المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السُّؤَالُ الثَّلَاثُونْ ما الفرقُ بين الحكمِ والثبوتِ والتنفيذ؟ وهل الثبوتُ حكمٌ - الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌تقدمة الطبعة الثانية:

- ‌تقدمة الطبعة الأولى:

- ‌أصول الكتاب وعملي فيه

- ‌تسمية الكتاب وتاريخ تأليفه

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌مؤلفاته مرتبة على أوائل الحروف مشاراً للمطبوع منها

- ‌السُّؤَالُ الأَوَّلُ

- ‌السُّؤَالُ الثَّانِي

- ‌السُّؤَالُ الثَّالِثُ

- ‌السُّؤَالُ الرَّابِعُ

- ‌السُّؤَالُ الخَامِسُ

- ‌السُّؤَالُ السَّادِسُ

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ الثَّانِي

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ الثَّالِثْ

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَال الرَّابِعْ

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ الخَامِسْ

- ‌وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ السَّادِسْ

- ‌وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ السَّابِعْ

- ‌وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ الثَّامِنْ

- ‌وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ التَّاسِعْ

- ‌وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ العَاشِرْ

- ‌السُّؤَالُ السَّادِسُ عَشَرْ

- ‌السُّؤَالُ السَّابِعُ عَشَرْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّامِنُ عَشَرْ

- ‌السُّؤَالُ التَّاسِعُ عَشَرْ

- ‌السُّؤَالُ الْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّوَالُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الرَّابِع وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الخَامِسِ وَالْعِشْرُونْ

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌السُّؤَالُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الحَادِي وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الرَّابِعْ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الخَامِسُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونْ

- ‌السُّؤَالُ الأَرْبَعُونْ

- ‌التَّنْبِيهُ الأَوَّلُ

- ‌التَّنْبِيهُ الثَّانِي

- ‌التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ

- ‌التَّنْبِيهُ الرَّابِعْ

- ‌التَّنْبِيهُ الخَامِسُ

- ‌التَّنْبِيهُ السَّادِسُ

- ‌التَّنْبِيهُ السَّابِعْ

- ‌التَّنْبِيهُ الثَّامِنُ

- ‌التَّنْبِيهُ التَّاسِعْ

- ‌التَّنْبِيهُ الْعَاشِرُ

- ‌بيانُ رأي طائفة من علماء السادة المالكية في الِإشكال الواقع في كلام الإِمام القرافي

- ‌إلحاقةٌ متصلة بترجمة الإِمام القَرَافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

- ‌الأستاذ الشيخ: عبد الرحمن زين العابدين الكُرْدِي(كما عَرَفتُهُ)

- ‌مواهب الشيخ عبد الرحمن زين العابدين الفريدة

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌السُّؤَالُ الثَّلَاثُونْ ما الفرقُ بين الحكمِ والثبوتِ والتنفيذ؟ وهل الثبوتُ حكمٌ

‌السُّؤَالُ الثَّلَاثُونْ

ما الفرقُ بين الحكمِ والثبوتِ والتنفيذ؟ وهل الثبوتُ حكمٌ أم لا؟ وإِذا قلنا بأنَّ الثبوت حُكمٌ فهل هو عينُ الحكم أو يَستلزمُه ظاهراً؟ وعلى التقديرين هل ذلك عامٌّ في جميع صُوَر الثبوتِ أم لا؟ (1).

جَوَابُهُ

أمَّا الحكمُ فقد تقذَمت حقيقتُه (2)، وهو إِنشاءُ إِلزامٍ أو إطلاقٍ في صُوَر التنازع لمصالح الدنيا. وتقدَّمتْ فوائدُ هذه القيود (3).

وأمَّا الثبوتُ فهو قيام الحِجَاج على ثبوت الأسباب عند الحاكم وفي ظنه. فإِذا ثبَتَ بالبيّنة أنَّ السيد أَعتقَ شِقْصاً له في عبد (4)، أو أنَّ النكاح كان بغير وليّ أو بصداقٍ فاسد، أو أنَّ الشريك باع حِصَّتَه من أجنبي في مسالةِ الشفعة، أو أنها زوجةٌ للميتِ حتى تَرِث، ونحوُ ذلك من ثبوت أسباب الأحكام، فلا شكَّ أنه قد تَقوم الحجةُ على ثبوت السبب، وتَبقَى عند الحاكم رِيبةٌ، أو لا تَبقى عنده ريبة؟ لكن يَبقى عليه أن يَسأل الخصمَ هل له مطعن أو مُعارِض؟ ونحوُ ذلك، ولا ينبغي أن يُختلَف في هذا أنه ليس

(1) هذا السؤال وجوابه منقول في "تبصرة الحكام" 1: 90 - 91، 97 - 98، و"معين الحكام" 49 - 50، 58 - 59.

(2)

في ص 20.

(3)

في ص 20 - 24.

(4)

أي حِصَّته منه.

ص: 142

حُكماً (1).

وإن قامت الحُجَّةُ على سبب الحكم، وكَمَل، وانتفت عنه الرِّيَب، وحصلتْ الشروطُ وجميعُ المطلوبِ فيه، فلا شكَّ أنه يتعيَّنُ على الحاكم على الفور أن يَحكم، لأنَّ أحد الخصمين ظالم، وإزالةُ الظلم واجبةٌ على الفور.

وإِذا تعيَّن على الحاكم في هذه الحالة الحكمُ، فَظَاهرُ حاله أنه فعَلَ ما يجب عليه، فصار الحكمُ من لوازم الثبوت على هذا الوجه، فيجب أن يُعتقد أنه حُكمٌ بناءً على ظاهر الحال. فهذا معنى قول فقهاءِ المذهب: إِنَّ المشهور أنَّ الثبوت حُكم (2).

(1) وهكذا في نسخة (ر): اليس حُكماً). وفي سائر النسخ: (ليس ثبوتاً)، والأول أصوبُ فاثبتُه. زاد في "تبصرة الحكام" و"معين الحكام":"ولا حُكماً لوجود الريبة أو عدمِ الإِعذار".

(2)

علَّق عليه العلامة ابن فرحون في "تبصرة الحكام" 1: 90، 97 بقوله:"يريد في هذه الصورة الخاصة، وليس ذلك في جميع صور الثبوت. وهذا التشهير مخالف لما نقله الشيخ تقي الدين السبكي - الشافعي - عن مذهب مالك رضي الله تعالى عنه أن الصحيح عندهم - أي الشافعية - وعند المالكية: أنه ليس بحكم. وقاله الشيخ سراج الدين البُلْقِيني أيضاً - من الشافعية - وقال: إنه التحقيق. وقد سبق بيانُه - يعني في الفصول الأربعة السابقة في كلامه، وذلك في ص 80 - 95، 87 - 97 من "تبصرة الحكام" -.

قال ابن عبد السلام: وليس قولُ القاضي: (ثَبَت عندي كذا) حكماً منه بمقتضى ما ثبت عنده، فإن ذلك أعم منه. قال: وإنما ذكرنا هذا لأنَّ بعض القَرَويين - أي أحَدَ علماء جامع القَرَويين في فاس - غَلِطَ في ذلك، وألَّفَ المازريُّ جزءاً في الرد عليه، وجَلَبَ فيه نصوصَ المذهب".

ص: 143

والقولُ الشاذُّ يَرى أنَّ حقيقةَ الثبوت مغايرة لحقيقة الحكم، ومع تغايرِ الحقائق لا يمكن القولُ بحصول أحدِ المتغايرين عند حصول الآخر إِلَّا أن يُجزَم بالملازمة، واللزومُ غيرُ موثوق به، لإحتمال أن يكون عند الحاكم ريبة ما علمنا بها، ولا يَلزمُ من عَدَمِ العلم بالشيء العلمُ بالعَدَم، فيُتوقَّفُ حتى يَحصُلَ اليقين بالتصريح بأنه حُكم.

هذا في الصُّوَر المتنازَعِ فيها التي حكَمَ الحاكم فيها بطريق الإِنشاء (1).

اْما الصُّوَرُ المجمَعُ عليها، كثبوتِ القيمةِ في الإِتلاف، والقتلِ للقِصاص، وثبوتِ الدَّينِ عنده في الذمة وعقدِ القِراض، والسرِقة للقطع، فالثبوتُ الكاملُ في هذه الصُّورِ جميعِها لا يَستلزمُ إنشاءَ حكم من جهة الحاكم، بل أحكامُ هذه الصور جميعِها مقرَّرةٌ في أصل الشريعة إِجماعاً.

ووظيفةُ الحاكم في هذه الصور إِنما هو التنفيذ، وفيما عدا التنفيذ: الحاكمُ والمفتي فيه سواءٌ، وليس هاهنا حُكم استنابَ صاحبُ الشرع فيه الحاكمَ أصلاً البتة، بل هذه أحكامُها تَتْبَعُ أسبابَها، كان ثَمَّ حاكمٌ أم لا؟

نعم، الذي يقفُ على الحاكم: التنفيذُ. مع أنه غيرُ مختص به في الدَّيْن وشِبهِه، فلو دَفَعَ المُتلِفُ القيمةَ والمَدينُ الدَّينَ وسلَّم البائعُ المبيعَ استُغنِيَ عن مُنفِّذٍ من حاكمٍ أو غيرِه.

وإِنما يُحتاجُ إِلى الحاكم في الصُّوَر المجمَع عليها إِذا كانتْ تفتقر إِلى نظرٍ واجتهادٍ وتحريرِ أسباب، كفسخ الأنكحة، أو كان تفويضُها للناس يؤدّي إِلى التهارُجِ والقتال، كالحدود والتعازير، مع أنَّ التعازير من القسم

(1) لفظ (فيها) زيادة مني، وليس هو في الأصول الأربعة، ثم رأيته موجوداً في نسخة (ر). فالحمدُ لله على توفيقه.

ص: 144

الأول، تفتقرُ إِلى التحرير وتقديرِ التعزير بقدر الجناية والجاني والمجني عليه.

وأما متى عَرِيَتْ الأحكامُ المجمَعُ عليها عن ذلك لم تَحتج إلى تنفيذ الحاكم، وله تنفيذُها. وأما إِنشاءُ حكمِ فلا سبيل إِليه في جميعها.

وأما حقيقةُ التنفيذ فهو غيرُ الثبوتِ والحكم، لأنه الإِلزامُ بالحبسِ والسَّجن، وأخذُ المالِ بيد القوة ممن عليه الحق، ودفعُه لمستحقِّه ونحوُ ذلك، فهذا هو التنفيذ. وهو في الرتبة الثالثة الأخيرة (1)، والثبوتُ في الرتبة الأولى، والحكمُ بينهما في الرتبة الثانية.

فظهر الفرقُ بين الثبوت والحكم والتنفيذ، وأنَّ الثبوت غيرُ الحكم قطعاً، وقد يَستلزمه وقد لا يَستلزمه، وقد تكون الصورة قابلةَ لاستلزامه وقد لا تكون قابلةً له، كما تقدَّمَ في صُوَر الإِجماع (2). وأن القولَ بأن الثبوتَ حُكم في جميع الصور خطأ قطعاً، وأنه يتعيَّن تخصيصُ هذه العبارة، وتأويلُ كلام العلماء وحملُه على معنى يصح، فاعلم ذلك (3).

(1) قال المؤلف في "الذخيرة": "وليس كلُّ الحكام لهم قوة التنفيذ لا سيما

الحاكمُ الضعيفُ القدرة على الجبابرة، فهو يُنشئ الإِلزام ولا يَخطُرُ له تنفيذُه لتعذر ذلك عليه، فالحاكم ليس له إِلَّا الإِنشاء، وأما قوة التنفيذ فأمرٌ زائد على كونه حاكماً". انتهى من "تبصرة الحكام" لإبن فرحون 1: 12، 13.

(2)

في ص 144.

(3)

وقال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه "الفروق" 4: 54 في الفرق (225): "اختُلِفَ في الحكم والثبوت، هل هما بمعنى واحد أو الثبوتُ غير الحكم؟ والعجَبُ أن الثبوت يوجد في العبادات والمواطن التي لا حكم فيها بالضرورة إجماعاً، فيَثبُتُ عند الحاكم هلالُ رمضان وهلالُ شوال، وتَثبُتُ طهارةُ الماء ونجاستُه، ويَثبُتُ عند الحاكم =

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= التحريمُ بين الزوجين بسبب الرضاع، ويَثبُتُ التحليلُ بسبب العقد، وليس في ذلك شيء من الحكم، وإذا وُجِدَ الثبوتُ بدون الحكم كان أعم من الحكم، والأعمُ من الشيء غيرُه بالضرورة.

ثم الذي يُفهَمُ من الثبوت هو مفهومٌ من الحُجة كالبيِّنة وغيرِها السالمةِ من المطاعن، فمتى وُجِدَ شيء من ذلك فإنه يقال في عرف الاستعمال: ثبَتَ عند القاضي ذلك.

وعلى هذا التقديرِ يُوجَدُ الحكمُ بدون الثبوت أيضاً، كالحكم بالإجتهاد كإعطاء أمير الجيش الأمانَ للعدوّ، وكذلك في قَسْمِ الحَبْسِ - أي الوقفِ - بين أهلهِ يَجتهدُ ويُفضل أهلَ الحاجة. وإذا أَسَر الإمامُ العدو فالِإمامُ مخير في خمسة أشياء، وكذلك عقْدُ الصُّلح بين المسلمين والكفار، وتقديرُ نفقة الزوجة والأولاد.

فإذا ثبَت هذا عُلِمَ أن كل واحد منهما أعمُّ من الآخر من وجه، وأخصُّ من وجه. ثم ثبوتُ الحجة مغايرٌ للكلام النفساني الِإنشائي الذي هو الحكم كما تقدم بيانُه في التعريف بحقيقة الحكم، فثَبتَ كونُهما غيرين بالضرورة، وأن الثبوتَ هو نهوضُ الحجة، والحكمَ إنشاءُ كلامِ في النفس هو إلزامٌ أو إطلاق". انتهى. ونقله القاضي ابن فرحون في "تبصرة الحكام" 1: 91 - 92، 98 - 99.

ص: 146