الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَالُ السَّادِسْ
أنَّ حُكمَ الحاكم وإِن كان حُكمًا لله تعالى، فإِنه لا يُتصوَّر فيه الأحكامُ الخمسة، فإِنَّ مقصودَه إِنما هو سَدُّ باب الخصومات، وردُّ الظُّلامات (1). بل يُتصوَّر فيه ما يكون سببًا لذلك (2) وهو (3):
الوجوبُ، كالحكم بوجوب النفقة للمطلَّقةِ البائن عند مَنْ يراه.
والتحريمُ، كالقضاء بفسخ النكاح، فإِنَّ معناه إِبطالُ ما وقع مما يُتوهَّمُ أنه عَقْدٌ يُسبِّبُ الِإباحةَ (4)، وردُّ المرأة إِلى ما كانت عليه من التحريم.
والِإباحةُ، نحوُ القضاء بردِّ الأرضِ مُطلَقةً مَوَاتًا مُباحةً بعدَ زوالِ الإِحياء عند مالكِ ومَنْ يَرى رأيَه. وكذلك الصَّيْدُ والنَّحْلُ والحَمَامُ إِذا توحَّشَ ونحوُها فإِنها إِباحات.
وأما الندبُ والكراهةُ فإِنما يقَعُ من الحاكم على سبيل الفتوى لا على سبيل الحكم، نحوُ أمْرِهِ بالمُتعة للمطلَّقةِ - عند الحاكم المالكي - ونحوِها. فإِذا قال الحاكم: الأحسَنُ لكَ أن تفعلَ كذا (5)، أو يُكرَهُ لكَ أن تفعل كذا، فإِنما هو فتوى من الحاكم لا حُكمٌ يَدْرَأُ الخِصام.
(1) في نسخة (ر): (ودَرْءُ الظُّلامات).
(2)
أي لسدِّ بابِ الخصومات ورَدِّ الظلامات.
(3)
أي السَّبَبُ.
(4)
في نسخة (ر): (أنَّه سَببٌ للِإباحة).
(5)
لفظة (كذا) هنا ليست في الأصول الخمسة. زدتها للإِيضاح.
وسبَبُهُ أنَّ النَّدْبَ والكراهَةَ لا يَفصِلان خِصامًا. والحكمُ إِنما شرعه الله للحُكَّام لدَرْءِ الخِصام، ولن يندفع الخصامُ إِلَّا بالإِلزامِ أو الإطلاق كما تقدَّم (1). فيَبطُلُ النزاعُ في الزوجاتِ والنفقاتِ والأراضي وغيرِها (2)، لأنه (3) جَزْمٌ من الحاكم. وإِذا جَزَم الحاكم بحكم وحَكَمَ به لا يُنقَض.
والنَّدْبُ والكرَاهَةُ حقيقتهُما التردُّدُ بين جواز الفعلِ والترك، فلا تندفع الخصومة. ولا يقال: الِإباحةُ أيضًا متردّدةٌ بين جوازِ الفعل وجوازِ الترك، وهذا هو حقيقتُها، لأنَّا نقول: نَعني بالإِباحة الإِطلاقَ المستلزِمَ لحسم مادَّة النزاع ممن تقدَّم ملكُه، فلا يَبقَى له حُكمُه بعد ذلك (4)، ولا حُجَّةٌ يَمْنعُ بها غيرَهُ من الإِحياء، بل يصيرُ هو وغيرُه سواءَ في ذلك المكانِ وذلك الصَّيْدِ ونحوِه.
(1) في ص 33 - 34.
(2)
في نسخة (ر): (فيبطل محلُّ النزاع
…
).
(3)
أي الحُكم.
(4)
في نسخة (ر): (فلا تبقى له كَلِمةٌ بعد ذلك).