الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب العاشر: في قراءة ما فيه سجدة حال الخطبة والنزول للسجود
اختلف أهل العلم في حكم قراءة السجدة حال الخطبة، ومن ثم السجود، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: جواز قراءة ما فيه السجدة حال الخطبة، فإن فعل سجد (1):
ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ ومنهم: الحنفية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر (ص) فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود، فقال:«إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم قد تشزنتم للسجود، فنزل فسجد، وسجدوا» (6).
ووجه الدلالة: ظاهر:
2 -
ما صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ سورة النحل على
(1) إما وجوبًا كما هو عند الحنفية، وإما استحبابًا كما عند بقية أصحاب هذا القول.
(2)
فتح القدير (2/ 27)، البناية (2/ 336) بدائع الصنائع (1/ 192).
(3)
المهذب (1/ 119) روضة الطالبين (2/ 26) المجموع (4/ 520) مغني المحتاج (1/ 216).
(4)
المغني (3/ 180) الفروع (2/ 112).
(5)
المحلى (2/ 156).
(6)
سبق تخريجه.
المنبر يوم الجمعة حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس
…
(1).
ووجه الدلالة: قراءته، وسجوده، وكون ذلك بمحضر الصحابة.
ونوقش: بأن هذا مما لم يتبع عليه عمر به، ولا عمل به أحد بعده، ولعل عمر إنما فعل ذلك تعليمًا للناس وخاف أن يكون في ذلك خلاف فيبادر إلى حسمه، وكان ذلك الوقت لم يعم كثير من الأحكام الناس، وقد تقررت الآن الأحكام، و انعقد الإجماع على كثير منها، وعرف الخلاف السائغ في سواها فلا وجه لذلك (2).
وأجيب عنه: بأن هذا غير مسلم فقد روي العمل به عن جمع من فقهاء الصحابة؛ منهم: أبو موسى (3)، والنعمان بن بشير (4)، وعقبة بن عامر (5)، وعمار بن ياسر (6).
3 -
ولأنه سنة وجد سببها، لا يطول الفصل بها فاستحب فعلها كحمد الله إذا عطس، وتشميت العاطس (7).
القول الثاني: أنه تكره قراءة السجدة، كما يكره له السجود إذا قرأ:
ذهب إليه مالك، وعليه أكثر أصحابه (8).
(1) سبق تخريجه.
(2)
المنتقى (1/ 351).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة، في الصلاة، باب السجدة تقرأ على المنبر ما يفعل صاحبها (2/ 18).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق (2/ 18).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق (2/ 19).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق، وعبد الرزاق في فضائل القرآن، باب كم في القرآن من سجدة (2/ 340).
(7)
المغني (3/ 181).
(8)
المنتقى (1/ 351) الشرح الصغير وحاشية الصاوي (1/ 573) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (1/ 310).
واحتجوا بما يلي:
1 -
أنه إذا لم يسجد دخل في الوعيد (1)، وإن سجد كان فيه التخليط على الناس إذ يتوهمون الفراغ من الخطبة والقيام إلى الصلاة (2).
ونوقش: بأن هذا غير مسلم إذ لا وعيد على ترك مستحب، وأما التخليط فغير متحقق مع جهره بالسجدة، وإعلامهم بأنه سيسجد للتلاوة.
2 -
ولأنه يخل بالخطبة لزوال نظامها (3).
3 -
ولأنه صلاة تطوع، فلا يشتغل بها في أثناء الخطبة، كصلاة ركعتين (4).
ونوقش: بالفارق؛ لأن سبب الركعتين لم يوجد، ويطول الفصل بها (5).
القول الثالث: أنه تكره القراءة، فإن فعل فلينزل فليسجدها:
ذهب إليه أشهب من أصحاب مالك (6).
واحتج: بفعل عمر رضي الله عنه ولم ينكر عليه أحد من الحاضرين مع كثرة عددهم (7).
وهو مناقش: بأنه كما كان حجة في السجود، فليكن حجة في عدم كراهة القراءة.
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه الجمهور من جواز القراءة
(1) حاشية الدسوقي (1/ 310).
(2)
المنتقى (1/ 351) حاشية الصاوي (1/ 573).
(3)
الشرح الكبير (1/ 310) الشرح الصغير (1/ 573).
(4)
ذكره لهم ابن قدامة في المغني (3/ 181).
(5)
المغني (3/ 181).
(6)
المنتقى (1/ 351).
(7)
المصدر السابق.