الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
العلاقات الإنسانية:
لا بد للداعية من ربط الصلات والعلاقات الطيبة مع الناس، فالداعية صاحب هدف وصاحب منهج فله غاية سامية، وهي إيصال الخير والنفع إلى الناس كافة، وإنقاذهم مما هم فيه من بعد عن الله والدار الآخرة، وانتشالهم من الغفلة التي غطت القلوب، وأضعفت النفوس وجعلتها تركن إلى الدعة والسكون وحب المادة مما جعل الجوانب الروحية تضعف، فانقلبت الموازين عند كثير من الناس حتى صار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا والسنة بدعة والبدعة سنة، فقد اختلت المعايير والمقاييس فالداعية عليه والحالة هذه أن يعيد المياه إلى مجاريها، بربط الصلات، والعلاقات الطيبة مع الناس، بما يقدمه لهم من كلمة صادقة، وحسن معاملة، وتطبيق للسنة ظاهرًا وباطنًا، ومما يقربه ويحببه إلى الناس فتح حلقة تعليم القرآن في المسجد، أو إحدى المدارس الخيرية مع ما يقدمه من دروس في العقيدة، والسنة المطهرة والسيرة وغير ذلك من الدروس النافعة وأن يكون الداعية مع ذلك متصفا بالألفة حتى يكون آلفًا مألوفًا، ومما يعين على ربط الصلات وتقوية العلاقات، ما يقوم به الداعية من صلات، وعلاقات وزيارات فردية وجماعية، وما يقدمه في هذه المجالس من أحاديث ودية مع الأفراد ومع الجماعات، ثم فتح قلبك لآرائهم وأفكارهم وتطلعاتهم وتساؤلاتهم، والرد على ذلك بما يغني ويشفي. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس" 1، وعدم
1 سلسلة الأحاديث الصحيحة. مسند الإمام أحمد/ باقي مسند المكثرين "8945"، ومثله مسند الإمام أحمد/ باقي مسند الأنصار:"22333".
الألفة من صفات المنافقين. إن الداعية يستطيع جذب قلوب الناس إليه بما يقدمه من خدمات، وما يستطيعه من عون ومساعدة سواء كانت مادية أو معنوية أو بدنية، فإن النفوس من طبيعتها تميل إلى من أحسن إليها بالكلمة الطيبة، والبشاشة الدائمة، وطلاقة الوجه وحلاوة اللسان، وأن يحاول الداعية حل بعض المشاكل التي يفصحون عنها سواء كانت اجتماعية، أو اقتصادية أو غير ذلك، وأن يخالط الداعية الناس ويصبر على أذاهم من أجل مصلحة الدعوة، ومع ذلك على الداعية أن يحافظ على الهيبة والاحترام، وألا يذوب مع الناس ويخوض فيما يخوضون فيه، فعليه وهو يخالط الناس أن يحسن التصرف ويوازن بين المواقف، ولذلك نجد في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم "من رآه بديهة هابه، ومن خالطه أحبه"، وخيار الدعاة هم الذين يألفون ويؤلفون والداعية يستطيع جذب الناس إليه، وربط الصلات والعلاقات الطية معهم بحسن التعارف والخلطة والمعاشرة، وعدم الانكماش والفتور فإن الانكماش يسبب العزلة والانطواء، والبعد عن الناس ومن ثم يكون عنده عدم ارتياح، واكتئاب كل ذلك ناشئ عن البعد والانطواء، وعدم الخلطة مع الناس. وإذا وصل الداعية إلى الصفات فلا يمكن أن يفيد أو يستفيد، فالحذر كل الحذر من هذه الصفات التي تبعدك عن الناس وعن مخالطتهم، بل يكون شعارك:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وهذا الشعار يقتضي منك البسمة والبشاشة، وإفشاء السلام ورده وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام، وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم" 1، وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم"2.
1 صحيح الإمام مسلم، كتاب الإيمان:"54".
2 صحيح الإمام البخاري، الاستئذان:"59/ 5766".