الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عبد بن حميد والبزار في مسنديهما، وعبد الرزاق في جامعه، وابن أبي عاصم في الصلاة له، والتيمي في الترغيب والطبراني والبيهقي في الشعب والضياء، وأبو نعيم في الحلية، كلهم من طريق موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف- والحديث غريب، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوني كقدح الرّاكب» ، قيل: وما قدح الرّاكب، قال: إنّ المسافر إذا فرغ من حاجته صبّ في قدحه ماء، فإن كان له إليه حاجة توضّأ منه أو شرب وإلّا أهراقه قال:«اجعلوني في أوّل الدّعاء ووسطه وآخره» .
وروى عبد الرزاق والطبراني في الكبير- برجال الصحيح- عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: إذا أراد أحدكم أن يسأل الله فليبدأ بمدحه والثّناء عليه بما هو أهله، ثم ليصلّ على النبي- صلى الله عليه وسلم، ثم ليسأل الله بعد، فإنّه أجدر أن ينجح أو يصيب» .
وروى النسائي وأبو القاسم بن بشكوال عن عبد الله بن بشر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «الدّعاء كلّه محجوب حتّى يكون أوّله ثناء على الله- عز وجل وصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم ثم يدعو فيستجاب له دعاؤه» .
وروى الدّيلمي في مسند الفردوس، عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم: «كلّ دعاء محجوب حتّى يصلّى على النبي- صلى الله عليه وسلم» .
الثامن: عند طنين الآذان
.
روى الطبراني، وابن عدي، وابن السني في اليوم والليلة، وابن أبي عاصم وأبو موسى بسند ضعيف، عن أبي رافع مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إذا طنّت آذان أحدكم فليصلّ على النبي- صلى الله عليه وسلم وليقل ذكر الله بخير من ذكرني» .
وفي رواية بعضهم: «ذكر الله من ذكرني بخير» .
تنبيهات
الأوّل: الحكمة في أمره- عليه الصلاة والسلام بالإكثار من الصّلاة عليه في يوم الجمعة، لأنه أفضل أيام الأسبوع، ووصفه بالأزهر، ووصف ليلته بالزّهراء لكثرة الملائكة فيها، وهم نور، أو لخصوصيتها بنجل خاص، وفيه شرع الغسل والصّلاة الخاصة، وخصّه تعالى من دون سائر الأيّام بقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9] ولما كان- صلى الله عليه وسلم سيد الأنام، ويوم الجمعة سيّد الأيام، كانت للصلاة عليه فيه مزيّة ليست لغيره، مع لطيفة اخرى، وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة، إنما نالته على- يديه- صلى الله عليه وسلم فجمع الله لأمته خيرى الدنيا والآخرة، وأعظم
كرامة تحصل لهم إنما تحصل لهم يوم الجمعة، وهو بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنّة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو عيد لهم في الدنيا، وهذا كله عرفوه وحصل لهم بسببه- صلى الله عليه وسلم وعلى يده، فمن حمده وشكره وأداء القليل من حقّه- صلوات الله وسلامه عليه- أن يكثر عليه من الصلاة في هذا اليوم وليلته» .
الثاني: إن قيل: ما الحكمة في
قوله «إنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء»
والبلاغ بعد الموت لا تعلّق له بالأجساد والأرواح؟
قيل: لما كان البيان لكلام ما اختص به بعد الموت من البلاغ أردفه بيان خصوصية أخرى له ولغيره من الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم-، وهي أن الأرض لا تأكل أجسادهم.
الثالث: قوله «ربّ هذه الدّعوة» أي: صاحبها الذي يشرعها.
وقوله: «التّامّة» قال التوربشتي: إنما وصفها بالتّمام، لأنها ذكر الله تعالى، يدعى بها إلى عبادة، وهذه الأشياء وما والاها هي التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سوى ذلك من أمور الدنيا بمعرض النقص والفساد، ويحتمل أنها وصفت بالتمام، لكونها محميّة عن النّسخ والإبدال، باقية إلى يوم التناد.
وقال بعضهم: معنى أنها تامة: أنها جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على ترغيبه في العقليات والسمعيات، لما فيه من إثبات التنزيه، والتوحيد، ونفي الشرك، وإثبات النبوة والرسالة، والدعاء إلى العبادات والصلاح.
وفيها إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء.
وقوله: «الصّلاة القائمة» أي الدائمة التي لا تغيّرها ملة ولا تنسخها شريعة.
وقوله: «الوسيلة» أي: بالقرب، وسبب الوصول إلى أبلغية، وتوسّل الرجل إذا طلب الدّنوّ، وتطلق على المنزلة العلية كما
قال- عليه الصلاة والسلام: «فإنّها منزلة من الجنّة» .
وقوله: «لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله»
أي: مختص بها دون غيره، وذكرها بلفظ الرجاء، وإن كان ذلك له قطعا أدبا وإرشادا، أو تعظيما لأمته وتذكيرا بالخوف، وتفويضا إلى الله تعالى بحسب مشيئته، ليكون الطالب للشّيء بين الرجاء والخوف.
وفي رواية: سؤله، وهي بسين مهملة مضمومة فهمزة ساكنة- أي حاجته وهو ما يسأله الشخص، والمراد الشفاعة العظمى والدرجة العالية، والمقام المحمود، والحوض المورود، ولواء الحمد، ودخول الجنة قبل الخلائق إلى غير ذلك، بما أعد الله له من الكرامة في ذلك اليوم.
«والفضيلة» معناها ظاهر.
وقوله: «والمقام المحمود الّذي وعدته»
أي بقوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً
مَحْمُوداً [الإسراء: 79] و «عسى» «ولعلّ» من الله تعالى للتحقيق والوقوع، وقد اختلفت في تفسير المقام المحمود.
فقيل: هو شهادته لأمته.
وقيل: لواء الحمد يوم القيامة.
وقيل: هو أن يجلسه الله على الكرسيّ.
وقيل: الشفاعة، إذ هو مقام يحمده فيه الأولون والآخرون، وسيأتي لهذا مزيد بيان في أبواب بعثه وحشره إن شاء الله تعالى.
وقوله: «حلّت» أي: وجبت، كما في بعض الروايات، أو نزلت وليست من الحلّ، لأنّ الشفاعة لم تكن محرمة قبل ذلك، واللام في «له» بمعنى «على» كما في الرواية الأخرى.
وقوله «أو في قوله» كنت له شهيدا أو شفيعا ليست للشّكّ لتظافر جماعة من الصحابة على روايتها كذلك، ويبعد اتفاقهم على الشك، وهي إما للتقسيم فيكون شهيدا لبعض وشفيعا للمنافقين، أو شفيعا للعاصين وشهيدا للطائعين، أو شهيدا لمن مات في حياته شفيعا لمن مات بعده أو غير ذلك، وإما أن تكون بمعنى «الواو» فيكون شهيدا وشفيعا.
الرّابع: إن قيل: ما السر في تخصيص ذكر الرحمة عند دخول المسجد والفضل عند الخروج؟
قيل: لأن من دخل اشتغل بما يزلفه إلى الله تعالى وإلى ثوابه وجنّته، فناسب أن يذكر الرّحمة، وإذا خرج انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله من الرّزق الحلال، فناسب الفضل، كما قال تعالى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:
10] .
قال في شرح المشكاة: وفي هذا الدعاء عند دخول المسجد استلواح أنّه من دواعي فتح أبواب الرحمة من الله تعالى لداخل المسجد. قوله: «أرمت» - بفتح الهمزة والراء وسكون الميم مخففا- بوزن ضربت أصله أرممت أي: صرت رميما، فحذفوا إحدى الميمين وهي لغة لبعض العرب كما قالوا: ظلت أفعل أي ظللت، والرّميم والرّمّة العظام البالية، قاله الخطّابيّ.
وقال المنذريّ: وروى أرمت بضم الهمزة وكسر الراء.
وقال غيره: إنما هو أرمّت بفتح الراء والميم المشددة وإسكان التاء، أي: أرمّت العظام.