الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن إسحاق: وحدّثني محمد بن جعفر بن الزّبير: كان أبو قيس صرمة ترهّب في الجاهلية، [واغتسل من الجنابة، وهمّ بالنّصرانية، ثم أمسك، فلما قدم النّبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم،]«1» وكان قوّالا بالحق، وله شعر حسن، وكان لا يدخل بيتا فيه جنب ولا حائض، وكان معظّما في قومه إلى أن أدرك الإسلام شيخا كبيرا، وكان يقول شعرا حسنا فمنه:
يقول أبو قيس وأصبح غاديا
…
ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا
أوصّيكم بالبرّ والخير والتّقى
…
وإن كنتم أهل الرّئاسة فاعدلوا
وإن أنتم أمعرتم فتعفّفوا
…
وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا «2»
[الطويل] وقال المرزبانيّ: عاش أبو قيس عشرين ومائة سنة.
قال ابن إسحاق: وهو الّذي نزلت فيه: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة 187] . ووصل ذلك أبو العبّاس السّراج من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزّبير، عن عبد الرّحمن بن عويم بن ساعدة.
قلت: واسم الّذي نزل فيه اختلف فيه اختلافا كثيرا كما سأبينه في الّذي بعده.
ومقال المرزبانيّ: أبو قيس صرمة بن أبي أنس بن قيس بن مالك عاش نحوا من عشرين ومائة سنة، وأدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير، وهو القائل:
بدا لي أنّي عشت تسعين حجّة
…
وعشرا ولي ما بعدها وثمانيا
فلم ألفها لمّا مضت وعددتها
…
يحسّنها في الدّهر إلّا لياليا «3»
[الطويل]
4082- صرمة:
بن مالك الأنصاريّ.
ذكره ابن شاهين وابن قانع في «الصّحابة» ، وأخرج من طريق هشيم بن حصين، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، أنّ رجلا من الأنصار يقال له صرمة بن مالك، وكان شيخا كبيرا، فجاء أهله عشاء وهو صائم، وكانوا إذا نام أحدهم قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها، والمرأة
(1) سقط في أ.
(2)
تنظر الأبيات في الاستيعاب ترجمة رقم (1244) ، ص 1736، في الاستيعاب ترجمة رقم (3179) ، الأول والثالث والسادس منهم.
(3)
ينظر البيتان في المعمرين: 84.
إذا نامت لم يكن لزوجها أن يأتيها حتى مثلها، فلما جاء صرمة إلى أهله دعا بعشائه فقالوا:
أمهل حتى نجعل لك سخنا تفطر عليه، فوضع الشّيخ رأسه فنام فجاءوا بطعامه، فقال: قد كنت نمت، فلم يطعم، فبات ليلته يتقلق بطنا لظهر، فلما أصبح أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزلت هذه الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
…
[البقرة 187] ، فرخص لهم أن يأكلوا اللّيل كله من أوله إلى آخره، ثم ذكر قصّة عمر في نزول قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة: 187] . وهذا مرسل. صحيح الإسناد.
كذلك أخرجه عبد بن حميد في التفسير عن عمرو بن عوف، عن هشيم، وأخرجه الطّبرانيّ من حديث عبد اللَّه بن إدريس كذلك، وأخرجه ابن شاهين أيضا من طريق المسعوديّ عن عمرو بن مرة، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أحلّ صيام ثلاثة أحوال، فذكر الحديث، وفيه: وكانوا إذا صاموا فناموا قبل أن يفطروا لم يحل لهم الطّعام ولا النكاح، فجاء صرمة وقد عمل يومه في حائطه، وقد أعيا فضرب برأسه فنام قبل أن يفطر، فاستيقظ فلم يأكل ولم يشرب واستيقظ وهو ضعيف.
وأخرجه أبو داود في «السّنن» من هذا الوجه ولم يتصل سنده، فإن عبد الرّحمن لم يسمع من معاذ.
ويقال: إن القصّة وقعت لصرمة بن أنس المبدإ بذكره، أخرجه ذلك هشام بن عمار في فوائده، عن يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن الزّهري، عن القاسم بن محمد، قال: كان بدء الصوم أن يصوم من عشاء إلى عشاء، فإذا نام لم يصل أهله ولم يأكل ولم يشرب، فأمسى صرمة بن أنس صائما، فنام قبل أن يفطر
…
الحديث. وإسحاق متروك.
وأخرج الطّبريّ من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبّان- أن صرمة بن أنس أتى أهله وهو صائم، وهو شيخ كبير
…
فذكر نحو القصّة.
وأخرج الطّبريّ من طريق السّدّي في قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة 183]، قال: كتب صيام رمضان على النّصارى وألّا يأكلوا ولا يشربوا، ولا يأتوا النّساء بعد النّوم في رمضان، فلم يزل المسلمون يصنعون ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة
…
فذكر القصّة نحوه.
ووقع في صحيح البخاريّ أنّ الّذي وقع له ذلك قيس بن صرمة، أخرجه من طريق البراء بن عازب كما سأذكره في ترجمته في حرف القاف.