الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكر المفسرون أن المراد به أبو جهل (1).
وفي هذه الآية: إثبات صفة الرية لله عز وجل.
والرؤية المضافة إلى الله لها معنيان.
المعنى الأول: العلم.
المعنى الثاني: رؤية المبصرات، يعني: إدراكها بالبصر.
فمن الأول: قوله تعالى عن القيامة: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً} [المعارج: 6 - 7]، فالرؤية هنا رؤية العلم، لأن اليوم ليس جسماً يرى، وأيضاً هو لم يكن بعد، فمعنى:{وَنَرَاهُ قَرِيباً} ، أي: نعلمه قريباً.
وأما قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ، فهي صالحة لأن تكون بمعنى العلم وبمعنى الرؤية البصرية، وإذا كانت صالحة لهما، ولا منافاة بينهما وجب أن تحمل عليهما جميعاً، فيقال: إن الله يرى، أي: يعلم ما يفعله هذا الرجل وما يقوله، ويراه أيضاً.
الآية السادسة: قوله: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء: 218 - 220].
وقبل هذه الآية قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء: 217].
والرؤية هنا رؤية البصر، لأن قوله:{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ}
(1) انظر "الدر المنثور "(6/ 626).
لا تصح أن تكون بمعنى العلم، لأن الله يعلم به حين يقوم وقبل أن يقوم، وأيضاً لقوله:{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} وهو يؤيد أن المراد بالرؤية هنا رؤية البصر.
ومعنى الآية: أن الله تعالى يراه حين يقوم للصلاة وحده وحين يتقلب في الصلاة مع الساجدين في صلاة الجماعة.
{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} : {إِنَّهُ} ، أي: الله الذي يراك حين تقوم: {هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} .
وفي الآية هنا ضمير الفصل {هُوَ} ، من فوائده الحصر، فهل الحصر هنا حقيقي، بمعنى: أنه حصر لا يوجد شيء من المحصور في غير المحصور فيه، أو هو إضافي؟
الجواب: هو إضافي من وجه حقيقي من وجه، لأن المراد بـ {السَّمِيعُ} هنا: ذو السمع الكامل المدرك لكل مسموع، وهذا هو الخاص بالله عز وجل، والحصر بهذا الاعتبار حقيقي، أما مطلق السمع، فقد يكون من الإنسان، كما في قوله تعالى:{إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان: 2]، فجعل الله تعالى الإنسان سميعاً بصيراً. وكذلك {عَلِيمُ} ، فإن الإنسان عليم، كما قال الله تعالى:{وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28]، لكن العلم المطلق ـ أي: الكامل ـ خاص بالله سبحانه وتعالى، فالحصر بهذا الاعتبار حقيقي.
وفي هذه الآية الجمع بين السمع والرؤية.