الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
ما اختلف في السجود فيه
اختلف أهل العلم في السجود في (ثانية الحج) وفي (ص) وفي السجود في المفصل، أي: في (النجم) وفي (الانشقاق) وفي (العلق)(1)؛ وإليك تفصيل أقوالهم في ذلك:
أولاً: السجدة الثانية في الحج:
القول الأول: أنها في مواضع السجود:
ذهب إليه مالك في رواية عنه (2)، والشافعية (3)، وأحمد في رواية عنه وهي المذهب (4)، وهو قول إسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر (5) وداود (6).
الأدلة:
1 -
حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة؛ منها: ثلاث في المفصل، وفي سورة الحج سجدتان» (7).
(1) مواهب الجليل (2/ 61).
(2)
مواهب الجليل (2/ 61).
(3)
المهذب (1/ 92) الحاوي (2/ 202) روضة الطالبين (1/ 318) المجموع (4/ 62)؟
(4)
الإنصاف (2/ 196) المبدع (2/ 30) الفروع (1/ 502) المستوعب (2/ 256) المغني (2/ 355).
(5)
المغني (2/ 355) المجموع (4/ 62).
(6)
المجموع (4/ 62).
(7)
أخرجه أبو داود في كتاب السجود، باب تفريع أبواب السجود، وكم سجدة في القرآن (1/ 324)(1401) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب عدد سجود القرآن (1/ 335)(1057) والحاكم في المستدرك (1/ 223) والدارقطني في كتاب الصلاة باب سجود القرآن (1/ 408).
والحديث قد اختلف فيه؛ فقال النووي في موضع: حسن. وقال في موضع آخر وهو حديث صحيح انظر: المجموع (4/ 60، 62).
وقال الحاكم عقبه: ورواته مصريون قد ا حتج الشيخان بأكثرهم (1/ 223).
وقال الحافظ في الدراية (1/ 210) في إسناده عبد الله بن منين، وهو مجهول اه.
وقال عبد الحق: وعبد الله بن منين لا يحتج به، قال ابن القطان: وذلك لجهالته انظر: نصب الراية (2/ 180).
وقال ابن حزم: لم يصح فيه نص (5/ 157).
ووجه الدلالة: واضح.
ونوقش: من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: ضعف الحديث؛ لأن في سنده جهالة (1).
الوجه الثاني: على فرض التسليم بصحة الحديث؛ فالمراد بإحدى السجدتين سجدة التلاوة، وبالأخرى سجدة الصلاة (2).
يدل عليه: أنه قرنها بالركوع؛ فقال: « .. اركعوا واسجدوا» والسجدة المقرونة بالركوع سجدة الصلاة (3).
وأجيب: بأن ذكر الركوع لا يقتضي ترك السجود كما ذكر البكاء في قوله (4): {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58].
الوجه الثالث: أنه محمول على النسخ لإجماع قُرّاء المدينة وفقهائها على ترك ذلك مع تكرار القراءة ليلاً ونهارًا (5).
2 -
حديث عقبة بن عامر؛ قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: في سورة الحج سجدتان؟ قال: «نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» (6).
(1) انظر البناية (2/ 718) نصب الراية (2/ 180) الدراية (1/ 210).
(2)
البناية (2/ 317) المبسوط (2/ 6).
(3)
المبسوط (2/ 6) المنتقى (1/ 350).
(4)
المغني (2/ 357).
(5)
البناية (2/ 713) نقلا عن الذخيرة
(6)
أخرجه أبو داود في كتاب السجود، باب تفريع أبواب السجود (2/ 52) حديث (1402) والترمذي في أبواب السفر، باب في السجدة في الحج (2/ 46) حديث (575) وأحمد في المسند (4/ 151) والحاكم (1/ 221).
قال النووي: وفيه عبد الله بن لهيعة: وهو متفق على ضعف روايته (4/ 63) وقال الترمذي: ليس إسناده بالقوي، السنن (2/ 46) وانظر: المحلى (5/ 157) الدراية (1/ 210) نصب الراية (2/ 180) التلخيص الحبير (2/ 9).
ونوقش: بمثل ما نوقش به سابقه.
3 -
أنه روي عن جمع من فقهاء الصحابة ولم يعلم لهم مخالف؛ ومن ذلك:
أ- ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين (1).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: ضعف الأثر؛ لأن راويه رجل من أهل مصر، ولو كان معروفًا مشهورًا، من فعل عمر لعرفه من كان مع عمر بالمدينة، ومن أتى بها من الآفاق، ولكان هذا مشهورًا معروفًا من فعله (2).
الوجه الثاني: أنه لو صح عن عمر فلا حجة فيه، وإنما الحجة فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
الوجه الثالث: أن الآثار لا يحتج بها الخصم على قاعدته (4).
وأجيب: بأن هذا غير لازم لمن يحتج بها كالحنابلة.
ب- ما روي عن علي وأبي موسى وأبي الدرداء، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم؛ أنهم سجدوا في الحج سجدتين (5).
(1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب القرآن، باب ما جاء في سجود القرآن، (1/ 205) والبيهقي في الصلاة، باب سجدتي سورة الحج (2/ 317) وابن حزم في المحلى (5/ 158) والطحاوي (1/ 362) قال العيني في البناية: وسندها صحيح (2/ 713).
(2)
الحجة (1/ 108).
(3)
المحلى (5/ 159).
(4)
البناية (2/ 713) وهو إيراد على الشافعية.
(5)
أما أثر علي: فأخرجه ابن أبي شيبة في الصلاة، باب من قال: في الحج سجدتان (2/ 11) والبيهقي في الصلاة، باب سجدتي سورة الحج (2/ 317) وابن حزم في المحلى (5/ 158) وسكت عنه كالمصحح له.
وأما أثر أبي موسى: فأخرجه الطحاوي في الصلاة، باب المفصل هل فيه سجود أم لا؟ (1/ 362) والبيهقي في الموضع السابق (2/ 318) وابن حزم في المحلى (5/ 158) والحاكم (2/ 391).
وأما أثر أبي الدرداء: فأخرجه البيهقي في الموضع السابق (2/ 318) والحاكم (2/ 391) وابن حزم (5/ 158) والطحاوي في الموضع ا لسابق (1/ 362) وابن أبي شيبة (2/ 11).
وأما أثر ابن عمر: فأخرجه البيهقي في الموضع السابق (2/ 317) والحاكم (2/ 390) وابن حزم في المحلى (5/ 158).
وأما أثر ابن عباس: فأخرجه البيهقي في الموضع السابق (2/ 318) وعبد الرزاق في فضائل القرآن، باب كم في القرآن من سجدة؟ (3/ 342) وابن أبي شيبة في الصلاة باب من قال: في الحج سجدتان (2/ 11).
قال ابن قدامة: ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعًا (1).
قال أبو إسحاق السبيعي: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين (2).
من المعقول:
4 -
ولأن السجدة الثانية أوكد من الأولى، لورودها بلفظ الأمر، وورود الأولى بلفظ الإخبار، فكان السجود لها أولى (3).
القول الثاني: أنها ليست من مواضع السجود:
ذهب إليه الحنفية (4)، ومالك في رواية عنه، وهي المذهب (5)
(1) المغنى (2/ 356).
(2)
المجموع (4/ 62) المغني (2/ 356).
(3)
الحاوي (2/ 205) المغني (2/ 357).
(4)
المبسوط (2/ 6) تبيين الحقائق (1/ 205) بدائع الصنائع (1/ 193).
(5)
مواهب الجليل (2/ 61) المنتقى (1/ 349) المدونة (1/ 109) الكافي (1/ 261) التفريع (1/ 270) المعونة (1/ 283).
وأحمد في رواية عنه (1)، وابن حزم (2).
وهو قول الحسن، وسعيد بن جبير، وجابر بن زيد (3).
الأدلة:
1 -
لأن الله جمع بينها وبين الركوع؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] فلم تكن سجدة كقوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43](4).
ونوقش: بأن ذكر الركوع لا يقتضي ترك السجود كما ذكر البكاء في قوله: {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] وقوله: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109](5).
2 -
أن سجود العزائم في القرآن إنما ورد بلفظ الإخبار، أو على سبيل الذم، والسجدة الثانية في الحج وردت بلفظ الأمر فخالفت سجود العزائم (6).
ونوقش: بأن هذا لا يصح؛ لأن قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] أمر وكل ذلك سجود العزائم، وقد ورد لفظ الإخبار فيما ليس بعزيمة وهو قوله تعالى:{فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30] فعلم فساده (7).
3 -
ولأن إثبات السجود طريقه الشرع، والأصل براءة الذمة، ولم يثبت من طريق صحيح فمن ادعى ذلك فعليه بيانه (8).
(1) المبدع (2/ 30) الإنصاف (2/ 196) الفروع (1/ 503).
(2)
الحلى (5/ 156).
(3)
المغني (2/ 356).
(4)
البناية (2/ 715) المبسوط (2/ 6) بدائع الصنائع (1/ 193) فتح القدير (2/ 12) المنتقى (1/ 349) المعونة (1/ 283).
(5)
المغني (2/ 357).
(6)
شرح معاني الآثار (1/ 361) فتح القدير (2/ 12) الحاوي (2/ 204).
(7)
الحاوي (2/ 402).
(8)
المنتقى (1/ 351) المحلى (5/ 159).