المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الروضة الثانية والثلاثون في الملابس والخواتيم والألوان والخضاب والروائح والتصاوير - روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار

[الأماسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المحقق]

- ‌1- ابن قاسم الأماسي (864- 940 ه

- ‌2- روض الأخيار:

- ‌[مقدمة الكتاب]

- ‌الروضة الأولى في الدين وما يتعلق به من العبادات

- ‌الروضة الثانية في العلم والحكمة والأدب والكتابة وما اتّصل بذلك

- ‌الروضة الثالثة في السلطنة والإمارة والوزارة والسياسة والعدل والعفو والطاعة للولاة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الرابعة في الجهاد والقتل والشهادة والحرب والصلح والأسلحة والغارة والهزيمة والشجاعة والجبن وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الخامسة في الظن والفراسة والعقل والفطنة والرأي والتدبير والتجارب والمشاورة

- ‌الروضة السادسة في القضاء والحكومة وذكر الشهود والديون والخصومات

- ‌الروضة السابعة في المتصوفة والقصّاص

- ‌الروضة الثامنة في الصناعات والمحترفين والكسب والتجارة والغنى والفقر وما ناسب ذلك

- ‌الروضة التاسعة في الرزق والحرمان وتبدّل الأحوال والتفاوت

- ‌الروضة العاشرة في ذكر الدنيا والآخرة والسنة والشهر واليوم والليلة والساعة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الحادية عشرة في السماء والسحاب والثلج والمطر والرّيح والحرّ والبرد

- ‌الروضة الثانية عشرة في النار والسّراج والماء والبحر والجنّة والرياحين والعقار

- ‌الروضة الثالثة عشرة في البلاد والديار والأبنية وما يتعلّق بها

- ‌الروضة الرابعة عشرة في الملك والجنّ والشياطين والحيوانات

- ‌الروضة الخامسة عشرة في ذكر الحبّ والبغض في الله والمجالسة والإخاء والجوار والصحبة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة السادسة عشرة في الجهل واللّحن والتحريف والخطأ وما ناسب ذلك

- ‌الروضة السابعة عشرة في الجنون والحمق والغفلة والمكر والاحتيال وترك الأناة والعجلة

- ‌الروضة الثامنة عشرة في الجوابات المسكتة ورشقات اللسان

- ‌الروضة التاسعة عشرة في الحياء والسكوت والعزلة والوحدة والاختلاط

- ‌الروضة العشرون في الصبر وضبط النفس والعفاف والورع والحلال والحرام

- ‌الروضة الحادية والعشرون في ذكر الله وحمده والتسبيح والدعاء والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم والاستغفار

- ‌الروضة الثانية والعشرون في الصحة والأمراض والعلل والطب والدواء وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الثالثة والعشرون في المدح والثناء وطيب الذكر والذمّ والهجو والشتم والغيبة

- ‌الروضة الرابعة والعشرون في العزّة والشرف والرياسة والذلّ والهوان والخسّة وسقوط الهمّة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الخامسة والعشرون في الصدق والأمانة والوفاء والكذب والرياء والسعي والنميمة والغدر والخيانة والسرقة

- ‌الروضة السادسة والعشرون في الشفاعة والعناية وإصلاح ذات البين والصلاح والفساد وذكر الشرّ والفجور والعداوة والغيرة والحسد والبغضاء

- ‌الروضة السابعة والعشرون في الصحة والنعمة وشكرها وكفرانها والتوكل والقناعة

- ‌الروضة الثامنة والعشرون في الهديّة والرّشوة

- ‌الروضة التاسعة والعشرون في الطعام وألوانه والضيافة وذكر الأكل والشّبع والجوع واللذة والألم وما يتّصل بذلك

- ‌الروضة الثلاثون في ذكر النساء والتزوّج وأخلاق النساء والخطبة وذكر الغلمان واللواطة والإماء والجماع والذّكر والفرج وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الحادية والثلاثون في الأصوات والألحان والغناء والسماع واللهو واللعب واللذّات وذكر النبيذ والسّكر وما شاكل ذلك

- ‌الروضة الثانية والثلاثون في الملابس والخواتيم والألوان والخضاب والروائح والتصاوير

- ‌الروضة الثالثة والثلاثون في الأضاحيك والملح والمداعبات وما جاء من النهي عن المزاح والترخيص فيه والضحك والهزل والفرج بعد الشدّة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الرابعة والثلاثون في البكاء والحزن والمكاره والشدائد والبلايا والخوف والجزع والشكوى والعتاب

- ‌الروضة الخامسة والثلاثون في الأخلاق والعادات الحسنة والقبيحة والحلم والوقاحة والغضب والرفق والعنف والرقة والقسوة وخفّة الروح والثقل والتواضع والكبر والافتخار

- ‌الروضة السادسة والثلاثون في العمل والكدّ والتعب والسرعة والشغل والطلب والاستجداء ورفع الحوائج وقضائها

- ‌الروضة السابعة والثلاثون في الطمع والرجاء والأمل واليأس والحرص والتمنّي والوعد وإنجازه وإخلافه والمطل والتسويف

- ‌الروضة الثامنة والثلاثون في الحسن والقبح والسّمن والهزال والطّول والقصر والقوّة والضعف

- ‌الروضة التاسعة والثلاثون في العشق والمحبة والهوى

- ‌الروضة الأربعون في العجز والكسل والبلادة والتواني والنسيان

- ‌الروضة الحادية والأربعون في التعجب

- ‌الروضة الثانية والأربعون في الظلم والبغي والأذى

- ‌الروضة الثالثة والأربعون في الأسماء والكنى والألقاب

- ‌الروضة الرابعة والأربعون في السفر والغربة وما ناسب ذلك

- ‌الروضة الخامسة والأربعون في العبيد والجواري والخدم

- ‌الروضة السادسة والأربعون في السنّ وطول العمر وقصره والشيخ والشابّ

- ‌الروضة السابعة والأربعون في النوم والسهر والرّؤيا والفأل والطّيرة والكهانة والرّقى

- ‌الروضة الثامنة والأربعون في الشعر والفصاحة والبلاغة

- ‌الروضة التاسعة والأربعون في القرابات والأنساب وذكر حقوق الآباء والأمّهات وحبّ الأولاد وصلة الأرحام والشفقة والنصيحة والزّجر عن القبيح

- ‌الروضة الخمسون في الموت والوصيّة والمصيبة وما يتصل بذلك من ذكر القبر والنّعش والتّعزية

الفصل: ‌الروضة الثانية والثلاثون في الملابس والخواتيم والألوان والخضاب والروائح والتصاوير

‌الروضة الثانية والثلاثون في الملابس والخواتيم والألوان والخضاب والروائح والتصاوير

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه رداء قيمته ألف درهم، وربما قام صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وعليه رداء قيمته أربعة آلاف درهم. وكان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يرتدي برداء قيمته أربعمائة دينار، وكان يقول لتلامذته: إذا رجعتم إلى بلادكم فعليكم بالثياب النفيسة. كان ابن عباس رضي الله عنهما يرتدي برداء قيمته ألف دينار. واشترى تميم الداريّ حلّة بألف ليصلي فيها. وكان الحسن يلبس ثوبا بأربعمائة درهم. وكان سعيد بن المسيب يلبس الحلّة بألف درهم ويدخل المسجد، فقيل له في ذلك فقال: أنا أجالس ربي. اشترى النبي صلى الله عليه وسلم حلة بثمانين ناقة. بعث معاوية إلى كعب بن زهير ليبيعه بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبع، فبيعت بعد موت كعب بعشرين ألف درهم، وهي البردة التي كان يلبسها الخلفاء في العيدين. كان الأعمش يلبس قميصه مقلوبا ويقول: الناس مجانين يجعلون الخشن إلى نفوسهم والليّن إلى عيون الناس.

عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «البس جديدا وعش حميدا» . السرخسيّ: يلبس الغسيل في عامّة الأوقات، ويظهر النعمة في بعض الأوقات حتى لا يؤذي المحتاجين. نظر أعرابيّ إلى ثياب رقاق فقال: هذا لباس يخرج من الدين ويفسد المروءة. عن ابن عمر رضي الله عنهما: من لبس مشهور الثياب ألبسه الله ذلّة يوم القيامة. أنس رضي الله عنه: «دخلت على رسول الله

ص: 315

صلّى الله عليه وسلّم وهو في عباء يهنأ بعيرا له «1» » . عليّ رضي الله عنه رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليه إزار فيه إحدى وعشرون رقعة من أديم ورقعة من الثياب. كان كمّ قميص عليّ لا يجاوز أصابعه وكان يقول: ليس للكمّين على اليدين فضل، فاشترى قميصا وجاوز كمّه أصابعه فقطعه. رئي على عليّ رضي الله عنه إزار خلق «2» مرقوع فقيل له. فقال: يخشع له القلب وتذلّ له النفس ويقتدي به المؤمنون. يقال: ما توفّر رجل على الزينة والشارة «3» إلا كانت به غرارة «4» .

يقال: من أحسّ بالرذيلة من نفسه التمس الفضيلة من لبسه. الباخرزيّ:

لا حبّذا البخت أعيانا ومال إلى

قوم تعدّهم الأرذال أعيانا «5»

يدرّع البصل المذموم أكسية

ويترك النرجس المشموم عريانا

وكان ينشد المبرّد كثيرا في مجلسه:

يا من تلبّس أثوابا يتيه بها

تيه الملوك على بعض المساكين

ما غيّر الجلّ أخلاق الحمير ولا

نقش البراذع أخلاق البراذين «6»

قيل: من فطن لنقيصة ذاته أكملها بتحسين أدواته. يقال: من حدث له التنسّك فافتتح أمره بلبس الخسيس فليس له وصول، ومن حدث له الغنى فافتتحه بلبس النفيس فليس له حصول. من مضارّ البزّة السنيّة أن صاحبها إن أساء عدّ

ص: 316

قليله كثيرا، وصغيره كبيرا، وإن أحسن فقليله لا يشكر، وكثيره لا يستندر. كان عمر بن عبد العزيز تشترى له الحلّة بألف دينار فيقول: ما أجودها لولا خشونة فيها، فلما استخلف كان يشترى له الثوب بخمسة دراهم فيقول: ما أجوده لولا لينه. رجاء بن حيوة: قوّمت ثياب عمر بن عبد العزيز وهو يخطب باثني عشر درهما، وكانت قباء «1» وعمامة وقميصا وسراويل ورداء وخفّين وقلنسوة. أبو الطيّب الطبري:

قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم

لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل «2»

مسلم بن يسار: إذا لبست ثوبا فظننت أنك فيه أفضل مما أنك في غيره، فبئس الثوب لك. منصور بن عمار: من تقوى من لباس التقوى لم يستتر بشيء من لباس الدنيا. الحسن: من لبس الصوف تواضعا زاده الله نورا في بصره ونورا في قلبه، ومن لبسه للكبر والخيلاء كوّر في جهنّم مع المردة. ابن سيرين: كان عيسى عليه السلام يلبس الصوف، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم يلبس الكتان، والأحبّ إلينا أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم. قال بعض الأمراء لحاجبه: أدخل عليّ رجلا عاقلا، فأتاه برجل فقال: بم عرفت عقله؟ قال: رأيته لبس الكتان في الصيف، والقطن في الشتاء. حذا «3» عليّ رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلين جديدين، فلما رآهما استحسنهما فخرّ ساجدا ثم قال:«أعوذ بنور وجهك أن أستحسن شيئا مما أبغضت» ، فتصدّق بهما ولم يلبسهما. قال فضيل في قوله تعالى: لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً

«4» : لا يستحسن

ص: 317

شسعه «1» على شسع أخيه. اشترى مزيد لامرأته ثوبا فقالت: هو خشن، فقال: أيما أخشن هو أم الطلاق؟ فرضيت به.

الوليد بن يزيد بن عبد الملك: دخل يوما على هشام بن عبد الملك وقد تعمم بعمامة مضريّة، فسأله عن ثمنها فقال: بألف درهم، فقال: قد أسرفت، فقال الوليد: أنا أشتري لأشرف عضوي بألف وأنت تشتري لأخسّ عضوك جارية بعشرة آلاف، فأيّنا أسرف؟. خرج عباس بن الوليد بن عبد الملك وعليه جبّة أرغوانيّة «2» ، وفي رأسه عمامة مصريّة مذهّبة، على فرس عربية مسرجة بسرج مذهب، فقال له عمّه مسلمة: يا أبا الحارث أصبحت قارونيّا، فقال: كلا هو قال: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي

«3» وأنا أقول: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي

«4» ، فاستحسنه الحاضرون. كان أردشير وأنوشروان يخرجان ما في خزائنهما من الثياب في النيروز والمهرجان ويفرّقانها بين الناس على قدر مراتبهم، ويقولان: لا يناسب الملوك ادّخار الثياب كالعامّة. وأنشد عباس بن الأحنف للفضل بن يحيى رحمه الله:

بهجات الثياب يخلقها الده

ر وحسن الثناء غضّ جديد

فاكسني ما يبيد أصلحك الل

هـ فإني أكسوك ما لا يبيد

فقال: حبّا وكرامة، نحن نكسوك ما بقينا وبقيت، وأمر له ولعياله ما يحتاج إليه من الكسوة. وقيل: البس من الثياب ما يخدمك، لا ما يستخدمك. قيل

ص: 318

لراهب: لم تلبسون السواد؟ فقال: لأنه أشبه بلباس المصيبة. قيل: لكلّ شيء راحة، وراحة الثوب طيّه، وراحة البيت كنسه. قيل: إنّ الثوب يقول: صنّي بالليل أصنك بالنهار. الصدر القونوي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: «دم على الطهارة يوسّع عليك في الرزق» الملابس إذا فصّلت وخيطت في وقت رديء لا تصل به خواصّ رديئة، شهدت بصحته التجارب المكرّرة. جابر بن عبد الله: تختّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في يمينه.

عائشة رضي الله عنها: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يتختّم في يمينه» ، وذكر البعض: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتختّم في يمينه والخلفاء بعده، فنقله معاوية إلى اليسار، وأخذ المروانية بذلك، ثم نقله السفاح إلى اليمين إلى أيام الرشيد فنقله إلى اليسار وأخذ الناس بذلك. ابن عمر رضي الله عنهما:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يذكر شيئا أوثق في خاتمه خيطا» . جعفر بن محمد: كان خاتم عليّ كرّم الله وجهه من ورق، ونقشه: نعم القادر الله تعالى. عليّ رضي الله عنه: تختّموا بخواتيم العقيق فإنه لا يصيب أحدكم غمّ ما دام ذلك عليه. رأى حكيم دنيئا في يده خاتم من ذهب فقال: هذا حمار وعليه لجام من ذهب.

عن النبي صلى الله عليه وسلم: «البياض نصف الحسن» . وعنه صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله خلق الجنّة بيضاء، وإن أحبّ الثياب إلى الله البيض، فليلبسها أحياؤكم وكفّنوا فيها موتاكم» .

وعنه عليه الصلاة والسلام: «جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله اتخذت غنما رجوت نسلها ورسلها «1» وإني لا أراها تنمو، فقال: ما لونها؟ قالت: سود، قال: عفّري» . أهدي إلى مروان بن محمد غلام أسود، فأمر عبد الحميد أن يكتب فيه ويذمّه ويزجره، فكتب له: لو وجدت لونا أشرّ من السواد وعددا أقل من الواحد لأهديته لك والسّلام. قيل لحكيم: ما تقول في السودان؟ فقال:

ص: 319

خير الأسود كلونه. قيل في حقّ الأسود: إذا جاع سرق، وإذا شبع زنى.

يقال: إذا وجدت خيطا أسود لا تأخذه فإن فيه شؤما. قال المتوكّل لرجل: لم ملت إلى السودان؟ قال: إنهم أسخن، وكان (عبادة) حاضرا فقال: نعم هم أسخن للعين «1» .

نظر رجل إلى سوداء مختمرة بمعصفر فقال: كأنها فحمة في رأسها نار. قال أبو يوسف القاضي لأبي نهيك: ما تقول في السوداء؟ فقال: النور في السواد.

أراد نور العين في سوادها. كان هارون الرشيد يحبّ من الألوان السواد فسأل يوما بعض العلماء عن السواد فقال: لا يلبّي فيه محرم، ولا يكفّن فيه ميت، ولا تجلى فيه عروس. فصعب على الرشيد ذلك، فقال القاضي أبو يوسف:

النور في السواد، فتهلّل وجه الرشيد وقال: أحسنت فلله أنت. عن سعيد بن المسيب أنه قال لأسود: لا تحزن فإنه كان من خيار الناس ثلاثة من السودان:

بلال ومهجع «2» ولقمان. قيل لمدنيّ: كيف رغبتكم في السواد؟ فقال: لو وجدنا بيضاء لسوّدناها. عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «الحمرة من زينة الشيطان، والشيطان يحبّ الحمرة» . العتابيّ: جمال كل مجلس أن يكون سقفه أحمر وبساطه أحمر. أبو رمثة: «انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته عليه بردان أخضران» . عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لا «تزوّجوا الزرق فإنه فيها يمنا» . عن عقبة بن عامر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالحناء فإنه خضاب الإسلام، وإنه يصفّي البصر ويذهب بالصداع ويزيد في الباه، وإياكم والسواد فإنّ من سوّد سوّد الله وجهه يوم القيامة» .

ص: 320

وعنه عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالخضاب فإنه أهيب لعدوّكم وأعجب إلى نسائكم» . جابر رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «غيّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» قاله لأبي قحافة والد أبي بكر لمّا أسلم يوم الفتح، وكان رأسه أبيض. أبو هريرة رضي الله عنه، رفعه:«إن اليهود والنّصارى لا يصبغون، فخالفوهم» . قالوا: الخضاب للرجل، والمرأة بالحمرة والصفرة مستحب، وبالسواد حرام، ومن فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في وجه العدوّ ولا للتزيّن فغير حرام. وما روي أن عثمان والحسن والحسين خضبوا لحاهم بالسواد محمول على ذلك. عن أبي عامر الأشعريّ: رأيت أبا بكر الصديق يغيّر بالحناء والكتم «1» . وكان عمر لا يغيّر شيبه بشيء، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شاب شيبة في الإسلام فله نور يوم القيامة» ، فلا أحبّ أن أغيّر نوري. أبو ذرّ عنه عليه الصلاة والسلام:«إن أحسن ما غيّرتم به الشيب الحنّاء والكتم» . عليّ بن عيسى: قال لإبراهيم بن إسماعيل يوما: إن الخضاب باطنه داء، وظاهره غرور، ثم لقيه وقد اختضب فقال: أين كلامك؟ فقال: تفكّرت فإنّ أمور الدنيا كلّها مرمّة «2» وهذا من مرمتها. ابن الروميّ:

فإن تسأليني عن خضابي فإنني

لبست على فقد الشباب حدادا

قيل لرجل خضب لحيته وقد ابيضّت قبل أوان الشيب: ما هذا الخضاب؟

فقال: من شهد الزور يسودّ وجهه. وقيل:

إذا ذهب الشباب وليس إلا

غبار الشيب أو ذلّ الخضاب

فليس إلى الحياة ركون حرّ

فموت الشيخ من عين الصواب

ص: 321

قال أبو حنيفة للحجّام: التقط هذه الشعرات البيض، فقال: لا لأنها تكثر، فقال: إذن التقط السود لعلّها تكثر. بعضهم: التقط من لحية عبده طاقة بيضاء، فقال: ما تصنع؟ فقال: بيضاء، فقال: انتف لحية أبيك كلّها فإنها بيضاء.

كان حجام يلتقط من لحية رجل بياضها، فلما كثر قال يوما: ما ترى في الحصاد وقد ذهب وقت الالتقاط.

أبو هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تردّوا الطيب فإنه طيّب الريح خفيف المحمل» . «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعرف خروجه برائحة المسك، وكان يحبّ المسك» . قيل:

ويضوع مسكا طيب ريح ثيابه

وكذاك ريح الماجد الوهّاب

عمر رضي الله عنه: لو كنت تاجرا ما اخترت على العطر، فإن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. أهدى عبد الله بن جعفر لمعاوية قارورة من الغالية «1» ، فسأله كم أنفق عليها، فذكر مالا فقال: هذه غالية، فسميت بذلك. عكرمة: كان ابن عباس يطلي جسده بالمسك، فإذا مرّ في الطريق قال الناس: أمرّ ابن عباس أم مرّ المسك؟. أبو قلابة: كان ابن مسعود إذا خرج من بيته إلى المسجد عرف جيران الطريق أنه قد مرّ من طيب ريحه. عن تميم الداريّ أنه اشترى حلّة بثمانمائة وهيّأ طيبا بمثلها، فإذا قام من الليل تطيّب ولبس حلّته وقام في المحراب. وكان الزهريّ يشمّ منه رائحة المسك حتى من علاقة سوطه.

الشعبيّ: الرائحة الطيبة تزيد في العقل. يقال: من طاب ريحه زاد عقله، ومن نظف ثوبه قلّ همّه.

بعضهم رأى صوفيا قذرا فقال: ليس طريق الجنّة على الكنيف. قيل:

المروءة الظاهرة، الثياب الطاهرة. وجد رجل قرطاسا في الأرض فيه اسم الله

ص: 322

فرفعه، وكان عنده دينار فاشترى به مسكا فطيّبه به، فرأى في منامه كأنّ قائلا يقول له: كما طيّبت اسمي لأطيبنّ ذكرك. كان عيسى عليه السلام يخمّر «1» أنفه من الرائحة الطيبة دون الكريهة، فقيل له فقال: لا حساب في الكريهة وفي الطيبة حساب. سرق أعرابيّ نافجة «2» مسك، فقيل له: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ

«3» ، فقال: إذا أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل. قيل: من الظرافة والكرم الاستقصاء في التبخّر. وضعت مجمرة تحت رجل فاستعجل الواضع وقال: لا تضجر منها، فقال له الرجل: أقعد على المستراح ساعات فلا أضجر، أضجر من عشر ساعة أتبخّر فيها؟. جاء رجل إلى بقّال فقال: إن كان عندك بصل فأعطني كي أصلح به رائحة فمي، فقال البقّال: أأكلت سلحا «4» فتصلح فمك بالبصل؟.

أبو طلحة الأنصاريّ رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تمثال» . جابر رضي الله عنه: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر يوم الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كلّ صورة فيها» فلم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة كانت فيها.

ص: 323