الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة:
أيها الداعية الكريم أيها الواعظ اللبيب، أيها المسلم الفطن، أبشر بالخير فإنك قد سلكت أفضل الطرق، ونهجت أحسن منهج {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} 1، وحين يكون اهتمام الداعية بدعوته، ومجتمعه وأمة الإسلام كاهتمامه برزقه وبيته، وأهله وولده يكون ناجحًا في دعوته عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". مع التزام الصدق في القول والعمل، مع الله ومع الناس، وإذا ألجئت إلى الكذب فلا تقدم عليه، ونذكرك بكلام أبي سفيان مع هرقل حين سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"والله لولا أن يؤثروا عني كذبا لكذبت"، ولقد تجنب هذا الرجل -وكان جاهليًّا- أن يكذب خشية أن ينقلوا عنه الكذب، أو يعيروه به يوما من الأيام مع شدة حاجته إلى الكذب، ونحن نعلم أن أعراض الدعاة اليوم أصبحت هدفا لسهام كثيرة، ولذلك يتعين على الداعية أن يغلق الباب الذي تأتيه منه الريح ليريح، ويستريح ولا يخوض مع الخائضين في أعراض العلماء والدعاة، وغيرهم بل عليه إيقاف مثل هذه التجاوزات المحرمة.
كما أن الإخلاص مطلب أساسي للداعية، وهو يقوم بهذه الرسالة رسالة الدعوة إلى الله. قال الله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} 2.
1 انظر ص7.
2 سورة هود: من الآية 7.
قال الفضيل بن عياض: أيكم أحسن عملا أي "أخلصه وأصوبه" قيل: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا"، ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى نمط من الدعاة آثروا الصدق في أقوالهم وأفعالهم حتى أصبح الصدق سجية يجري في عروقهم، فإذا رآهم الناس قالوا: هذه ليست بوجوه كذابين، إن صدقنا في حلم دعوتنا هو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا، كما أن الداعية مطلوب منه أن يتحمل ويصبر على ما أصابه في سبيل الدعوة قال تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} 1، فالصبر مع إخوانك الدعاة أمر مطلوب، والصبر على أذى إخوانك المدعوين أمر مطلوب كذلك، ومع الصبر لا تظهر الغضب ولا التأفف قال الله تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 2، بل من خلق الداعية كظم الغيظ والعفو عمن ظلمه، والإحسان إلى الناس جميعًا، وكذلك التواضع وهو تجنب الكبر الذي هو بطر الحق وغمط الناس، ومن التواضع أن يتنازل عن حظ نفسه من حقه ليحل مشكلة هو طرف فيها، أو ليطوي صفحة طال الحديث فيها، أو ليتألف قلبا، أو ليستطيب نفس أخيه، ولا يلح في المطالبة بحقوقه، ومن الأمور الهامة في حياة الداعية "السماحة"، وقد دعا
1 سورة الكهف: الآية 28.
2 سورة آل عمران: الآية 134.
-صلى الله عليه وسلم للرجل السمح عن جابر عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى وإذا قضى وإذا اقتضى" 1 وإن صاحب السماحة لا تطيب نفسه بأن يحصل حقا لم تطب به نفس الطرف الآخر فيؤثر التنازل، إن مما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته منعا وهات، وقيل قال وكثرة السؤال، إضاعة المال كما جاء في الحديث الشريف عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعًا وهات ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" 2، ومن احترام الآخرين احترام آرائهم، وأفكارهم ما لم تكن مخالفة للشرع، ومن الأمور الهامة التي يجب على الداعية التنبه لها تقدير العلماء واحترامهم، والأخذ بآرائهم الصائبة في الأمور الدعوية وعدم الخوض في أعراضهم أو إيذائهم بالكلام، أو السب سرًّا أو علنًا قال الله تعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه". الحديث3 فاحرص أخي الداعية على هذا المبدأ وانشر الخير، وابتعد عن الشر وكن مفتاحا للخير مغلاقا للشر.
1 صحيح الإمام البخاري، كتاب البيوع:"2076".
2 صحيح الإمام البخاري، كتاب الأدب:"5975".
3 صحيح الإمام البخاري، كتاب الرقائق:"6502".
وفي الختام أشكر كل من ساعد أو ساهم برأي، ونصح وتوجيه صائب كان له أعظم الأثر في إخراج هذا الكتاب بهذا المحتوى "أترك الحكم لك أيها القارئ الكريم"، فقد أخذت بعين الاعتبار كل نصح وتوجيه وتعديل، وتبديل وإضافة -كان لها عظيم الفائدة- من إخواني الذين لم يبخلوا علي بآرائهم، وأفكارهم واقتراحاتهم الصائبة التي كان لها أثر بارز في تقويم هذا الكتاب قبل إصداره وطبعه، وأخص بالذكر أخي الفاضل الشيخ الدكتور/ محمد بن سعد بن شقير القاضي بمحكمة خورفكان في الإمارات العربية المتحدة، فقد قرأ الكتاب، ووضع له مقدمة، فجزاه الله خيرًا وغفر له ولوالديه.
وكذلك أخي الشيخ/ عبد الرحمن بن حماد آل عمر فقد قوم الكتاب، ووضع له تقريظًا كما قام بتقويمه أيضا فضيلة الشيخ الدكتور/ الوليد بن عبد الرحمن آل فريان غفر الله لهما ولوالديهما ولجميع المسلمين.
كما أن وزارة الشئون الإسلامية ممثلة في قسم الطبع والترجمة قامت بتوجيه من وكيل الوزارة المساعد الدكتور/ عبد الله الزير بقراءة الكتاب قبل طبعه، وأبدى ملاحظاته وتوجيهاته حول الكتاب مما جعله يظهر بهذا الثوب الجديد، فقد تم إضافة بعض الموضوعات الهامة التي لم تكن موجودة إبان كتابتي لهذا الكتاب أثناء عملي في الدعوة، والإرشاد في مركز الفجيرة، والحمد لله أنني تداركتها بفضل من الله، ثم بإرشاد إخواني الذين هم أطول مني باعا، وأكثر خبرة وتجربة في هذا المجال جزاهم الله خيرا على ما قدموا للدعوة والدعاة، وغفر الله لي ولهم ولوالدينا ولجميع المسلمين، ومن قرأ هذا الكتاب أو
استمع إليه.
أسأل الله عز وجل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعله نافعا مفيدا لمن قرأه وسمعه، وأن يعم بنفعه الإسلام والمسلمين إنه جواد كريم.
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ما كان في هذا الكتاب من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ وتقصير فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله من ذلك، فمن أراد تقويم هذا الكتاب بتصحيح خطأ أو تعديل عبارة أو إضافة موضوع فأكثر، أو حذف أو زيادة فأطلب منه مشكورًا الكتابة عن طريق الفاكس أو الاتصال بي على العنوان التالي:
المملكة العربية السعودية، الرياض، مركز إشراف جنوب الرياض.
هاتف: 4952172، فاكس: 4954678
ص. ب: 33776، الرياض: 907، الرمز:11458.