الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في حكمه للمستمع والسامع
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في حكم السجود
.
المطلب الثاني: في شروطه.
المطلب الأول: في حكم السجود
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في حكمه للمستمع
.
المسألة الثانية: في حكمه للسامع.
المسألة الأولى: في حكمه للمستمع (1):
اختلف أهل العلم في حكم سجود التلاوة للمستمع على قولين:
القول الأول: إنه واجب:
ذهب إليه الحنفية (2) وأحمد في رواية عنه (3) اختارها
(1) المستمع هو الذي يقصد الاستماع للقراءة في الصلاة أو غيرها، بلا نزاع، حاشية ابن قاسم على الروض المربع (2/ 233) كشاف القناع (1/ 445).
(2)
الهداية (1/ 78) المبسوط (2/ 4) بدائع الصنائع (1/ 180).
(3)
الإنصاف (2/ 193) المبدع (2/ 28) حاشية ابن قاسم (2/ 234).
ابن تيمية (1).
وقد استدل هؤلاء بما استدلوا به في المبحث السابق في وجوبه على التالي ومن أهمها ما يلي:
1 -
قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 20، 21].
ووجهه: أن الله ذمهم على ترك السجود، وإنما يذم بترك الواجب (2).
2 -
قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]، وقوله:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] وهذا أمر، ومطلق الأمر للوجوب (3).
3 -
قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15].
وهذا من أبلغ الأمر والتخصيص؛ فإنه نفي الإيمان عمن ذكر بآيات ربه ولم يسجد إذا ذكر بها (4).
4 -
ما ورد عن عثمان، وابن عباس وابن عمر؛ أنهم قالوا: السجدة على من استمعها، على من جلس لها، على من سمعها (5). اختلفت ألفاظهم بهذه، و"على" كلمة إيجاب (6).
5 -
لأنها لو لم تكن واجبة لما جاز أداؤها في الصلاة؛ لأن أداءها زيادة سجدة، وهي تطوع، توجب الفساد (7).
(1) مجموع الفتاوى (23/ 139، 140، 155، 156).
(2)
المبسوط (2/ 4) بدائع الصنائع (1/ 180) مجموع فتاوى ابن تيمية (23/ 127).
(3)
البناية (2/ 719) مجموع فتاوى ابن تيمية (23/ 139).
(4)
مجموع فتاوى ابن تيمية (23/ 139).
(5)
سبق تخريج هذه الآثار (24).
(6)
المبسوط (2/ 4) البناية (2/ 717).
(7)
البناية (1/ 719).
وقد نوقش الاستدلال بهذه الأدلة بما نوقشت به هناك، فارجع إليه (1).
القول الثاني: إنه سنة:
ذهب إليه المالكية (2)، والشافعية (3)، وأحمد في رواية عنه، وهي المذهب (4) وابن حزم (5).
الأدلة:
وقد احتج هؤلاء لعدم وجوب السجود على المستمع، بما احتجوا به على عدم وجوبه على التالي؛ ومنه:
1 -
حديث زيد بن ثابت؛ قال: «قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} فلم يسجدها فيها» (6).
فلو كان السجود واجبًا لسجد، وأمر زيدًا به (7).
2 -
حديث الأعرابي، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: هل علي غيرها؟ قال: «لا؛ إلا أن تتطوع» (8).
3 -
ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ السجدة على المنبر فسجد وسجد الناس معه، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى جاءت السجدة قال:(أيها الناس، إنما نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه).
(1) انظر: (20) وما بعدها.
(2)
الكافي (1/ 262) القوانين الفقهية (62) المنتقى (1/ 352) المسائل الفقهية (1/ 214).
(3)
الحاوي (2/ 200) المهذب (1/ 92) المجموع (4/ 85) مغني المحتاج (1/ 215).
(4)
المغني (2/ 366) والإنصاف (2/ 193) المبدع (2/ 28).
(5)
المحلى (5/ 157).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
الحاوي (2/ 200) المجموع (2/ 61) المغني (2/ 365).
(8)
سبق تخريجه.
وفي رواية: إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء (1).
وهذا منه بهذا المحضر العظيم دليل ظاهر في إجماعهم على أنه ليس بواجب (2).
4 -
لأن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت دليل صحيح صريح في الأمر به، ولا معارض له، ولا قدرة لهم على هذا (3).
أما الدليل على سنيته فمنه ما يلي:
1 -
حديث عبد الله بن مسعود؛ قال: قرأ صلى الله عليه وسلم: {وَالنَّجْمِ} بمكة، فسجد بها، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من قريش كفًا من حصى أو تراب ورفعه إلى جبهته، وقال يكفيني هذا، فلقد رأيته بعد قتل كافرًا (4).
2 -
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعًا لجبهته (5).
وقد نوقش: الاستدلال بهذه الأدلة بما نوقش به هناك فليرجع إليه.
(1) سبق تخريجه.
(2)
الحاوي (2/ 201) المغني (2/ 365) المجموع (4/ 62) المبدع (2/ 28).
(3)
المجموع (4/ 62) حاشية ابن قاسم (2/ 234).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب أبواب سجود القرآن وسنتها (2/ 32) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة (1/ 405)(103، 104).
(5)
أخرجه البخاري في أبواب سجود القرآن وسنتها، باب من سجد لسجود القارئ (2/ 33) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة (1/ 405)(103، 104).