الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع في دفنه- صلى الله عليه وسلم ومن دفنه
قال ابن كثير: الصّحيح المشهور عن الجمهور أنه- صلى الله عليه وسلم توفّي يوم الاثنين ودفن يوم الأربعاء.
وروى يعقوب بن سفيان عن أبي جعفر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم توفّي يوم الاثنين فلبث ذلك اليوم وتلك اللّيلة ويوم الثلاثاء إلى آخر النّهار.
قال ابن كثير: وهو قول غريب.
وروى يعقوب أيضا عن مكحول قال: مكث رسول الله- صلى الله عليه وسلم ثلاث أيّام لا يدفن قال ابن كثير: غريب والصّحيح أنه مكث بقيّة يوم الاثنين، ويوم الثّلاثاء بكامله ودفن ليلة الأربعاء، وأغرب من ذلك ما رواه سيف من هشام أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم دفن يوم الثّلاثاء، والسّبب في تأخير دفنه مع أن السّنّة الإعجال به عدم اتفاقهم على موته.
وروى ابن سعد عن ابن شهاب قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين زاغت الشمس [ (1) ] .
وروى أيضا عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال: اشتكى رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول ودفن يوم الثلاثاء أيضا
[ (2) ] .
وروى أيضا عن عكرمة قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فجلس بقيّة يومه وليلته ومن الغد حتّى دفن من اللّيل [ (3) ]، وروى أيضا عن أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، فمكث يوم الاثنين والثّلاثاء حتّى دفن يوم الأربعاء [ (4) ] .
وروى ابن سعد وابن ماجه، وأبو يعلى عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: لما فرغ من جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم يوم الثّلاثاء وضع على سريره في بيته وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه، فقال قائل: ندفنه مع أصحابه بالبقيع، وقال قائل: ادفنوه في مسجده،
فقال أبو
[ (1) ] أخرجه 2/ 210.
[ (2) ] ابن سعد 2/ 209.
[ (3) ] ابن سعد 2/ 209.
[ (4) ] المصدر السابق.
بكر: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: «ما قبض نبيّ إلا دفن حيث يقبض» فرفع فراش رسول الله- صلى الله عليه وسلم الّذي توفّي عليه فحفروا له تحته
[ (1) ] .
وروى الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن عبد العزيز بن جريج أن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبروا رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتّى
قال أبو بكر: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: لم يقبر نبيّ قطّ إلا حيث يموت فأخذوا فراشه وحفروا تحته
[ (2) ] .
وهو منقطع، لأن ابن جريج لم يدرك الصديق.
وروى الترمذي وأبو يعلى عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه فقال أبو بكر: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: «ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه ادفنوه في موضع فراشه»
[ (3) ] .
وروى أبو يعلى وابن ماجة عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم دعا العبّاس رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة بن الجرّاح وكان يضرح لأهل مكّة وقال لآخر: اذهب إلى أبي طلحة وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يلحد فقالوا: اللهم، خر لرسولك فوجدوا أبا طلحة فجيء به ولم يوجد أبو عبيدة فلحّد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم ثم دفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم وسط اللّيل من ليلة الأربعاء ونزل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل وقثم بن عبّاس وشقران مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم
وقال أوس ابن خولي وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب: أنشدك الله، وحظّنا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال له عليّ: انزل، وكان شقران مولاه أخذ قطيفة حمراء كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يلبسها فدفنها في القبر وقال: والله، لا يلبسها أحد بعدك أبدا فدفنت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم
[ (4) ] .
وروى ابن سعد عن أبي طلحة- رضي الله تعالى عنه- نحوه [ (5) ] .
وروى الإمام الشافعي- رضي الله تعالى عنه- قال: سل رسول الله- صلى الله عليه وسلم من قبل رأسه [ (6) ] .
وروى الإمام أحمد ومسلم والترمذي وحسنه والنسائي وابن سعد عن ابن عباس- رضي
[ (1) ] ابن سعد (1/ 223) وابن ماجه (1628) والبيهقي في الدلائل 7/ 260، ومن مسند أبي بكر 78 وانظر نصب الراية 2/ 298.
[ (2) ] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6534) وانظر الكنز (18735، 32237)(32263) .
[ (3) ] أخرجه الترمذي (1018) وانظر الكنز 18761، 32236) .
[ (4) ] البيهقي في الدلائل 7/ 252 وابن ماجه 1/ 496 من حديث أنس بن مالك وابن سعد من حديث ابن عباس 2/ 228.
[ (5) ] ابن سعد 2/ 228.
[ (6) ] أخرجه الشافعي في المسند 1/ 215 (598) والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 54.
الله تعالى عنه- قال: وضع تحت رسول الله- صلى الله عليه وسلم في قبره قطيفة حمراء [ (1) ] .
وروى ابن سعد قال وكيع: هذا للنبي- صلى الله عليه وسلم خاصة [ (2) ] .
وروى ابن سعد- برجال ثقات- عن الحسن قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «افرشوا لي قطيفتي في لحدي فإنّ الأرض لم تسلّط على أجساد الأنبياء»
[ (3) ] .
وروى الترمذي وحسنه عن جعفر بن محمد عن أبيه- رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- قال: الذي ألحد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم أبو طلحة، والذي ألقى القطيفة تحته شقران.
قال جعفر بن محمد أخبرني ابن أبي رافع قال: سمعت شقران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله- صلى الله عليه وسلم في القبر [ (4) ] .
وروى ابن سعد عن الحسن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم بسط تحته سمل قطيفة حمراء كان يلبسها قال: وكانت أرضا نديّة [ (5) ] .
وروى مسلم وابن سعد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله تعالى عنه- قال في مرضه الذي توفي فيه: «ألحدوا لي لحدا، وانصبوا عليّ اللّبن نصبا كما صنع برسول الله- صلى الله عليه وسلم.
وروى البيهقي عن بعضهم والواقديّ عن علي بن الحسين أنه- صلى الله عليه وسلم نصب عليه في اللّحد تسع لبنات
[ (6) ] .
وروى ابن سعد والبيهقي عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: رشّ على قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم الماء رشّا قال: وكان الذي رشّ على قبره الماء بلال بن رباح بقربة، بدءا من قبل رأسه من شقّه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه ثمّ ضرب الماء إلى الجدار، ولم يقدر على أن يدور من الجدار [ (7) ] .
وروى البيهقي عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم موضوعا على سريره من حين زاغت الشمس من يوم الاثنين إلى أن زاغت الشّمس يوم الثّلاثاء،
[ (1) ] أخرجه مسلم 2/ 665 (91/ 967) النسائي 4/ 81.
[ (2) ] ابن سعد في الطبقات 2/ 228.
[ (3) ] ابن سعد 2/ 229 وابن كثير في البداية 5/ 269 وكنز العمال (42245) .
[ (4) ] الترمذي (1047) وانظر شرح السّنّة 3/ 266.
[ (5) ] ابن سعد في الطبقات 2/ 229.
أخرجه مسلم 2/ 665 (90/ 966) وابن سعد 2/ 227.
[ (6) ] ابن سعد 2/ 227 والبيهقي في الدلائل 2/ 252.
[ (7) ] ابن سعد 2/ 233 والبيهقي في الدلائل 2/ 264.
يصلي النّاس عليه وسريره على شفير قبره، فلمّا أرادوا أن يقبروه- عليه الصلاة والسلام نحّوا السّرير قبل رجليه فأدخل من هناك [ (1) ] .
وروى الإمام مالك بلاغا وصله محمد بن عمر الأسلمي عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما صدّقت بموت رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين [ (2) ] .
وروى ابن سعد والبيهقي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما علمنا بدفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثّلاثاء في السّحر [ (3) ] .
وروى الإمام أحمد وابن ماجة عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم وكان بالمدينة رجل يلحد والآخر يضرح فقالوا: نستخير ربّنا ونبعث إليهما فأيّهما سبق تركناه فأرسلوا إليهما فسبق صاحب اللّحد فلحّدوا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم[ (4) ] .
وروى محمد بن سعد أنبأنا حمّاد بن خالد الخيّاط عن عقبة بن أبي الصّهباء سمعت الحسن يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «افرشوا لي قطيفة في لحدي، فإنّ الأرض لم تسلّط على أجساد الأنبياء»
[ (5) ] .
وروى مسدّد بسند صحيح عن علي- رضي الله تعالى عنه- وأجنانه دون الناس أربعة:
علي بن أبي طالب والعبّاس والفضل بن العبّاس وصالح مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم[وألحد له لحدا ونصب عليه اللّبن نصبا]
[ (6) ] .
وروى الحاكم والبيهقي عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن الذين نزلوا قبره- صلى الله عليه وسلم علي والفضل وقثم بن عبّاس وشقران وأوس بن خولي وكانوا خمسة [ (7) ] .
وروى ابن سعد عن الشعبي قال: دخل [قبر النبي- صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة بن زيد.
قال الشّعبيّ وأخبرني مرحب أو ابن أبي مرحب أنهم أدخلوا معهم في القبر عبد الرحمن بن عوف [ (8) ] .
[ (1) ] البيهقي في الدلائل 7/ 253.
[ (2) ] ابن سعد 2/ 232.
[ (3) ] ابن سعد 2/ 232، 233.
[ (4) ] أخرجه مالك في الموطأ مرسلا 1/ 231 وابن ماجة 1/ 496 (1557) وإسناده صحيح ورجاله ثقات.
[ (5) ] تقدم قريبا.
[ (6) ] ذكره الحافظ في المطالب 4/ 258 (4388) موقوفا على ابن المسيب وفي اتحاف المهرة عن علي وقال البوصيري رواه مسدد بسند صحيح والحاكم والبيهقي ورواه ابن ماجة مختصرا.
[ (7) ] البيهقي في الدلائل 21/ 253، 254 مغازي الواقدي 3/ 1120.
[ (8) ] ابن سعد 2/ 229.