الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: في الصلاة السرية:
وفيه فرعان:
الفرع الأول: في حكم قراءة ما فيه سجدة
.
الفرع الثاني: في السجود.
الفرع الأول: في حكم قراءة ما فيه سجدة:
هذا وقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة ما فيه سجدة في الصلاة السرية على الأقوال التالية.
القول الأول: أنه يكره:
ذهب إليه الحنفية (1) والحنابلة في قول، وهو المذهب (2) وبعض المالكية (3).
1 -
لأنه إذا لم يسجد كان تاركًا للسنة، وإن سجد أوهم على المأمومين؛ إذ قد يظنون أنه غلط فقدم السجود على الركوع، وفيه من الفتنة ما لا يخفى (4).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن ترك السنة لا يقتضى الكراهة؛ لأن ترك المسنون ليس مكروهًا، وإلا قلنا: إن صلاتنا في غير النعال مكروهة، ولقلنا بالكراهة إذا لم يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، ولقلنا بالكراهة إذا لم يجهر بالجهرية (5).
(1) المبسوط (2/ 10) بدائع الصنائع (1/ 192).
(2)
المغني (2/ 377) الإنصاف (2/ 199) المبدع (2/ 32) المستوعب (2/ 255).
(3)
المنتقى (1/ 350).
(4)
المبسوط (2/ 10) المنتقى (1/ 350) الشرح الصغير (1/ 372) المغني (2/ 371) ا لروض المربع (2/ 241).
(5)
الشرح الممتع (4/ 148).
الوجه الثاني: أن المحذور يزول إذا جهر بقراءة السجدة ليعلم الناس سبب سجوده فيتبعوه (1).
2 -
ولأنه إذا سجد زاد في عدد سجود الفريضة (2).
ونوقش: بأن هذا الاستدلال بمحل النزاع، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم السجود فليس بزيادة.
القول الثاني: أنه يكره في الفريضة دون النافلة:
ذهب إليه المالكية (3).
واحتجوا: لكراهة ذلك في الفريضة بما احتج به أصحاب القول الأول.
أما عدم الكراهة في النافلة فقالوا: إن السجود لما كان نافلة، والصلاة نافلة صار كأنه ليس زائدًا (4).
وقد نوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن مقتضى الزيادة في الفرض البطلان فكذلك في النافلة.
وأجيب عنه: بأن الشارع لما طلبها من كل قارئ صارت كأنها ليست زائدة محضة.
الوجه الثاني: أن من دعواكم على الكراهة في الفريضة خوف التخليط على المأمومين ولا فرق في ذلك بين النافلة والفرض.
(1) الشرح الكبير للدردير (1/ 310).
(2)
الشرح الصغير (1/ 572) المسائل الفقهية (1/ 215).
(3)
المنتقى (1/ 350) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (1/ 310) الشرح الصغير (1/ 572) والمسائل الفقهية (1/ 215) التفريع (1/ 270).
وقد قيده بعضهم: بحالة إذا لم يأمن التخليط على من خلفه، فلو أمن زالت الكراهة. انظر: المنتقى (1/ 350) المسائل الفقهية (1/ 215).
(4)
حاشية الصاوي (1/ 372) حاشية الدسوقي (1/ 310).
القول الثالث: أنه لا يكره مطلقًا:
ذهب إليه الشافعية (1)، والحنابلة في قول (2)، وابن حزم (3).
واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأى أصحابه أنه قرأ سورة السجدة (4).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن الحديث لا يصح، لأن في سنده أمية وهو مجهول، ثم هو من رواية سليمان التيمي وهو مدلس (5).
الوجه الثاني: على فرض صحة الحديث، فيحمل على أنه لبيان الجواز، فلم يكن مكروهًا، لأنه في مقام التشريع (6).
2 -
أنه لا دليل على الكراهة، فعلى مدعيها إيراد الدليل.
الترجيح:
والذي يترجح لدي ما ذهب إليه أصحاب القول الثالث من عدم الكراهة؛ لعدم الدليل المقتضي للكراهة، وضعف ما أورده الأولون للحكم بذلك.
(1) روضة الطالبين (2/ 99) المجموع (2/ 59) مغني المحتاج (1/ 216) الحاوي (2/ 200).
(2)
المغني (2/ 371) الإنصاف (2/ 199) المبدع (2/ 32).
(3)
المحلى (5/ 157).
(4)
أخرجه أبو داود، في كتاب الصلاة باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر (1/ 214) وسكت عنه، وكذا الحاكم (1/ 221) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه والطحاوي (9/ 208).
(5)
انظر: التلخيص الحبير (2/ 10) نيل الأوطار (2/ 11).
(6)
بدائع الصنائع (1/ 192).