المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المد والقصر - شرح الشاطبية سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي

[ابن القاصح]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌باب الاستعاذة

- ‌باب البسملة

- ‌باب الإدغام الكبير

- ‌باب إدغام الحرفين المتقاربين في كلمة وفي كلمتين

- ‌باب هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر

- ‌باب الهمزتين من كلمة

- ‌باب الهمزتين من كلمتين

- ‌باب الهمز المفرد

- ‌باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها

- ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز

- ‌باب الإظهار والإدغام

- ‌ذكر ذال إذ

- ‌ذكر دال قد

- ‌ذكر تاء التأنيث

- ‌ذكر لام هل وبل

- ‌باب اتفاقهم في إدغام إذ وقد وتاء التأنيث وهل وبل

- ‌باب حروف قربت مخارجها

- ‌باب أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب الفتح والإمالة وبين اللفظين

- ‌باب مذهب الكسائي في إمالة هاء التأنيث في الوقف

- ‌باب الراءات

- ‌باب اللامات

- ‌باب الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب الوقف على مرسوم الخط

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الزوائد

- ‌باب فرش الحروف

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود عليه السلام

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم عليها السلام

- ‌سورة طه عليه السلام

- ‌سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌ومن سورة الروم إلى سورة سبأ

- ‌سورة سبأ وفاطر

- ‌سورة يس عليه السلام

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى والزخرف والدخان

- ‌سورة الشريعة والأحقاف

- ‌ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الواقعة والحديد

- ‌ومن سورة المجادلة إلى سورة ن

- ‌ومن سورة ن إلى سورة القيامة

- ‌ومن سورة القيامة إلى سورة النبأ

- ‌ومن سورة النبأ إلى سورة العلق

- ‌ومن سورة العلق إلى آخر القرآن

- ‌باب التكبير

- ‌باب مخارج الحروف وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها

الفصل: ‌باب المد والقصر

وعى نفر أرجئه بالهمز ساكنا

وفي الهاء ضمّ لفّ دعواه حرملا

وأسكن نصيرا فاز واكسر لغيرهم

وصلها جوادا دون ريب لتوصلا

أخبر رضي الله عنه أن المشار إليهم بنفر وهم ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر حفظوا أرجئه بالهمزة الساكن في الموضعين بالأعراف والشعراء فتعين للباقين ترك الهمز فيهما ومعنى وعى أي حفظ وليست العين من وعى برمز لأن الواو أصلية فصارت العين متوسطة والرمز الحرفي لا يكون إلا في أول الكلم ثم انتقل إلى الكلام في الهاء فقال وفي الهاء ضم أخبر أن المشار إليهم باللام والدال والحاء في قوله لف دعواه حرملا يضمونها وهم هشام وابن كثير وأبو عمرو ثم أمر بإسكانها للمشار إليهما بالنون والفاء من قوله نصيرا فأزوهما

عاصم وحمزة ثم قال واكسر لغيرهم أمر بكسرها لغير الذين ضموا الذين سكنوا وهم نافع والكسائي وابن ذكوان ثم أمر بالصلة للمشار إليهم بالجيم والدال والراء واللام من قوله جواد دون ريب لتوصلا وهم ورش وابن كثير والكسائي وهشام.

توضيح: أرجئه فيها ست قراءات الأولى لقالون أرجه بترك الهمز لأنه ليس من نفر وبكسر الهاء لأنه داخل فيمن أراد بقوله واكسر لغيرهم وبالقصر لأنه لم يذكره في أصحاب الصلة الثانية لورش والكسائي مثل قراءة قالون إلا أنهما يصلان الهاء بياء لأنه ذكرهما في أصحاب الصلة فصار اللفظ أرجه الثالثة لابن كثير وهشام وذلك أنهما قرآ أرجئهو بالهمز لأنهما من نفر وبضم الهاء وصلتها بواو لأنه يذكرهما مع أصحاب الصلة الرابعة لأبي عمرو وذلك أنه قرأ مثل ابن كثير وهشام إلا أنه لم يصل الهاء لأنه لم يذكره مع أصحاب الصلة فصار اللفظ أرجئه الخامسة لابن ذكوان وذلك أنه قرأ أرجئه بالهمز لأنه من نفر وبكسر الهاء لأنه داخل فيمن أراد بقوله واكسر لغيرهم وبترك الصلة لأنه لم يذكره مع أصحابها السادسة لعاصم وحمزة قرءا أرجه بترك الهمز لأنهما ليسا من نفر وبإسكان الهاء لأنه نص لهما على ذلك والهاء في قوله دعواه للضم، والحرمل نبت معروف، والجواد الفرس الجيد والرجل السخي والريب: الشك.

‌باب المد والقصر

المد في هذا الباب عبارة عن زيادة المد في حروف المد لأجل همز أو ساكن والقصر ترك تلك الزيادة أي باب زيادة المد على الأصل وحذفها وقدم المد على القصر وإن كان فرعا لعقد الباب له والمد طول زمان الصوت والقصر الأصل لعدم توقفه على سبب بخلاف المد وأصل القصر الحبس ومنه حُورٌ مَقْصُوراتٌ [الرحمن: 72]، أي محبوسات وللمد عشرة ألقاب مد الحجز ومد العدل ومد التمكين ومد الفصل ومد الروم ومد الفرق ومد البنية ومد المبالغة ومد البدل ومد الأصل فأما مد الحجز فإنه يحجز بين الساكنين والمتحرك نحو الضالين ودابة وأما مد العدل فإنه سمي بذلك لاعتدال النطق بالهمز نحو آأنذرتهم على قراءة من يمد بين الهمزتين وأما مد التمكين فإنه يمكن الكلمة عن الاضطراب نحو أولئك وبابه وأما مد الفصل فإنه يفصل بين الكلمتين نحو بما أنزل وأما مد الروم فإنه يروم بالمد الهمز نحوها أنتم وأما مد الفرق فإنه يفرق بين الاستفهام وغيره ولا زيادة عليها نحو آلذكرين الآن وأما مد البنية نحو دعاء ونداء فإن الكلمة بنيت على المد دون القصر وأما مد المبالغة فللتعظيم نحو لا إله إلا الله وأما مد البدل فإنه نحو آمن وآزر وآدم لأن المد بدل من الهمزة الثانية وأما مد الأصل فنحو جاء وشاء لأن الهمزة والمد من أصل الكلمة.

ص: 48

إذا ألف أو ياؤها بعد كسرة

أو الواو عن ضمّ لقي الهمز طوّلا

ذكر رحمه الله حروف المد الثلاثة فقال إذا ألف ولم يقيد ما قبلها بشيء لأنها ساكنة حتما مفتوح ما قبلها لزوما ثم قال أو ياؤها بعد كسرة فقيد الياء بكسر ما قبلها لأنه يجوز أن يقع قبلها فتحة نحو هيئة وشيء والضمير في قوله ياؤها يعود على الألف ثم قال أو الواو عن ضم فقيد الواو بأن تكون قبلها ضمة لأنه يجوز أن يكون قبلها فتحة نحو سَوْأَةَ أَخِيهِ [المائدة: 31]، فالألف لا تزال حرف مد لأن ما قبلها لا يكون إلا من جنس حركتها والواو والياء لهما شرطان أحدهما السكون والثاني أن تكون حركة ما قبلهما من جنسهما فيكون قبل الياء

كسرة وقبل الواو ضمة فحينئذ يكونان حرفي مد ولين وسواء في ذلك حرف المد المرسوم في المصحف والذي لم يرسم له صورة نحوها أنتم ويا آدم ولم يرسم في كل كلمة سوى ألف واحد وهي صورة الهمز وألف هاويا محذوفة نحو صلة هذه الكناية وميم الجمع نحو قوله تعالى به أن يوصل وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ [البقرة: 78]، يجري الأمر فيه كغيره من المد والقصر على ما تقتضيه مذاهب القراء ثم قال لقي الهمز أي استقبله ثم قال طولا أي مد لأن المد

ص: 49

إطالة الصوت بالحرف الممدود أي إذا لقي الألف أو الياء الساكنة المكسور ما قبلها أو الواو الساكنة المضموم ما قبلها همزة مخففة من كلمة حرف المد زيد مد حرف المد على ما فيه من المد الطبيعي للسبعة وعلم أن كلامه في هذا البيت على المد المتصل من قوله بعد فإن ينفصل ولم يخص أحدا من القراء فحمل على العموم وسمي هذا النوع من المد المتصل لاتصال الهمزة بكلمة حرف المد وله محل اتفاق ومحل اختلاف فمحل الاتفاق هو أن السبعة الأشياخ اتفقوا على المد قبل الهمز ومحل الخلاف هو تفاوت الزيادة في المراتب ونصوص النقلة فيها مختلفة وعبارة بعضهم توهم التسوية وأما عبارة الناظم رضي الله عنه فمطلقة تحتمل التفاوت والتسوية وقال السخاوي عنه أي عن الشاطبي رحمه الله إنه كان يروى في هذا النوع مرتبتين طولى لورش وحمزة ووسطى للباقين ويعلل عدوله عن المراتب الأربع التي ذكرها صاحب التيسير وغيره بأنها لا تتحقق ولا يمكن الإتيان بها في كل مرة على قدر السابقة وقال صاحب النكت لم يتعرض في القصيد لذكر التفاضل في المد فكان رأيه يعني الناظم أنه يمد في المتصل مدتين طولى لورش وحمزة ووسطى لمن بقي وفي المنفصل أن يمد لورش وحمزة مدة طولى ويمد لقالون والدوري على رواية من يروي لهما المد وابن عامر والكسائي

ص: 50

وعاصم مدة وسطى ويقصر لابن كثير والسوسي بلا خلاف ولقالون والدوري في رواية من يروى لهما القصر وقيل الأولى لمن قرأ من هذه القصيدة أن يسلك طريقة الناظم رحمه الله ولعله استأثر بنقله. قلت وكذلك قرأت على الشيخ علاء الدين رحمه الله ثم ذكر المنفصل فقال:

فإن ينفصل فالقصر بادره طالبا

بخلفهما يرويك درّا ومخضلا

أي فإن ينفصل حرف المد واللين من الهمز مثل أن يكون حرف المد آخر كلمة والهمز أول الكلمة الأخرى فالقصر بادره أي سارع إليه، أمر بمبادرة القصر للمشار إليهما بالباء والطاء من قوله بادرة طالبا وهما قالون والدوري عن أبي عمرو ثم قال بخلفهما أي بخلاف عنهما أي بوجهين القصر والمد وأشار بالياء والدال من قوله يرويك درّا إلى السوسي وابن كثير يعني أنهما قرآ بالقصر بلا خلاف فتعين للباقين المد لا غير، وتفاضل المد في هذا الضرب أيضا على حسب ما ذكر عن الناظم من كونه على مرتبتين ولم يذكر صاحب التيسير القصر عن الدوري فهو من زيادات القصيد وحدّ القصر أن يقتصر على ما في حرف المد من المد الطبيعي الذي فيه كما إذا لم يصادف همزة وإنما أمر

ص: 51

بمبادرة القصر لأصالته ولأن المد

فرعه وإذا قرأ القارئ على المقرئ نحو قراءة قالون والدوري عن أبي عمرو فالأولى أن يقدم القصر ثم يأتي بالمد بعده لسهولته لا سيما في جمع الروايات لأن القارئ يبقى كالذي يترقى درجة درجة فيستعين بذلك على تحرير مقادير المدود وبعض أهل الأداء لم يذكروا في تصانيفهم عن أبي عمرو وقالون إلا القصر في المنفصل ولعل الناظم أشار إلى هذا المعنى حيث قال فالقصر بادره ويجوز في قوله فالقصر الرفع والنصب والنصب أجود والدر اللبن والمخضل النبات الناعم، كل هذا ثناء على القصر ثم ذكر أمثلة المتصل والمنفصل فقال:

كجيء وعن سوء وشاء اتّصاله

ومفصوله في أمّها أمره إلى

مثال الياء وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ [الفجر: 23]، ومثله سِيءَ بِهِمْ [العنكبوت: 33]، [هود: 77] ومثال الواو وتَعْفُوا عَنْ سُوءٍ [النساء: 149] ومثله ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:

228]، ومثال الألف شاء الله ومثله جاء فهذه أمثلة المتصل ونبه عليه بقوله اتصاله أي اتصال حرف المد بالهمز في كلمة واحدة وقوله ومفصوله أي أمثلة المنفصل في أمها رسولا هذا مثال الياء ومثله أولى أجنحة ومثال الواو أمره إلى الله، ونبه بهذا المثال على أن واو الصلة التي لا ترسم في المصحف كغيرها في الحكم

ص: 52

مما رسم في المصحف نحو قالُوا آمَنَّا [البقرة: 14] وضاق عليه تمثيل الألف من القرآن فلم يساعده النظم ولكنه حاصل من قوله أمها أمره ومثاله في القرآن لا إله إلا الله وَلا أُشْرِكُ بِهِ [الجن: 20]، ولا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ [الكافرون: 2] والهاء في اتصاله ومفصوله لحرف المد، ولما فرغ من حرف المد الواقع قبل الهمزة انتقل إلى حرف المد الواقع بعدها فقال:

وما بعد همز ثابت أو مغيّر

فقصر وقد يروى لورش مطوّلا

ووسّطه قوم كآمن هؤلا

ء آلهة آتى للإيمام مثّلا

أي والذي وقع من حروف المد بعد همز ثابت، يعني بالثابت الباقي لفظه وصورته ثم قال أو مغير ويعني بالمغير ما لحقه نقل أو تسهيل أو بدل على ما نبينه ثم قال فقصر أي بالقصر لجميع القراء ورش وغيره ثم قال وقد يروى لورش مطولا أي ممدودا مدا طويلا قياسا على ما إذا تقدم حرف المد واللين على الهمز ثم قال ووسطه قوم أي

جماعة من أهل الأداء رووا عن ورش مدا متوسطا وذكروه في كتبهم فيكون المد في هذا النوع أقل منه فيما إذا تقدم حرف المد واللين على الهمز

ص: 53

لظهور الفارق بينهما ولم يذكر في التيسير غير هذا حيث قال زيادة متوسطة فالطويل والقصير من زيادات القصيدة فصار لورش ثلاثة أوجه في هذا النوع القصر كسائر القراء والمد المتوسط والمد المطول، وأما القاف من قوله قوم فليست برمز بخلاف حمى صفوه قوم ثم مثل لما فيه هذه الأوجه بأربعة أمثلة اثنان فيهما الهمز ثابت وهما آمن وآتى الذي بعد همزه ألف واثنان فيهما الهمز مغير أحدهما لو كان هؤلاء آلهة فقرأ ورش بإبدال همزة آلهة ياء في الوصل وبعدها ألف فهي حرف مد بعد همز

مغير والثاني للإيمان بنقل حركة همزة إيمان إلى اللام فالياء من إيمان حرف مد بعد همز مغير ونحو جاء آل يسهله ورش بين بين فالألف من آل حرف مد بعد همز مغير، ومثال ما بعده واو أوحى والمنقول الحركة نحو قل أوحى من آمن، ومثال ما بعده ياء إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى [النحل: 90] وإيلافهم ثم إن بعض القائلين بالوجوه الثلاثة لورش استثنوا له مواضع فلم يمدوها ذكرها الناظم رحمه الله فقال:

سوى ياء إسرائيل أو بعد ساكن

صحيح كقرآن ومسئولا اسألا

ص: 54

ياء إسرائيل وما عطف عليه مستثنى من حرف المد المعبر عنه بلفظ ما الواقعة في البيت المتقدم وتقديره الكلام وما وقع من حروف المد بعد همز ثابت أو مغير فلورش فيه ثلاثة أوجه سوى يا إسرائيل فإنه لم يمده حيث وقع ثم قال أو بعد ساكن يعني واستثنوا من ذلك ما وقع من حروف المد واللين بعد همز وذلك الهمز وقع بعد ساكن صحيح نحو القرآن وقرآن ومسئولا ومذءوما فقصروه ولم يمدوه واحترز بقوله صحيح من حروف العلة نحو جاءوا والموءودة وسوآت والنبئين فإن المد في هذا كله منصوص عليه وقوله اسألا فعل أمر أي اسأل عن علة استثنائه فإن قيل ما الحكم في وجاءوا أباهم هل يمد على الواو لأجل همزة جاءوا وتجري فيها الأوجه الثلاثة أو يمد مدة واحدة لأجل همزة أباهم فقيل يمد مدتين مدة على الألف قبل همزة جاءوا وهي من المتصل ومدة على الواو لأجل همزة أباهم وهي من المنفصل وكذلك يفعل في كل ما يأتي مثله واتفقوا على منع المد في الألف المبدلة من التنوين بعد الهمزة نحو ماء وملجأ وعشاء ثم ذكر بقية المستثنى فقال:

ص: 55

وما بعد همز الوصل ايت وبعضهم

يؤاخذكم الآن مستفهما تلا

وعادا الأولى وابن غلبون طاهر

بقصر جميع الباب قال وقوّلا

أي واستثنوا أيضا الذي وقع من حروف المد واللين بعد همزة الوصل فقصروه ونحو آيت بقرآن ائذن لي أو تمن أمانته فإذا ابتدأنا بهذه الكلمات وقع حرف المد الذي هو بدل عن فاء الكلمة التي أصلها همزة في جميع المواضع بعد همزة الوصل لأنك إذا ابتدأت وأتيت بهمزة الوصل اجتمع همزتان همزة الوصل مع الهمزة التي هي فاء الكلمة فأبدلت فاء الكلمة من جنس حركة همزة الوصل فلا يوجد حرف المد إلا إذا ابتدئ بالكلمة فإن وصلت الكلمة بما قبلها سقطت الهمزة وبقيت فاء الكلمة همزة ساكنة على حالها فهذا آخر ما استثنى بعد همز ثابت وهو آخر باب المد والقصر في التيسير وزاد الناظم ما استثنى من هذا النوع بعد همز مغير فقال: وبعضهم يؤاخذكم الآن مستفهما تلا وعادا الأولى، يعني وبعض أهل الأداء الناقلين قراءة ورش استثنوا له مواضع أخر لم يجروا فيها الأوجه الثلاثة بل قصروا له فيها فتعين أن البعض الآخر لم يستثن هذه المواضع فيقرأ

ص: 56

له فيها بوجه واحد بالنظر إلى من استثناها وبالأوجه الثلاثة بالنظر إلى البعض الذي لم يستثنها: الموضع الأول أعني لفظ

يؤاخذكم حيث وقع وكيفما تصرف نحو قوله تعالى: لا تُؤاخِذْنا [البقرة: 268] ولا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ [البقرة: 225]، وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ [النحل: 61]. الموضع الثاني لفظ آلآن المستفهم بها وهي في موضعين بيونس آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ [يونس: 51]، وآلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ [يونس: 91]، أو خرج بقيد الاستفهام الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ [البقرة: 71] والْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف: 51]، ونحوه فإنه على أصله، والمراد من آلآن الألف الأخيرة فإن الأولى ليست من هذا الأصل لأن مدها للساكن المقدر أو للهمز. الموضع الثالث عاداً الْأُولى [النجم: 5] قيد الأولى بعادا احترازا من الأولى إذا لم يصاحبها عادا نحو سِيرَتَهَا الْأُولى [طه: 21]، فإنها ممدودة على أصله أي وبعضهم تلا يؤاخذكم والآن والأولى بالقصر لا غير، وقوله: وابن غلبون طاهر. وهو أبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون الحلبي نزل بمصر ومات بها ودفن بالبقعة من القرافة وقبره يزار إلى الآن، قال بقصر جميع الباب أي باب المد المتأخر عن الهمز وهو من قوله وما بعد همز ثابت أو مغير إلى هنا وقول الناظم بقصر متعلق بقال بعده يعني أن ابن غلبون قال بالقصر وقول لورش بذلك أي جعله هو المذهب له وما سواه غلطا وقرر ذلك في كتاب التذكرة وإنما اعتمد على رواية للبغداديين فأما المصريون فإنهم رووا التمكين عن ورش.

ص: 57

ولما تم الكلام في المد للهمز انتقل إلى الكلام على المد للساكن فقال:

وعن كلّهم بالمدّ ما قبل ساكن

وعند سكون الوقف وجهان أصلا

الساكن ينقسم إلى قسمين: لازم وعارض وقدم الكلام على اللازم فقال: وعن كلهم بالمد ما قبل ساكن. وذلك نحو «الضالين، والطامة، ودابة، وحاجة قومه وآلذكرين، وآلله خير» ، ونحو ذلك مما هو واجب الإدغام أخبر أن جميع ذلك ممدود مدا مشبعا عن القراء كلهم ثم ذكر القسم الثاني للجميع وهو العارض فقال وعند سكون الوقف وجهان يعني إذا كان الساكن بعد حرف المد واللين إنما سكنه للوقف وقد كان محركا في الوصل فسكونه عارض وذلك نحو «الرحيم، والعالمين، ويوم الدين، ونستعين، والضالين، ويؤمنون، وينفقون، ومتاب، وعقاب» فإذا وقف على جميع ذلك بالسكون مصاحبا للاشمام حيث يسوغ أو خاليا منه كان فيه لجميع القراء وجهان المد الطويل والمد المتوسط ولم يصرح بهما الناظم لشهرتهما فإذا وقف بالروم فالحكم القصر لا غير لعدم موجب المد وهو السكون لأن الروم هو الإتيان ببعض الحركة وأشار بقوله أصلا إلى وجه ثالث لم يؤصل: أي لم يكن أصلا وهو الاقتصار على ما في حرف المد من المد يعني القصر وهو رأي جماعة يعني أن جماعة من المتأخرين قالوا إن التقاء الساكنين يفتقر في الوقف. واعلم أنه لا فرق في حرف المد واللين بين أن يكون مرسوما نحو قال أو غير مرسوم نحو الرحمن أو كان بدلا من همزة نحو الذيب.

ص: 58

توضيح: إذا وقفت على نحو «العالمين، والضالين، وينفقون» ، ففيه لكل القراء ثلاثة أوجه القصر والتوسط والمد مع الإسكان المجرد وليس فيه روم ولا إشمام وإذا وقفت على نحو يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] وحَذَرَ الْمَوْتِ [البقرة: 243] وفَارْهَبُونِ ففيه لكل القراء أربعة أوجه: القصر والتوسط والمد مع الإسكان المجرد كما تقدم في نحو العالمين. والرابع الروم مع القصر وإذا وقفت على نحو نَسْتَعِينُ وإِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 20]، ففيه سبعة أوجه القصر والتوسط والمد مع الإسكان المجرد وهذه الثلاثة أيضا مع الإشمام والسابع الروم ولا يكون إلا مع القصر خلافا لابن شريح فتأمل هذه المسائل وقس عليها نظائرها في جميع القرآن.

فصل: ويجوز المد للساكن المدغم الواقع بعد حرف المد نحو قراءة البزي وَلا تَيَمَّمُوا [البقرة: 267] ولا تَعاوَنُوا [المائدة: 2]، ونحو قراءة أبي عمرو بالإدغام نحو قوله تعالى: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ [البقرة: 49]، [الأعراف: 141]، [إبراهيم: 6]، وفيه هدى، وقال لهم والْأَبْرارَ لَفِي [الانفطار: 13]، ومَنْ يَقُولُ رَبَّنا [البقرة: 200]، وكذلك يجوز المد للساكن غير المدغم نحو الآن موضعين بيونس وكذلك اللاي ومحياي في قراءة من سكن الياء.

ص: 59

ومدّ له عند الفواتح مشبعا

وفي عين الوجهان والطّول فضّلا

وفي نحو طه القصر إذ ليس ساكن

وما في ألف من حرف مدّ فيمطلا

قوله ومد فعل أمر وفي داله الحركات الثلاث والرواية الفتح أي ومد للساكن لأن كلامه في البيت السابق فيما يمد قبل الساكن فكأنه قال ومد لأجل الساكن أيضا في موضع آخر وهو فواتح السور نحو الم والمص وكهيعص ونحو ذلك وقوله عند الفواتح أي فيها فكأنه قال إذا وجدت في هذه الفواتح حرف مد ولين لقي ساكنا فأشبع المد لأجل الساكن وذلك لجميع القراء كمد طامة ودابة بخلاف المد لسكون الوقف، واعلم أن الحروف التي تمد لأجل الساكن سبعة أحرف لام كاف صاد قاف سين ميم نون وقوله: مشبعا أي مدا مشبعا أي طويلا ومشبعا بكسر الباء الرواية ويجوز فتحها وقوله وفي عين الوجهان يعني أن في عين من حروف الفواتح وذلك في كهيعص وحم عسق وفي قوله الوجهان إشارة إلى إشباع المد وهو المراد بالطول وإلى عدم الإشباع وهو التوسط ثم قال والطول فضلا يعني الإشباع أفضل من التوسط وهذان الوجهان لجميع القراء وقوله وفي نحو طه القصر يعني أن كل ما كان من حروف الهجاء على حرفين فإنه يجب فيه القصر وذلك خمسة أحرف الطاء والهاء والراء والياء والحاء ثم قال إذ ليس ساكن يعني ليس فيه ساكن فيمد حرف المد لأجله ثم قال وما في ألف من حرف مد يعني أن الألف على ثلاثة أحرف وليس الأوسط حرف مد ولين وإنما هو لام مكسورة بعدها فاء ساكنة وقوله فيمطلا أي فيمد فكل ممطول ممدود ومنه

اشتقاق المطل بالدين لأنه مد في المدة:

توضيح: قد تحرر من هذين البيتين أن حروف الفواتح على أربعة أقسام:

القسم الأول: ما كان على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ولين نحو لام ميم نون فهو ممدود بلا خلاف.

القسم الثاني: ما كان على ثلاثة أحرف وليس فيه حرف مد ولين وهو الألف فهو مقصور بلا خلاف.

القسم الثالث: ما كان على ثلاثة أحرف أيضا وأوسطها حرف لين لا حرف مد وهو عين ففيه الوجهان.

القسم الرابع: ما كان على حرفين نحو راويا وطا فهو مقصور بلا خلاف.

وإن تسكن اليا بين فتح وهمزة

بكلمة أو واو فوجهان جمّلا

بطول وقصر وصل ورش ووقفه

وعند سكون الوقف للكلّ أعملا

وعنهم سقوط المدّ فيه وورشهم

يوافقهم في حيث لا همز مدخلا

تكلم فيما تقدم في حروف المد واللين وهو الآن يتكلم في حرفي اللين وهما الياء الساكنة

ص: 60

المفتوح ما قبلها والواو الساكنة المفتوح ما قبلها وقسمهما أيضا إلى ما يقع المد فيه مجاور الهمزة وإلى ما يقع مجاور السكون فقال فيما يقع مجاور الهمزة وإن تسكن اليا بين فتح وهمزة بكلمة وذلك نحو شيء وشيئا وكهيئة ولا تيأسوا ثم قال أو واو وذلك نحو ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح: 6] وسَوْأَةَ أَخِيهِ [المائدة: 31] وسوآت، وقوله بكلمة احتراز من أن يكون حرف اللين في كلمة والهمزة في كلمة أخرى نحو ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ [المائدة:

27] ولَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ [آل عمران: 110]، لأن المد في هذا النوع لورش ومذهبه في هذا نقل حركة الهمزة ثم قال فوجهان بطول وقصر وصل ورش ووقفه يعني أن لورش في ذلك وجهين حسنين جيدين في الوصل والوقف والمراد بالوجهين المد المشبع والمتوسط وعبر عن المتوسط بالقصر لأنه قصر عن مقدار الطويل وليست جيم جملا رمزا لتصريحه بعدها بصاحبها. ثم انتقل إلى القسم الثاني وهو ما يقع فيه المد مجاورا للسكون فقال:

وعند سكون الوقف للكل أعملا أي أعمل الوجهان المذكوران للقراء كلهم وهما الطول والتوسط المعبر عنه بالقصر ثم حكى عنهم وجها ثالثا فقال وعنهم سقوط المد فيه وبتصريحه بسقوط المد في هذا الوجه الثالث يعلم أن المراد من القصر المذكور التوسط ثم أخبر أن ورشا يوافقهم في الأوجه الثلاثة فيما لم يكن آخره همزا فأما ما كان آخره همزا فإنه لا يوافقهم في سقوط المد فيه فحصل مما ذكر أن حرف اللين إذا وقع قبل الساكن العارض في الوقف فلا يخلو الساكن من أن يكون همزا أو غيره فإن كان همزا نحو شيء والشيء والسوء

فلورش فيه وجهان الطول والتوسط وسواء وقف بالسكون أو بالروم لأن مده فيه لأجل الهمز ولغير ورش الأوجه الثلاثة مع السكون والقصر مع الروم وإن كان غير

همز نحو الميت والموت فلورش وغيره الأوجه الثلاثة مع السكون والقصر مع الروم.

توضيح: إذا وقفت على شيء المرفوع لورش فله فيه ستة أوجه المد والمتوسط مع الإسكان المجرد وله الوجهان أيضا مع الإشمام وله الوجهان أيضا مع الروم لأن المعتبر عنده الهمز وإذا وقفت عليه لغير ورش ففيه سبعة أوجه كما تقدم في نحو نستعين وقدير إلا أن ورشا يوافقهم على القصر هنا لأنه غير مهموز فقد ظهر لك أن حرفي اللين وهو الياء والواو المفتوح ما قبلهما لا مد فيه إلا إذا كان بعده همزة أو ساكن عند من يرى ذلك فإن خلا من واحد منهما لم يجز مده فمن مد نحو عليهم وإليهم، وصلا أو وقفا فهو لاحن كما أن من مد نحو الصيف والبيت والموت وصلا فهو لاحن مخطئ وقد ذكر الداني هذا الأصل في البقرة فلم يذكر لورش إلا وجها واحدا عبر عنه بالتمكين وهو ظاهر في التوسط فوجه المد له من الزيادات ولم يذكر للباقين سوى القصر فوجه المد والتوسط لهم منها.

ص: 61