْنِ) أَيْ الْمَالِكِ وَالْمُلْتَقِطِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَنَةٍ، أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فِي الْقَدْرِ وَالْمَحَلِّ، فَقَوْلُهُ " فَيُعَرِّفُهَا أَوَّلًا إلَخْ " بَيَانٌ لِلْقَدْرِ، وَقَوْلُهُ " وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ " بَيَانٌ لِلْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ وَهَذَا قَيْدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ عَرَّفَهَا سَنَةً، وَمَفْهُومُهُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ) بِأَنْ كَانَ اخْتِصَاصًا عَظِيمَ الْمَنْفَعَةِ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (طَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ إلَخْ) إلَى أَنْ يُتِمَّ أَسَابِيعَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ شَرْحِ م ر. قَالَ الرَّشِيدِيُّ: التَّعْبِيرُ بِيُتِمَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَى أَنْ يُتِمَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الْأُسْبُوعَانِ الْأَوَّلَانِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ كُلُّ شَهْرٍ كَذَلِكَ) أَيْ إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَالْمَرَّةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْرِيبِيَّةٌ. وَالضَّابِطُ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِمَا مَضَى حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَرَّةَ فِي الْأَسَابِيعِ الَّتِي بَعْدَ التَّعْرِيفِ كُلُّ يَوْمٍ لَا تَدْفَعُ النِّسْيَانَ وَجَبَ مَرَّتَانِ كُلَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ مَرَّةٌ كُلَّ أُسْبُوعٍ شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ (قِيلَ إلَخْ) هَذَا فِي مُقَابَلَةِ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيّ نَقَلَ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ طَرَفَهُ فَقَطْ ثَلَاثَةً أُخْرَى ثُمَّ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فِي طَرَفِ يَوْمٍ مِنْهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً أُخْرَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ م د.

قَوْلُهُ: (كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَيَوْمًا ثُمَّ جُمُعَةً وَجُمُعَةً ثُمَّ شَهْرًا وَشَهْرًا.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ الْأَشْبَهُ) أَيْ الْمُشَابِهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا، وَيَكْفِي تَعْرِيفُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَيَكْفِي إذْنُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْ الِالْتِقَاطِ لَمْ يَسْقُطْ، وَمِثْلُهُمَا الْوَارِثُ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) حَيْثُ قَالَ: يُعَرِّفُهَا كُلُّ وَاحِدٍ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ السُّبْكِيّ.

ص: 279

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُتَصَوَّرُ التَّعْرِيفُ سَنَتَيْنِ وَذَلِكَ إذَا قَصَدَ الْحِفْظَ فَعَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ قَصَدَ التَّمْلِيكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ، وَيُبَيِّنُ فِي التَّعْرِيفِ زَمَنَ وِجْدَانِ اللُّقَطَةِ، وَيَذْكُرُ نَدْبًا اللَّاقِطُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ بَعْضَ أَوْصَافِهَا فِي التَّعْرِيفِ فَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ، فَإِنْ اسْتَوْعَبَهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْفَعُهُ إلَى مَنْ يُلْزِمُ الدَّفْعُ بِالصِّفَاتِ. وَيُعَرِّفُهَا فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ وَ (عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى وُجُودِ صَاحِبِهَا (وَ) يَجِبُ التَّعْرِيفُ (فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ) وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ فِيهِ، لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ فِي مَكَانِهِ أَكْثَرُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْمَسَاجِدُ فَيُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ التَّحْرِيمَ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَلَا يُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى كَذَلِكَ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ سَفَرًا اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِهِ ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ فِيهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَفِي بَلَدٍ يَقْصِدُهَا قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ سَوَاءٌ أَقَصَدَهَا ابْتِدَاءً أَمْ لَا حَتَّى لَوْ قَصَدَ بَعْدَ قَصْدِهِ الْأَوَّلِ بَلْدَةً أُخْرَى. وَلَوْ بَلْدَتَهُ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا عَرَّفَ فِيهَا وَلَا يُكَلَّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ لَا يَعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا مُتَمَوِّلًا كَانَ أَوْ مُخْتَصًّا وَلَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يُكْثِرُ أَسَفَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَوِّلُ طَلَبَهُ لَهُ غَالِبًا إلَى أَنْ يَظُنَّ إعْرَاضَ فَاقِدِهِ عَنْهُ غَالِبًا، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكًا وَلَوْ بَعْدَ لَقْطِهِ لِلْحِفْظِ أَوْ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ لِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (قَدْ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) لَكِنَّ التَّعْرِيفَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالثَّانِيَ وَاجِبٌ م د؛ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر الْوُجُوبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ قَصَدَ التَّمَلُّكَ. قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّنُ فِي التَّعْرِيفِ) أَيْ يَذْكُرُ زَمَنَ وِجْدَانِ اللُّقَطَةِ وَمَكَانَهُ وُجُوبًا فِيهِمَا، وَمَحَلَّهُ فِي الْمَكَانِ مَا لَمْ يَكُنْ التَّعْرِيفُ وَاقِعًا فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْكَاذِبَ قَدْ يَرْفَعُ اللَّاقِطَ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُ اللَّاقِطَ دَفْعَ اللُّقَطَةِ لِمَنْ وَصَفَهَا لَهُ.

قَوْلُهُ: (إلَى مَنْ يُلْزِمُ الدَّفْعَ بِالصِّفَاتِ) أَيْ إلَى حَاكِمٍ مَذْهَبُهُ إلْزَامُ اللَّاقِطِ دَفْعَ اللُّقَطَةِ لِمَنْ وَصَفَهَا بِصِفَاتِهَا.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَاتِ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ) الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ، وَيَقُولُ: وَلْيُكْثِرْ مِنْ التَّعْرِيفِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ ق ل. وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَسَائِرُ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ إلَّا النِّكَاحَ فَيُسَنُّ عَقْدُهُ فِيهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ نَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَاقِدِ فِيهِ لَا رَبَّحَ اللَّهُ تِجَارَتَك وَلِلْمُنْشِدِ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك، وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ نَحْوُ مُصَلٍّ وَلَمْ يَتَخَطَّ الرِّقَابَ وَلَمْ يَمْشِ أَمَامَ الصُّفُوفِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَا يُكْرَهُ إعْطَاؤُهُ إلَّا إنْ تَأَذَّى بِهِ النَّاسُ فَيُكْرَهُ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الْأَذَى، بَلْ لَوْ قِيلَ يَحْرُمُ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يُكْرَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ؛ اهـ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ لِلْمُنَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، أَيْ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ النَّاسِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَقْصَى كَذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَيُكْرَهُ فِيهِمَا كَغَيْرِهِمَا م ر.

قَوْلُهُ: (تَبِعَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ) أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ اتِّبَاعَ الْقَافِلَةِ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَبَدًا.

قَوْلُهُ: (عَرَّفَ مِنْهَا) أَيْ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ.

قَوْلُهُ: (بِشَيْءٍ) أَيْ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يُظَنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: " وَيُعَرَّفُ حَقِيرٌ " وَمَرَاتِبُ الْحَقِيرِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ النِّصْفَ يُعَرَّفُ أَكْثَرَ مِنْ الْفَلْسِ، وَأَمَّا مَا يَعْرَضُ عَنْهُ غَالِبًا فَلَا يُعَرَّفُ كَزَبِيبَةٍ وَزِبْلٍ يَسِيرٍ بَلْ يَسْتَبِدُّ أَيْ يَسْتَقِلُّ بِهِ وَاجِدُهُ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ وَقَالَ:" إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُ اللَّهُ عَلَيْهِ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَحْصُلُ لِلْمُقَلِّشِينَ فَإِنْ كَانَ الْحَاصِلُ حَقِيرًا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، أَوْ غَيْرَ حَقِيرٍ وَجَبَ تَعْرِيفُهُ سَنَةً، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُقَلِّشِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ م د. وَالْمُقَلِّشُ هُوَ الَّذِي يُفَتِّشُ فِي التُّلُولِ وَغَيْرِهَا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُ الْمُكَرْبِلُونَ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ) أَيْ إنْ كَانَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ رَأَى وَلِيُّهُ تَمَلُّكَ اللُّقَطَةِ لَهُ لَمْ يَصْرِفْ مُؤْنَةَ تَعْرِيفِهَا مِنْ مَالِهِ بَلْ يَرْفَعُ

ص: 280