الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
التخطيط الناجح:
أخي الداعية إذا أردت النجاح لدعوتك فلا بد من التخطيط، ووضوح المنهج القويم الذي تسير عليه، وتحديد الدرب ومعالمه كي تصل الدعوة إلى الهدف المنشود، فلا بد أن تجعل لك برنامجًا تسير عليه، وخطة مدروسة واضحة محدودة المعالم والأهداف ينفذها الداعية، ثم يدون ما في هذه الخطة، وما في هذا العمل من حسنات، وإيجابيات وما فيه من نقص وسلبيات تتضح لك أثناء التطبيق، وما يعترض طريقك من عقبات حتى يمكن لها وتذليلها وإيجاد البديل، وذلك بالتشاور مع أصحاب الرأي من المسئولين عن ذلك المرفق "أي مرجعك المباشر".
إن التخطيط مهم جدا لنجاح أي عمل، وأي عمل يفقد التخطيط والدراسة قلما ينجح. فإذا أردت أيها الداعية نجاحا لدعوتك فلابد من تطبيق منهاج الله في واقع الحياة، ولا بد من وضع الخطط التي تعالج مشكلات البلد البارزة ويركز على علاجها والقضاء عليها، ويعمل الداعية جهده لتثبيت المنهج الرباني ليؤدي دوره على منهاج النبوة الخاتمة، لذا نقول ونؤكد على بناء شخصية المسلم ونفسيته وتصوراته، وتوفير ميزان أمين يزن به الأمور والأحداث والرجال، وفي هذه المرحلة مرحلة البناء والتخطيط على الداعية أن تثبت من
خطواته ومن نجاحه حتى يستطيع أن يدعو إلى الله على نهج واضح محدد، وعلى علم وبصيرة مرتكزة على خطة سنوية تنظم عمله وحياته، وينشأ عنها خطة يومية وأسبوعية وشهرية، حتى يصبح التخطيط سمة المسلم الداعية الصادق والواعي، فيبدأ عمله بنية صادقة، مصحوبة بالدراسة والنهج والتخطيط، حتى إذا انتهى عمله أخضعه للدراسة والتقويم، وهذه الخطط والوسائل تملك من اليسر والمرونة ما يسمح بتطبيقها في أي ميدان، وأي لقاء فتظل الدعوة عملًا عملًاقا متواصلًا غنيًّا ما دامت القواعد ثابتة على أسس متينة من الكتاب والسنة. إن حياة المسلم الداعية كلها ميدان فسيح للممارسة، والتطبيق على الواقع المحسوس حسب حاجاته ومتطلباته، مع التأكد دائما على أنه يسير على الأهداف والخطط التي يسعى إليها، والوسائل التي يتخذها والأساليب التي يتبعها، ومن ضمن هذه الأساليب والطرق التي على الداعية أن يسلكها بل على المخططين للدعوة أن يضعوها في الحسبان:
1-
إرسال الدعاة إلى الأماكن المتاحة، فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم الوفود إلى مشارق الأرض، ومغاربها للدعوة إلى الله ونشر هذا الدين، ومع ذلك جهز الجيوش للمعاندين، والصادين عن دين الله -وكتب السيرة مليئة بذلك.
2-
دعوة الناس عامة إلى الإسلام، ونشر هذا الدين عن طريق بعث البعوث وإرسال الرسائل، فقد أرسل صلى الله عليه وسلم البعوث والرسائل إلى الملوك والحكام، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى، وإلى قيصر وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الإسلام وإلى الله تعالى1، وأرسل إلى غيرهم مثل هرقل وغيره كثير. كما كان يعلم
1 سوف يأتي بيان لذلك ص224.
دين الإسلام في بيته وفي مسجده، وفي كثير من الأماكن أثناء المناسبات واللقاءات والاجتماعات في السفر وفي الحضر. لقد قامت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بكل عناصرها الحاكم، والمحكوم الكبير والصغير بأمر الدعوة، واهتمت بها أيما اهتمام حتى جرت في عروقهم، وأصبحت جزاءًا من حياتهم، فلا بد لهذه الأمة الإسلامية أن تنهج هذا النهج، وتهتم بالدعوة في جميع شئونها ومرافقها، وأن تدخل الدعوة جميع مرافق الحياة من صحافة وإعلام، وتعليم وتربية، فينشأ الناس جميعا أفرادا وأسرا جماعات ووحدانا على حب الدعوة، والتفاني في سبيلها وبذل الغالي والنفيس في سبيل الدعوة لرفعة هذا الدين.
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
…
على ما كان عوده أبوه
"إن حياة المسلم الداعية كلها ميدان للتخطيط والممارسة والتطبيق، ميدان للتربية والتعليم، إن ميادين الحياة العامة كذلك ميادين إعداد وتطبيق وتدريب، إن حياة الأسرة وحياة الجماعة، وحياة الأمة، والمساجد والمعاهد ووسائل الإعلام كلها ميادين لقاء المؤمنين، وميادين للتربية والبناء. إن الذي يتصدى لمهمات الدعوة الإسلامية عليه أن يتأكد من النهج الذي يسير عليه، والأهداف التي يسعى إليها، والوسائل التي يتخذها، والأساليب التي يتبعها، وقبل كل زاد وقبل كل خبرة، عليه أن يراجع نفسه ويحاسبها حتى يتأكد من نيته، وإخلاصه لله، والنية هي أهم قضية في الميدان الفكري والنظري، وهي أهم قضية في الميدان العلمي والتخطيط"1.
إن التخطيط للعمل وتنظيمه يجعل العمل ناجحًا، ويوفر الوقت والجهد بل والمال فلا يصرف في غير محله، والوقت فلا يذهب هدرًا دون فائدة، كما أن التخطيط يجعل المسئول يوزع العمل، والمسئوليات والمهام وفق قدرات الدعاة والموظفين، كما أن من لوازم التنظيم:
أ- إعداد دليل للإجراءات والنماذج لكل نشاط دعوي.
ب- حفظ المعلومات والوثائق بأسلوب علمي يساعد على سرعة الوصول إليها متى ما أراد ذلك.
ج- استخدام التقنية الحديثة والاستفادة منها.
د- تطوير اللوائح المنظمة للعمل بصورة مستمرة.
هـ- وضع الداعية المناسب في المكان المناسب.
1 عن كتاب النظرية العامة للدعوة الإسلامية، "نهج الدعوة وخطة التربية والبناء" دكتور: عدنان النحوي ص161.