الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع: نداءات:
النداء الأول: إلى حكام المسلمين:
إن الدعوة الإسلامية من مقومات الدولة، وركيزة من ركائزها، بل هي أسس متن يقوم عليها بناء الدولة الإسلامية، وهي عرقها النابض، وسر نهضتها، ومصدر عزها وسعادتها، من هذا المنطلق كان من الضروري جدًّا الاهتمام بالدعوة الإسلامية داخل الدولة المسلمة، ودعمها وتوفير الحماية لها، دعمها بكل الإمكانات والمقومات الأساسية للرفع منها وتطويرها، بل وجعلها جزءًا لا يتجزأ من المنهج الداسي حتى يعرف الشباب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة عن طريق العلم الشرعي المنضبط بالكتاب والسنة، فلا إفراط ولا تفريط، بل اعتدال وتوسط في الدعوة، والحركة الإسلامية فينشأ المجتمع سليم الفكر سليم المنهج سليم الاعتقاد، قوي الإيمان فقد كان هذا نهج الدولة الإسلامية الأولى بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية، فكانت مهمته الأولى وغايته الأساسية دعوة الناس الى الإسلام عقيدة، وشريعة ومنهج حياة، وإبلاغهم رسالة ربه، وكان ذلك هو الهدف الأول عند تأسيس الدولة الإسلامية. بل إنه صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على دعوة القريبين منه فحسب، ولكنه أخذ يدعو ملوك ورؤساء الدولة المجاورة وغير المجاورة بعدة طرق ووسائل منها:
أولا: طريق البعوث والرسائل إلى الملوك والحكام، روى مسلم
وغيره من حديث أنس رضي الله عنه: "كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الإسلام وإلى الله تعالى"1.
وقد كتب صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم وفيه: "أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أو أسلم يؤتك الله أجرك مرتين" 2 كما كتب إلى كسرى عظيم الفرس.
ثانيًا: الدعوة من قبل الدولة عن طريق إرسال البعوث لتبليغ رسالة الله، وعن طريق استقبال الوفود التي كانت تفد على الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة للدخول في الإسلام. من هذا المنطلق واقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى كان على حكام العالم الإسلامي مسئولية عظمى في الدعوة إلى الله بالطرق، والأساليب التي كان يفعلها مؤسس الدولة الأولى في المدينة النبوية عليه الصلاة والسلام، نداء إلى من أكرمهم الله بالحكم والولاية على المسلمين أن يعملوا على نشر هذا الدين في بلاده، وفي بلاد العالم الإسلامي كل فيما يخصه، والتعاون فيما بينهم لخدمة الدعوة الإسلامية في بلادهم وخارجها من بلاد العالم، لعالمية هذا الدين وعالمية الدعوة إلى الله. إذ بأيدي الحكام الحل والعقد والأمر والنهي، وتغيير المنكر وإقرار المعروف والأمر به بل والإلزام به والعقوبة عليه في بلادهم، وخارجها بالتعاون مع المسئولين عن أمر الدعوة بتطبيق شرع الله في الحدود، والعقوبات لمن خالف شرع الله وخرج عن تعاليم هذا الدين، بيد أن الدعوة إلى
1 كتاب الجهاد والسير، باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل.
2 شرح النووي: "5/ 166"، الإمام البخاري: كتاب بدء الوحي "1/ 31-32".
الله تتطلب الرفق واللين بالطرق، والأساليب التي كان يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون في الدعوة إلى الله، حيث بعث صلى الله عليه وسلم الدعاة، والمعلمين إلى الأمصار والدولة المجاورة مثل مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة، وبعث الدعاة إلى قبائل العرب في الجزيرة العربية. ثم عقد ألوية الجهاد والسرايا لنشر دين الله والدعوة إليه، وقتال كل من وقف في طريق الدعوة، وصد عن هذا الدين مما جعل الأمن يستتب، والرخاء يعم والطمأنينة تنتشر، والتعاون يسود المجتمع لهذا نوجه هذا النداء إلى حكام العالم الإسلامي بالاهتمام بالدعوة إلى الله، والعمل على نشرها في كل أرض، وتحت كل سماء والله الموفق.