المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الحجر - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في الحجر

وَلَا دَيْنَ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ تَلِفَ ثَمَنُهُ. وَلَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فُسِخَ التَّصَرُّفُ لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ.

‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] الْآيَةَ. وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: 282] الْآيَةَ (وَالْحَجْرُ) يُضْرَبُ (عَلَى) جَمَاعَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْأَخْذِ،. اهـ. ز ي بِالْمَعْنَى. أَقُولُ: يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ اسْتِقْلَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِأَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْوَارِثِ مِنْ أَخْذِ التَّرِكَةِ وَدَفْعِ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ رَهْنٍ وَالرَّاهِنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ، اهـ. ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ. فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بَيْعَ مَالٍ مَخْصُوصٍ مِنْ أَمْوَالِ الْمَدِينِ الْمُمْتَنِعِ لَمْ يَتَعَيَّنْ إجَابَتُهُ وَلِلْقَاضِي بَيْعُ غَيْرِهِ

بِالْمَصْلَحَةِ

، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الْمَرْهُونِ لِلْقَاضِي بِيعَ غَيْرُهُ مِنْ أَمْوَالِ الرَّاهِنِ

بِالْمَصْلَحَةِ

، اهـ م ر سم عَنْ الْعُبَابِ اهـ. قَوْلُهُ:(فَظَهَرَ دَيْنٌ) الصَّوَابُ: " فَطَرَأَ " كَمَا فِي نُسْخَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ خَفِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ خَفِيٌّ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ فَاسِدًا تَكُونُ فَوَائِدُ الْمَبِيعِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ فُسِخَ تَكُونُ فَوَائِدُهُ قَبْلَ الْفَسْخِ لِلْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ) وَكَأَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي حَيَاتِهِ عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا شَخْصٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا عَاقِلَةَ، فَإِنَّ الدِّيَةَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهِ) كَحَوَالَةٍ. قَوْلُهُ: (فُسِخَ التَّصَرُّفُ) . أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَانَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فُسِخَ التَّصَرُّفُ الْمُقْتَضِي صِحَّتَهُ، أَيْ فَلَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا. وَجَعَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ، حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ " فُسِخَ ": فَعُلِمَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ " فُسِخَ " أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ " لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ " وَحِينَئِذٍ فَالزَّوَائِدُ قَبْلَ طُرُوُّ الدَّيْنِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي الظَّاهِرِ) أَيْ وَفِي الْبَاطِنِ كَمَا قَالَهُ حَجّ، فَفِي كَلَامِهِ اكْتِفَاءٌ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

[فَصْلٌ فِي الْحَجْرِ]

ِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ كَمَا يَأْتِي. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ أَقْسَامَ الْحَجْرِ فِي قَوْلِهِ:

ثَمَانِيَةٌ لَا يَشْمَلُ الْحَجْرُ غَيْرَهُمْ

تَضَمَّنَهُمْ بَيْتٌ وَفِيهِ مَحَاسِنُ

صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ سَفِيهٌ وَمُفْلِسُ

رَقِيقٌ وَمُرْتَدٌّ مَرِيضٌ وَرَاهِنُ

قَوْلُهُ (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا كَالْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا. . . إلَخْ) فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ

ص: 81

الْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا (سِتَّةٌ) وَالْحَجْرُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ. فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ الَّذِي شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ يُضْرَبُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَقَطْ: الْأَوَّلُ الْحَجْرُ عَلَى (الصَّبِيِّ) أَيْ الصَّغِيرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ مُمَيِّزًا إلَى بُلُوغِهِ، فَيَنْفَكُّ بِلَا قَاضٍ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِلَا قَاضٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ. وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَكَثِيرٍ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ مَنْ عَبَّرَ بِالثَّانِي أَرَادَ الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ، وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ حَجْرَ الصِّبَا، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ وَكَذَا التَّبْذِيرُ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ. (وَ) الثَّانِي: الْحَجْرُ عَلَى (الْمَجْنُونِ) إلَى إفَاقَتِهِ مِنْهُ فَيَنْفَكُّ بِلَا فَكِّ قَاضٍ كَمَا مَرَّ فِي الصَّبِيِّ. (وَ) الثَّالِثُ الْحَجْرُ عَلَى الْبَالِغِ (السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ لِمَالِهِ) كَأَنْ يَرْمِيَهُ فِي بَحْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ يُضَيِّعَهُ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي مُعَامَلَةٍ أَوْ يَصْرِفَهُ فِي مُحَرَّمٍ، لَا فِي خَيْرٍ كَصَدَقَةٍ، وَلَا فِي نَحْوِ مَطَاعِمَ، وَمَلَابِسَ وَشِرَاءِ إمَاءٍ كَثِيرَةٍ لِلتَّمَتُّعِ وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِحَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوَفِّيهِ بِهِ فَحَرَامٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

رضي الله عنه السَّفِيهَ بِالْمُبَذِّرِ وَالضَّعِيفَ بِالصَّبِيِّ وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ بِالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ تَنُوبُ عَنْهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَيْهِمْ. وَالْإِمْلَالُ بِمَعْنَى الْإِلْقَاءِ عَلَى الْكَاتِبِ مَا يَكْتُبُهُ وَفِعْلُهُ أَمْلَلْت، ثُمَّ أُبْدِلَ أَحَدُ الْمُضَاعَفَيْنِ يَاءً وَتَبِعَهُ الْمَصْدَرُ وَأُبْدِلَتْ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا بَعْدَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ،. اهـ. شِهَابٌ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ. وَأَقُولُ: هَذَا التَّصْرِيفُ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْإِمْلَالَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْإِمْلَاءَ لُغَةُ تَمِيمٍ؛ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ قَوْلِ الْبَيْضَاوِيِّ: وَالْإِمْلَالُ وَالْإِمْلَاءُ وَاحِدٌ اهـ. فَكَيْفَ يَرْجِعُ أَحَدُ اللُّغَتَيْنِ لِلْأُخْرَى مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ الْإِتْيَانُ بِاللَّامَيْنِ بِلَا إبْدَالٍ فِي قَوْلِهِ: {أَنْ يُمِلَّ} [البقرة: 282]{وَلْيُمْلِلِ} [البقرة: 282] فَيَكُونُ الْقُرْآنُ جَارِيًا عَلَى لُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ؟ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَضْرِبُ) لَوْ أَبْدَلَهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِنَحْوِ " يَتَعَلَّقُ " أَوْ " يُوجَدُ " لَكَانَ مُسْتَقِيمًا، إذْ لَا ضَرْبَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ق ل. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ غَلَبَ مَا فِيهِ ضَرْبٌ عَلَى مَا لَا ضَرْبَ فِيهِ أج.

قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا سِتَّةٌ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ اللَّفْظِيِّ، وَهُوَ مَعِيبٌ.

قَوْلُهُ: (أَرَادَ الْإِطْلَاقَ) أَيْ الِانْفِكَاكَ.

قَوْلُهُ: (وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ) لِأَنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّدْبِيرُ وَقَبُولُ الْهِبَةِ لِبَعْضِهِ وَالْوَصِيَّةُ وَالصُّلْحُ عَنْ قِصَاصٍ وَلَوْ بِزَائِدٍ عَلَى الدِّيَةِ وَالْعَفْوُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ وَالنِّكَاحُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ؛ شَوْبَرِيٌّ وع ش. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، أَيْ السَّفِيهِ بِمُوجَبِ عُقُوبَةٍ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةً؛ لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ وَلَا تَعْيِينٍ مِنْهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (الْمُبَذِّرِ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِمَالِهِ وَدِينِهِ. وَهَذَا الثَّانِي مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا، وَالْأَوَّلُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ حِسًّا وَشَرْعًا، وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ وَدِينِهِ ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي فَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ أَيْضًا لَكِنْ تَصَرُّفُهُ صَحِيحٌ وَيُقَالُ لَهُ سَفِيهٌ مُهْمِلٌ. أَمَّا مَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ لِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِاخْتِلَالِ إصْلَاحِ الدِّينِ أَوْ الْمَالِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ فَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِمَفْهُومِ آيَةِ:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ،. اهـ. ش مَنْهَجٌ.

قَوْلُهُ: (بِاحْتِمَالِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ.

قَوْلُهُ: (غَبْنٍ فَاحِشٍ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ؛ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ أَيْ: عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا دَنَانِيرَ. وَمَحِلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ عِنْدَ جَهْلِهِ بِحَالِ الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا كَانَ الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً، شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَصْرِفُهُ فِي مُحَرَّمٍ) وَلَوْ صَغِيرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ.

قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " لِأَنَّ الْمَالَ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (فَحَرَامٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَعْرِضْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ، فَإِنْ

ص: 82

(وَ) النَّوْعُ الثَّانِي الَّذِي شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ يُضْرَبُ عَلَى (الْمُفْلِسِ) وَهُوَ الَّذِي ارْتَكَبَتْهُ الدُّيُونُ الْحَالَّةُ اللَّازِمَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَالِهِ إذَا كَانَتْ لِآدَمِيٍّ، فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وُجُوبًا فِي مَالِهِ إنْ اسْتَقَلَّ، أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِطَلَبِهِ أَوْ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ بِنُوَّابِهِمْ كَأَوْلِيَائِهِمْ، فَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ. وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ لِأَنَّ الْأَجَلَ مَقْصُودٌ لَهُ. فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ. وَلَوْ جُنَّ الْمَدْيُونُ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ الْحُلُولِ بِهِ نُسِبَ فِيهِ إلَى السَّهْوِ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَوْتِ أَوْ اسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَلَا بِدَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنُجُومِ كِتَابَةٍ لِتَمَكُّنِ الْمَدْيُونِ مِنْ إسْقَاطِهِ، وَلَا بِدَيْنٍ مُسَاوٍ لِمَالِهِ أَوْ نَاقِصٍ عَنْهُ، وَلَا بِدَيْنٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ مَالُهُ الْعَيْنِيُّ أَوْ الدَّيْنِيُّ الَّذِي يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا.

وَيُبَاعُ فِي الدُّيُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ وَمَرْكُوبُهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ أَوْ مَرْكُوبٍ لِزَمَانَتِهِ أَوْ مَنْصِبِهِ لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتُرِكَ لَهُ دِسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَمِنْدِيلُ وَمُكَعَّبٌ، وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً أَوْ فَرْوَةً. وَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَانَ عَالِمًا فَلَا حُرْمَةَ ع ش.

قَوْلُهُ: (الْمُفْلِسِ) هُوَ لُغَةً مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا ثُمَّ كُنِّيَ بِهِ عَنْ قِلَّةِ الْمَالِ وَعَدَمِهِ، وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمُفْلِسُ فِي الْآخِرَةِ مَنْ تُعْطَى حَسَنَاتُهُ لِخُصَمَائِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

فَائِدَةٌ: قِيلَ الْغُرَمَاءُ يَتَعَلَّقُونَ بِحَسَنَاتِ الْمُفْلِسِ مَا عَدَا الْإِيمَانَ كَمَا يُتْرَكُ فِي الدُّنْيَا دِسْتُ ثَوْبٍ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا تَوْقِيفِيٌّ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ وَقِيلَ مَا عَدَا الصَّوْمَ لِخَبَرِ: «الصَّوْمُ لِي» وَيَرُدُّهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ يَتَعَلَّقُونَ حَتَّى بِالصَّوْمِ اهـ حَجّ.

قَوْلُهُ: (الْحَالَّةُ) الْقُيُودُ أَرْبَعَةٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَيُمَوِّنُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ مُمَوِّنَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَزَوْجَاتِهِ اللَّاتِي نَكَحَهُنَّ قَبْلَ الْحَجْرِ وَمَمَالِيكِهِ كَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَأَقَارِبِهِ وَإِنْ حَدَثُوا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فِي مَالِ مُوَلِّيهِ) فَإِنْ قُلْت: مُوَلِّيهِ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فَمِنْ أَيْنَ لَزِمَهُ الدَّيْنُ؟ وَيُصَوَّرُ بِدَيْنِ الْإِتْلَافِ ع ش.

قَوْلُهُ: (بِطَلَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ " وَالْحَاجِرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ نَحْوُ مَنَعْتُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ أَوْ حَجَرْت عَلَيْهِ فِيهَا أَوْ أَبْطَلْت تَصَرُّفَاتِهِ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ) أَيْ لَمْ يَصِرْ حَالًّا.

قَوْلُهُ: (الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَوْتِ) فَيَتَبَيَّنُ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا الْحُلُولُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ. وَقَوْلُهُ " أَوْ اسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ " أَيْ وَكَانَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَيَقْضِي مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ بَعْدَ رَقِّهِ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ الْجِهَادِ، وَلَا يَمْلِكُ الْغَانِمُونَ مِنْ مَالِهِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى دَيْنِهِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ فَوْرِيًّا) كَالنَّذْرِ الْمُقَيَّدِ بِزَمَنٍ وَالْكَفَّارَةِ الَّتِي عَصَى بِسَبَبِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: " الزَّائِدَةُ عَلَى مَالِهِ "، وَقَوْلُهُ:" الَّذِي يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ مِنْهُ حَالًّا " بِأَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ حَاضِرَةً غَيْرَ مَرْهُونَةٍ وَالدَّيْنُ عَلَى مُقِرٍّ مُوسِرٍ أَوْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ حَاضِرٌ، اهـ ح ل وَهَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ " وَالْمُرَادُ بِمَالِهِ إلَخْ " جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، كَأَنَّ سَائِلًا قَالَ: مَا الْمَالُ الَّذِي يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ الْمَالُ الْعَيْنِيُّ أَوْ الدَّيْنِيُّ الَّذِي يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ مِنْهُ؛ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُقَابَلَةِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ تَعَدَّى الْحَجْرُ لِمَالِهِ كُلِّهِ سَوَاءٌ تَيَسَّرَ مِنْهُ الْأَدَاءُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَعْيَانًا أَوْ مَنَافِعَ وَيَتَعَدَّى لِمَا حَدَثَ أَيْضًا بِهِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ شِرَاءٍ فِي ذِمَّةٍ أَوْ كَسْبٍ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ) بِأَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّهَا بِوَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحْصِيلِ أُجْرَتِهَا حَالًّا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ م ر. وَقَوْلُهُ:" وَالْمَغْصُوبِ " أَيْ الَّذِي لَا يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ مِنْهُ حَالًّا ح ل. وَقَوْلُهُ " وَالْغَائِبِ " أَيْ الَّذِي لَا يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ مِنْهُ فِي الْحَالِّ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْغَائِبِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِمَا) كَالْمَرْهُونِ، وَكَذَا دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَوْ حَالٌّ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَنَحْوُهُمَا، أَيْ الْمَغْصُوبِ وَالْغَائِبِ؛ وَلَمْ يَقُلْ وَنَحْوَهَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا نَحْوَ لَهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُبَاعُ) أَيْ بَعْدَ الْحَجْرِ وُجُوبًا عَلَى الْقَاضِي فَوْرًا، وَيَكُونُ الْبَيْعُ بِحَضْرَتِهِ أَيْضًا أَيْ الْمُفْلِسِ وَيُبَاعُ كُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ وَيُقَدَّمُ مَا يُخَافُ فَسَادُهُ، ثُمَّ الْحَيَوَانُ ثُمَّ الْمَنْقُولُ ثُمَّ الْعَقَارُ.

قَوْلُهُ: (أَسْهَلُ) أَيْ مِنْ إبْقَائِهَا وَإِبْقَاءِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ أَغْنِيَائِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَيُتْرَكُ لَهُ) وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

ص: 83

يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَإِذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، أَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا مَا زَعَمَهُ، فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِإِعْسَارِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَزِمَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ سَوْءًا أَكَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (دِسْتُ ثَوْبٍ) أَيْ كِسْوَةٌ كَامِلَةٌ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الدَّسْتُ اسْمٌ لِلرِّزْمَةِ أَيْ الْجُمْلَةِ مِنْ الثِّيَابِ. وَعَلَيْهِ فَإِضَافَتُهُ لِثَوْبٍ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْجِنْسُ أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ الثِّيَابِ، وَيُقَالُ لَهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ بَدْلَةٌ قَوْلُهُ:(وَهُوَ) أَيْ الدَّسْتُ.

قَوْلُهُ: (وَسَرَاوِيلُ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَلْبَسُ ذَلِكَ ح ل. وَهُوَ مُفْرَدٌ جِيءَ بِهِ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلِسَرَاوِيلَ بِهَذَا الْجَمْعِ شَبَهٌ اقْتَضَى عُمُومَ الْمَنْعِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَأْنِيثِهِ. وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، «وَوُجِدَ فِي تَرِكَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِبَاسٌ اشْتَرَاهُ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَلْبَسْهُ» أَيْ النَّبِيُّ وَلَمْ يَلْبَسْهُ عُثْمَانُ أَبَدًا إلَّا يَوْمَ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ لَبِسَهُ وَقَالَ:" رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما وَقَالُوا لِي: اصْبِرْ فَإِنَّك تُنْقَلُ عِنْدَنَا الْقَابِلَةَ، " فَأَصْبَحَ عُثْمَانُ صَائِمًا رضي الله عنه فَقُتِلَ فِي يَوْمِهِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ،. اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَمُكَعَّبٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مُثَقَّلًا وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا وَهُوَ الْمَدَاسُ.

قَوْلُهُ: (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) أَيْ إنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الشِّتَاءِ فِي الْحَجْرِ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ، سم شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ ع ش: قَوْلُهُ " فِي الشِّتَاءِ " أَيْ وَإِنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الصَّيْفِ. وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُهُمْ بِ " فِي " لِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَيُزَادُ لِلْبَرْدِ،. اهـ. حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُ ذَلِكَ. اهـ. م ر. أَيْ فَلَا يُعْطَى ذَلِكَ إلَّا إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ دَخَلَ الشِّتَاءُ زَمَنَ الْحَجْرِ اهـ. وَيُتْرَكُ لِلْعَالِمِ كُتُبُهُ مَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا بِمَوْقُوفٍ، وَلِلْجُنْدِيِّ الْمُرْتَزِقِ خَيْلُهُ وَسِلَاحُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا، وَكُلُّ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَالِهِ اشْتَرَى لَهُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. بِخِلَافِ آلَاتِ الْحِرَفِ فَلَا تُتْرَكُ، وَمِثْلُهَا رَأْسُ مَالٍ لِلتِّجَارَةِ، شَوْبَرِيٌّ. وَقَالَ م ر: قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُتْرَكُ لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ إلَّا بِهِ، اهـ. وَفِي الزِّيَادِيِّ: وَلَا رَأْسَ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ، وَقَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ: يُتْرَكُ لَهُ رَأْسُ مَالٍ إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ إلَّا بِهِ، حَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى تَافِهٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا عِنْدَ تَعَدُّدِ النُّسَخِ مَا يَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ لَكِنَّهَا تُبَاعُ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدَرِّسًا فَيَبْقَى لَهُ نُسْخَتَانِ لِأَجْلِ الْمُرَاجَعَةِ، وَيُبَاعُ الْمُصْحَفُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَسْهُلُ مُرَاجَعَةُ الْحَفَظَةِ فَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ فِيهِ تُرِكَ لَهُ،. اهـ. شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ) مَحَلُّهُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِسَبَبِهِ، فَإِنْ عَصَى بِسَبَبِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لَهُ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ وَلَوْ بِغَيْرِ لَائِقٍ بِهِ كَمَا قَالَهُ أج. وَقَالَ ق ل: قَوْلُهُ " وَلَا يَجِبُ إلَخْ " وَإِنْ عَصَى مِنْ حَيْثُ الدَّيْنُ وَإِنْ وَجَبَ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ.

قَوْلُهُ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] أَيْ وَإِنْ وُجِدَ غَرِيمٌ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ أَيْ فَالْحُكْمُ نَظِرَةٌ، أَوْ فَعَلَيْكُمْ نَظِرَةٌ، أَوْ فَلْيَكْفِ نَظِرَةٌ وَهِيَ الْإِنْظَارُ،. اهـ. بَيْضَاوِيٌّ. وَالْإِنْظَارُ: التَّأْخِيرُ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَيْنُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَيُؤَخِّرُهُ إلَّا كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ» ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ أَيْضًا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ بِمَعْنَاهُ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرُوا مَا زَعَمَهُ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا ادَّعَاهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ تُخْبِرُ بَاطِنَهُ بِجَوَازِهِ مَثَلًا كَمَا فِي الْمَنْهَجِ؛ وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ " فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ " لِأَنَّهُ بِشِرَائِهِ وَاعْتِرَافِهِ بِذَلِكَ عُرِفَ لَهُ مَالٌ فَاحْتَاجَ فِي إثْبَاتِ إعْسَارِهِ لِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ وَفِيمَا إذَا لَزِمَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ عِلْمَ مَالٍ لَهُ

ص: 84

بِاخْتِيَارِهِ كَضَمَانٍ وَصَدَاقٍ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.

(وَ) يُضْرَبُ عَلَى (الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ) بِمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَصِيَّةِ. (فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) لِحَقِّ الْوَرَثَةِ إرْثٌ لَا دَيْنٌ وَفِي الْجَمِيعِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ. (وَ) يُضْرَبُ عَلَى (الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ)) لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَعَلَى الْمُكَاتَبِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى، زَادَ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا النَّوْعِ، وَعَلَى الرَّاهِنِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَعَلَى الْمُرْتَدِّ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِمَا فِي الْمُهِمَّاتِ ثَلَاثِينَ نَوْعًا فِيهَا الْحَجْرُ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَسَبَقَهُ إلَى بَعْضِهَا شَيْخُهُ السُّبْكِيُّ. فَمَنْ أَرَادَ فَلْيُرَاجِعْ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَلِيلٌ مَنْ صَارَ لَهُ هِمَّةٌ لِذَلِكَ.

(وَتَصَرُّفُ) كُلٍّ مِنْ (الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ) فِي مَالِهِ (غَيْرُ صَحِيحٍ) أَمَّا الصَّبِيُّ فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ وَالْوِلَايَةِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ عِبَادَةِ مُمَيِّزٍ، وَإِذْنٍ فِي دُخُولٍ، وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ مِنْ مُمَيِّزٍ مَأْمُونٍ. وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ مِنْ عِبَادَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَصُدِّقَ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ قَوْلُ ق ل. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (كَأَرْشِ جِنَايَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ خَطَأً.

قَوْلُهُ: (وَيُضْرَبُ عَلَى الْمَرِيضِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا ضَرْبَ عَلَى الْمَرِيضِ، فَالْمُنَاسِبُ وَيَثْبُتُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ شَرْعًا.

قَوْلُهُ: (الْمَخُوفِ عَلَيْهِ) وَمِثْلُ الْمَرَضِ حَالَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثِ كَالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ، ز ي.

قَوْلُهُ: (بِمَا سَتَعْرِفُهُ) أَيْ بِمَرَضٍ سَتَعْرِفُهُ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " الْمَخُوفِ " كَابْتِدَاءِ فَالِجٍ وَحُمَّى لَازِمَةٍ وَإِسْهَالٍ مُتَتَابِعٍ وَرُعَافٍ دَائِمٍ، فَمَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَرِيضٌ بِمَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْجَمِيعِ إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ، وَإِلَّا فَلَوْ وَفَّى الْمَرِيضُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. اهـ. م د. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ، وَأَمَّا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ لِلْغُرَمَاءِ فَصَحِيحٌ. قَوْلُهُ:(إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) وَإِلَّا فَفِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إنْ وَفَّى بِالدَّيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِحَقِّ سَيِّدِهِ) وَهُوَ نُجُومُ الْكِتَابَةِ. وَقَوْلُهُ " وَلِلَّهِ تَعَالَى " وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: قَوْلُهُ " لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى " الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: الْحَجْرُ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَسَيِّدِهِ، إذْ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ سَيِّدُهُ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ بَلْ يَصِحُّ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْرَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الشَّيْخَيْنِ، قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: فَقَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ صُورَةً، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُ مَسَائِلِهِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ صَحِيحٍ) وَمَا قَبَضُوهُ إذَا تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ أَتْلَفُوهُ يَضِيعُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ رَشِيدًا، أَوْ تَلِفَ قَبْلَ طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ مِثْلًا، لِأَوْلِيَائِهِمْ. وَأَمَّا إذَا تَلِفَ مَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بَعْدَ طَلَبِهِ وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ رَدِّهِ أَوْ قَبَضُوهُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَهُ فِي مَالِهِمْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ. وَأَمَّا إذَا بَقِيَ الشَّيْءُ إلَى أَنْ كَمَّلُوا وَأَتْلَفُوهُ فَلَا يَشُكُّ فِي الضَّمَانِ، حَرِّرْ هَذِهِ الْقَوْلَةَ، فَإِنَّ ضَمَانَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ وَامْتِنَاعِهِمَا مِنْ الرَّدِّ فِيهِ وَقْفَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ) كَعِبَارَةِ الْمُعَامَلَةِ، وَالدَّيْنُ كَالْبَيْعِ، وَالْإِسْلَامُ وَالْوِلَايَةُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. أَيْ كَوْنُهُ وَصِيًّا عَلَى الْأَيْتَامِ. وَالْعِبَارَةُ أَيْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ، أَيْ مَسْلُوبُ الْكَلَامِ. وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ اسْتِقْلَالًا، وَأَمَّا إسْلَامُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَلِكَوْنِ الْإِسْلَامِ إذْ ذَاكَ مَنُوطًا بِالتَّمْيِيزِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، بَلْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، إنَّهُ كَانَ بَالِغًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ اِ هـ.

قَوْلُهُ: (وَإِيصَالُ هَدِيَّةٍ) وَشَمِلَتْ الْهَدِيَّةُ نَفْسَهُ، كَمَا لَوْ قَالَتْ جَارِيَةٌ لِشَخْصٍ: سَيِّدِي أَهْدَانِي إلَيْك؛ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا إنْ صَدَّقَهَا وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا بِالْفَضْلِ. ق ل مَعَ زِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (مَأْمُونٍ) أَيْ لَمْ يُعْهَدْ عَلَيْهِ كَذِبٌ ح ل. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ إلَخْ) وَأَمَّا الْأَفْعَالُ فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّمَلُّكُ بِاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَالْإِتْلَافُ، فَيَنْفُذُ مِنْهُ الِاسْتِيلَادُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِزِنَاهُ الصُّورِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ

ص: 85

وَغَيْرِهَا، وَالْوِلَايَةُ مِنْ وِلَايَةِ نِكَاحٍ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا السَّفِيهُ فَمَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ، وَتَصِحُّ عِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةً لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ، وَلَا تَعْيِينَ مِنْهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ. أَمَّا الْمَالِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ وَالرُّشْدِ صَحَّ التَّصَرُّفُ مِنْ حِينَئِذٍ. وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ إمَّا بِكَمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً تَحْدِيدِيَّةً وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ، أَوْ بِإِمْنَاءٍ لِآيَةِ:{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَوَقْتُ إمْكَانِ الْإِمْنَاءِ كَمَالُ تِسْعِ سِنِينَ قَمَرِيَّةٍ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّ السِّنِينَ فِيهِ تَقْرِيبِيَّةٌ. أَوْ حَيْضٌ فِي حَقِّ أُنْثَى بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا حَبَلُهَا فَعَلَامَةٌ عَلَى بُلُوغِهَا بِالْإِمْنَاءِ فَلَيْسَ بُلُوغًا لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ، فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ وَالرُّشْدُ يَحْصُلُ ابْتِدَاءً بِصَلَاحِ دِينٍ وَمَالٍ حَتَّى مِنْ كَافِرٍ كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] بِأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَسْلُوبَ الْعَقْلِ صَارَ زِنَاهُ صُورِيًّا لَا حَقِيقِيًّا، لِأَنَّ زَوَالَ عَقْلِهِ صَيَّرَ زِنَاهُ كَوَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ لِعَدَمِ قَصْدِهِ.

وَإِذَا وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِإِرْضَاعِهِ كَأَنْ أَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ شَخْصًا سَنَةً دُونَ حَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ بِشَرْطِهِ؛ ز ي. وَيَغْرَمُ بَدَلَ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ وَأَتْلَفَ صَيْدًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعَبَّرَ بِالسَّلْبِ دُونَ الْمَنْعِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَسْلُبُهَا؛ وَلِهَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ نِيَابَةً عَنْهُ دُونَ الْأَبْعَدِ اهـ س ل. قَوْلُهُ:(فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالسَّفَهُ، وَقَوْلُهُ " بِالْبُلُوغِ إلَخْ " لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ قَوْلُهُ:(مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ زَوَالِ الْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (جَمِيعِ الْوَلَدِ) نُسْخَةُ الْبَدَنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِإِمْنَاءٍ) وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ كَأَنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَأَمْسَكَهُ. وَخَرَجَ بِالْإِمْنَاءِ غَيْرُهُ كَنَبَاتِ عَانَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ لِحْيَةٍ أَوْ ثِقَلِ صَوْتٍ أَوْ نُهُودِ ثَدْيٍ، فَلَا بُلُوغَ بِشَيْءٍ مِنْهَا؛ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (مَا يَرَاهُ النَّائِمُ) مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ،. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ:(خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، ز ي. قَالَ م ر: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ. وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ. قَوْلُهُ:(أَوْ حَيْضٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى " كَمَالِ " فِي قَوْلِهِ " إمَّا بِكَمَالِ ".

قَوْلُهُ: (بِالْبُلُوغِ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَضْعِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّ تَصَرُّفَهَا صَحِيحٌ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ، ع ش.

قَوْلُهُ: (بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ وَلَحْظَتَيْنِ، شَرْحُ م ر

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ بُلُوغِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ لَا إنْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُعَارِضُهُ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يُحْكَمُ بِالِاتِّضَاحِ بِهِ ثُمَّ بِغَيْرِهِ إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ؛ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر

قَوْلُهُ: (وَالرُّشْدُ) هُوَ لُغَةً نَقِيضُ الضَّلَالِ وَاصْطِلَاحًا صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ. وَلَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ أَوْ بِالسِّنِّ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ،. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) أَيْ وَقْتَ الْبُلُوغِ فَهُوَ مِنْهُ، وَأَمَّا دَوَامًا فَيَكْفِي فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ؛ مَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ " فَهُوَ " أَيْ الرُّشْدُ، قَوْلُهُ " وَمِنْهُ " أَيْ الْبُلُوغِ، وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ: قَوْلُهُ " ابْتِدَاءً " أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ غَيْرُ صَالِحٍ اهـ وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ صَلَاحَ الْمَالِ فَقَطْ حَتَّى فِي الِابْتِدَاءِ.

ص: 86

لَا يَفْعَلَ فِي الْأَوَّلِ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ. وَيُخْتَبَرُ رُشْدُ الصَّبِيِّ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِآيَةِ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ فَوْقَ مَرَّةٍ، بِحَيْثُ يُظَنُّ رُشْدُهُ فَلَا تَكْفِي الْمَرَّةُ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا. أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَيَخْتَلِفُ بِمَرَاتِبِ النَّاسِ، فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ تَاجِرٍ بِمُشَاحَّةٍ فِي مُعَامَلَةٍ وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ لِيُشَاحِحْ لَا لِيَعْقِدَ، ثُمَّ إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَقَدَ وَلِيُّهُ. وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ زُرَّاعٍ بِزِرَاعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَيْهَا بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقِوَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ. وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ وَصَوْنٍ نَحْوُ أَطْعِمَةٍ عَنْ نَحْوِ هِرَّةٍ.

فَلَوْ فَسَقَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَا غَيْرُهُ وَهُوَ وَلِيُّهُ، أَوْ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ، وَوَلِيُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَرْعٌ: سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الرُّشْدُ أَوْ ضِدُّهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اسْتِصْحَابُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ بِالِاخْتِبَارِ، وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ حَالُهُ فَعُقُودُهُ صَحِيحَةٌ كَمَنْ عُلِمَ رُشْدُهُ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. فَيَكُونُ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ الْأَصْلُ فِيهِ الرُّشْدُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى مِنْ كَافِرٍ) بِأَنْ يَصِيرَ عَدْلًا فِي دِينِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ) أَيْ كَمَا فُسِّرَ بِهِ الرُّشْدُ فِيهَا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهِيَ لِلْعُمُومِ، شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ آنَسْتُمْ) أَيْ عَلِمْتُمْ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَفْعَلَ فِي الْأَوَّلِ مُحَرَّمًا) كَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُبَذِّرَ فِي الثَّانِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: الْمُبَذِّرِ سَكَتَ عَنْهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) خَرَجَ بِالْمُحَرَّمِ خَارِجُ الْمُرُوءَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ، فَلَا يَمْنَعُ الرُّشْدَ وَإِنْ مَنَعَ الشَّهَادَةَ.

قَوْلُهُ: (يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) أَيْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِ، وَعِنْدَ الْكُفَّارِ فِي الْكَافِرِ. بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِمْ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَغْلِبْ) رَاجِعٌ لِلْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ حَجّ ع ش، بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَنٌ وَهُوَ مُوَاظِبٌ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ قَوْلُهُ:(وَيُخْتَبَرُ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ " الصَّبِيِّ " بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأُنْثَى. قَوْلُهُ:(قَبْلَ بُلُوغِهِ) أَيْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقُبَيْلٍ مُصَغَّرًا لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَالشُّبُهَاتُ) لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ ارْتِكَابَ الشُّبُهَاتِ مُخِلٌّ بِالرُّشْدِ إذْ ارْتِكَابُهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا، بَلْ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ.

قَوْلُهُ: (فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ تَاجِرٍ) أَيْ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى صَنْعَةِ أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (بِمُشَاحَّةٍ) وَهِيَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَدَفْعُ الْأَقَلِّ عِنْدَ الشِّرَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ) قَالَ سم: أَيُّ حَاجَةٍ لِتَسْلِيمِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ الْمُمَاكَسَةَ مُمْكِنَةٌ بِدُونِهِ، اهـ. وَقَدْ يُقَالُ فِي تَسْلِيمِهِ لَهُ قُوَّةٌ دَاعِيَةٌ لَهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَتَنْشِيطٌ لَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ وَزِيَادَةُ رَغْبَةٍ وَإِقْدَامٍ عَلَى إجَابَتِهِ مِمَّنْ يُمَاكِسُهُ،. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَالَ سم: وَلَا يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ إنْ تَلِفَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَوْ قِيلَ: يَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ إغْفَالُهُ حَامِلًا عَلَى تَضْيِيعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ. لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةٍ عَلَيْهَا) الْمُرَادُ بِهَا الْأُجْرَةُ، وَقَوْلُهُ " بِأَنْ يُنْفِقَ إلَخْ " بِأَنْ يُعَاقِدَهُمْ الْوَلِيُّ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ أُجْرَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ يَدْفَعَ الْمَالَ لِلصَّبِيِّ وَيَأْمُرَهُ بِإِعْطَائِهِمْ وَيَنْظُرَ هَلْ يَنْقُصُ أَحَدًا عَنْ أُجْرَتِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي ع ش، وَيُعْلَمُ رُشْدُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ أَقَلَّ مِمَّا شُرِطَ لَا أَكْثَرَ. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ النَّفَقَةَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُمَاكِسُ فَقَطْ وَالْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ وَيُسَلِّمُ الْأُجْرَةَ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، أَوْ بِمَعْنَى الْمَغْزُولِ، أَيْ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ؛ بِخِلَافِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَالْمُخْتَبِرُ لَهَا الْوَلِيُّ أَوْ غَيْرُهُ ح ل، وَالْخُنْثَى يُخْتَبَرُ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا أَيْ بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

قَوْلُهُ: (هِرَّةٍ) جَمْعُ الْأُنْثَى هِرَرٌ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ، وَجَمْعُ الذَّكَرِ هِرَرَةٌ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ؛ ز ي. وَخُلِقَتْ الْهِرَّةُ مِنْ عَطْسَةِ الْأَسَدِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْكُبْرَى

قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَسَقَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَالرُّشْدُ يَحْصُلُ ابْتِدَاءً وَالْمُرَادُ فَسَقَ بِغَيْرِ تَبْذِيرٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ.

قَوْلُهُ:

ص: 87

الصَّغِيرِ أَبٌ فَأَبُو أَبٍ وَإِنْ عَلَا كَوَلِيِّ النِّكَاحِ فَوَصِيٌّ فَقَاضٍ، وَيَتَصَرَّفُ بِمَصْلَحَةٍ وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِأَجَلٍ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَبِعَرْضِيٍّ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ، وَيَشْهَدُ حَتْمًا فِي بَيْعِهِ لِأَجَلٍ، وَيَرْتَهِنُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا، وَيَبْنِي عَقَارَهُ بِطِينٍ وَآجُرٍّ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَنَفَقَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ بِأَنْ يُرَغِّبَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، وَيُزَكِّي مَالَهُ وَيُمَوِّنُهُ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ بَيْعًا بِلَا مُصْلِحَةٍ عَلَى وَصِيٍّ أَوْ أَمِينٍ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى أَبٍ أَوْ أَبِيهِ حَلَفَ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمِينَ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ، أَمَّا الْقَاضِي فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ بِلَا تَحْلِيفٍ.

(وَتَصَرُّفُ الْمُفْلِسِ) بَعْدَ ضَرْبِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (يَصِحُّ) فِيمَا يُثْبِتُهُ (فِي ذِمَّتِهِ) كَأَنْ بَاعَ سَلَمًا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ. أَوْ بَاعَ فِيهَا لَا بِلَفْظِ الثَّمَنِ أَوْ اقْتَرَضَ أَوْ اسْتَأْجَرَ صَحَّ وَثَبَتَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ وَنَحْوُهُمَا فِي ذِمَّتِهِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيهِ (دُونَ) تَصَرُّفِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ (أَعْيَانِ مَالِهِ) الْمُفَوِّتِ فِي الْحَيَاةِ بِالْإِنْشَاءِ مُبْتَدَأً كَأَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ آجَرَ أَوْ وَقَفَ، فَلَا يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ كَالْمَرْهُونِ، وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى مُرَاغَمَةِ مَقْصُودِ الْحَجْرِ كَالسَّفِيهِ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ، فَيَصِحُّ مِنْهُ؛ وَبِقَيْدِ الْإِنْشَاءِ الْإِقْرَارُ، فَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ. أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ قُبِلَ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذَا مَا دَامَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ مُلْحَقٌ بِالرَّشِيدِ، فَمَتَى أَطْلَقُوا السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ اخْتَصَّ بِهَذَا إيعَابٌ؛ شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا.

قَوْلُهُ: (فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) كَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ بِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ، فَإِنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْذِيرِ وَالْجُنُونِ أَنَّ التَّبْذِيرَ لِكَوْنِهِ سَفَهًا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَعُودُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَاضٍ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بِطِينٍ) لَا بِجِبْسٍ بَدَلَ الطِّينِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بِلَبِنٍ بَدَلَ الْآجُرِّ لِقِلَّةِ بَقَائِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَآجُرٍّ) وَهُوَ الطُّوبُ الْمُحَرَّقُ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَهُ هَامَانُ، وَهَذَا إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إذْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ ق ل وَنَقَلَهُ سم وَالْمَرْحُومِيُّ عَنْ الرَّمْلِيِّ فِي غَيْرِ الشَّرْحِ. وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِهِ " وَآجُرٍّ ": وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، اهـ بِحُرُوفِهِ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ " وَآجُرٍّ " وَلَكِنْ هَذَا بِحَسَبِ الْمُعْتَادِ فِي زَمَانِهِمْ، أَمَّا الْآنَ فَالْمُعْتَبَرُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ؛ لَكِنْ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَيُزَكِّي مَالَهُ) أَيْ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَى الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِمَنْ لَا يَرَى وُجُوبَهَا فِيهِ امْتَنَعَ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى ذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْجُورِ مَذْهَبٌ فَالْأَوْلَى بِالْوَلِيِّ إذَا رَأَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ يَرَاهَا لِيَأْمُرَهُ بِهَا حَتَّى لَا يُطَالِبَهُ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ،. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ الصَّبِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْقَاضِي فَيَقْبَلُ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْوَصِيِّ شَرْحُ م ر، أَيْ فَيَقْبَلُ قَوْلَ الصَّبِيِّ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ:(فِي مَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَجْرِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ بَاعَ سَلَمًا) بِأَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَ فِيهَا) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لَا بِلَفْظِ السَّلَمِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ: كَأَنْ بَاعَ سَلَمًا إلَخْ قَوْلُهُ: (صَحَّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ " يَصِحُّ فِي ذِمَّتِهِ ". وَلَيْسَ وَاقِعًا جَوَابًا لِشَرْطٍ تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ سَرَى لَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَهِيَ: وَلَوْ بَاعَ سَلَمًا، إلَى أَنْ قَالَ: صَحَّ.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا ضَرَرَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: يَصِحُّ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (الْمُفَوِّتِ) صِفَةٌ لِلتَّصَرُّفِ وَهُوَ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَيْ الْمُفَوِّتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ. وَخَرَجَ بِهِ الْعَارِيَّةُ فَتَصِحُّ مِنْهُ كَمَا فِي م ر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَفْوِيتٌ. قَوْلُهُ:(بِالْإِنْشَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُفَوِّتِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (مُبْتَدَأً) حَالٌ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْقُيُودُ أَرْبَعَةٌ. قَوْلُهُ: (مُرَاغَمَةِ) أَيْ مُخَالَفَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ إنْ كَانَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ لَمْ يَقْبَلْ وَإِلَّا قَبِلَ وَزَاحَمَ الْغُرَمَاءَ س ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ دَيْنٍ) هَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى

ص: 88

وَلَا غَيْرِهَا لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ بَعْدَ الْحَجْرِ قُبِلَ فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَبِقَيْدٍ مُبْتَدَأٍ رَدُّ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ، وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ زَوْجَتَهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ الْقِصَاصَ وَإِسْقَاطُهُ الْقِصَاصَ وَلَوْ مَجَّانًا إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالٌ، وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَنَفْيُهُ بِاللِّعَانِ.

(وَتَصَرُّفُ الْمَرِيضِ) الْمُتَّصِلِ مَرَضُهُ بِالْمَوْتِ (فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) مِنْ مَالِهِ (مَوْقُوفٌ) تَنْفِيذُهُ (عَلَى إجَازَةِ) جَمِيعِ (الْوَرَثَةِ) بِالْقُيُودِ الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْوَصِيَّةِ (مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ مِنْ لَكَانَ أَخْصَرَ.

(وَتَصَرُّفُ الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَفْظُ الْعَبْدِ يَشْمَلُ الْأَمَةَ فَكَأَنَّهُ قَالَ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُحْتَرَزِ الْقُيُودِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَعْيَانِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (قُبِلَ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَيُزَاحِمُهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (بِمُعَامَلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) أَوْ لَمْ يُسْنَدُ وُجُوبُهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا لِمَا بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِمْ، فَلَا يُزَاحِمُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الثَّلَاثِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُعَامَلَتِهِ لَهُ فِي الْأُولَى وَلِتَنْزِيلِهِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَهُوَ دِينُ الْمُعَامَلَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقَلَّ زَمَنٍ فِي الثَّالِثَةِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ، بَلْ يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَالٌ) أَيْ شَيْءٌ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ الَّتِي يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا، فَلَا يُرَدُّ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ مَالٌ لَكِنْ لَيْسَ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ) أَمَّا اسْتِيلَادُهُ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ نُفُوذِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلَسِ امْتَازَ عَنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِكَوْنِهِ يَتَصَرَّفُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَعَنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِكَوْنِهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ. اهـ. م ر. وَيُنْفَقُ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا مِنْ أَعْيَانِ مَالِ مُسْتَلْحِقِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَالَ ع ش: وَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ تَبَيَّنَ لِلْمُسْتَلْحَقِ مَالٌ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ لَهُ. أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ أَوْ صَارَ الْمُسْتَلْحَقُ رَشِيدًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ. وَإِنَّمَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمُسْتَلْحَقِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ فَقُبِلَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يُفَوَّتُ عَلَيْهِ مَالٌ وَأُلْغِيَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ حَذَرًا مِنْ التَّفْوِيتِ لِلْمَالِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتَصَرُّفُ الْمَرِيضِ) أَيْ بِإِبْرَاءٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ، ق ل.

قَوْلُهُ: (فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَتَصَرُّفُهُ حَتَّى فِي الثُّلُثِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَقْتَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (تَنْفِيذُهُ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ أَنَّ التَّصَرُّفَ هُوَ الْمَوْقُوفُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ق ل.

قَوْلُهُ: (جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ فِي جَمِيعِ الزَّائِدِ، فَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ نَفَذَ فِيمَا يَخُصُّهُ، فَلَوْ جَعَلَ الشَّارِحُ حَرْفَ التَّعْرِيفِ لِلْجِنْسِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ ق ل. وَمُرَادُهُ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ " أَلْ " فِي الْوَرَثَةِ وَجَعْلِهَا لِلْجِنْسِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الزَّائِدِ وَالشَّارِحُ جَعَلَهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ قَالَ: جَمِيعُ الْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (بِالْقُيُودِ الْآتِي بَيَانُهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونُوا بَالِغِينَ عَاقِلِينَ مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ فَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ وَلَا إجَازَةُ وَلِيِّهِمْ بَلْ يَبْطُلُ ذَلِكَ التَّبَرُّعُ لِمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ؛ لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُتَوَقَّعْ أَهْلِيَّتُهُ كَمَجْنُونٍ أَخْبَرَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّ جُنُونَهُ مُسْتَحْكَمٌ، وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ إلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ سم.

قَوْلُهُ: (مِنْ بَعْدِهِ) قَيْدٌ فِي الْكُلِّ أَيْ الْإِجَازَةِ وَالْوَرَثَةِ وَالثُّلُثِ بَعْدَ الْمَوْتِ،. اهـ. م د. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِجَازَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْوَرَثَةُ وَالثُّلُثُ فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) وَلَوْ حَذَفَ " مِنْ " وَمَجْرُورَهَا مَعًا لَكَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَعْلُومٌ مِنْ لَفْظِ الْوَرَثَةِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

ص: 89

لَوْ كَانَ حُرًّا يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ فَيَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَمْ فِي يَدِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ (يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ) لِثُبُوتِهِ بِرِضَا مَالِكِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ. وَالضَّابِطُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْعَبْدُ أَوْ يَتْلَفُ تَحْتَ يَدِهِ إنْ لَزِمَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَإِتْلَافٍ أَوْ تَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ لَزِمَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ سَوَاءٌ رَآهُ السَّيِّدُ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، أَوْ بِإِذْنِهِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّيِّدِ كَانَ لِلْبَائِعِ تَضْمِينُ السَّيِّدِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ أَيْضًا بَعْدَ الْعِتْقِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ بِالْإِجْمَاعِ بِحَسَبِ الْإِذْنِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْإِذْنِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ كَالْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ النِّكَاحُ وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَلَا يَتَبَرَّعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَيْ الرَّقِيقِ) فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ حَزْمٍ) هُوَ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ.

قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ كَلَامِهِ أَصْلًا فَهُوَ لَيْسَ مَقُولًا لَهُ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ الَّذِي إلَخْ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " يَنْقَسِمُ " أَيْ مِنْ حَيْثُ تَصَرُّفَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ. قَوْلُهُ:(الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَخْ) لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلْعَبْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى قَيْدٍ مَحْذُوفٍ فِي الْمَتْنِ تَقْدِيرُهُ: وَتَصَرُّفُ الْعَبْدِ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا يَنْقَسِمُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَ حُرًّا) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا.

قَوْلُهُ: (يَنْقَسِمُ) أَيْ الرَّقِيقُ مِنْ حَيْثُ تَصَرُّفَاتُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " مَا لَا يَنْفُذُ إلَخْ " وَلَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الرَّقِيقِ إلَيْهَا بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: الرَّقِيقُ تَصَرُّفَاتُهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(مَا لَا يَنْفُذُ) أَيْ تَصَرُّفُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (كَالْوِلَايَاتِ) أَيْ أَثَرِ الْوِلَايَاتِ، أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنْ تَزْوِيجٍ وَالْحُكْمِ مَثَلًا، وَإِلَّا فَالْوِلَايَاتُ أَنْفُسُهَا لَا تَتَّصِفُ بِكَوْنِهَا تَصَرُّفًا بَلْ هِيَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالشَّخْصِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ:(وَالشَّهَادَاتِ) فِي إطْلَاقِ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الشَّهَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مُسَامَحَةٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّصَرُّفَاتِ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ وَالشَّهَادَةُ فِعْلُ اللِّسَانِ، وَمَعْنَى نُفُوذِ الْعِبَادَةِ أَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهَا فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ وَالطَّلَبِ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) بَلْ وَإِنْ نَهَاهُ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) مُسْتَدْرَكُ ق ل، أَيْ وَإِنْ سَكَتَ عَلَيْهِ إذْ لَا يُنْسَبُ لِلسَّاكِتِ قَوْلٌ. قَوْلُهُ:(فَيَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ وَأَيْسَرَ. وَالْمُرَادُ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (وَالضَّابِطُ إلَخْ) وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْسَامِ السَّابِقَةِ، وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ إذْنِ سَيِّدِهِ. اهـ. ق ل وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:

يَضْمَنُ عَبْدٌ تَالِفًا فِي ذِمَّتِهْ

إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ دُونَ سَادَتِهْ

وَإِنْ يَكُنْ بِلَا رِضَا مَنْ اسْتَحَقْ

فَلَيْسَ إلَّا بِالرَّقِيبَةِ اعْتَلَقْ

وَبِرِضَا الْمَالِكِ مَعَ سَيِّدِهِ

عَلِّقْ بِذِمَّةٍ وَمَا فِي يَدِهِ

قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ) سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (بِرَقَبَتِهِ) فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْتَدِيَهُ السَّيِّدُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ عِتْقِهِ) فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعْتَقْ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ عَالِمًا بِرِقِّهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ الْعَبْدُ فِي تَلَفِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّيِّدِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ " فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ " فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) لَكِنَّهُ إذَا غَرِمَ الْعَبْدُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْعَبْدِ، وَيُرَشَّحُ لِهَذَا تَعْبِيرُهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِي جَانِبِ السَّيِّدِ بِالتَّضْمِينِ وَفِي جَانِبِ الرَّقِيقِ بِالْمُطَالَبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ.

قَوْلُهُ: (تَصَرُّفٌ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ وَإِنْ رَدَّ الْإِذْنَ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ ز ي.

قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) أَيْ عَلَى قَدْرِهِ. قَوْلُهُ: (النِّكَاحُ) أَيْ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِعَبِيدِ التِّجَارَةِ ق ل. وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي غَيْبَةٍ

ص: 90