المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز - شرح الشاطبية سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي

[ابن القاصح]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌باب الاستعاذة

- ‌باب البسملة

- ‌باب الإدغام الكبير

- ‌باب إدغام الحرفين المتقاربين في كلمة وفي كلمتين

- ‌باب هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر

- ‌باب الهمزتين من كلمة

- ‌باب الهمزتين من كلمتين

- ‌باب الهمز المفرد

- ‌باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها

- ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز

- ‌باب الإظهار والإدغام

- ‌ذكر ذال إذ

- ‌ذكر دال قد

- ‌ذكر تاء التأنيث

- ‌ذكر لام هل وبل

- ‌باب اتفاقهم في إدغام إذ وقد وتاء التأنيث وهل وبل

- ‌باب حروف قربت مخارجها

- ‌باب أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب الفتح والإمالة وبين اللفظين

- ‌باب مذهب الكسائي في إمالة هاء التأنيث في الوقف

- ‌باب الراءات

- ‌باب اللامات

- ‌باب الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب الوقف على مرسوم الخط

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الزوائد

- ‌باب فرش الحروف

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود عليه السلام

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم عليها السلام

- ‌سورة طه عليه السلام

- ‌سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌ومن سورة الروم إلى سورة سبأ

- ‌سورة سبأ وفاطر

- ‌سورة يس عليه السلام

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى والزخرف والدخان

- ‌سورة الشريعة والأحقاف

- ‌ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الواقعة والحديد

- ‌ومن سورة المجادلة إلى سورة ن

- ‌ومن سورة ن إلى سورة القيامة

- ‌ومن سورة القيامة إلى سورة النبأ

- ‌ومن سورة النبأ إلى سورة العلق

- ‌ومن سورة العلق إلى آخر القرآن

- ‌باب التكبير

- ‌باب مخارج الحروف وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها

الفصل: ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز

أبا عمرو يقرأ عاد الولي في الوصل بنقل حركة الهمزة إلى اللام وإدغام التنوين فيها، وله في الابتداء ثلاثة أوجه:

أحدها: كابن عامر ومن ذكر معه. والثاني: الولي بالنقل مع همز الوصل، والثالث: لولي بالنقل دون همز الوصل وهم على أصولهم في الفتح والإمالة وبينهما.

ونقل ردا عن نافع وكتابيه

بالإسكان عن ورش أصحّ تقبّلا

أخبر رحمه الله أن نافعا نقل حركة الهمزة إلى الدال وحذفها من رد أيصدقني بالقصص فتعين للباقين القراءة بالهمز ثم أخبر أن إسكان الهاء من كتابيه بالحاقة وإبقاء همزة إني ظننت

على حالها محققة بعد الهاء كقراءة الباقين أصح تقبلا من نقل حركة همزة إني ظننت إلى الهاء من كتابيه وقوله: أصح تقبلا فيه إشارة إلى صحة الوجهين وذلك أن الإسكان تقبله قوم والتحريك تقبله قوم ولكن الإسكان أصح عند علماء العربية والتحريك من زيادات القصيد:

‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز

قد تقدم الكلام على مذهب حمزة في الهمزات المبتدآت في شرح قوله: في الباب الذي قبل هذا وعن حمزة في الوقف خلف والكلام في هذا الباب على المتوسط والمتطرف الذي في آخر الكلمة:

وحمزة عند الوقف سهّل همزه

إذا كان وسطا أو تطرّف منزلا

أخبر رحمه الله أن حمزة كان يسهل الهمز المتوسط والمتطرف في الكلمة الموقوف عليها ومراده بالتسهيل هنا مطلق التغيير، والتغيير ينقسم إلى التسهيل بين بين وإلى البدل وإلى النقل فأطلق التسهيل ليشمل هذه الأنواع والهمزة المتوسطة هي التي ليست أول الكلمة ولا آخرها وقوله: منزلا أي تطرف منزله أي موضعه.

فأبدله عنه حرف مدّ مسكّنا

ومن قبله تحريكه قد تنزّلا

اعلم أن هذا الهمز ينقسم إلى ساكن ومتحرك وكلامه في هذا البيت على الساكن والساكن

ص: 84

ينقسم إلى متوسط نحو «يؤمنون، ويألمون، والذئب» ، وإلى متطرف والمتطرف ينقسم إلى ما سكونه أصلي وإلى ما سكونه عارض؛ فالأصلي ما يكون ساكنا في الوصل والوقف نحو «اقرأ، ونبئ، وهيئ» ، والعارض ما يكون متحركا في الوصل فإذا وقف القارئ عليه سكنه للوقف وذلك نحو «قال الملأ، ولكل امرئ، وملجأ» ، ويستوي في ذلك المنون وغيره، وقوله: فأبدله أي أبدل الهمز المتوسط والمتطرف الساكن الأصلي والعارض عن حمزة حرف مد ولين من جنس حركة ما قبله، فإن كان قبله ضمة أبدله واوا، وإن كان قبله كسرة أبدله ياء، وإن كان قبله فتحة أبدله ألفا، وقوله: مسكنا بكسر الكاف ليحصل تقييد الهمز بالسكون، أي أبدل الهمز في حال كونك مسكنا له سواء كان ساكنا قبل

نطقك به أو سكنته أنت للوقف وقوله: ومن قبله تحريكه قد تنزلا شرط للبدل شرطين:

أحدهما أن يكون الهمز ساكنا والثاني أن يتحرك ما قبله واشتراط تحرك ما قبل الهمز إنما يحتاج إليه في المتحرك الذي يسكنه القارئ للوقف نحو قالَ الْمَلَأُ [الأعراف: 60]، ليحترز به من نحو يشاء وقروء وهنيئا وسيأتي أحكام ذلك كله، وأما الهمزة الساكنة قبل الوقف فلا يكون ما قبلها إلا متحركا وليس في القرآن همزة ساكنة متطرفة في الوقف والوصل وقبلها ضمة فاعلم ذلك.

وحرّك به ما قبله متسكّنا

وأسقطه حتى يرجع اللّفظ أسهلا

لما انقضى كلامه في الهمز الساكن انتقل إلى الهمز المتحرك، وهو ينقسم إلى ما قبله ساكن وإلى ما قبله متحرك، فالذي قبله متحرك يأتي ذكره والذي قبله ساكن ينقسم إلى ما يصح نقل حركته إلى ذلك الساكن وإلى ما لا يصح نقل حركته إليه وسيأتي ذكره، وكلامه في هذا البيت على الهمز المتحرك الذي قبله ساكن ويصح نقل حركته إليه وكل ساكن يصح نقل الحركة إليه إلا الألف على الإطلاق والواو والياء المشتبهتين بالألف الزائدتين، وإذا اعتبر ما يصح نقل الحركة إليه من الساكن وجد على ثلاثة أقسام: صحيح وحرف لين ويعني به الواو والياء المفتوح ما قبلهما وحرف مدّ ولين ويعني به الياء المكسور ما قبلها والواو المضموم ما قبلها الأصليتين وكلا النوعين يجري مجرى الصحيح في صحة نقل الحركة إليه وكل قسم من هذه الأقسام يقع متوسطا ومتطرفا، فمثال الصحيح متوسطا يجأرون ويسأمون ومسئولا ومذءوما والقرآن والظمآن ومثاله متطرفا دفء والخبء والمرء ومثال حرف اللين متوسطا «سوآتهما وموئلا، وكهيئة الطير وشيئا» ، ومثاله متطرفا «سيىء وشيء وظن السوء» ، ومثال حرف المد واللين متوسطا سيئت وجوه والسوأى ومثاله متطرفا جيء وسيىء والسوء.

أخبر الناظم أن جميع ذلك حكمه النقل فقال: وحرك به أي بحركته يعني بحركة الهمز ما قبله متسكنا أي الحرف الساكن الذي يأتي قبل الهمز ويعني بذلك ما يصح النقل إليه لا غير وأسقطه يعني أسقط الهمز كما تقدم في باب نقل الحركة حتى يرجع اللفظ أسهلا أي أسهل مما كان قبل التغيير ويحذف التنوين إن كانت الكلمة منونة ثم استثنى من هذا أن يكون الساكن قبل الهمز ألفا فقال:

سوى أنّه من بعد ما ألف جرى

يسهّله مهما توسّط مدخلا

لما انقضى الكلام في حكم ما يصح نقل الحركة إليه من السواكن انتقل إلى الكلام في حكم

ص: 85

ما لا يصح نقل الحركة إليه منها وقد تقدم أنه الألف على الإطلاق وحرفا المد واللين الزائدان وكلامه في هذا البيت في حكم الهمز الواقع بعد الألف في وسط الكلمة الذي لا يصح نقل حركته إلى الألف فأخبر أن حكمه التسهيل فإن كان مفتوحا سهل بين الهمزة والألف وإن كان مضموما سهل بين الهمزة والواو وإن كان مكسورا سهل بين الهمزة والياء

وذلك نحو «جاءهم وآباءهم وآباؤهم وآباؤكم ونساؤكم، وبأسمائهم، ولآبائهم، وغثاء، ودعاء، ونداء لأن الهمز في هذا متوسط لأجل لزوم الألف التي هي عوض من التنوين» ، وقوله: سوى أنه معناه أن حمزة سهل الهمز المتحرك الجاري أي الواقع من بعد الألف مهما توسط مدخلا أي محلا ولا فرق في هذا الضرب بين ألف زائدة أو مبدلة من حرف أصلي ولذلك قال من بعد ألف جرى فأطلق وإذا سهلت الهمزة بعد الألف إن شئت مددت وإن شئت قصرت لأن الألف حرف مد قبل همز مغير. ثم ذكر المتطرفة فقال:

ويبدله مهما تطرّف مثله

ويقصر أو يمضي على المدّ أطولا

كلامه في هذا البيت في حكم الهمز الواقع بعد الألف في طرف الكلمة التي لا يصح نقل حركته إلى الألف وذلك نحو جاء وشاء والسماء والماء والعلماء والسراء والضراء، فأخبر الناظم أن حمزة يبدله فقوله ويبدله مهما تطرف مثله أي مثل الألف ألفا والهاء في مثله تعود على الألف في قوله في البيت الذي قبل هذا من بعد ما ألف جرى وقوله ويقصر إلخ يعني أن الهمزة المتطرفة إذا سكنت للوقف أبدل منها ألفا وألف قبلها فاجتمع ألفان، فإما أن تحذف إحداهما فتقصر أي إن قدرنا أن المحذوف هي الأولى بقرينة ما يأتي ولا تمد أو تبقيهما لأن الوقف يحتمل اجتماع ساكنين فتمد مدا طويلا، ويجوز أن يكون متوسطا لقوله في باب المد والقصر وعند سكون الوقف وجهان أصلاه وهذا من ذلك، ويجوز أن تمد على تقدير حذف الثانية لأن حرف المد موجود والهمزة منوية فهو حرف مد قبل همز مغير، وإن قدر حذف الألف الأولى فلا مدّ والمد هو الأوجه وبه ورد النص عن حمزة من طريق خلف وغيره، وهذا كله مبني على الوقف بالسكون، فإن وقف بالروم كما سيأتي في آخر الباب فله حكم آخر، وإن وقف على اتباع الرسم أسقط الهمزة فيقف على الألف التي قبلها فلا يمد أصلا.

ويدغم فيه الواو والياء مبدلا

إذا زيدتا من قبل حتى يفصّلا

لما انقضى كلامه في حكم الهمزة الواقعة بعد الألف انتقل إلى الكلام في حكم الهمزة الواقعة بعد الواو المضموم ما قبلها والهمزة الواقعة بعد الياء المكسور ما قبلها إذا كانتا زائدتين نحو «قروء وخطيئة وبريء والنسيء وهنيئا ومريئا فأخبر أن حمزة يبدل الهمزة الواقعة بعد الواو المذكورة واوا ويدغم الواو الزائدة في الواو المبدلة ويبدل الهمزة الواقعة بعد الياء المذكورة ياء ويدغم الياء الزائدة في الياء المبدلة وقوله: حتى يفصلا معناه حتى يفرق بين الزائد والأصلي فإن الواو والياء الأصليتين تنقل إليهما الحركة ويعرف الزائد من الأصلي بأن الزائد ليس بفاء الكلمة ولا عينها ولا لامها بل يقع ذلك بين ذلك وفي هذه الكلمات وقع بين العين واللام لأن قروء فعول وخطيئة فعيلة وبريء والنسيء فعيل وهنيئا ومريئا فعيلا والأصلي بخلافه نحو «هيئة، وشيء» ، لأن وزنهما فعلة وفعل فهذا النوع تنقل

ص: 86

إليه الحركة كما تقدم وبعضهم أجرى الأصلي مجرى الزائد في الإبدال والإدغام وسيأتي ذلك في قوله: «وما واو وأصلي تسكن قبله» ، أو الياء.

ويسمع بعد الكسر والضّمّ همزه

لدى فتحه ياء وواوا محوّلا

لما انقضى كلامه في حكم الهمز المتحرك بعد أنواع الساكن انتقل إلى الكلام في حكم الهمز المتحرك بعد الحركة وهي تنقسم تسعة أقسام مفتوحة بعد الحركات الثلاثة نحو:

«سألتهم، ويؤيد، خاطئة» ، ومكسورة بعد الحركات الثلاث نحو «خاطئين، وبئيس وسئلوا» ومضمومة بعد الحركات الثلاث نحو رءوسكم ورءوف ومستهزءون ذكر في هذا البيت قسمين من الأقسام التسعة وهما المفتوحة بعد الكسر نحو «خاطئة وناشئة ومائة فئة» ، والمفتوحة بعد الضم نحو يؤيد ويؤلف ويؤخر ومؤجلا أخبر أن

حكمهما في التخفيف البدل تبدل الهمزة في النوع الأول ياء وفي الثاني واو فقال ويسمع أي ويسمع حمزة همزة المفتوح بعد الكسر ياء وبعد الضم واوا محولا من الهمز أي مبدلا منه.

وفي غير هذا بين بين ومثله

يقول هشام ما تطرّف مسهلا

هذا في قوله وفي غير هذا إشارة إلى الهمز المفتوح بعد الكسر والضم والمراد بغيره الأقسام الباقية من التسعة وهي المفتوحة بعد الفتح والمكسورة بعد الحركات الثلاثة والمضمومة بعد الحركات الثلاث فأخبر أن الحكم في جميعها أن تجعل الهمزة بين بين يعني أن تجعل الهمزة بين لفظها وبين الحرف الذي منه حركتها فتجعل الهمزة المفتوحة بعد الفتحة نحو «سأل، ومآرب، وتأذن» بين الهمزة والألف، وأما الهمزة المكسورة الواقعة بعد الحركات الثلاث فمثالها بعد الفتحة يومئذ وبعد الكسرة خاسئين وبعد الضمة سئلوا فتسهيلها بين الهمزة والياء في الأنواع الثلاثة، وأما الهمزة المضمومة الواقعة بعد الفتحة نحو «رءوف» وبعد الكسرة نحو «فمالئون» وبعد الضمة نحو «برءوسكم» فتسهيلها بين الهمزة والواو في الأحوال الثلاثة فهذه أصول مذهب حمزة في تخفيف الهمز على ما اقتضته لغة العرب ثم قال ومثله يقول هشام ما تطرف أي ومثل مذهب حمزة مذهب هشام فيما تطرف من الهمز أي كل ما ذكرناه لحمزة في الهمزة المتطرفة فمثله لهشام ويقع في النسخ مثله بضم اللام ونصبها أجود، ومسهلا حال من هشام أي راكبا للسهل. ثم ذكر فروعا للقواعد المتقدمة وقع فيها الخلاف فقال:

ورئيا على إظهاره وادّغامه

وبعض بكسر الها لياء تحوّلا

كقولك أنبئهم ونبّئهم وقد

رووا أنّه بالخطّ كان مسهّلا

يريد «أحسن أثاثا ورئيا» أي على إظهاره قوم وعلى إدغام قوم آخرون وقياس تخفيف همزه أن يفعل فيه ما تقدم من إبدال الهمزة ياء ساكنة لسكونها بعد الكسر وإذا فعل ذلك

اجتمع فيه ياءان ففيه حينئذ وجهان فروي الإدغام لأنه قد اجتمع مثلان أولهما ساكن ولأنه رسم بياء واحدة وروي الإظهار نظرا إلى أصل الياء المدغمة وهو الهمز لأن البدل عارض والحكم في تؤوي وتؤويه بعد الإبدال كالحكم في رئيا لاجتماع واوين وقد نص في التيسير على ذلك ولم يذكره الناظم لما في رئيا من التنبيه عليه ثم قال «وبعض بكسر الها لياء تحولا» ، كقولك: أنبئهم ونبئهم. أخبر أن بعض أهل الأداء يكسرها الضمير المضمومة لأجل ياء قبلها تحولت تلك الياء عن همزة أي أبدلت الهمزة الساكنة المكسور ما قبلها ياء على ما تقدم

ص: 87

ومثل بأنبئهم بالبقرة ونبئهم بالحجر والقمر فيقول أنبيهم ونبيهم بكسر الهاء وقبلها ياء ساكنة كما يقول فيهم ويزكيهم، ويفهم مما ذكر أن البعض الآخر يبقون الهاء على ما كانت عليه من الضم لأن الياء قبل هاء عارضة في الوقف فحصل في أنبئهم ونحوه وجهان صحيحان وهاتان المسألتان رئيا وأنبئهم فرعان لقوله: فأبدله عنه حرف مد مسكنا، ثم ذكر قاعدة أخرى مستقلة فقال: وقد رووا أنه بالخط كان مسهلا يعني أن حمزة كان يعتبر تسهيل الهمزة بخط المصحف على ما كتب في زمن الصحابة رضي الله عنهم وضابط ذلك أن ينظر في القواعد المتقدم ذكرها فكل موضع أمكن إجراؤها فيه من غير مخالفة للرسم لم يعدل إلى غيره نحو جعل بارئكم بين الهمزة والياء وإبدال همزة أبرئ ياء وإبدال همزة ملجأ ألفا وإن لزم منها مخالفة الرسم فتسهل على موافقة الرسم فاجعل همزة تفتؤا بين الهمزة والواو ومن نبأني بين الهمزة والياء ولا تبدلها ألفا وكان القياس على ما مضى ذلك لأنهما يسكنان للوقف وقبلهما فتح فيبدلان ألفا وهذا الوجه يأتي تحقيقه في قوله فالبعض بالروم سهلا. ثم بين كيفية اتباع الرسم فقال:

ففي اليا يلي والواو والحذف رسمه

والأخفش بعد الكسر ذا الضّمّ أبدلا

بياء وعنه الواو في عكسه ومن

حكى فيهما كاليا وكالواو أعضلا

معنى يلي يتبع يعني أن حمزة يتبع رسم المصحف في الياء والواو والحذف فما كان صورته ياء أبدله ياء وما كان صورته واوا أبدله واوا، وما لم يكن له صورة حذفه فيقول نسايكم وأبنايكم ومويلا بياء خالصة ويقول نساوكم وأبناؤكم ويذروكم بواو خالصة، وأما الحذف ففي كل همزة بعدها واو جمع نحو فمالون وبطون ومستهزون، وإنما ذكر هذه الأقسام الثلاثة ولم يذكر الألف وإن كان تصويره كثيرا لأن تخفيف كل همزة صورت ألفا على القواعد المتقدمة لا يلزم منه مخالفة الرسم لأنها إما أن تسهل بين الهمزة والألف نحو سأل أو تبدل ألفا نحو ملجأ وهذا موافق للرسم وإنما تجري المخالفة في رسمها بالياء والواو وفي عدم رسمها، وقد بينت المخالفة في الياء والواو في كلمتي تفتؤا ومن نبأ. ثم بين الناظم مذهب الأخفش النحوي، وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة وهو الذي يأتي ذكره في سورة الأنعام وغير الذي ذكره في سورة النحل فقال: والأخفش بعد الكسر ذا الضم أبدلا بياء، أخبر أن الأخفش كما يبدل ذا الضم يعني الهمز المضموم إذا وقع بعد الكسر ياء نحو أأنبئكم

وسنقرئك ومستهزءون ونحوه بياء مضمومة خالصة وقوله وعنه الواو في عكسه: أي وعن الأخفش إبدال الواو في عكس ذلك وهو أن تكون الهمزة مكسورة بعد ضم وهو عكس ما تقدم فيقول سولوا ونحوه بواو خالصة وهما من الأقسام التسعة التي تقدم أن الحكم فيها أن تجعل بين بين فتكون في القسم الأول بين الهمزة والواو، وفي القسم الثاني بين الهمزة والياء وهو مذهب سيبويه وخالفه الأخفش فيهما فأبدلها في القسم الأول ياء وفي الثاني واوا فتصير مواضع الإبدال على قول الأخفش أربعة هذان القسمان وقسمان وافق فيهما سيبويه وهما المذكوران في قوله:

«ويسمع بعد الكسر والضم همزه» ، ثم قال: ومن حكى فيهما أي في المضمومة بعد الكسر والمكسورة بعد الضم كالياء وكالواو أي يجعل المضمومة كالياء والمكسورة كالواو أي تسهل كل واحدة منهما بينها وبين حرف من جنس حركة ما قبلها لا من جنس حركتها فمن حكى ذلك أعضل

ص: 88

أي أتى بمعضلة وهو الأمر الشاق لأنه جعل همزة بين بين مخففة بينها وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها والوجه تدبيرها بحركتها. ثم بين شيئا من مواضع الحذف فقال:

ومستهزءون الحذف فيه ونحوه

وضمّ وكسر قبل قيل وأخملا

هذا مفرع على القول بالوقف على رسم المصحف، وقد عرف مما تقدم تسهيل الهمزة المضمومة المكسور ما قبلها وإنما أراد بهذا البيت بيان الحركة لما قبل الواو بعد حذف الهمزة وهذه مسألة ليست في التيسير وقوله: ومستهزءون الحذف فيه ونحوه. أخبر رحمه الله أن مستهزون ذكر فيه الحذف لأن الهمزة فيه ليس لها صورة ومحلها بين الواو والزاي والواو المرسوم فيه واو الجمع قوله ونحوه يعني أن كل همزة مضمومة ليس لها صورة قبلها كسرة وبعدها واو نحو «ليطفوا، وليواطوا، ويستنبونك، وخاطون» ، وما أشبه ذلك فإن فيه الحذف بناء على ما تقدم من أنواع الرسم، وقوله: وضم وكسر قبل قيل يعني قيل بالضم قبل الواو وقيل بالكسر قبل الواو أيضا أخبر أن في ذلك وجهين بعد حذف الهمزة وذلك أن الهمزة إذا حذفت على ما روي من حذف الهمز الذي ليس له صورة بقيت الواو ساكنة قبلها كسرة فمن الناس من يحرك الحرف المكسور بالحركة التي كانت على الهمزة وهي الضمة ومنهم من يبقيه مكسورا على حاله وقوله وأخملا قال السخاوي يعني هذين المذهبين المذكورين وإنما أخملا لأن حركة الهمزة ألقيت على متحرك وفي الوجه الآخر أنها واو ساكنة قبلها كسرة وليس ذلك في العربية اه كلامه، أما هذا الوجه أعني الواو الساكنة المكسور ما قبلها فحقيق بالإخمال وهو الذي أراد الناظم وأما ضم ما قبل الواو فوجه جيد وعليه قرأ نافع والصابون فلا وجه لإخمال هذا الوجه، فالألف في أخملا للإطلاق لا للتثنية. والخامل: الساقط الذي لا نباهة له فقد اجتمع في مستهزءون ونحوه خمسة أوجه ما بين مستعمل ومتروك: أحدها

تسهيل الهمزة على ما تقدم أولا بين الهمزة والواو وهو مذهب سيبويه. والثاني إبدال الهمزة ياء مضمومة وهو مذهب الأخفش. والثالث تسهيلها بين الهمزة والياء وهو الذي حكى أن صاحبه أعضل. والرابع حذف الهمزة وتحريك الحرف الذي قبلها بحركتها والخامس حذف الهمزة وإبقاء ما قبلها على حاله من الكسر، وهذان الوجهان المخلان على رأي بعضهم، وقال الفاسي ويتأتى في ذلك وجه سادس إبدال الهمزة واوا مضمومة وذلك أن هذا النوع رسم بواو واحدة، واختلف فيها فقيل هي صورة الهمزة وواو الجمع محذوفة وقيل هي واو الجمع وصورة الهمزة محذوفة فيجوز على اعتماد أنها صورة الهمزة إبدالها واوا فيقول مستهزون كما يقال أبناوكم ونساوكم على الوجه المذكور في اتباع الخط.

وما فيه يلقى واسطا بزوائد

دخلن عليه فيه وجهان أعملا

كما ها ويا واللّام والبا ونحوها

ولا مات تعريف لمن قد تأمّلا

الهمز المتوسط على قسمين: متوسط لا ينفصل من الحرف الذي قبله نحو الملائكة وأبناؤكم ونساؤكم فوجهه التسهيل على ما تقدم بلا خلاف. والقسم الآخر متوسط بسبب ما دخل عليه من الزوائد وهو المشار إليه بقوله وما فيه: أي وما في الهمز يلفي أي يوجد أي واللفظ الذي فيه يوجد الهمز متوسطا بسبب حروف زوائد دخلن عليه واتصلن به خطأ أو لفظا ففي الوقف عليه لحمزة وجهان مستعملان وهما التحقيق والتخفيف ولا ينبغي أن يكون الوجهان إلا تفريعا على قول من

ص: 89

لا يرى تخفيف الهمزة المبتدأة لحمزة المأخوذ من قوله وعن حمزة في الوقف خلف، أما من يرى ذلك فتسهيله لهذا أولى لأنه متوسط صورة ثم أتى بأمثلة الزوائد المشار إليها فقال كما هاويا، وما في قوله كما زائدة: أي الزائد من لفظ ها وياء أما ها ففي هؤلاء وها أنتم ويا نحو «يا أيها، ويا آدم، ويا إبراهيم ويا أخت» ، واللام نحو لَأَنْتُمْ أَشَدُّ [الحشر: 13] ولِأَبَوَيْهِ [النساء: 11] ولَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران: 158]، والياء نحو بأنهم وبآخرين ولبإمام وفبأي وقوله ونحوها أي ونحو هذه الزوائد الواو نحو وأنتم وأمر والفاء نحو «فآتوهن، وفآمنوا، وفأووا، وفأنت» ، والكاف نحو «كأنهم فكأنها وكأنهن» ، والسين نحو سَأُرِيكُمْ [الأعراف: 145]، [الأنبياء: 37] وسَأَصْرِفُ [الأعراف: 146]، والهمزة نحو «أأنذرتهم، وأ ألد، وأ ألقي» ، فجميع هذه الأمثلة ونحوها فيها وجهان التحقيق والتخفيف بحسب ما تقتضيه حركة الهمزة وحركة ما قبلها من أنواع التخفيف على ما تقدم، وقوله: ولا مات تعريف يريد به نحو الأرض والإنسان والأولى والأخرى ففي جميع ذلك التحقيق والنقل وهذا مفهوم من قوله وعن حمزة في الوقف خلف ولكنه ذكره هنا ليعلم أنه من هذا النوع فلهذا قال لمن قد تأملا.

توضيح: المراد بالزوائد المشار إليها ما إذا حذف بقيت الكلمة بعد حذفه مفهومة نحو ما ذكرته من الأمثلة هنا، فأما إذا بقيت الكلمة بعد حذفه غير مفهومة نحو «يؤمن، ويؤتى،

ويؤيد، والمؤمنون، والمؤتون، ومؤجلا»، فلا خلاف في تحقيق الهمز في ذلك كله على ما سبق والهمز في نحو «وأمر، وفأووا» ، ابتداء باعتبار الأصل ومتوسطا باعتبار الزائد الذي اتصل به وصار كأنه منه بدليل أنه لا يتأتى الوقف عليه وقد يشتبه به نحو الَّذِي اؤْتُمِنَ [البقرة: 283] ويا صالِحُ ائْتِنا [الأعراف: 77] والْهُدَى ائْتِنا [الأنعام: 71]، لأن الكلمة التي قبل الهمزة قامت مقام الواو والفاء في وأمر وفأووا، فإن قيل ما الحكم في هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ [الحاقة: 19]، قيل التسهيل بلا خلاف لأن همزة هاؤم متوسطة لأنها من تتمة كلمتها بمعنى خذ ثم اتصل بها ضمير الجماعة ويوقف على هاؤم على الرسم وهاؤمو على الأصل لأن الواو حذفت في الوصل للساكن بعدها.

واشمم ورم فيما سوى متبدّل

بها حرف مدّ واعرف الباب محفلا

أمر بالإشمام والروم لحمزة وهشام فيما لا تبدل الهمزة المتطرفة فيه حرف مد ولين يعني أن في كل ما قبله ساكن غير الألف الروم والاشمام وهو نوعان أحدهما ما ألقى فيه حركة الهمزة على الساكن نحو «دفء والمرء والسوء» ، والثاني ما أبدل فيه الهمزة حرفا وأدغم فيه ما قبله نحو «قروء وشيء» وكل واحد من هذين النوعين قد أعطى حركة فترام تلك الحركة وضابطه كل همز طرف قبله ساكن غير الألف وأما ما يبدل طرفه بالهمز حرف مد ولين ألفا أو واوا أو ياء سواكن وقبلهن حركات من جنسهن نحو «الملأ ولؤلؤ والبارئ ويشاء والسماء والماء» ، فلا يدخله روم ولا إشمام لأن الألف والواو والياء فيه كألف يخشى وياء يرمي وواو يغزو وضابطه كل

همز طرف قبله متحرك أو ألف، وقوله: واشمم معناه حيث يصح الإشمام من المرفوع والمضموم ورم معناه حيث يصح الروم من المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور، وقوله فيما سوى متبدل بها حرف مد فيما سوى طرف متبدل الهمز فيه حرف مد وقوله واعرف الباب محفلا أي مجتمعا ومحفل القوم مجتمعهم أي هذا الباب موضع اجتماع تخفيف الهمز عن حمزة:

وما واو اصلي تسكّن قبله

أو اليا فعن بعض بالإدغام حمّلا

قد تقدم أن الواو والياء الساكنتين قبل الهمز المتحرك ينقسمان إلى زائد وأصلي وأن حكم

ص: 90

الزائد إبدال الهمزة بعده حرفا مثله وإدغامه فيه نحو «قروء وخطيئة» وأن حكم الأصلي أن تنقل حركة الهمزة سواء كان حرف لين نحو «سوأة» وكهيئة أو حرف مد ولين نحو «السوأى وسيئت» وأتى في الواو والياء الأصليتين هنا بوجه آخر فأخبر في هذا البيت أن من الرواة من نقل عنه إجراء الأصلي مجرى الزائد فيوقف على ذلك سوة وهية والسوى وسيت بالبدل والإدغام حملا أي نقل عن حمزة رحمه الله:

وما قبله التّحريك أو ألف محرّ

ركا طرفا فالبعض بالرّوم سهّلا

ومن لم يرم واعتدّ محضا سكونه

وألحق مفتوحا فقد شذّ موغلا

كلامه فيما امتنع رومه وإشمامه على ما تقدم بيانه وهو إذا كان الهمز طرفا متحركا وقبله حركة نحو بدأ ويبدئ ويبدأ أو كان طرفا محركا وقبله ألف نحو السماء والماء والدعاء فحكمه أن يبدل حرف مد ولين من جنس الحركة التي قبله بعد تقدير سكونه للوقف على ما تقدم وهو مذهب سيبويه وقد ذكر الناظم النوع الأول في قوله: «فأبدله عنه حرف مد مسكنا» ، والنوع الثاني في قوله:«ويبدله مهما تطرف مثله» ، وذكر هنا وجها آخر، وهو الروم وهو ما روى سليم عن حمزة أنه كان يجعل الهمزة في جميع ذلك بين بين أي بينها وبين الحرف المجانس لحركتها ولا يتأتى ذلك إلا مع روم الحركة لأن الحركة الكاملة لا يوقف عليها ولأن الهمزة الساكنة لا يتأتى تسهيلها بين بين لما تقدم. ثم لأهل الأداء فيما روي من هذا الوجه ثلاثة مذاهب: منهم من رده ولم يعمل به واعتل بأن الهمزة إذا سهلت بين بين قربت من الساكن وإذا قربت من الساكن كان حكمها حكم الساكن فلا يدخلها الروم كما لا يدخل الساكن فلم يرم المفتوحة ولا المكسورة ولا المضمومة واقتصر في الجميع على البدل ومنهم من يعمل بعموم ما روي من ذلك في الحركات الثلاث واعتل بأن الهمزة المسهلة بين بين وإن قربت من الساكن فإنه يزنه بزنة المتحرك بدليل قيامه مقامه في الشعر وإذا كان بزنة المتحرك جاز رومه واعتذر عن روم المفتوح لأنه دعت الحاجة إليه عند إرادة التسهيل مع جوازه في العربية ومنهم من اقتصر فأجاز ذلك في الضم والكسر دون الفتح واحتج بجوازه فيهما وهو الوجه المختار من الأوجه الثلاثة فقول الناظم وما قبله التحريك أو ألف محركا طرفا يعني به النوعين المذكورين نحو بدأ ويبدأ ويبدئ ونحو السماء والماء والدعاء وقوله: فالبعض بالروم سهلا يعني به حيث يصح الروم وأطلق اللفظ وهو يريد ما ذكرناه وهذا الوجه المذكور وهو الذي اقتصر عليه من قال به ولذلك قدمه. قوله ومن لم يرم يعني في شيء من الحركات الثلاث لما ذكرناه من العلة وإليه أشار الناظم بقوله واعتد محضا سكونه لأنه لما أعطاه حكم الساكن كان عنده من جملة السواكن في الحكم وقوله والحق مفتوحا فيه حذف والتقدير ومن الحق المفتوح بالمضموم والمكسور في الروم فقد شذ موغلا أي مبعدا في شذوذه وأصل الإيغال الإبعاد في السير والإمعان فيه فحاصله أنه نقل في المخصص ثلاث مذاهب: الأول روم الضم والكسر وإسكان الفتح وهو معنى قوله فالبعض بالروم سهلا. والثاني الوقف بالسكون في الضم والكسر والفتح وهو معنى قوله: ومن لم يرم واعتد محضا سكونه. الثالث: الروم في الأحوال الثلاثة وهو معنى قوله والحق مفتوحا أي بالمضموم والمكسور وهذان المذهبان اللذان غلا من قال بهما وهما زائدان على التيسير.

ص: 91