الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
الشرح:
ذكر المؤلف رحمه الله آيات إثبات رؤية الله تعالى.
الآية الأولى: قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22 - 23].
قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} ؛ يعني بذلك اليوم الآخر.
قوله: {نَاضِرَةٌ} ؛ أي: حسنة، من النضارة؛ بالضاد، وهي: الحسن، يدل على ذلك قوله تعالى:{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} [الإنسان:11]؛ أي: حسناً في وجوههم، وسروراً في قلوبهم. قوله:{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} : {نَاظِرَةٌ} ؛ بالظاء، من النظر، وهنا عدي النظر بـ (إلى) الدالة على الغاية، وهو نظر صادر من الوجوه، والنظر الصادر
من الوجوه يكون بالعين؛ بخلاف النظر الصادر من القلوب؛ فإنه يكون بالبصيرة والتدبر والتفكر؛ فهنا صدر النظر من الوجوه إلى الرب عز وجل؛ لقوله: {إِلَى رَبِّهَا} .
فنفيد الآية الكريمة: أن هذه الوجوه الناضرة الحسنة تنظر إلى ربها عز وجل، فتزداد حسناً إلى حسنها.
وانظر كيف جعل هذه الوجوه مستعدة متهيئة للنظر إلى وجه الله عز وجل؛ لكونها نضرة حسنة متهيئة للنظر إلى وجه الله.
ففي هذه الآية دليل على أن الله عز وجل يرى بالأبصار
وهذا هو قول أهل السنة والجماعة.
واستدلوا لذلك بالآيات التي ساقها المؤلف، واستدلوا أيضاً بالأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي نقلها عنه صحابة كثيرون ونقلها عن هؤلاء الصحابة تابعون (1) كثيرون، ونقلها عن التابعين من تابع التابعين كثيرون. وهكذا.
والنصوص فيها قطعية الثبوت والدلالة؛ لأنها في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم المتواترة.
وأنشدوا في هذا المعنى:
مما تواتر حديث من كذب
…
ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض
…
ومسح خفين وهذي بعض
فالمراد بقوله: "ورؤية" رؤية المؤمنين لربهم.
وأهل السنة والجماعة يقولون: إن النظر هنا بالبصر حقيقة.
ولا يلزم منه الإدراك؛ لأن الله تعالى يقول: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]؛ كما أن العلم بالقلب أيضاً لا يلزم منه الإدراك؛ قال الله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110].
ونحن نعلم ربنا بقلوبنا، لكن لا ندرك كيفيته وحقيقته، وفي
(1) انظر: "شرح السنة" للالكائي (ص 480) ، و"الشريعة" للآجري (ص 251) ، "والسنة" لعبد الله بن الإمام أحمد (1/ 299) ، وكتاب "الرؤية " للإمام الدارقطني، و"حادي الأرواح" لابن القيم (204).