الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: في الشروط الواجب تحصيلها لكي يشرع للمستمع و السامع السجود
(1)
الشرط الأول: صلاحية التالي لإمامة المستمع والسامع:
اختلف أهل العلم في اشتراط صلاحية التالي لإمامة المستمع والسامع لكي يشرع له السجود على قولين:
القول الأول: إنه يشترط:
ذهب إليه مالك في المشهور عنه (2)، والحنابلة في المذهب (3)، والشافعية في مقابل الأصح (4)، وإسحاق، وقتادة والنخعي (5).
واستدلوا بما يلي:
1 -
ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى إلى نفر من أصحابه، فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله:«كنت إمامنا فلو سجدت سجدنا» (6).
ووجه الدلالة: تعليله بترك السجود بترك التالي له، وجعله في حكم الإمام.
ويمكن أن يناقش: بأنه مرسل فلا يصلح للاحتجاج (7).
(1) عند من يقول بمشروعيته في حق السامع.
(2)
مواهب الجليل (1/ 60) المعونة (1/ 285) شرح الخرشي (1/ 349) المنتقى (1/ 353) الفواكه (1/ 294).
(3)
الإنصاف (2/ 194) المبدع (2/ 29) الفروع (1/ 500) المغني (2/ 367).
(4)
المجموع (4/ 58).
(5)
المغني (2/ 367).
(6)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 324) مرسلا، وموصلا، وضعف الموصول منه وأخرجه ابن شيبة (2/ 19) قال الحافظ ورجاله ثقات إلا أنه مرسل (فتح الباري (2/ 556).
(7)
أنظر: تخريجه.
1 -
ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال لتميم بن حذلم وهو غلام، وقد قرأ عليه سجدة: اسجد فأنت إمامنا فيها (1).
ويمكن مناقشته: بأنه يدل على أنه يسجد بسجوده، لكن لا دلالة فيه على اشتراط صلاحيته للإمامة كما في الصلاة.
2 -
ولأن فيها معنى الإئتمام، والقارئ لا يصلح إمامًا للمستمع فلا يسجد معه (2).
القول الثاني: إنه لا يشترط:
ذهب إليه الحنفية (3)، ومالك في رواية عنه (4)، والشافعية في الأصح (5)، والحنابلة في قول (6)، وهو قول ابن حزم (7).
واحتجوا: بأن السبب سماع تلاوة صحيحة، وقد وجدت فوجب عليه السجود (8).
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه هو: القول الثاني لقوة دليلة ويؤيده قول عمر رضي الله عنه بمحضر الصحابة (إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه).
(1) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم، في أبواب سجود القرآن، وسنتها، باب من سجد لسجود القارئ (2/ 33).
وقد صوله سعيد بن منصور في سننه، كما في التعليق (2/ 410) والفتح (2/ 566).
(2)
المجموع (4/ 58) المنتقى (1/ 353).
(3)
بدائع الصنائع (1/ 186) اللباب (1/ 104) فتح القدير (2/ 15) المبسوط (2/ 4).
(4)
بداية المجتهد (1/ 163).
(5)
المجموع (4/ 58) الحاوي (2/ 204) روضة الطالبين (1/ 319).
(6)
الإنصاف (2/ 194) المبدع (2/ 29).
(7)
المحلى (5/ 165).
(8)
المبسوط (2/ 194) فتح القدير (2/ 15) المجموع (4/ 58).
الشرط الثاني: سجود التالي لكي يسجد المستمع والسامع:
وقد اختلف أهل العلم في اشتراط ذلك على قولين:
القول الأول: إنه لا يشترط:
ذهب إليه الحنفية (1)، ومالك (2)، والشافعية في الصحيح من المذهب (3).
واستدلوا بما يلي:
1 -
أن سجود التلاوة يلزم القارئ والمستمع، فإذا ترك القارئ ما ندب إليه فعلى المستمع أن يأتي به (4).
2 -
ولأن الاستماع موجود وهو سبب السجود (5).
القول الثاني: إنه يشترط:
ذهب إليه الحنابلة في المذهب (6)، والشافعية في مقابل الأصح (7)، ومطرف وابن الماجشون من المالكية (8).
واحتجوا بما يلي:
1 -
الحديث السابق؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إنك كنت إمامنا، ولو سجدت سجدنا» (9).
ونوقش: بأنه مرسل فلا يصلح للاحتجاج.
2 -
ومثله قول ابن مسعود لتميم بن حذلم: «اسجد فأنت إمامنا فيها» (10).
(1) المبسوط (2/ 4) فتح القدير (2/ 15).
(2)
المبسوط (2/ 4) فتح القدير (2/ 15).
(3)
المنتقى (1/ 353) الشرح الصغير (1/ 568).
(4)
المجموع (4/ 58) الحاوي (2/ 205).
(5)
المنتقى (1/ 353) المبسوط (2/ 205).
(6)
المغني (2/ 368). المبدع (2/ 29).
(7)
المجموع (2/ 58).
(8)
المنتقى (1/ 353).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
سبق تخريجه.
ويمكن أن يناقش: بأنه يسجد بسجوده، لكن لا دلالة فيه على امتناع السجود إذا لم يسجد التالي.
3 -
ولأنه تابع له، فإن الاستماع إنما يحصل بالقراءة ولا يسجد بدون سجوده كما لو كانا في الصلاة (1).
ويمكن أن يناقش: بأنه لو كان كذلك لما جاز له رفع رأسه قبل التالي، ولا تقولون بذلك.
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه: عدم الاشتراط لقوة ما بني عليه من استدلال، يؤيده الأثر السابق عن عمر، وكونه بمحضر الجمع الغفير من الصحابة.
الشرط الثالث: أن يكون جلوسه ليتعلم القرآن أو أحكامه:
فلا يسجد الجالس لابتغاء الثواب.
ذهب إليه أكثر المالكية (2).
واحتجوا: بالقياس على السامع فكما أن السامع لا يسجد، لعدم إصغائه، فكذلك هذا (3).
والقول الثاني: إنه لا فرق. وأن العبرة بالاستماع، فمتى وجد شرع السجود:
ذهب إليه بعض المالكية (4)، و لعله قول بقية المذاهب حيث أطلقوا القول بمشروعيته في حق المستمع دون فرق (5).
(1) المغني (2/ 368) المنتقى (1/ 353).
(2)
الفواكه الدواني (1/ 294) الشرح الصغير (1/ 568).
(3)
المصادر السابقة.
(4)
المصادر السابقة.
(5)
انظر (34) وما بعدها.
الترجيح:
ولعل الراجح هو القول الثاني؛ لأن سببه التلاوة أو استماعها وقد وجد فيسجد خضوعًا لله.
الشرط الرابع: أن لا يكون القارئ جلس ليسمع الناس حسن قراءته:
ذهب إليه المالكية (1).
ولم أجد لغيرهم تعرضًا لهذا الشرط، ولعله يرجع إلى الحكم بفسقه فيعود الحكم إلى الشرط الأول، وهو الخلاف في اشتراط صلاحية التالي للإمامة (2).
وقد أورد عليه بعض المالكية: أن غاية ما فيه فسقه بالرياء، والمعمد عندهم صحة إمامة الفاسق.
وأجاب بعضهم: بأن القراءة هنا كالصلاة فالمرائي في قراءته كمن تعلق فسقه بالصلاة، والفاسق الذي اعتمدوا صحة إمامته: من كان فسقه غير متعلق بالصلاة (3).
(1) الفواكه الدواني (1/ 294) الشرح الصغير (1/ 568).
(2)
وقد ذكرنا المسألة بالتفصيل (41).
وإذا كان فعل مما يعد فسقًا، عادت المسألة إلى صحة إمامة الفاسق، ثم اشتراط سجود التالي.
(3)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير (2/ 568).