الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الانهضام والرّطوبة للفضلة واللزوجة، وكذا لحم المقدم أجود وأرطب من لحم العجز وما والاها، والعضد والذراع وغيره من الأطراف يسهل الطبيعة، وينفع من السّعال المتولّد من الحرارة.
والأحمر من لحم الظّهر كثير الغذاء.
وأطيب ما في الأرانب المتن والأركان، وأجود ما يؤكل من الأرنب مشويّا يبسان.
ولحم الدّجاج يولّد دما جيّدا، ويزيد في المنيّ، وقد أكله- عليه الصلاة والسلام كما رواه أبو نعيم- في الطب.
ولحم الطّيور الجبليّة شديدة الإسخان تولّد دما سوداويّا، وقد أكل- عليه الصلاة والسلام لحم حبارى، رواه أبو نعيم في الطب ولحم القبج مسكّن للبطن قويّ الإغذاء، وهو الحجل.
وقد أهدي إليه- عليه الصلاة والسلام حجل مشويّ فجبذه وصاغه، فقال:«اللهم، ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا، فدخل علي- رضي الله تعالى عنه-» [ (1) ] رواه أبو نعيم- في الطب-.
ولحم العصافير حارّة تهيّج الباءة.
وإذا أديم أكل لحم الضّبّ سخن البدن، ويتعالج بأكله للسّمنة.
والجراد إذا أديم أكله هزل البدن، وأحمد ما أكل منه ما قلي وجفّف.
تنبيهات
الأوّل: الأمراض نوعان:
أمراض مادّيّة: تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتّى أخّرت أفعاله الطبيعيّة، وهي الأمراض الأكثرية، وسببها: إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأوّل، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النّفع البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التّراكيب المتنوّعة، وإملاء الآدمي بطنه من هذه الأغذية، واعتياده ذلك، أورثته أمراضا متنوّعة، فإذا توسّط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلا في كميته وكيفيّته، كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.
ومراتب الغذاء ثلاث:
[ (1) ] أخرجه الحاكم 3/ 130.
أحدها: مرتبة الحاجة.
والثانية: مرتبة الكفاية.
والثالثة: مرتبة الفضلة، فأخبر النبي- صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوّته، ولا تضعف معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطن، ويدع الثّلث الآخر للماء، والثّلث للنّفس، وهذا أنفع ما للبدن والقلب، فإنّ البطن إذا امتلأ من الطّعام، ضاق عن الشّراب، فإذا ورد عليه الشّراب، ضاق عن النّفس، وعرض عليه الكرب والتّعب بحمله، بمنزلة حامل الحمل الثّقيل، والشبع المفرط يضعف القوى والبدن، وإنما يقوى البدن بحسب ما يقل من الغذاء لا بحسب كثرته، ومن تأمّل هديه- صلى الله عليه وسلم وجده أفضل هدي لحفظ الصحة، فإن حفظها موقوف على حسن تدبير المطعم والمشرب والملبس والمسكن والهواء والنّوم واليقظة والحركة والسّكون والمنكح والاستفراغ والاحتباس.
الثاني: كان- عليه الصلاة والسلام إذا عاف طعاما لم يأكله، ولم يكره نفسه عليه، وهذا أصل عظيم في حفظ الصحة، وكان يحبّ اللّحم، ويحبّ من الذّراع، لأنّه أخفّ على المعدة، وأسرع انهضاما، وكذلك لحم الرقبة والعضد، وكان يحب الطواء والعسل، وهذه الثلاثة من أفضل الأغذية وأنفعها للبدن، والكبد والأعضاء وللاغتذاء بها نفع عظيم في حفظ الصحة والقوّة، ولا ينفر منها إلا من به علّة أو آفة، وكان يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها، ولا يحتمي عنها، وهذا أيضاً من أكبر أسباب حفظ الصحة، فإن الله- تعالى- بحكمته جعل في كل بلد من الفاكهة ما ينتفع به أهلها في وقته، فيكون تناوله من أسباب صحّتهم وعافيتهم ويغني عن كثير من الأدوية إذا لم يسرف في تناولها ولم يفسد بها الغذاء قبل هضمه ولا أفسدها بشرب الماء عليها، وتناول الغذاء بعد التّخلّي منها فمن أكل منها ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي كانت له دواء نافعا، وقلّ من احتمى عن فاكهة بلده خشية السّقم إلا وهو أسقم النّاس وأبعدهم من الصّحّة والقوّة.
ولم يأكل طعاما في وقت شدّة حرارته، ولا طبيخا بايتا يسخّن له بالغد، ولا جمع قطّ بين غذاءين، وكان يأكل متورّكا على ركبتين، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر قدمه اليمنى، وهذه الهيئات أنفع هيئات الأكل وأفضلها، لأن الأعضاء كلّها تكون على وضعها الطبيعيّ وأردأ الجلسات للأكل الاتّكاء على الجنب فإنه يمنع مجرى الطّعام على هيئته، ويعوقه عن سرعة تعوّده إلى المعدة، ولذا
قال- عليه الصلاة والسلام: «لا آكل متّكئا» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة،
فإنه يمنع مجرى الطعام ويعوقه على سرعة نفوذه إلى المعدة وقد نهى عن الأكل منبطحا عن ابن عمر والحاكم عن علي.
الثالث: قال ابن القيم: وأما هديه- عليه الصلاة والسلام في الشّراب فمن أكمل هدي يحفظ به الصّحّة، فإنّ الماء إذا جمع وصفّي مع الحلاوة والبرودة كان من أنفع شيء للبدن، ومن أكبر أسباب الصّحّة، وللأرواح والقوى والكبد والقلب عشق شديد له واستمداد منه والماء البارد رطب يقمع الحرارة ويحفظ على البدن رطوبته الأصليّة، ويرد عليه بدل ما تحلّل منها، ويرقّق الغذاء وينفذه في العروق وإذا كان باردا أو خالطه ما يحليه كالعسل أو الزّبيب أو التّمر أو السّكّر كان من أنفع ما يدخل البدن ويحفظ عليه صحّته، والماء الفاتر ينفخ ويفعل ضدّ هذه الأشياء، والبائت أنفع من الذي يشرب وقت استقائه، فإنّ الماء البائت بمنزلة العجين الخمير، والذي يشرب لوقته بمنزلة الفطير.
وكان من هديه- عليه الصلاة والسلام الشّرب قاعدا، لأنّ في الشّرب قائما آفات عديدة، [منها أنه لا يحصل به الرّيّ التّامّ، ولا يستقرّ في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء][ (1) ] فينزل بسرعة واحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها، ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن بغير تدريج، وكلّ هذا يضرّ بالشارب، وأمّا الشّرب منبطحا فالأطبّاء تكاد تحرّمه ويقولون لأنه يضرّ بالمعدة.
وكان من هديه- صلى الله عليه وسلم أنه يشرب في ثلاثة أنفاس، وفي هذا الشرب حكم جمّة وفوائد مهمّة، وقد نبّه- عليه الصلاة والسلام على مجامعها
لقوله إنّه أروى وأمرأ وأبرأ.
وكان- عليه الصلاة والسلام يشرب نقيع التّمر يلطف به كيموسات الأغذية الشديدة، وله نفع عظيم في زيادة القوّة وحفظه الصّحّة.
وكان يشرب اللّبن خالصا تارة ومشوبا بالماء أخرى وله نفع عظيم في حفظ الصحة، وترطيب البدن، وريّ الكبد، ولا سيّما اللبن الذي يرعى دوابه والقيصوم والخزامى وما أشبهها فإن لبنها غذاء من الأغذية، وشراب مع الأشربة، ودواء مع الأدوية.
وكان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد وفي هذا من حفظ الصحة ما لا يهتدي إلى معرفته إلا أفاضل الأطبّاء، فإنّ شربه ولعقه على الرّيق يذيب البلغم ويغسل خمل المعدة، ويجلو لزوجتها، ويدفع عنها الفضلات ويسخنها، ويفتح سددها، ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وهو أنفع للمعدة من كلّ حلو دخلها وإنّما يضرّ بالعرض لصاحب الصفراء لحدّته ودفع مضرته بالخلّ، قوله «فإنّه أروى» : أشدّ ريا فأبلغه وأنفعه، وأبرأ: أفعل من البرء وهو الشّفاء أن يبرأ من شدّة العطش ودائه لتردّده على المعدة الملتهبة دفعات فتسكن الدّفعة الثّانية ما
[ (1) ] ما بين المعكوفين سقط في ج.
عجزت الأولى عن تسكينه، والثّالثة ما عجزت عنه الثّانية، وأيضا، فإنّه أسلم لحرارة المعدة وأبقى عليها من أن يهجم عليها البارد، وهلة واحدة، فيطفئ الحرارة الغريزيّة، ويؤدّي إلى فساد مزاج المعدة والكبد، وإلى أمراض رديئة.
وقوله: «وأمرأ» : بميم بعد الهمزة، أي: ألذّ وأنفع، وقيل: أسرع انحدارا عن المريء لسهولته وخفّته عليه.
ومن آفات الشّرب دفعة واحدة أنّه يخاف منه الشّرق، لأنّ الشارب إذا شرب تصاعد البخار الدّخانيّ الحارّ الذي كان على القلب والكبد لورود الماء البارد عليه، فإذا أدام الشّرب اتّفق نزول الماء وصعود البخار، فيتدافعان ويتعالجان ومن ذلك يحدث الشرق ولا يهنأ الشارب ولا يتم ريه وقد علم بالتجربة أن ورود الماء على الكبد يؤلمها ويضعف حرارتها، ولذا
قال- صلى الله عليه وسلم: «أصل الكباد من العبّ» .
قال في المنهج السّويّ: الكباد بضم الكاف وتخفيف الباء. وجع الكبد.
الرابع: في كثرة أمراضه.
روى ابن السّنيّ وأبو نعيم عن هشام عن عروة عن أبيه قال: «قلت لعائشة: يا أم المؤمنين، وفي لفظ: يا خالة، إني لأفكر في أمرك وأتعجّب، إني وجدتك عالمة بالطب، فمن أين؟ قالت: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما طعن في السّنّ كثرت أسقامه، فوفدت إليه وفود العرب والعجم فتنعت له فكنّا نعالجه» [ (1) ] .
وروى ابن سعد عنها قالت: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم رجلا سقّاما، وكانت العرب تنعت له فيتداوى بما تنعت له العرب فيتداوى» .
وروى البيهقي وأبو داود عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات» ومسح عنه بيده.
وروى مسلم عنها قالت: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل، بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شرّ حاسد إذا حسد، وشرّ كلّ عين» [ (2) ] .
وروى الخطيب عن أنس قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى تقمّح كفا من شونيز وشرب عليه ماء وعسلا [ (3) ] .
وروى مسلم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا
[ (1) ] أخرجه أحمد 6/ 67.
[ (2) ] أخرجه مسلم 4/ 1718 (2185) .
[ (3) ] ذكره الهيثمي في المجمع 5/ 90 وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف.
مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوّذات
وروى الترمذي عن علي- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عادة عشيّة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشيّة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف فيه.
وروى أبو داود والحاكم عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: من عاد مريضا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرّات: أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم، أن يشفيك.
وروى الترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلتم على المريض فوسّعوا له في الأجل، فإن ذلك لا يردّ شيئا وهو يطيّب نفس المريض» .
وروى الحاكم عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عاد أحدكم مريضا فليقل: اللهم، اشف عبدك ينكأ لك عدوّا أو يمشي لك إلى الصلاة» .
وروى أبو يعلى عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يعود مرضانا ويشهد جنائزنا.
وروى الحميدي برجال ثقات عن عبد الرحمن بن أزهر- رضي الله تعالى عنه- قال:
«جرح خالد بن الوليد في يوم حنين، فمر بي رسول الله- صلى الله عليه وسلم وأنا غلام، وهو يقول: من يدل على رحل خالد بن الوليد، فخرجت وأنا أسعى بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم وأنا أقول:
من يدل على رحل خالد، حتى أتاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلى رحل، قد أصابته جراحة، فجلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم عنده، ودعا له أو نفث عليه [ (1) ] .
وروى البخاري في الأدب وابن حبان في صحيحه عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات:
«أسأل الله العظيم، ربّ العرش العظيم أن يشفيك، فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه
[ (2) ] .
الخامس: في إرشاده- صلى الله عليه وسلم إلي ما يفعله العائذ وما له من الفضل.
روى ابن حبان والطبراني في الكبير وابن السني في عمل يوم وليلة والحاكم عنه: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «ضع يدك على المكان الذي تشتكي منه فامسح بها سبع مرّات،
[ (1) ] أخرجه الحميدي في مسنده (897) .
[ (2) ] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (536) .
وقل: أعوذ بعزّة الله وقدرته من شرّ كلّ ما أجد في كل مسحة»
[ (1) ] .
وروى ابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله تعالى عنها- قالت: خرج في عنقي خرّاج فتخوّفت منه، فأتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال:«ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرّات: بسم الله، اللهم، أذهب عنّي شرّ ما أجد بدعوة نبيّك الطبيب المبارك، والمكين عندك، بسم الله» .
وروى الطبراني في الكبير وابن السّنّيّ في عمل يوم وليلة عن ميمونة بنت أبي عسيب- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «ضعي يدك اليمنى على فؤادك فامسحيه وقولي: بسم الله، داوني بدوائك، واشفني بشفائك، واغنني بفضلك عمن سواك، وأحدر عني أذاك» .
وروى البيهقي في الشّعب عن واثلة: أنّ رجلا اشتكى إلى النبي- صلى الله عليه وسلم وجعا في حلقه، فقال:«عليك بقراءة القرآن»
[ (2) ] .
وروى أبو داود عن أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «من اشتكى منكم شيئا، أو اشتكى أخ له، فليقل: ربّنا الله الذي في السماء [تقدّس اسمك أمرك في السّماء والأرض كما رحمتك في السّماء، فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت ربّ الطّيّبين] [ (3) ] ، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ»
[ (4) ] .
وروى الترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلتم على المريض، فنفّسوا له في أجله، فإن ذلك لا يردّ شيئا، وهو يطيّب نفس المريض»
[ (5) ] .
وروى الحاكم عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عاد أحدكم مريضا، فليقل: اللهم، اشف عبدك ينكأ لك عدوّا، أو يمشي لك إلى الصلاة»
[ (6) ] .
وروى الطبراني في الأوسط عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 343.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في الشعب 2/ 519.
[ (3) ] سقط في ج.
[ (4) ] أخرجه أبو داود 4/ 218 (3892) .
[ (5) ] أخرجه الترمذي 4/ 356 (2087) .
[ (6) ] أخرجه الحاكم 1/ 344.
قال: «عودوا المرضى ومروهم فليدعوا لكم، فإنّ دعوة المريض مستجابة وذنبه مغفور»
[ (1) ] .
وروى البغوي في مسند عثمان عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «عودوا المريض، واتّبعوا الجنائز والعيادة غبّا أو ربعا، إلا أن يكون مغلوبا فلا يعاد، والتّعزية مرّة»
[ (2) ] .
وروى الإمام أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «عودوا المريض، واتّبعوا الجنازة تذكّركم الآخرة» .
وروى الطبراني في الكبير عن سلمى امرأة أبي رافع قالت: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوّذات» .
وروى البخاري عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «طهور إن شاء الله» .
وروى مسلم عن ثوبان- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنّة حتى يرجع»
[ (3) ] .
وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن السّنّيّ والطبراني في الكبير والحاكم عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء الرّجل يعود مريضا فليقل:
اللهم، اشف عبدك فلانا، ينكأ لك عدوا، أو يمشي لك إلى الصّلاة» ..
وروى ابن ماجه عن رافع بن خديج- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «اكشف البأس، رب الناس، إله النّاس» .
وروى الخرائطيّ في مكارم الأخلاق عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «اكشف البأس رب الناس، لا يكشف الكرب غيرك»
[ (4) ] .
وروى أبو داود والنّسائيّ عن ثابت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «اكشف البأس رب الناس» .
وروى الترمذي عن علي- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألفا حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلّى عليه سبعون ألفا حتى يصبح وكان له خريف في الجنة»
[ (5) ] .
وروى أبو داود والحاكم عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن
[ (1) ] ذكره المتقي الهندي في الكنز (25147) .
[ (2) ] ذكره المتقي الهندي في الكنز (25148) .
[ (3) ] أخرجه مسلم كتاب البر والصلة باب عيادة المريض 4/ 1989 (40- 2568) .
[ (4) ] أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق 2/ 969.
[ (5) ] أخرجه الترمذي 3/ 301 (969) .
رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضا لم يحضر أجله، فليقل عنده سبع مرّات: أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض»
[ (1) ] .
وروى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد مريضا، أو زار أخا له في الله ناده مناد أن طبت وطاب ممشاك، وتبوّأت من الجنّة منزلا»
[ (2) ] .
وروى البزار برجال الصحيح عن الأعمش قال: سمعت حيّان بن جد بن أبجر الأكبر يقول: «دع الدواء ما احتمل جسدك الدّاء» [ (3) ] .
وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي أمامة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «من تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته فيسأله كيف هو، وتمام تحيّتكم بينكم المصافحة»
[ (4) ] .
وروى ابن ماجه وابن السني في عمل يوم وليلة عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك، فإنّ دعاءه كدعاء الملائكة» .
السّادس: في عيادته- صلى الله عليه وسلم بعض المنافقين.
روى الإمام أحمد وأبو داود عن أسامة بن زيد- رضي الله تعالى عنهما- قال: «دخلت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبيّ يعوده في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم عرف فيه الموت، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «قد كنت أنهاك عن حب يهود، فقال: فقد أبغضهم أسعد بن زرارة، فمات»
[ (5) ] .
السابع: في عيادته- صلى الله عليه وسلم بعض أهل الكتاب.
روى البخاري وأبو داود عن أنس- رضي الله تعالى عنه- «أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي- صلى الله عليه وسلم فمرض، فعاده رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقعد عند رأسه فقال: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
«الحمد لله الذي أنقذه من النار» .
وروى مسلم عن ثوبان- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «عائد
[ (1) ] أخرجه أبو داود (3106) .
[ (2) ] أخرجه الترمذي (2008) .
[ (3) ] ذكره الهيثمي في المجمع 5/ 89 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
[ (4) ] أخرجه أحمد 5/ 260.
[ (5) ] أخرجه أحمد 5/ 201.
المريض في مخرفة الجنّة حتى يرجع» .
وروى الإمام أحمد والطبراني عن أبي أمامة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «عائد المريض يخوض في الرّحمة، فإذا جلس عنده غمرته الرّحمة.
ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه، أو على يده، فيسأله كيف هو، وتمام تحيتكم بينكم المصافحة»
[ (1) ] .
وروى البيهقي في الشّعب عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم إذا عاد رجلا على غير الإسلام جلس عنده، وقال: كيف أنت يا يهوديّ، كيف أنت يا نصراني،»
بدينه الّذي هو عليه [ (2) ] . وصار كثير من الناس يعتمده.
تنبيه:
لم يكن- صلى الله عليه وسلم يخصّ يوما من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتا من الأوقات فترك العيادة يوم السبت مخالفة للسّنّة ابتدعها يهوديّ طبيب لملك قد مرض، وألزمه بملازمته، فأراد يوم الجمعة أن يمضي لسبته فمنعه فخاف على استحلال سبته، ومن سفك دمه، فقال: إن المريض لا يدخل عليه يوم السبت، فتركه الملك، ثم أشيع عليه ذلك.
لكن روى ابن أبي داود عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: «أيّما رجل عاد مريضا فإنما يخوض في الرّحمة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة، فقيل له: هذا للصحيح، فما للمريض؟ قال: تحطّ عنه ذنوبه»
[ (3) ] .
وروى ابن ماجه والبيهقي في الشعب، وقال: إسناده غير قويّ عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم «كان لا يعود مريضا إلا بعد ثلاث» .
الثّامن: في نهيه- صلى الله عليه وسلم عن إكراه المريض على التّداوي، وعلى الطّعام وأمره بإطعامه ما اشتهاه
روى البزّار والحاكم والطبراني برجال ثقات غير الوليد بن عبد الرحمن بن عوف، فيحرر حاله عن عبد الرحمن بن عوف، والترمذي وقال: حسن غريب، وابن ماجة، والحاكم، والطبراني في الكبير، والبيهقي عن عقبة بن عامر، والشيرازي في الألقاب، وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن جابر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال:«لا تكرهوا مرضاكم على الطّعام، فإنّ الله يطعمهم ويسقيهم» . ورواه أبو نعيم في الطّبّ- عن ابن عمر وعقبة بن عامر.
[ (1) ] أخرجه أحمد 5/ 268.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 6/ 547.
[ (3) ] أخرجه أحمد 3/ 255.
وروى ابن ماجه عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: [أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من الأنصار، فقال: أتشتهي شيئا؟ قال: نعم، خبزا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم للقوم:
من كان عنده شيء من الخبز البرّ، فليأتني به، فجاء رجل بكسرة فأطعمه إياه] [ (1) ]، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا فليطعمه إيّاه»
[ (2) ] .
وروى أبو نعيم في الطبّ عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: عاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم مريضا فقال له: أتشتهي كعكا؟ قال: نعم، فطلبه له.
وروى فيه عن علي- رضي الله تعالى عنه- أنه دخل علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو رمد، وبين يدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم تمر، فأكله، فقال: يا علي، أتشتهيه؟ قال: نعم، فرمى إليه بتمرة، ثم رمى إليه بأخرى، حتى رمى إليه تسعا، ثم قال: حسبك يا عليّ»
[ (3) ] .
وفيه عن جعفر بن محمد- رضي الله تعالى عنه- قال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم صاع من تمر وعلي محموم فناوله تمرة ثم أخرى حتى ناوله سبعا ثم قال: «حسبك» .
وروى فيه عن محمد بن إسحاق أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم زار أخواله من الأنصار، ومعه علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه- فقدّموا إليه صاعا من رطب، فأهوى عليّ ليأكل، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«لا تأكل فإنّك حديث عهد بحمّى» .
التّاسع: في عيادته- صلى الله عليه وسلم بعض نساء أصحابه
روى أبو داود عن أم العلاء عمّة حزام بن حكيم الأنصاري- رضي الله تعالى عنهما- قالت: عادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم[وأنا مريضة فقال: أبشري، يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النّار خبث الذّهب والفضّة]
[ (4) ] .
العاشر: في عيادته- صلى الله عليه وسلم من يشتكي عينيه.
روى الإمام أحمد عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: دخلت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم نعود زيد بن أرقم- رضي الله تعالى عنه- قال: أصابني رمد، فعادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم الحديث.
[وروى الإمام أحمد وأبو داود والبخاري في الأدب والحاكم وصححه عن زيد بن أرقم- رضي الله تعالى عنه- قال: أصابني رمد فعادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم الحديث][ (5) ] .
[ (1) ] ما بين المعكوفين سقط في ج.
[ (2) ] أخرجه ابن ماجة (3440) .
[ (3) ] ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (28471) .
[ (4) ] أخرجه أبو داود 2/ 200 (3092) .
[ (5) ] سقط في ج.
الحادي عشر: في سؤاله- صلى الله عليه وسلم عن المريض وعن حاله:
روي عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة، فقال:«كيف تجدك؟» قال: صالحا [قال:] أصلحك الله.
وروى الإمام أحمد والترمذي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم على رجل ليعوده وهو في الموت فسلّم عليه فقال: «كيف تجدك؟» قال:
بخير، يا رسول الله، أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:«لا يجتمعان في قلب رجل عند هذا الموطن إلا أعطاه الله رجاءه وأمّنه مما يخاف»
[ (1) ] .
الثاني عشر: في تبشيره- صلى الله عليه وسلم المريض:
روى الإمام أحمد والبيهقي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: عاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم: مريضا من وعك كان به وأنا معه فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم أبشر إن الله عز وجل يقول: [ناري أسلّطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظّه من النار في الآخرة]
[ (2) ] .
وروى الطبراني في الكبير والضياء عن أسد بن كرز أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: «المريض تحاتّ خطاياه كما يحاتّ ورق الشّجر»
[ (3) ] .
وروى الخليليّ في جزء حديثه عن جرير قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «المرض سوط الله في الأرض يؤدّب به عباده»
[ (4) ] .
وروى الإمام أحمد والحاكم والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنّه يقوم من مضجعه ذك كيوم ولدته أمه من الخطايا» ويقول الرّبّ للحفظة «إنّي أنا قيّدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح»
[ (5) ] .
وروى الحكيم عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده فاستقبله بصبر جميل
[ (1) ] أخرجه الترمذي (983) .
[ (2) ] أخرجه أحمد 2/ 440 والبيهقي في السنن 2/ 382.
[ (3) ] ذكره الهيثمي في المجمع 2/ 304 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناده حسن.
[ (4) ] ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (6680) .
[ (5) ] أخرجه أحمد 4/ 123.
استحييت يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا»
[ (1) ] .
وروى الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عوّاده أطلقته من أسارى ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثمّ يستأنف العمل»
[ (2) ] .
وروى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: من مرض ليلة فصبر ورضي بها عن الله، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
[ (1) ] ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (6561) .
[ (2) ] أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 349.