الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
القسم الثالث والثلاثون: ما ورد في فضائل عميرة بنت رافع بن سنان الأنصارية رضي الله عنهما
-
1967 -
1968 [1 - 2] عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان
(1)
: أنه أسلم، وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ابنتي، وهي فطيم - أو شبهه -. وقال رافع: ابنتي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اُقعُدْ نَاحِيَة)، وقال لها:(اُقعُدِي نَاحِيَة). قال: وأقعد الصبية بينهما، ثم قال:(اُدعُوَاهَا). فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ اهْدِهَا)، فمالت الصبية إلى أبيها، فأخذها.
هذا الحديث رواه: عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو عمرو عثمان بن مسلم البتي. كل منهما بلفظ، وقال عيسى في الإسناد: عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وقال البتي: عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري.
(1)
رافع بن سنان هو أبو جد جعفر. وهو جد جد عبد الحميد بن جعفر؛ لأن عبد الحميد بن جعفر هو: ابن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان - كما سيأتي -. وانظر: تحفة الأشراف (3/ 163).
وابنته عميرة سماها أبو عاصم النبيل في حديثه عن عبد الحميد بن جعفر - كما سيأتي -. وخبرها في هذا الحديث فقط - في ما أعلم -، وهى ممن يستدرك على من جمع أسماء الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -.
فأما حديث عيسى بن يونس عنه فرواه: أبو داود
(1)
- واللفظ له - عن إبراهيم بن موسى الرازي، والإمام أحمد
(2)
عن علي بن بحر، كلاهما عنه به
…
وسكت أبو داود عنه. وأورده الألباني في صحيح السنن
(3)
. وسمى الإمام أحمد في حديثه جدَّ عبد الحميد: رافع بن سنان.
وهكذا رواه: الدارقطني
(4)
بسنده عن أبي عاصم (يعني: الضحاك النبيل)، ورواه مرة أخرى
(5)
، وأبو أحمد الحاكم
(6)
بسنديهما عن علي بن غراب، والحاكم
(7)
بسنده عن عيسى بن يونس - أيضًا -، كلهم عن عبد الحميد بن جعفر به، بنحوه. وسمى أبو عاصم النبيل في حديثه الصبية: عميرة. وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه) اهـ، ووافقه الذهبي في التلخيص
(8)
.
(1)
في (كتاب: الطلاق، باب: إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد) 2/ 679 ورقمه / 2244.
(2)
(39/ 168) ورقمه / 23757.
(3)
(2/ 422) ورقمه / 1963.
(4)
السنن (4/ 43 - 44) ورقمه / 127.
(5)
المصدر نفسه برقم / 126.
(6)
الأسامى والكنى (4/ 17).
(7)
المستدرك (2/ 206 - 207).
(8)
(2/ 206 - 207).
وعبد الحميد بن جعفر هو: ابن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري
(1)
، تقدمت ترجمته وأن الحافظ قال فيه:(صدوق ربما وهم) اهـ. وأبوه تابعى ثقة
(2)
. وجد أبيه رافع بن سنان له صحبة
(3)
، لكن جزم عبد العزيز النخشبي
(4)
أن جعفرًا لم يدركه؛ فهذا دال على أن حديثه عنه منقطع، والمنقطع من جنس الأحاديث الضعيفة.
وهكذا روى الجماعة الحديث عن عبد الحميد بن جعفر، وخالفهم: عمير بن عبد الحميد الحنفي فرواه عنه عن أبيه عن تميم بن محمود. ذكر حديثه: أبو نعيم في المعرفة
(5)
. وحديث الجماعة عن عبد الحميد هو الصحيح؛ لأن عمير بن عبد الحميد ضعيف، لا تُعتمد روايته
(6)
، وكيف وقد خالفه غيره؟
وأفاد أبو الحجاج المزي في تحفة الأشراف
(7)
أن بكر بن بكار روى الحديث عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: حدثني أبي وغير واحد: أن
(1)
انظر - مثلًا -: تهذيب الكمال (16/ 416 - 417) ت / 3709.
(2)
انظر - مثلًا -: الثقات لابن حبان (4/ 106)، و (6/ 135)، والتقريب (ص / 199) ت / 952.
(3)
انظر - مثلًا -: الإصابة (1/ 497) ت / 2532.
(4)
كما في: جامع التحصيل (ص / 155) ت / 98.
(5)
(3/ 1350).
(6)
انظر: الضعفاء لابن الجوزي (2/ 234) ت / 2608.
(7)
(3/ 163).
أبا الحكم
(1)
أسلم، فذكره. ثم قال:(وحديث بكر أقرب إلى الصواب)، يعني بالإرسال. وهذا مؤيد للانقطاع الذي قدمت ذكره. وبكر بن بكار قدمت أنه ضعيف. وعبد الله بن الحكم - والد جعفر - يُنظر من ترجم له. وعندي أن حديث الجماعة عن عبد الحميد بن جعفر أشبه وأصح؛ لثقتهم واجتماعهم - والله أعلم -.
وأما حديث عثمان البتي عنه فرواه: أبو عبد الرحمن النسائي
(2)
بسنده عن سفيان (هو: الثوري)، وابن ماجه
(3)
عن أبي بكر بن أبي شيبة
(4)
، والإمام أحمد - مرة -
(5)
، كلاهما عن إسماعيل بن علية، والإمام أحمد - مرة أخرى -
(6)
عن هشيم (هو: ابن بشير)، جميعًا (سفيان، وابن علية، وهشيم) عنه عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري عن أبيه عن جده: أنه أسلم، وأبت امرأته أن تسلم. فجاء ابن لهما صغير لم يبلغ الحلم، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب ههنا، والأم ههنا، ثم خيره، فقال: (اللهم
(1)
هذه كنية رافع بن سنان، كما في: المصدر نفسه، والأسامي لأبي أحمد الحاكم (4/ 17) ت / 1660.
(2)
في (كتاب: الطلاق، باب: إسلام أحد الزوجين وتخير الآخر) 6/ 185 ورقمه/ 3495، وهو في السنن الكبرى له (4/ 83) ورقمه / 6386، 6387.
(3)
في (كتاب: الأحكام، باب: تخيير الصبي بين أبويه) 2/ 788 ورقمه / 2352.
(4)
وهو في المصنف له (7/ 6) ورقمه / 21، و (7/ 385) ورقمه / 4.
(5)
(39/ 166) ورقمه / 23755.
(6)
(39/ 167) ورقمه / 23756.
اهده)، فذهب إلى أبيه. هذا لفظ النسائي، ولسائرهم نحوه، غير أنه للإمام أحمد بلفظ: عن جده أن أبويه اختصما فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأحدهما مسلم، والآخر كافر. فخيره، فتوجه إلى الكافر منهما، فقال:(اللهم اهده)، فتوجه إلى المسلم، فقضى له به. فجعل المخير: جدَّ عبد الحميد بن جعفر نفسه، بدلًا من غلام لجده في حديث الجماعة من طريق البتي؟! وأورده الألباني في صحيحي سنن النسائي
(1)
، وسنن ابن ماجه
(2)
.
ورواه: النسائي في الكبرى - مرة -
(3)
بسنده عن حماد بن سلمة عن عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة: أن رجلًا أسلم
…
فذكر نحو الحديث. وقال عقبه: (هذا مرسل)
(4)
.
ورواه: الطحاوي في شرح مشكل الآثار
(5)
بسنده عن علي بن عاصم عن البتي عن عبد الحميد بن أبي سلمة عن أبيه: أسلم أبي، وأبت أمي
…
فذكر نحو الحديث.
(1)
(2/ 740) ورقمه/ 3270.
(2)
(2/ 41) ورقمه/ 1904.
(3)
(4/ 83) ورقمه/ 6388.
(4)
وكذلك قال المزي في تهذيب الكمال (16/ 432).
(5)
ورقمه/ 7352.
ورواه: محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن الحماني عن يزيد بن زريع وهشيم عن البتي فقال فيه: عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده: أن أبويه اختصما فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. رواه: أبو نعيم
(1)
بسنده عن ابن أبي شيبة به. ورواه: يزيد بن زريع - أيضًا - عن البتي فقال فيه: عن عبد الحميد بن يزيد بن سلمة: أن جده أسلم، وأبت أمرأته أن تسلم، وبينهما ولد صغير
…
فذكره. أفاده ابن القطان
(2)
، ثم قال:(رواه عن يزيد بن زريع: يحيى بن عبد الحميد الحماني، من رواية ابن أبي خيثمة عنه) اهـ. والحماني واه، متهم بسرقة الحديث، حدث بحديثه هذا على وجهين؟
قال البتي في حديثه هذا: عبد الحميد بن سلمة الأنصاري، بدلًا من عبد الحميد بن جعفر في رواية الجماعة هذا الحديث، وتسميتهم والد عبد الحميد. على اختلاف عن البتي في سياق الإسناد، ونسب عبد الحميد، وصاحب القصة من هو؟
فما رواه الجماعة عنه عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري عن أبيه عن جده بجعل المخير علامًا، وابنًا لجد عبد الحميد قال فيه الدارقطني
(3)
، وابن
(1)
المعرفة (3/ 1350) ورقمه / 3406.
(2)
بيان الوهم (3/ 514 - 515).
(3)
كما في: التهذيب لابن حجر (6/ 115).
القطان
(1)
إن فيه عبد الحميد بن سلمة، وأباه، وجده لا يعرفون. وذكر أبو القاسم
(2)
حديثهم عند ابن ماجه في المجاهيل. زاد ابن القطان: إلا يصح
…
ولو صحت لم ينبغ أن تجعل خلافًا لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن عبد الحميد بن جعفر؛ فإنهم ثقات، وهو، وأبوه ثقتان، وجده رافع بن سنان معروف. بل كان يجب أن يقال: لعلهما قصتان، خير في أحدهما غلام، وفي الأخرى جارية - والله أعلم -) اهـ. ونقل الزيلعي
(3)
قوله، وسكت عنه.
وقدمت أن الحديث من طريق عبد الحميد بن جعفر ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة. وحديثه أصوب وأصح من حديث البتي عن عبد الحميد بن سلمة. واعلم أن الحديث في الأصل حديث عبد الحميد بن جعفر، هو الابتداء فيه، أخذه البتي عنه، فوهم فيه أوهامًا، وحدث به ألوانًا. والدليل ما نقله الطحاوي
(4)
بسنده عن أبي عاصم النبيل قال: سمعت عبد الحميد بن جعفر يقول: (أنا حدثت البتي بحديث التخيير بالأهواز) اهـ. ولما حدث به البتي وقع في أوهام في السند، والمتن
…
فقال - مرة -: عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده. وقال - مرة -: عبد الحميد بن سلمة عن أبيه:
(1)
بيان الوهم (3/ 515).
(2)
كما في: تحفة الأشراف (3/ 163).
(3)
نصب الراية (3/ 270 - 271).
(4)
شرح المشكل (8/ 105).
أن رجلًا أسلم. وقال - مرة -: عبد الحميد بن أبي سلمة عن أبيه: أسلم أبي، وأبت أمي. وقال - مرة -: عبد الحميد بن يزيد بن سلمة: أن جده أسلم، وأبت امرأته. والصواب في هذه الأوجه كلها: عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان: أنه أسلم، وأبت امرأته، كما تقدم من رواية الثقات عنه، لم يختلفوا عنه في ذلك. خلافًا للبتي الذي جاء عنه الحديث - إسنادًا، ومتنًا - على ألوان عدة. أخذه عن عبد الحميد بن جعفر فخبط وخلط، ووهم وغلط، وأتى بمن لا يُعرف!؟
والجمهور على الاحتجاج بحديث البتي، على خلاف بينهم هل هو ثقة، أم صدوق
(1)
. وقال النسائي - مرة -
(2)
: (ليس بالقوي) اهـ، وأورده العقيلي
(3)
، وابن الجوزي في الضعفاء
(4)
، وقال ابن حجر
(5)
: (صدوق رمي بالقدر، وربما وهم) اهـ، ولا شك أنه لم يضبط حديثه هذا، فوقع في أوهام عدة في سياق سنده، ومتنه. وقد نص البخاري
(6)
رحمه الله في
(1)
انظر - مثلًا -: الجرح (6/ 10) ت/ 46، وتهذيب الكمال (16/ 416) ت/ 3709.
(2)
الضعفاء (ص / 211) ت/ 396.
(3)
الضعفاء له (2/ 43) ت/1000.
(4)
الضعفاء له (2/ 85) ت/1823.
(5)
التقريب (ص/ 564) ت / 3780.
(6)
(6/ 51) ت / 1676.
ترجمته لعبد الحميد بن جعفر أن من سماه: عبد الحميد بن سلمة فقد وهم - ولعله يعني البتي، والله أعلم -.
والحديث عزاه الزيلعى في نصب الراية
(1)
إلى البزار، وابن راهويه في مسنديهما، ولم أقف عليه في المقدار الموجود منهما.
والخلاصة: أن الحديث حديث عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان في قصة ابنته عميرة. وهو منقطع بين جعفر وأبي جده رافع بن سنان. وقد صححه الحاكم - ووافقه الذهبي -، والألباني - كما قدمته عنهم -، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو الهادي لما اختلف فيه من الحق.
(1)
(3/ 270).