المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النداء الرابع: إلى العلماء الربانيين والقضاة الشرعيين: - دليل الداعية

[ناجي بن دايل السلطان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌مقدمة المراجع:

- ‌تقريظ:

- ‌مقدمة المطلع عليها

- ‌المقدمة:

- ‌ الإخلاص:

- ‌ المعاملة الحسنة

- ‌ كن قدوة:

- ‌ كن صادقًا:

- ‌ العجب والغرور:

- ‌ القول بلا علم:

- ‌ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية:

- ‌ الداعية صاحب همة:

- ‌ من خلق الداعية التواضع والقناعة:

- ‌ الثبات على المبدأ:

- ‌ والله إني لأحبك

- ‌ كيف تكسب قلوب الناس:

- ‌ ثمرة مرة:

- ‌الفصل الثاني: أساليب ومداخل:

- ‌ معرفة أحوال: الناس

- ‌ قبل أن تدعو:

- ‌ العلاقات الإنسانية:

- ‌ عليك بالمبادرة:

- ‌ النظام

- ‌ درجات تغيير المنكر:

- ‌ العادات والتقاليد:

- ‌الفصل الثالث: حسن الاختيار:

- ‌ الموضوع:

- ‌ الوسطية:

- ‌ البداية:

- ‌ توحيد الموضوع:

- ‌ حدث الناس بما يعرفون:

- ‌ أسند قولك بالدليل من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة:

- ‌ ابدأ مع الناس بالأهم قبل المهم:

- ‌ عبرة وعظة:

- ‌الفصل الرابع: علاقة الداعية بمسئوليه

- ‌التغير بالتي هي أحسن

- ‌ الداعية والأمن:

- ‌ الجندي المجهول:

- ‌ مراجعات:

- ‌الفصل الخامس: وجوب الدعوة:

- ‌ على من تجب الدعوة:

- ‌ الداعية في سباق مع الزمن:

- ‌ كن طبيب عصرك فإن لكل داء دواء:

- ‌ الداعية والمجالس:

- ‌الفصل السادس: ثقافة الداعية:

- ‌ الإطلاع:

- ‌ الدعوة واللقاءات:

- ‌ الداعية والعلم:

- ‌الفصل السابع: واجبات الداعية:

- ‌ كيف يؤدي الداعية واجبه وما هو دوره

- ‌الفصل الثامن: التخطيط:

- ‌ التخطيط والمنهج:

- ‌ التخطيط الناجح:

- ‌ شروط وفوائد التخطيط:

- ‌ عناصر التخطيط:

- ‌ الإدارة:

- ‌ الإدارة والنظام:

- ‌ أهمية الإدارة:

- ‌ أهمية الإدارة في الدعوة:

- ‌الفصل التاسع: نداءات:

- ‌النداء الأول: إلى حكام المسلمين:

- ‌النداء الثاني: إلى رب الأسرة:

- ‌النداء الثالث: إلى أئمة المساجد:

- ‌النداء الرابع: إلى العلماء الربانيين والقضاة الشرعيين:

- ‌النداء الخامس: إلى كل معلم ومعلمة

- ‌النداء السادس: إلى رجال الدعوة الإسلامية والحسبة

- ‌النداء السابع: إلى ربة البيت:

- ‌الخاتمة:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌النداء الرابع: إلى العلماء الربانيين والقضاة الشرعيين:

‌النداء الرابع: إلى العلماء الربانيين والقضاة الشرعيين:

أوجه هذا النداء إلى علماء الأمة الإسلامية وإلى القضاة الشرعيين مع أنني أقل منهم علما، وخبرة وعملا في مجال الدعوة، لكن عزائي في ذلك أنه قد يأخذ العالم ممن هو أقل منه علما، ويسمع العالم من طالب العلم وهذا هو أدب السلف والخلف رحمهم الله تعالى، فإلى هؤلاء العلماء أوجه ندائي وأقول: إن الأمة قد عقدت عليكم آمالها بما تحملونه من علم شرعي، وربطت مصيرها بمصيركم، فأنتم العلماء الربانيون والقضاة الشرعيون، وأنتم قادة الأمة إلى الخير وحماة العقيدة، ودور العلماء عظيم ومسئوليتهم كبيرة، والأمة ترجع إليهم في كثير من المسائل الشرعية والاجتماعية، وتنظر إلى علمائها نظر احترام وتقدير وامتثال لما يأمرون به وانتهاء عما ينهون عنه، أوجه هذا النداء داعيا إلى تضافر الجهود، ولم الشمل واجتماع الكلمة واتحاد الهدف، والمصير والتشاور فيما بين العلماء فيما يصلح الأمة ويقوم سلوكها حتى تسير الأمة على نور، وهداية باتباع المنهج الرباني والسنة المطهرة، فتسعد الأمة بعلمائها ويسعد العلماء بانقياد الأمة لأوامر الله، وانتهائها عن ما نهى عنه سبحانه وتعالى.

أوجه هذا النداء إلى كل عالم1 بشرع الله بعينه بأن يجعل الدعوة إلى الله أولى اهتماماته، وإصلاح الناس هدفًا من أهداه، ونشر العلم

1 المقصود بالعالم: العالم بشرع الله سواء كان قاضيا شرعيا، أو عالما ربانيا قد تعلم ودرس العلوم الشرعية في المدارس النظامية، أو عند العلماء الأفاضل أو كان مجالسا للعلماء، ويسمع منهم أو كانت له اهتماماته بالكتب والعلوم الشرعية، سواء كان عمله طبيبًا أو مهندسًا أو عسكريًّا، أو تاجرًا إلى غير ذلك من الأعمال الكبيرة.

ص: 231

وتبليغ رسالة السماء غاية من غاياته، ولا ينشغل بحطام الدنيا الزائل مهما كانت الظروف، فإن العالم إذا ترك الدعوة إلى الله ضعف الإيمان عند الناس، بل عبدوا الله على جهل، وفشت المنكرات وانتشرت البدع والخرافات، وابتعد الناس عن تعاليم الشرع الحكيم، والصراط المستقيم إلى أقوال أهل الجحيم بسبب سكوت العلماء، وتركهم الدعوة إلى الله عندها ينتشر الشر والفساد، وتقوى شوكة الباطل بسكوت أهل الحق فينشرون سمومهم، وبدعهم وانحرافاتهم في المجتمع فيعيش الناس في جهل مطبق، وضلال عظيم وبعد عن منهج الله.

أوجه ندائي إليكم أيها العلماء الأفاضل بصفتكم تخافون الله أكثر من غيركم، وتراقبونه أشد المراقبة {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} والذي يخاف الله ويخشاه يعمل ما يرضيه وإن أهم عمل تقوم به هو الدعوة إلى الله -كما سبق وتبين لنا في هذا البحث أنها فريضة من فرائض الله- فالعالم يستطيع بمظهره وبالقدوة الحسنة، والأخلاق الفاضلة والمعاملة الطيبة ودماثة الأخلاق أن يغير بالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة في المسجد أو الاجتماعات العامة، والمناسبات في اجتماع الناس في الأعياد والأفراح، والعزاء إلى غير ذلك من الاجتماعات العامة والخاصة في البيوت وغيرها، يجب على العالم أن يستغلها ويستثمرها في الدعوة إلى الله، ونشر هذا الدين وتعليمه لجميع الناس عن طريق إلقاء موعظة، أو فتح حوار في موضوع معين أو الإجابة على أسئلة الناس. كما أن العالم باستطاعته إلقاء محاضرة أو درس والقيام بإعداد خطب الجمع والعيدين، وتحديد درس معين في كتاب معين في المسجد، أو البيت أو أي مكان مناسب يحضره طلاب العلم كما كان

ص: 232

الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، أوجه هذا النداء إلى من يستطيع الدعوة بالزيارات الفردية، والجماعية فعليه أن يفعل ذلك ولا يتأخر، فالأمة بحاجة إلى جميع الجهود، والإمكانات بحاجة إلى من يبصرها بدينها حتى تعبد الله على يقين ومعرفة، نداء إلى علمائنا الأفاضل أن لا ينسو القرى والهجر والأماكن النائية، زرهم وتفقد أحوالهم أوصل لهم النور والعلم والحكمة، فهم من أحوج الناس إلى العلم الشرعي لقلة العلماء لديهم، وتفشي الجهل والمخالفات الشرعية عندهم، نداء أخير لو قام كل منا بدوره على الوجه المطلوب لم يبق جاهل بأمر الدين، فأمر الدعوة واجب عيني على الجميع ولا سيما العالم الرباني، فهي في حقه أوجب وآكد من غيره، فلا تبخل بالكلمة الطيبة وبالموعظة الحسنة بالمحاضرة النافعة بالندوة الشاملة بخطب الجمع، والعيدين المفيدة، بالزيارات الفردية والجماعية. استغلال جميع المناسبات العامة والخاصة والاشتراك فيها، واستثمارها في الدعوة إلى الله، أما أن يكون العالم سلبيا لا يحرك ساكنا ولا يغير منكرا، ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، عمله وبرنامجه اليومي العمل الوظيفي الخالي من الدعوة، ثم الرجوع إلى البيت والانهماك في أعمال دنيوية بحته -وليس معنى ذلك أنني أقلل من شأن العمل الوظيفي، أو الأعمال الأخرى الخاصة- لكني أريد أن يخلط العمل الوظيفي بالدعوة، والأعمال الخاصة والعامة بالدعوة إلى الله، وأن يكون له مع هذه الأعمال منهج دعوي مع الزملاء في العمل مع المراجعين، والجمهور الذين يأتون إليه لإنهاء معاملاتهم يستغل ذلك بتوجيههم، ونصحهم إذا رأى عندهم مخالفات شرعية، فالعالم الموظف يستغل وظيفته في الدعوة إلى الله بالكلمة

ص: 233

الطيبة والموعظة الحسنة في وقت العمل الرسمي وغيره بما شاء، فأمر الدعوة هام ومنوط بك أيها العالم الفاضل أكثر من غيرك فتنبه لهذا، ولا تترك الساحة خالية منك ومن أمثالك لأهل الشر والفساد، فإن الشر يزيد ويتفشى كلما ضعف الدعاة إلى الله وتخلوا عن مسئوليتهم، وأي مكان لا يوجد فيه دعاة إلى الله يظهر فيه الشر، والفساد واضحا لكل ذي عينين.

"فيجب على العالم ما لا يجب على الجاهل، ويجب على ذي السلطان ما لا يجب على غيره من آحاد المسلمين، ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى: خص بالإنذار والوعيد أهل العلم، وحذرهم من كتمان الحق الذي عرفوه. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَاّعِنُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 1"2.

فاحرص كل الحرص على استغلال جميع الفرص المتاحة، فالعمر محدود وليس لك إلا ما قدمت فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.

1 سورة البقرة: الآيتان 159-160.

2 عن كتاب أصول الدعوة، د/ عبد الكريم زيدان ص319.

ص: 234