الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ الخَامِسْ
أنَّ اللفظ انقسم إِلى ما يَصلُحُ للإِنشاء في باب، ولا يَصلُحُ له في باب آخر.
وتقريرُه: أنَّ اللفظَ الموضوع لِإنشاء الشهادة هو صيغةُ المضارع، بأن يقول الشاهدُ: أشهدُ. ولو نطَقَ بالماضي فقال: شَهِدتُ بكذا لم يكن إِنشاء، ولم يُرتِّب الحاكمُ عليه شيئًا.
وفي العُقودِ المتعيِّنُ لها من اللفظ هو الماضي على العكس من الشهادة (1)، فيقول البائع: بعتُك هذه السِّلْعة بدرهم. ولو قال: أبيعُكَ هذه السِّلْعة بدرهم لكان وعدًا بالبيع لا بيعًا. وكذلك يقول المشتري: اشتريتُ بصيغة الماضي، ولو قال: أَشترِيها بكذا، بصيغةِ المضارع لكان ذلك وعدًا بأنه سيشتريها.
وأما صِيَغُ الأوامِر نحوُ اشْتَرِها بكذا فليس إِنشاء (2). هذا ما يتعلَّق بصِيَغ الأفعال.
وأما صِيَغُ أسماء الفاعلين فقد وُضِعَ اسمُ الفاعل للإِنشاء في الطلاق والعتاق، نحو أنتِ طالق، وأنتَ حُرّ. ولم يوضع للإِنشاء في العقود، نحو
(1) إنما اختير لفظُ الماضي في العقود لدلالته على التحقُّقِ والثبوتِ، دون لفظ المستقبَل.
(2)
أي ليس إنشاءً للعقد، وإن كان لَفظُ الأمر يُعتبَرُ إنشاءً للطلب وليس من قبيل الخبر.
أنا بائع، وأنا مشترٍ وواهِبٌ ونحوُها. ولم يوضع أيضًا للإِنشاء في الشهادة، فلو قال: أنا شاهدٌ بكذا لم يكن إِنشاء، هذا في باب العقود والشهادات.
وأمَّا بابُ القَسَم فيصحُّ الِإنشاءُ فيه بالماضي والمستقبلِ واسمِ الفاعل، نحو أقسمتُ بالله لأفعلَنَّ، وأُقسمُ بالله لأفعلنَّ، وأنا مُقسِمٌ عليك بالله لتفعلَنَّ.
فتلَّخص أنَّ الفعل الماضيَ للإِنشاء في العقود فقط، والمضارعَ للإِنشاء في الشهادات فقط، والقَسَم له المضارعُ والماضِي وغيرُه، فهو أعمُّ الأبوابِ في صِيَغ الإِنشاء.