المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع والعشرون في عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم والظلمة التي غشيت المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ١٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني عشر]

- ‌في جماع أبواب ما يخصه- صلى الله عليه وسلم من الأمور الدنيوية وما يطرأ عليه من العوارض البشرية وكذا سائر الأنبياء

- ‌الباب الأول في حاله في جسمه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني في حكم عقد قلبه- صلى الله عليه وسلم في الأمور الدنيوية

- ‌الباب الثالث في حكم عقد قلبه- صلى الله عليه وسلم في أمور البشر الجارية على يديه ومعرفة المحق من المبطل وعلم المصلح من المفسد

- ‌الباب الرابع في حكم أقواله الدنيوية من إخباره عن أحواله وأحوال غيره وما يفعله أو فعله- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الخامس في حكم أفعاله الدنيوية- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس في الحكمة في إجراء الأمراض وشدتها عليه وكذا سائر الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

- ‌جماع أبواب حكم من سبه أو انتقصه وكذا سائر الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

- ‌الباب الأول في ذكر فوائد كالمقدمة للأبواب الآتية

- ‌الباب الثاني في بيان ما هو في حقه- صلى الله عليه وسلم سب من المسلم

- ‌الباب الثالث في بيان ما هو في حقه- صلى الله عليه وسلم سب من الكافر

- ‌الباب الرابع في بيان قتل الساب إذا كان ممن يدّعي الإسلام ولم يتب

- ‌الباب الخامس في الكلام على توبة المسلم واستتابته

- ‌الباب السادس في انتقاض عهد الذمي إذا ذمّ المقام الشريف ووجوب قتله والنص على ذلك

- ‌الباب السابع في عدم قبول توبته إذا سب مع بقائه على كفره

- ‌الباب الثامن في أن توبته بالإسلام هل هي صحيحة مسقطة للقتل أم لا وهل يستتاب بالإسلام ويدّعي الندم

- ‌الباب التاسع في الخلاف في أن حكم الحاكم بسقوط القتل عن السابّ مع بقائه على الكفر صحيح أم لا

- ‌جماع أبواب بعض الحوادث الكائنة بالمدينة الشريفة في سني الهجرة غير ما تقدم

- ‌باب مبدأ التاريخ الإسلامي وأسقطت ذكر بقية الأبواب لكثرتها

- ‌الأول: في بيان من ابتدأ بالتأريخ

- ‌الثّاني: ذكروا في سبب عمل التّاريخ أشياء

- ‌الثالث:

- ‌تنبيهات

- ‌النوع الرابع: في حوادث السّنة الأولى غير المغازي والسّرايا

- ‌تنبيهات

- ‌النّوع الخامس: في حوادث السّنة الثّانية

- ‌تنبيهات

- ‌النّوع السّادس: في حوادث السّنة الثّالثة

- ‌تنبيهات

- ‌النّوع السّابع: في حوادث السّنة الرّابعة

- ‌النّوع الثّامن: في حوادث السّنة الخامسة

- ‌النّوع التّاسع: في أحوال السّنة السّادسة

- ‌النّوع العاشر: في أحوال السّنة السّابعة

- ‌النّوع الحادي عشر: في حوادث السّنة الثّامنة

- ‌النّوع الثاني عشر: في حوادث السّنة التّاسعة

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهات

- ‌النّوع الثالث عشر:

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في الرقى والتمائم

- ‌الباب الأول في إذنه صلى الله عليه وسلم في الرّقى المفهومة المعنى

- ‌الباب الثاني في نهيه- صلى الله عليه وسلم عن التمائم

- ‌الباب الثالث في سيرته- صلى الله عليه وسلم في لدغة العقرب بالرقية

- ‌الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في رقية النملة بفتح النون وإسكان الميم وهي قروح تخرج من الساق والجنب أو غيره

- ‌الباب الخامس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في رقية الحية

- ‌الباب السادس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في رقية القرحة والجرح

- ‌الباب السابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في رقى عامة، ورقى جامعة

- ‌الباب الثامن في سيرته- صلى الله عليه وسلم في علاج داء الحريق وإطفائه

- ‌الباب التاسع في علاج الفزع والأرق المانع من النوم

- ‌الباب العاشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في علاج حرّ المصيبة

- ‌الباب الحادي عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب والهم والحزن

- ‌تنبيهان:

- ‌الباب الثاني عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع

- ‌فصل

- ‌الباب الثالث عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في علاج الغيراء

- ‌جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم في الطب

- ‌الباب الأول في فوائد كالمقدمة للأبواب الآتية

- ‌الأوّل: في ابتدائه:

- ‌تنبيه:

- ‌الثاني

- ‌والأمور الطبيعية سبعة:

- ‌إحداها:

- ‌وثالثها:

- ‌ورابعها:

- ‌وخامسها:

- ‌وسادسها:

- ‌وسابعها:

- ‌الأسباب ستّة:

- ‌أحدها:

- ‌والثاني:

- ‌و‌‌الثالث:

- ‌الثالث:

- ‌والرابع:

- ‌والخامس:

- ‌والسّادس:

- ‌الرّابع:

- ‌الخامس:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في أمره- صلى الله عليه وسلم بالتداوي وإخباره- صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى خلق لكل داء دواء [إلا الهرم والموت] [ (1) ]

- ‌الباب الثالث في نهيه- صلى الله عليه وسلم عن التداوي بالخمر وغيرها مما يذكر

- ‌الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في التطبّب

- ‌الأول: في أمره بدعاء الطّبيب:

- ‌الثّاني: في تضمينه- صلى الله عليه وسلم الطّبيب إذا جنى:

- ‌الثالث: في كراهيته أن يسمى طبيبا:

- ‌الرّابع: في استعمال الفراسة والاستدلال في صناعة الطّبّ:

- ‌فائدة:

- ‌الثانية:

- ‌الثّالثة:

- ‌الباب الخامس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في حفظ الصحة بالصوم والسفر ونفي الهموم وتعديل الغذاء والطيب وغير ذلك

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب السادس في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الحمية

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير المأكول والمشروب

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الباب الثامن في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير الحركة والسكون البدنيين

- ‌تنبيه:

- ‌الباب التاسع في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير الحركة والسكون النفسانيين

- ‌الباب العاشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير النوم واليقظة

- ‌الباب الحادي عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير النكاح

- ‌الباب الثاني عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبير فصول السنة

- ‌الباب الثالث عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في تدبيره لأمر المسكن

- ‌الباب الرابع عشر في أمره- صلى الله عليه وسلم باختياره البلدان الصحيحة التربة وتوقي الوبيئة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الجلوس في الشمس

- ‌الباب السادس عشر في إرشاده- صلى الله عليه وسلم إلى دفع مضار الأغذية بالحركة والأشربة

- ‌الباب السابع عشر في إرشاده- صلى الله عليه وسلم إلى استعمال المعاجين والجوارش

- ‌الباب الثامن عشر في إرشاده- صلى الله عليه وسلم إلى تعهد العادات والامتناع عن الأطعمة التي لم تجر العادة بها

- ‌الباب التاسع عشر في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الصداع والشقيقة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في السعوط واللدود

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الحادي والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الحجامة والفصد [والقسط البحري] [ (1) ]

- ‌الأول: في فضل الحجامة وأمره بها

- ‌الثّاني: في سيرته- صلى الله عليه وسلم في موضع الحجم من البدن

- ‌الثّالث: في استحبابه- صلى الله عليه وسلم الحجامة في أيّام مخصوصة

- ‌الرّابع: في نهيه عن الحجامة في أيّام مخصوصة

- ‌الخامس: في الحجامة على الرّيق

- ‌السّادس: في أمره- صلى الله عليه وسلم بدفن الدّم وأمور جامعة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الإسهال والقيء

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الكيّ

- ‌الأوّل:

- ‌الثاني:

- ‌الثّالث: في كيّه- صلى الله عليه وسلم أصحابه بيده

- ‌الرابع: في وصفه- صلى الله عليه وسلم الكيّ لبعض أصحابه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الحمى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في المعيون

- ‌الأول: في أن العين حقّ وجلّ من يموت بها

- ‌الثّاني: في أمره- صلى الله عليه وسلم بالاسترقاء للمعيون

- ‌الثّالث: في أمره- صلى الله عليه وسلم العائن بالوضوء وصبّه على المعين

- ‌الرّابع: في أمره- صلى الله عليه وسلم بنصب الجماجم في الزّرع لأجل المعين إن صح الخبر

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في المجذومين

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الجسد المقمل وكذا الرأس

- ‌الباب الثامن والعشرون في علاجه- صلى الله عليه وسلم السحر

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الرمد وضعف البصر

- ‌تنبيهان:

- ‌الباب الثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم من عرق الكلية

- ‌الباب الحادي والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم المفؤود

- ‌تنبيهات

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثاني والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم عرق النسا

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثالث والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم البثرة

- ‌الباب الرابع والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الباسور

- ‌الباب الخامس والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الورم

- ‌الباب السادس والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الخنازير

- ‌الباب السابع والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الدوخة

- ‌فائدة:

- ‌الباب الثامن والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم العذرة

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع والثلاثون في علاجه- صلى الله عليه وسلم العشق

- ‌الباب الأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم وجع الصدر

- ‌الباب الحادي والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم ذات الجنب

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثاني والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الاستسقاء والمعدة ويبس الطبيعة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الإسهال

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الرابع والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم القولنج

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الخامس والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الدود في الجوف

- ‌الباب السادس والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الباه

- ‌الباب السابع والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم السل

- ‌الباب الثامن والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الجراح

- ‌الباب التاسع والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الخراج والحكة ونحوهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخمسون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الكسر والوثى والخلع

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الحادي والخمسون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الخدران الكلي

- ‌الباب الثاني والخمسون في إرشاده- صلى الله عليه وسلم إلى دفع مضرات السموم بأضدادها

- ‌الباب الثالث والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في السم

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الرابع والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في لدغ الهوام

- ‌الباب الخامس والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الزكام وأدواء الأنف

- ‌الباب السادس والخمسون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الشوكة

- ‌الباب السابع والخمسون في علاجه- صلى الله عليه وسلم أمراض الفم

- ‌الباب الثامن والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في الأسنان

- ‌الباب التاسع والخمسون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الدبيلة

- ‌الباب الستون في سيرته- صلى الله عليه وسلم في غمز الظهر في السقطة والقدمين من الإعياء

- ‌الباب الحادي والستون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الإعياء من شدة المشي

- ‌الباب الثاني والستون في علاجه- صلى الله عليه وسلم الحائض والمستحاضة والنفساء

- ‌الباب الثالث والستون في إطعامه- صلى الله عليه وسلم المزورات للناقة وهو الذي برئ من مرضه ولم يصل لحالته الأولى

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الرابع والستون في تغذيته- صلى الله عليه وسلم المريض بألطف ما اعتاده من الأغذية

- ‌الباب الخامس والستون في بعض فوائد تتعلق بالأبواب السابقة

- ‌فائدة في الأدوية الإلهيّة

- ‌تنبيه:

- ‌الباب السادس والستون في الكلام على بعض المفردات التي جاءت على لسانه- صلى الله عليه وسلم

- ‌البطّيخ:

- ‌البنفسج:

- ‌تنبيه:

- ‌التمر:

- ‌الحبّة السّوداء:

- ‌الراء

- ‌الرمان:

- ‌الزاي

- ‌الزبيب:

- ‌السين

- ‌السنا:

- ‌السّفرجل:

- ‌الشين

- ‌الشّونيز:

- ‌العين

- ‌العسل:

- ‌العجوة:

- ‌الهاء

- ‌الهليلج:

- ‌في بيان غريب ما سبق:

- ‌شونيز:

- ‌صعتر:

- ‌صبر:

- ‌صمع:

- ‌حنظل:

- ‌ مرّ

- ‌حناء:

- ‌أرز:

- ‌ثفاء

- ‌قسط

- ‌أهليلج:

- ‌كمأة:

- ‌قرع:

- ‌كتم:

- ‌مرنجوش:

- ‌الهندبا:

- ‌الزيت:

- ‌العدس:

- ‌العسل:

- ‌إثمد:

- ‌الكحل:

- ‌اللّبن

- ‌اللحم

- ‌الدباء

- ‌الهندباء

- ‌العجوة

- ‌غبار المدينة

- ‌النبق

- ‌القرع

- ‌جماع أبواب مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم ووفاته

- ‌الباب الأول في كثرة أمراضه- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني في نعى الله تعالى إلى رسوله- صلى الله عليه وسلم نفسه الشريفة

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثالث في عرضه- صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل- عليه الصلاة والسلام في العام الذي مات فيه مرتين ونعيه- صلى الله عليه وسلم نفسه لأصحابه

- ‌الباب الرابع فيما جاء أنه خيّر بين أن يبقى حتى يرى ما يفتح على أمته وبين التعجيل واستغفاره- صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الخامس في ابتداء مرضه- صلى الله عليه وسلم وسؤال أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- أن يمرّضه في بيته

- ‌الباب السادس فيما جاء أنه- صلى الله عليه وسلم كان يدور على بيوت أزواجه في مرضه

- ‌الباب السابع في اشتداد الوجع عليه- زاده الله فضلا وشرفا

- ‌الباب الثامن في أمره- صلى الله عليه وسلم أن يصب عليه الماء لتقوى نفسه فيعهد إلى الناس

- ‌في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع فيما روي أنه- صلى الله عليه وسلم طلب من أصحابه القود من نفسه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في مدة مرضه- صلى الله عليه وسلم واستخلافه أبا بكر في الصلاة بالناس

- ‌في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الحادي عشر في إرادته- صلى الله عليه وسلم أن يكتب لأبي بكر كتابا ثم لم يكتب

- ‌الباب الثاني عشر في إرادته- صلى الله عليه وسلم أن يكتب لأصحابه كتابا فاختلفوا فلم يكتب

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في إخراجه- صلى الله عليه وسلم من المال كان عنده وعتق عبيده

- ‌الباب الرابع عشر في إعلامه- صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة- رضي الله تعالى عنها- بموته

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في وصيته- صلى الله عليه وسلم الأنصار عند موته

- ‌في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السادس عشر في جمعه- صلى الله عليه وسلم أصحابه في بيت عائشة- رضي الله تعالى عنها- ووصيته لهم

- ‌الباب السابع عشر في وصيته- صلى الله عليه وسلم بالصلاة وغيرها من أمور الدين وأنه لم يوص بشيء من أمور الدنيا

- ‌الباب الثامن عشر في تحذيره- صلى الله عليه وسلم أن يتخذ قبره مسجدا

- ‌الباب التاسع عشر في ما يؤثر عنه- صلى الله عليه وسلم من ألفاظه في مرض موته وآخر ما تكلم به

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب العشرون في آخر صلاة صلاها بالناس- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الحادي والعشرون في استعماله- صلى الله عليه وسلم السواك قبل وفاته

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني والعشرون في معاتبته- صلى الله عليه وسلم نفسه على كراهية الموت

- ‌الباب الثالث والعشرون فيما جاء أنه قبض ثم أري مقعده من الجنة ثم ردّت إليه روحه ثم خيّر

- ‌الباب الرابع والعشرون في تردد جبريل إليه واستئذان ملك الموت وزيارة إسماعيل صاحب السماء الدنيا له- صلى الله عليه وسلم وقبض روحه الشريفة وصفة خروجها وصفة الثياب التي قبض فيها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس والعشرون في إخبار أهل الكتاب بموته- صلى الله عليه وسلم يوم مات وهم باليمن

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السادس والعشرون في بيان معنى قوله- صلى الله عليه وسلم: «حياتي خير لكم وموتي خير لكم»

- ‌استعمالان:

- ‌أحدهما:

- ‌والثاني:

- ‌وجهين أحدهما:

- ‌الثاني:

- ‌الباب السابع والعشرون في عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم والظّلمة التي غشيت المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثامن والعشرون في بلوغ هذا الخطب الجسيم إلى الصّديق الكريم وثبوته في هذا الأمر

- ‌تنبيهات

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌الباب التاسع والعشرون في اختيار الله تعالى له- صلى الله عليه وسلم بأن يجمع له مع النبوة الشهادة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثلاثون في تاريخ وفاته- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي والثلاثون في مبلغ سنّه- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني والثلاثون في عدم استخلافه أحداً بعينه، وأنه لم يوص إلى أحد بعينه

- ‌تنبيهان:

- ‌الباب الثالث والثلاثون في ذكر خبر السّقيفة وبيعة أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- بالخلافة بعد موت سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌جماع أبواب غسله وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وموضع قبره، والاستسقاء به وفضل ما بينه وبين المنبر، وفضل مسجده وحياته في قبره، وعرض أعمال أمته عليه وحكم تركته زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌الباب الأول في غسله- صلى الله عليه وسلم ومن غسّله، وما وقع في ذلك من الآيات

- ‌تنبيهان:

- ‌الباب الثاني في صفة كفنه- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في الصلاة عليه زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في دفنه- صلى الله عليه وسلم ومن دفنه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في ذكر من كان آخر الناس عهداً به في قبره- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب السادس فيما سمع من التعزية به- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع في موضع قبره الشريف وصفته وصفة حجرته وبعض أخبارها

- ‌الأولى:

- ‌الثانية:

- ‌الثالثة:

- ‌الرابعة:

- ‌الخامسة:

- ‌السادسة:

- ‌السابعة:

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثامن في الاستسقاء بقبره الشريف- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب التاسع في فضل ما بين قبره ومنبره- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في فضل مسجده- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في حياته في قبره وكذلك سائر الأنبياء- عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام

- ‌تنبيهات

- ‌فائدة:

- ‌الباب الثاني عشر في صلاته في قبره وكذلك سائر الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في عرض أعمال أمته عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌الباب الرابع عشر في حكم تركته- صلى الله عليه وسلم وما خلف

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب زيارته- صلى الله عليه وسلم بعد موته وفضلها

- ‌الباب الأول في فضل زيارته- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب‌‌ الثانيفي الدليل على مشروعية السفر وشد الرحل لزيارة سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم

- ‌ الثاني

- ‌أحدهما:

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثالث في الرد على من زعم أنّ شدّ الرحل لزيارته- صلى الله عليه وسلم معصية

- ‌الباب الرابع في آداب زيارته- صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فيما روي من تعظيم الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- للنبي- صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌جماع أبواب التوسل به- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في مشروعية التوسل به- صلى الله عليه وسلم إلى الله تبارك وتعالى

- ‌الباب الثاني في ذكر من توسل به قبل خلقه من الأنبياء- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثالث في ذكر من توسل به- صلى الله عليه وسلم في حياته من الإنس

- ‌الباب الرابع في ذكر من توسل به- صلى الله عليه وسلم في حياته من الحيوانات

- ‌في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الخامس في ذكر من توسل به- صلى الله عليه وسلم بعد موته

- ‌جماع أبواب الصلاة والسلام عليه- صلى الله عليه وسلم زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌الباب الأول في فوائد تتعلق بالآية الكريمة

- ‌أحدهما:

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثاني في الأمر بالصلاة والسلام عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌الأول:

- ‌الباب الثالث في التحذير من ترك الصلاة عليه زاده الله فضلا- صلى الله عليه وسلم وشرفا لديه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في فضل الصلاة والسلام عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في كيفية الصلاة والسلام عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في المواطن التي يستحب الصلاة عليه فيها- صلى الله عليه وسلم

- ‌الأول: في يوم الجمعة وليلتها

- ‌الثاني: عند طرفي النهار

- ‌الثالث: عند الفراغ في الوضوء

- ‌الرابع: بعد الأذان والإقامة

- ‌الخامس: عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌السادس: في الصلاة

- ‌السابع: الصلاة عليه، أوّل الدّعاء ووسطه وآخره

- ‌الثامن: عند طنين الآذان

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب بعثه وحشره وأحواله يوم القيامة- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول فيما جاء أنه أول من يفيق من الصّعقة وأول من يقوم من قبره واختصاصه بركوب البراق يومئذ وكيفية حشره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني في كسوته- صلى الله عليه وسلم في الموقف، ومكانه وأمته وكون لواء الحمد ولواء الكرم بيده- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في كونه- صلى الله عليه وسلم أول من يدعى يوم القيامة

- ‌الباب الرابع في اختصاصه- صلى الله عليه وسلم بالسجود يومئذ

- ‌الباب الخامس في طمأنينته إذا جيء بجهنم وفزع غيره- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس في شفاعته العظمى لفصل القضاء والإراحة من طول الوقوف

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع في الكلام على المقام المحمود، والكلام على بقية شفاعته- صلى الله عليه وسلم

- ‌فالثانية:

- ‌الثّالثة:

- ‌الرّابعة:

- ‌الخامسة:

- ‌السادسة:

- ‌الباب الثامن في دخوله- صلى الله عليه وسلم جهنم لإخراج أناس من أمته عليه أفضل الصلاة والسلام

- ‌الباب التاسع في الكلام على حوضه- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر فيما جاء أنه أول من يجوز على الصراط وأن مفاتيح الجنة بيده- صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الحادي عشر فيما جاء أنه أول من يستفتح باب الجنة وأنه أول من يدخلها وقيام خازن الجنة له- صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه:

- ‌الباب الثاني عشر فيما جاء أن جنة عدن مسكنه وعلوّ منزلته في الجنة وتزويج الله تعالى له مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون وكثرة خدمه- صلى الله عليه وسلم وغير ذلك

الفصل: ‌الباب السابع والعشرون في عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم والظلمة التي غشيت المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر

‌الباب السابع والعشرون في عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم والظّلمة التي غشيت المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر

روى ابن ماجة عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم بابا بينه وبين الناس أو كشف سترا فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال: يا أيها الناس أيّما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعزّ بمصيبته بيّ عن المصيبة التي تصيبه بغيري فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشدّ عليه من مصيبتي.

وروى ابن سعد وابن الجوزي عن عطاء مرسلا قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إذا أصابت أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي، فإنّها من أعظم المصائب»

[ (1) ] .

وروى البيهقي عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: يا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت، إذا ذكرنا مصيبتنا به- صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن سعد عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «سيعزّي الناس بعضهم بعضا من بعدي التعزية بي»

[ (2) ] فكان الناس يقولون: ما هذا؟ فلما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم لقى الناس بعضهم بعضا يعزّي بعضهم برسول الله- صلى الله عليه وسلم.

ورحم الله تعالى القائل:

اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد

واعلم بأنّ المرء غير مخلّد

واصبر كما صبر الكرام فإنّها

نوب تنوب اليوم تكشف في غد

وإذا أتتك مصيبة تسجى بها

فاذكر مصابك بالنّبيّ محمّد

وقال القائل:

تذكّرت لمّا فرّق الدّهر بيننا

فعزّيت نفسي بالنّبيّ محمّد

وقلت لها إنّ المنايا سبيلنا

فمن لم يمت في يومه مات في غد

[ (1) ] ابن سعد 2/ 110.

[ (2) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 7/ 267.

ص: 273

قال ابن المنير: لما توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم وسجّته الملائكة ودهش الناس واختلف أحوالهم في ذلك وأفحموا واختلطوا فمنهم من خبل ومنهم من أقعد ومنهم من أصمت فلم يطق الناس الكلام، ومنهم من أخبل فكان عمر فجعل يجلب ويصيح ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم، وكان ممن أقعد وفي لفظ عقر علي فلم يستطع حراكا، وكان من أخرس عثمان بن عفان حتى جعل يذهب به ويجاء ولا يستطيع كلاما، وأما عبد الله بن أنيس فأضنى حتى مات كمدا.

وروى ابن سعد عن عكرمة قال: لما توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم قالوا: عرج بروحه كما عرج بروح عيسى الحديث وقال العباس- رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم يأسن كما يأسن البشر وإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قد مات

إلى آخره، فهذا مرسل كما ترى، ورواه إسحاق بن راهويه بسند رجاله رجال البخاري إلا أنّ عكرمة لم يسمع من العباس فإن كان الواسطة بينهما عبد الله بن عباس فهو صحيح، وقد رواه الطبراني من طريق ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن العباس بنحوه وهو على شرط البخاري.

قال الحافظ ابن حجر فما وجد بخطه: وهذا الذي قاله العباس لم ينقله عن توقيف بل اجتهادا على العادة ولا يستلزم أن يقع ذلك، ولما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم تزيّنت الجنان لقدوم روحه الكريمة كزينة المدينة يوم قدومه إذا كان عرش الرّحمن قد اهتزّ بموت بعض أتباعه فرحا واستبشارا فكيف بقدوم روح الأرواح، وكادت الجمادات تتصدّع من ألم مفارقته- صلى الله عليه وسلم فكيف بقلوب المؤمنين لما فقد الجذع الذي كان يخطب إليه قبل اتخاذ المنبر حنّ إليه وصاح، كان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال: هذه خشبة تحن إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه.

فلو ذاق من طعم الفراق رضوى

لكان من وجده يميد

فقد حمّلوني عذاب شوق

يعجز عن حمله الحديد

وقال غيره:

وقد كان يدعى لابس الصّبر حازما

فأصبح يدعى حازما حين يجزع

وروى أبو علي بن شاذان عن سالم بن عبيد الأشجعي قال: لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم كان أجزع النّاس عليه عمر بن الخطاب.

وروى أبو الحسن البلاذري بسند جيد عن عروة قال: لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم دخل عمر فأصابه خبل فأقبل يقول ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم.

ص: 274

وروى أيضا عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: بكى الناس يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى النساء في الخدور، وكادت البيوت تسقط من الصّراخ.

وروى ابن عساكر عن أبي ذؤيب الهذلي: أنه لما قدم المدينة يوم مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم فإذا لها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج إذا أهلّوا بالإحرام.

وروى ابن سعد عن القاسم بن محمد أن رجلا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه، فقال: إنما كنت أريدهما لأنظر بهما رسول الله- صلى الله عليه وسلم فأما إذ قبض الله نبيّه فما يسرني أن ما بهما بظبي من ظباء تبالة.

وروى الإمام أحمد وأبو يعلى بسند صحيح وابن أبي شيبة والبزار والطبراني عن الزهري قال: أخبرني رجل من الأنصار من أهل الثقة، وأبو عبد الله بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعنا عثمان بن عفان يقول: لما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم وسوس رجال فإني كنت فيمن وسوس فمر عليّ عمر فسلّم فلم أردّ عليه ما علمت بتسليمه

الحديث.

وروى ابن سعد وابن أبي شيبة والإمام أحمد وابن عدي والدارقطني في «الإفراد» والعقيلي والبيهقي في «شعب الإيمان» والضياء عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- أن رجالا من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس وكنت منهم فقلت لأبي بكر: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم قبل أن أسأله عن نجاة هذه الأمة، قال أبو بكر: قد سألته عن ذلك، فقال: من قبل مني الكلمة التي عرضتها على عمي فردها عليّ فهي له نجاة.

وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي بسند قال ابن كثير: على شرط الشيخين عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: لما كان اليوم الذي [دخل فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي][ (1) ] مات فيه أظلم من المدينة كل شيء.

وفي رواية: أظلمت المدينة حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا يبسط يده فلا يبصرها، وفي رواية: فلم أر يوما أقبح منه فما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا انتهى.

وروى الإمام أحمد ومسلم والبيهقيّ عنه قال: إن أمّ أيمن بكت لما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقيل لها: ما يبكيك يا أم أيمن ما عند الله خير لرسوله- صلى الله عليه وسلم قد أكرم الله نبيه- صلى الله عليه وسلم وأدخله جنته، وأراحه من نصب الدنيا فقالت: والله ما أبكي، أن لا أكون أعلم أنّ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء كان يأتينا غضّا جديدا كل يوم وليلة، فعجب الناس من قولها» .

[ (1) ] ما بين المعكوفين سقط في ب.

ص: 275

وروى أبو الربيع بهذا اليوم- يعني يوم الاثنين- كم خير لست فيه إلى أهل الأرض وأي مصيبة نزلت فيه عشية ضاق عنها منفسح الطول والعرض:

وهل عدلت يوما رزيئة هالك

رزيئة يوم مات فيه محمّد

فيا لها والله مصيبة أحرقت الأكباد

وغمرت بالأسف والحزن الأبناء والآباء

وزرا ثقيلا إلى كاهل الإيمان منه ما أباد

وخطبا جليلا أودى بكلّ جميل أو كاد

وأنشد بعض الأنصار عند موته- صلى الله عليه وسلم:

فالصّبر يحمد في المصائب كلّها

إلّا عليك فإنّه مذموم

ولولا أن الله سبحانه وتعالى ربط على القلوب من بعده بأمر من عنده لأورث مكانها كمدا، ولما وجدت إلى البقاء مستلفا ولا عن وحي الغناء ملتحدا.

وقال أبو الفتح:

فيا له من خطب جلّ على الخطوب

ومصاب دمع العين كيف يصوب؟

ورزّء عزيت له النّيران

ولا تعلّل شروقها والغروب

وجادت هجمة الموت فلا نجا

منها هارب ولا فرار منه لمطلوب

ولا صباح له فتجلو غياهبه الملمة ودياجيه المدلهمة، ولكل ليل إذا رجى صباح يؤوب، ومن شر أهل الأرض ثم بكى أنس، بكى بعيون سرفها وقلوب فإنا لله وإنا إليه راجعون.

من نار حنت عليه الأضالع

ولا تخبو ولا تخمد

ومصيبة تستكّ منها المسامع

فلا يبكّي على مرّ الجديد من حزنها المجدّد

وهل عدلت يوما رزيئة هالك

رزيئة يوم مات فيه محمّد

وما فقد الماضون مثل محمّد

ولا مثله حتّى القيامة يفقد

وقال أبو بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره ابن سعد يرثيه- صلى الله عليه وسلم:

أجدّك ما لعينك لا تنام

كأنّ جفونها فيها كلام

بوقع مصيبة عظمت وجلّت

فدمع العين أهونه انسجام

فجعنا بالنّبيّ، وكان فينا

مقدّمنا، وسيدنا الإمام

وكان قوامنا، والرأس فينا

فنحن اليوم ليس لنا قوام

ننوح ونشتكي ما قد لقينا

ويشكو فقده البلد الحرام

كأنّ أنوفنا لاقين جدعا

لفقد محمّد، فيها اصطلام

ص: 276

لفقد أغرّ أبيض هاشميّ

إمام نبوّة، ربه الختام

أمين، مصطفى، للخير يدعو

كضوء البدر زايله الظّلام

سأتبع هديه ما دمت حيّا

طوال الدّهر ما سجع الحمام

كأنّ الأرض بعدك طار فيها

فأشعلها لساكنها ضرام

وفقد الوحي إذ ولّيت عنّا

وودّعنا من الله الكلام

سوى أن قد تركت لنا سراجا

تواريه القراطيس الكرام

لقد ورّثتنا مرآة صدق

عليك به التّحيّة والسّلام

من الرّحمن في أعلى جنان

من الفردوس طاب بها المقام

رفيق أبيك إبراهيم فيه

وما في مثل صحبته ندام

وإسحاق وإسماعيل فيه

بما صلّوا لربّهم وصاموا

وقال أيضاً- رضي الله تعالى عنه- ورحمه:

يا عين فابكي ولا تسأمي،

وحقّ البكاء على السّيّد!

على خير خندف عند البلا

ء أمسى يغيّب في الملحد

فصلّى المليك وليّ العباد

وربّ البلاد على أحمد

فكيف الحياة لفقد الحبيب

وزين المعاشر في المشهد؟

فليت الممات لنا كلّنا

وكنّا جميعا مع المهتدي!

وقال أبو بكر- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره ابن سعد:

لمّا رأيت نبيّنا متجدّلا

ضاقت عليّ بعرضهنّ الدّور

وارتعت روعة مستهام واله،

والعظم مني واهن مكسور

أعتيق ويحك! إنّ حبّك قد ثوى

وبقيت منفردا وأنت حسير

يا ليتني من قبل مهلك صاحبي

غيّبت في جدث عليّ صخور!

فلتحدثنّ بدائع من بعده،

تعيا بهنّ جوانح وصدور

وقال أبو بكر أيضا: فيما ذكره ابن سعد:

باتت تأوّبني هموم

حشّد

مثل الصّخور فأمست هدّت الجسدا

يا ليتني حيث نبّئت الغداة به

قالوا الرّسول قد امسى ميّتا فقدا

ص: 277

ليت القيامة قامت بعد مهلكه،

ولا نرى بعده مالا ولا ولدا!

والله أثني علي شيء فجعت به

من البريّة حتّى أدخل اللّحدا

كم لي بعدك من همّ ينصّبني

إذا تذكّرت أني لا أراك أبدا!

كان المصفّاء في الأخلاق قد علموا،

وفي العفاف فلم نعدل به أحدا

نفسي فداؤك من ميت ومن بدن!

ما أطيب الذّكر والأخلاق والجسدا!

وقال عبد الله بن أنيس- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره ابن سعد:

تطاول ليلي واعترتني القوارع

وخطب جليل للبلية جامع!

عذاة نعى النّاعي إلينا محمّدا،

وتلك الّتي تستكّ منها المسامع

فلو ردّ ميتا قتل نفسي قتلتها!

ولكنه لا يدفع الموت دافع

فآليت لا أثني على هلك هالك

من النّاس، ما أوفى ثبير وفارع

ولكنّني باك عليه ومتبع

مصيبته. إنّي إلى الله راجع!

وقد قبض الله النّبيّين قبله،

وعاد أصبيت بالرّزى والتّبابع

فيا ليت شعري! من يقوم بأمرنا؟

وهل في قريش من إمام ينازع؟

ثلاثة رهط من قريش هم هم

أزمّة هذا الأمر، والله صانع

عليّ أو الصّدّيق أو عمر لها،

وليس لها بعد الثّلاثة رابع!

فإن قال منّا قائل غير هذه

أبينا، وقلن: الله راء وسامع

فيا لقريش! قلّدوا الأمر بعضهم،

فإنّ صحيح القول للناس نافع

ولا تبطئوا عنها فواقا فإنّها

إذا قطعت لم يمن فيها المطامع

وقال حسان بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- فيما ذكره ابن سعد:

يا عين جودي بدمع منك إسبال!

ولا تملّنّ من سحّ وإعوال!

لا ينفدن لي بعد اليوم دمعكما،

إنّي مصاب وإنّي لست بالسّالي

فإنّ منعكما من بعد بذلكما

إيّاي مثل الّذي قد غرّ بالآل!

لكن أفيضي على صدري بأربعة،

إنّ الجوانح فيها هاجس صالي

سحّ الشّعيب وماء الغرب يمنحه

ساق يحمّله ساق بإزلال

حامي الحقيقة نسّال الوديقة فكّ

اك العناة، كريم ماجد عال!

ص: 278

على رسول لنا محض ضريبته،

سمح الخليقة، عفّ غير مجهال!

كشّاف مكرمة، مطعام مسغبة،

وهّاب عانية وجناء شملال!

عفّ مكاسبه، جزل مواهبه،

خير البريّة سمح غير نكّال!

واري الزّناد وقوّاد الجياد إلى

يوم الطّراد، إذا شبّت بأجذال

ولا أزكّي على الرّحمن ذا بشر

لكنّ علمك عند الواحد العالي!

إنّي أرى الدّهر والأيام يفجعني

بالصّالحين، وأبقى ناعم البال!

يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت

ذات الإله، فنعم القائد الوالي!

وقال فيما ذكره ابن سعد- رضي الله تعالى عنه-:

يا عين فابكي بدمع ذرى

لخير البريّة والمصطفى!

وبكّي الرّسول! وحقّ البكاء

عليه، لدى الحرب عند اللّقا!

على خير من حملت ناقة،

وأتقى البريّة عند التّقى

على سيّد ماجد جحفل،

وخير الأنام وخير اللها!

له حسب فوق كلّ الأنا

م من هاشم ذلك المرتجى

نخصّ بما كان من فضله،

وكان سراجا لنا في الدّجى!

وكان بشيرا لنا منذرا،

ونورا لنا ضوءه قد أضا

فأنقذنا الله في نوره،

ونجّى برحمته من لظى!

وقالت عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما:

عينيّ، جودا طوال الدّهر وانهمرا

سكبا وسحّا بدمع غير تعذير!

يا عين، فاسحنفري بالدّمع واحتفلي

حتّى الممات بسجل غير منزور

يا عين فانهملي بالدّمع واجتهدي

للمصطفى، دون خلق الله، بالنّور

بمستهلّ من الشّؤبوب ذي سيل،

فقد رزئت نبيّ العدل والخير!

وكنت من حذر للموت مشفقة،

والّذي خطّ من تلك المقادير!

من فقد أزهر ضافي الخلق ذي فخر

صاف من العيب والعاهات والزّور!

فاذهب حميدا! جزاك الله مغفرة،

يوم القيامة، عند النّفخ في الصّور

وقال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه فيما ذكره ابن إسحاق:

بطيبة رسم للرّسول ومعهد

منير وقد تعفو الرّسوم وتهمد

ص: 279

ولا تمتحي الآيات من دار حرمة

بها منبر الهادي الّذي كان يصعد

وواضح آثار وباقي معالم

وربع له فيه مصلّى ومسجد

بها حجرات كان ينزل وسطها

من الله نور يستضاء ويوقد

معارف لم تطمس على العهد آيها

أتاها البلى فالآي منها تجدّد

عرفت بها رسم الرّسول وعهده

وقبرا بها واراه في التّرب ملحد

ظللت بها أبكي الرّسول فأسعدت

عيون ومثلاها من الجفن تسعد

يذكّرن آلاء الرّسول وما أرى

لها محصيا نفسي فنفسي تبلّد

مفجّعة قد شفّها فقد أحمد

فظلّت لآلاء الرّسول تعدّد

وما بلغت من كلّ أمر عشيره

ولكن لنفسي بعد ما قد توجّد

أطالت وقوفا تذرف العين جهدها

على طلل القبر الّذي فيه أحمد

فبوركت يا قبر الرّسول وبوركت

بلاد ثوى فيها الرّشيد المسدّد

وبورك لحد منك ضمّن طيّبا

عليه بناء من صفيح منضّد

تهيل عليه التّرب أيد وأعين

عليه وقد غارت بذلك أسعد

لقد غيّبوا حلما وعلما ورحمة

عشيّة علّوه الثّرى لا يوسّد

وراحوا بحزن ليس فيهم نييّم

وقد وهنت منهم ظهور وأعضد

يبكون من تبكي السّماوات يومه

ومن قد بكته الأرض فالنّاس أكمد

وهل عدلت يوما رزيّة هالك

رزيّة يوم مات فيه محمّد

تقطّع فيه منزل الوحي عنهم

وقد كان ذا نور يغور وينجد

يدلّ على الرّحمن من يقتدى به

وينقذ من هول الخزايا ويرشد

إمامٌ لهم يهديهم الحقّ جاهداً

معلّم صدقٍ إن يطيعوه يسعدوا

عفوٌّ عن الزّلاّت يقبل عذرهم

وإن يحسنوا فالله بالخير أجود

وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله

فمن عنده تيسير ما يتشدّد

فبينا هم في نعمة الله بينهم

دليل به نهج الطّريقة يقصد

عزيز عليه أن يجورا عن الهدى

حريص على أن يستقيموا ويهدوا

عطوفٌ عليهم لا يثني جناحه

إلى كنفٍ يحنو عليهم ويمهد

ص: 280

فبينا هم في ذلك النّور إذ غدا

إلى نورهم سهم من الموت مقصد

فأصبح محموداً إلى الله راجعاً

يبكّيه حقّ المرسلات ويحمد

وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها

لغيبة ما كانت من الوحي تعهد

قفارا سوى معمورة اللّحد ضافها

فقيد يبكّيه بلاط وغرقد

ومسجده فالموحشات لفقده

خلاء له فيه مقام ومقعد

وبالجمرة الكبرى له ثمّ أوحشت

ديار وعرصات وربع ومولد

فبكى رسول الله يا عين عبرة

ولا أعرفنك الدّهر دمعك يجمد

وما لك لا تبكين ذا النّعمة الّتي

على النّاس منها سابغ يتغمّد

فجودي عليه بالدّموع وأعولي

لفقد الّذي لا مثله الدّهر يوجد

وما فقد الماضون مثل محمّد

ولا مثله حتّى القيامة يفقد

أعفّ وأوفى ذمّة بعد ذمّة

وأقرب منه نائلا لا ينكّد

وأبذل منه للطّريف وتالد

إذا ضنّ معطاء بما كان يتلد

وأكرم صيتاً في البيوت إذا انتمى

وأكرم جدّاً أبطحيّاً يسوّد

وأمنع ذروات وأثبت في العلا

دعائم عزّ شاهقات تشيّد

وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا

وعودا غذاه المزن فالعود أغيد

ربّاه وليدا فاستتمّ تمامه

على أكرم الخيرات ربّ ممجّد

تناهت وصاة المسّلمين بكفّه

فلا العلم محبوس ولا الرّأي يفند

أقول ولا يلقى لقولي عائب

من النّاس إلا عازب العقل مبعد

وليس هواي نازعا عن ثنائه

لعلّي به في جنّة الخلد أخلد

مع المصطفى أرجوا بذاك جواره

وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد

وقال حسان بن ثابت أيضا [يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم] :

ما بال عينك لا تنام كأنّما

كحلت مآقيها بكحل الأرمد

جزعاً على المهديّ أصبح ثاوياً

يا خير من وطئ الحصى لا تبعد

وجهي يقيك التّرب لهفي ليتني

غيّبت قبلك في بقيع الغرقد

بأبي وأمي من شهدتّ وفاته

في يوم الاثنين النّبيّ المهتدي

ص: 281

فظللت بعد وفاته متبلّدا

متلدّدا يا ليتني لم أولد

أأقيم بعدك بالمدينة بينهم

يا ليتني صبّحت سمّ الأسود

أو حلّ أمر الله فينا عاجلا

في روحة من يومنا أو من غد

فتقوم ساعتنا فنلقى طيّبا

محضا ضرائبه كريم المحتد

يا بكر آمنة المبارك بكرها

ولدته محصنة بسعد الأسعد

نورا أضاء على البريّة كلّها

من يهد للنّور المبارك يهتدي

يا ربّ فاجمعنا معا ونبيّنا

في جنّة تثني عيون الحسّد

في جنّة الفردوس فاكتبها لنا

يا ذا الجلال وذا العلا والسّؤدد

والله أسمع ما بقيت بهالك

إلّا بكيت على النبيّ محمّدٍ

يا ويح أنصار النّبيّ ورهطه

بعد المغيب في سواء الملحد

ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا

سودا وجوههم كلون الإثمد

ولقد ولدناه وفينا قبره

وفضول نعمته بنا لا تجحد

والله أهداه لنا وهدى به

أنصاره في كل ساعة مشهد

صلّى الإله ومن يحفّ بعرشه

والطيّبون على المبارك أحمد

وقال رضي الله عنه:

نبّ المساكين أنّ الخير فارقهم

مع النّبيّ تولّى عنهم سحرا

من ذا الّذي عنده رحلي وراحلتي

ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا

أم من نعاتب لا نخشى جنادعه

إذا اللّسان عتا في القول أو عثرا

كان الضّياء وكان النّور نتبعه

بعد الإله وكان السّمع والبصرا

فليتنا يوم واروه بملحدة

وغيّبوه وألقوا فوقه المدرا

لم يترك الله منّا بعده أحدا

ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا

ذلّت رقاب بني النّجّار كلّهم

وكان أمرا من أمر الله قد قدرا

واقتسم الفيء دون النّاس كلّهم

وبدّدوه جهارا بينهم هدرا

وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله- صلى الله عليه وسلم أيضا:

آليت ما في جميع النّاس مجتهدا

منّي أليّة برّ غير إفناد

ص: 282

تالله، ما حملت أنثى ولا وضعت

مثل الرّسول نبيّ الأمّة الهادي

ولا برا الله خلقا من بريّته

أوفى بذمّة جار أو بميعاد

من الّذي كان فينا يستضاء به

مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد

أمسى نساؤك عطّلن البيوت فما

يضربن فوق قفا ستر بأوتاد

مثل الرّواهب يلبسن المباذل قد

أيقنّ بالبؤس بعد النّعمة البادي

يا أفضل النّاس إنّي كنت في نهر

أصبحت منه كمثل المفرد الصّادي

وقال أيضاً- رضي الله تعالى عنه-:

أن الرّزيّة لا رزيّة مثلها

ميت بطيبة مثله لم يفقد

ولقد أصيب جميع أمّته به

من كان مولودا، ومن لم يولد

والنّاس كلّهم بما قد عالهم

يرجو شفاعته بذاك المشهد

حتّى الخليل أبوه في أشياعه

ونجيّه موسى النّبيّ المهتدي

متواضعين لربّهم برقابهم

تلك الفضيلة، واجتماع السّؤدد

يا خير من شدّ المطيّة نحوه

وفد لحاجته يروح ويغتدي

أنت الّذي استنقذتنا من حفرة

من يهو فيها من هواه يبعد

فهديتنا بعد الضّلالة والرّدى

بهدى الإله إلى السّبيل الأرشد

فجزاك عنّا الله خير جزائه

بمقام محمود المقام مسدّد

وقالت عاتكة بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:

يا عين، جودي- ما بقيت- بعبرة

سحّا على خير البريّة أحمد

يا عين، فاحتفلي وسحّي واسجمي

وابكي على نور البلاد محمّد!

أنّى، لك الويلات! مثل محمّد

في كلّ نائبة تنوب ومشهد؟

فابكي المبارك والموفّق ذا التّقى،

حامي الحقيقة ذا الرّشاد المرشد

من ذا يفكّ عن المغلّل غلّه

بعد المغيّب في الضّريح الملحد؟

أم من لكلّ مدفّع ذي حاجة،

ومسلسل يشكو الحديد مقيّد؟

أم من لوحي الله يترك بيننا

في كلّ ممسى ليلة أو في غد؟

فعليك رحمة ربّنا وسلامه،

يا ذا الفواضل والنّدى والسّودد!

ص: 283

هلّا فداك الموت كلّ ملعّن

شكس خلائقه لئيم المحتد؟

وقالت أيضاً- رضي الله تعالى عنها-:

أعينيّ، جودا بالدّموع السّواجم

على المصطفى بالنّور من آل هاشمٍ

على المصطفى بالحقّ والنّور والهدى

وبالرّشد بعد المندبات العظائم

وسحّا عليه وابكيا، ما بكيتما،

على المرتضى للمحكمات العزائم

على المرتضى للبرّ والعدل والتّقى،

وللدّين والإسلام بعد المظالم

على الطّاهر الميمون ذي الحلم والنّدى

وذي الفضل والدّاعي لخير التّراحم

أعينيّ، ماذا، بعد ما قد فجعتما

به، تبكيان الدّهر من ولد آدم؟

فجودا بسجل واندبا كل شارق

ربيع اليتامى في السّنين البوازم!

وقالت أروى بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:

ألا يا عين! ويحك أسعديني

بدمعك، ما بقيت، وطاوعيني

ألا يا عين ويحك! واستهلّي

على نور البلاد وأسعديني!

فإن عذلتك عاذلة فقولي:

علام وفيم، ويحك! تعذليني؟

على نور البلاد معا جميعا

رسول الله أحمد فاتركيني

فإلّا تقصري بالعذل عنّي،

فلومي ما بدا لك أو دعيني!

لأمر هدّني وأذلّ ركني،

وشيّب بعد جدّتها قروني!

وقالت أيضاً- رضي الله تعالى عنها-:

إلا يا رسول الله، كنت رجاءنا،

وكنت بنا برّا ولم تك جافيا!

وكنت بنا روفا رحيما نبيّنا،

ليبك عليك اليوم من كان باكيا!

لعمرك، ما أبكي النّبي لموته!

ولكن لهرج كان بعدك آتيا

كأنّ على قلبي لذكر محمّد،

وما خفت من بعد النّبيّ المكاويا

أفاطم، صلّى الله، ربّ محمّد،

على جدث أمسى بيثرب ثاويا!

أبا حسن، فارقته وتركته،

فبكّ بحزن آخر الدّهر شاجيا!

فدا لرسول الله أمّي وخالتي

وعمّي ونفسي قصرة ثمّ خاليا

صبرت وبلّغت الرّسالة صادقا،

وقمت صليب الدّين أبلج صافيا!

ص: 284

فلو أنّ ربّ النّاس أبقاك بيننا

سعدنا، ولكن أمرنا كان ماضيا!

عليك من الله السّلام تحيّة،

وأدخلت جنّات من العدن راضيا!

وقال كعب بن مالك- رضي الله تعالى عنه-:

وباكية حرّاء تحزن بالبكا

وتلطم منها خدّها والمقلّدا

على هالك بعد النّبيّ محمّد

ولو علمت لم تبك إلّا محمّدا

فجعنا بخير النّاس حيّا وميّتا

وأدناه من ربّ البريّة مقعدا

وأفظعهم فقدا على كل مسلم

وأعظمهم في النّاس كلّهم يدا

لقد ورثت أخلاقه المجد والثّقى

فلم تلقه إلّا رشيدا ومرشدا

وقالت صفية بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:

لهف نفسي! وبتّ كالمسلوب

آرق اللّيل فعلة المحروب!

من هموم وحسرة ردفتني،

ليت أنّي سقيتها بشعوب!

حين قالوا: إنّ الرّسول قد امسى

وافقته منيّة المكتوب!

إذ رأينا أنّ النّبيّ صريع،

فأشاب القذال أيّ مشيب

إذ رأينا بيوته موحشات،

ليس فيهنّ بعد عيش حبيبي

أورث القلب ذاك حزنا طويلا،

خالط القلب، فهو كالمرعوب

ليت شعري! وكيف أمسي صحيحا

بعد أن بين بالرّسول القريب؟

أعظم الناس في البريّة حقّا،

سيّد النّاس حبّه في القلوب

فإلى الله ذاك أشكوا وحسبي،

يعلم الله حوبتي ونحيبي!

وقالت أيضاً- رضي الله تعالى عنها-:

أفاطم، بكّي ولا تسأمي

بصبحك، ما طلع الكوكب!

هو المرء يبكى، وحقّ البكاء!

هو الماجد السّيّد الطّيّب!

فأوحشت الأرض من فقده،

وأيّ البريّة لا ينكب؟

فما لي بعدك حتّى المما

ت إلّا الجوى الدّاخل المنصب

فبكّي الرّسول! وحقّت له

شهود المدينة والغيّب!

لتبكيك شمطاء مضرورة،

إذا حجب النّاس لا تحجب

ص: 285

ليبكيك شيخ أبو ولدة

يطوف بعقوته أشهب

ويبكيك ركب إذا أرملوا،

فلم يلف ما طلب الطّلّب

وتبكي الأباطح من فقده،

وتبكيه مكّة والأخشب

وتبكي وعيرة من فقده

بحزن ويسعدها الميثب!

فعيني ما لك لا تدمعين؟

وحقّ لدمعك يستكب!

وقالت صفية بنت عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:

ما لعينيّ لا تجودان ريّا

إذ فقدنا خير البريّة حيّا

يوم نادى إلى الصّلاة بلال

فبكينا عند النّداء مليّا

لم أجد قبلها، ولست بلاق

بعدها غصّة أمرّ عليّا

جلّ يوم أصبحت فيه عليلا

لا يردّ الجواب منك إليّا

ليت يومي يكون قبلك يوما

أنضج القلب للحرارة كيّا

خلقا عاليا، ودينا كريما

وصراطا يهدى إليه سويّا

وسراجا يجلو الظّلام منيرا

ونبيّا مسدّدا عربيّا

حازما، عازما، حليما، كريما

عائدا بالنّوال، برّا تقيّا

إنّ يوما أتى عليك ليوم

كوّرت شمسه وكانت جليّا

فعليك السّلام منّا ومن

ربّك بالرّوح بكرة وعشيّا

وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب- رضي الله تعالى عنها-:

[أشاب ذؤابتي وأذلّ ركني

بكاؤك، فاطم، الميت الفقيدا

فأعطيت العطاء فلم تكدّر،

وأخدمت الولائد والعبيدا

وكنت ملاذنا في كلّ لزب،

إذا هبّت شامية برودا]

وإنّك خير من ركب المطايا،

وأكرمهم إذا نسبوا جدودا!

[رسول الله فارقنا، وكنّا

نرجّي أن يكون لنا خلودا]

أفاطم! فاصبري فلقد أصابت

رزيئتك التّهائم والنّجودا

وأهل البرّ والأبحار طرّا،

فلم تخطئ مصيبته وحيدا

وكان الخير يصبح في ذراه،

سعيد الجدّ قد ولد السّعودا!

فموتي إن قدرتي أن تموتي

فقدتّ الطّيّب الرّجل الحميدا

ص: 286

رسول الله خير النّاس حقّا

فلست أرى له أبدا مديدا

وقال عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه-:

ما زالت مذ وضع الفراش لجنبه

وثوى مريضا خائفا أتوقّع

شفقا عليه أن يزول مكانه

عنّا، فنبقى بعده نتوجّع

نفسي فداؤك من لنا في أمرنا

أو من نشاوره إذا فترجّع

وإذا تحدّثنا الحوادث: من لنا

بالوحي من ربّ رحيم يسمع

ليت السّماء تفطّرت أكنافها

وتناثرت فيها النّجوم الطّلّع

لمّا رأيت النّاس هدّ جميعهم

صوت ينادي بالنّعيّ فيسمع

وسمعت صوتا قبل ذلك هدّني

عبّاس ينعاه بصوت يقطع

فليبكه أهل المدائن كلّها

والمسلمون بكلّ أرض تجدع

وقال علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه-:

ألا طرق النّاعي بليل فراعني

وأرّقني لمّا استهلّ مناديا

فقلت له لمّا رأيت الّذي أتى

أغير رسول الله أصبحت ناعيا

فحقّق ما أشفيت منه ولم يبل

وكان خليلي عدّتي وجماليا

فو الله، لا أنساك أحمد ما مشت

بي العيس في أرض وجاوزت واديا

وكنت متى أهبط من الأرض تلعة

أجد أثرا منه جديدا وعافيا

جواد تشظّى الخيل عنه كأنّما

يرين به ليثا عليهنّ ضاريا

من الأسد قد أحمي العرين مهابة

تفادى سباع الأرض منه تفاديا

شديد جريّ النّفس نهد مصدّر

هو الموت مغدوّ عليه وغاديا

[ (1) ]

[ (1) ] ومن مراثيه صلى الله عليه وسلم.

قال حسان رضي الله تعالى عنه:

إن الرزية لا رزية مثلها

ميت بطيبة مثله لم يفقد

ميت بطيبة أشرقت لحياته

ظلم الحياة لمتهم أو منجد

والكوكب الدري أصبح آفلا

بالنور بعد تبلج وتصعد

لله ما ضمنت حفيرة قبره

منه، وما فقدت سوارى المسجد

وقال حسان:

يا لهف نفسي عليه حين ضمنه

بطن الضريح علي وابن عباس

ص: 287

_________

[ () ]

مادت بي الأرض حتى كدت أدخلها

بعد النبي رسول الله والآسي

وقال حسان:

متى يبد في الداجي إليهم جبينه

يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو من يكون كأحمد

نظام لحق أو نكال لملحد

وقال حسان:

كنت السواد الناظري

فعمى عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر

وقالت فاطمة الزهراء رضي الله عنها ترثى أباها صلى الله عليه وسلم:

لقد سال دمع العين من بعد حسرتي

على صحن خدي من فراق أحبتي

وقد تركوني باكى العين اشتكى

فراقهم دوما وقلة حيلتي

فبت على فرش السقام مسهدا

أراعي نجوم الليل من عظم بلوتي

وقد أورثوني حسرة لفراقهم

ونيران وجد في جوانب مهجتي

وقد سكنوا تحت التراب وأقفرت

منازلهم من بعد حسن وبهجة

أحباي إن البعد والسقم والنوى

لقد غيرت لوني وجسمي وصحتي

فيا رب بلغني المرام بنظرة

إليه لتطفي نار حزني ووحشتي

وأرمق نورا للحبيب محمد

إمام البرايا خير كل الخليقة

وأشكو إليه الوجد والسقم والجوى

ليرثي لحالي في الهوى وصبابتي

وأنشده يا خير من وطئ الثرى

ويا خير مرسول إلى خير أمة

بحقك كن لي في معادي شافعا

فأنت غياثي في أماني وشدتي

عليك صلاة الله ثم سلامه

مدى الدهر، ما غنّى الحمام بروضة

وقالت فاطمة:

قل صبري، وبان عني عزائي

بعد فقدي لخاتم الأنبياء

عين يا عين اسكبي الدمع سحا

ويك لا تبخلي بفيض الدماء

يا رسول الإله، يا خيرة الله

وكهف الأيتام والضعفاء

قد بكتك الجبال والوحش جمعا

والطير والأرض بعد بكى السماء

وبكاك الحجون والركن والمش

عر يا سيدي مع البطحاء

وبكاك المحراب والدرس للقرا

ن في الصبح معلنا والمساء

وبكاك الإسلام إذ صار في

الناس غريبا عن سائر الغرباء

لو ترى المنبر الذي كنت تعلو

هـ، علاه الظلام بعد الضياء

يا إلهي عجل وفاتي سريعا

فلقد نغص الحياة يا مولائي

وقالت فاطمة:

قد كنت لي جبلا ألوذ بظله

فاليوم تسلمني لأجر ضاح

قد كنت جار حميتي ما عشت لي

واليوم بعدك من يريش جناحي

وأغض من طرفي وأعلم أنه

قد مات خير فوارسي وسلاحي

حضرت منيته فأسلمني العزا

وتمكنت ريب المنون جواحي

نشر الغراب على ريش جناحه

فظللت بين سيوفه ورماح

إني لأعجب من يروح ويغتدي

والموت بين بكوره ورواح

فاليوم أخضع للدليل وأنقى

ذلي، وأدفع ظالمي بالراح

وإذا بكت قمرية شجنا به

ليلا على غصن بكيت صباحي

ص: 288

_________

[ () ]

فالله صبرني على ما حل بي

مات النبي، قد انطفى مصباحي

وقالت الزهراء:

قل للمغيب تحت أطباق الثرى

إن كنت تسمع صرختي وندائيا

صبت علي مصائب لو أنها

صبت على الأيام صرن لياليا

قد كنت ذات حمى لظل محمد

لا أخشى من ضيم، وكان جماليا

فاليوم أخشع للذليل وأتقي

ضيمي، وأدفع ظالمي بردائيا

فإذا بكت قمرية في ليلها

شجنا على غصن بكيت صباحيا

فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي

ولأجعلن الدمع فيك وشاحيا

ماذا على من شم تربة أحمد

أن لا يشم مدى الزمان غواليا

وقالت فاطمة الزهراء:

أغبر آفاق السماء وكورت

شمس النهار، وأظلم العصران

فالأرض من بعد النبي كئيبة

أسفا عليه، كثيرة الرجفان

فليبكه شرق البلاد وغربها

ولتبكه مضر، وكل يمان

وليبكه الطود المعظم جوده

والبيت ذو الأستار والأركان

يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه

صلى عليك منزل القرآن

نفسي فداؤك، ما لرأسك مائلا

ما وسدوك وسادة الوسنان

وقالت الزهراء:

إذا مات قرم قل والله ذكره

وذكر أبي مذ مات والله أزيد

تذكرت لما فرّق الموت بيننا

فعزيت نفسي بالنبي محمد

فقلت لها: إن الممات سبيلنا

ومن لم يمت في يومه مات في غد

وقالت الزهراء:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لما نعيت وحالت دونك الكتب

وقالت فاطمة:

ماذا على من شم تربة أحمد

أن لم يشم مدى الزمان الغواليا

صبت علي مصائب لو أنها

صبت على الأيام عدن لياليا

وقالت الزهراء:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

إذ غاب مذ غبت عنا الوحي والكتب

وزاد جرمي بعد أبي العلاء بيتا ثالثا روي بروايتين:

واختل لقومك لما غبت وانقلبوا

لما قضيت، وحالت دونك الكثب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لما قضيت، وحالت دونك الكثب

وقد أورد بعضهم بعد البيتين الأولين:

أبدى رجال لنا نجوى صدورهم

لما مضيت، وحالت دونك الترب

تجهمتنا أناس، واستخف بنا

لما فقدت، وكل الإرث مغتصب

وكنت بدرا ونورا يستضاء به

عليك تنزل من ذي العزة الكتب

وكان جبريل بالآيات يؤنسنا

وإذ فقدت فكل الخير محتجب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لما مضيت وحالت دونك الكثب

انا رزينا بما لم يرز ذو شجن

من البرية، لا عجم ولا عرب

ص: 289

_________

[ () ] وقالت فاطمة:

إن حزني عليك حزن جديد

وفؤادي والله صب عنيد

كل يوم يزيد فيه شجوني

واكتئابي عليك ليس يبيد

جل خطبي، وبان عني عزائي

فبكائي كل وقت جديد

إن قلبا عليك يألف صبرا

أو عزاء إنه لجليد

وقالت فاطمة الزهراء:

أبي وا أبتاه أجاب ربا دعاه

جنة الفردوس مأواه من ربه ما أدنا

إلى جبرئيل ننعاه

وقالت فاطمة:

إذا اشتد شوقي رزت قبرك باكيا

أنوح وأشكو لا أراك مجاوبي

فيا ساكن الصحراء علمتني البكا

وذكرك أنساني جميع المصائب

فإن كنت عني في التراب مغيبا

فما كنت من قلب الحزن بغائب

وقالت صفية بنت عبد المطلب (عمة الرسول) ترثيه:

أفاطم بكي ولا تسأمي

بصبحك ما طلع الكوكب

هو المرء يبكي وحق البكا

هو الماجد السيد الطيب

فأوحشت الأرض من فقده

وأي البرية لا ينكب

فما لي بعدك حتى المما

ت إلا الجوى الداخل المنصب

فبكي الرسول وحقت له

شهود المدينة والغيب

لتبكيك شمطاء مضرورة

إذا حجب الناس لا تحجب

ليبكيك شيخ أبو ولدة

يطوف بعقوته أشهب

ويبكيك ركب إذا أرملوا

فلم يلف ما طلب الطلب

وتبكي الأباطح من فقده

وتبكيه مكة والأخشب

وتبكي وعيرة من فقده

بحزن، ويسعدها الميثب

فعيني ما لك لا تدمع

ين وحق لدمعك يستسكب

وقال سالم بن زهير المحاربي

أفاطم بكي ولا تسأمي

فقد فاتك الماجد الطيب

جوى حل بين الحشا والشغا

ف، فخيم فيه فلا يذهب

فيا عين ويحك لا تهجعي

وما بال دمعك لا يسكب

فمن ذا- لك الويل- بعد الرسو

ل، يبكي من الناس أو يندب

وقال عبد الله بن سلمة الهمداني:

أنشد معترفا للمهاجرين بفضل هجرتهم، وللأنصار بفضل نصرتهم مشاركا لهما في رثاء النبي- صلى الله عليه وسلم، فقال:

إن فقد النبي جزعنا اليو

م فدته الأسماع والأبصار

ما أصيبت به الغداة قريش

لا، ولا أفردت به الأنصار

فعليه السلام ما هبت الري

ح، ومدت جنح للظلام نوار

وقال علي بن أبي طالب

أمن بعد تكفين النبي ودفنه

نعيش بآلاء ونجنح للسلوى

رزئنا رسول الله حقا فلن نرى

بذاك عديلا ما حيينا من الردى

ص: 290

_________

[ () ]

وكنت لنا كالحصن من دون أهله

له معقل حرز حريز من العدى

وكنا بمرآكم نرى النور والهدى

صباح مساء، راح فينا أو اغتدى

لقد غشيتنا ظلمة بعد فقدكم

نهارا وقد زادت على ظلمة الدجى

فيا خير من ضم الجوانح والحشا

ويا خير ميت ضمه الترب والثرى

كأن أمور الناس بعدك ضمنت

سفينة موج حين في البحر قد سما

وضاق فضاء الأرض عنا برحبه

لفقد رسول الله إذ قيل قد مضى

فقد نزلت بالمسلمين مصيبة

كصدع الصفا، لا شعب للصدع في الصفا

فلن يستقل الناس ما حل فيهم

ولن يجبر العظم الذي منهم وهي

وفي كل وقت للصلاة يهيجها

بلال، ويدعو باسمه كلها دعا

ويطلب أقوام موارث هالك

وفينا مواريث النبوة والهدى

وقال الإمام علي:

أمن بعد تكفين النبي ودفنه

بأثوابه آسى على هالك ثوى

رزئنا رسول الله فينا فلن نرى

بذاك عديلا ما حيينا من الورى

وكان لنا كالحصن من دون أهله

لهم معقل حرز حريز من العدى

وكنا به شم الأنوف بنحوه

على موضع لا يستطاع ولا يرى

فيا خير من ضم الجوانح والحشا

ويا خير ميت ضمه الترب والثرى

كأن أمور الناس بعدك ضمنت

سفينة موج البحر، والبحر قد طمى

وضاق فضاء الأرض عنهم برحبه

لفقد رسول الله إذ قيل قد قضى

فيا حزنا إنا رأينا نبينا

على حين تم الدين واشتدت القوى

وكان الألى شبهته سفر ليلة

أضل الهدى لا نجم فيها ولا ضوى

وقالت أم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم:

فجعنا بالنبي، وكان فينا

إمام كرامة، نعم الإمام

وكان قوامنا، والرأس منا

فنحن اليوم ليس لنا قوام

ننوح ونشتكي ما قد لقينا

ويشكو فقدك البلد الحرام

فلا تبعد، فكل فتى كريم

سيدركه- وإن كره- الحمام

وقال كعب:

ألا أنعي النبي إلى العالمينا

جميعا لا سيما المسلمينا

ألا أنعى النبي لأصحابه

وأصحاب أصحابه التابعينا

ألا أنعي النبي إلى من هدى

من الجن ليلة إذ تسمعونا

لفقد النبي إمام الهدى

وفقد الملائكة المنزلينا

وقال سواد بن قارب الدوسي:

جلت مصيبتك الغداة سواد

وأرى المصيبة بعدها تزداد

أبقى لنا فقد النبي محمد

صلى الإله عليه ما يعتاد

ص: 291

_________

[ () ]

حزنا لعمرك في الفؤاد مخامرا

أم هل لمن فقد النبي فؤاد؟

كنا نحل به جنابا ممرعا

جف الجناب، فأجدب الرواد

فبكت عليه أرضنا وسماؤنا

وتصدعت وجدا به الأكباد

قل المتاع به وكان عيانه

حلما تضمن سكرتيه رقاد

إن العيان هو الطريف وحزنه

باق لعمرك في الفؤاد تلاد

إن للنبي وفاته كحياته

الحق حق والجهاد جهاد

لو قيل تفدون النبي محمدا

بدلت له الأموال والأولاد

وتسارعت فيه النفوس ببدلها

هذا له الأغياب والأشهاد

هذا وهذا لا يرد نبينا

لو كان يفديه سواد

إني أحاذر والحوادث جمة

أمرا لعاصف ريحه إرعاد

إن جل منه ما يخاف فأنتمو

للأرض إن رجفت بنا أوتاد

لو زاد قوم فوق منية صاحب

زدتم، وليس لمنية مزداد

وقال عبد الله بن مالك الأرحبي:

لعمري لئن مات النبي محمد

لما مات يا بن القبل رب محمد

دعاه إليه ربه فأجابه

يا خير غورى ويا خير منجد

وقال عامر بن الطفيل الأزدي:

بكت الأرض والسماء على النو

ر الذي كان للعباد سراجا

من هدينا به سبل الحق

وكنا لا نعرف المنهاجا

وقال مران ذي عمير بن أبي مران الهمداني:

إن حزني على الرسول طويل

ذاك مني على الرسول قليل

بكت الأرض والسماء عليه

وبكاه خديمه جبريل

وقال أبو الهيثم بن التيهان:

لقد جدعنا آذاننا وأنوفنا

غداة فجعنا بالنبي محمد

وقال أبو ذؤيب الهذلي:

لما رأيت الناس في عسلاتهم

ما بين ملحود له ومضرح

متبادرين لشرجع بأكفهم

نص الرقاب لفقد أبيض أروح

فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت

جار الهموم يبيت غير مروح

كسفت لمصرعه النجوم وبدرها

وتضعضعت آطام بطن الأبطح

وتزعزعت أجبال يثرب كلها

ونخيلها لحلول خطب مفدح

ولقد زجرت الطير قبل وفاته

بمصابه، وزجرت سعد الأذبح

وزجرت أن نعب المشحج سائحا

متفائلا فيه بفأل أقبح

وقال عمر الفاروق:

لعمري لقد أيقنت أنك هالك

ولكنهما أبدي الذي قلته الجزع

ص: 292

_________

[ () ]

وقلت يغيب الوحي عنا لفقده

كما غاب موسى، ثم يرجع كما رجع (كذا)

وكان هواي أن تطول حياته

وليس لحي في بقا ميت طمع

فلما كشفنا البرد عن حر وجهه

إذا الأمر بالجزع الموعب قد وقع

فلم تك لي عند المصيبة حيلة

أرد بها أهل الشماتة والقذع

سوى آذن الله الذي في كتابه

وما آذن الله العباد به يقع

وقد قلت من بعد المقالة قولة

لها حلوق الشامتين به بشع

إلا إنما كان النبي محمد

إلى أجل وافى به الموت فانقطع

ندين على العلات منا بدينه

ونعطي الذي عطى ونمنع ما منع

ووليت محزونا بعين سخينة

أكفكف دمعي والفؤاد قد انصدع

وقلت لعيني كل دمع دخرته

فجودي به إن الشجي له دفع

وقال الصديق:

باتت تأويني هموم حشد

مثل الصخور، فأمست هدت الجسدا

يا ليتني حيث نبئت الغداة به

قالوا: الرسول قد أمسى ميتا، فقدا

ليت القيامة قامت بعد مهلكه

ولا نرى بعده مالا ولا ولدا

والله أثنى على شيء فجعت به

من البرية حتى أدخل اللحدا

كم لي بعدك من هم ينصبني

إذا تذكرت أني لا أراك أبدا

كان المصفاء في الأخلاق قد علموا

وفي العفاف. فلم نعدل به أحدا

نفسي فداؤك من ميت ومن بدن

ما أطيب الذكر، والأخلاق، والجسدا

وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية:

أمست مراكبه أوحشت

وقد كان يركبها زينها

وأمست تبكي على سيد

تردد عبرتها عينها

وأمست نساؤك ما تستفي

ق، من الحزن يعتادها دينها

وأمست شواحب مثل النصا

ل، قد عطلت، وكبا لونها

يعالجن حزنا بعيد الذها

ب، وفي الصدر مكتنع حينها

يضربن بالكف حر الوجو

هـ، على مثله جادها شونها

هو الفاضل السيد المصطفى

على الحق مجتمع دينها

فكيف حياتي بعد الرسو

ل، وقد حان من ميتة حينها

وقالت هند بنت الحارث بن عبد المطلب:

يا عين جودي بدمع منك وابتدري

كما تنزل ماء الغيث فانثعبا

أو فيض غرب على عادية طويت

في جدول خرق بالماء قد سربا

لقد أتتني من الأنباء معضلة

أن ابن آمنة المأمون قد ذهبا

أن المبارك والميمون في جدث

قد ألحفوه تراب الأرض والحدبا

أليس أوسطكم بيتا، وأكرمكم

خالا وعما، كريما ليس مؤتشبا

ص: 293