الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الروضة الحادية والأربعون في التعجب
عن عليّ بن أبي ربيعة: شهدت عليا رضي الله عنه قد أتي له بدابّة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال:
الحمد لله الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ
«1» ، ثم قال: الحمد لله والله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي
«2» فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقلت: يا أمير المؤمنين من أيّ شيء تضحك؟ قال: «رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فعل ما فعلت أنا ثم ضحك، فقلت يا رسول الله من أيّ شيء تضحك؟ قال: إن ربك يعجب من عبده إذا قال:
اغفر لي ذنوبي وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره» . وعنه صلى الله عليه وسلم: «يعجب ربّكم من شابّ ليس له صبوة «3» » . الخليل: أنشد في بعض البخلاء:
لا تعجبنّ لخبز زلّ عن يده
…
فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا
عليّ رضي الله عنه: عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي هرب منه ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء، وعجبت للمستكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غدا جيفة، وعجبت لمن شكّ في الله وهو يرى خلقه، وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى من يموت، وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبت
لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء. قيل:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني
…
سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
البيضاويّ: عن النّبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى شيئا فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلّا بالله، لم يضرّه» . قيل لبحّار: ما أعجب ما رأيت من عجائب البحر؟
فقال: سلامتي منه.
ركب نحويّ سفينة فقال للملّاح: أتعرف النحو؟ قال: لا، قال: ذهب نصف عمرك. فهاجت الريح واضطربت السفينة فقال له الملاح: أتعرف السباحة؟ قال لا، قال: ذهب كل عمرك. ركب أعرابيّ البحر فرأى في أمواجه الأهوال، ثم ركبه مرّة أخرى وهو ساكن فقال: لا يغرّني حلمك. قيل: كانت حيّة نائمة فوق حزمة شوك فحملها السيل فنظر إليها الثعلب فقال: مثل هذه السفينة لا يصلح لها إلا مثل هذا الملاح. قيل لبزرجمهر: من أعلم الناس بالدنيا؟ فقال: أقلّهم منها تعجّبا. قيل:
الدهر فيه لمن تعجّب عبرة وعجائب
يقال: النجيب ابن النجيب، هذا شيء عجيب.
وأرى النجابة لا يكون تمامها
…
لنجيب قوم ليس بابن نجيب
قيل: الكرم التبرّع قبل السؤال. السّفاح: من شدّد نفّر ومن لان تألّف والتغافل من أخلاق الكرام. وقيل:
ليس الغبيّ بسيّد في قومه
…
لكنّ سيد قومه المتغابي
كتب أبو الفتح البستيّ وزير السلطان سبكتكين في وصية سبكتكين لابنه السلطان محمود: اجعل وزيرك من كان له فضل وأصل، فإن كان فاضلا غير أصيل فاجعل بالتدريج.