الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه: أنه سنة وليس بواجب؛ لقوة أدلة هذا القول، وتظافرها في الدلالة، على عدم الوجوب وسلامتها مما أورد عليها من المناقشة.
المسألة الثانية: في حكمه للسامع
(1):
وقد اختلف في حكمه على الأقوال التالية:
القول الأول: أنه واجب.
ذهب إليه الحنفية (2).
واحتجوا بما يلي:
1 -
ما سبق في الاستدلال لوجوبها على المستمع، وقالوا: إن الأدلة مطلقة غير مقيدة بالقصد (3).
أي: أنه سامع للسجدة فكان عليه السجود كالمستمع (4).
ونوقش: بالفاروق؛ لأن السامع لا يشارك التالي في الأجر بخلاف المستمع (5).
ويمكن أن يجاب: بأن هذا ليس بفارق؛ لأن سببه الخضوع، وليس أجر الاستماع.
2 -
ولما روي عن ابن عمر: السجدة على من سمعها (6).
ونوقش: بأنه يحتمل من سمعها عن قصد، فيحمل عليه جمعًا بينه
(1) وهو الذي لا يقصد الاستماع انظر: كشاف القناع (1/ 446).
(2)
الهداية (1/ 78) المبسوط (2/ 5) بدائع الصنائع (1/ 180).
(3)
انظر الهداية (1/ 78) البناية (2/ 717) فتح القدير والعناية (2/ 13).
(4)
المغني (2/ 367) المبدع (2/ 29).
(5)
المغني (2/ 367).
(6)
سبق تخريجه (24).
وبين قول عثمان، وعمران، وابن مسعود (1).
القول الثاني: أنه سنة:
ذهب إليه الشافعية (2)، والحنابلة في وجه (3)، وحكاه ابن قدامة عن ابن عمر، والنخعي، وسعيد بن جبير، ونافع، وإسحاق (4).
وقد احتج هؤلاء:
1 -
بأنه سامع للسجدة؛ فكان عليه السجود كالمستمع (5).
وقد مضى الاستدلال لسنيته في حق المستمع (6).
القول الثالث: أنه يستحب، ولا يتأكد في حقه تأكده في حق المستمع:
ذهب إليه الشافعية في وجه (7).
واستدلوا بما استدل به القائلون بالسنية.
القول الرابع: أنه غير مشروع:
ذهب إليه المالكية (8)، والشافعية في وجه (9)، والحنابلة في المذهب (10).
واحتج هؤلاء بما يلي:
1 -
ما روي عن عثمان رضي الله عنه، أنه مر بقاص فقرأ القاص سجدة
(1) المغني (2/ 367).
(2)
المجموع (4/ 58) روضة الطالبين (1/ 320).
(3)
الإنصاف (2/ 194) المبدع (2/ 29).
(4)
المغني (2/ 366).
(5)
المغني (2/ 367).
(6)
انظر (37).
(7)
المجموع (4/ 58) المهذب (1/ 92) مغني المحتاج (1/ 216) روضة الطالبين (1/ 320).
(8)
القوانين الفقهية (62) الشرح الصغير (1/ 149) المدونة (1/ 111) المعونة (1/ 286).
(9)
المهذب (1/ 92) المجموع (4/ 58) الحاوي (2/ 200) روضة الطالبين (1/ 320).
(10)
المغنى (2/ 366) المبدع (2/ 28) الإنصاف (2/ 193).
ليسجد عثمان معه، فلم يسجد، وقال: إنما السجدة على من استمع (1).
2 -
وبما روي عن ابن عباس: إنما السجدة على من جلس لها (2).
3 -
ما روي عن مطرف؛ قال: سألت عمران بن حصين عن رجل لا يدري أسمع السجدة أم لا؟ فقال: وسمعها فماذا؟ (3).
4 -
وروى أبو عبد الرحمن السلمي، قال: دخل سلمان الفارسي المسجد وفيهم قوم يقرءون فقرأوا السجدة، فقال له صاحبه: يا ابن عبد الرحمن لو أتينا هؤلاء القوم؟ فقال: ما لهذا غدونا (4).
ونوقش: بأنها معارضة بما ثبت عن ابن عمر، وليس قول أحدهم بأولى من الآخر.
5 -
ولأن غير القاصد لم يشارك التالي في الأجر فلم يشاركه في السجود كغيره (5).
ويمكن أن يناقش: بأن مبني السجود، سماع ما فيه السجود، فيسجد خضوعًا لله، وليس سببه تحصيله أجر التلاوة.
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه: أنه سنة في حق السامع كما هو في حق المستمع، لقوة ما بني عليه من أنه سامع للسجدة فسن له السجود كالمستمع؛ إذ إن مبناه على الخضوع لله سبحانه، وليس لتحصيله أجر التلاوة.
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أخرجه البخاري معلقًا في أبواب سجود القرآن وسنتها، باب ما رأى أن الله تعالى لم يوجب السجود (2/ 32) وقد وصله ابن أبي شيبة كما في المصنف (53) وانظر تعليق التعليق (2/ 410).
(4)
أخرجه البخاري معلقًا في الموضع السابق (2/ 32) وقد وصله البيهقي كما في السنن الكبرى (2/ 324) وعبد الرزاق كما في المصنف (3/ 345) قال ابن حجر في التعليق: وهو إسناد صحيح (2/ 412).
(5)
المغني (2/ 367) المبدع (2/ 29).