الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّؤَالُ التَّاسِعُ عَشَرْ
قولُ الفقهاء: إِذا حكَمَ الحاكمُ في مسائل الخلاف لا يُنقَض حُكمُه، هل يتناوَلُ ذلك المَدارِكَ المجتهَدَ فيها؟ وهل هي حُجَّة أم لا؟ وهل يُتصوَّرُ الحكمُ فيها أم لا؟ وهل هذه العبارةُ على إطلاقها أم يُستثنَى منها بعضُ المختلَفِ فيه؛ وإِذا استُثني منها بعضُ المختلَفِ فيه هل يُستثنَى معه المدارِكُ المختلَفُ فيها أم لا؟
جَوَابُهُ
أنَّ هذه العبارة مخصوصة (1)، وقد نصَّ العلماء على أن حُكمَ الحاكم لا يَستقرُّ في أربعةِ مواضعَ ويُنقَضُ: إِذا وقع على خلاف الِإجماعِ، أو القواعدِ، أو النصِّ، أو القياس الجليّ (2). وهذه الثلاثة الأخيرة هي من مسائل الخلاف، وإِلأَ لم يكن إِلاًّ قسمٌ واحد، وهو المُجمَعُ عليه، فخرَجَ من إِطلاقهم بنصوصهم هذه الصُّورُ الثلاث.
وأما المَدارِكُ المجتَهدُ في كونها حُجَّةً أم لا: فلا تندرجُ في عمومِ قولهم الذي قصدوه، لأنَ مقصودَهم الفروعُ التي يقعُ التنازُعُ فيها بين الناس لمصالح الدنيا.
(1) بعض هذا الجواب في "تبصرة الحكام" 1: 55، 59 - 60.
(2)
مثَّلَ المؤلفُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لنقض الحكم في هذه المواضع الأربعة في جواب (السؤال التاسع والعشرون) فانظره.
وأدِلَّةُ الشريعة وحِجاجُ الخصومةِ المختلَفُ فيها كالشاهدِ واليمينِ ونحوه: إنما وقَع النِّزاعُ فيه لأمر الآخرة، لا لمصلحةِ تعودُ على أحدِ المتنازِعَينِ في دنياه، بل النِّزاعُ فيها كالنزاع في العبادات. ومقصودُ كل واحد من المتنازِعَينِ ما يتقرَّرُ في قواعد الشريعة على المكلَّفين إِلى يوم القيامة، لا شيءٌ يَختصُّ به هو، فلا تندرجُ في قولِ الفقهاءِ هذه الصُّوَرُ أصلاً.
واعلم أنَّ معنى قول العلماء: إِنَّ حُكمَ الحاكم يُنقَضُ إِذا خالف القواعدَ أو النصوصَ أو القياسَ الجلي: إِذا لم يعارِض القواعدَ أو القياسَ الجليَّ أو النصَّ ما يُقدَّمُ عليه، وإلَاّ فإذا حَكَم بعقدِ السَّلَم أو الِإجارة أو المساقاة، فقد حَكَم بما هو على خلاف القواعد الشرعية، لكنْ لِمُعارِضٍ راجح فلا جَرَمَ لا يُنقَض، وإِنما النقضُ، عند عدم المُعارِضِ الراجحِ فاعلم ذلك.