المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أساتذتي في مكتب عنبر أيضا - ذكريات - علي الطنطاوي - جـ ١

[علي الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌بين يَدَي الذّكريات

- ‌المقدمة

- ‌ذكريات لا مذكّرات

- ‌من ذكرياتي عن دمشق

- ‌من الكُتّاب إلى المدرسة التجارية

- ‌من ذكريات الطفولةذكرياتي عن الحرب العالمية الأولى

- ‌من ذكريات الطفولة أيضًا

- ‌من المدرسة التجارية إلى المدرسة السلطانيةومن العهد التركي إلى العهد العربي

- ‌في المدرسة السلطانية

- ‌منعطف خطير في تاريخ سوريا

- ‌عهد جديد في حياتيوذكرياتي عن الجامع الأموي

- ‌من جوار الأموي إلى سفح جبل قاسيون

- ‌فصل جديد في تاريخ الشام

- ‌في امتحان الشهادة الابتدائيةخطبتي الأولى وتهجّمي على الفرنسيين

- ‌في ثانوية مكتب عنبرومرحلة خصبة في حياتي

- ‌في مكتب عنبر

- ‌أساتذتي في مكتب عنبر

- ‌أساتذتي في مكتب عنبر أيضًا

- ‌من مصر إلى الشام

- ‌جدي الشيخ أحمد الطنطاوي

- ‌عود للحديث عن مكتب عنبر

- ‌شغلي الدائم المطالعة

- ‌ثورة في المدرسة

- ‌صفحة جديدة في سِفْر حياتي

- ‌لمّا صرت تاجراً

- ‌مشايخي خارج المدرسة

- ‌أسرة الخطيبوبعض الأسر العلمية في دمشق

- ‌الثورة على الفرنسيين

- ‌كيف انطلقت الثورة

- ‌شعر الثورة في مكتب عنبر

- ‌من شعر الثورة

- ‌النجاح في البكالورياوالسّفر إلى مصر

- ‌اليوم الأوّل في مصر

- ‌ظهور الدّعوة الإسلامية في مصر

- ‌العودة إلى دمشقوإنشاء جمعية الهداية الإسلامية

- ‌تقلّبات على الطريق

- ‌احتراف الصّحافة

- ‌في جريدة «فتى العرب»

- ‌الكتّاب والأدباء والصحفيّون

- ‌صدور «رسائل الإصلاح»

الفصل: ‌أساتذتي في مكتب عنبر أيضا

-16 -

‌أساتذتي في مكتب عنبر أيضًا

خبّروني، هل تحفظون من أخبار أساتذتكم مثل الذي أحفظ من أخبار أساتذتي هؤلاء الذين أحدّثكم حديثهم؟ هل يبقى من ذكرياتهم في نفوسكم بعد ثلاثين سنة من ابتعادكم عنهم كالذي بقي في نفسي من ذكريات أساتذتي التي أكتب اليوم عنها بعد ستين سنة من تاريخها؟ وإن هي بقيت في نفوسكم وحدّثتم بها، فهل تحملون لهم من الحب كالذي أحمل لأساتذتي؟

إني أحبهم، وإلا فلماذا أثني عليهم وأمدحهم؟ الشعراء كانوا يمدحون الملوك والأمراء وهم أحياء أملاً بالمكافأة والعطاء، فهل أطمع بعطيّة من أناس مضوا إلى رحمة ربهم؟

وما أنا بالشاعر وما صناعتي نسج التهاويل؛ ما أنا إلا مصوّر يتأبط آلته يطوف بها، يصّور مشاهد الحياة ومشاعر النفس، مصوّر (فوتوغرافي) مسكين ينقل صوره نقلاً، ولست المصّور المبدع الفنّان الذي يحمّل لوحاته ما لم يكُن ولا يكون. أنا إنسان يدبّ على أرض الواقع، على حين يضرب الشعراء أمواج الجوّ بأجنحة النسور.

ص: 163

فأين أنا من جِواء الشعراء (1) الذين يحسبون أنهم يتعالون عن واقع الحياة؟ (2)

إني أفكر فيما صرت إليه وما كنت في صغري فيه، فأرى الفضل لله أولاً وأخيراً، ولكن السبب فيه هؤلاء المدرّسون وأمثالهم (وإن قلّ أمثالهم) الذين قعدت بين أيديهم وأفدت منهم، في المدرسة مضطراً وفي حلقات المساجد مختاراً، أو قابلتهم في مسالك الحياة مصادفة، فكان لهم -لقوّة شخصياتهم، ونبل صفاتهم، وطهر قلوبهم- أعمق الأثر في فكري وفي عاطفتي وفي سلوكي وفي تكويني، لم أحسّ به في حينه ولكنْ عرفته بعد حين.

وإذا كان كثير من المعلمين يعملون ليأخذوا الراتب، وكثير من الطلاب يقرؤون ليحملوا الشهادة، وكان في المدرّسين المهمل المسيّب وكان فيهم زائغ القلب فاسد العقيدة، فقد كان أكثر معلمينا يعلموننا ابتغاء ثواب الله وحباً بنشر العلم، وكنا (أو كان أكثرنا) نتعلم حباً بتحصيل العلم ورغبة في الأجر من الله. وكانوا كالآباء لنا، يهتمون بدنيانا وأخرانا.

فهل تستكثرون عليّ أن أنضح بالدمع قبورَ رجال هم ملؤوا قلبي بالعاطفة التي ينبع منها الدمع؟ لقد بكيتهم يوم ماتوا بصوب

(1) كلمة جو جمعها جِواء لا أجواء، وما كان من الجمل بين أقواس فهو من مقالات لي قديمة.

(2)

أقصد ما يُسمّى «السريالية» ، وأصلها «sur» أي فوق و «realite» أي الواقع.

ص: 164

قلبي لا بماء عيني. فيا ربّ ارحمهم وارحم كل الذين علموني، وارحم أبي لأنه كان أبي وكان معلمي، واجزهم عني خير الجزاء.

* * *

كان أساتذتنا في مكتب عنبر أصنافاً.

أما مدرّسو العربية فكانوا أئمتها في البلد وكانوا المرجع فيها: الشيخ عبد الرحمن سلام الخطيب الشاعر، والشيخ المبارك اللغوي الراوية، والشيخ سليم الجندي أستاذ اللغة والنحو والصرف والعروض. وقد سبق الكلام عن المبارك وسلام، وسأتكلم عن الجندي.

والشيخ الداودي، ولم نقرأ عليه ولكن عرفنا من تلاميذه أنه كان يشرح الدرس على طريقة العلماء الأزهريين، في لطف ظاهر وخُلُق عظيم وقلب رقيق، وكان شيخاً كبير السن مريض الجسم، يستنفد الدرس قوته فيخرج من غرفة التدريس فيستلقي على الأريكة يستريح.

وكان يأتي المدرسة على أتان (حمارة)، وكانت يومئذٍ للعلماء كالسيارة اليوم للأغنياء، فإذا دخل الباب تسابق الطلاب يعينونه على النزول عنها ويقبّلون يده ويمشون معه، وكان محبوباً ما رأيت له كارهاً. ولما تُوفّي سنة 1926 نظم رفيقنا الشاعر أنور العطار قصيدة في رثائه ألقيتها أنا على قبره في كلمة تأبين لي.

والأستاذ محمد البزم، الشاعر الفحل الذي كان يُعَدّ يومئذٍ أحد شعراء دمشق الأربعة، وهم: خير الدين الزركلي، الذي صار

ص: 165

بعدُ من أركان وزارة الخارجية السعودية، مؤلف الكتاب العظيم «الأعلام» ، أحد الكتب العشرة التي يفاخر بها هذا القرنُ القرونَ السابقات، وكتاب «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز» وكتب أخرى معروفة. وخليل مردم بك، رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق، العالِم المؤلّف والد الصديق الشاعر عدنان مردم بك. وشفيق جبري، أول عميد لكلية الآداب في جامعة دمشق وركن وزارة المعارف قبل ذلك، مؤلّف كتاب المتنبي والجاحظ.

والعجيب أن البزم لم يُعرَف في غير سوريا، وقد كان أمثاله (بل لقد كان تلاميذه) معروفين، ولما نشر في «الرسالة» في أوائل الثلاثينيات وضع الزيات في رأس مقالته «للأديب محمد البزم» مع أنه كان يكتب لي، وأنا بمثابة تلميذ البزم، «للأستاذ فلان» .

ولم نقرأ عليه. لقد قرأ عليه مَن جاء بعدنا من التلاميذ، وكان منهم أخي ناجي وأخي عبد الغني، فخبّرونا أنه كان مدرّساً نادر المثيل. كان فصيح اللهجة بيّن الأسلوب، تعرف ذلك من سلامه ومن كلامه، لا يتكلم إلاّ اللغة العربية البليغة.

ولقد اتصل حبل المودّة بأخَرة بيني وبينه، وكنت قد جافيته أولاً؛ ذلك أنه كان يكتب في مجلة «الميزان» (1) كلمات يتناول

(1) التي كان يصدرها الكاتب الأديب أحمد شاكر الكرمي في أوائل العشرينيات من هذا القرن، وهو ابن الشيخ سعيد الكرمي والأخ الأكبر لحسن وعبد الغني وعبد الكريم (وهو أبو سلمى رفيقنا)، وكلهم كاتب أديب أو شاعر مُجيد.

ص: 166

فيها الأدباء بالتجريح، لا يكاد يسلم من لسانه أحد. فكتب عن أستاذنا الجندي أنه "يهدم للمعري قصراً فخماً ليقيم من أنقاضه كوخاً حقيراً". فأخذَتني الحميّة لأستاذي وكتبت عن البزم:"إنه يعرف في النحو ما يجهله الناس ويجهل ما يعرفه الناس، وإن شعره جدار من الحجارة الصلد ولكنها مركومة ركماً ليس بينها ملاط"! فغاظه ذلك منّي وكفّ عن الجندي، مع أنه كان في خصام دائم مع الأدباء. نظم أرجوزة نحَلها الشيخَ المبارك وجعلها على لسانه، وسارت في الناس وأضحكتهم على الشيخ. ولقد سألت المبارك عنها فأبدى ألمه منها، ولكنه صرّح لي بأنه كان يتمنى أن يقدر على نظم مثلها!

وهجا مرة الأستاذ شفيق جبري بقصيدة قافيتها على الزاي المضمومة: لَمزُ، وَخْزُ، طَنزُ عَجزُ

فيها هذا البيت:

ولو شئتُ سيّرتُ القوافي جَحافلاً

وأوقرتُ أسماعاً وكانَ ليَ الفوزُ

ونُشرت أيام الثورة، وكانت «البعثة» (أي دار مندوب المفوّض السامي الفرنسي) تراقب المطبوعات، وكان المراقب نصرانياً ضعيفاً في العربية فلم يفهمها وحار في رفع تقريره عنها، فسأل زميلاً له أعلم منه فقال له: إن الجحافل هي الجيوش. فكتب أن البزم يدعو لحشد الجيوش لحرب فرنسا! فقبضوا عليه وبيّتوه في السجن، فما أنقذته إلاّ شفاعة الجندي وجبري!

ولعلّ سبب هجومه على الأدباء الأحياء وعلى أئمة النحو الأموات أنه نشأ بعيداً عن العلم والأدب ثم اشتغل بهما بعد أن

ص: 167

بلغ العشرين، فكان يحسّ في نفسه أنه دخيل عليهم غريب فيهم، فيريد تثبيت منزلته بالحط منهم والتعالي عليهم.

ولا تعجبوا، فربما كان عنف الهجوم دليلاً على الشعور بالنقص في نفس المهاجم، وإسرائيل مثال ذلك، أعني إسرائيل الدولة الظالمة الغاصبة لا إسرائيل النبي الذي هو يعقوب عليه السلام. وما لحكّام دولة إسرائيل ويعقوب؟ ما لبيغن هذا وما لقومه وأرض فلسطين، وما له ببني إسرائيل صلة قرابة ولا نسب، ولا له في تراب الأرض المقدسة ذرّة من بقايا عظام أبٍ واحد، إنما هو من «الخَزَر» الذين تهوّدوا طلباً للدنيا من طريق التهوّد.

أستغفر الله أن أقرن اسم محمد البزم الشاعر الفحل العربي المسلم باسم بيغن، ولكن جرّته القافية. ونسأل الله لنا وله العافية، ورحمة الله عليه، واللعنة على بيغن وكل معتدٍ ظلوم كفّار.

لقد أصابت البزمَ في آخر عمره مجموعةُ أمراض ذهبت ببصره وأوهنت جسده القوي وألقته على الفراش أمداً طويلاً، ولكن الله ألهم الشيشكلي جزاه الله خيراً (وكان حاكم البلد) فأدخله المستشفى العسكري، وبقي فيه مخدوماً مرعياً حتى توفاه الله فقيراً، ما ترك إلاّ ديوانه الذي طُبع بعد موته (1).

* * *

أما مدرّسو العلوم (أي الطبيعة) والرياضيات والتاريخ

(1) طبعه المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب سنة 1962، بإشراف سليم الزركلي وعدنان مردم بك (مجاهد).

ص: 168

والجغرافيا، فكان أقلّهم من الأطباء وأكثرهم من الضباط العرب في الجيش العثماني.

الأطباء الدكتور يحيى الشمّاع، وكان مدرّس الكيمياء، والدكتور جودة الكيّال، وكان يدرّس الفيزياء، وكنا نسميها «الحكمة الطبيعية» وننطقها بالتاء المبسوطة فنقول الحكمت والكيمياء. أما كلمة «فيزياء» فقد وضعها بعد ذلك الأستاذ عز الدين التنوخي (وسيأتي الكلام عنه)، وهو الذي وضع كلمة «البرمائية» منحوتة من البرية والمائية، وغيرهما.

ولما كنا في الصف الثامن ذهب الشمّاع والكيّال إلى لوزان لاستكمال دراسة الطب، وكان معهما الدكتور حسني سبح، الرجل العالِم المحقّق، وهو اليوم رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق، وهو أقدم المجامع العربية. فلما عادوا حيّاهم الشيخ الداودي بقصيدة مطلعها:

دَعْ ذكرَ ذاتِ الحَلْيِ والخَلخالِ

والفاتناتِ -أَخا النُّهى- بالخالِ

وجمَعَ أسماءهم في هذا البيت العجيب:

يحيى بني الشمّاعِ حسني من بني

سَبَحٍ وجَودةُ من بني الكيّالِ

وكنا نسمع تلاميذ الداودي من الشعبة التي يدرّسها ينشدون القصيدة على نغمة «البردة» :

أمِن تذكُّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ

مزَجتَ دمعاً جرى من مُقلةٍ بدمِ

ص: 169

وهي نغمة معروفة في الشام، نعلّمها التلاميذ في درس العَروض ليضبطوا بها بحر البسيط. وأقول -بالمناسبة- إن الصديق الأستاذ أحمد عبيد نظم قصيدة أيضاً جاء فيها بيت كان أشعر وأسيَر من بيت الداودي، وهو:

الطبُّ بحرٌ طما

وفيهِ حُسني سَبَحْ

أما الرياضيات فكان يدرّسها اثنان: جودة الهاشمي، وهو أشهر مدرّسي هذه المدرسة (وقد سُمّيت باسمه أكبر ثانوية في سوريا) وكان عالماً بالرياضيات، هضمها -كما يقولون- هضماً وقتلها فهماً، وأحسن فيها تعليماً وتفهيماً، وأعانه على ذلك سكوت التلاميذ في درسه واستماعهم لقوله، فأفاد واستفاد. وكنا نتوارث هيبته والخوف منه، يتواصى بذلك الطلاّب، الخلف منهم عن السلف.

أما الثاني فهو مسلَّم عِناية، وهو عبقري من أفذاذ الرجال؛ كان من كبار الضباط أركان الحرب ومن أعلمهم بالفنون العسكرية، وكان أستاذاً في العلوم الطبيعية وفي الكيمياء خاصةً، يرجع إليه مدرّسوها في معضلات مسائلها، لا يكتمون ذلك عنا ولا يتحرّجون من ذكره أمامنا. وكان أستاذاً في «الطبوغرافيا» وأستاذاً في علم الموسيقى، وكان يُتقِن التركية وكان أديباً فيها، والفرنسيةَ وكان يدرّسها في مدرسة الشرطة، والألمانيةَ وكان يُحسِنها.

ولكنه كان -على هذه المزايا كلها- بعيداً عن التوفيق في التدريس عاجزاً عن ضبط التلاميذ، له في الفوضى نوادر عجيبة.

ص: 170

لقد كان أكبر من أن يكون مدرّساً في مدرسة ثانوية، فعجز عن الهبوط إلى «مستوى» عقول التلاميذ ليفهمهم وعجزوا عن الصعود إليه ليفهموا منه، فبقي بينه وبينهم فراغ ملؤوه بالشغب والضجيج وإفساد الدرس. رحمه الله، فلقد عشت حتى بلغت هذه السن، وتنقلت في البلاد ولقيت العلماء والأدباء والأذكياء، فما صادفت أشدّ منه ذكاء.

وأنا أعرّف «الذكاء» بأنه سرعة المحاكمة و «العقل» بأنه صحّة المحاكمة، ومسلّم بك أذكى من عرفت، وإن كان ذكاؤه أكثر ممّا ينبغي. لا تعجبوا من هذا الكلام، فإن الذكيّ كالفارس يقفز فيجيء على ظهر الفرس، والغبي يقصر فيقع دونها، فإن كان ذكاؤه أكثر مما ينبغي كان كالذي يقفز قفزة أوسع فيقع بعد الفرس.

وكذلك كان مسلّم بك؛ كنا نقول له كلمة لا نقصد بها سوءاً فيولّد له ذكاؤه مقاصد لم تخطر لنا على بال، فيغضب منا أو يُعرِض عنا. ولولا الفوضى في درسه لاستفدنا منه الكثير.

وكان مثله في الفوضى مدرّس الموسيقى، مع أنه مدرس موسيقى بارع وملحّن ممتاز وأستاذ العزف على القيثارة، هو مصطفى الصواف. وكان يدرّسنا الموسيقى كما تُدرَّس في المعاهد الموسيقية، ولقد درّسَنا السلّم الموسيقي والإشارات كلها، وسلّم «دو» الكبير وسلّم «فا» وسلّم «صول» ، إلخ، وسلّم «الراست» في الموسيقى العربية، والموازنة بينه وبين سلّم «دو ماجور» ، والتأليف الغربي، والتأليف العربي، والمقامات، والضروب بأنواعها.

ص: 171

كل ذلك كان يُدرَّس في الثانوية، ولكنا ما استفدنا منه كثيراً لأن الأستاذ لم يكُن يستطيع ضبط «الفصل» ، ولأننا لم نكُن ننظر إلى الموسيقى نظرة احترام وتقدير، ولأننا كنا (أو كان أكثرنا) يأبى التدرّب على الآلات الموسيقية. فاقتصر انتفاعي بها على العلم النظري فقط. وما ندمت على ما أضعت منها، لأني ما أضعت شيئاً يؤسَف على فقده.

* * *

ص: 172