المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب فرش الحروف ‌ ‌سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم القراء يسمون ما - شرح الشاطبية سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي

[ابن القاصح]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌باب الاستعاذة

- ‌باب البسملة

- ‌باب الإدغام الكبير

- ‌باب إدغام الحرفين المتقاربين في كلمة وفي كلمتين

- ‌باب هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر

- ‌باب الهمزتين من كلمة

- ‌باب الهمزتين من كلمتين

- ‌باب الهمز المفرد

- ‌باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها

- ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز

- ‌باب الإظهار والإدغام

- ‌ذكر ذال إذ

- ‌ذكر دال قد

- ‌ذكر تاء التأنيث

- ‌ذكر لام هل وبل

- ‌باب اتفاقهم في إدغام إذ وقد وتاء التأنيث وهل وبل

- ‌باب حروف قربت مخارجها

- ‌باب أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب الفتح والإمالة وبين اللفظين

- ‌باب مذهب الكسائي في إمالة هاء التأنيث في الوقف

- ‌باب الراءات

- ‌باب اللامات

- ‌باب الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب الوقف على مرسوم الخط

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الإضافة

- ‌باب مذاهبهم في ياءات الزوائد

- ‌باب فرش الحروف

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود عليه السلام

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم عليها السلام

- ‌سورة طه عليه السلام

- ‌سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌ومن سورة الروم إلى سورة سبأ

- ‌سورة سبأ وفاطر

- ‌سورة يس عليه السلام

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى والزخرف والدخان

- ‌سورة الشريعة والأحقاف

- ‌ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الرحمن عز وجل

- ‌سورة الواقعة والحديد

- ‌ومن سورة المجادلة إلى سورة ن

- ‌ومن سورة ن إلى سورة القيامة

- ‌ومن سورة القيامة إلى سورة النبأ

- ‌ومن سورة النبأ إلى سورة العلق

- ‌ومن سورة العلق إلى آخر القرآن

- ‌باب التكبير

- ‌باب مخارج الحروف وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها

الفصل: ‌ ‌باب فرش الحروف ‌ ‌سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم القراء يسمون ما

‌باب فرش الحروف

‌سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم القراء يسمون ما قلّ دوره من حروف القراءات المختلف فيها فرشا لأنها لما كانت مذكورة في أماكنها من السور فهي كالمفروشة بخلاف الأصول لأن الأصل الواحد منها ينطوي على الجميع وسمى بعضهم الفرش فروعا مقابلة للأصول وقوله سورة البقرة أي السورة التي يذكر فيها البقرة:

وما يخدعون الفتح من قبل ساكن

وبعد ذكا والغير كالحرف أوّلا

أخبر أن المشار إليهم بالذال من ذكا وهم الكوفيون وابن عامر قرءوا وما يخدعون إلا أنفسهم بالفتح قبل الساكن يعني في الياء وبعد الساكن يعني في الدال وأراد

بالساكن الخاء ويلزم من ذلك حذف الألف. وقوله وما أي المصاحبة ليخدعون أتى به للوزن والخلاف في الثاني علم من قوله كالحرف أوّلا وإن شئت قلت التقييد ليخدعون بمصاحبة ما قبله كما نطق به احترازا من الحرف الأول من البقرة والثاني من النساء فإنهما ليس فيهما خلاف للسبعة.

ولما كانت قراءة الباقين لا يمكن أخذها من الضد لأن ضد الفتح في الياء وفي الدال الكسر كما تقدم وضد السكون في الخاء الحركة بالفتح ولم يقرأ بذلك أحد فاحتاج إلى بيان قراءة الباقين فأحالهما على الحرف الأول فقال والغير كالحرف أولا يعني أن غير الكوفيين وابن عامر وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو قرءوا وما يخادعون بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها كالحرف الأول الذي لا خلاف فيه وهو يخادعون الله والذين آمنوا والمراد بالحرف الفعل وسماه حرفا تنبيها على مذهب سيبويه في إطلاق الحرف على كل كلمة، ومعنى ذكا: أضاء من قولهم: ذكت النار: إذا اشتعلت.

وخفّف كوف يكذبون وياؤه

بفتح وللباقين ضمّ وثقّلا

أخبر أن المشار إليهم بكوف وهم عاصم وحمزة والكسائي خففوا بما كانوا يكذبون.

والمراد بالتخفيف إسكان الكاف وإذهاب ثقل الذال ثم قال وياؤه بفتح، يعني لهم، أي قرأ عاصم وحمزة والكسائي يكذبون بفتح الياء وتخفيف الذال ويلزم من ذلك سكون الكاف ولما لم يمكن أخذ قراءة الباقين من الضد نص عليها لأن ضد الفتح الكسر فلو كسرت لكانت تختل ولكن نص عليها بقوله: وللباقين ضم أي الياء وثقلا أي الذال فيلزم من ذلك فتح الكاف والباقون هم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر قرءوا يكذبون بضم الياء وتشديد الذال وفتح الكاف. فإن قلت يكذبون في القرآن في ثلاثة مواضع: هنا وموضع آخر بالتوبة وهو قوله تعالى: أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة: 77]، وبالانشقاق بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ [الانشقاق: 22]، فلم لم يعين هذا دون غيره؟. قلت الكلام في الفرش لا يعم إلا بقرينة ولا قرينة فتعين هذا دون غيره ولأنه لو أراد جميعها لقال بحيث أتى، أو موضعين منها لقال معا ونحوه فالذي بالتوبة لا خلاف بين السبعة في تخفيفه، وعكسه الذي بالانشقاق.

وقيل وغيض ثمّ جيء يشمّها

لدى كسرها ضمّا رجال لتكمّلا

وحيل بإشمام وسيق كما رسا

وسيء وسيئت كان راويه أنبلا

ص: 148

أخبر أن المشار إليهما بالراء واللام في قوله رجال لتكملا وهما الكسائي وهشام أشما كسر قيل وغيض وجيء ضما وأن المشار إليهما بالكاف والراء في قوله كما رسا وهما ابن عامر والكسائي فعلا ذلك في حيل وسيق وأن المشار إليهم بالكاف والراء والهمزة في قوله كان راويه أنبلا وهم ابن عامر والكسائي ونافع فعلوا ذلك في سيء وسيئت فحصل من جميع ذلك أن الكسائي وهشاما يشمان في الجميع وأن ابن ذكوان يوافق في حيل وسيق وسيء وسيئت وأن نافعا يوافق في سيء وسيئت فتعين للباقين الكسر الخالص في الجميع، وأطلق الناظم هذه الأفعال ولم يبين مواضع القراءة وفيها ما قد تكرر والعادة المستمرة منه فيما يطلق أنه يختص بالسورة التي هو فيها كما في يكذبون السابقة ولكن لما أدرج مع قيل هذه الأفعال الخارجة من هذه السورة كان ذلك قرينة واضحة في طرد الحكم حيث وقعت قيل وغيرها من هذه الأفعال وأراد وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض وإذا قيل لهم آمنوا وما جاء من لفظ قيل وهو فعل ماض وَغِيضَ الْماءُ [هود: 44]، وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ [الزمر: 69]، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر: 23]، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ [سبأ: 54]، وَسِيقَ الَّذِينَ [الزمر: 71]، موضعان بالزمر (وسيء بهم) [هود: 77]، في هود والعنكبوت وسِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الملك: 27]، وكيفية الإشمام في هذه الأفعال أن تنحو بكسر أوائلها نحو الضمة، وبالياء بعدها نحو الواو فهي حركة مركبة من حركتين كسر وضم، لأن هذه الأوائل وإن كانت مكسورة فأصلها أن تكون مضمومة لأنها أفعال ما لم يسم فاعله فأشمت الضم دلالة على أنه أصل ما تستحقه وهي لغة فاشية للعرب وأبقوا شيئا من الكسر تنبيها على ما تستحقه من الإعلال ولهذا قال الناظم لتكملا أي لتكمل الدلالة على الأمرين ولم يقتصر على ذكر الإشمام بل قال

يشمها لدى كسرها ضما لأنه لو سكت على الإشمام لحمل على ضم الشفتين المذكور في باب الوقف، وهذا يخالف المذكور في باب الوقف لأنه في الأول ويعم الوصل والوقف ويسمع وحرفه متحرك وذاك في الأخير والوقف ولا يسمع وحرفه ساكن ويخالف المذكور في الصاد أعني النوع الثالث في اصطلاحه وهو إشمام الصاد الزاي وقوله وقيل مقيد بالفعل كما نطق به ليخرج غير الفعل نحو من الله قيلا وقيله يا رب إلا قيلا سلاما وأقوم قيلا، جميع هذا لا أصل له في الضم فلا يدخل في هذا الباب بل يقرأ بكسر أوائله للجميع وقوله وحيل الواو فيه فاصلة فقط لأنه استأنف الحكم فلو لم يستأنفه لجعلناها عاطفة فاصلة والواو في قوله وسيء عاطفة فاصلة ومعنى رسا أي استقر في النقل وثبت وأنبلا أي نبيلا عظيما أو زائد النبل:

وها هو بعد الواو والفا ولامها

وها هي أسكن راضيا باردا حلا

وثمّ هو رفقا بان والضّمّ غيرهم

وكسر وعن كلّ يملّ هو انجلا

أمر بإسكان الهاء من لفظ هو والهاء من لفظ هي بعد واو أو فاء أو لام زائدة نحو وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة: 29]، فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ [النحل: 63]، وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ [الحج: 64]، وهي تجري بهم فهي كالحجارة لهي الحيوان للمشار إليهم بالراء والباء والحاء في قوله راضيا باردا حلا وهم الكسائي وقالون وأبو عمرو وقولنا زائدة أخرج لهو ولعب ولهو الحديث عن المختلف فيه إذ الهاء ساكنة باتفاق لأنها ليست هاء هو الذي هو ضمير مرفوع منفصل ثم أمر بإسكان الهاء من ثم هو يوم القيامة من المحضرين للمشار إليهما بالراء وبالباء في قوله رفقا بان وهما الكسائي وقالون ثم أخبر أن غير المذكورين يضمون الهاء من هو ويكسرونها من هي فقال والضم

غيرهم وكسر ثم أخبر أن كلهم قرءوا أن يمل هو بضم الهاء على ما لفظ به وإنما ذكر ذلك احترازا من أن

ص: 149

يدخل فيما سكن بعد اللام المذكور في ولامها فبين أن يمل ليس منه لأن يمل كلمة مستقلة فليست حرفا لتحمل على أخواتها ونبه أيضا على أن الرواية التي جاءت عن قالون من طريق الحلواني في إسكانه متروكة فإنها مخالفة لما رواه جميع أصحاب قالون فلهذا قال انجلى أي انكشف.

وفي فأزلّ اللّام خفّف لحمزة

وزد ألفا من قبله فتكمّلا

أمر بتخفيف اللام من فأزلهما الشيطان عنها لحمزة وبزيادة ألف قبل اللام لأنه لا يكمل مع تخفيف اللام إلا بزيادة ألف ولذلك قال فتكملا وتعين للباقين تثقيل اللام من غير ألف والضمير في قبله يعود على اللام وليست الفاء في فتكملا برمز فإنه صرح باسم القارئ لما سمح له النظم.

وآدم فارفع ناصبا كلماته

بكسر وللمكيّ عكس تحوّلا

أمر أن يقرأ لكل القراء غير ابن كثير فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة: 37]، برفع آدم ونصب كلمات بالكسر.

يعني أن إشمام كسر القاف الضم خاص بلفظ قيل إذا كان فعلا ماضيا مبنيا للمجهول، وبهذا على قاعدة الجمع المؤنث السالم لأن علامة النصب فيه الكسر ثم أخبر أن المكي وهو عبد الله بن كثير عكس ذلك وعكسه نصب آدم ورفع كلمات، ومعنى التحول: الانتقال.

ويقبل الأولى أنّثوا دون حاجز

وعدنا جميعا دون ما ألف حلا

أخبر أن المشار إليهما بالدال والحاء في قوله دون حاجز وهما ابن كثير وأبو عمرو قرآ ولا تقبل منها شفاعة بالتاء المثناة فوق للتأنيث وقيد كلمة الخلاف بقوله الأولى احترازا من قوله تعالى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ [البقرة: 123]، لأن الفعل هناك مسند إلى مذكر وهو عدل فلا يجوز فيه إلا التذكير ومعنى دون حاجز الحجز المنع أي دون مانع من التأنيث لأن الشفاعة مؤنثة وتعين للباقين القراءة بالياء المثناة من تحت للتذكير. ثم أخبر أن المشار إليه بالحاء من حلا وهو أبو عمرو وقرأ وعدنا دون ألف أي بغير ألف بين الواو والعين وقوله جميعا أي في جميع القرآن في قصة موسى فقط وهو ثلاث مواضع وإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [البقرة: 51]، هنا وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً [الأعراف: 142]، وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ [طه: 80]، فإن قيل ظاهر كلامه العموم فيها وفي غيرها. قيل لا نسلم ذلك لأنه لما ذكرها في قصة موسى قضى بالتقييد واقعا في القصة فلا يؤخذ في غيرها ولا يرد عليه أفمن وعدناه وعدا ونحوه. وقوله دون ما ألف تقييد ليس فيه رمز وتعين للباقين القراءة بإثبات الألف.

وإسكان بارئكم ويأمركم له

ويأمرهم أيضا وتأمرهم تلا

وينصركم أيضا ويشعركم وكم

جليل عن الدّوريّ مختلس جلا

الهاء في له عائد عن أبي عمرو والمتقدم الذكر في قوله حلا في البيت السابق يعني أن إسكان الكلم الستّ المذكورة في البيتين لأبي عمرو ويريد إسكان الهمزة من بارئكم في الموضعين وإسكان الراء فيما بقي حيث وقع وجملته اثنا عشر موضعا وهو يَنْصُرْكُمُ [آل عمران: 160]، والملك ويأمركم ويأمرهم وتأمرهم تسعة مواضع أربعة مواضع بالبقرة وموضعان بآل عمران وموضع بالنساء وموضع بالأعراف وموضع بالطور ويشعركم بالأنعام ثم أخبر أن كثيرا ممن يوصف بالجلالة من العراقيين روي عن الدوري الاختلاس وهي الرواية الجيدة المختارة وكيفية الاختلاس أن تأتي بثلثي الحركة فحصل للدوري وجهان:

الاختلاس والإسكان وللسوسي الإسكان فقط وللباقين إتمام الحركة. فإن قيل يقتضي أن تكون قراءة الباقين بالفتح

ص: 150

لأن ضد السكون إذا أطلق الحركة الفتح. قيل أما بارئكم فإنه في الآية في الموضعين مجرور ولا يتصور فيه الفتح وإذا كان كذلك لم يبق فيه إلا الإسكان أو

الإشباع أو الاختلاس وأما الألفاظ التي بعد بارئكم فرويت في النظم بالإسكان كلها مع صلة الميم ورويت برفعها مع عدم الصلة والوزن في الروايتين مستقيم لكن الأولى أن يقرأ بإشباع الحركة في الجميع ليكون قد نطق بقراءة غير أبي عمرو، وقيد قراءة أبي عمرو بالإسكان وليست همزة أيضا برمز لأنها ترجمة وكذا تاء تلا وجيم جلا للصريح ومعنى جلا كشف أي كشف الاختلاس بالرواية والتلاوة.

وفيها وفي الأعراف نغفر بنونه

ولا ضمّ واكسر فاءه حين ظلّلا

وذكّر هنا أصلا وللشّام أنّثوا

وعن نافع معه في الأعراف وصّلا

قوله: وفيها أي في البقرة أي اقرأ للمشار إليهم بالحاء والظاء في قوله حين ظللا وهم أبو عمرو والكوفيون وابن كثير يَغْفِرْ لَكُمْ [البقرة: 58]، [الأعراف: 161]، بالتقييد الذي ذكره بنون مفتوحة مكسورة الفاء. وقوله ولا ضم يعني في النون فتعين فتحها لأنه ضد الضم وتعين للغير الضم وفتح الفاء وضد النون وهو الياء ثم أخبر أن المشار إليه بالهمزة في قوله أصلا وهو نافع قرأ بالتذكير هنا يعني بالبقرة وقوله وللشام أنثوا يعني الشامي وهو ابن عامر قرأ في البقرة والأعراف بالتأنيث وهو ضد التذكير وقوله وعن نافع معه أي مع ابن عامر في الأعراف يعني أن نافعا قرأ في الأعراف بالتأنيث كقراءة ابن عامر ومعنى وصلا أي وصل الحكم الذي قرأ به هنا إلى سورة الأعراف فحصل مما ذكر أن أبا عمرو ومن ذكر معه قرءوا في السورتين بالنون وفتحها وكسر الفاء وأن نافعا قرأ في البقرة بالياء المثناة تحت للتذكير وضمها وفتح الفاء وقرأ بالأعراف بالتاء المثناة فوق وضمها وفتح الفاء وأن ابن عامر قرأ في السورتين كقراءة نافع بالأعراف فصار أبو عمرو وأصحابه بالنون فيهما وابن عامر بتأنيثهما ونافع بتذكير الأولى وتأنيث الثانية وكلهم قرءوا في هذه السورة خَطاياكُمْ [البقرة: 58]، بوزن قضاياكم.

وجمعا وفردا في النّبيء وفي النّبو

ءة الهمز كلّ غير نافع أبدلا

وقالون في الأحزاب في للنّبيّ مع

بيوت النّبيّ الياء شدّد مبدلا

أي قرأ القراء كلهم إلا نافعا في النبي الواحد حيث وقع وكذا جمع السلامة بياء مشددة تابعة وجمع التكسير بياء خفيفة بعد الباء والمصدر بواو مشددة مفتوحة، وهمز نافع جميع ذلك فظهر المدغم إلا قالون فإنه قرأ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ [الأحزاب: 50]، ولا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ [الأحزاب: 53]، بياء مشددة في الوصل وبالهمز في الوقف وذلك نحو يا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأحزاب: 45]، وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [الصافات: 112]، وما كانَ لِلنَّبِيِّ [التوبة: 113]، وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ [البقرة: 61]، ويَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ [المائدة: 44]، وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ [آل عمران: 112]، وأنبياء الله والحكم والنبوة وهذه

في البيت منصوبة التاء على حكاية لفظ القرآن واتفقوا كلهم على إثبات الهمزة المتطرفة التي بعد الألف من لفظ أنبياء والأنبياء في الوصل والوقف إلا حمزة وهشاما فإنهما يقفان بتركها وعلمت قراءة نافع من الضد لأن ضد التخفيف التحقيق والإظهار ضد الإدغام وفائدة قوله مبدلا لينص على أن قالون فعل ذلك لما عرض من اجتماع الهمزتين لأن كل واحد من هذين الموضعين بعد همزة مكسورة ومذهبه في باب الهمزتين المكسورتين أن يسهل الأولى إلا أن يقع قبلها حرف مد فتبدل فلزمه أن يفعل هنا ما فعل في بالسوء إلا أبدل ثم أدغم غير أن هذا الوجه متعين هنا لم يرو غيره.

ص: 151

وفي الصّابئين الهمز والصّابئون خذ

وهزؤا وكفؤا في السّواكن فصّلا

وضمّ لباقيهم وحمزة وقفه

بواو وحفص واقفا قم موصلا

أمر بالأخذ بالهمزة للمشار إليهم بالخاء في قوله خذوهم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا وَالصَّابِئِينَ [البقرة: 62]، والحج بزيادة همزة مكسورة وَالصَّابِئُونَ [المائدة: 69]، بزيادة همزة مضمومة بعد كسر وقرأ نافع جميع ذلك بلا همز وضم ما قبل الواو وهو مفهوم من قوله ومستهزءون الحذف فيه ونحوه وضم وأخمل الكسر ثم وأما قراءة نافع الصابين والصابون بوزن الغازين والغازون فجيدة وقوله وهزوا وكفوا يعني أن المشار إليه بالفاء في قوله فصلا وهو حمزة قرأ هزوا كيف حصل نحو أَتَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة: 67] وهزوا لعبا بإسكان الزاي وكفوا أحد بإسكان الفاء والباقون بضمها وأبدل حمزة همزهما واوا في الوقف وحققهما في الوصل وأبدلهما حفص واوا في الوقف والوصل والباقون بتحقيقهما في الحالين ومعنى في السواكن فصلا أي انتقلا في قراءته من نوع الهمزة المتحركة المتحرك ما قبلها إلى المتحركة الساكن ما قبلها:

وبالغيب عمّا تعملون هنا دنا

وغيبك في الثّاني إلى صفوه دلا

أخبر أن المشار إليه بالدال في قوله دنا وهو ابن كثير قرأ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة: 85]، (أفتطمعون بالغيب) أي بالياء المثناة تحت فتعين للباقين القراءة بالتاء المثناة فوق للخطاب وأشار بقوله هنا للمكان الذي فيه هزوا وقوله دنا أي قرب مما انقضى الكلام فيه. ثم أخبر أن المشار إليهم بالهمزة والصاد والدال في قوله إلى صفوه دلا وهم نافع وشعبة وابن كثير قرءوا بالغيب في الثاني وهو عما يعملون أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا [البقرة: 86]، فتعين للباقين القراءة بالخطاب، ومعنى دلا: أرسل دلوه:

خطيئته التّوحيد عن غير نافع

ولا يعبدون الغيب شايع دخللا

أخبر أن السبعة إلا نافعا قرءوا وأحاطت به خطيئته بالتوحيد كما نطق فتعين أن نافعا قرأ خطيئاته بزيادة ألف الجمع وهو جمع السلامة لأن الجمع المطلق يحمل على التصحيح

للوضوح وقال بعضهم في كلامه ما يدل على إرادة جمع التصحيح بالألف والتاء لأنه نطق بالتاء مضمومة فكأنه قال التاء مضمومة للكل ثم أخبر أن المشار إليهم بالشين والدال في قوله شايع دخللا وهم حمزة والكسائي وابن كثير قرءوا لا يعبدون إلا الله بالغيب فتعين للباقين القراءة بالخطاب وروي في النظم الغيب بالرفع والنصب وقوله شايع أي تابع الغيب هنا الغيب فيما قبله من يعملون لأن الأشياع الأتباع والدخلل الذي يداخلك في أمورك:

وقل حسنا شكرا وحسنا بضمّه

وساكنه الباقون وأحسن مقوّلا

أمر بالقراءة في قوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83]، بفتح الحاء والسين على ما لفظ به للمشار إليهما بالشين في قوله شكرا وهما حمزة والكسائي ثم بين قراءة الباقين وقيدها بالضم والإسكان أي بضم الحاء وإسكان السين ولزم من ذلك تقييد قراءة حمزة والكسائي وأن لفظهما قد جلا عنهما لأن الضم ضده الفتح والإسكان ضده التحريك المطلق والتحريك المطلق هو الفتح، وقوله وأحسن مقولا، أي ناقلا:

وتظّاهرون الظّاء خفّف ثابتا

وعنهم لدى التّحريم أيضا تحلّلا

أخبر أن المشار إليهم بالثاء في قوله ثابتا وهم الكوفيون قرءوا تظاهرون عليهم بتخفيف الظاء

ص: 152

وانهم قرءوا، وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ [التحريم: 4]، في سورة التحريم كذلك فتعين للباقين تثقيل الظاء فيهما وقوله تحللا أي أبيح من التحليل وحسن ذكره بعد ذكر التحريم:

وحمزة أسرى في أسارى وضمّهم

تفادوهمو والما إذ راق نفّلا

أخبر أن حمزة قرأ وإن يأتوكم أسرى بفتح الهمزة على وزن فعلى في موضع أسارى بضم الهمزة على وزن فعالى في قراءة الباقين ولفظ بالقراءتين من غير تقييد على ما

قرره في قوله:

«وباللفظ استغنى عن القيد إن جلا» ، ثم إنه أخبر أن المشار إليهم بالهمزة والراء والنون في قوله إذ راق نفلا وهم نافع والكسائي وعاصم قرءوا تفادوهم بضم التاء والمد وأراد به إثبات الألف ومن ضرورة إثباتها فتح الفاء قبلها فتعين للباقين فتح التاء وحذف الألف ومن ضرورة حذف الألف سكون الفاء وراق الشراب أي صفا، ونفل أي زاد وأعطى النفل، والنفل الزيادة والغنيمة:

وحيث أتاك القدس إسكان داله

دواء وللباقين بالضّم أرسلا

أخبر أن المشار إليه بالدال في قوله دواء وهو ابن كثير قرأ بإسكان دال القدس حيث وقع وإن الباقين قرءوا بضم الدال وإنما احتاج إلى بيان قراءة الباقين لأن الإسكان المطلق

ضده الفتح لا الضم وأرسل: أي أطلق الضم لهم. والقدس في البيت ساكن الدال للوزن:

وينزل خفّفه وتنزل مثله

وننزل حقّ وهو في الحجر ثقّلا

أخبر أن المشار إليهما بحق وهما ابن كثير وأبو عمرو قرآ جميع ما جاء من لفظ ينزل وتنزل وننزل بتخفيف الزاي ويلزم من ذلك إسكان النون فتعين للباقين القراءتين بتثقيل الزاي ويلزم من ذلك فتح النون وإنما ذكر هذه الألفاظ الثلاثة لأن مواضع الخلاف في القراءتين لا تخرج عنها من جهة أن أوائلها لا تخلو من ياء أو تاء أو نون وقد لفظ بها مضمومة الأوائل في البيت فلا يرد عليه ما كان مفتوح الأول نحو وما ينزل من السماء وما يعرج فيها فكأنه قال مثل هذا اللفظ مضموم إن كان ياء أو تاء أو نونا ومواضع الخلاف منقسمة إلى فعل مسند للفعل كالأمثلة التي ذكرها وإلى أمثلة مسندة للمفعول نحو أن ينزل عليكم من خير من ربكم ومن قبل أن تنزل التوراة ولم يذكر شيئا منها كما فعل صاحب التيسير والخلاف عام في كل فعل مضارع من هذا اللفظ ضم أوله سواء كان مبنيا للفاعل أو المفعول. وقوله وهو في الحجر ثقلا الضمير في قوله وهو عائد إلى آخر الأمثلة الثلاثة المذكورة وهو ننزل مثل الذي في الحجر لأن فيها موضعين أحدهما ما ننزل الملائكة وإن اختلف القراء في قراءته فزاؤه مشددة للجميع على ما سيأتي بيانه في سورته والثاني وما ننزله إلا بقدر معلوم أخبر أنه مثقل لجميع القراء ولهذا قال ثقلا بضم الثاء:

وخفّف للبصري بسبحان والّذي

في الأنعام للمكّي على أن ينزّلا

أخبر أن ما جاء من ذلك في سورة سبحان خفف لأبي عمرو والذي جاء منه في سبحان موضعان أحدهما وننزل من القرآن والثاني حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه فبقي ابن كثير على التثقيل كالباقين والبصري على قاعدته وابن كثير مخالف لقاعدته ثم أخبر أن المكي وهو ابن كثير خفف في الأنعام إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً فبقي أبو عمرو فيه على التثقيل كالباقين وقيده الناظم بمصاحبة على احترازا

ص: 153

من غيره في السورة فابن كثير على أصله وأبو عمرو مخالف فإن قيل هل لا قال وثقل للمكي بسبحان والذي في الأنعام للبصري، قيل: لو قال ذلك لأوهم أن المكي انفرد بالتثقيل في سبحان وأن البصري انفرد بالتثقيل في الأنعام فيقرأ للباقين بالتخفيف في السورتين وليس الأمر كذلك:

ومنزلها التّخفيف حقّ شفاؤه

وخفّف عنهم ينزل الغيث مسجلا

أخبر أن المشار إليهم بحق وبالشين في قوله حق شفاؤه وهم ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي خففوا إني منزلها عليكم بالمائدة وينزل الغيث بلقمان والشورى وتعين للباقين التثقيل وقوله مسجلا أي مطلقا.

وجبريل فتح الجيم والرّا وبعدها

وعى همزة مكسورة صحبة ولا

بحيث أتى والياء يحذف شعبة

ومكّيّهم في الجيم بالفتح وكّلا

أخبر أن المشار إليهم بصحبة وهم حمزة والكسائي وشعبة قرءوا جبرئيل بفتح الجيم والراء وإثبات همزة مكسورة بعدها حيث وقع ثم أخبر أن شعبة يحذف الياء وأن الهمزة باقية على حالها ثم أخبر أن المكي وهو ابن كثير يفتح الجيم من جبريل الملفوظ به فحصل مما ذكر أن حمزة والكسائي يقرءان بفتح الجيم والراء وإثبات همزة مكسورة بعدها ياء بوزن جبرعيل وأن شعبة يقرأ بفتح الجيم والراء وإثبات همزة مكسورة بعد الراء من غير ياء بوزن جبرعل وأن ابن كثير يقرأ جبريل بفتح الجيم وكسر الراء وإثبات الياء من غير همز وأن الباقين وهم نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص يقرءون جبريل بكسر الجيم والراء وإثبات ياء من غير همز على ما لفظ به في البيت فهذه أربع قراءات وقوله وعى، أي حفظ:

ودع ياء ميكائيل والهمز قبله

على حجّة والياء يحذف أجملا

قوله دع أي اترك أمر بترك الياء والهمزة التي قبل الياء من لفظ ميكائيل للمشار إليهما بالعين والحاء في قوله على حجة وهما حفص وأبو عمرو فتعين للباقين إثباتهما على ما لفظ به ثم أخبر أن المشار إليه بالهمزة في قوله أجملا وهو نافع بحذف الياء وحدها ودلنا على أنه أراد الثانية قوله والهمز قبله فلما عرف ذلك أعاد ذكرها بحرف العهد فقال والياء فحصل مما ذكر ثلاث قراءات فحفص وأبو عمرو يقرءان ميكال بلا همز ولا ياء بوزن مثقال ونافع يقرأ ميكائيل بالهمز من غير ياء بوزن ميكاعل والباقون يقرءون ميكائيل بالهمز وبعده الياء بوزن ميكاعيل، وأجملا: أي جميلا:

ولكن خفيف والشّياطين رفعه

كما شرطوا والعكس نحو سما العلا

أخبر أن المشار إليهم بالكاف والشين في قوله كما شرطوا وهم ابن عامر وحمزة والكسائي قرءوا ولكن الشياطين كفروا بتخفيف نون ولكن وكسرها في الوصل ورفع الشياطين كما شرطوا أي كما شرط النحاة أن لكن إذا خففت بطل عملها ثم أخبر أن المشار إليهم بالنون وسما في قوله نحو سما وهم عاصم ونافع وابن كثير وأبو عمرو قرءوا ولكن بتشديد النون وفتحها والشياطين بالنصب وهو عكس القيد المذكور:

ص: 154

وننسخ به ضمّ وكسر كفى وننس

ها مثله من غير همز ذكت إلى

أخبر أن المشار إليه بالكاف في قوله كفى وهو ابن عامر قرأ ما ننسخ بضم النون الأولى وكسر السين فتعين للباقين القراءة بفتحهما ثم أخبر أن المشار إليهم بالذال والهمزة في قوله ذكت إلا وهم الكوفيون ونافع وابن عامر قرءوا أو ننسها بالتقييد الذي ذكره لابن عامر في ننسخ وهو ضم النون الأولى وكسر السين وأضاف إلى ذلك ترك الهمز فتعين للباقين القراءة بفتح النون والسين وإثبات همزة ساكنة للجزم. قوله ذكت ألا أي اشتهرت القراءة

وألا هنا اسم وهو واحد الآلاء التي هي النعم يقال للمفرد بفتح الهمزة وكسرها:

عليم وقالوا الواو الأولى سقوطها

وكن فيكون النّصب في الرّفع كفّلا

وفي آل عمران في الأولى ومريم

وفي الطّول عنه وهو باللّفظ أعملا

أخبر أن المشار إليه بالكاف في قوله كفلا وهو ابن عامر قرأ عليم قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً [البقرة: 116]، بإسقاط الواو الأولى من وقالوا وقيده بقوله عليم وقيده بقوله عليم احترازا من وقالوا لن يدخل الجنة وتعين للباقين أن يقرءوا عليم وقالوا بإثبات الواو.

ثم أخبر أن ابن عامر المشار إليه بكاف كفلا أتي بالنصب في موضع الرفع في قوله فيكون الذي قبله كن وقيد القراءتين تصحيحا للمعنى وجمع مسألتين برمز واحد جريا على اصطلاحه وأراد في هذه السورة كن فيكون وقال الذين لا يعلمون وبآل عمران كن فيكون ونعلمه الكتاب وقيده بقوله الأولى احترازا من كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82]، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [يونس: 94]، فإنه لا اختلاف فيه وأراد في مريم كُنْ فَيَكُونُ [مريم: 35]، وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ [البقرة: 147] وفي الطول عنه أي عن ابن عامر في سورة غافر كُنْ فَيَكُونُ [غافر: 68]، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ [غافر: 69]، وقرأ الباقون برفع النون في الأربعة وقوله وهو باللفظ أعملا أشار إلى وجه قراءة النصب وذلك أن الفاء تنصب في جواب الأمر كقولك زرني فأكرمك فأتى لفظ كن فيكون مشبها لهذا وليس هو من باب الأمر والجواب على الحقيقة ولكنه أشبهه:

وفي النّحل مع يس بالعطف نصبه

كفى راويا وانقاد معناه يعملا

أخبر أن المشار إليهما بالكاف والراء في قوله كفى راويا وهما ابن عامر والكسائي قرآ في النحل كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40]، وَالَّذِينَ هاجَرُوا [البقرة: 218]، وفي يس كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82]، فسبحان بالنصب وقرأ الباقون بالرفع فيهما وقوله بالعطف نصبه إشارة إلى ظهور وجه النصب لأنه تقدم قبله منصوب في هذين الموضعين بخلاف غيرهما فلأجل ذلك وافقه الكسائي فيهما ومعنى كفى راويا أي كفى راويه الوقيعة فيه من جهلة النحاة لظهور وجهه لأن المواضع الأربعة التي انفرد بها ابن عامر طعن فيه عليها قوم من النحاة قالوا لا يصح فيها النصب وجميع ما في القرآن من قوله كن فيكون ثمانية مواضع:

ستة مختلف فيها وهي هذه، واثنان لم يقع فيهما خلاف. الثاني في آل عمران وهو قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة: 147]، وفي الأنعام وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ [الأنعام: 73]، قوله الحق وقوله وانقاد أي سهل أي مشى معنى النصب مشبها يعملا واليعمل: الجمل القوي:

ص: 155

وتسأل ضمّوا التّاء واللّام حرّكوا

برفع خلودا وهو من بعد نفي لا

أخبر أن المشار إليهم بالخاء في قوله خلودا وهم السبعة إلا نافعا قرءوا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم بضم التاء وتحريك اللام بالرفع وقوله وهو يعني الرفع أي والرفع من بعد لا النافية وتعين لنافع القراءة بفتح التاء وإسكان اللام لأن التحريك إذا ذكر دل على الإسكان في القراءة الأخرى، مقيدا كان مثل هذا أو غير مقيد. والخلود الإقامة على الدوام ولا نافية في قراءة الجماعة وناهية في قراءة نافع لأن النهي ضد النفي:

وفيها وفي نصّ النّساء ثلاثة

أواخر إبراهام لاح وجمّلا

ومع آخر الأنعام حرفا براءة

أخيرا وتحت الرّعد حرف تنزّلا

وفي مريم والنّحل خمسة أحرف

وآخر ما في العنكبوت منزّلا

وفي النّجم والشّورى وفي الذّاريات وال

حديد ويروي في امتحانه الأوّلا

ووجهان فيه لابن ذكوان هاهنا

وو اتّخذوا بالفتح عمّ وأوغلا

أخبر أن المشار إليه باللام في قوله لاح وهو هشام قرأ إبراهام بالألف على ما لفظ به في ثلاثة وثلاثين موضعا منها جميع ما في البقرة وهو خمسة عشر موضعا وإذ ابتلى إبراهام ومن مقام إبراهام وعهدنا إلى إبراهام وإذ قال إبراهام وإذ يرفع إبراهام ومن يرغب عن ملة إبراهام ووصى بها إبراهام وآبائك إبراهام قل بل ملة إبراهام وما أنزل إلى إبراهام أم يقولون إن إبراهام ألم تر إلى الذي حاج إبراهام وإذ قال إبراهام قال إبراهام وإذ قال إبراهام رب أرني فهذا معنى قوله وفيها أي وفي البقرة وقوله وفي نص النسا ثلاثة أي وفي سورة النساء ثلاثة مواضع وهي آخر ما فيها يعني واتبع ملة إبراهام واتخذ الله إبراهام وأوحينا إلى إبراهام وقوله أواخر احترازا من الأول وهو قوله تعالى: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ [النساء: 54]،، وقوله لاح أي بان إبراهام وجملا أي حسن وقوله مع آخر الأنعام أراد قوله تعالى دنيا قيما

ملة إبراهام وهو آخر ما في الأنعام وقيده بالآخر احترازا من جميع ما فيها وقوله حرفا براءة أخيرا يريد بذلك (وما كان استغفار إبراهام)[البقرة: 114]، (وإن إبراهام لأواه) [هود:

75]، وقيدهما بآخر السورة احترازا عن كل ما فيها وقوله وتحت الرعد حرف يعني بسورة إبراهيم فيها (وإذ قال إبراهام رب اجعل) [إبراهيم: 35]، وقوله حرف تنزلا أي تنزل في سورة إبراهيم وقوله وفي مريم والنحل خمسة أحرف أي في مجموعهما خمسة أحرف اثنان في النحل (إن إبراهام كان أمة) [النحل: 12]، (وأن اتبع ملة إبراهام) [النحل: 123]، وبمريم ثلاثة أحرف وأذكر في الكتاب إبراهام (وأ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهام) [مريم:

46]، (ومن ذرية إبراهام) [مريم: 58]، وقوله وآخر ما في العنكبوت أراد (ولما جاءت رسلنا إبراهام) [العنكبوت: 31]، واحترز بقوله وآخر عما قبله وهو وإبراهيم إذ قال لقومه وقوله تنزلا حال وقوله وفي النجم والشورى وفي الذاريات والحديد يريد (وإبراهام الذي وفى) [النحل: 12]، بالنجم (وما وصينا به إبراهام) [الشورى: 13]، (وهل أتاك

حديث ضيف إبراهام) [الذاريات: 24]، (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهام) [الحديد:

26]، وقوله ويروى في امتحانه الأولا يريد الأول بالممتحنة وهو قوله تعالى:(أسوة حسنة في إبراهام)[الممتحنة: 4]، واحترز بقوله الأول مما بعده وهو قوله إلا قوال إبراهيم فهذه ثلاثة وثلاثون قرأها هشام بالألف وقرأ ما عداها بالياء وقرأ الباقون بالياء في جميع القرآن وقوله ووجهان فيه أي في لفظ إبراهيم لابن ذكوان هاهنا أي بالبقرة يعني أن ابن ذكوان قرأ جميع ما في البقرة من لفظ

ص: 156

إبراهيم بوجهين أحدهما بالألف كهشام والثاني بالياء كالجماعة فإن قيل من أين تؤخذ قراءة الجماعة بالياء بعد الهاء. قيل لما قرأ هشام بالألف وبالفتح، وضد الفتح الكسر ويلزم من الكسر قبل الألف قلبها ياء فتكون قراءة الجماعة إبراهيم بها مكسورة بعدها ياء وقوله واتخذوا بالفتح عم أخبر أن المشار إليهما بعم وهما نافع وابن عامر قرآ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ [البقرة: 125]، بفتح الخاء فتعين للباقين القراءة بكسرها وقوله وأوغلا أي أمعن في الإيغال، وهو السير السريع:

وأرنا وأرني ساكنا الكسر دم يدا

وفي فصّلت يروى صفا درّه كلا

وأخفاهما طلق وخفّ ابن عامر

فأمتعه أوصى بوصيّ كما اعتلا

أخبر أن المشار إليهما بالدال والياء في قوله دم يدا وهما ابن كثير والسوسي قرآ قوله تعالى: وَأَرِنا مَناسِكَنا [البقرة: 128]، وأَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: 153]، وأَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف: 143]، بسكون الكسر فقيد القراءتين. ثم أخبر أن المشار إليهم بالياء والصاد والدال والكاف في قوله يروى صفا دره كلا وهم السوسي وشعبة وابن كثير وابن عامر فعلوا ذلك في سورة فصلت في قوله تعالى: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا [فصلت:

29]، ثم أخبر أن المشار إليه بالطاء في قوله طلق وهو الدوري قرأ بإخفاء الكسر في أرنا وأرني حيث وقعا وأراد بالإخفاء الاختلاس الذي تقدم ذكره في بارئكم ويأمركم وتعيين للباقين القراءة في الجميع بإتمام كسرة الراء. ثم أخبر أن ابن عامر قرأ فأمتعه بتخفيف التاء ويلزم من ذلك سكون الميم وتعين القراءة بتثقيل التاء ويلزم من ذلك فتح الميم. ثم أخبر أن المشار إليهما بالكاف والألف في قوله كما اعتلا وهما ابن عامر ونافع قرآ وأوصى بها إبراهيم بألف بين الواوين وقراءة الباقين ووصى بغير ألف على ما لفظ به في القراءتين وقوله دم أي أبق واليد النعمة والقوة والرواية في البيت يروى بضم الياء وبكسر الواو من الري وصفا قصر للوزن ودره من در اللبن، وكلا جمع كلية، وطلق سمح واعتلا: ارتفع.

وفي أم يقولون الخطاب كما علا

شفا ورءوف قصر صحبته حلا

أخبر أن المشار إليهم بالكاف والعين والشين في قوله كما على شفا وهم ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي قرءوا أم يقولون إن إبراهيم بالخطاب فتعين للباقين القراءة بالغيب ثم أخبر أن المشار إليهم بصحبته وبالحاء من حلا وهم حمزة والكسائي وشعبة وأبو عمرو

قرءوا رءوف بالقصر أي بوزن فعل حيث وقع فتعين للباقين القراءة بالمد على وزن فعول وذلك نحو أن الله بالناس لرءوف رحيم بالمؤمنين رءوف رحيم ونطق به في البيت ممدودا وأراد بالقصر حذف حرف المد.

وخاطب عمّا يعملون كما شفا

ولام مولّيها على الفتح كمّلا

أخبر أن المشار إليهم بالكاف والشين في قوله كما شفا وهم ابن عامر وحمزة والكسائي قرءوا عما يعملون ولئن أتيت بتاء الخطاب فتعين للباقين القراءة بياء الغيب وعلم أنه الذي بعده ولئن أتيت لوقوعه بعد ترجمة رءوف لأنه في الآية التي بعدها ثم أخبر أن المشار إليه بالكاف في قوله كملا وهو ابن عامر قرأ ولكل وجهة هو مولاها بفتح اللام وانقلبت الياء ألفا فتعين للباقين القراءة بكسر اللام وبعدها ياء ساكنة والله أعلم.

ص: 157

وفي يعملون الغيب حلّ وساكن

بحرفيه يطّوّع وفي الظّاء ثقّلا

وفي التّاء ياء شاع والريح وحّدا

وفي الكهف معها والشّريعة وصّلا

وفي النّمل والأعراف والرّوم ثانيا

وفاطر دم شكرا وفي الحجر فصّلا

في سورة الشّورى ومن تحت رعده

خصوص وفي الفرقان زاكيه هلّلا

أخبر أن المشار إليه بالحاء من قوله حلا وهو أبو عمرو قرأ عما يعملون ومن حيث خرجت بياء الغيب فتعين للباقين القراءة بتاء الخطاب وعلم أنه الذي بعده ومن حيث

خرجت لأنه الواقع بعد مولاها ثم أخبر أن المشار إليهما بالشين من شاع وهما حمزة والكسائي قرآ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158]، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ [البقرة: 184]، في الموضعين بسكون العين وتثقيل الطاء وبالياء في مكان التاء وبدأ بالتقييد في العين ثم قال وفي الطاء ثم التاء على حسب ما تأتي له فحصل مما ذكر أن حمزة والكسائي يقرءان بالياء معجمة الأسفل وتشديد الطاء وسكون العين وأن الباقين يقرءون بالتاء معجمة الأعلى وتخفيف الطاء وفتح العين ثم أشار إلى حمزة والكسائي بالضمير العائد عليهما في قوله واحدا فأخبر أنهما قرآ بالتوحيد في هذه السورة (وتصريف الريح) [البقرة:

164]، وبالكهف (تذروه الريح) [الكهف: 45]، وبالشريعة وتصريف الريح فتعين للباقين أن يقرءوا الرياح بالجمع وقوله وفي الكهف معها أي في الكهف معها أي في سورة الكهف مع سورة البقرة والشريعة وهي سورة الجاثية وصلا أي وصلا التوحيد ثم أخبر أن المشار إليهم بالدال والشين في قوله دم شكرا وهم ابن كثير وحمزة والكسائي قرءوا بالتوحيد في النمل في قوله تعالى (ومن يرسل الريح) [النمل: 63]، وفي الأعراف (وهو الذي يرسل الريح) [الأعراف: 57]، الثاني من الروم (الله الذي يرسل الريح) [الروم: 48]، وفي فاطر (الله الذي أرسل الريح) [فاطر: 9]، فتعين للباقين القراءة بالجمع وقيد الذي في الروم بالثاني

احترازا من الذي قبله (يرسل الرياح مبشرات)[الأعراف: 57]، فإنه لا خلاف في قراءته بالجمع وقوله دم شكرا مقلوب أي اشكر دائما ثم أخبر أن المشار إليه بالفاء من فصلا وهو حمزة قرأ في الحجر (وأرسلنا الريح) [الحجر: 22]، لواقح بالتوحيد وقرأه الباقون بالجمع ثم أخبر أن المشار إليهم بالخاء من خصوص وهم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا بالتوحيد في سورة الشورى إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ [فاطر: 9]، وفي السورة التي تحت الرعد يعني في سورة إبراهيم اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [الروم: 46]، فتعين للباقين القراءة في الموضعين في الشورى وإبراهيم بالجمع ثم أخبر أن المشار إليهما بالزاي والهاء في قوله زاكيه هللا وهما قنبل والبزي قرآ في الفرقان يرسل الريح نشرا بالتوحيد فتعين للباقين القراءة بالجمع وجملة الكلم الذي وقع فيها الخلاف إحدى عشرة كلمة في إحدى عشرة سورة فإذا تأملت مذاهب القراء في ذلك وجدت نافعا يقرأ بالجمع في الجميع وابن كثير يقرأ بالجمع في الثلاثة المذكورة في البيت الأول وفي الحجر وأبا عمرو وابن عامر وعاصما قرءوا بالجمع في الجميع فيما عدا إبراهيم والشورى وحمزة قرأ بالجمع في الفرقان والكسائي قرأ بالجمع في الحجر والفرقان واتفقوا على توحيد ما بقي من القرآن من لفظه وهو ستة مواضع وهي قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ [الإسراء: 69]، بسبحان وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ [الروم: 51]، بالأنبياء أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ [الحج: 31]، وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ [سبأ: 12]، فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ [ص: 36]، (والريح

ص: 158

العقيم) [الذاريات: 41]، ولا خلاف في توحيد ما ليس فيه ألف ولام نحو ولئن أرسلنا ريحا، والزاكي: الطهر والمبارك: الكثير، والهاء للتوحيد وهللا قال: لا إله إلا الله.

وأيّ خطاب بعد عمّ ولو ترى

وفي إذ يرون الياء بالضّم كلّلا

أخبر أن المشار إليهما بعم وهما نافع وأبو عامر قرآ ولو ترى الذين ظلموا بتاء الخطاب فتعين للباقين القراءة بالغيب ثم أخبر أن المشار إليه بالكاف في قوله كللا وهو ابن عامر قرأ إذ يرون بضم الياء فتعين للباقين القراءة بفتحها، وأتى بالرمز بين التقييد وحرف القرآن لأنه الكثير ولم يلتزم لذكره موضعا كما تقدم وأي خطاب بعد أي بعد مسألة الريح ومعنى كللا أي صورت الضمة على الياء فصارت كالإكليل عليها، والإكليل: عصابة من الجوهر تلبسها الملوك.

وحيث أتى خطوات الطّاء ساكن

وقل ضمّه عن زاهد كيف رتّلا

أخبر أن الطاء في قوله تعالى وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ [البقرة: 168]، ساكتة وحيث أتى أي وحيث وقع خطوات فالطاء فيه ساكنة لكل القراء إلا المشار إليهم بالعين والزاي والكاف والراء في قوله عن زاهد كيف رتلا وهم حفص وقنبل وابن عامر والكسائي فإنهم قرءوا بضم الطاء، وهي خمسة مواضع في القرآن وقيد القراءتين معا لأن تقييد

إحداهما لا يدل على تقييد الأخرى وأشار بقوله عن زاهد إلى عدالة نقلته كيف رتلا أي كيفما قرأ فإنه بضم الطاء.

وضمّك أولى السّاكنين لثالث

يضمّ لزوما كسره في ند حلا

قل ادعوا أو انقص قالت اخرج أن اعبدوا

ومحظورا انظر مع قد استهزئ اعتلا

سوى أو وقل لابن العلا وبكسره

لتنوينه قال ابن ذكوان مقولا

بخلف له في رحمة وخبيثة

ورفعك ليس البرّ ينصب في علا

يعني إذا كان آخر الكلمة ساكنا ولقي ساكنا من كلمة أخرى وهو فاء فيل وكان الحرف الثالث من الكلمة الثانية مضموما ضما لازما فإن ذلك الساكن الأول يضم لمن يذكر الكسر له سواء كان تنوينا أو غيره ويكسر للمشار إليهم بالفاء والنون والحاء في قوله في ند حلا وهم حمزة وعاصم وأبو عمرو والساكن الأول في القرآن من أحد حروف التنود وهي اللام والتاء والنون والتنوين والواو والدال وقوله قُلِ ادْعُوا مثال اللام فاللام من قل ساكنة التقت بالدال من ادعوا وهي ساكنة أيضا. فوجب تحريك اللام لاجتماع الساكنين فمن حركها بالكسر، فعلى الأصل في حكم التقاء الساكنين ومن ضمها أتبعها ضمة العين اللازمة والدليل على لزوم ضمة العين أنك تقول تدعوا ويدعوا وأدعوا فتجد العين مضمومة في الفعل المستقبل وفعل الأمر على أصل البناء ولا يتغير والعين في قوله ادعوا ثالثة باعتبار وجود ألف الوصل في حال الابتداء وكذلك باقي الأمثلة، وأراد بل ادعوا حيث كان وهو بالأعراف قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ [الأعراف: 195] وبالإسراء موضعان قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الإسراء: 56]، قُلِ ادْعُوا اللَّهَ [الإسراء: 110]، وبسبإ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ [سبأ: 22]، وبيونس قُلِ انْظُرُوا [يونس: 101]، ثم أتى بمثال الواو فقال:

أو انقص، يعني أَوِ انْقُصْ مِنْهُ [المزمل: 3]، أو اخرجوا من دياركم بالنساء أو ادعوا الرحمن بالإسراء ولا رابع لها. والتاء قالت اخرج عليهن بيوسف وليس غيره وإنما ذكر

ص: 159

هذا الأصل هنا لأن أوله فمن اضطر ولم يتفق التمثيل به وأغنى عنه قوله أن اعبدوا الله وهو مثال النون ومثله أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 66]، وَأَنِ احْكُمْ [المائدة: 49]، ولكن انظر (وأن أشكر) [لقمان: 12]، (وأن أغدوا على حرثكم) [القلم: 22]، ومثال التنوين محظورا انظر وأول وقوع التنوين بالنساء فتيلا انْظُرْ [النساء: 5]، وبالأنعام مُتَشابِهٍ انْظُرُوا [ق:

42]، وبالأعراف بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، وبيوسف مُبِينٍ اقْتُلُوا وبإبراهيم خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ وبالحجر وَعُيُونٍ ادْخُلُوها بالإسراء محظورا انظر وهو المثال وفيها مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا [الفرقان: 9]، وفي الفرقان مَسْحُوراً [الفرقان: 8]، انْظُرْ وبص وعَذابٌ [ص: 26]، ارْكُضْ [الأنعام: 11]، وبق مُنِيبٍ [ق: 8]، ادْخُلُوها [ق: 34]، وأما عزير ابن فإن ضمة النون فيه عارضة والذي نوّنه اثنان عاصم والكسائي

وكلاهما بكسر التنوين فأما عاصم فعلى أصله وأما الكسائي فلأجل عروض الضمة في ابن ومثال الدال ولقد استهزئ وهو بالأنعام والرعد والأنبياء ووصف الضم باللزوم احترازا من العارض فإن الساكن الأول لم يكن فيه إلا الكسر نحو أن امشوا وأصله أن امشيوا كاضربوا إلا أنك إذا أمرت الواحد أو الاثنين قلت امش وامشيا فتجد الشين مكسورة فتعلم أن الضمة عارضة وكذلك أن اتقوا الله وأن امرؤ ونحوه الضمة فيه عارضة وضابط اللازم أن تكون الألف التي تدخل على الساكن الثاني إذا ابتدئ بها ابتدئ بالضم نحو أدعوا أنقص أخرج أستهزئ بخلاف اتقوا الله ونحوه فإنه يبتدأ بالكسر وفي نحو قل الروح يبتدأ بالفتح وقوله سوى أو وقل لابن العلا أخبر أن أبا عمرو بن العلاء استثنى الواو من أو واللام من قل حيث وقعا نحو أو ادعوا الرحمن وقل انظرا فقرأ فيها بالضم وأخبر أن ابن ذكوان كسر التنوين وأن عنه في برحمة ادخلوا الجنة وخبيثة اجتثت الكسر والضم وقرأ عاصم وحمزة بكسر الساكن الأول في جميعه سواء كان تنوينا أو غيره وقرأ أبو عمرو بكسر ذلك كله سوى أو وقل فإنه يضم فيهما وقرأ ابن ذكوان بكسر التنوين لا غير وعنه خلاف في برحمة وخبيثة وقرأ الباقون بالضم في الجميع وقوله ورفعك ليس البر أخبر أن لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ [البقرة:

177]، يرفع راؤه لكل القراء إلا حمزة وحفصا فإنهما قرآ بنصب الراء وأشار إليهما بالفاء والعين في قوله في علا ولا خلاف في وليس البر بأن تأتوا البيوت أنه بالرفع ولا يرد على الناظم لأنه قال ليس البر واو وهذا بالواو.

ولكن خفيف وارفع البرّ عمّ في

هما وموصّ ثقله صحّ شلشلا

أخبر أن المشار إليهما بقوله عم وهما نافع وابن عامر قرآ ولكن البر من آمن بالله ولكن البر من اتقى بتخفيف نون ولكن وكسرها ورفع البر في الموضعين فتعين للباقين القراءة بتشديد النون وفتحها ونصب الراء فيهما ثم أخبر أن المشار إليهم بالصاد والشين في قوله صح شلشلا وهم شعبة وحمزة والكسائي قرءوا فمن خاف من موص بتثقيل الصاد ومن ضرورة تشديدها فتح الواو وتعين للباقين القراءة بتخفيف الصاد ومن ضرورة تخفيفها سكون الواو وقوله شلشلا أي خفيفا.

وفدية نون وارفع الخفض بعد في

طعام لدى غصن دنا وتذلّلا

مساكين مجموعا وليس منوّنا

ويفتح منه النّون عمّ وأبجلا

أمر بتنوين فدية ورفع الخفض بعد أي الخفض في طعام الذي بعد فدية للمشار إليهم باللام والعين

ص: 160

والدال في قوله لدى غصن دنا وهم هشام وأبو عمرو والكوفيون وابن كثير فتعين للباقين ترك تنوين فدية وخفض طعام لأنه نص لهم على الخفض ومعنى غصن دنا وتذللا أي قرب وسهل ثم أمر بقراءة مساكين بالجمع وترك التنوين وفتح النون للمشار إليهما بقوله عم وهما نافع وابن عامر فتعين للباقين القراءة بالإفراد وإثبات التنوين وكسر النون

فصار نافع وابن ذكوان بالإضافة والجمع وهشام بالتنوين والجمع والباقون بالتنوين والتوحيد فمن جمع فتح الميم والسين والنون وأثبت ألفا ومن وحد كسر الميم والنون ونوّنها وحذف الألف فتسكن السين وأبجلا كفى يقال أبجله الشيء إذا كفاه.

وتقل قران والقران دواؤنا

وفي تكملوا قل شعبة الميم ثقّلا

أخبر أن المشار إليه بالدال في قوله دواؤنا وهو ابن كثير قرأ بنقل حركة همزة القرءان الاسم إلى الراء قبلها وحذفها سواء كان معرفة أو نكرة وصلا ووقفا حيث جاء نحو الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة: 18]، و (ائت بقرآن) [يونس: 15]، وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:

18]، وَقُرْآناً فَرَقْناهُ [الإسراء: 106]، وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ [طه: 114]، وجَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [القيامة: 17]، وبَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ [البروج: 21]، فإنه لما قال: ونقل قران والقرآن فكأنه قال مجردا عن اللام وغير مجرد ونبه بظاهر اللفظ على أن نقل القرآن عن الأئمة وروايته دواؤنا وتعين للباقين القراءة بإثبات الهمزة وسكون الراء ثم أخبر أن شعبة راوي عاصم قرأ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ [البقرة: 185]، بتشديد الميم ومن ضرورة تثقيلها فتح الكاف فتعين للباقين القراءة بتخفيف الميم وإسكان الكاف.

وكسر بيوت والبيوت يضمّ عن

خمى جلّة وجها على الأصل أقبلا

أخبر أن المشار إليهم بالعين والحاء والجيم في قوله عن حمى جلة وهم حفص وأبو عمرو وورش ضموا كسر البيوت حيث جاء معرفة أو نكرة نحو قوله تعالى بأن تأتوا البيوت وبيوت النبي وغير بيوتكم ولا تدخلوا بيوتا وتعين للباقين الكسر ووجه قراءة الضم أنها جاءت على الأصل في الجمع كقلب وقلوب ولهذا قال وجها على الأصل

ووجه قراءة الكسر مجانسة الياء استثقالا لضمة الياء بعد ضمة وهي لغة معروفة.

ولا تقتلوهم بعده يقتلوكمو

فإن قتلوكم قصرها شاع وانجلا

أخبر أن المشار إليهما بالشين في قوله شاع وهما حمزة والكسائي قرآ ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم بفتح تاء الأول وياء الثاني وإسكان قافيهما وضم ما بعدهما وحذف ألف الثلاثة كما لفظ بها وقرأ الباقون بضم أولى الأوليين وفتح قافيهما وكسر ثالثهما وألف في الثلاثة بين القاف والتاء ولا خلاف في فاقتلوهم أنه بغير ألف، ومعنى شاع وانجلى، أي اشتهر القصر وانكشف.

وبالرّفع نوّنه فلا رفث ولا

فسوق ولا حقّا وزان مجمّلا

أمر بالرفع والتنوين في قوله فلا رفث ولا فسوق للمشار إليهما بقوله حقا وهما ابن كثير وأبو عمرو فتعين للباقين القراءة بالنصب وترك التنوين وأتى بقوله ولا بعد فسوق لإقامة

وزن البيت ولا خلاف في ولا جدال أنه بالفتح ومعنى زان مجملا أي زان الرفع والتنوين رواية، والله أعلم.

وفتحك سين السّلم أصل رضى دنا

وحتى يقول الرّفع في اللّام أوّلا

أخبر أن المشار إليهم بالهمز والراء والدال في قوله أصل رضا دنا وهم نافع والكسائي

ص: 161

وابن كثير قرءوا قوله تعالى ادخلوا في السلم بفتح السين فتعين للباقين القراءة بكسرها وأخر الذي بالأنفال والقتال إلى سورة الأنفال ثم أخبر أن المشار إليه بهمزة أولا وهو نافع قرأ وزلزلوا حتى يقول الرسول برفع اللام فتعين للباقين القراءة بنصبها ومعنى أولا أي أول الرفع بتأويل وهو بيان وجهه في العربية.

وفي التّاء فاضمم وافتح الجيم ترجع ال

أمور سما نصّا وحيث تنزّلا

أمر بضم التاء وفتح الجيم في ترجع الأمور للمشار إليهم سما وبالنون في قوله سما نصا وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم فتعين للباقين القراء بفتح التاء وكسر الجيم حيث تنزل في جميع القرآن.

وإثم كبير شاع بالثّا مثلّثا

وغيرهما بالباء نقطة اسفلا

أخبر أن المشار إليهما بالشين من شاع وهما حمزة والكسائي قرآ قل فيهما إثم كثير بالثاء وقوله مثلثا تقييد للثاء بكونها ذات ثلاث نقط لئلا تلتبس عند عدم النقط بغيرها ثم أخبر أن قراءة غيرهما أي غير حمزة والكسائي بالباء وقيدها بقوله نقطة أسفلا.

قل العفو للبصريّ رفع وبعده

لأعنتكم بالخلف أحمد سهّلا

أخبر أن البصري وهو أبو عمرو بن العلاء قرأ ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو برفع الواو فتعين للباقين نصبها وقوله وبعده لأعنتكم أي بعد العفو وأخبر أن أحمد البزي قرأ ولو شاء الله لأعنتكم بتسهيل الهمزة بين بين وبتحقيقها أيضا وهذا معنى قوله بالخلف فتعين للباقين القراءة بالتحقيق.

ويطهرن في الطّاء السّكون وهاؤه

يضمّ وخفّا إذ سما كيف عوّلا

أخبر أن المشار إليهم بسما والكاف والعين في قوله سما كيف عوّلا وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص قرءوا ولا تقربوهن حتى يطهرن بسكون الطاء وضم الهاء وتخفيفهما فتعين للباقين القراءة بفتح الطاء والهاء وتشديدهما وقوله إذ ليس برمز لاندراجه في سما.

وضمّ يخافا فاز والكلّ أدغموا

تضارر وضمّ الرّاء حقّ وذو جلا

أخبر أن المشار إليه بالفاء من فاز وهو حمزة قرأ إلا أن يخافا بضم الياء فتعين للباقين

القراءة بفتحها ثم أخبر أن السبعة اتفقوا على إدغام الراء الأولى من قوله تعالى لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها في الراء الثانية وأن المشار إليهما بحق وهما ابن كثير وأبو عمرو ضما الراء منه فتعين للباقين القراءة بفتحها والمراد الضم والفتح في الراء الثانية لأن الأولى ساكنة مدغمة في الراء المشددة لأن الراءين صارا كراء واحدة قوله وذو جلا أي وذو انكشاف وظهور، والدال والجيم ليسا برمز.

وقصر أتيتم من ربا وأتيتموا

هنا دار وجها ليس إلّا مبجّلا

أخبر أن المشار إليه بالدال من دار وهو ابن كثير قرأ وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً [الروم:

39]، وإذا سلمتم ما أتيتم بالمعروف هنا أي في هذه السورة بالقصر وأراد بالقصر حذف الألف التي بعد الهمزة فتعين

ص: 162

للباقين القراءة بالمد في السورتين والقصر من باب المجيء بمعنى فعلتم والمد من باب الإعطاء بمعنى أعطيتم وقوله ليس إلا مبجلا ما فيه رمز لأنه بعد الواو الفاصلة. والمبجل: الموقر.

معا قدر حرّك من صحاب وحيث

يضمّ تمسّوهنّ وامدده شلشلا

أمر بتحريك الدال من كلمتي قدر معا أي في الموضعين للمشار إليهم بالميم وصحاب في قوله من صحاب وهم ابن ذكوان وحفص وحمزة والكسائي قرءوا على الموسع قدره وعلى المقتر قدره بفتح داليهما فتعين للباقين إسكانهما لأن التحريك المطلق يحمل على الفتح وضده الإسكان على ما تقرر وقوله وحيث جا يضم تمسوهن أي حيث جاء لفظ تمسوهن وهو في القرآن في ثلاثة مواضع موضعان في هذه السورة وموضع في الأحزاب يعني أن المشار إليهما بالشين من شلشلا وهما حمزة والكسائي قرآ

تمسوهن حيث جاء بضم التاء والمد وأراد بالمد إثبات الألف بعد الميم فتعين للباقين القراءة بفتح التاء لأنه ضد الضم والقصر، وهو حذف الألف.

وصيّة ارفع صفو حرميّه رضى

ويبصط عنهم غير قنبل اعتلا

وبالسّين باقيهم وفي الخلق بصطة

وقل فيهما الوجهان قولا موصّلا

أمر برفع ويذرون أزواجا وصية للمشار إليهم بالصاد والراء وحرمي الواقع بينهما في قوله: صفو حرميه رضا، وهم شعبة ونافع وابن كثير والكسائي فتعين للباقين القراءة بالنصب ثم قال ويبصط عنهم أي عن المذكورين وهم شعبة ونافع وابن كثير والكسائي إلا قنبلا قرءوا والله يقبض ويبصط بالصاد على حسب ما لفظ به ثم أخبر أن الباقين قرءوا بالسين وهم قنبل وأبو عمرو وابن عامر وحفص وحمزة ثم قال وفي الخلق بصطة. أخبر أن اختلافهم في وزادكم في الخلق بصطة بالأعراف كاختلافهم في ويبصط بالبقرة فشعبة ونافع والكسائي والبزي قرءوا بالصاد كما نطق به والباقون قرءوا بالسين ثم قال وقل فيهما أي في يقبض

ويبصط بالبقرة وفي الخلق بسطة بالأعراف الوجهان أي القراءة بالصاد والسين في كل من الموضعين للمشار إليهما بقاف قولا وميم موصلا وهما خلاد وابن ذكوان وقوله موصلا أي منقولا إلينا وقيد بسطة الذي بالأعراف بقوله في الخلق احترازا من قوله تعالى: وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ [البقرة: 247]، فإن السبعة قرءوها بالسين من طريق القصيد لأنها رسمت في جميع المصاحف بالسين.

يضاعفه ارفع في الحديد وهاهنا

سما شكره والعين في الكلّ ثقّلا

كما دار واقصر مع مضعّفة وقل

عسيتم بكسر السّين حيث أتى أنجلا

أمر برفع فيضاعفه له وله أجر بالحديد وفيضاعفه له أضعافا هاهنا يعني في البقرة للمشار إليهم بسما وبالشين في قوله سما شكره وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي فتعين لابن عامر وعاصم القراءة بنصب الفاء لأن النصب ضد الرفع ثم أخبر أن المشار إليهما بالكاف والدال في قوله كما دار وهما ابن عامر وابن كثير قرآ بتشديد العين وحذف الألف في كل مضارع يضاعف بني للفاعل أو المفعول عرى عن الضمير أو اتصل به فبأي إعراب كان واسم المفعول نحو وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [البقرة: 261]، ويُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا [هود: 20]، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها [النساء:

40]، ويُضاعِفْهُ لَكُمْ [الحديد: 11]، وأَضْعافاً مُضاعَفَةً [آل عمران: 130]، وأراد بالقصر حذف الألف فتعين للباقين المد وهو إثبات الألف وتخفيف العين فصار

ص: 163

في البقرة والحديد أربع قراءات ابن كثير بالرفع والتشديد وابن عامر بالنصب والتشديد وعاصم بالنصب والتخفيف والباقون بالرفع والتخفيف وفيما عدا هذين الموضعين المذكورين قراءتان التشديد لابن عامر وابن كثير والتخفيف للباقين ثم أخبر أن المشار إليه بهمزة الوصل في قوله انجلى وهو نافع قرأ هل عسيتم إن كتب هاهنا وفهل عسيتم إن توليتم بالقتال بكسر السين فتعين للباقين القراءة بفتح السين:

دفاع بها والحجّ فتح وساكن

وقصر خصوصا غرفة ضمّ ذو ولا

أخبر أن المشار إليهم بالخاء من خصوصا وهم القراء كلهم إلا نافعا قرءوا وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة: 251]، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]، بفتح الدال وسكون الفاء ومن ضرورة سكون الفاء أن لا يكون بعدها ألف ولكنه أشار إليه بالقصر فتعين لنافع القراءة بكسر الدال وفتح الفاء وألف بعدها على ما لفظ به ثم أخبر أن المشار إليهم بالذال في قوله ذو، وهم الكوفيون وابن عامر قرءوا غرفة بضم الغين فتعين للباقين القراءة بفتحها وغرفة في التلاوة قبل دفاع فأوردهما كما أمكن:

ولا بيع نوّنه ولا خلّة ولا

شفاعة وارفعهنّ ذا أسوة تلا

ولا لغو لا تأثيم لا بيع مع ولا

خلال بإبراهيم والطّور وصّلا

أمر بالقراءة في قوله تعالى: لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة هنا ويَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ [إبراهيم: 31]، وكَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ [الطور: 23]، سبعتها بالرفع والتنوين للمشار إليهم بالدال والهمزة في قوله ذا أسوة، وهم الكوفيون وابن عامر ونافع فتعين لابن كثير وأبي عمرو القراءة بالنصب وترك التنوين وتسامح الناظم في الضد لأن الفتح في قراءتهما ليس نصبا بل هو بناء فمتى كانت القراءة دائرة بين حركة إعراب وبناء فلا بد من التسامح، إما في الضد أو في التصريح كما تقدم مرارا خلافا لاصطلاح البصريين في التفرقة بين ألقاب حركات الإعراب والبناء وقوله وصلا أي وصل المذكور: أي نقل:

ومدّ أنا في الوصل مع ضمّ همزة

وفتح أتى والخلف في الكسر بجّلا

أخبر أن المشار إليه بالهمزة في قوله أتى وهو نافع مد النون من أنا في الوصل إذا وقع بعدها همزة مضمومة وهو موضعان بالبقرة أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة: 258]، وبيوسف أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ [يوسف: 45]، أو مفتوحة وهو عشرة مواضع وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 163]، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 188]، وأَنَا أَخُوكَ [يوسف:

69]، وأَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وأَنَا أَقَلَّ [الكهف: 34]، وأَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ [النمل: 39]، (وأنا آتيك به قبل يرتد إليك طرفك) [النمل: 40]، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ [غافر: 42]، فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ [الزخرف: 81]، وأنا أعلم بالامتحان فتعين للباقين القراءة بالقصر ثم أخبر أن المشار إليه بالباء في قوله بحلا وهو قالون مد أيضا مع الهمزة المكسورة بخلاف عنه وهو ثلاث مواضع إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188]، وإِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الشعراء: 115]، قالوا بالشعراء وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف: 9]، وقرأ

الباقون بالقصر كأحد وجهي قالون ومراده بالمد زيادة ألف بعد نون أنا وعلم أنه الألف من لفظه وقوله في الوصل احترازا من حالة الوقف على أنا لأن القراء كلهم اتفقوا على إثبات الألف في الوقف سواء وقع بعده همزة أو لا وعلى حذفها في الوصل مع غير الهمزة نحو أنا ربكم الأعلى، وأنا على ذلكم، ومعنى بجل: وقر.

ص: 164

وننشزها ذاك وبالرّاء غيرهم

وصل يتسنّه دون هاء شمردلا

أخبر أن المشار إليهم بالذال المعجمة في قوله ذاك وهم الكوفيون وابن عامر قرءوا كيف ننشزها بالزاي المعجمة كلفظه ولما لم يكن في ذلك دلالة على القراءة الأخرى قال وبالراء غيرهم يعني أن غير الكوفيين وابن عامر قرءوا بالراء المهملة ثم أمر أن يقرأ لم يتسنه وانظر بغير هاء في الوصل للمشار إليهما بالشين من شمردلا وهما حمزة والكسائي فتعين لغيرهما القراءة بإثبات الهاء واتفق السبعة على إثباتها في الوقف، وشمردلا: خفيف أو كريم.

وبالوصل قال اعلم مع الجزم شافع

فصرهنّ ضمّ الصّاد بالكسر فصّلا

أخبر أن المشار إليهما بالشين من شافع وهما حمزة والكسائي قرآ فلما تبين له قال اعلم بوصل همزة اعلم وجزمه فتعين للباقين القراءة بالقطع لأنه ضد الوصل وبالرفع لأنه ضد الجزم ثم أخبر أن المشار إليه بالفاء من قوله فصلا وهو حمزة قرأ فصرهن إليك بكسر الصاد المضمومة في قراءة الباقين، وقيد اعلم بقال ليخرج سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم. ويعلم كسر همزة الوصل في الابتداء وفتح همزة القطع في الحالين من الإجماع، والشفع: جعل الفرد زوجا:

وجزءا وجزء ضمّ الإسكان صف وحي

ثما أكلها ذكرا وفي الغير ذو حلا

أمر بوصف ضم الإسكان أي ضم الزاي الساكنة في جزء المنصوب وجزء المرفوع حيث جاء للمشار إليه بالصاد من قوله صف وهو شعبة وقرأ الباقون بإسكانها وهو منصوبان ومرفوع على كل جبل منهن جزءا هنا وجعلوا له من عباده جزءا بالزخرف ولكل باب منهم جزء مقسوم بالحجر ومعنى صف أي اذكر وإنما قدم ذكر المنصوب لأجل الذي في البقرة وقوله وحيثما أكلها ذكرا أي وصف ضم الإسكان في أكلها حيثما وقع، يعني أن المشار إليهم بالذال من قوله ذكرا وهم الكوفيون وابن عامر قرءوا بضم الكاف في أكل المضاف إلى ضمير المؤنث حيثما جاء نحو فآتت أكلها ضعفين وأكلها دائم تؤتى أكلها كل حين وقوله وفي الغير ذو حلا أخبر أن المشار إليهم بالذال والحاء في قوله ذو حلا وهم الكوفيون وابن عامر وأبو عمرو ضموا الإسكان في غير ما أضيف إلى ضمير المؤنث أي في غير أكلها يعني ضموا الكاف فيما أضيف إلى ضمير المذكر وإلى الظاهر أو لم يضف إلى شيء نحو قوله مختلفا أكله وأكل خمط ونفضل بعضها على بعض في الأكل فتعين لمن لم يذكره الإسكان في الجميع فصار نافع وابن كثير بالإسكان في الجميع وأبو عمرو بإسكان أكلها فقط وضم باقي الباب والباقون بالضم في الجميع، وعلم عموم جزءا المنصوب من ضم المرفوع إليه لا من لفظه به:

وفي ربوة في المؤمنين وهاهنا

على فتح ضمّ الرّاء نبّهت كفّلا

أخبر أن المشار إليهما بالنون والكاف في قوله نبهت كفلا وهما عاصم وابن عامر قرآ في المؤمنين أي في سورة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون: 1]، وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ [المؤمنون: 50]، وهاهنا أي في هذه السورة كمثل جنة بربوة بفتح ضم الراء فتعين للباقين القراءة بضم الراء فيهما على ما عينه لهم، وكفل جمع كافل، وهو الضامن والذي يعول غيره:

ص: 165

وفي الوصل للبزيّ شدّد تيمّموا

وتاء توفى في النّسا عنه مجملا

وفي آل عمران له لا تفرّقوا

والانعام فيها فتفرّق مثّلا

وعند العقود التّاء في لا تعاونوا

ويروي ثلاثا في تلقّف مثّلا

أمر بتشديد التاء في الوصل للبزي من أحد وثلاثين موضعا باتفاق وبخلاف في موضعين وأول المتفق عليه وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ [البقرة: 267]، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103]، وإِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النساء: 97]، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ [المائدة: 20]، والسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ [الأنعام: 153]، فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ [الأعراف: 117]، وتَلْقَفْ ما صَنَعُوا [طه: 69]، فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ [الشعراء: 45]، وقوله في الوصل احترازا من الوقف على ما قبل هذه الكلمة التي فيها التاء فإن التاء في حال الوقف لا تشدد لأحد من القراء لأن الحرف المشدد بحرفين أولهما ساكن والساكن لا يبتدأ به فخص التشديد بحالة الوصل ليتصل الساكن المدغم بما قبله والذي قبله على ثلاثة أقسام: قسم قبله ساكن صحيح نحو هل تربصون بنا، وقسم قبله متحرك نحو الذين توفاهم الملائكة، وقسم قبله حرف مد نحو قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا وعنهو تلهى فيحتاج القارئ إلى مد حرف المد قبله لوقوع التشديد بعده وأراد تيمموا على هذه الصيغة فخرج عنه فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [النساء: 43]، وخص تُوَفَّى بالنساء ليخرج نحو تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ [النحل: 32]، وقيد فتفرق بالسورتين فخرج عنه ولا تفرقوا فيه كبر، وعلم تعاونوا بلا فخرج عنه وتعاونوا على البر وقوله عنه مجملا أي عن البزي جميلا وقوله فتفرق مثلا أي أحصر التشديد في تائها وقرأ الباقون بتخفيف التاء في الجميع والتخفيف حذف إحدى التاءين فتصير تاء واحدة خفيفة، ولا خلاف في الابتداء أنه بالتخفيف وقوله ويروى ثلاثا في تلقف أي البزي، ومثلا جمع ماثل من قولهم تمثل بين يديه إذا قام:

تنزّل عنه أربع وتناصرو

ن نارا تلظّى إذ تلقّون ثقّلا

تكلّم مع حرفي تولّوا بهودها

وفي نورها والامتحان وبعد لا

في الأنفال أيضا ثمّ فيها تنازعوا

تبرّجن في الأحزاب مع أن تبدّلا

وفي التّوبة الغرّاء قل هل تربّصو

ن عنه وجمع السّاكنين هنا انجلى

قوله: تنزل عنه أي عن البزي أي وشدد البزي ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ [الحجر: 8]، وعَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ [الشعراء: 221]، والرابع تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ [القدر: 4]، وما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ [الصافات: 25]، وناراً تَلَظَّى [الليل:

14]، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل: 1]، وإِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [النور: 15]، ولا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ [هود: 105]، وفيها وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ [هود: 3]، وفي

قصة عاد فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ [هود: 57]، وفي نورها أي فإن تولوا فإنما عليه ما حمل في سورة النور وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم بالامتحان أي سورة الممتحنة ولا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال: 46]، وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ [الأحزاب: 33]، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ [الأحزاب: 52]، وقُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا [التوبة: 52]، وقوله عنه أي عن البزي أي شدد البزي جميع ما ذكر وقرأ الباقون بالتخفيف في ذلك كله وقيد تولوا بالأنفال بوقوع لا قبله فقال وبعد لا احترازا من قوله تعالى: لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال: 23]، قوله وجمع الساكنين هنا انجلى أي انكشف وظهر أي فيما تقدم من هذا الفصل لأن هل تربصون هو آخر موضع وقع فيه الجمع بين الساكنين على

ص: 166

غير حدهما لأن ما يأتي بعد هذا من تشديد التاءات لم يقع فيه الجمع بين الساكنين إلا على حدهما فإن قيل وما حد اجتماع الساكنين، قيل اختلف النحاة فيه لكن المشهور منه أن يكون الأول منهما حرف مد ولين والثاني مدغما نحو ولا تيمموا ومنهم من أجاز الجمع إذا كان الثاني مدغما فيكون حدهما عنده إدغام الثاني فقط وعليه قراءة البزي في بعض هذه التاءات، ومنهم من قال أن يكون الأول حرف مد ولين فقط وعليه قراءة نافع في محياي بإسكان الياء بخلاف عن ورش وجملة المواضع التي وقع فيها الساكن على غير حده عشرة: هَلْ تَرَبَّصُونَ، وَإِنْ تَوَلَّوْا [الأنفال: 40]، وفَإِنْ تَوَلَّوْا حرفي هود وإِذْ تَلَقَّوْنَهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا بالنور وعَلى مَنْ تَنَزَّلُ وأَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ وأَنْ تَوَلَّوْهُمْ وناراً تَلَظَّى وشَهْرٍ تَنَزَّلُ وقد قررنا فيما تقدم أن الساكن الذي قبل المدغم على ثلاثة أقسام قسم قبله ساكن صحيح نحو هل تربصون وقسم قبله متحرك نحو الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، وقسم قبله حرف مد نحو وَلا تَيَمَّمُوا. ثم ذكر بقية التاءات فقال:

تميّز يروي ثمّ حرف تخيّرو

ن عنه تلهّى قبله الهاء وصّلا

وفي الحجرات التّاء في لتعارفوا

وبعد ولا حرفان من قبله جلا

وكنتم تمنّون الّذي مع تفكّهو

ن عنه على وجهين فافهم محصّلا

الضمير في يروى يعود على البزي أي وشدّد البزي التاء في قوله تكاد تميز بالملك وإن لكم فيه لما تخيرون بالقلم فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: 10] في عبس قبله الهاء وصلا يعني أن البزي يصل الهاء بواو على أصله فيقع التشديد بعد حرف مد وهو الواو فتبقى مثل وَلا تَيَمَّمُوا وشدد البزي أيضا التاء في وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا بالحجرات وفيها وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12]، فهذان موضعان كل منهما بعد لفظ ولا هما من قبل لِتَعارَفُوا في سورة الحجرات فهذا آخر الكلمات المعدودة الإحدى والثلاثين المشددة للبزي بلا خلاف فيها: سبعة بعد متحرك وأربعة عشر بعد حرف مد وعشرة بعد ساكن صحيح ثم ذكر موضعين آخرين مختل عنه فيهما وهما وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ

[آل عمران: 143]، وفَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة: 65]، وقوله عنه أي عن البزي فيهما وجهان التشديد وتركه. واعلم أنه في كلا الوجهين يصل ميم الجمع أما إذا لم يشدد التاء فظاهر لوقوعها قبل محرك وأما إذا شدد التاء فيصلها كما وصل الهاء في عنه تلهى ويزاد حرف المد مدّ الحجز كآمين فإن قيل لم ينص على صلة الميم هنا كما فعل في قوله عنه تلهى. قيل لا حاجة لذلك فإنه معلوم من موضعه وإنما احتاج إلى تتمة البيت فتممه بقوله قبله الهاء وصلا وقرأ الباقون بتخفيف التاء في الباب كله. وقوله فافهم محصلا أي كن صاحب فهم في حال تحصيلك العلم.

نعمّا معا في النون فتح كما شفا

وإخفاء كسر العين صيغ به حلا

أخبر أن المشار إليهم بالكاف والشين في قوله كما شفا وهم ابن عامر وحمزة والكسائي قرءوا إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ [النساء: 58]، بفتح النون وإلى الموضعين أشار بقوله معا وتعين للباقين القراءة بكسر النون ثم أخبر أن المشار إليهم بالصاد والباء والحاء في قوله صيغ به حلا وهم شعبة وقالون وأبو عمرو قرءوا بإخفاء كسر العين والمراد بالإخفاء هنا اختلاس كسر العين فتعين للباقين القراءة بإتمام الكسر فصار ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون وكسر العين وابن كثير وورش وحفص بكسر النون والعين وأبو عمرو وقالون وشعبة بكسر النون واختلاس كسرة العين فتصير بين الكسر والسكون.

ص: 167

ويا ونكفّر عن كرام وجزمه

أتى شافيا والغير بالرّفع وكّلا

أخبر أن المشار إليهما بالعين والكاف في قوله عن كرام وهما حفص وابن عامر قرآ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ [البقرة: 371]، بالياء فتعين للباقين القراءة بالنون وأن المشار إليهم بالهمزة والشين في قوله أتى شافيا وهم نافع وحمزة والكسائي قرءوا بجزم الراء فتعين للباقين القراءة برفعه وقوله والغير بالرفع وكلا زيادة بيان لأن الجزم ضده الرفع في اصطلاحه فصار نافع وحمزة والكسائي بالنون والجزم وأبو عمرو وابن كثير وشعبة بالنون والرفع وابن عامر وحفص بالياء والرفع.

ويحسب كسر السّين مستقبلا سما

رضاه ولم يلزم قياسا موصّلا

أخبر أن المشار إليهم بسما وبالراء في قوله سما رضاه وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي قرءوا ما جاء من يحسب مستقبلا بكسر السين فتعين للباقين القراءة بفتحها فالتقييد واقع بالاستقبال مطلقا كما لفظ به وإنما قال مستقبلا ليشمل كل فعل مستقبل في القرآن سواء كان بالياء أو بالتاء متصل به ضمير أو غير متصل نحو يحسبهم الجاهل، وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ [الزخرف: 37]، ويَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ [النور: 39]، وأَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ [الفرقان: 44]، وأَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ [القيامة: 36]، و (ايحسب أن

ماله) [الهمزة: 44]، وأشار بقوله ولم يلزم قياسا مؤصلا إلى أن الكسر خرج عن القياس المؤصل أي الذي جعل أصلا والقياس أن مستقبل حسب يحسب بفتح السين.

وقل فأذنوا بالمدّ واكسر فتى صفا

وميسرة بالضّمّ في السّين أصّلا

أمر بمد الهمزة وكسر الذال للمشار إليهما بالفاء والصاد في قوله فتى صفا وهما حمزة وشعبة قرآ فآذنوا بحرب من الله بالمد أي بفتح الهمزة وألف بعدها وكسر الذال وأراد بالمد الألف بعد الهمزة ومن ضرورتها فتح الهمزة وتعين للباقين القراءة بترك المد وسكون الهمزة وفتح الذال كلفظه ثم أخبر أن المشار إليه بالهمزة من أصلا وهو نافع قرأ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280] بضم السين فتعين للباقين القراءة بفتحها.

وتصدّقوا خفّ نما ترجعون قل

بضمّ وفتح عن سوى ولد العلا

أخبر أن المشار إليه بالنون من نما وهو عاصم قرأ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:

280] بتخفيف الصاد فتعين للباقين القراءة بتشديدها وأن القراء كلهم إلا أبا عمرو بن العلاء قرءوا وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ [البقرة: 281] بضم التاء وفتح الجيم فتعين لابن العلاء القراءة بفتح التاء وكسر الجيم.

وفي أن تضلّ الكسر فاز وخفّفوا

فتذكر حقّا وارفع الرّا فتعدلا

أخبر أن المشار إليه بالفاء من فاز وهو حمزة قرأ إن تضل بكسر الهمزة فتعين للباقين القراءة بفتحها وأن المشار إليهما بحق وهما ابن كثير وأبو عمرو خففا فتذكر فتعين للباقين القراءة بتشديده وأن المشار إليه بالفاء من فتعدلا وهو حمزة رفع الراء فتعين للباقين القراءة بنصبها فصار حمزة بالكسر والتشديد والرفع وأبو عمرو وابن كثير بالفتح والتخفيف والنصب ونافع وابن عامر وعاصم والكسائي بالفتح والتشديد والنصب. وإنما قال فتعدلا لأنه لا يستقيم مع كسر الهمزة ووجود الفاء إلا الرفع:

تجارة انصب رفعه في النّسا ثوى

وحاضرة معها هنا عاصم تلا

أمر بنصب الرفع في تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ [النساء: 29]، للمشار إليهم بالثاء من ثوى وهم الكوفيون ثم أخبر أن عاصما قرأ بنصب تجارة هنا ونصب معها حاضرة فقوله وحاضرة معها هنا أي انصب

ص: 168

حاضرة مع تجارة هنا أي في سورة البقرة لعاصم، فتعين لمن لم يذكره القراءة بالرفع في المواضع الثلاثة كما قيده لهم. وثوى: أقام:

وحقّ رهان ضمّ كسر وفتحة

وقصر ويغفر مع يعذّب سما العلا

شذا الجزم والتّوحيد في وكتابه

شريف وفي التّحريم جمع حمى علا

أخبر أن المشار إليهما بحق وهما ابن كثير وأبو عمرو قرآ فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة:

283] بضم كسر الراء وضم فتح الهاء والقصر أي بضم الراء والهاء من غير ألف فتعين للباقين القراءة بكسر الراء وفتح الهاء والمد كلفظه والمراد بالمد إثبات الألف بعد الهاء ثم أخبر أن المشار إليهم بسما وبالشين من شذا الجزم وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي قرءوا فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 284] بجزمهما

ص: 169

فتعين للباقين القراءة برفعهما وألف العلا ليس برمز لاندراج نافع في سما. ثم خبر أن المشار إليهما بالشين من شريف وهما حمزة والكسائي قرآ في هذه السورة وكتابه ورسله بالتوحيد فتعين للباقين أن يقرءوا وكتبه ورسله على الجمع ثم أخبر أن المشار إليهما بالحاء والعين في قوله حمى علا وهما أبو عمرو وحفص قرآ في سورة التحريم وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها [التحريم: 12]، وكتبه بالجمع وهو ضم الكاف والتاء من غير ألف فتعين للباقين القراءة بالتوحيد وهو كسر الكاف وفتح التاء وألف بعدها.

وبيتي وعهدي فاذكروني مضافها

وربّي وبي منّي وإنّي معا حلا

أخبر أن في هذه السورة من ياءات الإضافة المختلف في فتحها وإسكانها ثمان ياءات بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ [الحج: 26]،

ص: 170

وعَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: 124]، وفَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152]، ورَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ [البقرة: 258] وبِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186]، ومِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ [البقرة: 249]، وإِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ، وإِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وهما المشار إليهما بقوله وإني معا أي في موضعين وقد تقدم شرح اختلاف القراء في فتحها وإسكانها في بابها فلا حاجة إلى إعادته، وأراد الناظم حصر ما في كل سورة من ياءات الإضافة نصا على أعيانها حيث ذكرها مجملا في بابها حرصا على بيانها ليأمن الطالب الالتباس نحو تزدري أعينكم ومن ثم جردها عن الأحكام ونحن نسلك طريقته ولم يحتج إلى تعداد الزوائد لنصه عليها في بابها واحدة واحدة وبالله التوفيق.

ص: 171