الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في نعى الله تعالى إلى رسوله- صلى الله عليه وسلم نفسه الشريفة
قال الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر 30] .
وقال عز وجل: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ؟
[الأنبياء 34] وقال تعالى تقدس اسمه كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ [الأنبياء 35] .
وقال سبحانه وتعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران 144] .
وقال تبارك وتعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً [النصر 1- 3] .
وروى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق بمنى وهو في حجة الوداع إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً [النصر 1- 3] حتى ختمها فعرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم أنه الوداع فخطب الناس خطبة أمرهم فيها ونهاهم.
وروى الإمام أحمد والبلاذري وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر 1] قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «نعيت إليّ نفسي وقرب أجلي» .
وروى النسائي وعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه قال: لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ نعيت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم نفسه حتى أنزلت فأخذني أشد ما يكون اجتهادا في أمر الآخرة.
وروى الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن الفضيل بن عياض قال: لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر 1] إلى آخر السورة قال محمد- صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل نعيت إليّ نفسي» قال جبريل: «الآخرة خير لك من الأولى» .
وروى ابن سعد عن الحسن البصري- رحمه الله تعالى- قال: لما نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخرها قال قرّب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم أجله وأمر بكثرة التّسبيح والاستغفار.
وروى عبد الرزاق والشيخان وابن سعد عن عائشة وابن جرير وابن مردويه عن أم سلمة وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والحاكم عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم منذ نزلت عليه السورة كان لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال:
وفي لفظ لعائشة: كان يكثر في آخر عمره من قول: «سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك اللهم اغفر لي إنّك أنت التوّاب الرّحيم» ويقول ذلك في ركوعه وسجوده يتأول القرآن يعني إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر 1] قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله إنك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليك ما لم تكن تفعله قبل اليوم، فقال:
«إنّ ربي كان أخبرني بعلامة في أمّتي فقال إذا رأيتها فسبّح بحمد ربك واستغفره فقد رأيتها» إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر 1] إلى آخر السورة.
وروى ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم حبيبة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يبعث نبيا إلا عمّر في أمّته شطر ما عمّر النّبيّ الماضي قبله، وإنّ عيسى ابن مريم كان عمره أربعين سنة في بني إسرائيل، وهذه لي عشرون سنة وأنا ميّت في هذه السنة فبكت فاطمة فقال النبي- صلى الله عليه وسلم: «وأنت أول أهل بيتي لحوقا بي» فتبسّمت.
وروى الطبراني والحاكم والطحاوي والبيهقي بسند صحيح عن فاطمة الزهراء- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لم يكن نبي إلا عاش من بعده نصف عمر الذي كان قبله وإنّ عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة سنة، ولا أراني إلا ذاهبا على رأس الستين. يا بنيّة إنّه ليس منّا من نساء المسلمين امرأة أعظم ذريّة منك فلا تكوني من أدنى امرأة صبرا، إنك أول أهل بيتي لحوقا بيّ وإنّك سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من البتول مريم بنت عمران» .
وروى إسحاق بن راهويه وابن سعد عن يحيى بن جعدة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «يا فاطمة أنه لم يبعث نبيّ إلا عمّر نصف الذي كان قبله [وإنّ عيسى ابن مريم بعث رسولا لأربعين وإنّي بعثت لعشرين]
[ (1) ] .
[ (1) ] ما بين المعكوفين سقط في ب.