الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجو مستنيراً، بخلاف الأسود والأحمر، فإنه تحصل به الظلمة، وهو أجمل منظراً.
وقوله: {وَالْمَلائِكَةِ} : الملائكة بالرفع معطوف على لفظ الجلالة الله، يعني: أو تأتيهم الملائكة، وسبق بيان اشتقاق هذه الكلمة، ومن هم الملائكة.
والملائكة تأتي يوم القيامة، لأنها تنزل في الأرض، ينزل أهل السماء الدنيا، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة وهكذا
…
إلى السابعة؟ يحيطون بالناس.
وهذا تحذير من هذا اليوم الذي يأتي على هذا الوجه، فهو مشهد عظيم من مشاهد يوم القيامة، يحذر الله به هؤلاء المكذبين.
الآية الثانية:
قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158].
نقول في {هَلْ يَنْظُرُونَ} ما قلناه في الآية السابقة، أي: ما ينتظر هؤلاء إلا واحدة من هذه الأحوال:
أولاً: {إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} ، أي: لقبض أرواحهم، قال الله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: 50].
ثانياً: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} : يوم القيامة للقضاء بينهم.
ثالثاً: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} وهذه طلوع الشمس من
مغربها، فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم (1).
وإنما ذكر الله هذه الأحوال الثلاث:
لأن الملائكة إذا نزلت لقبض أرواحهم، لا تقبل منهم التوبة، لقوله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [الإنسان: 18].
وكذلك أيضاً إذا طلعت الشمس من مغربها، فإن التوبة لا تقبل، وحينئذ لا يستطيعون خلاصاً مما هم عليه.
وذكر الحالة الثالثة بين الحالين، لأن وقت الجزاء وثمرة العمل، فلا يستطيعون التخلص في تلك الحال مما عملوه.
والغرض من هذه الآيات والتي قبلها تحذير هؤلاء المكذبين من أن يفوتهم الأوان ثم لا يستطيعون الخلاص من أعمالهم.
الثالثة: قوله: {كَلاّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 21 - 22].
{كَلاّ} هنا للتنبيه، مثل (ألا).
وقوله: {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً} : هذا يوم القيامة.
وأكد هذا الدك لعظمته، لأنها تدك الجبال والشعاب وكل شيء يدك، حتى تكون الأرض كالأديم، والأديم هو الجلد، قال الله تعالى:{فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} [طه:
(1) رواه البخاري (4636) كتاب التفسير/ باب "لا ينفع نفس إيمانها"، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الإيمان/ باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان.