الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، فلا تدركهم الرحمة، بل يدركهم العدل، فيقول الله عز وجل لهم:{اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].
* قوله: "الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً"
شرح:
قوله: "الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق": الله تعالى يحمد على كماله عز وجل وعلى إنعامه، فنحن نحمد الله عز وجل لأنه كامل الصفات من كل وجه، ونحمده أيضاً لأنه كامل الأنعام والإحسان:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]، وأكبر نعمة أنعم الله بها على الخلق إرسال الرسل الذي به هداية الخلق، ولهذا يقول المؤلف:"الحمد لله الذي أرسل رسول رسوله بالهدى ودين الحق".
و
المراد بالرسول
هنا الجنس، فإن جميع الرسل أرسلوا بالهدى ودين الحق، ولكن الذي أكمل الله به الرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه قد ختم الله به الأنبياء، وتم به البناء، كما وصف محمد صلى الله عليه وسلم نفسه بالنسبة للرسل، كرجل بنى قصراً وأتمه، إلا موضع لبنة، فكان الناس يأتون إلى هذا القصر ويتعجبون منه، إلا موضع هذه اللبنة، يقول:"فأنا اللَبِنَة، وأنا خاتم النبيين"(1)، عليه الصلاة
(1) رواه البخاري (3535) / كتاب المناقب/ باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2286) / كتاب الفضائل/ باب ذكر كونه خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
والسلام.
وقوله: "بالهدى": الباء هنا للمصاحبة، والهدى هو العلم النافع ويحتمل أن تكون الباء للتعدية، أي: إن المرسل به هو الهدى ودين الحق.
و"ودين الحق" هو العمل الصالح، لأن الدين هو العمل أو الجزاء على العمل، فمن إطلاقه على العمل: قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ} [آل عمران: 19]، ومن إطلاقه على الجزاء قوله تعالى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17]. والحق ضد الباطل، وهو ـ أي الحق ـ المتضمن لجلب المصالح ودرء المفاسد في الأحكام والأخبار.
قوله: "ليظهره على الدين كله": اللام للتعليل ومعنى "ليظهره"، أي: يعليه، لأن الظهور بمعنى العلو، ومنه: ظهر الدابة أعلاها ومنه: ظهر الأرض سطحها، كما قال تعالى:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45].
والهاء في "يظهره" هل هو عائد على الرسول أو على الدين؟
إن كان عائداً على "دين الحق"، فكل من قاتل لدين الحق سيكون هو العالي. لأن الله يقول:"ليظهره"، يظهر هذا الدين على الدين كله، وعلى مالا دين له فيظهره عليهم من باب أولى، لأمن لا يدين أخبث ممن يدين بباطل، فإذا: كل الأديان التي يزعم أهلها أنهم على حق سيكون دين الإسلام عليه ظاهراً، ومن سواهم من باب أولى.