المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآية الخامسة والسادسة: قوله: {أأمنتم من في السماء - شرح العقيدة الواسطية - العثيمين - جـ ١

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الشارح

- ‌القسم الثاني: توحيد الألوهية:

- ‌شرح مقدمة ابن تيمية

- ‌المراد بالرسول

- ‌ مناسبة "كفى بالله شهيداً"، لقوله: "ليظهره على الدين كله

- ‌قوله: "وسلم تسليماً مزيداً

- ‌ معنى أهل السنة والجماعة

- ‌ أركان الإيمان

- ‌الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:

- ‌ دلالة العقل

- ‌ دلالة الحس

- ‌ دلالة الفطرة

- ‌ دلالة الشرع

- ‌الإيمان بالقدر خيره وشره

- ‌ القول

- ‌ الفعل

- ‌ الإقرار

- ‌ الفرق بين التعطيل والتحريف

- ‌ قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}:

- ‌ قوله: "فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه

- ‌قوله: "ولا يحرفون

- ‌ قوله: "ولا يلحدون

- ‌ الإلحاد في آيات الله

- ‌ قوله: "ولا يكيفون ولا يمثلون

- ‌قوله: "لأنه سبحانه

- ‌قوله: "ولا يقاس بخلقه

- ‌قوله: "فإنه أعلم بنفسه

- ‌قوله: "ثم رسله صادقون

- ‌قوله: "بخلاف الذين يقولون

- ‌ قوله: "وهو سبحانه قد جمع فيما وصف

- ‌ الصفات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ قوله: "فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون

- ‌قوله: "صراط الذين أنعم الله عليهم

- ‌قوله: "وقد دخل في هذه الجملة

- ‌معنى {اللَّهُ}:

- ‌ معنى الصمد

- ‌قوله: "وما وصف به نفسه في أعظم آية

- ‌وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [

- ‌قوله: " {الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

- ‌قوله: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌أقسام الإرادة:

- ‌ الفرق بين الإرادتين

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌الآية الخامسة:

- ‌الآية السادسة:

- ‌الآية السابعة:

- ‌الآية الثامنة:

- ‌ الآثار المسلكية

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌الآية الخامسة:

- ‌الآية السادسة:

- ‌الآية السابعة:

- ‌صفة الرضى:

- ‌آيات صفات الغضب والسخط والكراهية والبغض:

- ‌الآية الأولى:

- ‌مسألة: إذا تاب القاتل، هل يستحق الوعيد

- ‌الآية الثالثة:

- ‌هل يوصف الله بالحزن والندم

- ‌الآية الرابعة:

- ‌الآية الخامسة:

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌مخالفو أهل السنة والجماعة والرد عليهم:

- ‌الآداب المسلكية المستفادة من الإيمان بصفة المجيء والإتيان لله تعالى:

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الأولى:

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة: قوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي

- ‌السمع المضاف إلى الله عز وجل ينقسم إلى قسمين:

- ‌الآية الثانية: قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ

- ‌الآية الثالثة: قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ

- ‌الآية الخامسة: قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [

- ‌الآية السادسة: قوله: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ

- ‌الآية السابعة: قوله: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ

- ‌خلاصة ما سبق من صفتي السمع والرؤية:

- ‌ تعريف المكر والكيد والمحال

- ‌ما نستفيده من الناحية المسلكية:

- ‌آيات الصفات المنفية في تنزيه الله ونفي المثل عنه

- ‌الأية الأولى: قوله: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ

- ‌الآية الثانية: قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [

- ‌الآية الثالثة: قوله: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً

- ‌الآية الرابعة: قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً

- ‌الآية الخامسة: قوله: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً

- ‌الآية التاسعة والعاشرة: قوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ

- ‌الآية الحادية عشرة: قوله: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ

- ‌الآية الثانية عشرة: قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ

- ‌الفائدة المسلكية من هذه الآية

- ‌استواء الله على عرشه

- ‌الرد عليهم

- ‌الموضع الثاني: في سورة يونس

- ‌الموضع الثالث: في سورة الرعد

- ‌الموضع الرابع: في سورة طه

- ‌الموضع الخامس: في سورة الفرقان

- ‌الموضع السادس: في سورة آلم السجدة

- ‌إثبات علو الله على مخلوقاته

- ‌ ذكر العلماء فيها ثلاثة أقوال:

- ‌الآية الثانية: قوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [

- ‌الآية الثالثة: قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ

- ‌الآية الخامسة والسادسة: قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ

- ‌المبحث الأول: في أقسامها:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌ آيات المعية:

- ‌الآية الثانية: قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ

- ‌الآية الرابعة: قوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [

- ‌الآية الخامسة: قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا

- ‌الآية السادسة: قوله: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [

- ‌الآية السابعة: قوله: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ

- ‌ الثمرات التي نستفيدها بأن الله معنا

- ‌إثبات الكلام لله تعالى:

- ‌الآية الخامسة: قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى

- ‌الآية التاسعة: قوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى

- ‌الآية العاشرة: قوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا

- ‌الآية الحادية عشرة: قوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ

- ‌إثبات أن القرآن كلام الله

- ‌الآية الأولى: قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ

- ‌ الدليل العقلي

- ‌قولهم: "وإليه يعود": في معناه وجهان:

- ‌الآية الثانية: قوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ

- ‌الآية الرابعة: قوله: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ

- ‌إثبات أن القرآن منزل

- ‌الآية الأولى: قوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [

- ‌الآية الثانية: قوله: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ

- ‌الآية الثالثة والرابعة والخامسة: قوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ

- ‌إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة

- ‌الآية الثانية: قوله: {عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [

- ‌الآية الثالثة: قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [

- ‌الآية الرابعة: قوله {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [

الفصل: ‌الآية الخامسة والسادسة: قوله: {أأمنتم من في السماء

{فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} ، يعني: أنظر إليه، وأصل إليه مباشرة، لأن موسي قال له: أن الله في السماء. فموه فرعون على قومه بطلب بناء هذا الصرح العالي ليرقي عليه ثم يقول: لم أجد أحداً، ويحتمل أنه قاله على سبيل التهكم، يقول: إن موسي قال: إلهه في السماء، اجعلونا نرقي لنراه!! تهكماً.

وأيا كان، فقد قال:{وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً} ، للتمويه على قومه، وإلا، فهو يعلم أنه صادق، وقد قال له موسي:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102]، فلم يقل: ما علمت! بل أقره على هذا الخبر المؤكد باللام و (قد) والقسم. والله عز وجل يقول في آية أخري: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [النمل: 14].

الشاهد من هذا: أن أمر فرعون ببناء صرح يطلع به على إله موسي يدل على أن موسي صلي الله عليه وسلم قال لفرعون وآله: إن الله في السماء. فيكون علو الله تعالى ذاتياً قد جاءت به الشرائع السابقة.

‌الآية الخامسة والسادسة: قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ

أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16 - 17].

والذي في السماء هو الله عز وجل، لكنه كنى عن نفسه بهذا، لأن المقام مقام إظهار عظمته، وأنه فوقكم، قادر عليكم، مسيطر عليكم، مهيمن عليكم، لأن العالي له سلطة على من تحته.

{فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} ، أي: تضطرب.

ص: 396

والجواب: لا تأمن والله! بل نخاف على أنفسنا إذا كثرت معاصينا أن تخسف بنا الأرض.

والانهيارات التي يسمونها الآن: أنهياراً أرضياً، وانهياراً جبلياً .. وما أشبه ذلك هي نفس التي هدد الله بها هنا، لكن يأتون بمثل هذه العبارات ليهونوا الأمر على البسطاء من الناس.

{أَمْ أَمِنْتُمْ} ، يعني بل أأمنتم، و (أم) هنا بمعني (بل) والهمزة.

{أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} : الحاصب عذاب من فوق يحصبون به، كما فعل بالذين من قبلهم، كقوم لوط وأصحاب الفيل، والخسف من تحت.

فالله عز وجل هددنا من فوق ومن تحت، قال الله تعالي:{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت:40]، أربعة أنواع من العذاب.

وهنا ذكر الله نوعين منها: الحاصب والخسف.

والشاهد من هذه الآية هو قوله: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} .

والذي في السماء هو الله عز وجل وهو دليل على علو الله بذاته.

ولكن ها هنا إشكال، وهو أن (في) للظرفية، فإذا كان الله في السماء، و (في) للظرفيه، فإن الظرف محيط بالمظروف! أرأيت لو

ص: 397

قلت: الماء في الكأس، فالكأس محيط بالماء وأوسع من الماء! فإذا كان الله يقول:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} ، فهذا ظاهره أن السماء محيطة بالله، وهذا الظاهر باطل، وإذا كان الظاهر باطلاً، فإننا نعلم علم اليقين أنه غير مراد لله، لأنه لا يمكن أن يكون ظاهر الكتاب والسنة باطلاً.

فما الجواب على هذا الإشكال؟

قال العلماء: الجواب أن نسلك أحد طريقين:

1 -

فإما أن نجعل السماء بمعني العلو، والسماء معني العلو وارد في اللغة، بل في القرآن، قال تعالي:{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]، والمراد بالسماء العلو، لأن الماء ينزل من السحاب لا من السماء التي هي السقف المحفوظ، والسحاب في العلو بين السماء والأرض، كما قال الله تعالي:{الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [البقرة: 164].

فيكون معني {مَنْ فِي السَّمَاءِ} ، أي: من في العلو.

ولا يوجد إشكال بعد هذا، فهو في العلو. ليس يحاذيه شئ، ولا يكون فوقه شئ.

2 -

أو نجعل (في) بمعني (علي) ، ونجعل السماء هي السقف المحفوظ المرفوع، يعني: الآجرام السماوية، وتأتي (في) بمعني (علي) في اللغة العربية، بل في القرآن الكريم، قال فرعون لقومه السحرة الذين آمنوا:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:

ص: 398

71] ، أي: على جذوع النخل.

فيكون معني {مَنْ فِي السَّمَاءِ} ، أي: من على السماء.

ولا إشكال بعد هذا.

فإن قلت: كيف تجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالي: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]، وقوله:{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3]؟!

فالجواب: أن نقول:

أما الآية الأولي، فإن الله يقول:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} ، فالظرف هنا لألوهيته، يعني: أن ألوهيته ثابتة في السماء وفي الأرض، كما تقول: فلان أمير في المدينة ومكة، فهو نفسه في واحدة منهما، وفيهما جميعاً بإمارته وسلطته، فالله تعالي ألوهيته في السماء وفي الأرض، وأما هو عز وجل ففي السماء.

أما الآية الثاني: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} فنقول فيها كما قلنا في التي قبلها: {وَهُوَ اللَّهُ} ، أي: وهو الإله الذي ألوهيته في السماوات وفي الأرض، أما هو نفسه، ففي السماء. فيكون المعني: هو المألوه في السماوات المألوه في الأرض، فألوهيته في السماوات وفي الأرض.

فتخرج هذه الآية كتخريج التي قبلها.

وقيل المعني: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} ، ثم تقف، ثم تقرأ:

ص: 399

{وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} ، أي أنه نفسه في السماوات، ويعلم سركم وجهركم في الأرض، فليس كونه في السماء مع علوه بمانع من علمه بسركم وجهركم في الأرض.

وهذا المعني فيه شيئ من الضعف، لأنه يقتضي تفكيك الآية وعدم ارتباط بعضها ببعض، والصواب الأول: أن نقول: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} ، يعني أن ألوهيته ثابتة في السماوات وفي الأرض، فتطابق الآية الأخري.

من الفوائد المسلكية في هذه الآيات:

أن الإنسان إذا علم بأن الله تعالي فوق كل شيء، فإنه يعرف مقدار سلطانه وسيطرته على خلقه، وحينئذ يخافه ويعظمه، وإذا خاف الإنسان ربه وعظمه، فإنه يتقيه ويقوم بالواجب ويدع المحرم.

إثبات معية الله لخلقه

الشرح:

شرع المؤلف بسوق أدلة المعية؛ أي: أدلة معية الله تعالى لخلقه، وناسب أن يذكرها بعد العلو؛ لأنه قد يبدون للإنسان أن هناك تناقضاً بين كونه فوق كل شيء وكونه مع العباد، فكان من المناسب جداً أن يذكر الآيات التي تثبت معية الله للخلق بعد ذكر آيات العلو.

ص: 400