المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الغصب - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٣

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّبَا

- ‌[فَرَع لَوْ تلف الْمَبِيع بِآفَةِ فِي زَمَن الْخِيَار قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌فَصْلٌ فِي السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌفِي الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْمُسَاقَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْإِجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَقْفِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ

- ‌[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]

- ‌كِتَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الصَّدَاقِ

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَ حِفْظَ الْقُرْآنِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ الطَّلْقَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْمُطَلَّقَةِ

الفصل: ‌فصل: في الغصب

بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيطِ الْمَالِكِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ السَّلْطَنَةِ وَبِأَنَّ الْمَالِكَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ

‌فَصْلٌ: فِي الْغَصْبِ

وَهُوَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا وَقِيلَ أَخْذُهُ ظَلَمَا جِهَارًا وَشَرْعًا اسْتِيلَاءٌ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا حَقٍّ. وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] أَيْ لَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِالْبَاطِلِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُعِيرِ) خَرَجَ بِالرُّجُوعِ جَهْلُهُ بِالْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ مِنْ الْمَالِكِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ أَبَاحَ الطَّعَامَ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ أَكَلَهُ الْمُبَاحُ لَهُ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الْمَنَافِعِ أَضْعَفُ مِنْ إبَاحَةِ الْأَعْيَانِ فَضَيَّقَ فِي الْأَعْيَانِ ز ي. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ أَعَارَهُ شَاةً لِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا أَوْ أَعَارَهُ شَجَرَةً لِأَخْذِ ثَمَرِهَا ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَكَذَا نَقَلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ بَقَاءُ السَّلْطَنَةِ) أَيْ سَلْطَنَةِ الْمُسْتَعِيرِ.

[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ]

ِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْعَارِيَّةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا فِي الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَهُوَ كَبِيرَةٌ، قِيلَ: إنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا أَيْ رُبُعَ دِينَارٍ، وَقِيلَ: إنْ بَلَغَهُ وَلَوْ حَبَّةَ بُرٍّ اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (جِهَارًا) لِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (اسْتِيلَاءً) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مِنْ جِهَتَيْنِ: أُولَاهُمَا قَوْلُهُ اسْتِيلَاءً يَشْمَلُ الْمَنَافِعَ كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ حُكْمًا وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: " بِلَا حَقٍّ " يَشْمَلُ مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مُقَيَّدٌ بِالْأَخْذِ ظُلْمًا فَيَكُونُ أَخَصَّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَعَمُّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ) وَلَوْ مَنْفَعَةً كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَى مَحَلِّهِ، أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَكَلْبٍ نَافِعٍ وَزِبْلٍ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: كَإِقَامَةِ مَنْ قَعَدَ بِمَسْجِدٍ أَيْ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِمَحَلِّهِ، فَإِنْ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ كَإِجَابَةِ دَاعٍ وَحَدَثٍ وَرُعَافٍ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ لَا لِعُذْرٍ أَوْ لَهُ لَا لِيَعُودَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ، وَالْقُعُودُ لِذِكْرٍ أَوْ تَسْبِيحٍ أَوْ سَمَاعِ قُرْآنٍ حُكْمُهُ كَالْجَالِسِ لِلصَّلَاةِ، وَإِذَا اعْتَادَ مَوْضِعًا لِيَقْرَأَ فِيهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا شَرْعِيًّا أَوْ يُفْتِيَ فِيهِ فَإِنْ فَارَقَهُ تَارِكًا لِحَقِّهِ أَوْ مُنْتَقِلًا لِغَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ جُلُوسُ الطَّلَبَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُدَرِّسِ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ،. اهـ. مُنَاوِيٌّ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ. وَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ مَا لَوْ مَنَعَ شَخْصًا عَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ شَجَرِهِ حَتَّى تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ دَابَّةً فِيهَا لَبَنٌ فَمَاتَ وَلَدُهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْوَلَدَ لِلْفِعْلِ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ وَهُوَ إتْلَافُ غِذَائِهِ.

قَوْلُهُ: (الْغَيْرِ) دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى " الْغَيْرِ " قَلِيلٌ فِي اللُّغَةِ كَثِيرٌ فِي أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ عَدَّهُ الْحَرِيرِيُّ لَحْنًا اهـ دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِلَا حَقٍّ) خَرَجَ الْعَارِيَّةُ وَالسَّوْمُ وَنَحْوُهُمَا؛ زَادَ بَعْضُهُمْ " جِهَارًا " لِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِخُرُوجِهَا بِقَوْلِهِ " اسْتِيلَاءً "؛ لِأَنَّهُ مُنْبِئٌ عَنْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ} [البقرة: 188] هُوَ مِنْ بَابِ الْكُلِّيَّةِ، أَيْ لَا يَأْكُلْ وَاحِدٌ مِنْكُمْ مَالَ غَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ: قَوْلُهُ لَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ أَيْ بِالْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ لَهُ وَبَيْنَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ أَوْ الْحَالِ مِنْ الْأَمْوَالِ.

قَوْلُهُ: (بِالْبَاطِلِ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَالظَّافِرِ بِجِنْسِ حَقِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ. قَوْلُهُ:(إنَّ دِمَاءَكُمْ) أَيْ سَفْكَ دِمَاءِ بَعْضِكُمْ وَأَكْلَ أَمْوَالِ بَعْضِكُمْ وَالْخَوْضَ فِي أَعْرَاضِ بَعْضِكُمْ، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِي الْكُلِّ. وَعِبَارَةُ ع ش: أَيْ إنَّ دِمَاءَ بَعْضِكُمْ إلَخْ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِكُمْ، وَتَرَكَ الشَّارِحُ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا قَبْلَهُ.

ص: 165

مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَإِنَّهُ غَصْبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْمٌ. وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ حُكْمُ الْغَصْبِ لَا حَقِيقَتُهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْغَصْبَ. يَقْتَضِي الْإِثْمَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ غَالِبًا، فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً لِغَيْرِهِ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ.

(وَمَنْ غَصَبَ مَالًا) أَوْ غَيْرَهُ (لِأَحَدٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا وَكَانَ بَاقِيًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ) أَيْ كَمَا دَخَلَ فِيهِ أَيْضًا مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَالْإِثْمُ كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُتَمَوِّلِ عُدْوَانًا، وَمَا فِيهِ الْإِثْمُ فَقَطْ كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ عُدْوَانًا.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ إلَخْ) قَالَ م ر: وَقَدْ أَفَادَ الْوَالِدُ أَنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ: حَقِيقَةً وَإِثْمًا وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، وَضَمَانًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِثْمًا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْغَصْبُ فِيهِ الْإِثْمُ وَالضَّمَانُ كَمَا إذَا اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَمِنْهُ الْقَبْضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَوْ الضَّمَانُ دُونَ الْإِثْمِ كَمَا إذَا اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ مَالُهُ، أَوْ الْإِثْمُ دُونَ الضَّمَانِ كَمَا إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الِاخْتِصَاصِ غَيْرُهُ عَالِمًا بِهِ. وَمِثْلُ الِاخْتِصَاصِ الْمَالُ الَّذِي لَا يُتَمَوَّلُ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِالْحَيَاءِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: مَنْ طَلَبَ مِنْ غَيْرِهِ مَالًا فِي الْمَلَإِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ لِبَاعِثِ الْحَيَاءِ فَقَطْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ الصُّوَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ مُرَادًا) أَيْ الِاقْتِضَاءُ. وَقَوْلُهُ: " وَإِنْ كَانَ " أَيْ اقْتِضَاؤُهُ الْإِثْمَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الصَّنِيعُ مِنْ الشَّارِحِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَرَّفَ الْغَصْبَ بِاعْتِبَارِ الْإِثْمِ فَقَطْ فَخُرُوجُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ تَعْرِيفِهِ صَحِيحٌ وَالْمُصَنِّفُ عَرَّفَ بِتَعْرِيفٍ عَامٍّ شَامِلٍ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَشُمُولُهُ لَهَا صَحِيحٌ وَلَا يُعْتَرَضُ بِتَعْرِيفٍ عَلَى تَعْرِيفٍ آخَرَ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ رَكِبَ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَالرُّكُوبُ لَيْسَ قَيْدًا أَيْ أَوْ سَحَبَهَا أَوْ سَاقَهَا أَوْ زَاوَلَ لَهَا بِشَيْءِ بِشَرْطِ عَدَمِ الرِّضَا مِنْ صَاحِبِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ) أَيْ وَلَمْ تَدُلَّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إبَاحَةِ الْجُلُوسِ مُطْلَقًا أَوْ لِنَاسٍ مَخْصُوصِينَ مِنْهُمْ هَذَا الْجَالِسُ كَفُرُشِ مَسَاطِبِ الْبَزَّازِينَ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ، شَرْحُ م ر وحج. وَمِثْلُ الْجُلُوسِ مَا لَوْ تَحَامَلَ بِرِجْلِهِ وَإِنْ تَحَامَلَ مَعَهَا عَلَى الرِّجْلِ الْأُخْرَى الْخَارِجَةِ عَنْ الْفِرَاشِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمَشْيِ عَلَى مَا يُفْرَشُ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ مِنْ الْفَرَاوِيّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ مَا لَمْ تَعُمَّ الْفَرَاوِيّ وَنَحْوُهَا الْمَسْجِدَ بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَثُرَتْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا حُرْمَةَ لِتَعَدِّي الْوَاضِعِ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْفِرَاشُ كَبِيرًا هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ؟ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْغَاصِبُ عَلَى فِرَاشٍ كَبِيرٍ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ أَوْ قَدْرَ مَا عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَقَطْ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي فِيهِمَا بِرْمَاوِيٌّ. وَلَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ آخَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ غَاصِبٌ أَيْضًا وَهَكَذَا وَالْقَرَارُ عَلَى الْأَخِيرِ ق ل. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَلَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ ثُمَّ جَلَسَ آخَرُ عَلَيْهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَاصِبٌ، وَلَا يَزُولُ الْغَصْبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَوْ تَلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ تَلِفَ فِي يَدِ الثَّانِي فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ أَيْضًا عَنْهُ فَعَلَى كُلٍّ الضَّمَانُ، لَكِنْ هَلْ لِلْكُلِّ أَوْ النِّصْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ. وَمَعْنَى كَوْنِ الْقَرَارِ عَلَى كُلٍّ أَنَّ كُلًّا لَوْ غَرِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ لَا أَنَّ الْمَالِكَ يَغْرَمُ كُلَّ الْقِيمَةِ، وَلَوْ نَقَلَ الدَّابَّةَ وَمَالِكُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَخَذَ بِرَأْسِهَا وَسَيَّرَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا مَعَ اسْتِقْلَالِ مَالِكِهَا بِالرُّكُوبِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَاهَا حُكِمَ أَنَّهَا لِلرَّاكِبِ وَاخْتَصَّ بِهِ الضَّمَانُ إذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا سم. وَلَوْ غَصَبَ حَيَوَانًا فَتَبِعَهُ وَلَدُهُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتْبَعَهُ أَوْ هَادِي الْغَنَمِ فَتَبِعَتْهُ الْغَنَمُ لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعُ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ لَا يَضْمَنُهُ إلَّا إنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، وَلَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَلَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْحَدَّادُ وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ. أَقُولُ: وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُورَ عَلَى الْعَادَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ، أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ

ص: 166

(لَزِمَهُ رَدُّهُ) عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَإِنْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي رَدِّهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ كَلْبٍ يُقْتَنَى لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» فَلَوْ لَقِيَ الْغَاصِبُ الْمَالِكَ بِمَفَازَةٍ وَالْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ أُجْرَةَ النَّقْلِ، وَإِنْ امْتَنَعَ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَرِئَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَشَرَطَ عَلَى الْغَاصِبِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ؛ وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ لِإِصْطَبْلِ الْمَالِكِ بَرِيءَ إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ إخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَا يَبْرَأُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَلَوْ غَصَبَ مِنْ الْمُودَعِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بَرِئَ بِالرَّدِّ إلَى كُلِّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا إلَى الْمُلْتَقَطِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ لَكِنَّهُمَا ضَامِنَانِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ بِحَالِهَا شَيْءٌ، وَيُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ يَجِبُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ الْمَنْقُولِ مَا يُضْمَنُ بِلَا نَقْلٍ غَيْرِ هَذَيْنِ، وَمَحَلُّهُ فِي مَنْقُولٍ لَيْسَ بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ كَوَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَنَفْسُ إنْكَارِهِ غَصْبٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ. وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ النَّقْلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِيَدِ قِنٍّ وَلَمْ يُسَيِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ. اهـ. م ر قَالَ ع ش: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِزِمَامِ دَابَّةٍ أَوْ بِرَأْسِهَا وَلَمْ يُسَيِّرْهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا.

قَوْلُهُ: (مَالًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ إنَّمَا تَأْتِي فِي الْمَالِ، وَالشَّارِحُ زَادَ:" أَوْ غَيْرَهُ " وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا لَا تُجْرَى عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ زَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ فَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ خَيْطًا فَخَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ لَهُ حُرْمَةٌ وَلَوْ مَأْكُولًا وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ الضَّرَرُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ غَيْرِ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا لِحِفْظِ الْحَيَوَانِ ابْتِدَاءً، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُنْزَعَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ نُزِعَ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُنْزَعُ بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَا يُنْزَعُ مِنْ الْآدَمِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ لِمَ يُسْتَهْلَكْ لِحُرْمَتِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ لَقِيَ الْغَاصِبُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ لِشُمُولِهِ رَدَّهُ فِي، أَيْ مَحَلٍّ كَانَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُنَاسِبُ " وَلَوْ " وَقَوْلُهُ: " بِمَفَازَةٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ طَلَبَ الْمَالِكُ رَدَّهُ. قَوْلُهُ: (بَرِئَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَيْ وَلَمْ يَضَعْ الْمَالِكُ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْغَاصِبُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ ق ل. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَضَعْ إلَخْ قَيْدٌ فِي الْمَنْفِيِّ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَبْرَأْ إنْ لَمْ يَضَعْ الْمَالِكُ يَدَهُ عَلَيْهِ إلَخْ. وَقَالَ أج: فَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَبْرَأْ وَالْمُرَادُ بِمُؤْنَةِ النَّقْلِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ بِسَبَبِ النَّقْلِ بِأَنْ كَانَ سِعْرُهُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي ظَفِرَ بِهِ فِيهَا أَغْلَى مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي غَصَبَهُ مِنْهَا، هَكَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ ز ي؛ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُؤْنَةِ الْمُضَافَةِ إلَى النَّقْلِ الْأُجْرَةُ، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُهُمَا؛ وَلِهَذَا أَفْتَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ آخَرَ فِي دَرْبِ الْحِجَازِ فُولًا وَدَقِيقًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ بِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَشَرَطَ إلَخْ) هُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ أُجْرَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا إجْبَارٍ عَلَى الْتِزَامِهَا كُلِّفَ الْغَاصِبُ حِينَئِذٍ رَدُّهُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) أَيْ بِطَرِيقِ الْإِجْبَارِ أَمَّا بِالرِّضَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ " لَمْ يُجْبَرْ " فَحَرَّفَهَا النَّاسِخُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْلُ مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ.

قَوْلُهُ: (إلَى كُلِّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ) كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ (لَا إلَى الْمُلْتَقَطِ) وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْهُ بِالرَّدِّ إلَى الْحَاكِمِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ إنَّهُ لَوْ تَمَلَّكَهَا بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ الشَّرْعِيَّةِ كَفَاهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ) بَلْ مِنْ الشَّارِعِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ بِالرَّدِّ إلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُمَا ضَامِنَانِ) الْأُولَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَا ضَامِنَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الرَّدِّ وَلَمْ يَقُلْ وَرَدَّ مَعَهُ غَيْرَهُ، قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: مُقْتَضَى هَذِهِ

ص: 167

فِيهَا مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ، وَهِيَ مَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لِمَالِكِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَالَ: وَعَلَى الْغَاصِبِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِيفَاؤُهُ لِلْإِمَامِ، وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى مَا لَوْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْرَجَهُ فِي سَفِينَةٍ وَكَانَتْ فِي لُجَّةٍ، وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكٌ مُحْتَرَمٌ فِي السَّفِينَةِ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يُنْزَعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. الثَّانِيَةُ: تَأْخِيرُهُ لِلْإِشْهَادِ وَإِنْ طَالَبَهُ الْمَالِكُ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُشْكِلٌ لِاسْتِمْرَارِ الْغَصْبِ. أُجِيبُ بِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يُنْكِرُهُ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ. (وَ) لَزِمَهُ مَعَ رَدِّهِ (أَرْشُ نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصُ عَيْنِهِ كَقَطْعِ يَدِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ لَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقَضِيَّةِ أَنَّهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً لَا يَجِبُ رَدُّ شَيْءٍ مَعَهَا إنْ نَقَصَ وَصْفُهَا أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَهُوَ نَصٌّ فِي مُخَالَفَةِ مَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِهِ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَلَزِمَهُ مَعَ رَدِّهِ أَرْشُ نَقْصِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا مُخَالَفَةَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا بَقِيَتْ الْعَيْنُ عَارِيَّةً عَنْ النَّقْصِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَهَا أُجْرَةٌ، وَمَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا حَدَثَ نَقْصٌ فِيهِ أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ حِينَئِذٍ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً إلَخْ) وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا نَقْصٌ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ.

قَوْلُهُ: (فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ) أَيْ بِشُبْهَةٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ لَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَى الْوَاطِئِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهَا. أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ زِنًا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْوَلَدُ حِينَئِذٍ رَقِيقٌ، اهـ قَوْلُهُ:(ثُمَّ رَدَّهَا) أَيْ وَهِيَ حَامِلٌ.

قَوْلُهُ: (لِلْحَيْلُولَةِ) وَيَمْلِكُهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِلْكَ قَرْضٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا بَعْدَ وِلَادَةِ الْجَارِيَةِ كَمَا فِي سم، فَإِنْ وَضَعَتْهُ اسْتَرْجَعَتْ الْقِيمَةَ وَإِنْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ اسْتَقَرَّتْ الْقِيمَةُ لَهُ م د.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَاصِبِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا التَّعْزِيرُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ، فَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (الْأَوْلَى مَا لَوْ غَصَبَ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي هَذِهِ مِنْ رَدِّهِ، وَقَدْ شَرَطَ الْفَوْرَ بِالتَّمَكُّنِ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ بِدُونِ مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ:" عِنْدَ التَّمَكُّنِ " وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِلْغَاصِبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُحْتَرَمُ لِلْغَاصِبِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الْبَهْجَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ع ش.

قَوْلُهُ: (لِاسْتِمْرَارِ الْغَصْبِ) أَيْ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْغَصْبِ وَاجِبٌ فَوْرًا.

قَوْلُهُ: (زَمَنٌ يَسِيرٌ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ طَالَ كَانَ لَهُ التَّأْخِيرُ، أَوْ هُوَ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (أَرْشُ نَقْصِهِ) فَلَوْ غَصَبَ فَرْدَتَيْ خُفٍّ قِيمَتُهُمَا عَشْرَةٌ فَتَلِفَتْ إحْدَاهُمَا فَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِيَةِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَمِثْلُهُمَا مِصْرَاعَا الْبَابِ أَيْ الضَّرْفَتَانِ. وَقَدْ أَلْغَزَ فِيهِمَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

خَلِيلَانِ مَمْنُوعَانِ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ

يَبِيتَانِ طُولَ اللَّيْلِ يَعْتَنِقَانِ

هُمَا يَحْفَظَانِ الْأَهْلَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ

وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَفْتَرِقَانِ

وَلَوْ مَشَى شَخْصٌ عَلَى فَرْدَةِ نَعْلِ غَيْرِهِ فَجَذَبَهَا صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَتْ، فَتُقَوَّمُ النَّعْلُ سَلِيمَةً هِيَ وَرَفِيقَتُهَا ثُمَّ يُقَوَّمَانِ مَعَ الْعَيْبِ وَمَا نَقَصَ يُقَسَّمُ عَلَى الْمَاشِي وَصَاحِبِ النَّعْلِ، فَمَا يَخُصُّ صَاحِبَ النَّعْلِ سَقَطَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هَدَرٌ وَمَا يَخُصُّ الْآخَرَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ مِنْ غَاصِبٍ أَوْ سَبُعٍ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ وَقِنٍّ لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ؛ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش: بَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ يَفِرُّ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا يَحُوزُهُ عَلَى نِيَّةِ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ فَيَتْلَفُ حِينَئِذٍ، هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِذَلِكَ، إذَا الْمَالِكُ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِ مَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ نَوَى رَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ. وَقَوْلُهُ:" وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلتَّلَفِ " قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَتَاعًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهِبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْآخِذَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا

ص: 168

نَقْصُ قِيمَتِهِ (وَ) لَزِمَهُ مَعَ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ فِي يَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ، وَلَوْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ ضَمِنَ فِي كُلِّ بَعْضٍ مِنْ أَبْعَاضِ الْمُدَّةِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِيهِ، وَإِذَا وَجَبَتْ أُجْرَتُهُ فَدَخَلَهُ نَقْصٌ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ أَرْشُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ كَأَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَسُقُوطِ عُضْوٍ بِمَرَضٍ وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ الْأَرْشُ أَيْضًا ثُمَّ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ لِمَا قَبْلَ حُدُوثِ النَّقْصِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَلِمَا بَعْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَعِيبًا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ

(فَإِنْ تَلِفَ) الْمَغْصُوبُ الْمُتَمَوِّلُ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (ضَمِنَهُ) الْغَاصِبُ بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَمَوِّلِ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَكَلْبٍ يُقْتَنَى وَزِبْلٍ وَحَشَرَاتٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الزِّبْلِ قَدْ غَرِمَ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً لَمْ يُوجِبْهَا عَلَى الْغَاصِبِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ضَمَانِ الْمُتَمَوِّلِ إذَا تَلِفَ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ غَصَبَ الْحَرْبِيُّ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ بَعْدَ التَّلَفِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَجَبَ رَدُّهُ. وَمِنْهَا: مَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَجَبَ قَتْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِرِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا: مَا لَوْ قُتِلَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " تَلِفَ " لَا يَتَنَاوَلُ مَا إذَا أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَلِذَا قُلْت أَوْ إتْلَافٌ لَكِنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ أَتْلَفَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَنْ يَرَى طَاعَةَ الْأَمْرِ بِأَمْرِ الْمَالِكِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، نَعَمْ لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رُجُوعَ لَهُ بِمَا غَرِمَهُ فِي اسْتِخْلَاصِهِ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ مَعْرِفَةُ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ اهـ. فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ وَإِنْ كَانَ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهُ وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ. فَرْعٌ: مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ، وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبِقَ ضَمِنَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْله:(لَا نَقْصُ قِيمَتِهِ) أَيْ لِنَحْوِ رُخْصِ سِعْرٍ أَوْ كَسَادٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ نَقْصِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ) فَصَلَهَا عَمَّا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا، لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْأُولَى. قَوْلُهُ:(بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ رُخْصِ سِعْرٍ فَلَا ضَمَانَ، أج.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ مَعَ الْأُجْرَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، قَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْأُولَى لَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ وَيَكُونَ الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَغْصُوبٍ نَقَصَ وَلَا يَخْتَصُّ نَقْصُهُ بِالْآفَةِ كَمَا أَطْلَقَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ.

قَوْلُهُ: (كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ تَلِفَ كُلُّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَعْضُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَمِنْهَا مَا أَفْتَى بِهِ السُّيُوطِيّ أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ فَغَصَبَ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِاسْتِنَادِهِ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لِلْأَحْكَامِ حَالَ حِرَابَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهَا) كَتَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيفَاءَ حَقِّ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَمَا قَالَهُ ق ل فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْتَصَّ مَالِكُ الْمَغْصُوبِ، فَإِنْ اُقْتُصَّ الْمَالِكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ اهـ أج. قَوْلُهُ:(وَلِذَا قُلْت أَوْ إتْلَافٌ) لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ يَقْتَضِي شُمُولَهُ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إتْلَافِ الْغَاصِبِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ. وَهَذَا، أَعْنِي

ص: 169

صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لِصِيَالِهِ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ سَوَاءً أَعَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ كَتَلَفِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا عِنْدَ الْغَاصِبِ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ فَتَلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِ، فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَمَا لَوْ قُتِلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْمَالِكِ بِرِدَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. وَيَضْمَنُ مَغْصُوبَ تَلَفٍ (بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ) مَوْجُودٌ، وَالْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ كَمَاءٍ وَلَوْ أَغْلَى وَتُرَابٍ وَنُحَاسٍ وَمِسْكٍ وَقُطْنٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزَعْ حَبُّهُ وَدَقِيقٌ وَنُخَالَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِمِثْلِهِ لِآيَةِ:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مُتَقَوِّمٌ، وَسَيَأْتِي كَالْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ وَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَمَعْجُونٍ وَغَالِيَةٍ وَمَعِيبٍ، وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْبُرَّ الْمُخْتَلِطَ بِالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ، شُرُوعٌ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا ضَمَانَ فِيهَا أَيْضًا تُضَمُّ لِلثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَكُونُ سِتَّةً، وَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى التَّنْبِيهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَتَعْبِيرُهُ بِ " لَكِنَّ " فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا عَلِمْتَ.

قَوْلُهُ: (بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ مِنْ قَرَارِ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمَجْنُونِ وَعَلَى الْآمِرِ.

قَوْلُهُ: (بِأَمْرِ الْمَالِكِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) أَيْ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (كَتَلَفِ الْعَبْدِ إلَخْ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَنَفْسُهُ مَفْعُولٌ بِهِ أج؛ لَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ التَّعْبِيرَ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُتَعَدٍّ لَا التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ، فَالْأَحْسَنُ جَرُّهُ تَوْكِيدًا لِلْعَبْدِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: كَتَلَفِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ " أَيْ كَتَلَفِ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ فَاعِلٍ كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ انْتَهَى بِالرَّدِّ، وَهَذَا مَعْلُومٌ وَأَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ بَعْدَ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِكَوْنِهِ مِلْكَهُ وَتَسْمِيَةُ مَا ذَكَرَ إجَازَةً وَرَهْنًا وَدِيعَةً بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَقَطْ. وَإِنَّمَا قَالَ: وَلَمْ يَعْلَمْ لِيَتَأَتَّى رَهْنُهُ لَهُ أَوْ إجَارَتُهُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْغَاصِبِ) لِبَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ حُكْمًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ جِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ فِي يَدِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ:(وَيَضْمَنُ مَغْصُوبَ إلَخْ) جَعَلَ كَلَامَ الْمَتْنِ مُتَعَلِّقًا بِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَتْنِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَهُ، فَلَوْ أَبْقَاهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَانَ أَوْلَى؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ حَلَّ مَعْنًى.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدَّرَهُ لِطُولِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

قَوْلُهُ: (مَوْجُودٌ) أَيْ مَا بَقِيَتْ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُمَا. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى شَرْطٍ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ الْإِشَارَةُ إلَى شَرْطَيْنِ فَلَا تَغْفُلْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ خَمْسَةٌ: أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ قِيمَةٌ، وَأَنْ لَا يَصِيرَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا، وَأَنْ لَا يَتَرَاضَيَا عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ، وَأَنْ يَقَعَ التَّقْوِيمُ فِي مَكَانِ التَّلَفِ فَإِنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ أَيْ أُجْرَةٌ وَمِثْلُهَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا ضَمِنَ بِالْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: (مَا حَصْره كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ شَرْعًا قُدِّرَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ كُلَّ مَالٍ يُمْكِنُ وَزْنُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ كَيْلُهُ. وَيُعْرَفُ بِهَذَا أَنَّ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ مِثْلِيَّانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قُدِّرَا كَانَ تَقْدِيرُهُمَا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ. اهـ. حَجّ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (كَمَاءٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ مِلْحًا أَوْ عَذْبًا أَغْلَى أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ: " وَلَوْ أَغْلَى " لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إذَا أَغْلَى يَكُونُ مُتَقَوِّمًا قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهِ م ر قَوْلُهُ: (وَدَقِيقٍ) فِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ نَظَرٌ لِاخْتِلَافِهِ بِالنُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، تَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ:(أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ) أَيْ مِنْ غُرْمِ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ مَا حَصْرُهُ كَيْلٌ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: " مُتَقَوِّمٌ " بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا كَمَا قَالَهُ حَجّ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يَجُوزُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " كَالْمَذْرُوعِ ".

قَوْلُهُ: (وَمَعِيبٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَنْضَبِطُ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ إلَخْ) الْمُورِدُ هُوَ الْإِسْنَوِيُّ.

ص: 170

فِيهِ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّالِفِ، فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ مِنْهُمَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ مِثْلِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا فِي إيجَابِ رَدِّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ، وَبِأَنَّ امْتِنَاعَ السَّلَمِ فِي جُمْلَتِهِ لَا يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ بِحَالِهِمَا، وَرَدُّ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالسَّلَمُ فِيهِمَا جَائِزٌ، وَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ إذَا بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ فَلَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ مَثَلًا ثُمَّ اجْتَمَعَا عِنْدَ نَهْرٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِالْمَفَازَةِ، وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، أَوْ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ الدَّقِيقِ خُبْزًا أَوْ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا، أَوْ الشَّاةِ لَحْمًا ثُمَّ تَلِفَ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيَضْمَنُ بِهِ فِي الثَّانِي وَبِقِيمَتِهِ فِي الْآخَرَيْنِ، وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ. أَمَّا لَوْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَإِنَاءِ نُحَاسٍ صِيغَ مِنْهُ حُلِيٌّ فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوُجُودِ مَا إذَا فَقَدَ الْمِثْلَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَكَانِ الْغَصْبِ وَلَا حَوَالَيْهِ، أَوْ وُجِدَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ فَيَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ قَالَ لَنَا مِثْلِيٌّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمِثْلِيِّ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ فَيَكُونُ غَيْرَ جَامِعٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْإِيرَادُ عَلَى مَنْطُوقِهِ لَا عَلَى مَفْهُومِهِ كَمَا فَهِمَ الْمُحَشِّي. اهـ. شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَيَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمُحَقَّقُ) وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، فَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ إرْدَبًّا مَثَلًا وَبَعْضُهُ بُرٌّ وَبَعْضُهُ شَعِيرٌ وَشَكَّ هَلْ الْبُرُّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ فَيُخْرِجُ مِنْ الْبُرِّ نِصْفًا وَمِنْ الشَّعِيرِ ثُلُثَيْنِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّنَا إنْ تَحَقَّقْنَا قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْرَجْنَاهُ وَإِلَّا عَدَلْنَا إلَى الْقِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأُجِيبُ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ مَنْعُ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا بَلْ هُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَإِنْ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهِ فَهُوَ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى جُزْأَيْهِ، أَيْ بِأَنَّهُ لَوْ مَيَّزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ لَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ، وَامْتِنَاعُ السَّلَمِ فِيهِ لِعَارِضِ الِاخْتِلَاطِ؛ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا صَنَعَهُ الْمُحَشِّي.

قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا) أَيْ فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ، وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ:(وَبِأَنَّ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَالْأَوَّلُ بِالْمَنْعِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي جُزْأَيْهِ الْبَاقِيَيْنِ) أَخْرَجَ الْمَعَاجِينَ الْمُرَكَّبَةَ لِاسْتِهْلَاكِ أَجْزَائِهَا، شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ) أَيْ الْمِثْلِيَّ أَيْ فِي أَيِّ مَكَان نَقَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِهِ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا نَقَلَ الْمَغْصُوبَ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا ثُمَّ تَلِفَ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمِثْلِهِ فِي أَيِّ مَكَان حَلَّ بِهِ الْمِثْلَ وَلَوْ طَرِيقَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ) شُرُوعٌ فِي قَيْدٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (إذَا بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ) وَلَوْ تَافِهَةً ح ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمِثْلِيُّ عَنْ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَاءً بِمَفَازَةٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا بِمَحَلٍّ لَا قِيمَةَ فِيهِ لِلْمَاءِ أَصْلًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمِثْلُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا حَيْثُ زَالَتْ مَالِيَّتُهُ مِنْ أَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَا نَظَرَ عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ إلَى تَفَاوُتِ الْأَسْعَارِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ:" وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ إلَخْ " فِيمَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِمَحَلِّ التَّلَفِ كَمَا لَوْ نَقَلَ الْمَالِكُ بُرًّا مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ، ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ هُنَاكَ، ثُمَّ طَالَبَ مَالِكُهُ بِمِصْرَ، فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ بِمَكَّةَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله وَالْمُرَادُ بِمُؤْنَةِ النَّقْلِ الْأُجْرَةُ وَمِثْلُهَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَصِيرَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا أَوْ يَصِيرَ الْمُتَقَوِّمُ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا آخَرَ، وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ تَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ صَارَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (كَجَعْلِ الدَّقِيقِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

قَوْلُهُ: (شَيْرَجًا) بِفَتْحِ الشِّينِ هُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ) فَيَضْمَنُ الدَّقِيقَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالسِّمْسِمَ أَوْ الشَّيْرَجَ فِي الثَّانِي وَاللَّحْمَ فِي الثَّالِثِ، فَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي جِنْسُ الْمِثْلِ الصَّادِقِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وع ش كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ) أَيْ أَحَدُ الْمِثْلَيْنِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْآخَرِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ بِهِ) أَيْ الْأَكْثَرَ.

قَوْلُهُ: (وَبِقِيمَتِهِ فِي الْآخَرَيْنِ) هُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَالِكُ فِي الثَّانِي مُخَيَّرٌ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ فِيهِ أَقْصَى الْقِيَمِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّنْعَةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَذَاتُ الْإِنَاءِ مِثْلِيَّةٌ، فَيَضْمَنُ الْوَزْنَ بِمِثْلِهِ وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ ز ي.

ص: 171

حِينَ غَصَبَ إلَى حِينِ فَقْدِ الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ الْعَيْنِ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَقْدِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمِثْلُ مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ كَمَا صَوَّرَهُ الْمُحَرِّرُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ (أَوْ) يَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ (بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ) بِأَنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ بِإِتْلَافٍ. أَوْ بِدُونِهِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُسْتَوْلَدَةً (أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ) أَيْ حِينِ (الْغَصْبِ إلَى يَوْمِ) أَيْ حِينِ (التَّلَفِ) وَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ لِتَوَجُّهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حَالَ الزِّيَادَةِ فَيَضْمَنُ الزَّائِدَ، وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِنَقْدِ مَكَانِ التَّلَفِ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اعْتِبَارُ نَقْدِ أَكْثَرِ الْأَمْكِنَةِ، وَتَضَمُّنُ أَبْعَاضِهِ بِمَا نَقَضَ مِنْ الْأَقْصَى إلَّا إنْ أُتْلِفَتْ بِأَنْ أَتْلَفَهَا الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ رَقِيقٍ، وَلَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ حُرٍّ كَيَدٍ وَرِجْلٍ فَيَضْمَنُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوُجُودِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ مَوْجُودٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا حَوَالَيْهِ) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ ق ل وَحَوَالَيْهِ مُلْحَقٌ بِالْمَثْنَى وَالْمُرَادُ بِهِ التَّكْثِيرُ كَسَعْدَيْهِ وَدَوَالَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ) أَيْ الْمِثْلَ الْمَفْقُودَ لَا الْمَغْصُوبَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِيهِ بَعْدَ التَّلَفِ شَرْحُ م ر بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ، وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ فَلَا تَرَادَّ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَنْتَظِرَ وُجُودَ الْمِثْلِ وَلَا يَأْخُذَ الْقِيمَةَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَيَانِ سم.

قَوْلُهُ: (إلَى حِينِ فَقْدِ الْمِثْلِيِّ) صَوَابُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: إلَى حِينِ فَقْدِ الْمِثْلِ بِلَا يَاءِ النِّسْبَةِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ: الْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَيْنًا مِثْلِيَّةً وَأَتْلَفَهَا يَلْزَمُهُ مِثْلُهَا، فَإِنْ فَقَدَهُ أَوْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ أَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى وَقْتِ فَقْدِ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْغَصْبِ يُسَاوِي مِائَةً وَوَقْتَ الْفَقْدِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ يُسَاوِي أَلْفًا لَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ اهـ م د. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِهِ لِلرَّمْلِيِّ: وَالْأَصَحُّ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مَوْجُودًا عِنْدَ التَّلَفِ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى فَقَدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقْصَى قِيَمِهِ أَيْ الْمِثْلِ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ وَهُوَ ابْنُ حَجَرٍ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَقْصَى قِيَمِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِيهِ بَعْدَ التَّلَفِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ إلَى إلَخْ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ التَّسْلِيمُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُتَقَوِّمِ) فَإِنَّهُ مَتَى وُجِدَ فَالْوَاجِبُ رَدُّهُ وَالْقِيمَةُ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْفَقْدِ. اهـ. ع ن.

قَوْلُهُ: (وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ ضَمَانِهِ بِأَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الْمِثْلِيُّ مِنْ حِينِ الْغَصْبِ إلَى فَقْدِ الْمِثْلِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمِثْلُ مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ، فَإِنْ كَانَ مَفْقُودًا عِنْدَهُ انْتَهَى الْأَقْصَى إلَى وَقْتِ التَّلَفِ لَا إلَى وَقْتِ الْفَقْدِ فَقَطْ م د.

قَوْلُهُ: (كَمَا صَوَّرَهُ الْمُحَرَّرُ) أَيْ صَاحِبُهُ وَهُوَ الرَّافِعِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمِثْلُ مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ. وَقَوْلُهُ: " بِالْأَكْثَرِ " أَيْ بِأَكْثَرِ الْقِيَمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُسْتَوْلَدَةً) إنَّمَا أَخَذَهُمَا غَايَةَ إشَارَةٍ إلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِتْقِ بِهِمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِمَا مَضْمُونِينَ ع ش. قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مَا) أَيْ قِيمَةً، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ " قِيمَةً " أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ الْقِيَمِ. وَقَوْلُهُ:" كَانَتْ " أَيْ وُجِدَتْ فَكَانَ تَامَّةً. قَوْلُهُ: (أَيْ حِينَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ فَيَشْمَلُ اللَّيْلَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ زَمَنُ الْغَصْبِ وَالتَّلَفِ لَا يَوْمَهُمَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَ) أَيْ الْأَكْثَرُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ رَقِيقًا.

قَوْلُهُ: (نَقَدَ أَكْثَرَ الْأَمْكِنَةِ) أَيْ أَكْثَرَهَا قِيمَةً كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ الْأَمْكِنَةُ الَّتِي حَلَّ بِهَا الْمَغْصُوبُ، أَيْ يُعْتَبَرُ أَقْصَى قِيَمِ الْمَكَانِ ثُمَّ نَقَدَ ذَلِكَ الْمَكَانَ ع ن؛ مَثَلًا إذَا تَلِفَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان فَإِنَّنَا نَعْتَبِرُ أَكْثَرَ قِيَمِ مَكَان مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمَنْقُولِ لَهَا الْمَغْصُوبُ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْأَكْثَرَ فِيهِ اعْتَبَرْنَا نَقْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ) أَيْ إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ. وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ كَأَنْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ عَدَمِ نَقْصٍ بِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ وم ر.

قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ أُتْلِفَتْ) خَرَجَ مَا إذَا تَلِفَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الْأَقْصَى فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا ضَرْبٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَشْبَهَ الْأَمْوَالَ اهـ شَرْحُ م ر

ص: 172

مِمَّا نَقَصَ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ لِاجْتِمَاعِ الشَّبَهَيْنِ، فَلَوْ نَقَصَ بِقَطْعِهَا ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَزِمَاهُ النِّصْفُ بِالْقَطْعِ وَالسُّدُسُ بِالْغَصْبِ. نَعَمْ إنْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الزَّائِدَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ، وَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ الْمُتَّصِلَةِ كَالسِّمْنِ وَالْمُنْفَصِلَةِ كَالْوَلَدِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ كَالْأَصْلِ وَإِنْ لِمَ يَطْلُبْهَا الْمَالِكُ بِالرَّدِّ. وَيُضْمَنُ مُتَقَوِّمٌ أُتْلِفَ بِلَا غَصْبٍ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ تَلَفٍ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ مَعْدُومٌ، وَضَمَانُ الزَّائِدِ فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا كَانَ بِالْغَصْبِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا. وَلَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مُغَنِّيًا لَزِمَهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ أَوْ أَمَةً مُغَنِّيَةً لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِسَبَبِ الْغِنَاءِ عَلَى النَّصِّ الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَهُ مِنْهَا مُحَرَّمٌ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ؛ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْأَمْرَدَ الْحَسَنَ كَذَلِكَ فَإِنْ تَلِفَ بِسِرَايَةِ جِنَايَةٍ ضَمِنَ بِالْأَقْصَى مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ؛ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْأَقْصَى فِي الْغَصْبِ فَفِي نَفْسِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى. تَتِمَّةٌ: لَوْ وَقَعَ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ أَوْ دِينَارٌ فِي مَحْبَرَةٍ، وَلَمْ يَخْرُجْ الْأَوَّلُ إلَّا بِهَدْمِ الْبَيْتِ وَالثَّانِي إلَّا بِكَسْرِ الْمَحْبَرَةِ فَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُلَخَّصًا. وَخَرَجَ أَيْضًا إذَا تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ رَقِيقٍ وَمَا إذَا تَلِفَتْ مِنْ رَقِيقٍ وَلَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ حُرٍّ، فَهِيَ تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبْعَاضَهُ إنْ تَلِفَتْ أَوْ أُتْلِفَتْ وَكَانَ غَيْرَ رَقِيقٍ أَوْ تَلِفَتْ وَكَانَ رَقِيقًا أَوْ أُتْلِفَتْ مِنْ رَقِيقٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ مِنْ حُرٍّ، فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ تُضْمَنُ الْأَبْعَاضُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الْأَقْصَى فَقَطْ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْبَاقِيَةُ أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ:" إلَّا إنْ تَلِفَتْ " وَقَيَّدَهَا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ: " أُتْلِفَتْ " وَقَوْلُهُ: " مِنْ رَقِيقٍ " وَقَوْلُهُ: " وَلَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ حُرٍّ " فَإِنْ انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ بِمَا نَقَصَ مِنْ الْأَقْصَى فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا نَقَصَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَالتَّعْبِيرُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ نَظَرًا لِلتَّمْثِيلِ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ، أَيْ بِأَحَدِهِمَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَتُضْمَنُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا نَقَصَ وَالْمُقَدَّرُ، فَفِي يَدِهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ بِمَا نَقَصَ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ اهـ. فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِاجْتِمَاعِ الشَّبَهَيْنِ) أَيْ شَبَهِ الْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَشَبَهِ الدَّابَّةِ مَثَلًا مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (نَعَمْ إنْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَيَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ النِّصْفَ وَالْغَاصِبُ مَا زَادَ عَلَيْهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (كَالسِّمَنِ) وَإِنْ طَرَأَ سِمَنٌ آخَرُ كَأَنْ غَصَبَ دَابَّةً سَمِينَةً فَهَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ رَدَّهَا وَأَرْشَ السِّمَنِ الْأَوَّلِ الَّذِي زَالَ عِنْدَهُ اهـ. وَيُجْبَرُ نِسْيَانُ صَنْعَةٍ تَذَكَّرَهَا لَا تَعْلَمُ أُخْرَى، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْمَالِكُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ رَدَّهَا أَيْ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ وَكَذَا الْمُتَّصِلَةَ. قَوْلُهُ: (وَيُضْمَنُ مُتَقَوِّمٌ) ذَكَرَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ لِمُنَاسَبَةِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغَصْبِ.

قَوْلُهُ: (وَالزِّيَادَةُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَوْجُودَةَ بَعْدَ التَّلَفِ تُضْمَنُ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ الزِّيَادَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْمَغْصُوبِ قَبْلَ تَلَفِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ الْغِنَاءِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ رَفْعُ الصَّوْتِ وَبِفَتْحِ الْغَيْنِ مَعَ الْمَدِّ أَيْضًا النَّفْعُ وَبِكَسْرِ الْغَيْنِ مَعَ الْقَصْرِ ضِدُّ الْفَقْرِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (مُحَرَّمٌ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ عَدَمِهَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَ بِسِرَايَةٍ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِسِرَايَةِ جِنَايَةٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مُعَيَّنًا، لِتَعَلُّقِ هَذَا بِمَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) التَّتِمَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: وُقُوعُ فَصِيلٍ فِي بَيْتٍ أَوْ دِينَارٍ فِي مَحْبَرَةٍ أَيْ دَوَاةٍ وَلَمْ يَخْلُصْ الْفَصِيلُ أَوْ الدِّينَارُ إلَّا بِتَلَفِ الْبَيْتِ أَوْ الدَّوَاةِ، وَلَهَا ثَلَاثُ أَحْوَالٍ: التَّقْصِيرُ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ أَوْ الدَّوَاةِ وَالتَّقْصِيرُ مِنْ صَاحِبِ الْفَصِيلِ أَوْ الدِّينَارِ وَالتَّقْصِيرُ مِنْهُمَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا كُسِرَتْ لِتَخْلِيصِهَا رِعَايَةً لِحِفْظِ ذِي الرُّوحِ، وَلَهَا أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: التَّفْرِيطُ مِنْ مَالِكِ الدَّابَّةِ أَوْ مِنْ مَالِكِ الْقِدْرِ أَوْ مِنْهُمَا وَالْأَرْشُ تَابِعٌ لِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ابْتِلَاعُ بَهِيمَةٍ جَوْهَرَةً، وَلَهَا حَالَتَانِ: أَنْ يُنْسَبَ لِمَالِكِ الْبَهِيمَةِ التَّقْصِيرُ فَيَضْمَنُ الْجَوْهَرَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، أَوْ لَا يُنْسَبُ فَلَا يَضْمَنُهَا وَعَلَى كُلٍّ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَبْحِ الْبَهِيمَةِ لِأَخْذِ الْجَوْهَرَةِ. قَوْلُهُ:(لَوْ وَقَعَ فَصِيلٌ) هُوَ وَلَدُ

ص: 173