الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن، لأن الله سماه فرقاناً:{نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1].
ونستفيد أيضاً من الناحية المسلكية التربوية: أن تتأكد وتزداد محبتنا لرسول الله صلي الله عليه وسلم حيث كان عبد الله، قائماً بإبلاغ الرسالة وإنذار الخلق.
ونستفيد أيضاً: أن النبي عليه الصلاة والسلام آخر الرسل، فلا نصدق بأي دعوي للنبوة من بعده، لقوله:{لِلْعَالَمِينَ} ، ولو كان بعده رسول، لكان تنتهي رسالته بهذا الرسول، ولا كانت للعالمين كلهم.
الآية التاسعة والعاشرة: قوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون:91 - 92].
ينفي الله تعالي في هذه الآية أن يكون اتخذ ولداً، أو أن يكون معه إله.
ويتأكد هذا النفي بدخول {مِنْ} في قوله {مِنْ وَلَدٍ} ، وقوله:{مِنْ إِلَهٍ} ، لأن زيادة حرف الجر في سياق النفي ونحو تفيد التوكيد.
فقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} ، يعني: ما اصطفي أحداً يكون ولداً له، لا عزير، ولا المسيح، ولا الملائكة ولا غيرهم،
لأنه الغني عما سواه.
وإذا انتفي اتخاذه الولد فانتفاء أن يكون والداً من باب أولي.
وقوله: {مِنْ إِلَهٍ} : {إِلَهٍ} ، بمعني: مألوه، مثل: بناء، بمعني: مبني، وفراش، بمعني: مفروش، فالإله بمعني المألوه، أي: المعبود المتذلل له.
يعني: ما كان معه من إله حق، أما الآلهات الباطلة، فهي موجودة، لكن لكونها باطلة، كانت كالعدم، فصح أن يقال: ما كان مع الله من إله.
{إِذاً} ، يعني: لو كان معه إله.
{لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} : لو كان هناك إله آخر يساوي الله عز وجل، لكان له ملك خاص ولله ملك خاص، يعني: لا نفرد كل واحد منهم بما خلق، قال: هذا خلقي لي، وكذلك الآخر.
وحينئذ، يريد كل منهما أن يسيطر على الآخر كما جرت به العادة، فملوك الدنيا كل واحد منهم يريد أن يسيطر على الآخر، وتكون المملكة كلها له، وحينئذ:
إما أن يتمانعا، فيعجز كل واحد منهما عن الآخر، وإذا عجز كل واحد منهما عن الآخر، ما صح أن يكون واحد منهما إلهاً، لأن الإله لا يكون عاجزاً.
وإما أن يعلو أحدهما على الآخر، فالعالي هو الإله.
فترجع المسألة إلي أنه لابد أن يكون للعالم إله واحد، ولا يمكن أن يكون للعالم إلهان أبداً لأن القضية لا تخرج من هذين الاحتمالين.
كما أننا أيضاً إذا شاهدنا الكون علوية وسفلية، وجدنا أنه كون يصدر عن مدبر واحد، وإلا، لكان فيه تناقض، فأحد الإلهين يقول مثلاً: أنا أريد الشمس تخرج من المغرب! والثاني يقول: أريدها تطلع من المشرق! واتفاق الإرادتين بعيد جداً، ولا سيما أن المقام مقام سلطة، فكل واحد يريد أن يفرض رأيه.
ومعلوم أننا لا نشاهد الآن الشمس تطلع يوماً مع هذا ويوماً مع هذا، أو يوماً تتأخر لأن الثاني منعها ويوماً تتقدم لأن الأول أمر الثاني بإخراجها، فلا تجد هذا، نجد الكون كله واحداً متناسباً متناسقاً، مما يدل دلالة ظاهرة على أن المدبر له واحد، وهو الله عز وجل.
فبين الله سبحانه وتعالى بدليل عقلي أنه لا يمكن التعدد، إذ لو أمكن التعدد، لحصل هذا، لا نفصل كل واحد عن الثاني، وذهب كل إله بما خلق، وحينئذ إما أن يعجز أحدهما عن الآخر، وإما أن يعلو أحدهما الآخر، فإن كان الأول، لم يصلح أي واحد منهما للألوهية، وإن كان الثاني، فالعالي هو الإله، وحينئذ يكون الإله واحداً.
فإن قيل: ألا يمكن أن يصطلحا وينفرد كل واحد بما خلق؟