المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الإجارة - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في الإجارة

الْأُولَى يُمْكِنُهُ إيجَارُ الدَّابَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهَا فِيهِ غَرَرٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْفَوَائِدُ لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ.

‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَفَتْحِهَا لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لَا يُوجِبُ أُجْرَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرًا الْعَقْدُ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ» وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ صِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ وَمَنْفَعَةٌ وَعَاقِدَانِ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَحَدِ الْأَرْكَانِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ بِقَوْلِهِ وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً مَعْلُومَةً قَابِلَةً لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ (مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) مُدَّةَ الْإِجَارَةِ (صَحَّتْ إجَارَتُهُ)

بِصِيغَةٍ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي، كَأَجَرْتك هَذَا الثَّوْبَ مَثَلًا فَيَقُولُ الْمُسْتَأْجِرُ: قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت. وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُؤَجِّرِ لِدَارٍ مَثَلًا: أَجَرْتُك مَنْفَعَتَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْطَى شَخْصٌ إلَخْ) . صُورَةُ ذَلِكَ: خُذْ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَاجْرِ وَرَاءَهَا وَلَك نِصْفُ مَا حَصَلَ مِنْهَا مَثَلًا. وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ: خُذْ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَأَلْقِ نَظَرَك عَلَيْهَا وَمُؤْنَتُهَا مِنْ عِنْدِي، فَالْفَوَائِدُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ إنْ كَانَ عَمَلُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ يَتَعَهَّدُهَا) كَمَا يَقَعُ لِلْفَلَّاحِينَ حَيْثُ يُعْطِي أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عِجْلًا مَثَلًا لِيُرَبِّيَهُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا.

قَوْلُهُ: (لَا تَحِلُّ بِعَمَلِهِ) وَهُوَ التَّعَهُّدُ.

[فَصْلٌ فِي الْإِجَارَةِ]

ِ مِنْ آجَرَهُ بِالْمَدِّ يُؤَاجِرُهُ إيجَارًا. وَيُقَالُ أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ يَأْجُرُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا أَجْرًا ق ل. وَذَكَرَهَا بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهَا فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ.

قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ) وَقَدْ اُشْتُهِرَتْ فِي الْعَقْدِ م ر، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ مُنَاسَبَةٌ بَلْ الْغَالِبُ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَعَمُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ.

قَوْلُهُ: (تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ) أَيْ بِصِيغَةٍ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " تَمْلِيكُ " عَقْدُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُمْلَكُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ، وَإِنَّمَا يُمْلَكُ بِهِ الِانْتِفَاعُ ح ل، وَكَذَا تَخْرُجُ بِهِ الْعَارِيَّةُ، وَهِيَ خَارِجَةٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ:" بِعِوَضٍ " قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ بِمَعْنَى الْمُسَمَّى الْعَقْدُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تَجِبُ بِلَا عَقْدٍ فِيمَا إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ الشَّرِكَةُ أَوْ الْمُسَاقَاةُ أَوْ الْقِرَاضُ.

قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ حَقِيقَةً إلَّا بِتَمَامِ الْمُدَّةِ ح ل؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ وُجُوبِهَا، كَمَا إذَا خَرِبَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ مَرْحُومِيٌّ: وَرُدَّ بِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ. وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي قَوْلِهِ: " ظَاهِرًا " وَقَالَ: لَا مَفْهُومَ لَهُ. اهـ. س ل، بَلْ الْعَقْدُ يُوجِبُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَوْلُهُ:(فَتَعَيَّنَ) أَيْ لِإِيجَابِ الْأُجْرَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ الْحَاجَةَ) بَلْ الضَّرُورَةَ؛؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ أَقْوَى مِنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهَا شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ، وَهُوَ الِاضْطِرَارُ.

قَوْلُهُ: (فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (بَيْعُ الْأَعْيَانِ) أَيْ لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَعَاقِدَانِ) الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِهَا أَرْبَعَةً أَنْ يَقُولَ: وَعَاقِدٌ.

قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةً) مَنْفَعَةً مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقُيُودِ ثَمَانِيَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ:" وَالْإِبَاحَةُ " وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُمَا قَيْدٌ وَاحِدٌ لِتَلَازُمِهِمَا، فَإِنَّ مَا يَقْبَلُ الْبَذْلَ لَا يَكُونُ حَرَامًا لِذَاتِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَالْإِبَاحَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الثَّوْبَ) أَيْ

ص: 206

سَنَةً مَثَلًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَقْبَلُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَرْتُك، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ تَأْكِيدًا كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك عَيْنَ هَذِهِ الدَّارِ وَرَقَبَتَهَا، فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ كَاسْتِئْجَارِ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ، وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَا يُسَمَّى إجَارَةً وَبِعِوَضٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَالشَّرِكَةُ وَالْإِعَارَةُ، وَبِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ، وَدَلَالَةِ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى قَلْعَةٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا، وَبِبَقَاءِ عَيْنِهِ مَا تَذْهَبُ عَيْنُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَالشَّمْعِ لِلسِّرَاجِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَذَكَرْت لَهَا شُرُوطًا أُخَرَ أَوْضَحْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.

وَإِنَّمَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ (إذَا قُدِّرَتْ مَنْفَعَتُهُ) فِي الْعَقْدِ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ) الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ بِتَعْيِينِ (مُدَّةٍ) فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ كَالسُّكْنَى وَالرَّضَاعِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إذْ السُّكْنَى وَمَا يُشْبِعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَنَةً مَثَلًا بِكَذَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ، فَلَا يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِ الثَّوْبِ. قَوْلُهُ:(وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا) إنَّمَا فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ فِيهِ خِلَافٌ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَبِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ:(أَجَرْتُك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إضَافَةِ الْإِجَارَةِ لِلْعَيْنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الثَّانِي لِوُضُوحِ الْمُرَادِ، وَسَنَةً لَيْسَ مَفْعُولًا فِيهِ لِأَجَرَ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ. أَيْ أَجَرْتُكَهُ وَانْتَفِعْ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] إنَّ التَّقْدِيرَ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَرْتُك) أَيْ الدَّارَ مَثَلًا، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ الْمَفْعُولَ إمَّا ضَمِيرًا أَوْ اسْمًا ظَاهِرًا.

قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةِ) يُتَأَمَّلْ فِيهِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ: فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةِ الْعَيْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

قَوْلُهُ: (الْعَيْنِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ لِلَبَنِهَا أَوْ نِتَاجِهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ) وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَإِنْ أَتْعَبَتْ بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ق ل. وَاسْتَشْكَلَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ لِنَحْوِ الْفَصْدِ دُونَ كَلِمَةِ " لَا تُتْعِبُ ".

قَوْلُهُ: (عَلَى عَمَلٍ) رَاجِعٌ لِلْجَعَالَةِ.

قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ) خُرُوجُهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (هِبَةِ الْمَنَافِعِ) كَأَنْ وَهَبَهُ مَنْفَعَةَ دَارِهِ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيَّةُ بِهَا) أَيْ الْمَنَافِعِ. قَوْلُهُ: (وَالشَّرِكَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ مَنْفَعَةً مَعْلُومَةً إلَخْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ لَكِنْ لَا بِعِوَضٍ بَلْ مَجَّانًا اهـ م د. قَوْلُهُ: (وَالْإِعَارَةُ) خُرُوجُهَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا مِلْكَ فِيهَا فَلَمْ تَدْخُلْ.

قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ) لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَتَدْخُلُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا إجَارَةٌ، إلَّا أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(كَالْحَجِّ بِالرَّزْقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ النَّفَقَةَ مِثَالَانِ لِلْجَعَالَةِ، وَمِثَالُ الْمُسَاقَاةِ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ إذَا فَصَّلَ لَهُ الْأَعْمَالَ وَبَيَّنَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ يُقَالُ إنَّ الْعَمَلَ مَعْلُومٌ وَالْعِوَضَ مَجْهُولٌ، أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ كَمْ يَخُصُّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ وَسْقٌ أَوْ وَسْقَانِ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ نِصْفًا مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (كَالشَّمَعِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانُهَا لَحْنٌ م د. صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: خِلَافُ الْأَفْصَحِ؛؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إسْكَانُهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُزْهِرِ لِلسُّيُوطِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرْت لَهَا) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) أَيْ التَّقْدِيرُ. وَقَوْلُهُ: " بِتَعْيِينِ مُدَّةٍ " يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إجَارَةُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآحَادِ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ.

فَرْعٌ: يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْأَذَانِ الْإِقَامَةُ وَلَا يَجُوزُ إجَارَةٌ لَهَا وَحْدَهَا إذْ لَا كُلْفَةَ اهـ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (كَالسُّكْنَى) كَأَنْ يَقُولَ أَجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أَوْ شَهْرًا لِتَسْكُنَهَا، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ سم. وَمِثْلُهُ: عَلَى أَنْ تَنْتَفِعَ بِهَا اهـ زي. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَذْكُرْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ شَرْطًا بِخِلَافِهِ فِي تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا.

قَوْلُهُ: (إذْ السُّكْنَى إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِيهَا جَمِيعَ اللَّيْلِ

ص: 207

الصَّبِيَّ مِنْ اللَّبَنِ وَمَا تُرْوَى بِهِ الْأَرْضُ مِنْ السَّقْيِ يَخْتَلِفُ وَلَا يَنْضَبِطُ، فَاحْتِيجَ فِي مَنْفَعَتِهِ إلَى تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ

(أَوْ) أَيْ وَالْأَمْرُ الثَّانِي بِتَعْيِينِ مَحِلِّ (عَمَلٍ) فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ الْقَدْرِ فِي نَفْسِهَا كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَالرُّكُوبِ إلَى مَكَان فَتَعْيِينُ الْعَمَلِ فِيهَا طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَتِهَا، فَلَوْ قَالَ لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ، بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّوْبِ مِنْ قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ أَهِيَ فَارِسِيَّةٌ أَوْ رُومِيَّةٌ إلَّا أَنْ تَطَّرِدَ عَادَةٌ بِنَوْعٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ تَقْدِيرُهَا بِهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ فِي اسْتِئْجَارِ عَيْنٍ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ لِي كَذَا شَهْرًا. أَمَّا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَمَحِلِّ الْعَمَلِ كَاكْتَرَيْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ بَيَاضَ النَّهَارِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ. كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِشَرْطِ كَوْنِ وَزْنِهِ كَذَا لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا يُقْطَعُ بِفَرَاغِهِ فِي الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالنَّهَارِ فَقَدْ تَقِلُّ وَقَدْ تَكْثُرُ قَوْلُهُ: (وَمَا يُشْبِعُ الصَّبِيَّ) أَيْ وَإِرْضَاعُ مَا يُشْبِعُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فِي مَنْفَعَتِهِ) أَيْ فِي مَنْفَعَةٍ هِيَ هُوَ، فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (بِتَعْيِينِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ الْمَنْفَعَةِ بِتَعْيِينِ مَحَلِّ عَمَلٍ، فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَمَلِ فَقَطْ كَالْخِيَاطَةِ لَا يَكْفِي.

قَوْلُهُ: (كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ) أَيْ فَإِنَّ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ تَتْمِيمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْلُومِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ إبْهَامًا لِاحْتِمَالِ الثَّوْبِ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، لَكِنَّ الْإِبْهَامَ لَا يُنَافِي الْعِلْمَ كَمَا فِي الْعِلْمِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْإِبْهَامِ بِخِلَافِ السُّكْنَى إنْ أُضِيفَتْ إلَى الدَّارِ فَإِنَّهَا مَجْهُولَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَلَمَّا كَانَ فِي الثَّوْبِ نَوْعُ إبْهَامٍ اُحْتِيجَ إلَى تَعْيِينِهِ بِنَحْوِ إشَارَةٍ لِتَعْيِينِ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ:(فَتَعْيِينُ الْعَمَلِ) أَيْ مَحَلُّ الْعَمَلِ بِنَحْوِ إشَارَةٍ. وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " طَرِيقٌ " وَقَوْلُهُ " فِيهَا " أَيْ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ، وَقَوْلُهُ:" إلَى مَعْرِفَتِهَا " أَيْ تَمْيِيزِهَا وَتَعْيِينِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِتَخِيطَ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَعْيِينِ الْمَحَلِّ. وَقَوْلُهُ: " لَمْ يَصِحَّ " أَيْ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَحَلِّ الْعَمَلِ. وَقَوْلُهُ: " بَلْ يُشْتَرَطُ " إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ثَابِتٌ وَانْتَقَلَ عَنْهُ لِحُكْمٍ آخَرَ، وَفِي عِبَارَتِهِ نَقْصٌ تَقْدِيرُهُ: بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ الثَّوْبَ وَأَنْ يُبَيِّنَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ رُومِيَّةٌ) الرُّومِيَّةُ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيَّةُ بِغُرْزَةٍ وَاحِدَةٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِهِمَا مَعًا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ يَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ بِالْمُدَّةِ فَقَطْ وَأَنْ يُقَدَّرَ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَقَطْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِهِمَا مَعًا مُجْتَمِعَيْنِ كَمَا تَوَهَّمَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ الْبَاطِلَةَ الْآتِيَةَ فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ جَمَعَ إلَخْ.

هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ:" مَعًا " وَكَذَا تَمْثِيلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اجْتِمَاعِهَا، وَهُوَ يُقَوِّي اعْتِرَاضَ الْقَلْيُوبِيِّ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ:" بَقِيَ إلَخْ " نَظَرًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِتَعْمَلَ لِي كَذَا شَهْرًا " إنْ كَانَ " كَذَا " كِنَايَةً عَنْ مُعَيَّنٍ كَخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْبَاطِلِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ؛ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ عَمَلٍ فَقَطْ كَخِيَاطَةٍ أَوْ بِنَاءٍ فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا تَنْضَبِطُ مَنْفَعَتُهُ كَالسُّكْنَى وَالْإِرْضَاعِ يَجِبُ فِيهِ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَنِ فَقَطْ، وَمَا تَنْضَبِطُ إمَّا أَنْ يُقَدَّرَ بِالزَّمَنِ أَوْ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ كَأَجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا شَهْرًا أَوْ لِتَرْكَبَهَا إلَى مَكَّةَ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ اسْتِئْجَارِ الدَّوَابِّ لِحَمْلِ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ مِنْ مَكَانِ ضَمِّهِ إلَى مَكَانِ دِرَاسِهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي يُسْتَوْفَى فِيهَا الْحَمْلُ. فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأَجِيرُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ، فَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً تَعَيَّنَتْ وَصَحَّتْ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَأْجِرُونَ عَلَى حَمْلِ زَرْعٍ مُبْهَمٍ بَلْ يَقُولُونَ: هَذَا الزَّرْعُ أَوْ الزَّرْعُ الْفُلَانِيُّ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَجِيرُ الزَّرْعَ وَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ أَرْضِهِ بِالْمِسَاحَةِ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ قَصِيرًا وَيَكُونُ طَوِيلًا وَيَخْتَلِفُ بِالْبُعْدِ وَعَدَمِهِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (لِتَعْمَلَ لِي كَذَا) أَيْ خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَمَّا لَوْ جَمَعَ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْمَحَلِّ. وَذِكْرُ النَّهَارِ لِلتَّعْجِيلِ لَا لِلتَّحْدِيدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (فِي قَفِيزِ) هُوَ

ص: 208

وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مَا شُرِطَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثُمَّ نَعَمْ إسْلَامُ الْمُشْتَرِي شَرْطٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَهُنَا لَا يُشْتَرَطُ فَيَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ وَكَذَا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ.

وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الْأَعْيَانِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنَافِعِ، كَمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ، وَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُك يُنَافِي قَوْلَهُ سَنَةً مَثَلًا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ، وَتَرِدُ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ مُعَيَّنٍ مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَنَحْوِهِمَا، كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا سَنَةٍ، وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ وَعَلَى ذِمَّةٍ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ مِنْ دَابَّةٍ وَنَحْوِهَا لِحَمْلٍ مَثَلًا، وَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ عَمَلًا كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أَوَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ.

وَشُرِطَ فِي الْأُجْرَةِ وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا مَرَّ فِي الثَّمَنِ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا، فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ بِعِمَارَةٍ وَعَلَفٍ لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ ذَكَرَ مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ فِي صَرْفِهِ فِي الْعِمَارَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِكْتَلٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا اهـ. أج. قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ قَدْ يَتَأَخَّرُ

قَوْلُهُ: (مَا شُرِطَ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ مِنْ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَكُونُ مُؤَجِّرًا وَإِنْ جَازَ لَهُ إجَارَةُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يُؤْمَرُ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا إذْ يُمْكِنُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ كَافِرًا يَنُوبُ عَنْهُ فِي خِدْمَةِ الْكَافِرِ ق ل؛ لِأَنَّ صُورَةَ الذِّمَّةِ أَنْ يَقُولَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِدْمَتِي شَهْرًا مَثَلًا. وَقَالَ ق ل أَيْضًا: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُهَا لَهُ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ اهـ، أَيْ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْإِجَارَةِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْعَقِدُ إلَخْ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالصِّيغَةِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ. وَعِبَارَةُ زي: قَوْلُهُ وَتُرَدُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا مُقَابِلُ الذِّمَّةِ، وَفِي قَوْلِهِمْ مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ مُقَابِلُ الْمَنْفَعَةِ؛ فَلَا تَنَافِيَ.

قَوْلُهُ: (لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْعَقَارِ الْكَامِلِ، أَمَّا بَعْضُهُ إذَا كَانَ النِّصْفَ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُهُ، وَمِثْلُ الْعَقَارِ السَّفِينَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا زي.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى ذِمَّةِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ إذْ هِيَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَارِدَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَرَقِيقٍ وَلَا يُقَالُ هُوَ دَاخِلٌ فِي الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِهَا فِي الْعُرْفِ ذَاتُ الْأَرْبَعِ. فَرْعٌ: ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إلَى صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ بِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَجْرُورِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ.

قَوْلُهُ: (لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى الْعَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَالَ الشَّيْخَانِ: وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، وَأَوْرَدَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَوَائِدَ مِنْهَا إجَارَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإجَارَةُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ إنْ قُلْنَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ صَحَّ أَوْ الْعَيْنُ فَلَا لِعَدَمِ قَبْضِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِنَجَاسَتِهَا فِي الثَّانِي، وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ لَفْظِيًّا اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ) أَيْ فِي تَفْصِيلِ الْأَرْكَانِ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي الْإِجْمَالِ ثَالِثٌ. قَوْلُهُ:(كَوْنُهَا مَعْلُومَةً) لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ صِحَّةُ الِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ بِالرِّزْقِ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ بِإِجَارَةٍ بَلْ نَوْعُ جَعَالَةٍ يُغْتَفَرُ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ) مُسْتَثْنًى مِنْ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ) فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً، فَإِنْ صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا وَيُصَدِّقُ الْمُسْتَأْجَرَ فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ، وَمَحَلُّهُ إذَا ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا فِي الْعَادَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ، شَرْحِ م ر؛ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ إنْ قَالُوا صَرَفَ

ص: 209

أَوْ الْعَلَفِ صَحَّ، وَلَا لِسَلْخِ شَاةٍ بِجِلْدِهَا وَلَا لِطَحْنِ الْبُرِّ مَثَلًا بِبَعْضِ دَقِيقِهِ كَثُلُثِهِ لِلْجَهْلِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ وَبِقَدْرِ الدَّقِيقِ وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأُجْرَةِ حَالًا. وَفِي مَعْنَى الدَّقِيقِ النُّخَالَةُ. وَتَصِحُّ إجَارَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا بِبَعْضِ رَقِيقٍ حَالًا لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ، وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى لَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي تَبَعًا.

وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَنْ تَكُونَ حَالَّةً كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْخِيرُ الْأُجْرَةِ وَلَا تَأْجِيلُهَا وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَلَا الْحَوَالَةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا، وَلَا الْإِبْرَاءُ مِنْهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْنَا كَذَا فِي نَظِيرِ حَمْلِنَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ عَمَلُهُمْ فِي الْعِمَارَةِ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ اهـ.

قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا) أَيْ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ كَعَشْرَةٍ. قَوْلُهُ: (خَارِجَ الْعَقْدِ) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ كَانَ فِي صُلْبِهِ فَلَا يَصِحُّ كَأَجَرْتُكَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَصْرِفَهُ فِي عِمَارَتِهَا أَوْ عَلَفِهَا لِلْجَهْلِ بِالصَّرْفِ فَتَصِيرُ الْأُجْرَةُ مَجْهُولَةً، فَإِذَا صَرَفَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ بِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا؛ وَالْأَوْجُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْجَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالصَّرْفِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَبَيْعِ زَرْعٍ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَأَجَرْتُكَهَا بِعِمَارَتِهَا، فَإِنْ عُيِّنَتْ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ بِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَى سَاكِنِ الْوَقْفِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.

قَوْلُهُ: (صَحَّ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا، شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا لِسَلْخِ شَاةٍ) الضَّابِطُ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْأَجِيرِ،. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (بِجِلْدِهَا) أَوْ بِجِلْدِ غَيْرِهَا إذَا لَمْ يُسْلَخْ، بِخِلَافِ مَا إذَا سُلِخَ فَيَصِحُّ ح ل.

قَوْلُهُ: (بِبَعْضِ دَقِيقِهِ) وَكَذَا بِبَعْضِ دَقِيقِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُطْحَنْ، بِخِلَافِ مَا إذَا طُحِنَ فَتَصِحُّ ح ل.

قَوْلُهُ: (وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأُجْرَةِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ كَأَنْ عَيَّنَ لَهُ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ الْحَبِّ وَسَلَّمَهُ لَهُ فِي الْحَالِ صَحَّ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ إجَارَةُ امْرَأَةٍ إلَخْ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا اسْتِئْجَارُ شَاةٍ لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ سَخْلَةٍ، فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِضِرَابِ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ:" لِعَدَمِ " الْحَاجَةِ أَيْ؛ وَلِأَنَّهَا قَدْ لَا تَنْقَادُ لِلْإِرْضَاعِ، بِخِلَافِ الْهِرَّةِ فَإِنَّهَا تَنْقَادُ بِطَبْعِهَا لِصَيْدِ الْفَأْرِ فَصَحَّ اسْتِئْجَارُهَا لَهُ، سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ طُرُقِ اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةِ الْهِرَّةِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَالِكٍ لَهَا وَيَتَعَهَّدَهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ فَيَمْلِكَهَا بِذَلِكَ كَالْوُحُوشِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ تَمْلِكُهَا بِالِاصْطِيَادِ اهـ.

فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ بَيْضًا يَخْدُمُهُ إلَى أَنْ يُفْرِخَ وَقَالَ لَهُ: لَك مِنْهُ كَذَا هَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِهِ حَالًّا صَحَّ وَاسْتَحَقَّهُ شَائِعًا وَإِلَّا كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً، فَالْفَرْخُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْمَقُولِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ؛ اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (مَثَلًا) أَيْ أَوْ رَجُلًا ذَا لَبَنٍ، أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَحْصُلُ الرَّجُلُ امْرَأَةً، وَالْبَهِيمَةُ لَيْسَتْ كَالْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ. وَصُورَةُ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُك لِإِرْضَاعِ هَذَا الرَّقِيقِ بِرُبْعِهِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ، وَإِنْ قَالَ: بِرُبْعِهِ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ، فَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَا يَصِحُّ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي قَصْدًا، وَهُوَ الْوَجْهُ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر قَلْيُوبِيٌّ، فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى اكْتَرَاهَا بِرُبْعِهِ حَالًّا لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ أَوْ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (بِبَعْضِ رَقِيقٍ) أَيْ بَعْضِ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (حَالًّا) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى لَهُ) وَهُوَ الْإِرْضَاعُ. قَوْلُهُ: (إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي) وَالْغَيْرُ هُوَ الْمَرْأَةُ الْمُرْضِعَةُ وَالْمُكْتَرِي هُوَ مَالِكُ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ اكْتَرَاهَا لِلْإِرْضَاعِ. وَهَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ أَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُنَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَيْرَ وَقَعَ تَبَعًا لَا قَصْدًا. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ) دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ،

ص: 210

وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لِمَكَانِ التَّسْلِيمِ مَكَانًا تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَمَوْضِعُ الْعَقْدِ. وَيَجُوزُ فِي الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلُهَا إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ (وَإِطْلَاقُهَا يَقْتَضِي تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ) فَتَكُونُ حَالَّةً كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ (إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ التَّأْجِيلُ) فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَتَتَأَجَّلُ كَالثَّمَنِ، وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ التَّأْجِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ وَتُمْلَكُ فِي الْحَالِ بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مُطْلَقَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ، مِلْكًا مُرَاعًى، بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ إنْ قَبَضَ الْمُكْتَرِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَكَمَّلَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِبَيَانِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَبَقِيَّةِ حُكْمِ إجَارَةِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ) إذْ لَا تَسْلِيمَ فِي الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لِمَكَانِ التَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ، وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَهَا.

قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) وَجْهٌ.

ذَلِكَ أَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ لَمَّا أَشْبَهَتْ السَّلَمَ بِتَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ جُعِلَ مَحَلُّ الْعَمَلِ كَمَحَلِّ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِي الْأُجْرَةِ إلَخْ) دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ. وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَخْ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلُهَا) أَيْ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُهَا) أَيْ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِأُجْرَةٍ فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلَهُ،. اهـ. قَلْيُوبِيٌّ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّأْجِيلُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ سم؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْإِطْلَاقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إمَّا إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ بِتَأْجِيلِهَا أَوْ يُطْلِقَ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ يُطْلِقُ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةٌ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَ الْعَقْدُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً وَلَا كَلَامَ، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ؛ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِحُلُولِهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالْأُجْرَةِ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَتْ حَالَّةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِتَأْجِيلِهَا صَحَّ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً كَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَالْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، كَذَلِكَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ قَبِلَتْهُ. وَهَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ سم.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَمْ يَجُزْ التَّأْجِيلُ) كَأَجَرْتُكَ الدَّارَ بِهَذِهِ الدِّينَارِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَتُمْلَكُ) أَيْ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةً.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُطْلَقَةً) أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَعْيِينِهَا وَلَا بِكَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ. وَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: أَجَرْتُك هَذَا بِدِينَارٍ مَثَلًا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَالَّةً فِي الذِّمَّةِ فَلَيْسَتْ قِسْمًا ثَالِثًا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُطْلَقَةٌ عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ تَكُونُ حَالَّةً فِي الذِّمَّةِ تَأَمَّلْ، فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مُعَيَّنَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقَةً مَا فِي الذِّمَّةِ أَمْ حَالَّةً أَمْ مُؤَجَّلَةً اهـ.

قَوْلُهُ: (مِلْكًا مُرَاعًى إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِإِجَارَةِ الْعَيْنِ فَقَطْ، وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَتَسْتَقِرُّ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ بَلْ يُبَدِّلُهَا بِغَيْرِهَا، وَيَنْبَنِي عَلَى مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كَانَتْ إجَارَةَ وَقْفٍ عَلَى بُطُونٍ، وَبِهَذَا صَرَّحَ سم بِقَوْلِهِ: وَقَضِيَّةُ مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى النَّاظِرِ إذَا مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ بَلْ عَلَى تَرِكَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ؛ وَخَالَفَ الْقَفَّالُ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَلَوْ قَبَضَ النَّاظِرُ أُجْرَةً مُعَجَّلَةً وَصَرَفَهَا عَلَى أَرْبَابِ الْوَقْفِ، ثُمَّ انْتَقَلَ الْوَقْفُ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ بِأَنْ كَانَ وَقْفَ تَرْتِيبٍ رَجَعَ مُسْتَحِقُّو الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ:" رَجَعَ مُسْتَحِقُّو الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ". فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ حَيٌّ طُولِبَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مُدَّةِ خُرُوجِهِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ كَانَ كَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُلْزَمُ بِهِ أَحَدٌ، اهـ أج مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ) كُلَّمَا ظَرْفِيَّةٌ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ وَجَوَابُهُ

ص: 211

الْعَيْنَ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ، فَلَا تَسْتَقِرُّ كُلُّهَا إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا لَتَلِفَ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ وَتَسْتَقِرُّ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أُجْرَةُ مِثْلٍ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مُسَمًّى فِي صَحِيحَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ. هَذَا هُوَ الْغَالِبُ وَقَدْ تُخَالِفُهَا فِي أَشْيَاءَ: مِنْهَا التَّخْلِيَةُ فِي الْعَقَارِ، وَمِنْهَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُكْتَرِي، وَمِنْهَا الْعَرْضُ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعَهُ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَا تَسْتَقِرُّ فِيهَا الْأُجْرَةُ فِي الْفَاسِدَةِ وَيَسْتَقِرُّ بِهَا الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ. وَشُرِطَ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ إجَارَةَ عَيْنٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ رُؤْيَةُ الدَّابَّةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَشُرِطَ فِي إجَارَتِهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِرُكُوبٍ ذِكْرُ جِنْسِهَا كَإِبِلٍ أَوْ خَيْلٍ وَنَوْعِهَا كَبَخَاتِيٍّ أَوْ عِرَابٍ، وَذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ، وَصِفَةِ سَيْرِهَا مِنْ كَوْنِهَا مُهَمْلِجَةً أَوْ بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا؛ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ.

وَشُرِطَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ لِلرُّكُوبِ ذِكْرُ قَدْرِ سُرًى وَهُوَ السَّيْرُ لَيْلًا أَوْ قَدْرِ تَأْوِيبٍ وَهُوَ السَّيْرُ نَهَارًا حَيْثُ لَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَشُرِطَ فِيهِمَا لِحَمْلٍ رُؤْيَةُ الْمَحْمُولِ إنْ حَضَرَ أَوْ امْتِحَانُهُ بِيَدٍ أَوْ تَقْدِيرُهُ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَذِكْرُ جِنْسِ مَكِيلٍ، وَعَلَى مُكْرِي دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ إكَافٌ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَبَرْذعَةٌ وَحِزَامٌ وَثَفَرٌ وَبَرَةٌ وَهِيَ الْحَلْقَةُ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ وَخِطَامٌ وَهُوَ زِمَامٌ يُجْعَلُ فِي الْحَلْقَةِ وَيُتْبَعُ فِي نَحْوِ سَرْجٍ وَحِبْرٍ وَكُحْلٍ وَخَيْطٍ وَصَبْغٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عُرْفٌ مُطَرِّدٌ فِي مَحِلِّ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِإِنْ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ " إنَّهُ " وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى زَمَنٍ، فَيَكُونُ ذِكْرُ زَمَنٍ بَعْدَهُ إظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَسْتَقِرُّ كُلُّهَا إلَخْ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ نَقْدًا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَقْتَهُ، فَإِنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِذَا حَلَّتْ الْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُكْتَرِي) أَيْ فِي الْمَنْقُولِ. وَقَوْلُهُ: " وَمِنْهَا الْعَرْضُ " أَيْ فِي الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَامْتِنَاعَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَعِيَّةِ، أَيْ مَعَ امْتِنَاعِهِ إلَخْ. فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (مُهَمْلِجَةً) الْمُهَمْلِجَةُ بِوَزْنِ مُدَحْرِجَةٍ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ سَرِيعَةُ السَّيْرِ مَعَ حُسْنِهِ، وَالْقُطُوفُ بَطِيئَتُهُ وَالْبَحْرُ مَا بَيْنَهُمَا؛ فَلِذَا وَسَطُهَا، وَهِيَ مُنَوَّنَةٌ كَمَا قَالَهُ ع ش.

قَوْلُهُ: (سُرًى) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُنَوَّنًا مَقْصُورًا ق ل.

قَوْلُهُ: (حُمِلَ إلَخْ) فَإِنْ شُرِطَ خِلَافُهُ اُتُّبِعَ.

قَوْلُهُ: (وَشُرِطَ فِيهِمَا) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ امْتِحَانُهُ إلَخْ " أَيْ اخْتِبَارُهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَوْ امْتِحَانُهُ بِيَدٍ، أَيْ إنْ حَضَرَ أَيْ وَكَانَ فِي ظَرْفٍ أَوْ حَجَرًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ جِنْسِ مَكِيلٍ) خَرَجَ الْمَوْزُونُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ، فَلَوْ قَالَ أَجَرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ بِدُونِ مِمَّا شِئْت صَحَّ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

وَيُحْسَبُ الظَّرْفُ مِنْ الْوَزْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: وَثَفَرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ تَحْتَ دُبُرِ الدَّابَّةِ ق ل وَيُسَمَّى بِذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهِ لِثُفْرِ الدَّابَّةِ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ حَيَاهَا زي. قَوْلُهُ: وَبَرَةٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً مَحْذُوفَةَ اللَّامِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ فَأَصْلُهَا بُرَوٌ حُذِفَتْ لَامُهَا وَعُوِّضَ عَنْهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ قَوْلُهُ وَهِيَ الْحَلْقَةُ أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِالْخِزَامِ بِالْخَاءِ وَالزَّايِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَلْقَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ بِدُونِهَا.

قَوْلُهُ: (وَحِبْرٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَرُ بِهِ الْكُتُبُ أَيْ يُحْسَنُ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَلَمَ وَاجِبٌ عَلَى الْوَرَّاقِ أَيْ النَّاسِخِ كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ. وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ لِلنَّسْخِ بَيَانُ عَدَدِ الْأَوْرَاقِ وَالْأَسْطُرِ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ بَيَانُ قَدْرِ الْحَوَاشِي وَقِطَعِ الْوَرَقِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ اهـ. وَالْحَوَاشِي هِيَ الْبَيَاضُ الْخَالِي عَنْ الْكِتَابَةِ، وَقَوْلُهُ:" وَقِطَعِ الْوَرِقِ " بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ كَنِصْفِ الْفَرْخِ أَوْ رُبْعِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَسَكَتُوا عَنْ بَيَانِ دِقَّةِ الْخَطِّ وَغِلَظِهِ وَعَنْ رُؤْيَةِ خَطِّ النَّاسِخِ وَهُوَ أَمْرٌ مُهِمٌّ، وَإِذَا غَلِطَ النَّاسِخُ فِي كِتَابَتِهِ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ قَالَهُ زي. وَقَوْلُهُ:" إذَا غَلِطَ النَّاسِخُ فِي كِتَابَتِهِ " أَيْ غَلَطًا فَاحِشًا.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَإِبْرَةِ الْخَيَّاطِ وَمِرْوَدِ الْكَحَّالِ وَذَرُورِهِ وَمَرْهَمِ الْجَرَايِحِيِّ وَصَابُونِ الْغَسَّالِ وَمَائِهِ وَوُقُودِ الْخَبَّازِ ق ل. وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِي

ص: 212

اللُّغَةِ، فَمَنْ اطَّرَدَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي مَحِلِّ الْإِجَارَةِ وَجَبَ الْبَيَانُ.

وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ غَالِبًا، فَيُؤَجَّرُ الرَّقِيقُ وَالدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَالدَّابَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ.

(وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ (بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) وَلَا بِمَوْتِهِمَا بَلْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجَرَ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ فَلَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ، لَكِنْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَجَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ وَمَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. وَمِنْهَا الْمُدَبَّرُ فَإِنَّهُ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. وَاسْتُثْنِيَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْته فِي شَرْحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَحْوِ سَرْجٍ.

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ مُدَّةً، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْمُدَّةُ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْإِجَارَةُ هِيَ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً، وَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بَيْنَهُمَا إلَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَفِي الصَّحِيحَةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَفِي الْفَاسِدَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى الْعَيْنِ وَإِلَّا فَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ لِتَقْصِيرِهِ.

قَوْلُهُ: (مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَقُولُ أَجَرْتُك هَذِهِ الْعَيْنَ مُدَّةَ بَقَائِهَا. فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِجَارَةِ، بَلْ أَنْ يَعْقِدَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُك سَنَةً أَوْ شَهْرًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى مَا يَتَّصِلُ بِالْعَقْدِ، أَمَّا انْتِهَاءُ الْمُدَّةِ فَشَرْطٌ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجَرْتُكَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ.

فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَ الْعَيْنَ مُدَّةً لَا تَبْقَى فِيهَا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الزَّائِدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، فَإِذَا أَخْلَفَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ لِبَقَائِهَا بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الزَّائِدِ لِظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَيُؤَجِّرُ الرَّقِيقَ إلَخْ) مَا لَمْ يَبْلُغْ الرَّقِيقُ الْعُمْرَ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَسَنَةً سَنَةً ح ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ لَهَا أَحْكَامًا ثَلَاثَةً.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُرْتَبِطَةٍ وَمُتَعَلِّقَةٍ بِالْعَيْنِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجِرَ إلَخْ) وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ سَتُؤَجَّرُ مِنْهَا وَإِلَّا فَإِنْ قَامَ الْوَارِثُ بِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ سم. قَوْلُهُ (الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ فِي الْعَقْدِ كَالْمُكْتَرِي لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ إلَخْ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ مِنْ حَيْثُ مَنْفَعَتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْرِدًا.

قَوْلُهُ: (لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ) أَيْ فَفِي الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ جِهَتَانِ: كَوْنُهُ مَوْرِدًا وَكَوْنُهُ عَاقِدًا، وَالِانْفِسَاخُ مِنْ الْأُولَى لَا مِنْ الثَّانِيَةِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يُسْتَثْنَى. قَوْلُهُ:(مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ) أَيْ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِانْفِسَاخِ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ، فَإِنَّ الِانْفِسَاخَ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ لَا لِأَجْلِ مَوْتِ الْعَاقِدِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَاقِدُ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ.

قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقَ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ أَجَرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَاتَّفَقَ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ مَعَ مَوْتِ السَّيِّدِ. فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، لَكِنْ لَا بِمَوْتِ الْعَاقِدِ بَلْ لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ. وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْفِسَاخِ بِالْمَوْتِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: م د قَوْلُهُ: " مَعَ مَوْتِهِ " لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَظْهَرَ وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ يُعْتَقُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ مُطْلَقًا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (تَنْفَسِخُ

ص: 213

الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ. .

وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْ حَاكِمً أَوْ مَنْصُوبِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوَقْفِ وَأَجَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَلَوْ أَجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً وَمَاتَ الْبَطْنُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَشَرَطَ الْوَاقِفُ لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ النَّظَرَ فِي حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَقَطْ، أَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا أَوْ مَا لَهُ مُدَّةٌ لَا يَبْلُغُ فِيهَا الصَّبِيُّ بِالسِّنِّ فَبَلَغَ فِيهَا بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ رَشِيدٌ انْفَسَخَتْ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ. وَلَا تَنْفَسِخُ فِي الصَّبِيِّ [] ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ تَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ.

(وَتَبْطُلُ) أَيْ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (بِتَلَفِ) كُلِّ (الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) كَانْهِدَامِ كُلِّ الدَّارِ لِزَوَالِ الِاسْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِمَوْتِهِ) قَدْ يُقَالُ انْفِسَاخُهَا بِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ لَا بِمَوْتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُدَبَّرِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ.

قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ) أَيْ إذَا أَجَرَهُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ تُوجَدُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَوُجُودُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ حُكْمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ عَقْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بَعْدَهُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِهِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّمْلِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوَقْفِ) بِأَنْ قَالَ الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ كَذَا عَلَى زَيْدٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا وَشَرَطَ النَّظَرَ لَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَائِدٌ عَلَيْهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ وَلَا حَقَّ لِوَارِثِهِ فِيهِ ق ل، قَدْ يُقَالُ: انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِهِ لِكَوْنِهِ أَجَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَجَرَ إلَخْ) هَلَّا قَالَ: وَمَا لَوْ أَجَرَ إلَخْ. وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: " مَا لَوْ كَانَ إلَخْ " وَيَجْعَلُ مَسْأَلَةَ إيجَارِ الْوَلِيِّ مَسْأَلَةَ الْوَلِيِّ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلَا تَنْفَسِخُ بِبُلُوغٍ بِغَيْرِ سِنٍّ.

قَوْلُهُ: (لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ) الْمُرَادُ لِكُلِّ شَخْصٍ سَوَاءٌ كَانَ بَطْنًا أَوْ بَعْضَهَا ق ل، أَوْ الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ أَفْرَادُهَا أَيْ أَفْرَادُ كُلِّ بَطْنٍ.

قَوْلُهُ: (مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ شَرْطَ النَّظَرِ لِكُلِّ بَطْنٍ أَوْ قَيَّدَهُ بِنَحْوِ الْأَرْشَدِ مِنْهُمْ وَمَا لَوْ تَأَخَّرَ التَّدْبِيرُ أَوْ الْإِيلَادُ أَوْ التَّعْلِيقُ عَنْ الْإِيجَارِ، فَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِ النَّظَرِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمُؤَجِّرِ فِي الْأُولَى وَتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ فِي الثَّانِيَةِ سم.

قَوْلُهُ: (مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا الصَّبِيُّ) فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ بِهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا فِيمَا زَادَ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ ق ل. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) جَوَابُ لَوْ.

قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " انْتَقَلَ " وَقَوْلُهُ: " وَلَا وِلَايَةَ لَهُ " أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ، وَقَوْلُهُ:" عَلَيْهِ " أَيْ الْوَقْفِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ) كَالْحَاكِمِ وَمَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ. قَوْلُهُ: " وَلَا نِيَابَةَ " كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَهُ:" وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ نَاظِرِ الْوَقْفِ إلَخْ " شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ) عَطْفٌ عَلَى انْفَسَخَتْ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ إجَارَةِ الصَّبِيِّ عَنْ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَجَعْلَهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً؛ لِأَنَّ جَوَابَهَا مُخَالِفٌ لِجَوَابِ مَا قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (أَيْ وَتَنْفَسِخُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الْبُطْلَانِ بِالِانْفِسَاخِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَذِكْرُ الْمُسْتَقْبَلِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ ق ل. وَقَدْ يُقَالُ لَهُ حَاجَةٌ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ يُوهِمُ بُطْلَانَهَا مِنْ أَصْلِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا مِنْ حِينِ عُرُوضِ الْمَانِعِ، وَالْبُطْلَانُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: التَّلَفُ، وَكَوْنُهُ لِكُلِّ الْعَيْنِ، وَكَوْنُ الْإِجَارَةِ إجَارَةَ عَيْنٍ. أَمَّا التَّعَيُّبُ وَتَلَفُ الْبَعْضِ فَيُثْبِتُ الْخِيَارَ لَا الْفَسْخَ، وَأَمَّا التَّلَفُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَيَجِبُ فِيهِ الْإِبْدَالُ فَلَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا تَلِفَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ وَسَلِمَ الْمَحْمُولُ أَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَسَلِمَ الْحَمْلُ وَمَوْتِ الْخَيَّاطِ وَالْبَنَّاءِ وَالصَّبَّاغِ وَالْمُعَلِّمِ وَسَلِمَ الثَّوْبُ وَالْبِنَاءُ وَالصَّبِيُّ الْمُتَعَلِّمُ وَجَبَ قِسْطُ الْأُجْرَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ كَأَنْ غَرِقَتْ الْحُمُولُ وَسَلِمَتْ السَّفِينَةُ أَوْ انْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ الْمَحْمُولَةُ وَسَلِمَ الْحَامِلُ فَلَا أُجْرَةَ لِلْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ، وَأَمَّا إذَا تَلِفَ الثَّوْبُ بِسَرِقَةٍ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ أَوْ قَبْلَ تَكْمِيلِ صَبْغِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي بَيْتِهِ وَجَبَ الْقِسْطُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا فَلَا يَجِبُ الْقِسْطُ كَغَرَقِ الْمَحْمُولِ وَسَلَامَةِ السَّفِينَةِ.

ص: 214

وَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْبَيْعِ حَصَلَ عَلَى جُمْلَةِ الْمَبِيعِ، وَالِاسْتِيلَاءَ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا. وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ لِبَقَاءِ الِاسْمِ مَعَ إمْكَانِ زَرْعِهَا بِغَيْرِ الْمُنْقَطِعِ، بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي. وَتَنْفَسِخُ بِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتَرٍ لِلْمُعَيِّنِ مُدَّةَ حَبْسِهِ إنْ قَدَّرَ بِمُدَّةٍ سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ الْمُكْرِي أَمْ غَيْرُهُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْمُكْتَرِي، أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي، وَلَا بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِتَلَفِ كُلِّ الْعَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ حِسًّا كَمَا مَثَّلَ أَوْ شَرْعًا، كَامْرَأَةٍ اُكْتُرِيَتْ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ مُدَّةً فَحَاضَتْ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ:" فَحَاضَتْ " قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ، وَنَحْوُهُ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَفَتْ وَخَدَمَتْ بِنَفْسِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ؛ قَالَ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ (الْمُسْتَأْجَرَةِ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إجَارَةَ ذِمَّةٍ كَأَنْ أَسْلَمَهُ دَابَّةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَتَلِفَتْ، فَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِتَلِفِهَا وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهَا وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إبْدَالُهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ عِنْدَ يَسَارِهِ دُونَ إعْسَارِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ أَيْ عِنْدَ الْإِعْسَارِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (كَانْهِدَامِ كُلِّ الدَّارِ) سَوَاءٌ هَدَمَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ انْهَدَمَتْ بِنَفْسِهَا. وَفِي هَدْمِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَاعِدَةِ: مَنْ اسْتَعْجَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. كَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَوْ اسْتَعْجَلَتْ إلْقَاءَ الْحَمْلِ أَوْ الْحَيْضَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ. اهـ. م د. وَقَوْلُهُ: " عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ " أَيْ بِحِرْمَانِ الِانْفِسَاخِ بِأَنْ تَبْقَى الْإِجَارَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ الِاسْمِ) فِيهِ أَنَّ الِاسْمَ لَا يَزُولُ؛ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الثَّانِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَيْهَا فِي حَالِ الِانْهِدَامِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ.

قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ) فَلَوْ لَمْ يُمْكِنُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَتَأَتَّ سَوْقُ مَاءٍ إلَيْهَا أَصْلًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ اهـ مَرْحُومِيٌّ

وَأُجْرَةُ سَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا فَانْحَسَرَ عَنْ بَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْهُ دُونَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ. اهـ. زي. وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَصِحَّ الْإِجَارَةُ، وَكَذَا لَهُ الْخِيَارُ إنْ تَأَخَّرَ انْحِسَارُ الْمَاءِ عَنْهَا عَنْ أَوَانِ الزَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (بِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتَرٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ مِنْ مُكْرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. وَلَوْ كَانَ حَبْسُ الْمُكْرِي لِأَجْلِ الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا حَبْسُ الْأَجْنَبِيِّ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ظُلْمًا أَوْ عَنْ جِهَةِ الْمُكْرِي كَدَيْنٍ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَنْفَسِخُ مُدَّةَ الْحَبْسِ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُعَيِّنِ) خَرَجَ مَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ بَلْ يُبْدَلُ. وَفِي نُسْخَةٍ لِلْعَيْنِ: وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: " حَبْسِهِ ".

قَوْلُهُ: (مُدَّةَ حَبْسِهِ) ظَرْفٌ لِتَنْفَسِخَ وَانْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَا تَسْتَقِرُّ أُجْرَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَنَّهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَبْسِ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ بِلَا عَقْدٍ، وَكَوْنُ الشَّيْءِ يَعُودُ صَحِيحًا بِلَا عَقْدٍ بَعْدَ انْفِسَاخِهِ مِمَّا لَا نَظِيرَ لَهُ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (إنْ قُدِّرَ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: إنْ قُدِّرَتْ؛ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَخَرَجَ بِالتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ التَّقْدِيرُ بِالْمَحَلِّ كَأَنْ آجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَكَان وَحُبِسَتْ مُدَّةَ إمْكَانِ الْمَسِيرِ إلَيْهِ فَلَا تَنْفَسِخُ إذْ لَا يَتَعَذَّرُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ وَقَوْلُهُ الْمُكْرَى وَلَوْ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ قَبْضَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَا بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ قَبْضُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ اسْتِيفَاؤُهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ) وَلَا خِيَارَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي) وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَيْهِ دَفْعُ الْأُجْرَةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ) هَذِهِ

ص: 215

إجَارَةَ وَقْفٍ لِجَرَيَانِهَا بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُولِيهِ ثُمَّ زَادَتْ الْقِيمَةُ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ، وَلَا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ حَالَةَ مِلْكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا بِالدُّخُولِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى بِهِ كَمَحْمُولٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ، وَمُسْتَوْفًى فِيهِ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ فِي طَرِيقٍ إلَى قَرْيَةٍ بِمِثْلِ الْمُسْتَوْفِي وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ أَوْ بِدُونِ مِثْلِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا لَوْ أَكْرَى مَا اكْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّهُمَا طَرِيقَانِ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِمَا. وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفًى مِنْهُ كَدَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ إلَّا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ، فَيَجِبُ إبْدَالُهُ لِتَلَفٍ أَوْ تَعْيِيبٍ. وَيَجُوزُ مَعَ سَلَامَةٍ مِنْهُمَا بِرِضَا مُكْتَرٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ) فِي تَلِفِ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ، أَوْ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إنْ قُدِّرَتْ بِمَحِلِّ عَمَلٍ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ كَالْوَدِيعِ، فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فَتَلِفَتْ أَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ صَبْغِهِ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ أَمْ لَا، كَأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (بِالْغِبْطَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغِبْطَةِ هُنَا الْمَصْلَحَةُ؛ لِأَنَّ الْغِبْطَةَ مَا لَهُ وَقْعٌ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ) أَيْ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ) كَأَنْ أَجَرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِهِ عِتْقُهُ كَأَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَرَهُ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ قَبْلَهَا، شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَدْ مَرَّ فِي الشَّرْحِ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ م ر وع ش. قَوْلُهُ:(وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَكُونُ الْمَهْرُ لَهَا، مَعَ أَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ وُجِدَ فِي مِلْكِهِ حَرَّرَهُ.

قَوْلُهُ: (يَجُوزُ إبْدَالُ مُسْتَوْفٍ) كَالرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِمَا شَاءَ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ. فَإِنْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ شُرِطَ عَدَمُ إبْدَالِ الْمَحْمُولِ اُتُّبِعَ.

قَوْلُهُ: (بِمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِبْدَالِ فِي الثَّلَاثَةِ. وَقَوْلُهُ " أَمَّا الْأَوَّلُ " أَيْ جَوَازُ إبْدَالِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَكَمَا) أَيْ فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَكْرَى إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ مُتَعَيِّنٌ بِالْقَبْضِ " أَيْ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَكَانَ الْأَجِيرُ مُكَلَّفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا بِإِجَارَةٍ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ وَلِيِّهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّقْصِيرِ، وَالضَّمَانُ عَلَى وَلِيِّهِ لَا عَلَيْهِ. وَحَمَلَ الشَّارِحُ الْأَجِيرَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَأْجِرَ لِدَابَّةٍ مَثَلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:" فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً إلَخْ ".

وَحَمَلَهُ سم عَلَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ كَخِيَاطَةٍ وَأَلْحَقَ الْمُسْتَأْجِرَ بِهِ فَقَالَ: وَكَالْأَجِيرِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُسْتَأْجِرُ اهـ. وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْأَجِيرِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَغْلِيبٌ.

وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَالْمُكْتَرِي أَمِينٌ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ كَأَجِيرٍ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَمِينٌ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْأَجِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ) الْأَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ بِالْعَطْفِ عَطَفَ عِلَّةً عَلَى عِلَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ:"؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَخْ " إذْ لَا حَقَّ لِلْأَجِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ، إذْ لَا يَلْزَمُهَا رَدُّهَا حِينَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ إذَا طَلَبَهَا كَالْوَدِيعَةِ اهـ سم. قَوْلُهُ:(اسْتِصْحَابًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: " وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ الْغَايَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (كَالْوَدِيعِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَكَالْوَدِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (فَتَلِفَتْ) أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ: كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ إلَخْ حُرِّرَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْتَرَاهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَجِيرُ وَقَوْلُهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ لِحِرَاسَةٍ كَالرَّاعِي. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ الَّذِينَ يَحْرُسُونَ الْأَسْوَاقَ بِاللَّيْلِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ، وَمِنْ التَّقْصِيرِ النَّوْمُ

ص: 216

قَعَدَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ حَتَّى يَعْمَلَ أَوْ أَحْضَرَ مَنْزِلَهُ لِيَعْمَلَ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ (إلَّا بِعُدْوَانٍ) كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّابَّةِ فَتَلِفَتْ بِسَبَبٍ، كَانْهِدَامِ سَقْفِ إصْطَبْلِهَا عَلَيْهَا فِي وَقْتِ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا فِيهِ عَادَةً لَسَلِمَتْ وَكَأَنْ ضَرَبَهَا أَوْ نَخَعَهَا بِاللِّجَامِ فَوْقَ عَادَةٍ فِيهِمَا، أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ، أَوْ أَسْكَنَ مَا اكْتَرَاهُ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارَ دَقٍّ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ حَمَّلَ الدَّابَّةَ مِائَةَ رِطْلِ شَعِيرٍ بَدَلَ مِائَةِ رِطْلِ بُرٍّ أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ حَمَّلَهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ بُرٍّ بَدَلَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ فَيَصِيرَ ضَامِنًا لَهَا لِتَعَدِّيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَّلَهَا عَشْرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ بَدَلَ عَشْرَةِ أَقْفِزَةِ بُرٍّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالنِّسْيَانُ وَالْغَيْبَةُ إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْ مِثْلَهُ أَوْ أَحْفَظَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ اللَّيْلُ وَلَمْ يُبَادِرْ حَتَّى سُرِقَتْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، ح ل وَز ي مَعَ زِيَادَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا أَنَّ خَفِيرَ الْجُرْنِ وَخَفِيرَ الْغَيْطِ وَنَحْوَهُمَا عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ حَيْثُ قَصَّرُوا. اهـ. ع ش. قَوْلُهُ:(لَمْ يَضْمَنْ) لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَيْنَ كَمَا تَسَلَّمَهَا، فَلَوْ تَعَجَّلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا.

وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ دَفْعِ كِرَاءِ الْمَحْمُولِ مُعَجَّلًا ثُمَّ تَغْرَقُ السَّفِينَةُ قَبْلَ وُصُولِهَا مَكَانَ التَّسْلِيمِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَعَجِّلِ رَدُّهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا. قَوْلُهُ:(إلَّا بِعُدْوَانٍ) وَمِنْ التَّعَدِّي مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى دَابَّةً فَأَعْطَاهَا لِآخَرَ يَرْعَاهَا فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَهُ، وَإِلَّا فَالْقَرَارُ عَلَى الْأَوَّلِ. وَكَذَا لَوْ أَسْرَفَ الْخَبَّازُ فِي الْوَقُودِ أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ شَرْحِ م ر. وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ مِثْلَ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ يَحْصُلُ بِدُونِ ضَرْبٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ س ل. وَمِثْلُهُمْ الْحَمَّامِيُّ إذَا اُسْتُحْفِظَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ وَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَفْرَادَ الْأَمْتِعَةِ قِطْعَةً قِطْعَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَفْرَادِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْغَارِمُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْأَجِيرُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الضَّمَانِ سم، نَعَمْ إنْ أَخْبَرَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ بِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ تَعَدٍّ لَمْ يُصَدَّقْ وَعُمِلَ بِقَوْلِهِمَا اهـ.

قَوْلُهُ: (كَانْهِدَامِ سَقْفِ إصْطَبْلِهَا إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ لُسِعَتْ بِحَيَّةٍ فِي الْمَكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ انْهِدَامِ الْإِصْطَبْلِ أَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِ هَذَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سُرِقَتْ. اهـ. عَزِيزِيٌّ. وَقَوْلُهُ:" إصْطَبْلِهَا " هَمْزَةُ قَطْعٍ لَا هَمْزَةُ وَصْلٍ.

قَوْلُهُ: (فِي وَقْتٍ لَوْ انْتَفَعَ بِهَا) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ ضَمَانَ الدَّابَّةِ بِوَضْعِهَا فِي الْأَصْلِ فِي وَقْتٍ جَرَى الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ز ي، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ م ر، كَأَنْ سُرِقَتْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ أَنَّ ضَمَانَ الْيَدِ يَحْصُلُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا، فَإِنْ سُرِقَتْ مَثَلًا ضَمِنَ وَضَمَانُ الْجِنَايَةِ إنَّمَا يَضْمَنُهَا بِوُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ هُنَا الْهَدْمُ بِسَبَبِ الرَّبْطِ أج. وَمِثْلُ السَّرِقَةِ لَسْعُ عَقْرَبٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَزَلَتْ عَلَيْهَا صَاعِقَةٌ، أَيْ فَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْيَدِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّلَفَ الْحَاصِلَ بِالرَّبْطِ يُضْمَنُ ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ بِذَلِكَ، خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيّ اهـ. وَقَالَ سم: وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِي رَدِّهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي وَقْتِهِ فَمَاتَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهَا وَكَذَا لَوْ تَلِفَتْ بِمَا لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا مِنْهُ كَانْهِدَامِ السَّقْفِ عَلَيْهَا فِي لَيْلٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لَسَلِمَتْ) أَيْ مِنْ التَّلَفِ بِهَذَا السَّبَبِ. وَوَجْهُ كَوْنِهِ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَمَّا نَشَأَ الِانْهِدَامُ عَلَيْهَا مِنْ تَرْكِهِ لَهَا كَانَ كَأَنْ بِفِعْلِهِ.

قَوْلُهُ: (فَوْقَ عَادَةٍ) هَذَا ضَمَانُ يَدٍ فَمَتَى تَلِفَتْ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ضَمِنَهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أج.

قَوْلُهُ: (مِائَةَ رِطْلِ شَعِيرٍ إلَخْ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْبُرِّ بِسَبَبِ ثِقَلِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَالشَّعِيرِ لِخِفَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ، فَضَرَرُهُمَا مُخْتَلِفٌ شَرْحِ م ر بِتَغْيِيرٍ. وَأَيْضًا الشَّعِيرُ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ يَتَمَوَّجُ بِسَبَبِ الْهَوَاءِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ مِنْ الْبُرِّ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدُونِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضُرُّ إبْدَالُ الْمَوْزُونِ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ وَبِأَثْقَلَ، وَالْمَكِيلُ يَضُرُّ إبْدَالُهُ بِأَثْقَلَ مِنْهُ فَقَطْ مَيْدَانِيٌّ، أَيْ وَيَجُوزُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ، فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ بِمِثْلِهِ وَبِدُونِهِ أَيْ إذَا كَانَ مَكِيلًا، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ أَيْ مِثْلِهِ فِي الْحَجْمِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ اسْتِوَائِهِمَا) فَلَا يَرِدُ عَدَمُ جَوَازِ إبْدَالِ مِائَةِ رِطْلِ بُرٍّ بِمِائَةِ رِطْلِ شَعِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِعَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ؛ لِأَنَّ

ص: 217

تَنْبِيهٌ: لَا أُجْرَةَ لِعَمَلٍ كَحَلْقِ رَأْسٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِلَا شَرْطِ أُجْرَةٍ، وَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِهَا لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا مَعَ صَرْفِ الْعَامِلِ مَنْفَعَتَهُ. هَذَا إذَا كَانَ حُرًّا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا إذْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ دَاخِلِ الْحَمَّامِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْحَمَّامِ بِسُكُونِهِ فِيهِ، وَبِخِلَافِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِلْإِذْنِ فِي أَصْلِ الْعَمَلِ الْمُقَابَلِ بِعِوَضٍ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ قَطَعَ الْخَيَّاطُ ثَوْبًا وَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ لِمَالِكِهِ: بِذَا أَمَرَتْنِي. فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ أَمَرْتُك بِقَطْعِهِ قَمِيصًا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ. وَلَهُ عَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ نَقْصِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ بِلَا إذْنٍ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً. وَالثَّانِي: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ أَوْ كَانَ مَقْطُوعًا قَبَاءً أَكْثَرَ قِيمَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. .

وَيَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَجْمَ الشَّعِيرِ أَكْبَرُ. بَقِيَ مَا لَوْ ابْتَلَّ الْمَحْمُولُ وَثَقُلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَثْبُتُ لِلْمُكْرِي الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ وَبِدَابَّتِهِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ نَقْلُهُ إلَيْهِ لِثِقَلِ الْمَيِّتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ: لَا أُجْرَةَ لِعَمَلٍ) وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَوْ جَلَسَ إنْسَانٌ عِنْدَ الطَّبَّاخِ وَقَالَ: أَطْعِمْنِي رَطْلًا مِنْ اللَّحْمِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَأَطْعَمَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّقْدِيمِ لَهُ مُسَلِّطٌ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى يُضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الثَّمَنَ، وَالْبَيْعُ إنْ صَحَّ أَوْ فَسَدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الثَّمَنِ اهـ مِنْ الْقَوْلِ التَّامِّ فِي آدَابِ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِابْنِ الْعِمَادِ. وَلَوْ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى الْقَصَّارِ أَوْ الْخَيَّاطِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَعَرَّضَ بِالْأُجْرَةِ كَقَوْلِهِ: اعْمَلْ وَأَنَا أُرْضِيك، أَوْ مَا تَرَى مِنِّي إلَّا مَا يَسُرُّك؛ فَعَمِلَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَيَسْتَحِقُّ عَامِلُ الزَّكَاةِ أُجْرَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا الْإِمَامُ عِنْدَ بَعْثِهِ.

قَوْلُهُ: (بِهَا) أَيْ بِالْأُجْرَةِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ:" عُرِفَ ".

قَوْلُهُ: (فَلَا) أَيْ فَلَا لَا أُجْرَةَ بَلْ الْأُجْرَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ. فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى بَيْتًا يَضَعُ فِيهِ مِائَةَ إرْدَبٍّ فَوَضَعَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ: إحْدَاهُمَا يُخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالثَّانِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكُلٍّ اهـ عَمِيرَةَ.

قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ بِإِذْنٍ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْحَمَّامِ السَّفِينَةُ مَرْحُومِيٌّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمَّامَ وَالسَّفِينَةَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ، فَإِنْ دَخَلَهُمَا بِلَا إذْنٍ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِجُلُوسِهِ فِيهِمَا صَارَ غَاصِبًا لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ بِخِلَافِ وَضْعِ الْمَتَاعِ عَلَى الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لَهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النَّقْلِ أَوْ الرُّكُوبِ، فَهُوَ أَيْ الدُّخُولُ بِلَا إذْنٍ نَظِيرُ مَا لَوْ وَجَدَهُ يُتْلِفُ مَالَهُ وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ زِيَادِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قَبَاءً) بِفَتْحِ الْقَافِ جَمْعُهُ أَقْبِيَةٌ كَقَضَاءٍ وَأَقْضِيَةٍ.

قَوْلُهُ: (بِذَا أَمَرَتْنِي) أَيْ فَتَلْزَمُكَ الْأُجْرَةُ لِي.

قَوْلُهُ: (بَلْ أَمَرْتُك بِقَطْعِهِ) أَيْ فَلَا أُجْرَةَ لَك وَيَلْزَمُك أَرْشُ نَقْصِهِ ح ل. وَلَوْ أَحْضَرَ الْخَيَّاطُ ثَوْبًا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: لَيْسَتْ هَذِهِ ثَوْبِي، وَقَالَ الْخَيَّاطُ: بَلْ هِيَ ثَوْبُك؛ صُدِّقَ الْخَيَّاطُ بِيَمِينِهِ ح ل؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، أَيْ وَصَارَ الْخَيَّاطُ مُقِرًّا بِهَا لِمَنْ يُنْكِرُهَا فَلَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ سم. قَوْلُهُ:(فَيَحْلِفُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ م د.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَثْبَتَ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَائِمُ الْمُدَّعِيَ وَإِنَّمَا يُلَائِمُ الْمُعْتَمَدَ الْآتِيَ، وَالْمُنْتِجُ لِهَذَا الْقَوْلِ إنَّمَا هُوَ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْقَطْعِ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي إلَخْ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذَكَرَ وَاجِبًا عَلَى الْمُكْرِي أَنَّهُ

ص: 218